منقول من موسوعة القائم ج3 ( من فكر السيد أبي عبد الله الحسين القحطاني )
الأدلة على وجود أصنام بشرية في آخر الزمان
لقد تقدمت الإشارة في الصفحات السابقة من هذا البحث إلى وجود أدلة على عبادة الأصنام البشرية ضمن الأدلة القرآنية التي سقناها في بيان لفظة الأصنام والأوثان في القرآن.
إلا أن هناك أدلة أخرى إبانها أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وأشاروا إليها عن طريق جملة من الأحاديث والروايات الشريفة الواردة عنهم (عليهم السلام )وتنقسم هذه الأدلة إلى نوعين :ـ
النوع الأول:
هي التي تقف دليلاً على وجود عبادة للأصنام البشرية عن طريق وجود مثل تلكم الأصنام، والتي نعني بها الأشخاص الذين يعبدهم الناس بطاعتهم لهم من دون الله.
الدليل الأول:
بارتباط مفهوم العبادة بالطاعة للعلماء والفقهاء، حيث ان الناس بإطاعتهم لهؤلاء والأخذ بأوامرهم ونواهيهم فيكونون قد اتخذوهم أصناما تعبد من دون الله عز وجل .
حيث ورد في تفسير قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ }( ).كما ورد عن أبي بصير عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) انه قال: قال قلت له {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}
فقال: أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ولو دعوهم ما أجابوهم، ولكن أحلوا حراماً وحرموا عليهم حلالاً فعبدوهم من حيث لا يشعرون)( ).
وورد في رواية أخرى عن أبي بصير عن الإمام الصادق (عليه السلام) أيضاً أنه قال: ({اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}، قال: ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ولو دعوهم ما أجابوهم، ولكنهم أحلوا لهم حلالاً وحرموا عليهم حراماً فأخذوا به فكانوا أربابهم من دون الله )( ).
وجاء في رواية ثالثة عن أبي الجارود عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: في قوله تعالى: ({اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ} فإنهم أطاعوا وأخذوا بقولهم وأتبعوا ما أمرهم به ودانوا بما دعوهم إليه فيتخذونهم أرباباً بطاعتهم لهم وتركهم أمر الله وكتبه ورسله فنبذوه وراء ظهورهم وما أمرهم به الأحبار والرهبان أتبعوهم وأطاعوهم وعصوا الله ...)( ).
فنجد إن اليهود والنصارى قد أطاعوا علمائهم من الرهبان والأحبار وانقادوا لهم في كل شيء لا سيما أخذهم الإحكام الشرعية، فعلى هذا الأساس يكون قد عبدوهم من دون الله.
وبما إن الأمة الإسلامية تحذوا حذو الأمم السابقة ولا سيما بني إسرائيل.
فقد جاء عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما): (والذي نفسي بيده لتركبن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل ، والقذة بالقذة ، حتى لا تخطؤون طريقهم، ولا يخطئكم سنة بني إسرائيل)( ).
فلابد إذن من أن يمر المسلمون في آخر الزمان بما مر به بنو إسرائيل حيث إنهم أي المسلمين سيعبدون علمائهم وفقهائهم من حيث إطاعتهم لهم وأخذهم بآرائهم العقلية التي تخطأ في كثير من الأحيان.
فيتحول أولئك العلماء والفقهاء إلى أصناماً تعبد وتطاع من دون الله عز وجل وذلك لأن أهل آخر الزمان سينبذون ما جاء به القرآن والأحاديث والروايات الواردة عن أهل بيت نبيهم وراء ظهورهم لجهلهم بها أولاً ولتمسكهم بأقوال فقهاء السوء ثانياً.
وقد أشار القرآن وروايات أهل البيت (عليهم السلام) انه لا بد أن تحذو هذه الأمة حذو الأمم السابقة في عبادة الأصنام، فكما أتخذ اليهود والنصارى أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله فستجري هذه السنة في هذه الأمة لا محالة.
