منقول من موسوعة القائم ( من فكر السيد القحطاني)
الاعور الدجال والمسيح الدجال والدجال
ورد في بعض الروايات ذكر الأعور الدجال وفي روايات أخرى بلفظ المسيح الدجال وفي ثالثة بلفظ الدجال فقط، فهل يعني هذا إنهم ثلاثة أشخاص دجالين احدهم اعور والآخر المسيح الدجال والآخر دجال، أم إن هذه الألفاظ تعود لشخص واحد أو لشخصين، والحقيقة كما بينت الروايات إن الأعور الدجال والمسيح الدجال هما لفظان لحقيقة واحدة وشخص واحد، اما الدجال فهو عنوان لشخص كذاب غير ذلك الأعور الدجال واليك الأدلة على ذلك:
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) قال: ( انه لم يكن نبي إلا وقد انذر الدجال أمته واني انذركموه، انه اعور ذو حدقة جاحظة - إلى أن قال - يا أيها الناس إن هذا المسيح الدجال … )( ).
فكما هو واضح من الروايات أن الأعور الدجال هو نفسه المسيح الدجال وقد سمي الأعور لأنه اعور العين اليسرى وسمي المسيح الدجال لأنه يدعي انه هو المسيح عيسى بن مريم وانه يقوم بالتمويه والكذب على انه يشفي الأكمه والأبرص ويحيي الموتى وذلك نتيجة ما يقوم به من سحر وشعوذة فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) انه قال: ( وانه يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى ويقول للناس أنا ربكم … )( ).
ونتيجة لهذه الأسحار سوف يدعي إنه عيسى بن مريم الذي ينزل في آخر الزمان، وما دمنا قد اشرنا إلى ادعائه المسيح فلا باس أن نتطرق إلى قوله ( أنا ربكم الأعلى ) فقد ادعى ذلك من قبل فرعون، والربوبية غير الإلوهية كما ذكر في الروايات وكما اثبت ذلك علماء الكلام في كتبهم فان فرعون لم يأمرهم بعبادته بدلا عن الخالق بل أمرهم بطاعته المطلقة، بمعنى أن يتبعوه ويطيعوه في كل شيء فيأتمرون بأمره وينتهون بنهيه كما ورد في تفسير قوله تعالى: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ } ففي الكافي بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: (أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ولو دعوهم إلى عبادة أنفسهم ما أجابوهم ولكن احلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا فعبدوهم من حيث لا يشعرون )( ).
ومن هنا يتبين لنا معنى ادعائه وقوله (أنا ربكم الأعلى ) لأنه سيدعي انه المهدي الذي يخرج آخر الزمان والذي يجب على المسلمين طاعته وبيعته والذي هو رب الأرض فقد ورد في تفسير قوله تعالى {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا} عن المفضل بن عمر قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ( إن قائمنا إذا قام أشرقت الأرض بنور ربها...)( ) فإن المهدي هو رب الأرض ووارثها ومالكها، فالمقصود بالدجال هو احد الدعاة الكاذبين الذين يدعون أنهم أصحاب مقامات عالية وهذه المقامات في الحقيقة خاصة بالإمام المهدي (عليه السلام) وهذا الدجال الكذاب من المتشيعين لأهل البيت (عليه السلام) أما الأدلة على ذلك فقد ورد عن الإمام علي(عليه السلام) ( اياكم والدجالين من ولد فاطمة فان من ولد فاطمة دجالين وأول الدجالين يظهر من البصرة)( ).
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (يظهر قائمنا أهل البيت وولاة الأمر ويظفره الله بالدجال فيصلبه على كناسة)( ).
ومن هنا يتبين أن هذا الدجال من الشيعة فإن خروجه يكون من البصرة وهي مدينة شيعية وان أمره ودعوته ستكون في الكوفة التي تعتبر أم المدن الشيعية كلها. وأما بالنسبة لقتله من قبل الإمام المهدي (عليه السلام) وذلك لان الدجال يدعي مقامات ومكان الإمام (عليه السلام) في الشيعة لذا فإن الإمام يقتله بيده الشريفة لإثبات كذبة وكذلك بالنسبة لقتل عيسى (عليه السلام) للمسيح الدجال فذلك لان الأعور الدجال سوف يدعي انه هو المسيح لذا فان الله سبحانه وتعالى ينزل المسيح عيسى بن مريم (عليه السلام) لكي يقتله بيده ويثبت بطلانه وكذب دعوته.
كما أن المتتبع للأحاديث والأخبار الواردة عن النبي واله صلوات الله عليهم يجد أن أكثر أتباع الدجال هم من المسلمين ومن الصعب أن نتصور أن المسلمين يؤمنون بان الله ينزل إلى الأرض أو انه يأكل أو يشرب أو يمشي مهما كان انحرافهم وضلالتهم.
كما اننا لو تمعنا في الرواية التالية يتبين لنا صحة ما ذهبنا إليه فقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في رواية عن الدجال قوله: (... هذه جنة لمن سجد لي، ومن أبى أدخلته النار)( ).
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ( أيها الناس ما بعث الله نبيا إلا وقد انذر قومه الدجال، وان الله قد أخره إلى يومكم هذا فمهما تشابه عليكم في أمره فان ربكم ليس بأعور ...)( ).
فمن الواضح أن الله لا يوصف بالجسمية وان له عين سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ولا يمكن أن نتصور أن النبي وأهل بيته (عليهم السلام) يقصدون بذلك المولى سبحانه وتعالى وإنما أرادوا من كلامهم ذلك الإمام المهدي (عليه السلام) فانه ليس بأعور، لذا فان الروايات قد ذكرت بان ربكم أي مربيكم الإمام المهدي (عليه السلام) رب الأرض ليس بأعور.
تعليق