من فكر السيد القحطاني
الايدلوجية المشتركة بين ابراهيم والمهدي (عليهما السلام)
يتمتع كتاب الله عز وجل بالبعد الشمولي الذي يجعله ممتداً عبر الازمان والاجيال المتلاحقة ، فهو ليس محصوراً بزمن معين أو امة من الامم أو شعب دون بقية الشعوب ، وكما ذكرنا في موارد سابقة بان القران عندما يتحدث عن فئة من الناس فهو بالتاكيد لا يخصهم فقط بل يخص غيرهم ايضاً ، وقد ورد ما يوافق ذلك من الاحاديث الشريفة لرسول الله (ص) ، فعن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله (ص) : ( سياتي على امتي ما اتى على بني اسرائيل مثل بمثل .....) بحار الانوار ج28 ص4 .
وينطبق ذلك ايضاً على الاشخاص بل حتى على الانبياء ، فعندما نتحدث عن شخص من الاشخاص او نبي من الانبياء ، فأن معنى ذلك ان هناك دوماً من يقوم بدور هذه الفئة او الشخص او النبي الذي ذكر لنا الله تعالى قصته ، ووفق نظريتنا التي طرحناها مسبقاً (نظرية الربط النوعي بين الانبياء والائمة (عليهم السلام)) هذه النظرية التي اثبتنا من خلالها الشبه الكبير بين نبي الله داود وعلي زين العابدين (عليهما السلام) وكذلك بين مريم العذراء وفاطمة الزهراء (عليهما السلام) ونبي الله يحيى والامام الحسين (عليهما السلام).
وفي هذا البحث سنثبت ان المهدي هو ابراهيم آخر الزمان ، وذلك من خلال توضيح نقاط الايدلوجية المشتركة بينهما والتي اجتمعت في اسلوب الدعوة والهداية وتحطيم الاصنام واحقاق الحق وابطال الباطل ومواجهة الاعداء فأن ابراهيم (ع) دعا قومه الى طريق الهداية والصلاح ونبذ الصنمية والتوحيد لله تعالى وحده لا شريك له ، فقد كان قومه يعبدون الاصنام من دون الله ، هذه الاصنام التي ابعدتهم عن الله كثيراً وجعلتهم يتخبطون في مستنقع الضلالة والشرك .
قال تعالى : (( وابراهيم اذ اقال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون * انما تعبدون من دون الله اوثاناً وتخلقون إفكاً ان الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقاً فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له اليه ترجعون)) العنكبوت16، 17 .
اما المهدي (ع) فأنه يأخذ على عاتقه القيام بنفس الدور الذي قام به ابراهيم (ع) ، فحين يظهر المهدي (ع) سوف يجد المسلمين متناحرين متقاتلين يكذب بعضهم بعضاً ويقتل بعضهم بعضاً قد جعلوا من بينهم من يطيعونه طاعة عمياء من دون الله وبالتالي فهي عبادة الاصنام ، فأن امه محمد (ص) ستجري عليها سنن الامم التي سبقتها ، فقد قال رسول الله (ص) : ( لتركبن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة ولا تخطئون طريقهم شبراً بشبر وذراع بذراع وباع بباع حتى ان لو كان من قبلكم دخل جحر ضب لدخلتموه ...) بحار الانوار .
اذن فأمة محمد (ص) تعبد الاصنام في آخر الزمان كما عبدتها الامم والاقوام السابقة ، ومن هذه الاقوام قوم نبي الله ابراهيم (ع) ، ولكن الاصنام التي يعبدها الناس في اخر الزمان هي اصنام بشرية وليست اصناماً حجرية ، اي ان الناس تتوجه الى علماء السوء المظلين فتأتمر بأمرهم وتنتهي بنهيهم فيتخذونهم ارباباً من دون الله فيصدقون كلامهم وينصاعون لهم بكل احوالهم مبتعدين عن الله قال تعالى {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ } اتوبة 31. وقد جاء في تفسير هذه الاية عن ابي بصير عن ابي عبد الله الصادق (ع) قال : قلت له : { اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ } فقال اما والله ما دعوهم الى عبادة انفسهم ولو دعوهم الى عبادة انفسهم ما اجابوهم ولكنهم احلوا لهم حراماً وحرموا عليهم حلالاً فعبدوهم من حيث لا يشعرون ) الميزان ج9 - وعن ابي جعفر الباقر (ع) في قوله (( احبارهم ورهبانهم )) قال : ( فأنهم أطاعوا وأخذوا بقولهم واتبعوا ما امروهم به ودانوا بما دعوهم اليه فاتخذوهم ارباباً بطاعتهم لهم وتركهم امر الله وكتبه ورسله فنبذوه وراء ظهورهم ) تفسير القمي ج1 .