الدليل الثاني:
هو ما روي عن الحسن بن علي بن يقطين عن الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أنه قال: (من أصغى إلى ناطق فقد عبده فإن كان الناطق يؤدي عن الله فقد عبد الله وان كان الناطق يؤدي عن الشيطان فقد عبد الشيطان)( ).
وفي ذلك إشارة واضحة إلى عبادة الأصنام البشرية التي هي أناس يطاعون من دون الله، والمعلوم إن الناطق يعبّر به غالباً عن الإنسان، وعليه كل من يصغي إلى إنسان فقد عبده ولكن العبودية تكون مرة لله عز وجل عن طريق الإصغاء للأولياء كالإصغاء اللائمة (عليهم السلام).
ومرة تكون العبودية للشيطان عن طريق الإصغاء لأعداء الله أو الذين لم تثبت عصمتهم من عامة الناس وهو مصداق عبادة الأصنام البشرية.
الدليل الثالث:
عن أبي حمزة الثمالي عن الإمام الباقر (عليه السلام) أيضاً أنه قال: ( يا أبا حمزة أنما يعبد الله من عرف الله فأما من لا يعرف الله فكأنما يعبد غيره هكذا ضالاً.
قلت: أصلحك الله وما معرفة الله.
قال: يصدّق الله ويصدّق محمداً رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) في موالاة علي والإتمام به وبأئمة الهدى من بعده والبراءة إلى الله من عدوهم ...)( ).
مما يدل على أن معرفة الله تقتضي التصديق والموالاة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بعد الموالاة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ومن ثم المولاة للائمة المعصومين (عليهم السلام) من بعده ابتداءً من الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) وانتهاء بالإمام المهدي المنتظر (عليه السلام) وان من لا يوالي علياً والأئمة من ولده (عليهم السلام) من بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) فإنه لا يعرف الله، وبالتالي فإنه سيوالي غيرهم من أئمة الكفر وأشياع الضلال مما يعني أنهم يُعبدون من دون الله، وعليه فعبادة أولئك الأشخاص تعني عبادة أصناما بشرية ودليلاً على وجودها .
الدليل الرابع:
هو الفتنة التي كانت تعرف بفتنة اللات والعزى وهي من أشد الفتن في عصر الظهور والقيام المقدس للأمام المهدي (عليه السلام)، فقد ورد عن المفضل عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن آبائه عن أمير المؤمنين عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) أنه قال: (...وهذا القائم الذي يحل حلالي ويحرم حرامي وبه انتقم من أعدائي وهو راحة لأوليائي وهو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين فيخرج اللات والعزى طريَين فيحرقهما فلفِتنة الناس بهما يومئذ أشد من فتنة العجل و السامري)( ).
وهذا دليل واضح على وجود أصناما من بشر وليس فقط أصناما من حجر مع إمكانية إطلاق أسماء بعض الأصنام على بني البشر أيضاً كما إن أسماء بعض الأصنام كانت لأشخاص كود ويغوث وسواع ونسر،
والمراد من فتنة العجل والسامري هنا هي فتنة بني إسرائيل حين ذهب نبي الله موسى (عليه السلام) إلى ميقات ربه وكان الذي كان من اتخاذهم العجل وعبادتهم له، وان شبيه ذلك سيحصل في جملة فتن عصر الظهور.
الدليل الخامس:
هو ما روي عن أبي حمزة الثمالي الذي سأل الإمام الباقر (عليه السلام) قال: ( أصلحك الله أي شيء أنا إذا عملته استكملت حقيقة الإيمان.
قال: توالي أولياء الله وتعادي أعداء الله تكون مع الصادقين كما أمرك الله.
قال: قلت ومن أولياء الله ومن أعداء الله. فقال: أولياء الله محمد رسول الله وعلي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ثم انتهى الأمر إلينا ثم ابني جعفر وأومأ إلى جعفر وهو جالس فمن والى هؤلاء فقد والى الله وكان من الصادقين كما أمره الله .
قلت : ومن أعداء الله أصلحك الله .
قال: الأوثان الأربعة.
قال : من هم .
