إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

العجم هم الأوس والخزرج على حسب التأويل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العجم هم الأوس والخزرج على حسب التأويل

    موسوعة القائم ج3 من فكر السيد القحطاني


    تمهيد
    أن القضية المهدوية باعتبارها من أهم القضايا في الكون لأنها المتممة والمكملة لجميع الديانات السماوية فلا بد أن تحذو حذوها في طريقة الإعداد والتنظيم ومن ثم الانتقال إلى مرحلة الصدوع بدعوة الحق ومجابهة أهل الباطل وهذا لا يتم إلا عن طريق وجود أنصار يعملون على نصرة الداعي إلى الحق سواءً كان نبياً أو وصياً أو ولياً من الأولياء الصالحين الذين يدعون إلى الطريق المستقيم، فعليه يجب أن تظهر دعوة تدعوا إلى الإمام المهدي (ع) والتي تكون بقيادة وزيره السيد اليماني وهو من الأمور الحتمية الوقوع كما تصرح بذلك الروايات الواردة عن أهل البيت من حيث أن اليماني من المحتوم لابد أن تكون له دعوة ولدعوته أنصاراً ينصرونها ويعملون على نشرها جرياً على سنة الله في الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) .
    ولما كانت دعوة الإمام المهدي (عليه السلام) لها شبه بدعوة جده الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) على وجه الخصوص، فهي امتداد لها لكون الإمام المهدي (عليه السلام) سيظهر دين جده المصطفى (ص) على جميع الأديان فلابد أن تكون لدعوته أنصاراً كما كانت لدعوة جده (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) ونحن نعلم أن أنصار الدعوة المحمدية آنذاك ينقسمون إلى قسمين الأول هم المهاجرين الذين آمنوا به في مكة، والقسم الثاني هم الأنصار من أهل المدينة الذين عاهدوا على النصرة والموالاة والمتمثلين بالأوس والخزرج.
    لذلك لابد من وجود الأوس والخزرج في آخر الزمان يقومون بنصرة دعوة الإمام المهدي (عليه السلام) ونصرة صاحبها وهؤلاء لابد أن يتواجدوا في إيران باعتبارها مدينة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) على حسب التأويل حيث سيقوم هؤلاء باستقبال الداعي وأنصاره الذين سيهاجرون إليهم من الكوفة التي تمثل مكة الإمام المهدي (ع) وليس بالضرورة أن يكون هؤلاء (الأوس والخزرج) هم ممن ينتسبون إلى الأوس والخزرج في عهد الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) بل إنهم يمثلون ويلعبون نفس دورهم في نصرة القائم من آل محمد (عليه السلام) كما نصر الأوس والخزرج جده الرسول (ص) من قبل.
    وبطبيعة الحال سيكون أهل إيران من العجم هم الأنصار من الأوس والخزرج في عصر ظهور وقيام الإمام المهدي (عليه السلام) وهذا ما سنثبته ونتناوله في سياق هذا البحث.

    العجم الأوس والخزرج على حسب التأويل
    بما أن دعوة الإمام المهدي (عليه السلام) لها شبه بدعوة جده الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) فحتماً ستمر بنفس الظروف والمراحل بغض النظر عن التفاصيل الجزئية وقد وردت جملة من الروايات تؤكد هذا الشبه بين الدعوتين منها ما ورد عن أبي بصير عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (يا ابا محمد يستأنف الداعي منا دعاءً جديداً كما دعا إليه رسول الله ....)
    كما ورد عن أبي بصير عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: (إن قائمنا إذا قام دعا الناس إلى أمر جديد كما دعا إليه رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) وإن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء)
    وورد عن أبي خديجة عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (إذا قام القائم جاء بأمر جديد كما دعا رسول الله في بدء الإسلام إلى أمر جديد)
    ولو نظرنا إلى دعوة الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) نجد إن من جملة الأمور المهمة الملفتة للنظر هو ما يتعلق بمسألة الأنصار الذين ينقسمون إلى مهاجرين وأنصار. فبالنسبة للأنصار من أهل المدينة الذين نصروا الرسول (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) والذين يقف في مقدمتهم الأوس والخزرج وهم أول من آمن بالدين الإسلامي عندما التقوا بالرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) بمكة ثم عادوا إلى يثرب ونشروا الدعوة هناك.
