منقول من موسوعة القائم (ج2)
الصيحة في مفهومها العلمي
كثيراً ما يقف الباحثين في قضية الامام المهدي (عليه السلام) متأملين ومتفكرين حينما تواجههم الاحاديث والروايات المعصومية الشريفة التي تتحدث عن الصيحة أو النداء أو الصوت كما في بعض الاخبار وذلك يرجع حتماً إلى اختلاف تلك الاحاديث والروايات الواردة فيما بينها أو نتيجة ما يدور في الذهن أو يخطر في القلب من تساؤل حينما تواجههم الأحاديث والروايات التي تذكر قلة أصحاب الامام المهدي (عليه السلام) وأنصاره وكثرة أعدائه حيث يقفز السؤال سريعاً والذي مفاده : لو أن الصيحة كانت من السماء ومن جبرائيل مباشرة وهي على هذا الحال تكون بنحو الاعجاز فلماذا لا ينصر الناس المهدي (عليه السلام) ؟ وكيف يقع الشك في نفوسهم ويكثر أعدائه يا ترى ؟
ونتيجة لهذه الحيرة وهذه التساؤلات كانت هذه الاطروحة المعاصرة حول الصيحة ومفهومها بدراسة روائية علمية جديدة تفسر لنا الروايات بطريقة قريبة من الواقع الذي نعيشه اليوم، أذن فهي أطروحة وليست أمر أكيداً مفروغ منه فإن كانت قائمة على الادلة الشرعية وموافقة لمنطق العقل والامكان فلا مبرر لرفضها أو ردها وتبقى محتملة الوقوع وإن لم تكن مدعمة بالادلة أو إن أدلتها غير ناهضة ولا توافق العقل والامكان فهي مرفوضة ومردودة، وقد يتساءل البعض لماذا هذا التردد اذن من قبلكم ؟ فأقول: اننا اذ نعرض هذه الاطروحة فأننا لا نريد فرض راينا على الاخرين لأن الاعتقاد بشي ما يجب ان يكون من الشخص ذاته لا بتأثير خارجي .
لقد جاء ذكر الصيحة في الكثير من الاحاديث والروايات الشريفة وقد عبر عنها في بعض الروايات بالنداء او الصوت وهذه الاسماء في الواقع تتحدث عن معنى واحد، وهو الصيحة أو النداء أو الصوت الذي يكون عند السحر من ليلة الثالث والعشرين ( ليلة القدر ) من شهر رمضان الذي يسبق قيام الامام المهدي (عليه السلام).
وأن ما دعانا للذهاب الى هذه الاطروحة هو تعدد الصيحة فإن الذي يظهر من الروايات المعصومية الشريفة ان هناك اكثر من صيحة تقع قبل قيام الإمام المهدي (عليه السلام) فقد اجمعت الكثير من الروايات الشريفة ان الصيحة تكون عند السحر من ليلة القدر في شهر رمضان.
فقد جاء في الرواية الشريفة عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: ( الصيحة التي في شهر رمضان تكون ليلة جمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان )( ).
وعن ابي بصير عن ابي جعفر محمد بن علي ( عليه السلام) انه قال: ( يكون الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلاث وعشرين فلا تشكوا في ذلك ، واسمعوا واطيعوا .....)( ).
الا ان هناك أحاديث وأخبار أخرى تروي لنا ان الصيحة تكون في أشهر اخرى غير شهر رمضان ففي الحديث الشريف المروي عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم تسليما ) قال: ( تكون هدة في شهر رمضان توقظ النائم وتفزع اليقضان، ثم تظهر عصابة في شوال، ثم تكون معمعة في ذي القعدة، ثم يسلب الحاج في ذي الحجة، ثم تنتهك المحارم في المحرم، ثم يكون صوت في صفر، ثم تتنازع القبائل في ربيع، ثم العجب كل العجب بين جمادي ورجب )( ).
