بسم الله الرحمن الرحيم
حركة
الشهيد الصدر(قدس)
هي الحركة
الصغرى للامام المهدي(ع)
من فكر:
(السيد أبو عبد الله الحسين القحطاني)
الإهداء
إلى سيدي ومولاي الذي غاب وصبر طيلة هذه السنوات الى الامام المظلوم الى من ننتظره صباح ومساء اليك سيدي ياحجة الله يا صاحب العصر والزمان والى روح السيد الشهيد السعيد محمد محمد صادق الصدر(قدس) الذي قدم نفسه قرباناً لدين الله عز وجل اهدي هذا الجهد المتواضع .
المقدمة
كان السيد الشهيد محمد الصدر(قدس) ومازال شعلة انارت للكثيرين طريق الحق والهداية ومهدت الطريق بوجه الامام المهدي(عليه السلام) وانصاره اننا ندرك ان سماحته (اعلى الله مقامه) وعلى يقين من ذلك قد رفع حجر كبير كان يسد الطريق الذي يربطنا بامام زماننا الحجة بن الحسن(عليه السلام) وذلك الحجر هو القدسية التي كان يحاط بها رجال الدين وفقهاء الحوزة العلمية التي اعمت عيون الناظرين والمنتظرين للامام المهدي(عليه السلام) وقد حجب ذلك الحجر رؤية الطريق كله فكنا لانرى ماخلقه وقد كان للسيد (قدس) الفضل الكبير في ازالة ذلك الحجر ليمتد نور ابصارنا فننظر لكل الطريق ونتعرف على الحقيقة التي ضلت غائبة عنا وعن اجيال من الناس سبقتنا وانني حين اكتب هذا البحث الذي اثبت من خلاله الشبه الكبير بين حركة السيد الشهيد(قدس)وبين حركة الامام المهدي(عليه السلام) لا اريد القول انه (رضوان الله عليه)كان معصوماً او انه كان متصلاً بالامام المهدي (عليه السلام) اتصالاً مباشراً .
او أنه (قدس) هو وحده يمثل الحق كل الحق ولايوجد غيره من يدعو الى الحق كما قد يتصور البعض حين قراءته لهذا البحث ولكنني حينما شرعت بكتابة هذا البحث كنت ومازلت على يقين واعتقاد تام من انه (قدس) لم يأت بكل الحق بل جاء ببعض الحق لانه(قدس) كان اول الممهدين في عصرنا هذا للامام المهدي (عليه السلام) سواء كان بشكل مباشر او غير مباشر واول الممهدين حتماً ليس كالامام المهدي (عليه السلام) الذي يأتي بالحق كله كما ان بقية الممهدين له(عليه السلام) يأتون بالحق ولكن تكون نسبته عندهم حسب قربهم من الامام (عليه السلام) فكلما كان الممهد قريب عهد بالامام (عليه السلام) تكون حركته ودعوته أوسع وأشمل ممن سبقه ،كما كان من شأن السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) حيث كانت حركته مقتصرة على الجانب العلمي اضافة الى حربه ضد الطغاة والتنديد بهم ولكن السيد محمد صادق الصدر(قدس) حينما اتى كانت حركته اشمل واوسع من حركته السيد محمد باقر الصدر(قدس) ، وقد شملت جوانب عديدة ومختلفة ، وهذا المعنى يظهر واضحاً في دعوات الانبياء والرسل (عليه السلام) فأن دعوات الانياء (عليه السلام) تختلف من دعوة الى اخرى فهناك دعوة الى فئة معينة أو قوم معينين وهناك دعوة أوسع من تلك وهكذا كما أن رسالات الرسل تختلف من حيث الطرح والاتساع والاقتصار فرسالة ابراهيم (عليه السلام) ليست كرسالة نوح (عليه السلام) ورسالة موسى ليست كرسالة أبراهيم ورسالة عيسى ليست كرسالة موسى (عليه السلام) ورسالة محمد (صلى الله عليه واله وسلم ) ليست كرسالة عيسى (عليه السلام) فان الرسالات في تكامل الى أن تمت وكملت برسالة النبي الخاتم محمد (صلى الله عليه واله وسلم ) التي جاءت اشمل وأكمل من كل الرسالات بل هي أعمق في بعدها كذلك كان الدين الاسلامي هو الدين الخاتم وأن الله عز وجل أراد ان يظهره على الدين