    أذن فمن باب الشبه بين الدعوتين المهدوية والمحمدية لابد من وجود الأوس والخزرج في آخر الزمان الذين يقطنون إيران المدينة حسب التأويل.
    وابتداء سنقوم بإعطاء لمحة عن الأوس والخزرج في عهد الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) ومن ثم سنعطي الأدلة على أن العجم هم الأوس والخزرج في عصر ظهور الإمام المهدي (عليه السلام). وذلك في أوجه الشبه بين الطرفين الأوس والخزرج في صدر الإسلام مع الأوس والخزرج في آخر الزمان .
    كانت الأوس والخزرج قبيلتان من القبائل التي تسكن يثرب وكان الأوس والخزرج اخوين أبنا حارثة بن ثعلبة قد وقع خلاف وعداء فيما بينهم وأستمر هذا العداء والتناحر من جيل إلى جيل فكانت بينهم عدة وقائع مشهورة كيوم الصفيفة، ويوم السراء، ويوم بعات وغيرها وبقي الحال حتى مجيء عصر ظهور دعوة الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) فمنّ الله عز وجل عليهم بالإسلام وبالرسول (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) الذي أستطاع أن يألف فيما بينهم تحت راية الإسلام وقد أشار كتاب الله إلى تناحرهم الذي زال بتأليف الرسول (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) لهم بقوله تعالى {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }
    وقد كانت معرفتهم بالدعوة الإسلامية أن صادف قدوم أحدهم من قبيلة الأوس وهو سويدن الصامت حاجاً أو معتمراً إلى مكة فبلغه أمر الرسول (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) فكلمه ودعاه إلى الله فقبل ورجع إلى يثرب فقتله الخزرج ثم قدم بعده نفر آخر من الخزرج على رأسهم اسعد بن زرارة إلى مكة بقصد العمرة في الوقت الذي كان فيه الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) والمسلمين يقومون بنشر الدعوة متحملين أذى قريش لهم فصادف أن لقيهم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) فدعاهم إلى الدين الجديد وقرأ عليهم القرآن فآمنوا به وعادوا إلى قومهم وأخبروهم الخبر وقد كانوا هم قد سألوا الرسول (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) أن يبعث إليهم برجل يعلمهم الإسلام فبعث إليهم مصعب بن عمير الذي نزل عند أحد رؤسائهم وهو أسعد بن زرارة وأخذ يدعوهم إلى الإسلام ويعلمهم تعاليمه فخرج نفر منهم وأرادوا ملاقاة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) بمكة وهم من أصحاب العقبة الأولى الذي ورد فيهم رواية طويلة جاء فيها:
    (فبعث إليهم رسول الله مصعب بن عمير فنزل على أسعد بن زرارة وجعل يدعوهم إلى الله عز وجل ويعلمهم الإسلام وكان أول من قدم المدينة ثم خرج اثنا عشر رجلا منهم إليه فلقوه وهم أصحاب العقبة الأولى فآمنوا بالله وصدقوه وانصرفوا إلى المدينة وكثر خبره ونشأ الإسلام فيها ...)