فإن الذي يظهر من هذا الحديث الشريف ان هناك صوت آخر غير الصوت الذي يكون في شهر رمضان وهذا الصوت المشار إليه في الحديث السابق يكون في شهر صفر.
وعن الحسن بن محبوب قال: قال لي الرضا ( عليه السلام ): ( انه يا حسن سيكون فتنة صماء - إلى أن قال - كأني بهم أيس ما كانوا قد نودوا نداءً يسمعه من بالبٌعد كما يسمعه من بالقرب، يكن رحمة على المؤمنين وعذاباً على الكافرين، فقلت بأبي وأمي انت وما ذلك النداء ؟ قال: ثلاثة اصوات في رجب اولها: الا لعنة الله على الظالمين، والثاني: أزفت الازفة يا معشر المؤمنين، والثالث: يرون يدأ بارزاً مع قرن الشمس ينادي: الا ان الله قد بعث فلاناً على هلاك الظالمين، فعند ذلك يأتي المؤمنين الفرج ويشفي الله صدورهم، ويذهب غيظ قلوبهم ) ( ).
وعن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) أنه قال: ( في المحرم ينادي مناد من السماء الا ان صفوة الله ( من خلقه ) فلان فاسمعوا له وأطيعوه، في سنة الصوت المعمعة )( ).
فمن هذه الاحاديث والروايات المعصومية الشريفة يظهر لنا واضحاً ان هناك اكثر من صوت وصيحة تكون في اوقات متعددة ومختلفة فصيحة تكون في شهر رمضان واخرى في شهر صفر اضف الى ذلك ثلاث صيحات في شهر رجب كما في الرواية الشريفة الواردة عن الامام الرضا ( عليه السلام ) وصيحة في شهر المحرم، اذن فلا يعقل ان تكون كل هذه الاصوات عن طريق الاعجاز بل المتوقع ان تكون تلك الصيحات عن طريق القنوات الفضائية التي باتت منتشرة في كل بقاع العالم كما هو معلوم والكل يمكنه سماعها وهي في الواقع من السماء اما لانها تمثل جانب الحق والدعوة الى الله عز وجل فيعبر عنها بأنها من السماء أو لأن الفضائيات تستلم بثها من الأقمار الصناعية التي هي في الواقع منتشرة في السماء أما بالنسبة لكونها من قبل جبرائيل (عليه السلام) فذلك لأنها من الله وإلى الله وجبرائيل هو الواسطة بين جناب المولى تبارك وتعالى وبين خلقه .
وقد يتسائل البعض اذا كان الامر كذلك فلابد ان تكون الصيحة الثانية عند المغرب من يوم الثالث والعشرين من شهر رمضان هي ايضاً عن طريق الفضائيات واذا كان كذلك فلم عبر عنها في الروايات بأنها من الارض ولم يقول أنها من السماء كما في الصيحة الاولى ؟
فقد جاء في الرواية الشريفة الواردة عن ابي حمزة الثمالي قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): ان ابا جعفر (عليه السلام) كان يقول: (خروج السفياني من المحتوم والنداء من المحتوم وطلوع الشمس من المغرب من المحتوم واشياء كان يقولها من المحتوم ، فقال ابو عبد الله (عليه السلام) : وأختلاف بني فلان من المحتوم ، وقتل النفس الزكية من المحتوم وخروج القائم من المحتوم ، قلت: وكيف يكون النداء ؟ قال: ينادي مناد من السماء اول النهار يسمعه كل قوم بالسنتهم الا ان الحق في علي وشيعته ثم ينادي أبليس في أخر النهار من الارض الا ان الحق في عثمان وشيعته فعند ذلك يرتاب المبطلون)( ).
الظاهر ان الائمة الطاهرين (صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين ) عبروا عن الصيحة الثانية انها من الارض اشارة الى انها ليست من الله ولا تدعو الى الحق أي بتعبير اخر ليس لها ارتباط بالسماء انما هي من أهواء نفوس بعض النواصب لذلك عبر عنها أنها من الأرض.