قال : أبو الفصيل ورمع ونعثل ومعاوية ومن دان بدينهم ...)( ).
وهذا يعني أيضاً إطلاق لفظ الأوثان على أشخاص من البشر بعينهم، مما يقف دليلاً على وجود أصنام بشرية يعكف الناس على عبادتها.
الدليل السادس :
والذي ورد في الإنجيل في بيان قول نبي الله عيسى بن مريم (عليه السلام) مخاطباً رجال الشريعة من اليهود ورهبانهم حيث قال: (أيها الكتبة والفقهاء أنكم تضعون على عواتق الآخرين أحمالاً لا يطاق حملها ولكنكم أنفسكم لا تحركونها بإحدى أصابعكم، والحق أقول لكم إن كل شر دخل العالم بوسيلة الشيوخ، قولوا لي من أدخل عبادة الأصنام في العالم إلا طريقة الشيوخ .
أنه ملك أحب أباه كثيراً وكان أسمه بعلاً، فلما مات الأب أمر أبنه بصنع تمثال شبه أبيه تعزية لنفسه ونصبه في سوق المدينة وأمر بأن يكون كل من أقترب من ذلك التمثال إلى مسافة خمسة عشر ذراعاً في مأمن لا يلحق أحد به أذى على الإطلاق وعليه أخذ الأشرار بسبب الفوائد التي جنوها من التمثال يقدمون له ورداً وزهوراً ثم تحولت هذه الهدايا في زمن قيصر إلى نقود وطعام حتى سموه إلهاً تكريماً له وهذا الشيء تحول من عادة إلى شريعة حتى إن الصنم بعلاً انتشر في هذا العلم كله وقد ندب الله على هذا بواسطة أشعيا قائلاً: (حقاً أن هذا الشعب يعبدني باطلاً لأنهم أبطلوا شريعتي التي أعطاها إياهم عبدي موسى ويتبعون تقاليد شيوخهم)...
أجاب يسوع: اعلم جيداً انه لا يوجد اليوم تماثيل من خشب في إسرائيل ولكن توجد تماثيل من جسد )( ).
وهذا دليل آخر على وجود أصنام بشرية جرت الناس على عبادتها وذلك بأتباع فقهاءهم بما يقولون وتقليدهم إياهم تقليداً أعمى.
النوع الثاني :
من الأدلة فإنها تنصب على بيان وجود عبادة للأصنام البشرية قبيل قيام الإمام المهدي (عليه السلام) كما كانت هناك عبادة للأصنام الحجرية قبيل بعثة النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وهناك عدداً من الشواهد على ذلك .
الشاهد الأول:
هو قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما): (وان الساعة لا تقوم حتى تعبد العرب ما كانت تعبد آباؤها...)( ).
وكما هو معروف إن العرب عبدت الأصنام والأوثان، وقول الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) دليل قاطع على عودة العرب إلى عبادة تلكم الأصنام والأوثان، وبما انه لا وجود لأصنام حجر أو خشب أو غيره في الأوساط الإسلامية هذه الأيام فهذا يعني وجود أصنام من بشر.
وإن هذه العبادة وبهذا الشكل الواسع سيكون في آخر الزمان، دليل ذلك إن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) قرن بين قيام الساعة وبين عبادة هذه الأصنام كعلامة لقرب قيامها.
والساعة كما هو معلوم ساعة صغرى هي قيام الإمام المهدي (عليه السلام) والتي تكون قبال الساعة الكبرى التي هي القيامة ويوم القيامة ووقوف الخلائق للحساب بين يدي الله عز وجل.
والدليل على كون الساعة الصغرى هي قيام الإمام المهدي (عليه السلام) في قوله تعالى: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)( ).
فقد جاء عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: (هي ساعة القائم تأتيهم بغتة)( ).
وفي رواية عنه (عليه السلام) وقد سأله الكميت: (متى يقوم الحق فيكم، متى يقوم مهديكم ؟ قال (عليه السلام): لقد سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) عن ذلك، فقال: إنما مثله كمثل الساعة لا تأتيكم إلا بغتة )( ).