كله قال تعالى {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ }التوبة33. كما ان الاسلام هو الدين الوحيد الذي اراده المولى تبارك وتعالى هو دين الاسلام قال تعالى {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ}فقد فضل المولى تبارك وتعالى الدين الاسلامي على الدين كله كما فضل النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم )على جميع الانبياء والرسل كما انه فضل بعض النبيين على بعض قال تعالى {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ }الاسراء 55. كذلك الحالة بالنسبة للدعاة والممهدين للامام المهدي(عليه السلام) حيث يكون التمهيد له (عليه السلام) بالتدريج شيئاً فشيئاً . كما إنني لاقول أنه (قدس) لايخطأ فهو ليس معصوماً ولكنني اعتقد ان سماحته رضوان الله عليه كان مسدداً من الامام المهدي (عليه السلام) او من سيدنا الخضر (عليه السلام) وكان مؤيداً بتأيد الله تبارك وتعالى وهذا مايظهر من خلال مسيرته وحركته كما سيتبين في الصفحات القادمة من هذا البحث كما إن الهدف من هذا البحث في الواقع تعريف الناس بقضية الامام المهدي(عليه السلام) وبالمثال الذي يفهمه عامة الناس فضلاً عن خاصتهم والحقيقة انني على اعتقاد من ان حركة السيد الشهيد(قدس)هي مثال مصغر لحركة الامام المهدي(عليه السلام) ودعوته فمن اراد ان يفهم دعوة الامام المهدي(عليه السلام) ويتعرف عليها عليه ان يفهم حركة السيد الشهيد(قدس) ويتأملها جيداً . وهذا هو الهدف الاول من البحث اما في مايخص الهدف الثاني فهو اظهار فضل السيد الشهيد(قدس) ومدى علاقته بالامام المهدي(عليه السلام) وفاء لدمائه الزاكية التي اريقت في سبيل الحق والهداية والتمهيد لسيدنا ومولانا الامام المهدي(عليه السلام) والحمد لله رب العالمين .
قيامه بعد موته
يتصور الكثيرين ان الموت هو الموت المادي فقط لكن كم من الاحياء من هم اموات في الواقع وهذا المعنى يظهر ايضاً من كلام النبي يوسف (عليه السلام) حيث قال : (( السجن مقبرة الاحياء )) فكم من حي في السجون قد مات ذكره واندرس امره ونسيه الناس ولم يعودوا يذكرونه فهو حي ولكنه في عداد الاموات والمنسيين كما نسي الاموات فالموت أذن على قسمين موت مادي وموت معنوي ومنه ما اصيب به الانبياء (عليهم السلام) وبعض الناس .
فلقد مات الكثير من الانبياء والقادة نتيجة ما وجه لهم من اتهامات وتسقيط في المجتمعات حيث قتلت شخصياتهم بين الناس وعادة ما يكون ذلك في بداية دعواتهم الى ان يفتح الله لهم فمرة يموت ذلك النبي او هذا القائد معنوياً نتيجة ما قام به المجتمع من تكذيب له ورد دعوته وعدم قبوله واتهامه بشتى الاتهامات فلا تظهر دعوته ولا تنتشر ولا تتخذ مداها بين الناس ، فيكون النبي او القائد حينئذ في عداد الاموات والمنسيين حيث تقتل شخصيته ويموت ذكره الى ان يفتح الله عز وجل له فيحيا ذكره من جديد بين الناس .
وهذا ما مر به الكثير من الانبياء والرسل (عليهم السلام) وكذلك يمر به اكثر الداعين الى الحق فأنهم حيث اول ما يبدؤن دعواتهم يُكذبون ويُتهمون فتقتل شخصياتهم ويموت ذكرهم الى ان يفتح الله لهم .
وهذا ما وقع مع الامام المهدي (عليه السلام) حيث مات ذكره بين الناس اثناء غيبته فكان من المنسيين الى ان يأتي اليوم الذي يفتح الله عز وجل له وتكثر انصاره ومريديه .
وهذا الامر بعينه وقع مع سماحة السيد الشهيد الصدر (قدس) .
