إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سُنة عبادة الاصنام /الحلقة الثانية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سُنة عبادة الاصنام /الحلقة الثانية

    إن هذه الأصنام هي مما يبتلي به القائم من آل محمد ﴿عليه السلام﴾ قبيل وعند قيامه المقدس مما يراه من الناس وتكالبهم على عبادة مثل تلكم الأصنام .
    ومما يؤكد وجود هذه الأوثان في زمن الظهور بل قبله بازمان هو ما ورد في زيارة صاحب الزمان ﴿عليه السلام﴾ : ﴿ وأقم بسلطانه كل سلطان ، واقمع به عبدة الأوثان ، وشرف به أهل القرآن والإيمان ﴾﴿ ﴾
    وجاء أيضاً عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله ﴿عليه السلام﴾ : ﴿لينصرن الله هذا الأمر بمن لا خلاق له ولو قد جاء أمرنا لقد خرج منه من هو اليوم مقيم على عبادة الأوثان﴾﴿ ﴾
    وقد علق العلامة المجلسي على هذه الرواية قائلاً : ﴿لعل المراد أن أكثر أعوان الحق وأنصار التشيع في هذا اليوم جماعة لا نصيب لهم في الدين ولو ظهر الأمر وخرج القائم يخرج من هذا الدين من يعلم الناس أنه كان مقيما على عبادة الأوثان حقيقة أو مجازا وكان الناس يحسبونه مؤمنا...﴾ ﴿ ﴾
    إن عبادة الأوثان تطلق تارة على الحقيقة وتارة على المجاز والحقيقة قد عرفناها وهي عبادة الصنم الحجري أو غيره مما صنعه الإنسان أما المجاز فإنه يطلق على من يتخذ الأوثان بأشكالها الجديدة التي إستحدثها إبليس ﴿عليه اللعنة﴾ وستكون هذه الأصنام الجديدة هي المانع الأول من نصرة القائم ﴿عليه السلام﴾ مع العلم بأن أتباعهم من أشد الناس حرصاً على نصرة المهدي ﴿عليه السلام﴾ إلا أن تلكم الأصنام ستمنعهم من النصرة ولذلك قال الإمام ﴿عليه السلام﴾ بأنه سيخرج من أمره عبدة الأوثان وبالحقيقة أنهم كانوا يتصورون بأنهم داخل الأمر إلا أنهم سيخرجون من أمر القائم ﴿عليه السلام﴾ حين ظهوره بسبب طاعتهم ومودتهم لتلكم الأصنام التي ستكون في معسكر الضد .
    إن مسألة عبادة البشر من المسائل التي حذرنا منها أئمة أهل البيت ﴿عليهم السلام﴾ وفي أكثر من خبر منها ما جاء عن الإمام الصادق ﴿عليه السلام﴾ أنه قال : ﴿ من أجاب ناطقا فقد عبده ، فإن كان الناطق عن الله تعالى فقد عبد الله ، وإن كان الناطق عن الشيطان فقد عبد الشيطان﴾﴿ ﴾ .
    إن مسألة الإصغاء إلى أقوال الرجال دون التحقق من كلامهم هي عبادة بحد ذاتها وقد أمرنا أهل البيت ﴿عليهم السلام﴾ بأجتنابها إلا إننا ومع شديد الاسف قد أعرضنا عن أوامر أهل البيت ﴿عليهم السلام﴾ مما جعل هذا المرض يتأصل فينا حتى أصبحت أصنام هذا الزمان أشد فتكاً بعقولنا من أصنام السابقين .
    لو عدنا إلى أصل العبادة سواءً أكانت لله عز وجل أو للأصنام على اختلاف أنواعها لوجدنا أن الإنسان مجبول على العبودية وهي فطرة الله التي فطر الناس عليها والعلة في إيجادهم وعليه فإن الإنسان في كل زمان ومكان وعلى كل حال تنزع نفسه إلى العبادة وإلى التعلق بذات مقدسة، سيما أنها السبب وراء إيجاده وإيجاد هذا الكون كله وأنه لا ينفك عن الحاجة إليها واستغاثتها والاستعانة بها في الملمات وهذا ما تشترك به البشرية مشركها ومسلمها، برها وفاجرها .
