تشترك الدعوات والحركات الالهية بنقاط شبه كثيرة وهناك دائماً ايديولوجية مشتركة تجمعها وذلك بصورة واضحة على ان جميع تلك الدعوات جاءت من مصدر واحد ومن معين عين ماء واحدة خاصة لو أخذنا دعوة النبي عيسى عليه السلام ودعوة النبي محمد (ص) قال تعالى : { وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى} المائدة82 . ولو أردنا التخصيص اكثر لوجدنا ان الشبه والايديولوجية المشتركة تكون واضحة جداً بين حركة السيد المسيح وبين حركة المهدي (ع) خاصة اذا ما علمنا انهما سوف يشتركان في اقامة دولة العدل الالهي في آخر الزمان واماتت الظلم والجور واحياء دين الله تبارك وتعالى ولو استقرأنا وتتبعنا مسيرة وحركة السيد المسيح عيسى بن مريم (عليهما السلام) لوجدنا فيها شبه كبير من حركة المهدي (ع) وقد بينا في أكثر من مرة ان حركة ودعوة المهدي (ع) يقوم بها وزيره اليماني لأن الامام المهدي مكن الله له في الارض لا يظهر الا عند قيامه المقدس في مكة المكرمة اذن فالمأخوذ بالاعتبار في هذا الموضوع حركة السيد المسيح وحركة السيد اليماني فهو الممثل للأمام المهدي (ع) وهو صاحب حركته ودعوته ، لقد بدأ عيسى عليه السلام دعوته وبعثه الله تبارك وتعالى وهو في الثلاثين من عمره الشريف كما أكدت ذلك الروايات والاخبار ، وقد بينت الروايات المعصومية الشريفة ان اليماني حينما يبدأ حركته ودعوته لنصرة الامام المهدي يبدأ وهو في سن الثلاثين أيضاً فقد جاء في الرواية الشريفة الواردة عن ابي عبد الله (ع) قال : ( ان ولي الله يعمر عمر ابراهيم الخليل عشرين ومائة سنة ويظهر في صورة فتى موفق ابن ثلاثين سنة ) بحار الانوار ج52 .
خفاء النسب
من المعروف والمعلوم عند الجميع ان عيسى بن مريم عليه السلام ولد من غير أب الا انه اشتهر بين بني اسرائيل بأبن يوسف النجار خطيب مريم عليها السلام ، لذلك فأن اليهود انكروا نبوته ولم يقبلوها لأنهم كانوا موعودين وحسب ما ذكرت التوراة ونبؤات الانبياء والسابقين لعيسى (ع) انه يكون المنتظر لأنهم كانوا يدعونه ابن يوسف النجار ويعرفونه بهذا النسب علماً انه لا ينتسب الى يوسف النجار اطلاقاً لأنه ولد من غير اب اما نسبه من امه فيرجع الى داود عليه السلام لذلك ولما كان نسب عيسى (ع) خافياً وليس واضحاً بصورة جلية كُذِبَ عيسى (ع) واُتهم ولم يُصدقوا بدعوته .
فقد ورد في الكثير من النصوص الانجيلية التي تؤكد وتدل على ان بني اسرائيل كانوا ينسبون عيسى (ع) الى يوسف النجار واليك هذا النص : ( ولما أتم يسوع هذه الامثال ، ذهب من هناك وعاد الى بلده ، واخذ يعلم في مجمعهم ، فتعجبوا وتساءلوا : (من اين لنا هذه الحكمة والقوة ؟ أليس هذا ابن النجار أليس امه تدعى مريم ) متى 13، مرقس 6 ، لوقا 4 . وهذا الامر بعينه سيقع ويجري مع اليماني الموعود وذلك لأن الروايات التي تحدثت عن اليماني تحدثت بشيء من الغموض والرمزية فلا نكاد نجد رواية واحدة تذكر نسب اليماني صراحة ، واما لو قمنا بالبحث والتدقيق في الروايات لتبين لنا ان اليماني هو السيد الحسني الذي يسلم الراية للأمام المهدي (مكن الله له في الارض ) وهو الخراساني لأنه يخرج بجيش من خراسان وهو القحطاني لأن له أصلاً ونسباً في اليمن واليمن كلها من قحطان وهذا ما ذهب اليه الباحث محمد علي الحلو صاحب كتاب (( اليماني راية هدى )) حيث قال في الصفحة 29 منه : ( فلعل اليماني مرة اُطلق عليه الحسني والحسني وصف بالخراساني ومرة على الحسني اُطلق الخراساني ) وقال ايضاً في نفس الصفحة من نفس الكتاب : ( فمثلاً اطلق على اليماني القحطاني في روايات وفي روايات اخرى المنصور وفي غيرها الخليفة اليماني وفي بعضها الملك اليماني ...) . ومن هنا يتبين لنا ان اليماني قحطاني النسب ويرجع بنسبه الى الامام الحسن عليه السلام ، الا ان البعض قد يتبادر الى ذهنه كيف يكون قحطانياً وهو في نفس الوقت سيد حسني والمعلوم ان السادة يرجع نسبهم الى عدنان وقحطان اخو عدنان وهذا الاشكال صحيح للوهلة الاولى الا اننا لو عرفنا المقصود من قحطان الذي ينتسب له اليماني لأزال الاشكال تماماً .