واما اثبات عبادة الاصنام البشرية انها تكون في اخر الزمان ما جاء في الروايات التي ذكرت علامات ظهور المهدي (ع) والتي منها ما ورد عن الامام علي (ع) قوله : (..... والاصلع المقتول صبراً في بيعة الاصنام ) والحقيقة الواضحة هي لا وجود للاصنام الحجرية في عصر ظهور القائم المهدي (ع) لكن المقصود في الرواية (الاصنام البشرية) وبقرينة قول الامام (ع) في الروية ( في بيعة الاصنام) فان البيعة لا تكون الا للبشر ولا تكون البيعة للحجارة بالطبع - ان علماء السوء في اخر الزمان هم الذين سيكونون سبباً في تفرق الامة وتشتتها وطمع اعدائها بها حيث ان ظهورهم كارباب متفرقون من دون الله وقيام بعضهم بتكذيب البعض الاخر هو الذي يشق الصفوف ويؤدي الى الفتن والتقاتل ، كما جاء عن الامام الحسين (ع) فقد قال : ( لا يكون الامر الذي تنتظرونه حتى يبرأ بعضكم من بعض ، ويتفل بعضكم في وجوه بعض ويشهد بعضكم على بعض بالكفر ، ويلعن بعضكم بعضاً . فقلت له : أما في ذلك الزمان من خير ؟ فقال الحسين(ع) : الخير كله في ذلك الزمان ، يقوم قائمنا ويدفع ذلك كله ) غيبة النعماني .
اذن فالقائم المهدي يدعو الناس الى التوحيد وترك عبادة الاصنام البشرية وعبادة الله الواحد الاحد ، ودعوته هذه تكون قبل قيامه بالسيف محاسباً ثائراً على الظلم والظالمين بعد القاء الحجة عليهم ، فقد قال تعالى {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً }الإسراء15.
وتواجه دعوة المهدي (ع) ما واجهته دعوات الانبياء والمرسلين (صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين) من الصدود والتكذيب والتشكيك ، فقد جاءت الاحاديث والروايات الشريفة عن ائمة الهدى (ع) والتي تحكي عن القائم المهدي (ع) وما يواجهه من التكذيب والتهم من علماء السوء الضالين المظلين الذين يحرضون الناس بفتاواهم الباطلة التي يوجهونها ضد المهدي ودعوته وممهديه ، فقد ورد عن العقيل بن يسار قال : سمعت ابا عبد الله الصادق (ع) يقول : ( ان قائمنا اذا قام استقبل من جهل الناس اشد مما استقبل رسول الله (ص) من جهال الجاهلية ، قلت وكيف ذاك ؟ قال : ان رسول الله (ص) اتى الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوتة ، وان قائمنا اذا قام اتى الناس وكلهم يتأول عليه كتاب الله ....) بحار الانوار –
وهذا ما يؤكد قولنا فقد جعل الامام الصادق (ع) الذين يتاولون الكتاب على القائم المهدي (ع) من العلماء المظلين المنحرفين - سواء كانوا سنة او شيعة - في قبال الاصنام ونزلهم منزلة الاصنام كما هو واضح من الرواية ، كما روي عن رسول الله (ص) انه قال : ( لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من امتي بالمشركين وهي تعبد الاوثان ) وعنه (ص) : ( لا تقوم الساعة حتى تنصب الاوثان )
وبذلك يثبت لدينا بأن الزمن الذي يظهر فيه المهدي (ع) يكون فيه الناس مشركين منحرفين عن تعاليم الدين الحنيف وهو دين ابراهيم (ع) الذي دعا اليه .
