نقلا عن كتاب سقيفة الغيبة ( من فكر السيد القحطاني )
سُــــنة الإجتهاد وتغيير الأحكام والعقـائد :
مرت هذه السُنة في الأمم السالفة ولا يخفى بأن مسألة الإجتهاد وتغيير الأحكام والعقائد ليست بمتناول جميع الناس بل هنالك في كل أمة من يتصدى لهذه المسألة وهم من يطلق عليهم ﴿رجال الدين﴾ .
إن المطلع على الأمم السالفة وخصوصاً اليهود والنصارى يجد وبشكلٍ واضح التلاعب بالأحكام والعقائد من قبل الأحبار والرهبأن حيث تم تغيير الكثير من أوامر الشريعة التي جاء بها أنبيائهم ﴿عليهم السلام﴾ وكان سبب هذا التغيير هو إتباع الأهواء والرغبات المريضة مما يجعلهم ينسخون الكثير من الأحكام والشرائع التي جاء بها الأنبياء ﴿عليهم السلام﴾ بأحكام أخرى نسجوها وفق عقولهم وصارت لدى أتباعهم بمرور الزمن من ثوابت الدين والعقيدة .
لقد ذكر القرآن الكريم والسُنة الشريفة هذا التحريف في أكثر من آية وحديث منها قوله تعالى : ﴿فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ ..﴾﴿ ﴾ . وكذلك قوله تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبأن لَيَأْكُلُونَ أموال النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾﴿ ﴾ .
إن مسألة التحريف في أوامر الشريعة كانت في أغلب الاحيان تأتي من خلال التفسير الخاطئ لأوامر الله وقد ذكرنا بأن تحريف الكلم عن مواضعة بحسب اللغة يعني صرفه عن معناه . وهذه نتائج الإجتهاد بعينها فإن عملية الإجتهاد خاضعة في أغلب الاحيان إلى استحسان المجتهد لنتائج هذه العملية وغالباً ما ينحاز المجتهد إلى النتائج التي يقبلها عقله والشريعة بطبيعة الحال غير ملزمة بهذه النتائج مما يجعل هذه النتائج في أغلب الاحيان بعيدة عن روح الشريعة السماوية وقريبة إلى نتائج العقول القاصرة عن إدراك العلل التي من أجلها وضعت الأحكام .
إن كثيراً من الأحبار والرهبأن قد غيروا الشريعة بما يتلائم مع أهوائهم فسنوا أحكاماً يستأكلون بها أموال الناس بالباطل فاستحقوا العذاب بما خالفوا الله تعالى وأنبيائهم فأصبحوا طواغيت وجبابرة يظلمون الناس ويستحوذون على ما في أيديهم حتى أصبحوا ارباباً من دون الله قال تعالى : ﴿اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ أبن مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾﴿ ﴾
إن هذه الآية توضح كيف أن هؤلاء الأحبار والرهبأن جعلوا أنفسهم اربابا للناس بسبب تغييرهم للدين وتحريم الحلال وتحليل الحرام فكانت عبادة الناس لهم بطاعتهم تلك .
وقد جاء عن عدي بن حاتم انه قال : ﴿انتهيت إلى رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ وفي عنقي صليب من ذهب فقال: أليسوا يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرمه فتحلونه ؟ قلت: بلى، قال: فتلك عبادتهم ﴾﴿ ﴾
إن هذه الرواية يتبين منها وبشكل واضح التحريم والتحليل الذي وقع فيه فقهاء اليهود والنصارى . وقد ذكر القرآن في سورة النحل بعض الأحكام في قوله تعالى : ﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالْدَّمَ وَلَحْمَ الْخَنزِيرِ وَمَا أهل لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ...﴾﴿ ﴾ . ثم قال تعالى لنبيه : ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـكِن كَانُواْ أنفسهم يَظْلِمُونَ ﴾﴿ ﴾ .
إن مسألة التحليل والتحريم واحدة في جميع الأديان إلا الناسخ والمنسوخ من الأحكام وهذه المسألة قليلة بالنسبة لعدد الأحكام الشرعية . فالذي يتبين من الآية الشريفة أن مسألة تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله كانت محرمة أيضاً في شريعة موسى ﴿عليه السلام﴾ . إلا أن اليهود والنصارى قد ظلموا أنفسهم بتغييرهم للأحكام التي أمرهم الله تعالى بإتباعها وهذا مثال بسيط لتلاعب اليهود بشريعة موسى ﴿عليه السلام﴾ علماً باننا سوف نأتي لتبيان هذا التلاعب فأنتظر .