فأن قحطان المقصود هنا هو ابو اليمن الذي تنتسب اليه القبائل اليمنية وليس المراد منه قحطان اخو عدنان ابن يعرب ومن أراد مزيداً من التأكد فليراجع كتب الانساب في هذا الشأن ومن هنا ولما كان نسب اليماني خافياً على الاعم الاغلب من الناس الا الباحثين عن الحق والحقيقة سوف يجري معه ما جرى مع عيسى (ع) حيث سيقولون ان نسبه كذا وكذا وليس هذا النسب هو نسب اليماني .
الناصري واليماني
عرف عيسى بن مريم (ع) بالناصري واشتهر بهذا اللقب وهذا اللقب قد ذكره الانبياء السابقين وقد وعدوا أممهم بأن المسيح المنتظر الذي سيكون خلاصهم وغايتهم وهدايتهم على يديه يدعى ناصرياً فقد ورد في النص الانجيلي الاتي : ( واذا اوحي اليه في حُلم ، إنصرف الى نواحي الجليل ، وأتى وسكن في مدينة يقال لها ناصرة لكي يتم ما قيل بالانبياء ( انه يدعى ناصرياً ) ) متى 2. فالذي يظهر من هذا النص ان المسيح ابن مريم عليه السلام ذهب الى الناصرة لفترة قصيرة هرباً من الحاكم الروماني الا ان الحكمة الالهية أقتضت ذلك لأجل ان يتحقق ويتم ما ذكره الانبياء عليهم السلام ، وهذا يكشف لنا ان اليماني يلقب أيضاً بهذا اللقب نتيجة سكنه لفترة من الزمن في اليمن والظاهر ان ذلك يكون نتيجة هربه أو اختفاءه من حكومة بني العباس او بالاخص من الحاكم العباسي الطاغي . وهذا ليس غريباً فأن رسول الله (ص) اطلق على نفسه لقب اليماني علماً انه لم يولد في اليمن فقد ورد في الحديث الشريف عنه (ص) انه قال : (( الايمان يمانِ وأنا امرء يماني )) . ومن هنا نفهم ويتضح لنا ان اليماني الموعود الذي ذكره الائمة الطاهرين (عليهم السلام) ليس مولود في اليمن او انه من أهلها وقضى عمره فيها بل لربما لقب بذلك لما ذكرناه والله أعلم بالصواب .
إنطلاق الدعوتين من المؤسسات الدينية
هكذا هي الدعوات الالهية فأنها دائماً تبدا بكبراء القوم وزعمائهم لأنه اذا عجز الكبار والعلماء عن مجاراتها او ردها فأنها سوف تثبت احقيتها لذا فأننا نرى الانبياء دائماً بدأوا برؤساء القوم وعلمائهم فهذا ابراهيم عليه السلام بدأ دعوته للنمرود في قصره بالتحديد وكذلك موسى وهارون حيث ابتدأوا بفرعون اولاً وكذلك فعل عيسى (ع) ومحمد (ص) من بعده ولو رجعنا الى دعوة النبي عيسى (ع) لوجدنا انها انطلقت في المجتمع الذي هو بين العبادة والعلم عند اليهود فقد ورد : ( وكان يسوع يسير في أنحاء الجليل ، يُعلم في المجاميع ويعلن انجيل الملكوت ويشفي الناس من كل مرض وداء . فأنتشر صيته في سورية كلها ) متى 4-5 ، لوقا 6 .