    ففي رواية أن رجلاً جاء إلى الإمام الصادق ﴿عليه السلام﴾ وسألة قائلاً : ﴿يا أبن رسول الله دلني على الله ما هو ؟ فقد أكثر علي المجادلون وحيروني .
    فقال ﴿عليه السلام﴾ : يا عبد الله هل ركبت سفينة قط ؟
    قال : نعم .
    قال ﴿عليه السلام﴾ : فهل كسر بك حيث لا سفينة تنجيك ولا سباحة تغنيك؟
    قال : نعم .
    قال ﴿عليه السلام﴾ : فهل تعلق قلبك هنالك أن شيئاً من الأشياء قادر على أن يخلصك من ورطتك ؟
    فقال : نعم .
    قال الصادق ﴿عليه السلام﴾ : فذلك الشيء هو الله القادر على الانجاء حيث لا منجي وعلى الإغاثة حيث لا مغيث ﴾﴿ ﴾
    إن الحاجة إلى المغيث والمنجي حاجة يشترك في إحتياجها حتى الملاحدة الذين لا يؤمنون بوجود الله عز وجل ويعزون هذا الكون وخلقه إلى صنع الطبيعة وغيرها، لكن إذا ما أحسوا بخطر ما فإنه يتعلق قلبهم بشيء أقوى من الطبيعة وذلك هو الله عز وجل لأنهم في هذه الحالة قد أحسوا بفطرتهم التي فطروا عليها.
    إلا أن أغلب الناس ميالون بطبعهم إلى الملموسات دون المحسوسات وينظرون إلى الأشياء نظرة مادية صرفة مما جعلهم يقعون في مفارقة كانت سبباً مباشراً لأغواء إبليس ﴿عليه اللعنة﴾ في إتخاذهم الأصنام وعبادتها لذا نجد بني البشر وعلى مر العصور ما كفوا عن مطالبة أنبيائهم أن يجعلونهم يرون الله عز وجل لتطمئن قلوبهم ويركنوا إلى عبادته على إعتبار إنهم سيشاهدوه بأم أعينهم ويصبح أمرا واقعاً لديهم وهذا مما زينه لهم إبليس ﴿عليه اللعنة﴾ وقد ذكر
    القرآن الكريم الكثير من الشواهد على حصول مثل تلك الحالة في الأمم والأقوام الغابرة ، من ذلك طلب بني إسرائيل لنبي الله موسى ﴿عليه السلام﴾ إن يريهم ربه وهو قول الله تعالى : ﴿يَسْأَلُكَ أهل الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآَتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا﴾﴿ ﴾
    إن نظرية أهل البيت ﴿عليهم السلام﴾ قائمة على أساس أن للإنسان جانب مادي وجانب روحي، فعلى الإنسان والحال هذه أن ينظر إلى الله عز وجل بقلبه وفكره لا بعينه المجردة وأن ما يرى في تلك العين المجردة هي مصاديق ودلائل على وجود الله سبحانه وتعالى .
    إن هذه النظرية أكد عليها أهل البيت ﴿عليهم السلام﴾ ودأبوا على تربية الناس عليها وعلى ذات النسق من التربية التي رباهم الله عز وجل عليها فقد جاء عن أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ أنه قال : ﴿... لا تدركه العيون بمشاهدة العيان ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان﴾﴿ ﴾ . لذا وجب على الإنسان الأخذ بهذه النظرية وإلا وقع في المحذور من الركون إلى عبادة الأصنام حجرية كانت أم بشرية أم غيرها من دون الله عزوجل مما لا يضرهم ولا ينفعهم في شيء وذلك لأن أساس كل شيء معرفته ، وإنما يعبد الله من عرف الله فأما من لا يعرفه فكأنما يعبد غيره .