    وكان غالبية هؤلاء من الخزرج إلا رجل واحد على ما تذكر بعض الروايات كان من الأوس فلما كان العام الثاني ازداد عدد الأنصار المؤمنين بالدعوة من الأوس والخزرج معاً فقدموا مئة يريدون ملاقاة الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) وبالفعل تم ذلك وكان ذلك في بيعة العقبة الثانية والتي طلبوا فيها منه (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) الخروج من مكة والقدوم إلى يثرب (المدينة المنورة ) بعدما شاهدوا من أذى قريش له وللمسلمين من أصحابه، وكان في أمر هذه البيعة في رواية مختصرة جاء فيها:
    (فلما كان العام القابل خرج إليه جماعة من الأوس وجماعة من الخزرج فوافى منهم سبعون رجلاً وامرأتان فأسلموا وصدقوه ...فسألوه أن يخرج معهم إلى المدينة وقالوا: لم يصبح قوماً في مثل ما نحن فيه من الشر ولعل الله أن يجمعنا بك ويجمع ذات بيننا فلا يكون احد اعز منا، فقال لهم رسول الله قولاً جميلاً ثم انصرفوا إلى قومهم فدعوهم إلى الإسلام فكثر حتى لم تبقى دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر حسن من ذكر رسول الله وسألوه الخروج معهم وعاهدوا أن ينصرونه على القريب والبعيد والأسود والأحمر وأخذ عليهم العهود والمواثيق أن يمنعوه وأهله مما يمنعون منه أنفسهم وأهليهم وأولادهم وعلى أن يحاربوا معه الأسود والأحمر وأن ينصر القريب والبعيد وشرط لهم الوفاء بذلك والجنة )
    وهكذا نجد إن العدد في بيعة العقبة الثانية قد ازداد إلى سبعون شخصاً من الأوس والخزرج والذين أختار منهم اثنا عشر نقيباً يكونون الكفلاء على قومهم وهم تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس وهذا مما يدل على أن عدد الخزرج أكثر من عدد الأوس في بيعة العقبة الثانية من حيث أن الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) قد أختار منهم تسعة أشخاص يكونون كفلاء قومهم مقابل ثلاثة من الأوس يقومون بنفس المهمة
    وانطلاقاً من منظور المشابهة بين دعوة الإمام المهدي (عليه السلام) ودعوة جده رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) سيكون في عصر ظهوره جماعة يكونون أنصاراً لدعوته كما كان الأوس والخزرج أنصارا لجده المصطفى (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) وهؤلاء الأنصار من الأوس والخزرج سيكونون من العجم هذه المرة لأنه ليس من الضرورة أن يكون أوس وخزرج آخر الزمان هم من العرب الذين ينتسبون إلى أسلافهم من الأوس والخزرج، ولكن من المهم أن يكون دور هؤلاء الأنصار وكيفية نصرتهم للإمام المهدي (عليه السلام) يشبه الدور الذي اضطلع به الأوس والخزرج في صدر الإسلام لأننا نعلم إن أنصار دعوة الإمام المهدي (عليه السلام) والذين سيقوم فيهم الداعي اليماني صاحب دعوة المهدي (عليه السلام) هم من العرب الذين يسكنون الكوفة التي تمثل مكة وهؤلاء بعد إعلان دعوتهم ستضايقهم الحكومات آنذاك و سيهاجرون من الكوفة هرباً من أذى قريش المتواجدون في ذلك الزمان فعندها يصدق عليهم لفظ المهاجرين والذين لابد أن يهاجروا إلى بلد فيه نصرة ومنعة وحتماً سيكون هذا البلد من البلدان الموالية لأهل البيت (عليهم السلام) ونحن لا نعلم في بلدان العرب المجاورة للعراق بلداً يكون في أغلبيته الساحقة من الشيعة الموالين لأهل البيت (عليهم السلام) غير إيران، والتي أثبتنا سابقاً أنها مدينة الإمام المهدي (عليه السلام) .
    إذن فإيران البلد الوحيد الذي يستطيع أنصار الإمام المهدي (عليه السلام) من المهاجرين العراقيين وغيرهم من الهجرة إليه ويقوم أهله بنصرة الإمام المهدي (عليه السلام) واستقبال دعوته والانضمام إليها.
    ولو قمنا بعقد مقارنة بين الأوس والخزرج في صدر الإسلام وبين العجم الذين هم الأوس والخزرج في آخر الزمان سنجد هناك عدد من نقاط الشبه التي تدل على إنهم بالفعل أوس وخزرج عصر الظهور وكل نقطة من تلك النقاط تشير إلى ناحية أو وجه شبه معين بين الطرفين.