ومن هنا نفهم ان حركة اليماني ستبدأ اولاً وتنطلق في المؤسسات الدينية والعلمية لغرض اثبات احقيتها واهليتها في الدعوة الى الامام المهدي (ع) واقامة الحجة على الاخرين بأعتبارها دعوة وحركة الهية فلا بد ان يكون لها شبه بتلك الدعوات الالهية للانبياء عليهم السلام فكما بدأت دعواتهم بين كبار القوم وساداتهم وعلمائهم وداخل المؤسسات الدينية والعلمية .
الاحتلال وانطلاق الدعوة
كان الاحتلال الروماني قد انتشر في كل البلاد وفرضوا سيطرتهم عليها وراحوا يضطهدون الناس وكان علماء اليهود على علاقة طيبة حينها مع المحتلين وبالاخص مع حكام الرومان وقد انطلقت دعوة وحركة السيد المسيح في هذه الاثناء وتحت هذا الظرف ولطالما استعان اليهود بالحاكم الروماني للقضاء على السيد المسيح (ع) وأتباعه وأنصاره وحركته الا انهم لم يفلحوا في ذلك ومن هنا يتضح لنا ان دعوة وحركة اليماني سوف تظهر في ظرف مشابه فلا بد ان يكون هناك احتلال للمنطقة التي تخرج فيها دعوة اليماني الموعود وحركته المباركة كما ان الظاهر ان علماء السوء المظلين في ذلك الزمان سوف يلجأون الى قوات الاحتلال للقضاء على اليماني وأتباعه وانصاره والمؤمنين بحركته وفكره .
الاتهام المشترك
لقد اتهم اليهود عيسى عليه السلام بشتى الاتهامات وحاولوا قتل شخصيته في اعين الناس وهذا ما وقع مع جميع الانبياء والرسل عليهم اللام حيث اتهموا بالسحر والجنة والجنون والكذب وما الى ذلك الا ان عيسى (ع) انفرد من بينهم بتهمة صعبة للغاية فقد اتهموا امه العذراء الصديقة مريم سلام الله عليها وقالوا عنه انه ابن .... حاشاه من ذلك وحاشا امه الصديقة الطاهرة ، وهذا ما سوف يتهم به ليماني وذلك من اجل الحط منه والنيل من شخصيته في محاولة للقضاء على حركته ودعوته ، فقد ورد في الرواية الشريفة انه يقال فيه ما قيل في عيسى بن مريم عليهما السلام .
بين معلمي الشريعة وعلماء السوء المظلين
لقد تصدى للنبي عيسى (ع) ومنذ بداية دعوته وانطلاق حركته رجالات الدين اليهودي او ما يسمون بمعلمي الشريعة فقد اثبت انحرافهم وكشف زيفهم وبين ظلالتهم ودجلهم وخداعهم لعامة الناس كما بين مدى تلاعبهم بالعشور وهي الاموال التي كانت مفروضة من قبل الله على بني اسرائيل حسب شريعة موسى (ع) والنصوص الانجيلية التي تدل على هذه المعاني كثيرة جداً فقد ورد : ( وخاطب يسوع مجموع تلاميذه ، قال : معلموا الشريعة والفريسيون على كرسي موسى جالسون ، فأفعلوا كل ما يقولونه لكم واعملوا به . ولكن لا تعملوا مثل أعمالهم ، لأنهم يقولون ولا يفعلون : يحزمون أثقالاً شاقة الحمل ويلقونها على اكتاف الناس ، ولكنهم لا يحركون اصبعاً تعينهم على حملها . وهم لا يعملون عملاً الا ليشاهدهم الناس يجعلون عصائبهم على جباههم وسواعدهم ويطولون أطراف ثيابهم ، ويحبون مقاعد الشرف والولائم ومكان الصدارة في المجاميع والتحيات في الاسواق ، وان يدعوهم الناس يا معلم - الى ان قال - الويل لكم يا معلمي الشريعة والفريسيون المراؤون تغلقون ملكوت السماوات في وجوه الناس ، فلا أنتم تدخلون ولا تتركون الداخلين يدخلون . الويل لكم يا معلمي الشريعة والفريسيون المراؤون ، تأكلون بيوت الارامل وأنتم تظهرون انكم تطلبون الصلاة ، سينالكم اشد العقاب ) متى 22-23 . وغير هذا الكثير من النصوص التي فضح بها معلمي الشريعة وهكذا يتبين لنا ان اليماني سوف يفعل كما فعل عيسى (ع) حيث سيظهر كذب وافتراء الكثير من علماء السوء المضلين ويبت انحرافهم وبطلان طريقتهم كما انه سوف يتحدث من حقوق اليتامى والارامل والضعفاء كما فعل عيسى وبين نهبهم للخمس كما كان يفعل معلمي الشريعة حينما يقتسمون العشور بينهم .
