إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بني العباس وموقفهم من المهدي (عليه السلام)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بني العباس وموقفهم من المهدي (عليه السلام)

    منقول من موسوعة القائم ( من فكر السيد أبي عبد الله الحسين القحطاني)




    بني العباس وموقفهم من المهدي (عليه السلام)
    إن المتتبع للتاريخ يجد أن هناك عدة شرائح وفئات من قريش وقفت بوجه الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ، فهناك عبد الدار ومخزوم وسليم وغيرهم هذا فضلاً عن العدو الرئيسي والذي أخذ قيادة الحرب على عاتقه والممثل بخط أبو سفيان وبنو أمية.
    وهذه الحالة كلها ستنطبق على دعوة الإمام (عليه السلام) من حيث معاداة قريش آخر الزمان لها، فإنهم سيكونون أعداءاً للإمام المهدي (عليه السلام) وأنصاره هم من بني فاطمة الزهراء (عليها السلام).
    ولكن يوجد إلى جانبهم أعداء آخرين للدعوة المهدوية ومتمثلين ببني العباس هذه المرة الذين ينتسبون إلى العباس بن عبد المطلب بن هاشم والذين يرجعون نسباً إلى قريش أيضاً، حيث أكدت جملة من الروايات الواردة عن طريق أهل البيت (عليهم السلام) والتي تؤكد على وجودهم في الكوفة في آخر الزمان بأنهم سوف يحكمون العراق قبيل قيام الإمام المهدي (عليه السلام) وسيقومون بمحاربة دعوة الإمام (عليه السلام) كما سيأتينا ذلك لاحقاً وبشكل مفصل، إلا أن دولتهم وحكومتهم سوف تهلك وتنتهي على يد اليماني والسفياني.
    أما الدليل على وجودهم في آخر الزمان وفي الكوفة تحديداً، فهو قول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) عنهم: (إذا رأيتم الرايات السود فألزموا الأرض ولا تحركوا أيديكم ولا أرجلكم ثم يظهر قوم صغار لا يؤبه لهم قلوب كزبر الحديد أصحاب دولة لا يفون بعهد ولا ميثاق يدعون إلى الحق وليسوا من أهله أسمائهم الكنى ونسبهم الغري ...)( ).
    ومن الواضح أن المراد بالرايات السود هنا هي رايات بني العباس التي تدخل العراق من خراسان وكما فعل أجدادهم من بني العباس من قبل، وهي بطبيعة الحال تختلف عن الرايات السود التابعة للإمام المهدي (عليه السلام)، لأن الأولى لعنها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وحثّ على عدم نصرتها، أما الثانية فندب أهل البيت (عليهم السلام) الناس إلى نصرتها.
    كما نجد أن النص يشير هنا بصراحة إلى وجود أصول بني العباس من قريش وسكنهم الكوفة والتي تبدأ منها النواة الأولى لحكمهم قبل انتقالهم إلى بغداد، وكما هو الحال مع أجدادهم من بني العباس الذين كان مبدأ حكمهم في الهاشمية قرب الكوفة ثم بعد ذلك انتقلوا إلى بغداد.
    والدليل على ذلك هو تخصيص الإمام علي (عليه السلام) للغري وبأنه المكان الذي منه أصولهم، وهذا يعني أنهم سيحكمون من الناحية الفعلية في مدينة أخرى، سيما وإنه ذكر في البدء أنهم أصحاب دولة وحكومة ولكنه لم يحدد مكانها بالاسم، لكنه أشار إليه بالرمز من حيث التشابه بين دولتي بني العباس في أول الزمان وآخره في الشكل والمضمون والمكان( ).
    ويتبين لنا بشكل جلي من خلال الرواية الآنفة الذكر أن نسب بني العباس ومسقط رؤوسهم في آخر الزمان هو الغري (النجف الأشرف) والذي يعني الكوفة بطبيعة الحال لأننا قلنا أن الجزء عادة يطلق على الكل، وهذا أمر طبيعي لأننا سبق وأن ذكرنا أن جل سادة بني هاشم من قريش هم ممن يسكنون الكوفة التي تشمل النجف الأشرف أيضاً.
    بيد أن مكان حكم بني العباس قبيل قيام القائم من الناحية السياسية سيكون في بغداد لأمرين: الأول أنه يجب أن تكون بغداد هي عاصمة لهم وذلك من باب التقابل بينهم وبين بني العباس الذين حكموا في سنة 132 هـ .
    والأمر الثاني: أن بغداد وحسب مقتضى الحال ستكون عاصمة لبني العباس قبيل قيام الإمام المهدي (عليه السلام) لأنها هي عاصمة العراق حينئذ.
    لكن هذا كله لا يعني أن نغفل دور الكوفة حيث أن حكم بني العباس القرشيين من الناحية الدينية سيكون مرتكزاً عل الكوفة التي هي مهد الشيعة كما قلنا على اعتبار أنهم يعودون لها نسباً، ولهم مكانة دينية وعلمية متميزة فيها كما هو الحال مع سادة الكوفة اليوم.