    وقبل الكلام عن تلك النواحي لابد من الإشارة وبشكل عام إلى أن الروايات الواردة عن أهل البيت (ع) تشير إلى أن العجم في آخر الزمان سيضربون العرب على الدين عوداً كما ضربهم المسلمون عليه بدءاً وهم بذلك يشتركون مع الأوس والخزرج من ناحية شدة الإيمان والذين كثيراً ما مدحهم الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) بأنهم أنصاره وعيبته كنانته التي يرمي بهم أعدائه.
    أما بخصوص الروايات التي تناولت العجم منها ما ورد عن أبي هريرة عن النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) أنه قال: (كنا جلوساً عند النبي (ص) إذ نزلت عليه سورة الجمعة فلما قرأ { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } قال: رجل من هؤلاء يا رسول الله فلم يراجعه (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) وسأم حتى سأله مرتين أو ثلاثاً وفينا سلمان الفارسي، قال فوضع النبي (ص) يده على سلمان وقال لو كان الإيمان عند الثريا لتناوله ناس من أبناء فارس)
    وورد في رواية عن الإمام علي (ع) جاء فيها: (جاء الاشعث فجعل يتخطى الرقاب حتى قرب منه، ثم قال له: يا أمير المؤمنين غلبتنا هذه الحمراء على قربك يعني الأعاجم ...حتى قال صعصعة بن صوحان: مالنا واللاشعث ليقولن أمير المؤمنين اليوم في العرب قولاً لا يزال يذكر، فقال (عليه السلام) من يعذرني من هؤلاء الضياطرة يتمرغ احدهم على فراشه تمرغ الحمار ويهجر قوما للذكر أفتأمرونني أن اطردهم، ما كنت لأطردهم فأكون من الجاهلين، أما والذي خلق الحبة وبرأ النسمة ليضربنكم على الدين عوداً كما ضربتموهم عليه بدءًا )

    يتبع

  • #2

    وهنا نرى تأكيد الرواية الأخيرة على الدور الذي سيلعبه العجم في نشر الدين ونصرته في آخر الزمان وليس معنى إنهم سيضربون العرب على الدين عوداً بأن هناك دين جديد سيضربونهم عليه وإنما هو الدين الإسلامي الحقيقي الذي سيظهره الإمام المهدي (عليه السلام) والذي يراه المسلمون كأنه دين جديد وذلك لأن تعاليمه الحقيقية ستكون جديدة عليهم لأنهم لم يعهدوها من قبل.
    فعن أبي بصير عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال (يقوم القائم بأمر جديد وكتاب جديد وقضاء جديد على العرب شديد ...)( ).
    فعلى هذا الأساس سيقوم العجم بنصرة الدين المهدوي المحمدي الأصيل ويحملون العرب على الدخول والرضا فيه وذلك من خلال إيمانهم بدعوة الإمام المهدي (عليه السلام) ونصرتهم لصاحب الدعوة وأنصاره الذين يهاجرون إليهم والذين سيكونون في الجيش الذي تحت أمرته الذي سيدخل الكوفة (مكة حسب التأويل) فاتحاً وبهذا سيكون دورهم كدور الأوس والخزرج الذين كانوا يمثلون جانب الأنصار في فتح مكة في صدر الإسلام جنباً إلى جنب مع المهاجرين وتحت قيادة الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) وبهذا تصدق عليهم أي العجم تسمية الأوس والخزرج.
    أما بالنسبة للنواحي المشتركة بين العجم في آخر الزمان وبين الأوس والخزرج فهي:
    الناحية الأولى: فهي تتعلق باختلاف صنفين من العجم قبل قيام الإمام (عليه السلام) وذلك عند ظهر دعوته وتكون هجرة أنصاره إلى إيران متزامنة مع ذلك الاختلاف وذلك كما كان حال الأوس والخزرج الذين كانوا متناحرين قبل بعثة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) إليهم .
