التمويه على صاحب الرايات السود خوفا من أعداءه
العدو الأول : فقهاء السوء ( أبناء فاطمة )
إن بني فاطمة (الفقهاء) سيستغلون ضعف وقلة عدد انصار الدعوة المهدية عند اعلانها فيحاولون وئدها وطمسها كما فعل سادة قريش مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) عند اعلان دعوته من اجتماع كلمتهم على مقاطعته ومنابذته بل وقتله , فكذلك سيفعل بني فاطمة (فقهاء السوء).
لكن الله سبحانه سينصر الداعي كما انتصر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وسيأتي فاتحاً للعراق قادماً من خراسان بجيش جرار كما جاء رسول الله فاتحاً مكة بجيش جرار لا طاقة بمنازلته فخضعوا له ليس ايماناً بل ضعفاً وجبناً , وسيفعل بني فاطمة ( فقهاء السوء ) مع الداعي عند دخوله العراق فاتحاً نفس الأمر الذي فعله قريش اول الزمان عند فتحه لمكة قادماً من المدينة .
وقد أشار الإمام الباقر (عليه السلام) إلى هذا الأمر بقوله: ( فأول أرض تخرب أرض الشام ثم يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات : راية الاصهب وراية الابقع وراية السفياني فيلتقي السفياني بالابقع فيقتتلون فيقتله السفياني ومن تبعه ثم يقتل الاصهب ثم لا يكون له همة إلا الاقبال نحو العراق ويمر جيشه بقرقيسياء فيقتتلون بها فيقتل بها من الجبارين مائة ألف ويبعث السفياني جيشا إلى الكوفة وعدتهم سبعون ألفا فيصيبون من أهل الكوفة قتلا وصلبا وسبيا فبيناهم كذلك إذ أقبلت رايات من قبل خراسان وتطوي المنازل طيا حثيثاً ومعهم نفر من أصحاب القائم ثم يخرج رجل من موالي أهل الكوفة في ضعفاء فيقتله أمير جيش السفياني بين الحيرة والكوفة ويبعث السفياني بعثا إلى المدينة فينفر المهدي منها إلى مكة فيبلغ أمير جيش السفياني إن المهدي قد خرج إلى مكة فيبعث جيشا على أثره فلا يدركه حتى يدخل مكة خائفا يترقب على سنة موسى بن عمران (عليه السلام)( - الغيبة للنعماني ص 280).
في هذه الرواية يأتي السفياني بعد ان ينهي الصراع الدائر في سوريا ويسيطر على الشامات الخمسة ويتوجه إلى العراق , فيقتل ويصلب ويسبي من أهل الكوفة وبعد ان يسبيها ثلاثة ايام يدخل صاحب الرايات السود بجيشه فيسحق السفيانيين عن بكرة ابيهم , ثم يتوجه إلى فقهاء السوء الذين حاربوا دعوته عند انطلاقها, فيحاسبهم حساباً عسيراً لا ينتهي الا بقتلهم.
والطامة الكبرى ليس في حقد فقهاء الكوفة على وزير الإمام المهدي (عليه السلام) بل الطامة انك اذا عرفت ان فقهاء النجف والكوفة سيتحالفون مع السفياني السفاح ضد صاحب الرايات السود.