وكذلك عبر عنها أنها من الشيطان ونسبت إليه لأنها من ضلالته التي يضل بها الناس واتباعه من الانس الذين غرهم وخدعهم وأستمالتهم باساليبه الشيطانية والا لو قلنا بأن صيحة الحق تكون من قبل جبرائيل (عليه السلام) بالمباشرة لأستلزم ذلك انها تكون على نحو الاعجاز وكذلك صيحة الباطل من قبل ابليس ويسمعها كل الناس لكانت على نحو الاعجاز ايضاً وهذا لا يمكن القول به فلا كرامة لابليس (عليه اللعنة) ولا يمكن ان يجري الله على يديه المعجزات لاي سبب كان.
والا لما امتاز اهل الحق من اهل الباطل فما هي الحكمة والفائدة اذن من ان تكون صيحة الحق من قبل جبرئيل (عليه السلام) بالمباشرة اذا كانت لا تمتاز عن صيحة ابليس وكانت الصيحتان على نحو الاعجاز ياترى؟ ! ثم ان المعجزات لا تكون إلا للأنبياء والرسل (عليهم السلام) ولربما يتسأل البعض ان لم تكن الصيحة من قبل جبرائيل (عليه السلام) وعلى نحو المعجزة فكيف ذكرت الروايات ان الصيحة يسمعها كل قوم بلغتهم ؟ والحقيقة ان هذا الامر ليس بالصعب فكما نرى في الفضائيات وجود الترجمة الفورية بحيث اذا نقل خطاب لاحد الاشخاص بلغة ما عبر الفضائيات هناك من يترجم ذلك الخطاب فوريا واثناء خطاب ذلك الشخص ولعدة لغات حسب الحاجة إليها.
ومما يؤيد ما ذهبنا اليه هو ما جاء في الروايات المعصومية الشريفة من وقوع الشك والارتياب في نفوس السامعين للصيحة الثانية بعدما أمنوا بالصيحة الأولى ((صيحة الحق)) فلو كانت الصيحة الأولى تمتاز عن الصيحة الثانية من ناحية الكيفية على فرض انها من جبرائيل بالمباشرة وعن طريق الإعجاز فلماذا إذن وقع الشك والارتياب علماً إن الصيحة الثانية إذا قلنا انها من إبليس ومن الارض فلا يمكن ان تكون كصيحة جبرائيل (عليه السلام) أطلاقاً.
فإن الذي يظهر من الرواية الشريفة المتقدمة ان الصيحة الثانية إذا وقعت يرتاب الناس. وقد جاء أيضاً في الرواية الشريفة الواردة عن زرارة بن أعين قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : عجبت أصلحك الله واني لأعجب من القائم كيف يُقاتَل مع ما يرون من العجائب من خسف البيداء بالجيش، ومن النداء من السماء ؟ فقال: (إن الشيطان لا يدعهم حتى ينادي كما نادى برسول الله (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) يوم العقبة )( ).
وعن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام ) قال: ( ينادي مناد بأسم القائم (عليه السلام)، قلت: خاص أم عام ؟ قال: عام يسمع كل قوم بلسانهم، قلت: فمن يخالف القائم (عليه السلام) وقد نودي بأسمه ؟ قال: لا يدعهم إبليس حتى ينادي في آخر الليل يشكك الناس )( ).
والروايات في هذا الصدد كثيرة، ولا يمكن أن تشك الناس وترتاب إذا كانت الصيحة من جبرائيل بالمباشرة وتكون على هذا الفرض مختلفة من ناحية الكيفية عن صيحة إبليس حتماً، إلا أن الروايات كما بينا تؤكد وقوع الشك والارتياب وهذا لا يكون إلا أن تكون الصيحتان متماثلتان من حيث الكيفية أي انهما تكونان من الفضائيات.