فقد كان (قدس) من طلبة البحث الخارج المتفوقين والمتميزين والمشتغلين فكان يحضر درس البحث الخارج عند اعلم العلماء في وقته السيد محمد باقر الصدر (قدس) وكان من الطلبة الاوائل في حضور درس السيد (قدس) كما انه كان يحضر درس السيد الخوئي (قدس) وكان ايضا من المتفوقين في الدرس وكان ينظر اليه من قبل اساتذته وزملائه في الدرس نظرة ملؤها الاعجاب بذكائه ونباهته وتفوقه العلمي على باقي اقرانه من طلبة البحث الخارج انذاك . وكان السيد محمد باقر الصدر (قدس) يامل فيه ان يكون مجتهدا بارعا . واستمر الحال بالسيد الشهيد هكذا حتى بدأت الامور تسوء يوما بعد يوم فقد بدأت حكومة الطاغية صدام ( لعنه الله ) بمضايقة السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قدس ) وراحت تعتقل كل من يتقرب من السيد او يحضر درسه فتفرق طلبة البحث الخارج ولم يعد يحضر الدرس يومها الا قلة قليلة ومنهم السيد الشهيد محمد صادق الصدر ( قدس ) وبعد اعتقال سماحة السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قدس) واستشهاده فيما بعد اشتد الامر على سماحة السيد الشهيد محمد صادق الصدر (قدس) حيث فرضت عليه الاقامة الجبرية ووضعوا نقطة للامن بباب داره ولم يسمح لع بالخروج الا مرة واحدة في الشهر حيث يخرج لزيارة قبر امير المؤمنين (عليه السلام) واستلام راتبه ، واستمر هذا الحال لسنوات طويلة ، فبعد ان كان (قدس) من الطلبة المعروفين والمتميزين وبعد ان كاد نجمه يلمع كأحد العلماء الذين يشار لهم بالبنان اختفى وافل نجمه ونسي ذكره وخفي امره فلا يكاد يذكره ذاكر ولم يعد يعرف فقد مات ذكره وهو حي فكان لا يستطيع ان يمارس عمله كاحد ابرز المجتهدين والعاملين على خدمة المذهب والدين وما ان حانت الفرصة بعد الانتفاضة الشعبانية ، فقد بدأ صدام وجلاوزته بأستخدام سياسة جديدة مع ابناء المذهب الشيعي حيث قام ظاهرا باعطائهم بعض الحريات . انتهز السيد الشهيد محمد صادق الصدر (قدس) وبذكائه المعهود هذه الفرصة وعاد الى الساحة العلمية من جديد ولكن ليس كطالب هذه المرة بل عاد ليعلن عن اجتهاده ويعرض نفسه كمرجع للمسلمين وشيئا فشيئا بدأت مرجعيته بالانتشار بين الناس وبدأت تتسع يوما بعداخر حتى سطع نجمه من جديد وظهر ذكرة وانتشر بين الناس وعلى ذكره كمرجعا وقائداً فاعلن عن ثورة فكرية ونهضة علمية احدثت ضجة في الاوساط العلمية والثقافية والحوزوية ، بل وصل الامر ان العامة لا تكاد تنسى ذكره فظهر ذكره على افواه المحقين والمبطلين وهكذا يكون امر القائم (عليه السلام) حيث دلت الروايات الواردة عن الائمة الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين .
ان القائم(عليه السلام) يقوم بعد موت ذكره بين الناس حيث تكون غيبة وحيرة فلا يكاد يذكره ذاكر فيموت ذكره بين الناس ، وهذا ما ورد في الرواية الواردة عن الامام محمد الجواد (عليه السلام) ........ان من بعد الحسن ابنه القائم بالحق المنتظر . فقلت له: يبن رسول الله ولم سمي القائم ؟ قال : لأنه يقوم بعد موت ذكره وارتداد اكثر القائلين بأمامته. فقلت له : ولم سمي المنتظر ؟ فقال : لأن له غيبة يكثر آياتها ويطول امدها فينتظر خروجه المخلصون وينكره المرتابون ويستهزئ بذكره الجاحدون ويكذب فيه الوقاتون ويهلك فيه المستعجلون وينجوا فيه المسلمون ) الاكمال ص361 والواقع ان هذا الامر وقع مع سماحة السيد الشهيد محمد صادق الصدر (قدس) كما بينا . وهذه في الواقع نقطة من نقاط الشبه بين حركة السيد الشهيد وبين حركة الامام المهدي (عليه السلام) . فان حركة السيد(رحمه الله) حركة ومثالا ًصغيرا لحركة الامام (عليه السلام) فلا تستغرب اذا من ظهور حركة الامام المهدي (عليه السلام) بهذه الكيفية حيث تبدأ دعوة الامام وحركته بالظهور شيئاً فشيئاً وتبدأ بالانتشار والاتساع وتأخذ صداها بين الناس حتى يظهر ذكر الامام(عليه السلام) على افواه المحقين والمبطلين .