فصاحب الرايات السود اليماني الموعود قبل سيطرته على العراق وقبل تصفيته للسفياني وجيشه سيفاجأ بالشيعة وفقهائهم وهم قد بايعوا السفياني بغضاً له , والروايات الشريفة أكدت على هذا الأمر
لكن إذا ما راجعنا روايات الأئمة (عليهم السلام) الخاصة بالسفياني ودخوله للكوفة سيتبدد الاستغراب والتعجب من سكوت فقهاء الكوفة عن جرائم السفياني بحق الشيعة في الكوفة ، لان الأئمة (عليهم السلام) قد بينوا سبب سكوت كل مراجع الكوفة والنجف عن جرائم السفياني بحق الشيعة في رواياتهم , وسوف تستغرب اخي القارئ ليس من سكوت المراجع عن جرائم السفياني بحق الشيعة بل سيشيب رأسك اذا عرفت ان هذا السكوت مقصود من قبل الفقهاء وما هو الا نتيجة تحالف بين الفقهاء والسفياني , لأجل القضاء على وزير الإمام المهدي (عليه السلام) صاحب الرايات السود عند وصوله للكوفة ،لأن السفياني من الممكن ان يصفح عمن يبايعه بغض النظر عن منهجه وعقيدته السابقة على خلاف ما هو عليه وزير الإمام الذي لا يهادن ولا يقبل توبة الخائنين، فالفقهاء يرون أن السفياني اقل شراً من صاحب الرايات السود عليهم , بل لا شر للسفياني عليهم لان السفياني لا يزاحمهم على قيادة عوام الشيعة أو يزاحمهم على الخمس والقدسية التي حصلوا عليها بعد غيبة الإمام المهدي (عليه السلام) , وذلك ان السفياني من المخالفين ولا يمثل اي خطر على عروشهم , وحسب المعتقد الشيعي لا يجوز تقليد النواصب في الدين , بل الفقيه الذي يجب تقليده يجب ان يكون معتنق المذهب الشيعي , فعلى هذا الاساس يكون السفياني اقرب للفقهاء من الإمام المهدي ووزيره .
والروايات اكدت بأن الإمام المهدي ووزيره سيقتلون الفقهاء في النجف وكربلاء كما جاء في كتاب ( نور الأنوار المجلد الثالث ص- 345- ) ما نصه : ( فإذا خرج القائم من كربلاء واراد النجف والناس حوله قتل بين الكربلاء والنجف ستة عشر الف فقيه فيقول الذين حوله من المنافقين أنه ليس من ولد فاطمة والا لرحمهم فإذا دخل النجف وبات فيه ليلة واحدة فخرج منه من باب النخيلة محاذى قبر هود وصالح استقبله سبعون الف رجل من أهل الكوفة يريدون قتله فقتلهم جميعا فلا ينجى منهم احد ) .
ودخول صاحب الرايات السود للكوفة قبل دخول الإمام , ويمكث صاحب الرايات السود في الكوفة حتى قيام الإمام المهدي (عليه السلام) , فاذا قام الإمام بعث اليه بالبيعة وهذا ما بينه الإمام الباقر عليه السلام حيث قال : ( تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان (إلى) الكوفة ، فإذا ظهر المهدي بعثت له بالبيعة )( - بحار الانوار ج52 ص217 ).
وبعد ان ينهي صاحب الرايات السود معركته مع السفياني ويسحق فلول السفيانيين , يتوجه إلى فقهاء الكوفة والنجف ليحاسبهم على تحالفهم مع السفياني وسكوتهم على جرائمه بحق الشيعة المستضعفين الذين مثل السفياني بهم وبقر بطون نسائهم وقذف اطفالهم في قدور من الزيت الحار كما وصف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) هذه الجريمة بقوله : ( يخرج رجل يقال له السفياني " إلى قوله " فيقتل حتى يبقر بطون النساء ويقتل الصبيان )( - المستدرك - الحاكم النيسابوري - ج 4 - ص 520).
وهناك روايات كثيرة تحدثت عن جرائم السفياني بالكوفة منها قتله لكل من اسمه على وفاطمة وحسن وحسين بغضاً وحنقاً لأهل البيت (عليهم السلام) ومن أراد الاطلاع على كافة جرائمه في الكوفة فليرجع إلى الكتب المختصة بحركة السفياني الملعون
وهذه صورة أخرى يرسمها الإمام السجاد (عليه السلام) يبين فيها سكوت فقهاء الكوفة والنجف عن جرائم السفياني , بل يبين الإمام السجاد أنهم واتباعهم سيبايعون السفياني علناً دون حياء أو خجل فقد جاء عنه (عليه السلام) أنه قال: ( ثم يسير (اي القائم ) حتى ينتهي إلى القادسية، وقد اجتمع الناس بالكوفة وبايعوا السفياني )( - بحار الأنوار ج52 ص387
والبيعة هنا ليس المقصود منها البيعة المتعارف عليها في الازمنة الغابرة من ضرب اليد على اليد, بل البيعة عبارة عن ولاء ورضا أهل الكوفة بالحاكم الجديد للعراق ( السفياني ) فالرضا بحكم شخص يعتبر بيعة له , وأهل الكوفة سيجمعون بمباركة فقهاءهم على الرضا بحكم السفياني بعد ان اسقط الحكومة العراقية (بني العباس) , وهذا الاجتماع النادر للشيعة الكوفيين لا يكون إلا باجتماع المراجع واصدارهم فتوى موحدة بالتسليم لحكم السفياني ، وعلى اثر الفتوى يبايع الكوفيين السفياني , والشيعة الكوفيين لا يمكنهم ان يجمعوا على بيعة للسفياني دون الرجوع إلى فقهاءهم ,لان المعروف عن الشيعة أنهم يأتمرون بأمر المرجعية الدينية .