الصيحة في مفهومها العلمي
كثيراً ما يقف الباحثين في قضية الامام المهدي (عليه السلام) متأملين ومتفكرين حينما تواجههم الاحاديث والروايات المعصومية الشريفة التي تتحدث عن الصيحة أو النداء أو الصوت كما في بعض الاخبار وذلك يرجع حتماً إلى اختلاف تلك الاحاديث والروايات الواردة فيما بينها أو نتيجة ما يدور في الذهن أو يخطر في القلب من تساؤل حينما تواجههم الأحاديث والروايات التي تذكر قلة أصحاب الامام المهدي (عليه السلام) وأنصاره وكثرة أعدائه حيث يقفز السؤال سريعاً والذي مفاده : لو أن الصيحة كانت من السماء ومن جبرائيل مباشرة وهي على هذا الحال تكون بنحو الاعجاز فلماذا لا ينصر الناس المهدي (عليه السلام) ؟ وكيف يقع الشك في نفوسهم ويكثر أعدائه يا ترى ؟
ونتيجة لهذه الحيرة وهذه التساؤلات كانت هذه الاطروحة المعاصرة حول الصيحة ومفهومها بدراسة روائية علمية جديدة تفسر لنا الروايات بطريقة قريبة من الواقع الذي نعيشه اليوم، أذن فهي أطروحة وليست أمر أكيداً مفروغ منه فإن كانت قائمة على الادلة الشرعية وموافقة لمنطق العقل والامكان فلا مبرر لرفضها أو ردها وتبقى محتملة الوقوع وإن لم تكن مدعمة بالادلة أو إن أدلتها غير ناهضة ولا توافق العقل والامكان فهي مرفوضة ومردودة، وقد يتساءل البعض لماذا هذا التردد اذن من قبلكم ؟ فأقول: اننا اذ نعرض هذه الاطروحة فأننا لا نريد فرض راينا على الاخرين لأن الاعتقاد بشي ما يجب ان يكون من الشخص ذاته لا بتأثير خارجي .
لقد جاء ذكر الصيحة في الكثير من الاحاديث والروايات الشريفة وقد عبر عنها في بعض الروايات بالنداء او الصوت وهذه الاسماء في الواقع تتحدث عن معنى واحد، وهو الصيحة أو النداء أو الصوت الذي يكون عند السحر من ليلة الثالث والعشرين ( ليلة القدر ) من شهر رمضان الذي يسبق قيام الامام المهدي (عليه السلام).
وأن ما دعانا للذهاب الى هذه الاطروحة هو تعدد الصيحة فإن الذي يظهر من الروايات المعصومية الشريفة ان هناك اكثر من صيحة تقع قبل قيام الإمام المهدي (عليه السلام) فقد اجمعت الكثير من الروايات الشريفة ان الصيحة تكون عند السحر من ليلة القدر في شهر رمضان.
فقد جاء في الرواية الشريفة عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: ( الصيحة التي في شهر رمضان تكون ليلة جمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان )( ).
وعن ابي بصير عن ابي جعفر محمد بن علي ( عليه السلام) انه قال: ( يكون الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلاث وعشرين فلا تشكوا في ذلك ، واسمعوا واطيعوا .....)( ).
الا ان هناك أحاديث وأخبار أخرى تروي لنا ان الصيحة تكون في أشهر اخرى غير شهر رمضان ففي الحديث الشريف المروي عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم تسليما ) قال: ( تكون هدة في شهر رمضان توقظ النائم وتفزع اليقضان، ثم تظهر عصابة في شوال، ثم تكون معمعة في ذي القعدة، ثم يسلب الحاج في ذي الحجة، ثم تنتهك المحارم في المحرم، ثم يكون صوت في صفر، ثم تتنازع القبائل في ربيع، ثم العجب كل العجب بين جمادي ورجب )( ).