أصحاب عيسى وأصحاب اليماني
المعروف ان اغلب اصحاب وأنصار الانبياء والرسل عليهم السلام من المستضعفين ومن عامة الناس لا من خاصتهم وهذا ما كان مع عيسى عليه السلام حيث نرى ان تلاميذه وحوارييه الاثنا عشر كلهم من عامة الناس فمنهم اربعة صيادي سمك ومنهم من يعمل بالجباية ومنهم من يعمل بأعمال حرة اخرى ولم نجد منهم أحداً من معلمي الشريعة والفريسيون وهذا ما سيكون عليه اصحاب اليماني فلا بد ان يكونوا اذاً من عامة الناس وانهم غير معروفين بأنهم من اهل العلم بل هم مستضعفين بسطاء .
الشبه بين المسيح واليماني
تذكر لنا الاحاديث والروايات المعصومية الشريفة ان للامام المهدي (ع) شبه من جده رسول الله (ص) حيث وردت الكثير من الاحاديث المروية عن رسول الله (ص) والتي نصت في أغلبها على قول : ( اسمه اسمي وكنيته كنيتي وهو أشبه الناس بي خَلقاً وخُلقاً ) وما الى ذلك من الاحاديث والروايات ، أما بشأن اليماني فقد ورد انه أشبه الناس بعيسى بن مريم فقد جاء في الرواية الواردة في اثبات الهداة ج3 نقلها الحر العاملي حيث ورد فيها : ( ان القائم المهدي من ولد علي عليه السلام اشبه الناس بعيسى بن مريم خَلقاً وخُلقاَ وسمتاً وهيباً ) . كما ان هناك الكثير من الروايات التي تبين ان اليماني مربوع اي ليس بالطويل ولا بالقصير كما انه ابيض الوجه وشعره يسيل على منكبيه وانه مسترسل الشعر وهذه كلها صفات عيسى بن مريم عليه السلام ، فاليماني هو شبيه عيسى في آخر الزمان ومن اراد المزيد من المعلومات في مسألة الشبه فليراجع موضوع اليماني أشبه الناس بعيسى بن مريم الذي نشر في العدد (27) من الصفحة الثالثة.
وبهذا يتبين لنا الشبه الكبير بين حركة السيد المسيح وحركة المهدي في آخر الزمان .
خفاء النسب
من المعروف والمعلوم عند الجميع ان عيسى بن مريم عليه السلام ولد من غير أب الا انه اشتهر بين بني اسرائيل بأبن يوسف النجار خطيب مريم عليها السلام ، لذلك فأن اليهود انكروا نبوته ولم يقبلوها لأنهم كانوا موعودين وحسب ما ذكرت التوراة ونبؤات الانبياء والسابقين لعيسى (ع) انه يكون المنتظر لأنهم كانوا يدعونه ابن يوسف النجار ويعرفونه بهذا النسب علماً انه لا ينتسب الى يوسف النجار اطلاقاً لأنه ولد من غير اب اما نسبه من امه فيرجع الى داود عليه السلام لذلك ولما كان نسب عيسى (ع) خافياً وليس واضحاً بصورة جلية كُذِبَ عيسى (ع) واُتهم ولم يُصدقوا بدعوته .