وفي رواية أخرى اكد الإمام الصادق (عليه السلام) ما قاله الإمام السجاد (عليه السلام) عن مبايعة شيعة الكوفة والنجف للسفياني فقد جاء عنه (عليه السلام) أنه قال: ( يقدم القائم حتى يأتي النجف فيخرج إليه من الكوفة جيش السفياني وأصحابه والناس معه وذلك يوم الأربعاء فيدعوهم ويناشدهم حقه إلى أن قال : فيقولون : ارجع من حيث شئت لا حاجة لنا فيك قد خبرناكم واختبرناكم )( - بحار الانوار ج52 ص366). ).
لو نظرنا إلى الحديثين لوجدنا أن الإمامين ركزا على عدة أمور مهمة , الأمر الأول والمهم هو أن السفياني سوف لا يجد اي معارضة لاحتلاله العراق , بل على العكس سيجد الطاعة والولاء من قبل فقهاء الكوفة واتباعهم , والأمر الثاني هو أن السفياني والفقهاء سيتحالفون معا لحرب الإمام عند دخوله الكوفة وهذا واضح في كلام الإمام الصادق (عليه السلام) ( يقدم القائم حتى يأتي النجف فيخرج إليه من الكوفة جيش السفياني وأصحابه والناس معه ) فالناس سيخرجون مع السفياني لمقابلة الإمام عند مجيئه , وسيقول الفقهاء كلمتهم الشهيرة (فيدعوهم ويناشدهم حقه إلى أن قال : فيقولون : إرجع من حيث شئت لا حاجة لنا فيك) وصاحب هذه المقولة ليس مقلدة الفقهاء بل الفقهاء انفسهم من سيقولون للقائم ارجع , وقولهم هذا يعتبر اعلان امام العالم أنهم اختاروا السفياني حاكماً وولياً دون الإمام المهدي (عليه السلام) , والأئمة (عليهم السلام) ذكروا هذه المقولة (ارجع من حيث شئت لا حاجة لنا فيك ) وذكروا من هو قائلها وذكروا بعض صفاتهم فقد ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: ( إذا قام القائم سار إلى الكوفة فيخرج منها بضعة عشر آلاف أنفس يدعون البترية عليهم السلاح ، فيقولون له: إرجع من حيث جئت فلا حاجة لنا في بني فاطمة ، فيضع فيهم السيف حتى يأتي على آخرهم . ثم يدخل الكوفة فيقتل كل منافق مرتاب ، ويقتل مقاتليها حتى يرضى الله عز وعلا )( - بحار الأنوار ج52 ص338).
واصحاب هذه المقولة الشهيرة هم نفس المجموعة التي ذكرها الإمام الصادق (عليه السلام) بقوله (يقدم القائم حتى يأتي النجف فيخرج إليه من الكوفة جيش السفياني وأصحابه والناس معه وذلك يوم الأربعاء فيدعوهم ويناشدهم حقه إلى أن قال : فيقولون : إرجع من حيث شئت لاحاجة لنا فيك قد خبرناكم واختبرناكم ).
فهؤلاء الفقهاء سيخرجون مع السفياني لمواجهة وزير الإمام المهدي (عليه السلام) عند دخوله الكوفة , وسبب تسمية الإمام لهم بالبترية لأنهم بتروا اعتقادهم بالإمام المهدي, فالبتري صفة لمن يؤمن بإمام ويجحد إمامة آخر , والبترية فرق قديمة متعددة انقرضت منذ زمن بعيد كانوا في زمان الأئمة (عليهم السلام) , فمنهم من اعتقد بإمامة محمد ابن الحنفية ولم يؤمن بإمامة الإمام السجاد فهم يسمون بالبترية وايضاً الفرقة التي اعتقدت بإمامه الصادق وجحدت امامة الإمام الكاظم عليهما السلام , فهم ايضاً يسمون بترية . وسيتجدد ظهور هذه الفرقة حينما يبتر الكثير من الشيعة اعتقادهم بالإمام المهدي (عليه السلام).