فإن الذي يظهر من هذا الحديث الشريف ان هناك صوت آخر غير الصوت الذي يكون في شهر رمضان وهذا الصوت المشار إليه في الحديث السابق يكون في شهر صفر.
وعن الحسن بن محبوب قال: قال لي الرضا ( عليه السلام ): ( انه يا حسن سيكون فتنة صماء - إلى أن قال - كأني بهم أيس ما كانوا قد نودوا نداءً يسمعه من بالبٌعد كما يسمعه من بالقرب، يكن رحمة على المؤمنين وعذاباً على الكافرين، فقلت بأبي وأمي انت وما ذلك النداء ؟ قال: ثلاثة اصوات في رجب اولها: الا لعنة الله على الظالمين، والثاني: أزفت الازفة يا معشر المؤمنين، والثالث: يرون يدأ بارزاً مع قرن الشمس ينادي: الا ان الله قد بعث فلاناً على هلاك الظالمين، فعند ذلك يأتي المؤمنين الفرج ويشفي الله صدورهم، ويذهب غيظ قلوبهم ) ( ).
وعن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) أنه قال: ( في المحرم ينادي مناد من السماء الا ان صفوة الله ( من خلقه ) فلان فاسمعوا له وأطيعوه، في سنة الصوت المعمعة )( ).
فمن هذه الاحاديث والروايات المعصومية الشريفة يظهر لنا واضحاً ان هناك اكثر من صوت وصيحة تكون في اوقات متعددة ومختلفة فصيحة تكون في شهر رمضان واخرى في شهر صفر اضف الى ذلك ثلاث صيحات في شهر رجب كما في الرواية الشريفة الواردة عن الامام الرضا ( عليه السلام ) وصيحة في شهر المحرم، اذن فلا يعقل ان تكون كل هذه الاصوات عن طريق الاعجاز بل المتوقع ان تكون تلك الصيحات عن طريق القنوات الفضائية التي باتت منتشرة في كل بقاع العالم كما هو معلوم والكل يمكنه سماعها وهي في الواقع من السماء اما لانها تمثل جانب الحق والدعوة الى الله عز وجل فيعبر عنها بأنها من السماء أو لأن الفضائيات تستلم بثها من الأقمار الصناعية التي هي في الواقع منتشرة في السماء أما بالنسبة لكونها من قبل جبرائيل (عليه السلام) فذلك لأنها من الله وإلى الله وجبرائيل هو الواسطة بين جناب المولى تبارك وتعالى وبين خلقه .
وقد يتسائل البعض اذا كان الامر كذلك فلابد ان تكون الصيحة الثانية عند المغرب من يوم الثالث والعشرين من شهر رمضان هي ايضاً عن طريق الفضائيات واذا كان كذلك فلم عبر عنها في الروايات بأنها من الارض ولم يقول أنها من السماء كما في الصيحة الاولى ؟
فقد جاء في الرواية الشريفة الواردة عن ابي حمزة الثمالي قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): ان ابا جعفر (عليه السلام) كان يقول: (خروج السفياني من المحتوم والنداء من المحتوم وطلوع الشمس من المغرب من المحتوم واشياء كان يقولها من المحتوم ، فقال ابو عبد الله (عليه السلام) : وأختلاف بني فلان من المحتوم ، وقتل النفس الزكية من المحتوم وخروج القائم من المحتوم ، قلت: وكيف يكون النداء ؟ قال: ينادي مناد من السماء اول النهار يسمعه كل قوم بالسنتهم الا ان الحق في علي وشيعته ثم ينادي أبليس في أخر النهار من الارض الا ان الحق في عثمان وشيعته فعند ذلك يرتاب المبطلون)( ).
الظاهر ان الائمة الطاهرين (صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين ) عبروا عن الصيحة الثانية انها من الارض اشارة الى انها ليست من الله ولا تدعو الى الحق أي بتعبير اخر ليس لها ارتباط بالسماء انما هي من أهواء نفوس بعض النواصب لذلك عبر عنها أنها من الأرض.