    فقد جاء في الرواية الواردة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) والتي يوضح فيها حال زوار الإمام أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) بعد انقضاء مدة ملك بني مروان وذلك في أيام دولة بني العباس التي تتبعها مباشرة من الناحية التاريخية أنه قال: (كأني بالقصور قد شيدت حول قبر الحسين، وكأني بالمحامل تخرج من الكوفة إلى قبر الحسين، ولا تذهب الليالي والأيام حتى يسار إليه من الآفاق عند انقطاع ملك بني مروان )( ).
    وهذا بالفعل ما حصل حيث توافد ملايين الزائرين من شتى بقاع العالم المختلفة لزيارة قبر سيد الشهداء الحسين بن علي (عليه السلام) وعلى مرأى ومسمع العالم أجمع.
    ثم إنه ورد ما يؤكد أن حكم قريش في آخر الزمان والممثلين بحكم العباسيين يكون قبيل قيام الإمام المهدي (عليه السلام)، وهذا بدوره يؤكد على تواجد القريشيون في آخر الزمان في الكوفة من العباسيين.
    حيث روي عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) إن أحد أصحابه سأله:
    ( حكيت عن أبيك أن انقضاء ملك فلان على رأس فلان وفلان، ليس لبني فلان سلطان بعدهما، قال: قلت ذلك لك، فقلت أصلحك الله إذا انقضى ملكهم يملك أحد من قريش يستقيم عليه الأمر؟ قال: لا، قلت: يكون ماذا؟ قال: يكون الذي تقول أنت وأصحابك، قلت: تعني خروج السفياني، فقال: لا، فقلت: فقيام القائم، قال: يفعل الله ما يشاء )( ) .
    ولعل الرواية واضحة ولا تحتاج إلى التعليق من حيث حكم بني العباس المذكورين باسم آل فلان والذين لا يحكم أحد بعدهم من قريش حتى قيام القائم (عليه السلام) التي تكون دعوته إبان حكمهم قد ظهرت بواسطة السيد اليماني الذي سيسقط حكمهم ويقضي عليهم هو والسفياني معاً .
    فلهذا نجد أن الإمام الرضا (عليه السلام) عندما سأله السائل هل يحكم بعد بني فلان أي بني العباس من قريش أحد فأجابه بـ (لا) وحينما سأله هل يكون بعدهم خروج السفياني أجابه بالنفي أيضاً، وذلك لأن السفياني كان ظاهراً أيام حكمهم أيضاً ثم إنه بعد خروجه سيعمل على القضاء عليهم وذلك عند دخوله العراق وسيطرته على الكوفة والتي هي أحد مراكز ومعاقل حكمهم.
    وقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (إذا هدم حائط مسجد الكوفة من مؤخره مما يلي دار عبد الله بن مسعود، فعند ذلك زوال ملك بني فلان، أما أن هادمه لا يبنيه )( ).
    وسيكون ذلك علامة على زوال ملكهم، بدليل قول الرواية زوال ملك بني فلان، وقد ورد عن أهل البيت (عليهم السلام) إن لفظة بني فلان تعني بني العباس، حيث أن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) كانوا يستخدمون ذلك اللفظ للتنويه عنهم أي بني العباس وذلك بسبب التقية كما هو معلوم.
    فيتضح لنا من كل ما تقدم أنه يوجد هناك في الكوفة قريش آخر الزمان الذين من جملتهم هذه المرة بني العباس وسيقومون بمعاداة وتكذيب ومحاربة دعوة الإمام المهدي سواءً كان هؤلاء ممن ينتسبون فعلاً لبني العباس أو أن أفعالهم تشبه أفعال أولئك، وذلك من خلال السياسة التي يتبعونها والتي تدعو بالظاهر إلى الحق والدين وموالاة أهل البيت (عليهم السلام)، إلا فإنهم في الحقيقة براء من كل ذلك وكما صرح بذلك الإمام علي (عليه السلام) :
    ( إذا رأيتم الرايات السود فالزموا الأرض ... ثم يظهر قوم ... أصحاب دولة لا يفون بعهد ولا ميثاق، يدعون إلى الحق وليسوا من أهله ...)( ).
    إذن يجب علينا وعلى كل جماعة من المؤمنين بقضية الإمام المهدي (روحي له الفداء) المنتظرين لأمره أن ينتبهوا إلى أعداء المهدي المنتظر الذي يتزيون بزي الدين ويخدعون الناس به، ولكنهم في حقيقة الأمر لا يخدعون إلا أنفسهم التي تسير بهم إلى حافة الهلاك بقيام القائم (عليه السلام) .
    فيجب علينا أن نميز ونفرق بين الرايات السود الحقة والمتملثة بدعوة الإمام (عليه السلام) وبين رايات الضلالة المتملثة برايات بني العباس السود أيضاً ومن لف لفيفهم من أعداء الله والرسول والأئمة المعصومين (عليهم السلام).
    إدع الى سبيل ربك بالحكمة والموعضة الحسنة
يعمل...
X