إن سُنة تغيير الأحكام والتلاعب بها من السُنن التي جرت في أمة الخاتم ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ منذ زمن الصحابة وإلى يومنا هذا وقد أختلف فقهاء المسلمون بشكل عام في الحلال والحرام ولم تبقى مسألة إلا وأختلفوا فيها حتى وصل الاختلاف داخل المذهب الواحد بعد أن كان الاختلاف على مستوى المذاهب وهذا ما سيتبين للقارئ الكريم من خلال البحث.
لم يكتفِ الأحبار والرهبان بتغيير الأحكام والعقائد فحسب بل راحوا يكتمون ما أنزل الله وهم يعلمون وقد ذكرهم الله تعالى في قوله : ﴿يَا أهل الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾﴿ ﴾
كان كتمان الأحبار والرهبأن للحق على أنواع فمرة كانوا يكتمون ما أنزل الله تعالى من الأحكام التي جاء بها أنبيائهم ليتسلطوا على الناس ويسيروا وفق أهوائهم وتارة يكتمون ما أوصاهم به أنبياءهم من وصف النبي محمد ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ في كتبهم ليضلوا الناس عن الحق وأهله .
إن سُنة كتمان الحق ظهرت في أمة الرسول الخاتم ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ بعد رحيله مباشرة حيث تم كتمان وصية الرسول ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ لاخيه وأبن عمه علي بن أبي طالب ﴿عليه السلام﴾ وأنكر جمع غفير من الناس ما رأوه وسمعوه في بيعة الغدير وأستمر هذا الكتمان والنكران لإمام بعد إمام حتى قُتل الأئمة من آل الرسول ﴿عليهم السلام﴾ بسيوف المسلمين وسمومهم كما قتل الأنبياء ﴿عليهم السلام﴾ بسيوف بني إسرائيل من قبل .
إن هذه السُنة جارية في هذه الأمة حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة وسيستمر هذا الكتمان والنكران حتى ظهور المهدي من آل محمد ﴿عليه السلام﴾ بل إن المهدي ﴿عليه السلام﴾ سيلقى من النكران أشد مما لاقاه الأنبياء ﴿عليهم السلام﴾ حيث أن وصف المهدي ﴿عليه السلام﴾ وعلاماته تملئ الكتب والأمور التي سوف تميزه عن غيره من المدعين معروفه في أقوال الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ إلا أن كل هذه العلامات والامارات سوف يتغاضى عنها رجال الدين في زمان ظهوره وسوف يعتمون عليها ويكتمونها ليجعلوا له شروطاً وأدلة مبتدعة من عند أنفسهم سعيا منهم لتكذيبه وإطفاءاً للنور الذي سيأتي به .
إن مسألة التكذيب للمهدي ﴿عليه السلام﴾ من المسائل التي ورد ذكرها في الأثر الشريف منها ما ورد عن أبي عبد الله ﴿عليه السلام﴾ في قوله تعالى : ﴿ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾ يعني تكذيبه بقائم آل محمد ﴿عليه السلام﴾ إذ يقول له : لسنا نعرفك ولست من ولد فاطمة كما قال المشركون لمحمد صلى الله عليه وآله ﴾﴿ ﴾
إن مسألة تكذيب الأنبياء والمرسلين من المسائل التي اعتادت عليها الأمم لأن المفسد لا يحب المصلح أبداً وهذه هي الحقيقة .
وبعد ما تقدم من البيان سنتجه الآن للخوض في تفاصيل الإجتهاد وأدواته عند أحبار اليهود ورهبأن النصارى لنطلع على ما فعلوه في الشريعة التي جاء بها الأنبياء والأوصياء حتى أصبح الدين بسببهم عبارة عن مجموعة من الأحكام المتناقضة مع الحق والمخالفة للشرع وعاشوا وسط تلك البدع وكأنها صدرت واقعا من الله فأوهموا الناس بذلك والناس لم يقصروا في طاعتهم وأتباعهم مما ساعد الأحبار والرهبأن على الطغيان والتمرد أكثر فأكثر .