وكذلك عبر عنها أنها من الشيطان ونسبت إليه لأنها من ضلالته التي يضل بها الناس واتباعه من الانس الذين غرهم وخدعهم وأستمالتهم باساليبه الشيطانية والا لو قلنا بأن صيحة الحق تكون من قبل جبرائيل (عليه السلام) بالمباشرة لأستلزم ذلك انها تكون على نحو الاعجاز وكذلك صيحة الباطل من قبل ابليس ويسمعها كل الناس لكانت على نحو الاعجاز ايضاً وهذا لا يمكن القول به فلا كرامة لابليس (عليه اللعنة) ولا يمكن ان يجري الله على يديه المعجزات لاي سبب كان.
والا لما امتاز اهل الحق من اهل الباطل فما هي الحكمة والفائدة اذن من ان تكون صيحة الحق من قبل جبرئيل (عليه السلام) بالمباشرة اذا كانت لا تمتاز عن صيحة ابليس وكانت الصيحتان على نحو الاعجاز ياترى؟ ! ثم ان المعجزات لا تكون إلا للأنبياء والرسل (عليهم السلام) ولربما يتسأل البعض ان لم تكن الصيحة من قبل جبرائيل (عليه السلام) وعلى نحو المعجزة فكيف ذكرت الروايات ان الصيحة يسمعها كل قوم بلغتهم ؟ والحقيقة ان هذا الامر ليس بالصعب فكما نرى في الفضائيات وجود الترجمة الفورية بحيث اذا نقل خطاب لاحد الاشخاص بلغة ما عبر الفضائيات هناك من يترجم ذلك الخطاب فوريا واثناء خطاب ذلك الشخص ولعدة لغات حسب الحاجة إليها.
ومما يؤيد ما ذهبنا اليه هو ما جاء في الروايات المعصومية الشريفة من وقوع الشك والارتياب في نفوس السامعين للصيحة الثانية بعدما أمنوا بالصيحة الأولى ((صيحة الحق)) فلو كانت الصيحة الأولى تمتاز عن الصيحة الثانية من ناحية الكيفية على فرض انها من جبرائيل بالمباشرة وعن طريق الإعجاز فلماذا إذن وقع الشك والارتياب علماً إن الصيحة الثانية إذا قلنا انها من إبليس ومن الارض فلا يمكن ان تكون كصيحة جبرائيل (عليه السلام) أطلاقاً.
فإن الذي يظهر من الرواية الشريفة المتقدمة ان الصيحة الثانية إذا وقعت يرتاب الناس. وقد جاء أيضاً في الرواية الشريفة الواردة عن زرارة بن أعين قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : عجبت أصلحك الله واني لأعجب من القائم كيف يُقاتَل مع ما يرون من العجائب من خسف البيداء بالجيش، ومن النداء من السماء ؟ فقال: (إن الشيطان لا يدعهم حتى ينادي كما نادى برسول الله (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) يوم العقبة )( ).
وعن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام ) قال: ( ينادي مناد بأسم القائم (عليه السلام)، قلت: خاص أم عام ؟ قال: عام يسمع كل قوم بلسانهم، قلت: فمن يخالف القائم (عليه السلام) وقد نودي بأسمه ؟ قال: لا يدعهم إبليس حتى ينادي في آخر الليل يشكك الناس )( ).
والروايات في هذا الصدد كثيرة، ولا يمكن أن تشك الناس وترتاب إذا كانت الصيحة من جبرائيل بالمباشرة وتكون على هذا الفرض مختلفة من ناحية الكيفية عن صيحة إبليس حتماً، إلا أن الروايات كما بينا تؤكد وقوع الشك والارتياب وهذا لا يكون إلا أن تكون الصيحتان متماثلتان من حيث الكيفية أي انهما تكونان من الفضائيات.
تعليق