يتبع يتبع
الأدلة على وجود أصنام بشرية في آخر الزمان
لقد تقدمت الإشارة في الصفحات السابقة من هذا البحث إلى وجود أدلة على عبادة الأصنام البشرية ضمن الأدلة القرآنية التي سقناها في بيان لفظة الأصنام والأوثان في القرآن.
إلا أن هناك أدلة أخرى إبانها أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وأشاروا إليها عن طريق جملة من الأحاديث والروايات الشريفة الواردة عنهم (عليهم السلام )وتنقسم هذه الأدلة إلى نوعين :ـ
النوع الأول:
هي التي تقف دليلاً على وجود عبادة للأصنام البشرية عن طريق وجود مثل تلكم الأصنام، والتي نعني بها الأشخاص الذين يعبدهم الناس بطاعتهم لهم من دون الله.
الدليل الأول:
بارتباط مفهوم العبادة بالطاعة للعلماء والفقهاء، حيث ان الناس بإطاعتهم لهؤلاء والأخذ بأوامرهم ونواهيهم فيكونون قد اتخذوهم أصناما تعبد من دون الله عز وجل .
حيث ورد في تفسير قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ }( ).كما ورد عن أبي بصير عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) انه قال: قال قلت له {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}
فقال: أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ولو دعوهم ما أجابوهم، ولكن أحلوا حراماً وحرموا عليهم حلالاً فعبدوهم من حيث لا يشعرون)( ).
وورد في رواية أخرى عن أبي بصير عن الإمام الصادق (عليه السلام) أيضاً أنه قال: ({اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}، قال: ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ولو دعوهم ما أجابوهم، ولكنهم أحلوا لهم حلالاً وحرموا عليهم حراماً فأخذوا به فكانوا أربابهم من دون الله )( ).
وجاء في رواية ثالثة عن أبي الجارود عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: في قوله تعالى: ({اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ} فإنهم أطاعوا وأخذوا بقولهم وأتبعوا ما أمرهم به ودانوا بما دعوهم إليه فيتخذونهم أرباباً بطاعتهم لهم وتركهم أمر الله وكتبه ورسله فنبذوه وراء ظهورهم وما أمرهم به الأحبار والرهبان أتبعوهم وأطاعوهم وعصوا الله ...)( ).
فنجد إن اليهود والنصارى قد أطاعوا علمائهم من الرهبان والأحبار وانقادوا لهم في كل شيء لا سيما أخذهم الإحكام الشرعية، فعلى هذا الأساس يكون قد عبدوهم من دون الله.
وبما إن الأمة الإسلامية تحذوا حذو الأمم السابقة ولا سيما بني إسرائيل.
فقد جاء عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما): (والذي نفسي بيده لتركبن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل ، والقذة بالقذة ، حتى لا تخطؤون طريقهم، ولا يخطئكم سنة بني إسرائيل)( ).
فلابد إذن من أن يمر المسلمون في آخر الزمان بما مر به بنو إسرائيل حيث إنهم أي المسلمين سيعبدون علمائهم وفقهائهم من حيث إطاعتهم لهم وأخذهم بآرائهم العقلية التي تخطأ في كثير من الأحيان.
فيتحول أولئك العلماء والفقهاء إلى أصناماً تعبد وتطاع من دون الله عز وجل وذلك لأن أهل آخر الزمان سينبذون ما جاء به القرآن والأحاديث والروايات الواردة عن أهل بيت نبيهم وراء ظهورهم لجهلهم بها أولاً ولتمسكهم بأقوال فقهاء السوء ثانياً.
وقد أشار القرآن وروايات أهل البيت (عليهم السلام) انه لا بد أن تحذو هذه الأمة حذو الأمم السابقة في عبادة الأصنام، فكما أتخذ اليهود والنصارى أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله فستجري هذه السنة في هذه الأمة لا محالة.