    وفلسفة عبادة الأصنام منذ فجر التأريخ إلى يومنا هذا قائمة على ثلاث أنواع أو ثلاث اتجاهات وكان الناس فيها مختلفين فمنهم من عبد الأصنام خالصة من دون الله كما هو الحال في بعض الأمم والأقوام السابقة وهو الصنف الأول ، أما الصنف الثاني فَهُم من يجعل الأصنام مشاركة للبارئ تعالى ذكره وتطلق عليها لفظ الشريك ومن ذلك قولهم في التلبية : ﴿ لبيك اللهم لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك﴾ .
    أما الصنف الثالث فَهُم من لا يطلق على الأصنام لفظ الشريك بل يجعلونها وسائل وذرائع إلى الخالق سبحانه وأنهم ما يعبدوها إلا لتقربهم إلى الله زلفى قال تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إلى اللَّهِ زُلْفَى﴾﴿ ﴾
    والصنف الثالث هو الأخطر على بني البشر وهو ما أبتلي به زماننا مثلما أبتلي به زمان من تقدمنا من الناس إذ أن الناس صاروا يعبدون أصناماً مدعين أنهم يقربونهم إلى الله وهذه الأصنام ستحارب الإمام المهدي ﴿عليه السلام﴾ عند قيامه الشريف بل سيلاقي منهم اشد مما لاقى رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليم﴾ لأن هذه الأصنام كما قلنا لها ألسن تتكلم وسوف تستغل هذه الصفة لتتأول على الإمام ﴿عليه السلام﴾ الكتاب ويقاتلونه عليه فقد جاء عن أبي عبد الله ﴿عليه السلام﴾ انه قال : ﴿إن القائم ﴿عليه السلام﴾ يلقى في حربه ما لم يلق رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ ، لأن رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ أتاهم وهم يعبدون الحجارة المنقورة والخشبة المنحوتة ، وإن القائم يخرجون عليه فيتأولون عليه كتاب الله ويقاتلون عليه ﴾﴿ ﴾.
    ومن المعروف إن مسألة تأويل الكتاب ليست من المسائل التي في أيدي جميع الناس بل أن هنالك فئة من المجتمع تكون قادرة على تأويل الكتاب بما ينسجم مع آرائهم العقلية التي استنبطوها بعقولهم القاصرة وزين لهم حسنها إبليس اللعين وهؤلاء المستنبطون سيكونون ناطقين عن لسان إبليس ﴿عليه اللعنة﴾ وبهذا نفهم بأن الإصغاء لهؤلاء سيكون بمثابة العبادة لهم كما قال الإمام الصادق ﴿عليه السلام﴾ : ﴿ من أجاب ناطقا فقد عبده ، فإن كان الناطق عن الله تعالى فقد عبد الله ، وإن كان الناطق عن الشيطان فقد عبد الشيطان ﴾﴿ ﴾
    إن هذه الأصنام الجديدة القديمة التي استحدثها إبليس ﴿عليه اللعنة﴾ مع اليهود والنصارى عاد لاستعمالها مع المسلمين تارة أخرى وأستطاع بها أبعاد الناس عن عبادة الله عزوجل وأنساهم بها ذكر ربهم وعبادته وجعلهم يعبدونها ويقلدونها وهذا هو الضلال المبين . وسيستخدم إبليس ﴿عليه اللعنة﴾ هذه الأصنام التي عدها منذ سنين لمحاربة المهدي من آل محمد ﴿عليه السلام﴾ وسيبذل كل ما لديه من الطاقات لمحاربة ذلك اليوم الموعود وهو يعلم كل العلم أن نهايته فيه ولذلك فهو يبذل كل ما لديه لتأخير هذا اليوم قدر المستطاع .
    (... القائم المهدي من ولد علي اشبه الناس بعيسى بن مريم خلقاً وخُلقاً وسمتاً وهيبةً ...)
يعمل...
X