    وقد أشارت الروايات إلى وجود شبه هذا الصراع بين العجم الذين هم سكان إيران والمدينة حسب التأويل حيث سيكون بينهم صراع دامي وقتال وبطبيعة الحال فإن هذا الصراع والقتال ستكون نهايته على يد صاحب دعوة الإمام المهدي (عليه السلام) وهو اليماني الموعود الذي سيهاجر إلى إيران وسيقوم بأجراء صلح بين هذين الصنفين من العجم وقد وردت عن الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) من علامات آخر الزمان ما يشير إلى المعنى المتقدم قال فيها: (...واختلاف صنفين من العجم وسفك دماء كثيرة فيما بينهم وخروج العبيد عن طاعة سادتهم وقتلهم مواليهم ...)( )
    ويمكن ملاحظة أمرين مهمين في سياق الرواية.
    الاول: هو إن الخلاف الذي يقع بين هؤلاء الصنفين من العجم يصحبه قتال ومعارك دامية كما هو حال الأوس والخزرج الذين كانت لهم عدة وقائع مشهورة .
    الثاني: إن الخلاف الذي وقع في الجاهلية وفي أول بعثة الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) في داخل يثرب كان بين قبيلتي الأوس والخزرج الذين ينتسبون إلى أب واحد، أما الخلاف الذي يقع اليوم في إيران سيكون بين تيارين من العجم بأيديهما إدارة البلاد وهذين التيارين ممن ينتسبون إلى دعوة واحدة، أي إن توجهاتهم السياسية منطلقة من دعوة واحدة وهي دعوة الإسلام والولاية لأهل البيت (عليهم السلام) بدون شك وذاك لأنه لا يمكن أن نتصور إن الصراع يكون بين قبيلتين لأن الصراع القبلي قد خف نسبيا في المجتمعات نتيجة لتطور الحالة الاجتماعية وتغير ظروف الزمان والمكان الذي كان تغذي مثل تلك الصراعات وان كان هناك وجود لمثل هذه الصراعات إلا أنها محصورة على نطاق ضيق ولا يمكن أن يرقى بأي حال من الأحوال إلى مستوى سياسي على صعيد دولة.
    ثم إن إيران كما هو معلوم لم تتسم بوجود الصراعات القبلية الداخلية فيها بشكل كبير. وعليه يكون الصراع كما هو معهود اليوم في اغلب الدول بين فئات أو تيارات سياسية تتصارع فيما بينها من أجل بسط نفوذها والإمساك بزمام الحكم .
    ويتزامن هذا الصراع بين التيارين من العجم مع ظهور دعوة الإمام المهدي (عليه السلام) مشابهة لصراع الأوس والخزرج قبل وبعد ظهور دعوة الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) والذي جمعهم وجعلهم إخوة متسالمين تحت راية الإسلام وهذا بعينه ما سيفعله السيد اليماني الذي سيجمع هذين التيارين بعد تناحرهما، وبذلك يمثل هؤلاء العجم المتنازعون الأوس والخزرج في عصر الظهور.
    الناحية الثانية:
    إيواء العجم ونصرتهم للمهاجرين من أنصارها مثلما فعل الأوس والخزرج مع الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) ودعوته من قبل حيث وردت رواية تشير صراحة لذلك المعنى وبكل وضوح فجاء عن الإمام علي (عليه السلام) في معرض حديثه عن علامات قيام الإمام المهدي (عليه السلام) والتي منها حرب شيعته من أنصار الإمام المهدي (عليه السلام) مع ولد العباس وشيعتهم بين الدينور قال فيها (لا يقوم القائم حتى تفقأ عين الدنيا وتظهر الحمرة في السماء ....تلك حرب صعاليك شيعة علي يقدمهم رجل ....منعوت موصوف باعتدال الخلق وحسن الخلق ونضارة اللون ...فرق الشعر مفلج الثنايا على فرسه كبدر تام تجلى عنه الغمام يسير بعصابة خير عصابة آوت وتقربت ودانت لله بدين تلك الأبطال من العرب يلحقون حرب الكريهة والدبرة يومئذ على الأعداء ....)( ).