حركة
الشهيد الصدر(قدس)
هي الحركة
الصغرى للامام المهدي(ع)
من فكر:
(السيد أبو عبد الله الحسين القحطاني)
الإهداء
إلى سيدي ومولاي الذي غاب وصبر طيلة هذه السنوات الى الامام المظلوم الى من ننتظره صباح ومساء اليك سيدي ياحجة الله يا صاحب العصر والزمان والى روح السيد الشهيد السعيد محمد محمد صادق الصدر(قدس) الذي قدم نفسه قرباناً لدين الله عز وجل اهدي هذا الجهد المتواضع .
المقدمة
كان السيد الشهيد محمد الصدر(قدس) ومازال شعلة انارت للكثيرين طريق الحق والهداية ومهدت الطريق بوجه الامام المهدي(عليه السلام) وانصاره اننا ندرك ان سماحته (اعلى الله مقامه) وعلى يقين من ذلك قد رفع حجر كبير كان يسد الطريق الذي يربطنا بامام زماننا الحجة بن الحسن(عليه السلام) وذلك الحجر هو القدسية التي كان يحاط بها رجال الدين وفقهاء الحوزة العلمية التي اعمت عيون الناظرين والمنتظرين للامام المهدي(عليه السلام) وقد حجب ذلك الحجر رؤية الطريق كله فكنا لانرى ماخلقه وقد كان للسيد (قدس) الفضل الكبير في ازالة ذلك الحجر ليمتد نور ابصارنا فننظر لكل الطريق ونتعرف على الحقيقة التي ضلت غائبة عنا وعن اجيال من الناس سبقتنا وانني حين اكتب هذا البحث الذي اثبت من خلاله الشبه الكبير بين حركة السيد الشهيد(قدس)وبين حركة الامام المهدي(عليه السلام) لا اريد القول انه (رضوان الله عليه)كان معصوماً او انه كان متصلاً بالامام المهدي (عليه السلام) اتصالاً مباشراً .
او أنه (قدس) هو وحده يمثل الحق كل الحق ولايوجد غيره من يدعو الى الحق كما قد يتصور البعض حين قراءته لهذا البحث ولكنني حينما شرعت بكتابة هذا البحث كنت ومازلت على يقين واعتقاد تام من انه (قدس) لم يأت بكل الحق بل جاء ببعض الحق لانه(قدس) كان اول الممهدين في عصرنا هذا للامام المهدي (عليه السلام) سواء كان بشكل مباشر او غير مباشر واول الممهدين حتماً ليس كالامام المهدي (عليه السلام) الذي يأتي بالحق كله كما ان بقية الممهدين له(عليه السلام) يأتون بالحق ولكن تكون نسبته عندهم حسب قربهم من الامام (عليه السلام) فكلما كان الممهد قريب عهد بالامام (عليه السلام) تكون حركته ودعوته أوسع وأشمل ممن سبقه ،كما كان من شأن السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) حيث كانت حركته مقتصرة على الجانب العلمي اضافة الى حربه ضد الطغاة والتنديد بهم ولكن السيد محمد صادق الصدر(قدس) حينما اتى كانت حركته اشمل واوسع من حركته السيد محمد باقر الصدر(قدس) ، وقد شملت جوانب عديدة ومختلفة ، وهذا المعنى يظهر واضحاً في دعوات الانبياء والرسل (عليه السلام) فأن دعوات الانياء (عليه السلام) تختلف من دعوة الى اخرى فهناك دعوة الى فئة معينة أو قوم معينين وهناك دعوة أوسع من تلك وهكذا كما أن رسالات الرسل تختلف من حيث الطرح والاتساع والاقتصار فرسالة ابراهيم (عليه السلام) ليست كرسالة نوح (عليه السلام) ورسالة موسى ليست كرسالة أبراهيم ورسالة عيسى ليست كرسالة موسى (عليه السلام) ورسالة محمد (صلى الله عليه واله وسلم ) ليست كرسالة عيسى (عليه السلام) فان الرسالات في تكامل الى أن تمت وكملت برسالة النبي الخاتم محمد (صلى الله عليه واله وسلم ) التي جاءت اشمل وأكمل من كل الرسالات بل هي أعمق في بعدها كذلك كان الدين الاسلامي هو الدين الخاتم وأن الله عز وجل أراد ان يظهره على الدين