سُــــنة الإجتهاد وتغيير الأحكام والعقـائد :
مرت هذه السُنة في الأمم السالفة ولا يخفى بأن مسألة الإجتهاد وتغيير الأحكام والعقائد ليست بمتناول جميع الناس بل هنالك في كل أمة من يتصدى لهذه المسألة وهم من يطلق عليهم ﴿رجال الدين﴾ .
إن المطلع على الأمم السالفة وخصوصاً اليهود والنصارى يجد وبشكلٍ واضح التلاعب بالأحكام والعقائد من قبل الأحبار والرهبأن حيث تم تغيير الكثير من أوامر الشريعة التي جاء بها أنبيائهم ﴿عليهم السلام﴾ وكان سبب هذا التغيير هو إتباع الأهواء والرغبات المريضة مما يجعلهم ينسخون الكثير من الأحكام والشرائع التي جاء بها الأنبياء ﴿عليهم السلام﴾ بأحكام أخرى نسجوها وفق عقولهم وصارت لدى أتباعهم بمرور الزمن من ثوابت الدين والعقيدة .
لقد ذكر القرآن الكريم والسُنة الشريفة هذا التحريف في أكثر من آية وحديث منها قوله تعالى : ﴿فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ ..﴾﴿ ﴾ . وكذلك قوله تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبأن لَيَأْكُلُونَ أموال النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾﴿ ﴾ .
إن مسألة التحريف في أوامر الشريعة كانت في أغلب الاحيان تأتي من خلال التفسير الخاطئ لأوامر الله وقد ذكرنا بأن تحريف الكلم عن مواضعة بحسب اللغة يعني صرفه عن معناه . وهذه نتائج الإجتهاد بعينها فإن عملية الإجتهاد خاضعة في أغلب الاحيان إلى استحسان المجتهد لنتائج هذه العملية وغالباً ما ينحاز المجتهد إلى النتائج التي يقبلها عقله والشريعة بطبيعة الحال غير ملزمة بهذه النتائج مما يجعل هذه النتائج في أغلب الاحيان بعيدة عن روح الشريعة السماوية وقريبة إلى نتائج العقول القاصرة عن إدراك العلل التي من أجلها وضعت الأحكام .
إن كثيراً من الأحبار والرهبأن قد غيروا الشريعة بما يتلائم مع أهوائهم فسنوا أحكاماً يستأكلون بها أموال الناس بالباطل فاستحقوا العذاب بما خالفوا الله تعالى وأنبيائهم فأصبحوا طواغيت وجبابرة يظلمون الناس ويستحوذون على ما في أيديهم حتى أصبحوا ارباباً من دون الله قال تعالى : ﴿اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ أبن مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾﴿ ﴾
إن هذه الآية توضح كيف أن هؤلاء الأحبار والرهبأن جعلوا أنفسهم اربابا للناس بسبب تغييرهم للدين وتحريم الحلال وتحليل الحرام فكانت عبادة الناس لهم بطاعتهم تلك .
وقد جاء عن عدي بن حاتم انه قال : ﴿انتهيت إلى رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ وفي عنقي صليب من ذهب فقال: أليسوا يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرمه فتحلونه ؟ قلت: بلى، قال: فتلك عبادتهم ﴾﴿ ﴾
إن هذه الرواية يتبين منها وبشكل واضح التحريم والتحليل الذي وقع فيه فقهاء اليهود والنصارى . وقد ذكر القرآن في سورة النحل بعض الأحكام في قوله تعالى : ﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالْدَّمَ وَلَحْمَ الْخَنزِيرِ وَمَا أهل لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ...﴾﴿ ﴾ . ثم قال تعالى لنبيه : ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـكِن كَانُواْ أنفسهم يَظْلِمُونَ ﴾﴿ ﴾ .
إن مسألة التحليل والتحريم واحدة في جميع الأديان إلا الناسخ والمنسوخ من الأحكام وهذه المسألة قليلة بالنسبة لعدد الأحكام الشرعية . فالذي يتبين من الآية الشريفة أن مسألة تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله كانت محرمة أيضاً في شريعة موسى ﴿عليه السلام﴾ . إلا أن اليهود والنصارى قد ظلموا أنفسهم بتغييرهم للأحكام التي أمرهم الله تعالى بإتباعها وهذا مثال بسيط لتلاعب اليهود بشريعة موسى ﴿عليه السلام﴾ علماً باننا سوف نأتي لتبيان هذا التلاعب فأنتظر .