ولا يوجد اليوم في العالم فرقة تؤمن باثنا عشر امام الا الشيعة , لان السنة لا يؤمنون بالأئمة جميعهم , حتى الزيدية لا ينطبق عليهم هذا الأمر لأنه لا وجود لهم في العراق والكوفة تحديدا ، فقسم كبير من شيعة العراق سيبترون اعتقادهم بالإمام المهدي (عليه السلام) وبترهم للإعتقاد لن يكون في فكرة المهدي بل في مصادق المهدي فينكرون الإمام نفسه ويجحدون وينقلبون على اعقابهم .
والأمر الآخر المهم الذي اراد الإمامان (عليهما السلام) إيصاله إلى الناس في آخر الزمان هو ان هذا المصير المأساوي لهذه الفئة من الشيعة كان سببه التقليد الاعمى لفقهائهم , فلولا تقليد الفقهاء لما بايعوا السفياني ولا حاربوا امامهم (عليه السلام).
وخوف الأئمة (عليهم السلام) على شيعتهم في آخر الزمان دفعهم إلى كثرة التحذير من تقليد الفقهاء , فلا تجد كتاب من كتب الحديث الا وجعل مصنفوا هذه الكتب باباً منفرداً خاصاً بالروايات التي تنهى عن التقليد لغير المعصوم , لكن فقهاء السوء حاولوا على مدى الاعصار حجب هذه الروايات عن الشيعة خوفاً من ان يطلعوا عليها ويعرفوا ان ائمتهم (عليهم السلام) نهوا عن تقليد الفقهاء.
اما السبب الحقيقي الذي دفع فقهاء النجف السكوت عن جرائم السفياني والوقوف معه ضد الإمام المهدي (عليه السلام), الخوف على مصالحهم الدنيوية المتمثلة بمنصب المرجع وما يترتب على الجلوس على هذا المنصب من قداسة واموال واحترام من قبل عوام كل الشيعة ، فوصول صاحب الرايات السود إلى النجف معناه ذهاب كل شيء عند الفقهاء فلا اموال ولا قداسة واحترام ولا مكانة بين الشيعة اذا استلم وزير الإمام القيادة في العراق.
وبعد ان يصفي الوزير فقهاء السوء مع امامهم السفياني , يخرج مقلدي هؤلاء الفقهاء لحرب الوزير ثأراً لمقتل سبعين فقيهاً من فقهائهم , فقد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: ( ثم يتوجه إلى الكوفة فينزل بها ، ويبهرج دماء سبعين قبيلة من قبائل العرب)( غيبة الطوسي ص284). ، وعلق الشيخ علي الكوراني على هذه الرواية قائلاً: ( أي يهدر دماء من التحق من هذه القبائل بأعدائه والخوارج عليه ).
فالفقهاء في واقع الأمر هم سبب تفرقة الامة وتناحرها لذلك حينما يقضي الإمام عليهم ستزول اسباب الفرقة والتناحر فقد جاء عن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال: ( يا مالك بن ضمرة، كيف بك إذا اختلف الشيعة هكذا – وشبك أصابعه وأدخل بعضها في بعض -؟ فقلت: يا أمير المؤمنين ما عند ذلك من خير. قال: الخير كله عند ذلك، يا مالك عند ذلك يقوم قائمنا فيقدم سبعين رجلاً يكذبون على الله وعلى رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) فيقتلهم، ثم يجمعهم الله على أمر واحد )( - غيبة النعماني ص214).
فالسبعين هم قادة الشيعة قبل وصول وزير الإمام إلى النجف الذين يكونون مختلفين فيما بينهم ويسقط احدهم الآخر ليستأثر بكرسي الزعامة والاتباع فيختلف اتباعهم فيما بينهم اشد الاختلاف وما ان يضع الوزير قدمه في النجف حتى يجمع بقية الشيعة على أمر واحد وهذا لا يكون إلا بعد مقتل السبعين فقيه ومن سيتعصب لهم من اتباعهم.