الدليل الثاني:
هو ما روي عن الحسن بن علي بن يقطين عن الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أنه قال: (من أصغى إلى ناطق فقد عبده فإن كان الناطق يؤدي عن الله فقد عبد الله وان كان الناطق يؤدي عن الشيطان فقد عبد الشيطان)( ).
وفي ذلك إشارة واضحة إلى عبادة الأصنام البشرية التي هي أناس يطاعون من دون الله، والمعلوم إن الناطق يعبّر به غالباً عن الإنسان، وعليه كل من يصغي إلى إنسان فقد عبده ولكن العبودية تكون مرة لله عز وجل عن طريق الإصغاء للأولياء كالإصغاء اللائمة (عليهم السلام).
ومرة تكون العبودية للشيطان عن طريق الإصغاء لأعداء الله أو الذين لم تثبت عصمتهم من عامة الناس وهو مصداق عبادة الأصنام البشرية.
الدليل الثالث:
عن أبي حمزة الثمالي عن الإمام الباقر (عليه السلام) أيضاً أنه قال: ( يا أبا حمزة أنما يعبد الله من عرف الله فأما من لا يعرف الله فكأنما يعبد غيره هكذا ضالاً.
قلت: أصلحك الله وما معرفة الله.
قال: يصدّق الله ويصدّق محمداً رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) في موالاة علي والإتمام به وبأئمة الهدى من بعده والبراءة إلى الله من عدوهم ...)( ).
مما يدل على أن معرفة الله تقتضي التصديق والموالاة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بعد الموالاة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ومن ثم المولاة للائمة المعصومين (عليهم السلام) من بعده ابتداءً من الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) وانتهاء بالإمام المهدي المنتظر (عليه السلام) وان من لا يوالي علياً والأئمة من ولده (عليهم السلام) من بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) فإنه لا يعرف الله، وبالتالي فإنه سيوالي غيرهم من أئمة الكفر وأشياع الضلال مما يعني أنهم يُعبدون من دون الله، وعليه فعبادة أولئك الأشخاص تعني عبادة أصناما بشرية ودليلاً على وجودها .
الدليل الرابع:
هو الفتنة التي كانت تعرف بفتنة اللات والعزى وهي من أشد الفتن في عصر الظهور والقيام المقدس للأمام المهدي (عليه السلام)، فقد ورد عن المفضل عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن آبائه عن أمير المؤمنين عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) أنه قال: (...وهذا القائم الذي يحل حلالي ويحرم حرامي وبه انتقم من أعدائي وهو راحة لأوليائي وهو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين فيخرج اللات والعزى طريَين فيحرقهما فلفِتنة الناس بهما يومئذ أشد من فتنة العجل و السامري)( ).
وهذا دليل واضح على وجود أصناما من بشر وليس فقط أصناما من حجر مع إمكانية إطلاق أسماء بعض الأصنام على بني البشر أيضاً كما إن أسماء بعض الأصنام كانت لأشخاص كود ويغوث وسواع ونسر،
والمراد من فتنة العجل والسامري هنا هي فتنة بني إسرائيل حين ذهب نبي الله موسى (عليه السلام) إلى ميقات ربه وكان الذي كان من اتخاذهم العجل وعبادتهم له، وان شبيه ذلك سيحصل في جملة فتن عصر الظهور.
الدليل الخامس:
هو ما روي عن أبي حمزة الثمالي الذي سأل الإمام الباقر (عليه السلام) قال: ( أصلحك الله أي شيء أنا إذا عملته استكملت حقيقة الإيمان.
قال: توالي أولياء الله وتعادي أعداء الله تكون مع الصادقين كما أمرك الله.
قال: قلت ومن أولياء الله ومن أعداء الله. فقال: أولياء الله محمد رسول الله وعلي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ثم انتهى الأمر إلينا ثم ابني جعفر وأومأ إلى جعفر وهو جالس فمن والى هؤلاء فقد والى الله وكان من الصادقين كما أمره الله .
قلت : ومن أعداء الله أصلحك الله .
قال: الأوثان الأربعة.
قال : من هم .
قال : أبو الفصيل ورمع ونعثل ومعاوية ومن دان بدينهم ...)( ).