    ومن الواضح هنا إن الرواية تشير إلى حرب أنصار الإمام المهدي (عليه السلام) من العرب والعجم الذين يكونون تحت قيادة الداعي مع طغاة العصر. كما أشارت الروايةإلى انه يسير بخير عصابة دانت بدين تلك الابطال من العرب، أي بمعنى ان هؤلاء ليسوا عرباً، وبالتأكيد هم من الاعجام لأن نهاوند وبعماد الدنيور (كما ورد في الرواية) تقع ضمن حدود بلاد فارس التي يسكنها العجم وهذا مما لا يختلف عليه اثنان .
    ثم إننا لو تمعنا جيداً في الرواية نجدها تشير إلى أن تلك العصابة آوت وتقربت إلى الله ودانت لله بدين العرب وفي ذلك إشارة صريحة أن هؤلاء العجم سيؤمنون بدعوة الإمام المهدي (عليه السلام) التي تعتبر بمثابة الدعوة للدين الجديد في تعاليمه كما هو متعارف عليه من تعاليم في الوقت الحاضر.
    وهؤلاء سيقومون بإيواء المهاجرين إليهم من أنصار الدعوة وذلك تقرباً لله عز وجل وأيماناً منهم بذلك الدين الذي يأتي به أبطال العرب والدليل على ذلك هو عبارة آوت وتقربت، فإنهم سيؤون المهاجرين الهاربين إليهم من أذى بني العباس كما سيأتي بيان هذا الموضوع.
    وبناءً على ذلك فإن دور هؤلاء العجم وموقفهم من دعوة الإمام المهدي (عليه السلام) وأنصارها هو بعينه دور الأوس والخزرج في دعوة جده الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) من حيث إيمانهم بدعوته ثم دعوته إلى الهجرة، حيث قاموا بإيوائه وحمايته هو وأصحابه من المهاجرين والعمل على نصرته .
    الناحية الثالثة:
    ان الأوس والخزرج وباقي الأنصار من أهل يثرب عرفوا في التاريخ الإسلامي باسم الأنصار لنصرتهم للرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) واستقبالهم إياه في مدينتهم بعد أن دعوه للقدوم إليهم كما مر بنا والذين كان في قبالهم المهاجرين وهم المسلمون الذين هاجروا من مكة إلى يثرب، ولو جئنا إلى العجم عموماً سواءً من أهل قم أو من أهل الطالقان فنجد ان الأئمة (عليهم السلام) قد أطلقوا عليهم لفظ الأنصار لأنهم سينصرون الإمام المهدي (عليه السلام) ودعوته في آخر الزمان حيث ورد عن أبي مسلم عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (تربة قم مقدسة وأهلها منا ونحن منهم ..أما إنهم أنصار قائمنا ودعاة حقنا ....)( ).
    وجاء في رواية أخرى عن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال (ويحاً للطالقان فإن لله بها كنوز ليست من ذهب ولا فضة ولكن بها رجال مؤمنون عرفوا الله حق معرفته وهم أنصار المهدي في آخر الزمان)( ) ونرى هنا نعت الأئمة (عليهم السلام) لأهل قم والطالقان وهم من العجم بنعت الأنصار صراحة وقد جاءت تلك التسمية من نصرتهم للإمام المهدي (عليه السلام) وهم بهذا يقابلون الأوس والخزرج من ناحية تسميتهم بالأنصار.