يتبع لطفآ
العدو الأول : فقهاء السوء ( أبناء فاطمة )
إن بني فاطمة (الفقهاء) سيستغلون ضعف وقلة عدد انصار الدعوة المهدية عند اعلانها فيحاولون وئدها وطمسها كما فعل سادة قريش مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) عند اعلان دعوته من اجتماع كلمتهم على مقاطعته ومنابذته بل وقتله , فكذلك سيفعل بني فاطمة (فقهاء السوء).
لكن الله سبحانه سينصر الداعي كما انتصر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وسيأتي فاتحاً للعراق قادماً من خراسان بجيش جرار كما جاء رسول الله فاتحاً مكة بجيش جرار لا طاقة بمنازلته فخضعوا له ليس ايماناً بل ضعفاً وجبناً , وسيفعل بني فاطمة ( فقهاء السوء ) مع الداعي عند دخوله العراق فاتحاً نفس الأمر الذي فعله قريش اول الزمان عند فتحه لمكة قادماً من المدينة .
وقد أشار الإمام الباقر (عليه السلام) إلى هذا الأمر بقوله: ( فأول أرض تخرب أرض الشام ثم يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات : راية الاصهب وراية الابقع وراية السفياني فيلتقي السفياني بالابقع فيقتتلون فيقتله السفياني ومن تبعه ثم يقتل الاصهب ثم لا يكون له همة إلا الاقبال نحو العراق ويمر جيشه بقرقيسياء فيقتتلون بها فيقتل بها من الجبارين مائة ألف ويبعث السفياني جيشا إلى الكوفة وعدتهم سبعون ألفا فيصيبون من أهل الكوفة قتلا وصلبا وسبيا فبيناهم كذلك إذ أقبلت رايات من قبل خراسان وتطوي المنازل طيا حثيثاً ومعهم نفر من أصحاب القائم ثم يخرج رجل من موالي أهل الكوفة في ضعفاء فيقتله أمير جيش السفياني بين الحيرة والكوفة ويبعث السفياني بعثا إلى المدينة فينفر المهدي منها إلى مكة فيبلغ أمير جيش السفياني إن المهدي قد خرج إلى مكة فيبعث جيشا على أثره فلا يدركه حتى يدخل مكة خائفا يترقب على سنة موسى بن عمران (عليه السلام)( - الغيبة للنعماني ص 280).
في هذه الرواية يأتي السفياني بعد ان ينهي الصراع الدائر في سوريا ويسيطر على الشامات الخمسة ويتوجه إلى العراق , فيقتل ويصلب ويسبي من أهل الكوفة وبعد ان يسبيها ثلاثة ايام يدخل صاحب الرايات السود بجيشه فيسحق السفيانيين عن بكرة ابيهم , ثم يتوجه إلى فقهاء السوء الذين حاربوا دعوته عند انطلاقها, فيحاسبهم حساباً عسيراً لا ينتهي الا بقتلهم.
والطامة الكبرى ليس في حقد فقهاء الكوفة على وزير الإمام المهدي (عليه السلام) بل الطامة انك اذا عرفت ان فقهاء النجف والكوفة سيتحالفون مع السفياني السفاح ضد صاحب الرايات السود.
فصاحب الرايات السود اليماني الموعود قبل سيطرته على العراق وقبل تصفيته للسفياني وجيشه سيفاجأ بالشيعة وفقهائهم وهم قد بايعوا السفياني بغضاً له , والروايات الشريفة أكدت على هذا الأمر
لكن إذا ما راجعنا روايات الأئمة (عليهم السلام) الخاصة بالسفياني ودخوله للكوفة سيتبدد الاستغراب والتعجب من سكوت فقهاء الكوفة عن جرائم السفياني بحق الشيعة في الكوفة ، لان الأئمة (عليهم السلام) قد بينوا سبب سكوت كل مراجع الكوفة والنجف عن جرائم السفياني بحق الشيعة في رواياتهم , وسوف تستغرب اخي القارئ ليس من سكوت المراجع عن جرائم السفياني بحق الشيعة بل سيشيب رأسك اذا عرفت ان هذا السكوت مقصود من قبل الفقهاء وما هو الا نتيجة تحالف بين الفقهاء والسفياني , لأجل القضاء على وزير الإمام المهدي (عليه السلام) صاحب الرايات السود عند وصوله للكوفة ،لأن السفياني من الممكن ان يصفح عمن يبايعه بغض النظر عن منهجه وعقيدته السابقة على خلاف ما هو عليه وزير الإمام الذي لا يهادن ولا يقبل توبة الخائنين، فالفقهاء يرون أن السفياني اقل شراً من صاحب الرايات السود عليهم , بل لا شر للسفياني عليهم لان السفياني لا يزاحمهم على قيادة عوام الشيعة أو يزاحمهم على الخمس والقدسية التي حصلوا عليها بعد غيبة الإمام المهدي (عليه السلام) , وذلك ان السفياني من المخالفين ولا يمثل اي خطر على عروشهم , وحسب المعتقد الشيعي لا يجوز تقليد النواصب في الدين , بل الفقيه الذي يجب تقليده يجب ان يكون معتنق المذهب الشيعي , فعلى هذا الاساس يكون السفياني اقرب للفقهاء من الإمام المهدي ووزيره .