قال تعالى : ( قل صدق الله فاتبعوا ملة ابراهيم حنيفاً وما كان من المشركين) آل عمران 95 - وان كان الناس في زمن ظهور المهدي (ع) يعتقدون انهم متدينين لكن الحق خلاف ذلك ، لذا فان دعوة المهدي تتركز على التوحيد ونبذ الشرك وترك عبادة الاصنام وهم الناس الذين يطاعون من دون الله –
اما الان فنعود الى المرحلة التي تلت دعوة ابراهيم (ع) - قام نبي الله ابراهيم (ع) بكل شجاعة حاملاً فاسه بيمينه متوجهاً الى اصنام الشرك والضلالة ، فراح مكسرها واحداً تلو الاخر . قال تعالى : ( فراغ عليهم ضرباً باليمين )) والمراد من اليمين أما يد الانسان اليمنى والتي ينجز بها معظم اعماله ، أو انها كناية عن القدرة والقوة ، ويمكن ان تجتمع بين المعنيين . وبعد ان قام ابراهيم (ع) بهذا العمل الجبار في تكسيره لأصنام الشرك والضلالة ، وعرف عبيد الاصنام ما جرى لاصنامهم فتسائلوا فيما بينهم من تجرأ وقام بهذا الفعل فقال بعضهم بقوله تعالى {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ }الأنبياء60 .
وذلك لان ابراهيم (ع) بعد ان دعاهم الى التوحيد وترك عبادة الاصنام رفضوا ذلك واصروا على الكفر قد اعلن البرائة منهم . قال تعالى {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ }الزخرف26 . فكان معلوماً لديهم موقف ابراهيم المعادي لهم ، وبعد ان عرفوا بأنه محطم الاصنام عقدوا العزم واعدوا العدة للانتقام منه والانتصار لألهتهم المحطمة ، فجمعوا جمعهم وكادوا كيدهم ، فاشعلوا النار لاحراقه ، لكن الله عز وجل خلصه من نارهم ونصره عليهم واخزاهم قال تعالى {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ} الانبياء 68-70 .
يتبع
الايدلوجية المشتركة بين ابراهيم والمهدي (عليهما السلام)
يتمتع كتاب الله عز وجل بالبعد الشمولي الذي يجعله ممتداً عبر الازمان والاجيال المتلاحقة ، فهو ليس محصوراً بزمن معين أو امة من الامم أو شعب دون بقية الشعوب ، وكما ذكرنا في موارد سابقة بان القران عندما يتحدث عن فئة من الناس فهو بالتاكيد لا يخصهم فقط بل يخص غيرهم ايضاً ، وقد ورد ما يوافق ذلك من الاحاديث الشريفة لرسول الله (ص) ، فعن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله (ص) : ( سياتي على امتي ما اتى على بني اسرائيل مثل بمثل .....) بحار الانوار ج28 ص4 .
وينطبق ذلك ايضاً على الاشخاص بل حتى على الانبياء ، فعندما نتحدث عن شخص من الاشخاص او نبي من الانبياء ، فأن معنى ذلك ان هناك دوماً من يقوم بدور هذه الفئة او الشخص او النبي الذي ذكر لنا الله تعالى قصته ، ووفق نظريتنا التي طرحناها مسبقاً (نظرية الربط النوعي بين الانبياء والائمة (عليهم السلام)) هذه النظرية التي اثبتنا من خلالها الشبه الكبير بين نبي الله داود وعلي زين العابدين (عليهما السلام) وكذلك بين مريم العذراء وفاطمة الزهراء (عليهما السلام) ونبي الله يحيى والامام الحسين (عليهما السلام).
وفي هذا البحث سنثبت ان المهدي هو ابراهيم آخر الزمان ، وذلك من خلال توضيح نقاط الايدلوجية المشتركة بينهما والتي اجتمعت في اسلوب الدعوة والهداية وتحطيم الاصنام واحقاق الحق وابطال الباطل ومواجهة الاعداء فأن ابراهيم (ع) دعا قومه الى طريق الهداية والصلاح ونبذ الصنمية والتوحيد لله تعالى وحده لا شريك له ، فقد كان قومه يعبدون الاصنام من دون الله ، هذه الاصنام التي ابعدتهم عن الله كثيراً وجعلتهم يتخبطون في مستنقع الضلالة والشرك .