    وبشكل عام فإن جميع من ينصر الإمام (عليه السلام) في آخر الزمان يطلق عليهم لفظة أنصار سواء من العراق أو إيران أو الشام أو مصر، وان الروايات أعطت لكل فئة من هذه الفئات تسمية خاصة بها في بعض الأحيان فبالنسبة لأهل العراق عرفوا بعصائب العراق أو أخيار العراق و أبدال الشام وأهل اليمن و نجباء مصر، وكذلك بالنسبة لأهل إيران اخذوا يعرفون بالأنصار ولابد من أن تلك التسميات قد أطلقت على كل من هؤلاء بحسب الدور الذي يلعبه أو الظروف التي تحيط به خلال نصرتهم للإمام المهدي (عليه السلام).
    الناحية الرابعة:
    إن ارتباط العجم بالأوس والخزرج من ناحية الظروف التي قَدِم بها الأوس والخزرج من يثرب إلى مكة والتي على أثرها تعرفوا على دعوة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) وآمنوا بها. وكما بينا أن للأوس والخزرج وفوداً جاءت لغرض الحج والعمرة في الوقت الذي كانت دعوة الإسلام قد ظهرت فسمعوا بها ومن ثم آمنوا بتعاليمها، وتلك الظروف نجدها تتحقق بعينها للعجم الإيرانيين.
    فإن الإيرانيين كما نشهده اليوم على مداومة لزيارة العتبات المقدسة في كربلاء والنجف، وهذه الزيارة تقابل الحج والعمرة حيث ان هؤلاء الزوار سوف يسمعون بدعوة الإمام المهدي (عليه السلام) التي تكون قد ظهرت بالكوفة باعتبارها عاصمة الشيعة وعاصمة الإمام المهدي (عليه السلام) وسوف يؤمن قسم كبير منهم بتلك الدعوة فيذهبون إلى قومهم وبلدهم مبشرين بظهور دعوة الإمام المهدي (عليه السلام) وأمره.
    وسيأتي قسم منهم فيلتقي بالداعي اليماني ويدعونه إلى الهجرة إليهم بعدما يروا ما يعانيه وأنصاره من العراقيين من أذى وتكذيب من فقهاء السوء في الكوفة ومن دولة بني العباس الذين يمثلون قريش في آخر الزمان وذلك كله يحصل كما حصل مع الرسول (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) والأوس والخزرج ووفودهم إليه ودعوتهم أياه للهجرة إلى مدينتهم، وبالفعل يأتي الإذن من الإمام المهدي (عليه السلام) بالهجرة من العراق إلى إيران وبذلك فهم يمثلون جانب المهاجرين، أما العجم من الإيرانيين وقومهم الذين دعوهم للهجرة إليهم فيمثلون جانب الأنصار من الأوس والخزرج .
    ولو تصفحنا الروايات التاريخية نلاحظ بالفعل وجود دعوة للإمام المهدي (عليه السلام) في آخر الزمان وهذا ما نلمسه عن رواية أبي بصير عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (إن لولد فلان عند مسجدكم يعني مسجد الكوفة لوقعة في يوم عروبة يقتل فيها أربعة آلاف من باب الفيل إلى أصحاب الصابون فإياكم وهذا الطريق فاجتنبوه وأحسنهم حالاً من أخذ درب الأنصار )( ).
    ولفظة درب الأنصار هنا تفيد أن هناك دعوة تظهر في الكوفة ويكون لها أنصاراً وهي بطبيعة الحال دعوة الإمام المهدي (عليه السلام) التي يقودها الداعي والتي تظهر أبان حكم دولة بني العباس، لأن ولد فلان يعني بهم هنا ولد العباس، وقد استعمل الأئمة (عليهم السلام) عبارة بني فلان كناية عن بني العباس من باب التقية حيث سيقوم بني العباس بمواجهة الدعوة ومحاولة القضاء عليها وعلى أنصارها ولذلك فإنهم سيضطرون إلى الهجرة إلى إيران بعد طلب الأنصار من الإيرانيين ذلك.

    تعليق


    • #3
      [color="red"]اللهم إجعلنا ممن ينصرقائم آل محمد بقلبه وبيده وبلسانه[/color]
      قال الامام علي {ع} {إعرف الحق تعرف أهله}

      تعليق

      يعمل...
      X