والروايات اكدت بأن الإمام المهدي ووزيره سيقتلون الفقهاء في النجف وكربلاء كما جاء في كتاب ( نور الأنوار المجلد الثالث ص- 345- ) ما نصه : ( فإذا خرج القائم من كربلاء واراد النجف والناس حوله قتل بين الكربلاء والنجف ستة عشر الف فقيه فيقول الذين حوله من المنافقين أنه ليس من ولد فاطمة والا لرحمهم فإذا دخل النجف وبات فيه ليلة واحدة فخرج منه من باب النخيلة محاذى قبر هود وصالح استقبله سبعون الف رجل من أهل الكوفة يريدون قتله فقتلهم جميعا فلا ينجى منهم احد ) .
ودخول صاحب الرايات السود للكوفة قبل دخول الإمام , ويمكث صاحب الرايات السود في الكوفة حتى قيام الإمام المهدي (عليه السلام) , فاذا قام الإمام بعث اليه بالبيعة وهذا ما بينه الإمام الباقر عليه السلام حيث قال : ( تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان (إلى) الكوفة ، فإذا ظهر المهدي بعثت له بالبيعة )( - بحار الانوار ج52 ص217 ).
وبعد ان ينهي صاحب الرايات السود معركته مع السفياني ويسحق فلول السفيانيين , يتوجه إلى فقهاء الكوفة والنجف ليحاسبهم على تحالفهم مع السفياني وسكوتهم على جرائمه بحق الشيعة المستضعفين الذين مثل السفياني بهم وبقر بطون نسائهم وقذف اطفالهم في قدور من الزيت الحار كما وصف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) هذه الجريمة بقوله : ( يخرج رجل يقال له السفياني " إلى قوله " فيقتل حتى يبقر بطون النساء ويقتل الصبيان )( - المستدرك - الحاكم النيسابوري - ج 4 - ص 520).
وهناك روايات كثيرة تحدثت عن جرائم السفياني بالكوفة منها قتله لكل من اسمه على وفاطمة وحسن وحسين بغضاً وحنقاً لأهل البيت (عليهم السلام) ومن أراد الاطلاع على كافة جرائمه في الكوفة فليرجع إلى الكتب المختصة بحركة السفياني الملعون
وهذه صورة أخرى يرسمها الإمام السجاد (عليه السلام) يبين فيها سكوت فقهاء الكوفة والنجف عن جرائم السفياني , بل يبين الإمام السجاد أنهم واتباعهم سيبايعون السفياني علناً دون حياء أو خجل فقد جاء عنه (عليه السلام) أنه قال: ( ثم يسير (اي القائم ) حتى ينتهي إلى القادسية، وقد اجتمع الناس بالكوفة وبايعوا السفياني )( - بحار الأنوار ج52 ص387
والبيعة هنا ليس المقصود منها البيعة المتعارف عليها في الازمنة الغابرة من ضرب اليد على اليد, بل البيعة عبارة عن ولاء ورضا أهل الكوفة بالحاكم الجديد للعراق ( السفياني ) فالرضا بحكم شخص يعتبر بيعة له , وأهل الكوفة سيجمعون بمباركة فقهاءهم على الرضا بحكم السفياني بعد ان اسقط الحكومة العراقية (بني العباس) , وهذا الاجتماع النادر للشيعة الكوفيين لا يكون إلا باجتماع المراجع واصدارهم فتوى موحدة بالتسليم لحكم السفياني ، وعلى اثر الفتوى يبايع الكوفيين السفياني , والشيعة الكوفيين لا يمكنهم ان يجمعوا على بيعة للسفياني دون الرجوع إلى فقهاءهم ,لان المعروف عن الشيعة أنهم يأتمرون بأمر المرجعية الدينية .