كله قال تعالى {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ }التوبة33. كما ان الاسلام هو الدين الوحيد الذي اراده المولى تبارك وتعالى هو دين الاسلام قال تعالى {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ}فقد فضل المولى تبارك وتعالى الدين الاسلامي على الدين كله كما فضل النبي محمد(صلى الله عليه واله وسلم )على جميع الانبياء والرسل كما انه فضل بعض النبيين على بعض قال تعالى {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ }الاسراء 55. كذلك الحالة بالنسبة للدعاة والممهدين للامام المهدي(عليه السلام) حيث يكون التمهيد له (عليه السلام) بالتدريج شيئاً فشيئاً . كما إنني لاقول أنه (قدس) لايخطأ فهو ليس معصوماً ولكنني اعتقد ان سماحته رضوان الله عليه كان مسدداً من الامام المهدي (عليه السلام) او من سيدنا الخضر (عليه السلام) وكان مؤيداً بتأيد الله تبارك وتعالى وهذا مايظهر من خلال مسيرته وحركته كما سيتبين في الصفحات القادمة من هذا البحث كما إن الهدف من هذا البحث في الواقع تعريف الناس بقضية الامام المهدي(عليه السلام) وبالمثال الذي يفهمه عامة الناس فضلاً عن خاصتهم والحقيقة انني على اعتقاد من ان حركة السيد الشهيد(قدس)هي مثال مصغر لحركة الامام المهدي(عليه السلام) ودعوته فمن اراد ان يفهم دعوة الامام المهدي(عليه السلام) ويتعرف عليها عليه ان يفهم حركة السيد الشهيد(قدس) ويتأملها جيداً . وهذا هو الهدف الاول من البحث اما في مايخص الهدف الثاني فهو اظهار فضل السيد الشهيد(قدس) ومدى علاقته بالامام المهدي(عليه السلام) وفاء لدمائه الزاكية التي اريقت في سبيل الحق والهداية والتمهيد لسيدنا ومولانا الامام المهدي(عليه السلام) والحمد لله رب العالمين .
قيامه بعد موته
يتصور الكثيرين ان الموت هو الموت المادي فقط لكن كم من الاحياء من هم اموات في الواقع وهذا المعنى يظهر ايضاً من كلام النبي يوسف (عليه السلام) حيث قال : (( السجن مقبرة الاحياء )) فكم من حي في السجون قد مات ذكره واندرس امره ونسيه الناس ولم يعودوا يذكرونه فهو حي ولكنه في عداد الاموات والمنسيين كما نسي الاموات فالموت أذن على قسمين موت مادي وموت معنوي ومنه ما اصيب به الانبياء (عليهم السلام) وبعض الناس .
فلقد مات الكثير من الانبياء والقادة نتيجة ما وجه لهم من اتهامات وتسقيط في المجتمعات حيث قتلت شخصياتهم بين الناس وعادة ما يكون ذلك في بداية دعواتهم الى ان يفتح الله لهم فمرة يموت ذلك النبي او هذا القائد معنوياً نتيجة ما قام به المجتمع من تكذيب له ورد دعوته وعدم قبوله واتهامه بشتى الاتهامات فلا تظهر دعوته ولا تنتشر ولا تتخذ مداها بين الناس ، فيكون النبي او القائد حينئذ في عداد الاموات والمنسيين حيث تقتل شخصيته ويموت ذكره الى ان يفتح الله عز وجل له فيحيا ذكره من جديد بين الناس .
وهذا ما مر به الكثير من الانبياء والرسل (عليهم السلام) وكذلك يمر به اكثر الداعين الى الحق فأنهم حيث اول ما يبدؤن دعواتهم يُكذبون ويُتهمون فتقتل شخصياتهم ويموت ذكرهم الى ان يفتح الله لهم .
وهذا ما وقع مع الامام المهدي (عليه السلام) حيث مات ذكره بين الناس اثناء غيبته فكان من المنسيين الى ان يأتي اليوم الذي يفتح الله عز وجل له وتكثر انصاره ومريديه .
وهذا الامر بعينه وقع مع سماحة السيد الشهيد الصدر (قدس) .