فقد ورد في الكثير من النصوص الانجيلية التي تؤكد وتدل على ان بني اسرائيل كانوا ينسبون عيسى (ع) الى يوسف النجار واليك هذا النص : ( ولما أتم يسوع هذه الامثال ، ذهب من هناك وعاد الى بلده ، واخذ يعلم في مجمعهم ، فتعجبوا وتساءلوا : (من اين لنا هذه الحكمة والقوة ؟ أليس هذا ابن النجار أليس امه تدعى مريم ) متى 13، مرقس 6 ، لوقا 4 . وهذا الامر بعينه سيقع ويجري مع اليماني الموعود وذلك لأن الروايات التي تحدثت عن اليماني تحدثت بشيء من الغموض والرمزية فلا نكاد نجد رواية واحدة تذكر نسب اليماني صراحة ، واما لو قمنا بالبحث والتدقيق في الروايات لتبين لنا ان اليماني هو السيد الحسني الذي يسلم الراية للأمام المهدي (مكن الله له في الارض ) وهو الخراساني لأنه يخرج بجيش من خراسان وهو القحطاني لأن له أصلاً ونسباً في اليمن واليمن كلها من قحطان وهذا ما ذهب اليه الباحث محمد علي الحلو صاحب كتاب (( اليماني راية هدى )) حيث قال في الصفحة 29 منه : ( فلعل اليماني مرة اُطلق عليه الحسني والحسني وصف بالخراساني ومرة على الحسني اُطلق الخراساني ) وقال ايضاً في نفس الصفحة من نفس الكتاب : ( فمثلاً اطلق على اليماني القحطاني في روايات وفي روايات اخرى المنصور وفي غيرها الخليفة اليماني وفي بعضها الملك اليماني ...) . ومن هنا يتبين لنا ان اليماني قحطاني النسب ويرجع بنسبه الى الامام الحسن عليه السلام ، الا ان البعض قد يتبادر الى ذهنه كيف يكون قحطانياً وهو في نفس الوقت سيد حسني والمعلوم ان السادة يرجع نسبهم الى عدنان وقحطان اخو عدنان وهذا الاشكال صحيح للوهلة الاولى الا اننا لو عرفنا المقصود من قحطان الذي ينتسب له اليماني لأزال الاشكال تماماً .
فأن قحطان المقصود هنا هو ابو اليمن الذي تنتسب اليه القبائل اليمنية وليس المراد منه قحطان اخو عدنان ابن يعرب ومن أراد مزيداً من التأكد فليراجع كتب الانساب في هذا الشأن ومن هنا ولما كان نسب اليماني خافياً على الاعم الاغلب من الناس الا الباحثين عن الحق والحقيقة سوف يجري معه ما جرى مع عيسى (ع) حيث سيقولون ان نسبه كذا وكذا وليس هذا النسب هو نسب اليماني .
الناصري واليماني
عرف عيسى بن مريم (ع) بالناصري واشتهر بهذا اللقب وهذا اللقب قد ذكره الانبياء السابقين وقد وعدوا أممهم بأن المسيح المنتظر الذي سيكون خلاصهم وغايتهم وهدايتهم على يديه يدعى ناصرياً فقد ورد في النص الانجيلي الاتي : ( واذا اوحي اليه في حُلم ، إنصرف الى نواحي الجليل ، وأتى وسكن في مدينة يقال لها ناصرة لكي يتم ما قيل بالانبياء ( انه يدعى ناصرياً ) ) متى 2. فالذي يظهر من هذا النص ان المسيح ابن مريم عليه السلام ذهب الى الناصرة لفترة قصيرة هرباً من الحاكم الروماني الا ان الحكمة الالهية أقتضت ذلك لأجل ان يتحقق ويتم ما ذكره الانبياء عليهم السلام ، وهذا يكشف لنا ان اليماني يلقب أيضاً بهذا اللقب نتيجة سكنه لفترة من الزمن في اليمن والظاهر ان ذلك يكون نتيجة هربه أو اختفاءه من حكومة بني العباس او بالاخص من الحاكم العباسي الطاغي . وهذا ليس غريباً فأن رسول الله (ص) اطلق على نفسه لقب اليماني علماً انه لم يولد في اليمن فقد ورد في الحديث الشريف عنه (ص) انه قال : (( الايمان يمانِ وأنا امرء يماني )) . ومن هنا نفهم ويتضح لنا ان اليماني الموعود الذي ذكره الائمة الطاهرين (عليهم السلام) ليس مولود في اليمن او انه من أهلها وقضى عمره فيها بل لربما لقب بذلك لما ذكرناه والله أعلم بالصواب .