وفي رواية أخرى اكد الإمام الصادق (عليه السلام) ما قاله الإمام السجاد (عليه السلام) عن مبايعة شيعة الكوفة والنجف للسفياني فقد جاء عنه (عليه السلام) أنه قال: ( يقدم القائم حتى يأتي النجف فيخرج إليه من الكوفة جيش السفياني وأصحابه والناس معه وذلك يوم الأربعاء فيدعوهم ويناشدهم حقه إلى أن قال : فيقولون : ارجع من حيث شئت لا حاجة لنا فيك قد خبرناكم واختبرناكم )( - بحار الانوار ج52 ص366). ).
لو نظرنا إلى الحديثين لوجدنا أن الإمامين ركزا على عدة أمور مهمة , الأمر الأول والمهم هو أن السفياني سوف لا يجد اي معارضة لاحتلاله العراق , بل على العكس سيجد الطاعة والولاء من قبل فقهاء الكوفة واتباعهم , والأمر الثاني هو أن السفياني والفقهاء سيتحالفون معا لحرب الإمام عند دخوله الكوفة وهذا واضح في كلام الإمام الصادق (عليه السلام) ( يقدم القائم حتى يأتي النجف فيخرج إليه من الكوفة جيش السفياني وأصحابه والناس معه ) فالناس سيخرجون مع السفياني لمقابلة الإمام عند مجيئه , وسيقول الفقهاء كلمتهم الشهيرة (فيدعوهم ويناشدهم حقه إلى أن قال : فيقولون : إرجع من حيث شئت لا حاجة لنا فيك) وصاحب هذه المقولة ليس مقلدة الفقهاء بل الفقهاء انفسهم من سيقولون للقائم ارجع , وقولهم هذا يعتبر اعلان امام العالم أنهم اختاروا السفياني حاكماً وولياً دون الإمام المهدي (عليه السلام) , والأئمة (عليهم السلام) ذكروا هذه المقولة (ارجع من حيث شئت لا حاجة لنا فيك ) وذكروا من هو قائلها وذكروا بعض صفاتهم فقد ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: ( إذا قام القائم سار إلى الكوفة فيخرج منها بضعة عشر آلاف أنفس يدعون البترية عليهم السلاح ، فيقولون له: إرجع من حيث جئت فلا حاجة لنا في بني فاطمة ، فيضع فيهم السيف حتى يأتي على آخرهم . ثم يدخل الكوفة فيقتل كل منافق مرتاب ، ويقتل مقاتليها حتى يرضى الله عز وعلا )( - بحار الأنوار ج52 ص338).
واصحاب هذه المقولة الشهيرة هم نفس المجموعة التي ذكرها الإمام الصادق (عليه السلام) بقوله (يقدم القائم حتى يأتي النجف فيخرج إليه من الكوفة جيش السفياني وأصحابه والناس معه وذلك يوم الأربعاء فيدعوهم ويناشدهم حقه إلى أن قال : فيقولون : إرجع من حيث شئت لاحاجة لنا فيك قد خبرناكم واختبرناكم ).
فهؤلاء الفقهاء سيخرجون مع السفياني لمواجهة وزير الإمام المهدي (عليه السلام) عند دخوله الكوفة , وسبب تسمية الإمام لهم بالبترية لأنهم بتروا اعتقادهم بالإمام المهدي, فالبتري صفة لمن يؤمن بإمام ويجحد إمامة آخر , والبترية فرق قديمة متعددة انقرضت منذ زمن بعيد كانوا في زمان الأئمة (عليهم السلام) , فمنهم من اعتقد بإمامة محمد ابن الحنفية ولم يؤمن بإمامة الإمام السجاد فهم يسمون بالبترية وايضاً الفرقة التي اعتقدت بإمامه الصادق وجحدت امامة الإمام الكاظم عليهما السلام , فهم ايضاً يسمون بترية . وسيتجدد ظهور هذه الفرقة حينما يبتر الكثير من الشيعة اعتقادهم بالإمام المهدي (عليه السلام).