قال تعالى : (( وابراهيم اذ اقال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون * انما تعبدون من دون الله اوثاناً وتخلقون إفكاً ان الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقاً فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له اليه ترجعون)) العنكبوت16، 17 .
اما المهدي (ع) فأنه يأخذ على عاتقه القيام بنفس الدور الذي قام به ابراهيم (ع) ، فحين يظهر المهدي (ع) سوف يجد المسلمين متناحرين متقاتلين يكذب بعضهم بعضاً ويقتل بعضهم بعضاً قد جعلوا من بينهم من يطيعونه طاعة عمياء من دون الله وبالتالي فهي عبادة الاصنام ، فأن امه محمد (ص) ستجري عليها سنن الامم التي سبقتها ، فقد قال رسول الله (ص) : ( لتركبن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة ولا تخطئون طريقهم شبراً بشبر وذراع بذراع وباع بباع حتى ان لو كان من قبلكم دخل جحر ضب لدخلتموه ...) بحار الانوار .
اذن فأمة محمد (ص) تعبد الاصنام في آخر الزمان كما عبدتها الامم والاقوام السابقة ، ومن هذه الاقوام قوم نبي الله ابراهيم (ع) ، ولكن الاصنام التي يعبدها الناس في اخر الزمان هي اصنام بشرية وليست اصناماً حجرية ، اي ان الناس تتوجه الى علماء السوء المظلين فتأتمر بأمرهم وتنتهي بنهيهم فيتخذونهم ارباباً من دون الله فيصدقون كلامهم وينصاعون لهم بكل احوالهم مبتعدين عن الله قال تعالى {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ } اتوبة 31. وقد جاء في تفسير هذه الاية عن ابي بصير عن ابي عبد الله الصادق (ع) قال : قلت له : { اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ } فقال اما والله ما دعوهم الى عبادة انفسهم ولو دعوهم الى عبادة انفسهم ما اجابوهم ولكنهم احلوا لهم حراماً وحرموا عليهم حلالاً فعبدوهم من حيث لا يشعرون ) الميزان ج9 - وعن ابي جعفر الباقر (ع) في قوله (( احبارهم ورهبانهم )) قال : ( فأنهم أطاعوا وأخذوا بقولهم واتبعوا ما امروهم به ودانوا بما دعوهم اليه فاتخذوهم ارباباً بطاعتهم لهم وتركهم امر الله وكتبه ورسله فنبذوه وراء ظهورهم ) تفسير القمي ج1 .
واما اثبات عبادة الاصنام البشرية انها تكون في اخر الزمان ما جاء في الروايات التي ذكرت علامات ظهور المهدي (ع) والتي منها ما ورد عن الامام علي (ع) قوله : (..... والاصلع المقتول صبراً في بيعة الاصنام ) والحقيقة الواضحة هي لا وجود للاصنام الحجرية في عصر ظهور القائم المهدي (ع) لكن المقصود في الرواية (الاصنام البشرية) وبقرينة قول الامام (ع) في الروية ( في بيعة الاصنام) فان البيعة لا تكون الا للبشر ولا تكون البيعة للحجارة بالطبع - ان علماء السوء في اخر الزمان هم الذين سيكونون سبباً في تفرق الامة وتشتتها وطمع اعدائها بها حيث ان ظهورهم كارباب متفرقون من دون الله وقيام بعضهم بتكذيب البعض الاخر هو الذي يشق الصفوف ويؤدي الى الفتن والتقاتل ، كما جاء عن الامام الحسين (ع) فقد قال : ( لا يكون الامر الذي تنتظرونه حتى يبرأ بعضكم من بعض ، ويتفل بعضكم في وجوه بعض ويشهد بعضكم على بعض بالكفر ، ويلعن بعضكم بعضاً . فقلت له : أما في ذلك الزمان من خير ؟ فقال الحسين(ع) : الخير كله في ذلك الزمان ، يقوم قائمنا ويدفع ذلك كله ) غيبة النعماني .