فقد كان (قدس) من طلبة البحث الخارج المتفوقين والمتميزين والمشتغلين فكان يحضر درس البحث الخارج عند اعلم العلماء في وقته السيد محمد باقر الصدر (قدس) وكان من الطلبة الاوائل في حضور درس السيد (قدس) كما انه كان يحضر درس السيد الخوئي (قدس) وكان ايضا من المتفوقين في الدرس وكان ينظر اليه من قبل اساتذته وزملائه في الدرس نظرة ملؤها الاعجاب بذكائه ونباهته وتفوقه العلمي على باقي اقرانه من طلبة البحث الخارج انذاك . وكان السيد محمد باقر الصدر (قدس) يامل فيه ان يكون مجتهدا بارعا . واستمر الحال بالسيد الشهيد هكذا حتى بدأت الامور تسوء يوما بعد يوم فقد بدأت حكومة الطاغية صدام ( لعنه الله ) بمضايقة السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قدس ) وراحت تعتقل كل من يتقرب من السيد او يحضر درسه فتفرق طلبة البحث الخارج ولم يعد يحضر الدرس يومها الا قلة قليلة ومنهم السيد الشهيد محمد صادق الصدر ( قدس ) وبعد اعتقال سماحة السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قدس) واستشهاده فيما بعد اشتد الامر على سماحة السيد الشهيد محمد صادق الصدر (قدس) حيث فرضت عليه الاقامة الجبرية ووضعوا نقطة للامن بباب داره ولم يسمح لع بالخروج الا مرة واحدة في الشهر حيث يخرج لزيارة قبر امير المؤمنين (عليه السلام) واستلام راتبه ، واستمر هذا الحال لسنوات طويلة ، فبعد ان كان (قدس) من الطلبة المعروفين والمتميزين وبعد ان كاد نجمه يلمع كأحد العلماء الذين يشار لهم بالبنان اختفى وافل نجمه ونسي ذكره وخفي امره فلا يكاد يذكره ذاكر ولم يعد يعرف فقد مات ذكره وهو حي فكان لا يستطيع ان يمارس عمله كاحد ابرز المجتهدين والعاملين على خدمة المذهب والدين وما ان حانت الفرصة بعد الانتفاضة الشعبانية ، فقد بدأ صدام وجلاوزته بأستخدام سياسة جديدة مع ابناء المذهب الشيعي حيث قام ظاهرا باعطائهم بعض الحريات . انتهز السيد الشهيد محمد صادق الصدر (قدس) وبذكائه المعهود هذه الفرصة وعاد الى الساحة العلمية من جديد ولكن ليس كطالب هذه المرة بل عاد ليعلن عن اجتهاده ويعرض نفسه كمرجع للمسلمين وشيئا فشيئا بدأت مرجعيته بالانتشار بين الناس وبدأت تتسع يوما بعداخر حتى سطع نجمه من جديد وظهر ذكرة وانتشر بين الناس وعلى ذكره كمرجعا وقائداً فاعلن عن ثورة فكرية ونهضة علمية احدثت ضجة في الاوساط العلمية والثقافية والحوزوية ، بل وصل الامر ان العامة لا تكاد تنسى ذكره فظهر ذكره على افواه المحقين والمبطلين وهكذا يكون امر القائم (عليه السلام) حيث دلت الروايات الواردة عن الائمة الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين .
ان القائم(عليه السلام) يقوم بعد موت ذكره بين الناس حيث تكون غيبة وحيرة فلا يكاد يذكره ذاكر فيموت ذكره بين الناس ، وهذا ما ورد في الرواية الواردة عن الامام محمد الجواد (عليه السلام) ........ان من بعد الحسن ابنه القائم بالحق المنتظر . فقلت له: يبن رسول الله ولم سمي القائم ؟ قال : لأنه يقوم بعد موت ذكره وارتداد اكثر القائلين بأمامته. فقلت له : ولم سمي المنتظر ؟ فقال : لأن له غيبة يكثر آياتها ويطول امدها فينتظر خروجه المخلصون وينكره المرتابون ويستهزئ بذكره الجاحدون ويكذب فيه الوقاتون ويهلك فيه المستعجلون وينجوا فيه المسلمون ) الاكمال ص361 والواقع ان هذا الامر وقع مع سماحة السيد الشهيد محمد صادق الصدر (قدس) كما بينا . وهذه في الواقع نقطة من نقاط الشبه بين حركة السيد الشهيد وبين حركة الامام المهدي (عليه السلام) . فان حركة السيد(رحمه الله) حركة ومثالا ًصغيرا لحركة الامام (عليه السلام) فلا تستغرب اذا من ظهور حركة الامام المهدي (عليه السلام) بهذه الكيفية حيث تبدأ دعوة الامام وحركته بالظهور شيئاً فشيئاً وتبدأ بالانتشار والاتساع وتأخذ صداها بين الناس حتى يظهر ذكر الامام(عليه السلام) على افواه المحقين والمبطلين .
تعليق