ولا يوجد اليوم في العالم فرقة تؤمن باثنا عشر امام الا الشيعة , لان السنة لا يؤمنون بالأئمة جميعهم , حتى الزيدية لا ينطبق عليهم هذا الأمر لأنه لا وجود لهم في العراق والكوفة تحديدا ، فقسم كبير من شيعة العراق سيبترون اعتقادهم بالإمام المهدي (عليه السلام) وبترهم للإعتقاد لن يكون في فكرة المهدي بل في مصادق المهدي فينكرون الإمام نفسه ويجحدون وينقلبون على اعقابهم .
والأمر الآخر المهم الذي اراد الإمامان (عليهما السلام) إيصاله إلى الناس في آخر الزمان هو ان هذا المصير المأساوي لهذه الفئة من الشيعة كان سببه التقليد الاعمى لفقهائهم , فلولا تقليد الفقهاء لما بايعوا السفياني ولا حاربوا امامهم (عليه السلام).
وخوف الأئمة (عليهم السلام) على شيعتهم في آخر الزمان دفعهم إلى كثرة التحذير من تقليد الفقهاء , فلا تجد كتاب من كتب الحديث الا وجعل مصنفوا هذه الكتب باباً منفرداً خاصاً بالروايات التي تنهى عن التقليد لغير المعصوم , لكن فقهاء السوء حاولوا على مدى الاعصار حجب هذه الروايات عن الشيعة خوفاً من ان يطلعوا عليها ويعرفوا ان ائمتهم (عليهم السلام) نهوا عن تقليد الفقهاء.
اما السبب الحقيقي الذي دفع فقهاء النجف السكوت عن جرائم السفياني والوقوف معه ضد الإمام المهدي (عليه السلام), الخوف على مصالحهم الدنيوية المتمثلة بمنصب المرجع وما يترتب على الجلوس على هذا المنصب من قداسة واموال واحترام من قبل عوام كل الشيعة ، فوصول صاحب الرايات السود إلى النجف معناه ذهاب كل شيء عند الفقهاء فلا اموال ولا قداسة واحترام ولا مكانة بين الشيعة اذا استلم وزير الإمام القيادة في العراق.
وبعد ان يصفي الوزير فقهاء السوء مع امامهم السفياني , يخرج مقلدي هؤلاء الفقهاء لحرب الوزير ثأراً لمقتل سبعين فقيهاً من فقهائهم , فقد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: ( ثم يتوجه إلى الكوفة فينزل بها ، ويبهرج دماء سبعين قبيلة من قبائل العرب)( غيبة الطوسي ص284). ، وعلق الشيخ علي الكوراني على هذه الرواية قائلاً: ( أي يهدر دماء من التحق من هذه القبائل بأعدائه والخوارج عليه ).
فالفقهاء في واقع الأمر هم سبب تفرقة الامة وتناحرها لذلك حينما يقضي الإمام عليهم ستزول اسباب الفرقة والتناحر فقد جاء عن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال: ( يا مالك بن ضمرة، كيف بك إذا اختلف الشيعة هكذا – وشبك أصابعه وأدخل بعضها في بعض -؟ فقلت: يا أمير المؤمنين ما عند ذلك من خير. قال: الخير كله عند ذلك، يا مالك عند ذلك يقوم قائمنا فيقدم سبعين رجلاً يكذبون على الله وعلى رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) فيقتلهم، ثم يجمعهم الله على أمر واحد )( - غيبة النعماني ص214).
فالسبعين هم قادة الشيعة قبل وصول وزير الإمام إلى النجف الذين يكونون مختلفين فيما بينهم ويسقط احدهم الآخر ليستأثر بكرسي الزعامة والاتباع فيختلف اتباعهم فيما بينهم اشد الاختلاف وما ان يضع الوزير قدمه في النجف حتى يجمع بقية الشيعة على أمر واحد وهذا لا يكون إلا بعد مقتل السبعين فقيه ومن سيتعصب لهم من اتباعهم.
يتبع لطفآ
تعليق