وهذا يعني أيضاً إطلاق لفظ الأوثان على أشخاص من البشر بعينهم، مما يقف دليلاً على وجود أصنام بشرية يعكف الناس على عبادتها.
الدليل السادس :
والذي ورد في الإنجيل في بيان قول نبي الله عيسى بن مريم (عليه السلام) مخاطباً رجال الشريعة من اليهود ورهبانهم حيث قال: (أيها الكتبة والفقهاء أنكم تضعون على عواتق الآخرين أحمالاً لا يطاق حملها ولكنكم أنفسكم لا تحركونها بإحدى أصابعكم، والحق أقول لكم إن كل شر دخل العالم بوسيلة الشيوخ، قولوا لي من أدخل عبادة الأصنام في العالم إلا طريقة الشيوخ .
أنه ملك أحب أباه كثيراً وكان أسمه بعلاً، فلما مات الأب أمر أبنه بصنع تمثال شبه أبيه تعزية لنفسه ونصبه في سوق المدينة وأمر بأن يكون كل من أقترب من ذلك التمثال إلى مسافة خمسة عشر ذراعاً في مأمن لا يلحق أحد به أذى على الإطلاق وعليه أخذ الأشرار بسبب الفوائد التي جنوها من التمثال يقدمون له ورداً وزهوراً ثم تحولت هذه الهدايا في زمن قيصر إلى نقود وطعام حتى سموه إلهاً تكريماً له وهذا الشيء تحول من عادة إلى شريعة حتى إن الصنم بعلاً انتشر في هذا العلم كله وقد ندب الله على هذا بواسطة أشعيا قائلاً: (حقاً أن هذا الشعب يعبدني باطلاً لأنهم أبطلوا شريعتي التي أعطاها إياهم عبدي موسى ويتبعون تقاليد شيوخهم)...
أجاب يسوع: اعلم جيداً انه لا يوجد اليوم تماثيل من خشب في إسرائيل ولكن توجد تماثيل من جسد )( ).
وهذا دليل آخر على وجود أصنام بشرية جرت الناس على عبادتها وذلك بأتباع فقهاءهم بما يقولون وتقليدهم إياهم تقليداً أعمى.
النوع الثاني :
من الأدلة فإنها تنصب على بيان وجود عبادة للأصنام البشرية قبيل قيام الإمام المهدي (عليه السلام) كما كانت هناك عبادة للأصنام الحجرية قبيل بعثة النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وهناك عدداً من الشواهد على ذلك .
الشاهد الأول:
هو قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما): (وان الساعة لا تقوم حتى تعبد العرب ما كانت تعبد آباؤها...)( ).
وكما هو معروف إن العرب عبدت الأصنام والأوثان، وقول الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) دليل قاطع على عودة العرب إلى عبادة تلكم الأصنام والأوثان، وبما انه لا وجود لأصنام حجر أو خشب أو غيره في الأوساط الإسلامية هذه الأيام فهذا يعني وجود أصنام من بشر.
وإن هذه العبادة وبهذا الشكل الواسع سيكون في آخر الزمان، دليل ذلك إن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) قرن بين قيام الساعة وبين عبادة هذه الأصنام كعلامة لقرب قيامها.
والساعة كما هو معلوم ساعة صغرى هي قيام الإمام المهدي (عليه السلام) والتي تكون قبال الساعة الكبرى التي هي القيامة ويوم القيامة ووقوف الخلائق للحساب بين يدي الله عز وجل.
والدليل على كون الساعة الصغرى هي قيام الإمام المهدي (عليه السلام) في قوله تعالى: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)( ).
فقد جاء عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: (هي ساعة القائم تأتيهم بغتة)( ).
وفي رواية عنه (عليه السلام) وقد سأله الكميت: (متى يقوم الحق فيكم، متى يقوم مهديكم ؟ قال (عليه السلام): لقد سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) عن ذلك، فقال: إنما مثله كمثل الساعة لا تأتيكم إلا بغتة )( ).
يتبع يتبع
تعليق