إنطلاق الدعوتين من المؤسسات الدينية
هكذا هي الدعوات الالهية فأنها دائماً تبدا بكبراء القوم وزعمائهم لأنه اذا عجز الكبار والعلماء عن مجاراتها او ردها فأنها سوف تثبت احقيتها لذا فأننا نرى الانبياء دائماً بدأوا برؤساء القوم وعلمائهم فهذا ابراهيم عليه السلام بدأ دعوته للنمرود في قصره بالتحديد وكذلك موسى وهارون حيث ابتدأوا بفرعون اولاً وكذلك فعل عيسى (ع) ومحمد (ص) من بعده ولو رجعنا الى دعوة النبي عيسى (ع) لوجدنا انها انطلقت في المجتمع الذي هو بين العبادة والعلم عند اليهود فقد ورد : ( وكان يسوع يسير في أنحاء الجليل ، يُعلم في المجاميع ويعلن انجيل الملكوت ويشفي الناس من كل مرض وداء . فأنتشر صيته في سورية كلها ) متى 4-5 ، لوقا 6 .
ومن هنا نفهم ان حركة اليماني ستبدأ اولاً وتنطلق في المؤسسات الدينية والعلمية لغرض اثبات احقيتها واهليتها في الدعوة الى الامام المهدي (ع) واقامة الحجة على الاخرين بأعتبارها دعوة وحركة الهية فلا بد ان يكون لها شبه بتلك الدعوات الالهية للانبياء عليهم السلام فكما بدأت دعواتهم بين كبار القوم وساداتهم وعلمائهم وداخل المؤسسات الدينية والعلمية .
الاحتلال وانطلاق الدعوة
كان الاحتلال الروماني قد انتشر في كل البلاد وفرضوا سيطرتهم عليها وراحوا يضطهدون الناس وكان علماء اليهود على علاقة طيبة حينها مع المحتلين وبالاخص مع حكام الرومان وقد انطلقت دعوة وحركة السيد المسيح في هذه الاثناء وتحت هذا الظرف ولطالما استعان اليهود بالحاكم الروماني للقضاء على السيد المسيح (ع) وأتباعه وأنصاره وحركته الا انهم لم يفلحوا في ذلك ومن هنا يتضح لنا ان دعوة وحركة اليماني سوف تظهر في ظرف مشابه فلا بد ان يكون هناك احتلال للمنطقة التي تخرج فيها دعوة اليماني الموعود وحركته المباركة كما ان الظاهر ان علماء السوء المظلين في ذلك الزمان سوف يلجأون الى قوات الاحتلال للقضاء على اليماني وأتباعه وانصاره والمؤمنين بحركته وفكره .
الاتهام المشترك
لقد اتهم اليهود عيسى عليه السلام بشتى الاتهامات وحاولوا قتل شخصيته في اعين الناس وهذا ما وقع مع جميع الانبياء والرسل عليهم اللام حيث اتهموا بالسحر والجنة والجنون والكذب وما الى ذلك الا ان عيسى (ع) انفرد من بينهم بتهمة صعبة للغاية فقد اتهموا امه العذراء الصديقة مريم سلام الله عليها وقالوا عنه انه ابن .... حاشاه من ذلك وحاشا امه الصديقة الطاهرة ، وهذا ما سوف يتهم به ليماني وذلك من اجل الحط منه والنيل من شخصيته في محاولة للقضاء على حركته ودعوته ، فقد ورد في الرواية الشريفة انه يقال فيه ما قيل في عيسى بن مريم عليهما السلام .