إن سُنة تغيير الأحكام والتلاعب بها من السُنن التي جرت في أمة الخاتم ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ منذ زمن الصحابة وإلى يومنا هذا وقد أختلف فقهاء المسلمون بشكل عام في الحلال والحرام ولم تبقى مسألة إلا وأختلفوا فيها حتى وصل الاختلاف داخل المذهب الواحد بعد أن كان الاختلاف على مستوى المذاهب وهذا ما سيتبين للقارئ الكريم من خلال البحث.
لم يكتفِ الأحبار والرهبان بتغيير الأحكام والعقائد فحسب بل راحوا يكتمون ما أنزل الله وهم يعلمون وقد ذكرهم الله تعالى في قوله : ﴿يَا أهل الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾﴿ ﴾
كان كتمان الأحبار والرهبأن للحق على أنواع فمرة كانوا يكتمون ما أنزل الله تعالى من الأحكام التي جاء بها أنبيائهم ليتسلطوا على الناس ويسيروا وفق أهوائهم وتارة يكتمون ما أوصاهم به أنبياءهم من وصف النبي محمد ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ في كتبهم ليضلوا الناس عن الحق وأهله .
إن سُنة كتمان الحق ظهرت في أمة الرسول الخاتم ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ بعد رحيله مباشرة حيث تم كتمان وصية الرسول ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ لاخيه وأبن عمه علي بن أبي طالب ﴿عليه السلام﴾ وأنكر جمع غفير من الناس ما رأوه وسمعوه في بيعة الغدير وأستمر هذا الكتمان والنكران لإمام بعد إمام حتى قُتل الأئمة من آل الرسول ﴿عليهم السلام﴾ بسيوف المسلمين وسمومهم كما قتل الأنبياء ﴿عليهم السلام﴾ بسيوف بني إسرائيل من قبل .
إن هذه السُنة جارية في هذه الأمة حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة وسيستمر هذا الكتمان والنكران حتى ظهور المهدي من آل محمد ﴿عليه السلام﴾ بل إن المهدي ﴿عليه السلام﴾ سيلقى من النكران أشد مما لاقاه الأنبياء ﴿عليهم السلام﴾ حيث أن وصف المهدي ﴿عليه السلام﴾ وعلاماته تملئ الكتب والأمور التي سوف تميزه عن غيره من المدعين معروفه في أقوال الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ إلا أن كل هذه العلامات والامارات سوف يتغاضى عنها رجال الدين في زمان ظهوره وسوف يعتمون عليها ويكتمونها ليجعلوا له شروطاً وأدلة مبتدعة من عند أنفسهم سعيا منهم لتكذيبه وإطفاءاً للنور الذي سيأتي به .
إن مسألة التكذيب للمهدي ﴿عليه السلام﴾ من المسائل التي ورد ذكرها في الأثر الشريف منها ما ورد عن أبي عبد الله ﴿عليه السلام﴾ في قوله تعالى : ﴿ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾ يعني تكذيبه بقائم آل محمد ﴿عليه السلام﴾ إذ يقول له : لسنا نعرفك ولست من ولد فاطمة كما قال المشركون لمحمد صلى الله عليه وآله ﴾﴿ ﴾
إن مسألة تكذيب الأنبياء والمرسلين من المسائل التي اعتادت عليها الأمم لأن المفسد لا يحب المصلح أبداً وهذه هي الحقيقة .
وبعد ما تقدم من البيان سنتجه الآن للخوض في تفاصيل الإجتهاد وأدواته عند أحبار اليهود ورهبأن النصارى لنطلع على ما فعلوه في الشريعة التي جاء بها الأنبياء والأوصياء حتى أصبح الدين بسببهم عبارة عن مجموعة من الأحكام المتناقضة مع الحق والمخالفة للشرع وعاشوا وسط تلك البدع وكأنها صدرت واقعا من الله فأوهموا الناس بذلك والناس لم يقصروا في طاعتهم وأتباعهم مما ساعد الأحبار والرهبأن على الطغيان والتمرد أكثر فأكثر .
تعليق