اذن فالقائم المهدي يدعو الناس الى التوحيد وترك عبادة الاصنام البشرية وعبادة الله الواحد الاحد ، ودعوته هذه تكون قبل قيامه بالسيف محاسباً ثائراً على الظلم والظالمين بعد القاء الحجة عليهم ، فقد قال تعالى {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً }الإسراء15.
وتواجه دعوة المهدي (ع) ما واجهته دعوات الانبياء والمرسلين (صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين) من الصدود والتكذيب والتشكيك ، فقد جاءت الاحاديث والروايات الشريفة عن ائمة الهدى (ع) والتي تحكي عن القائم المهدي (ع) وما يواجهه من التكذيب والتهم من علماء السوء الضالين المظلين الذين يحرضون الناس بفتاواهم الباطلة التي يوجهونها ضد المهدي ودعوته وممهديه ، فقد ورد عن العقيل بن يسار قال : سمعت ابا عبد الله الصادق (ع) يقول : ( ان قائمنا اذا قام استقبل من جهل الناس اشد مما استقبل رسول الله (ص) من جهال الجاهلية ، قلت وكيف ذاك ؟ قال : ان رسول الله (ص) اتى الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوتة ، وان قائمنا اذا قام اتى الناس وكلهم يتأول عليه كتاب الله ....) بحار الانوار –
وهذا ما يؤكد قولنا فقد جعل الامام الصادق (ع) الذين يتاولون الكتاب على القائم المهدي (ع) من العلماء المظلين المنحرفين - سواء كانوا سنة او شيعة - في قبال الاصنام ونزلهم منزلة الاصنام كما هو واضح من الرواية ، كما روي عن رسول الله (ص) انه قال : ( لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من امتي بالمشركين وهي تعبد الاوثان ) وعنه (ص) : ( لا تقوم الساعة حتى تنصب الاوثان )
وبذلك يثبت لدينا بأن الزمن الذي يظهر فيه المهدي (ع) يكون فيه الناس مشركين منحرفين عن تعاليم الدين الحنيف وهو دين ابراهيم (ع) الذي دعا اليه .
قال تعالى : ( قل صدق الله فاتبعوا ملة ابراهيم حنيفاً وما كان من المشركين) آل عمران 95 - وان كان الناس في زمن ظهور المهدي (ع) يعتقدون انهم متدينين لكن الحق خلاف ذلك ، لذا فان دعوة المهدي تتركز على التوحيد ونبذ الشرك وترك عبادة الاصنام وهم الناس الذين يطاعون من دون الله –
اما الان فنعود الى المرحلة التي تلت دعوة ابراهيم (ع) - قام نبي الله ابراهيم (ع) بكل شجاعة حاملاً فاسه بيمينه متوجهاً الى اصنام الشرك والضلالة ، فراح مكسرها واحداً تلو الاخر . قال تعالى : ( فراغ عليهم ضرباً باليمين )) والمراد من اليمين أما يد الانسان اليمنى والتي ينجز بها معظم اعماله ، أو انها كناية عن القدرة والقوة ، ويمكن ان تجتمع بين المعنيين . وبعد ان قام ابراهيم (ع) بهذا العمل الجبار في تكسيره لأصنام الشرك والضلالة ، وعرف عبيد الاصنام ما جرى لاصنامهم فتسائلوا فيما بينهم من تجرأ وقام بهذا الفعل فقال بعضهم بقوله تعالى {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ }الأنبياء60 .
وذلك لان ابراهيم (ع) بعد ان دعاهم الى التوحيد وترك عبادة الاصنام رفضوا ذلك واصروا على الكفر قد اعلن البرائة منهم . قال تعالى {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ }الزخرف26 . فكان معلوماً لديهم موقف ابراهيم المعادي لهم ، وبعد ان عرفوا بأنه محطم الاصنام عقدوا العزم واعدوا العدة للانتقام منه والانتصار لألهتهم المحطمة ، فجمعوا جمعهم وكادوا كيدهم ، فاشعلوا النار لاحراقه ، لكن الله عز وجل خلصه من نارهم ونصره عليهم واخزاهم قال تعالى {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ} الانبياء 68-70 .
يتبع
تعليق