بين معلمي الشريعة وعلماء السوء المظلين
لقد تصدى للنبي عيسى (ع) ومنذ بداية دعوته وانطلاق حركته رجالات الدين اليهودي او ما يسمون بمعلمي الشريعة فقد اثبت انحرافهم وكشف زيفهم وبين ظلالتهم ودجلهم وخداعهم لعامة الناس كما بين مدى تلاعبهم بالعشور وهي الاموال التي كانت مفروضة من قبل الله على بني اسرائيل حسب شريعة موسى (ع) والنصوص الانجيلية التي تدل على هذه المعاني كثيرة جداً فقد ورد : ( وخاطب يسوع مجموع تلاميذه ، قال : معلموا الشريعة والفريسيون على كرسي موسى جالسون ، فأفعلوا كل ما يقولونه لكم واعملوا به . ولكن لا تعملوا مثل أعمالهم ، لأنهم يقولون ولا يفعلون : يحزمون أثقالاً شاقة الحمل ويلقونها على اكتاف الناس ، ولكنهم لا يحركون اصبعاً تعينهم على حملها . وهم لا يعملون عملاً الا ليشاهدهم الناس يجعلون عصائبهم على جباههم وسواعدهم ويطولون أطراف ثيابهم ، ويحبون مقاعد الشرف والولائم ومكان الصدارة في المجاميع والتحيات في الاسواق ، وان يدعوهم الناس يا معلم - الى ان قال - الويل لكم يا معلمي الشريعة والفريسيون المراؤون تغلقون ملكوت السماوات في وجوه الناس ، فلا أنتم تدخلون ولا تتركون الداخلين يدخلون . الويل لكم يا معلمي الشريعة والفريسيون المراؤون ، تأكلون بيوت الارامل وأنتم تظهرون انكم تطلبون الصلاة ، سينالكم اشد العقاب ) متى 22-23 . وغير هذا الكثير من النصوص التي فضح بها معلمي الشريعة وهكذا يتبين لنا ان اليماني سوف يفعل كما فعل عيسى (ع) حيث سيظهر كذب وافتراء الكثير من علماء السوء المضلين ويبت انحرافهم وبطلان طريقتهم كما انه سوف يتحدث من حقوق اليتامى والارامل والضعفاء كما فعل عيسى وبين نهبهم للخمس كما كان يفعل معلمي الشريعة حينما يقتسمون العشور بينهم .
أصحاب عيسى وأصحاب اليماني
المعروف ان اغلب اصحاب وأنصار الانبياء والرسل عليهم السلام من المستضعفين ومن عامة الناس لا من خاصتهم وهذا ما كان مع عيسى عليه السلام حيث نرى ان تلاميذه وحوارييه الاثنا عشر كلهم من عامة الناس فمنهم اربعة صيادي سمك ومنهم من يعمل بالجباية ومنهم من يعمل بأعمال حرة اخرى ولم نجد منهم أحداً من معلمي الشريعة والفريسيون وهذا ما سيكون عليه اصحاب اليماني فلا بد ان يكونوا اذاً من عامة الناس وانهم غير معروفين بأنهم من اهل العلم بل هم مستضعفين بسطاء .
الشبه بين المسيح واليماني
تذكر لنا الاحاديث والروايات المعصومية الشريفة ان للامام المهدي (ع) شبه من جده رسول الله (ص) حيث وردت الكثير من الاحاديث المروية عن رسول الله (ص) والتي نصت في أغلبها على قول : ( اسمه اسمي وكنيته كنيتي وهو أشبه الناس بي خَلقاً وخُلقاً ) وما الى ذلك من الاحاديث والروايات ، أما بشأن اليماني فقد ورد انه أشبه الناس بعيسى بن مريم فقد جاء في الرواية الواردة في اثبات الهداة ج3 نقلها الحر العاملي حيث ورد فيها : ( ان القائم المهدي من ولد علي عليه السلام اشبه الناس بعيسى بن مريم خَلقاً وخُلقاَ وسمتاً وهيباً ) . كما ان هناك الكثير من الروايات التي تبين ان اليماني مربوع اي ليس بالطويل ولا بالقصير كما انه ابيض الوجه وشعره يسيل على منكبيه وانه مسترسل الشعر وهذه كلها صفات عيسى بن مريم عليه السلام ، فاليماني هو شبيه عيسى في آخر الزمان ومن اراد المزيد من المعلومات في مسألة الشبه فليراجع موضوع اليماني أشبه الناس بعيسى بن مريم الذي نشر في العدد (27) من الصفحة الثالثة.
وبهذا يتبين لنا الشبه الكبير بين حركة السيد المسيح وحركة المهدي في آخر الزمان .
تعليق