منقول من الموسوعة القرآنية للسيد القحطاني
- تأويل بعض الآيات القصصية :
الرسل الثلاثة في التأويل المعاصر
{ وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أصحاب الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ * إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا انا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ * قَالُوا مَا انتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا انزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ ان انتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ * قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ انا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ * وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ * قَالُوا انا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ انتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ * وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُم مُّهْتَدُونَ }( ) .
{ وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أصحاب الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ} : لقد دأب المفسرون على ذكر القرية بقرية انطاكية والمرسلون أرسلهم نبي الله عيسى (عليه السلام) إلى تلك القرية .
هذا في التفسير أما التأويل فان القرية هي مكة ومكة هنا ليست مكة المكرمة بل هي مكة حسب التأويل وهي الكوفة( )، نستنتج من هذا ان هناك رسولين يرسلهما الإمام المهدي (عليه السلام) يدعون أهل الكوفة والعالم أجمع من خلال الكوفة .
{ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا انا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ } : الرسولين الأولين الذين يرسلهما الإمام المهدي (عليه السلام) إلى الكوفة والعالم من خلال الكوفة وهما الرسول الأول اليماني - الذي ذكرته روايات أهل بيت العصمة بصاحب أهدى الرايات والملتوي عليه من أهل النار - ومعه رسول آخر ، فيتعرضون للتكذيب والطعن حيث ان الناس لا يصدقون دعوتهم واتصالهم بالإمام المهدي (عليه السلام) .
أما الرسول الثالث فهو غير رئيسي ولكنه معزز للرسولين الأولين ، والتعزيز هنا يعني ان الله جل وعلا أرسله مؤيداً لهذين الرسولين الرئيسيين وشاهداً ومصدقاً لهما ، وبذلك فهو النفس الزكية الذي يقتل مع سبعين من الصالحين في الكوفة والذي ذكرته العديد من الروايات .
{ قَالُوا مَا انتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا انزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ ان انتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ } : ان أهل الكوفة يكذبون الرسل ويقولون لهم ما يميزكم عنا حتى يجتبيكم الله والإمام المهدي لهذه الدعوة .
{ قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ انا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ }: قال لهم الرسل ان كنتم لا تصدقون دعوتنا فارجعوا إلى الله .
{ وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ } : قال تعالى : { َانمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ }( ) ، ان الرسل عليهم البلاغ المبين أي إعلان الدعوة بوضوح وتحذير الناس من تكذيبهم ، حيث ان الرسل هنا يبلغون الناس دعوة الإمام المهدي (عليه السلام) ويحذرونهم من عذاب الله الذي يكون بسيف الإمام المهدي (عليه السلام) كون المهدي يخرج بالسيف محاسباً ولا يقبل توبة أحد.
فقد ورد في غيبة النعماني عن أبي بصير عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال :
( يقوم القائم بأمر جديد ، وكتاب جديد ، وقضاء جديد ، على العرب شديد ، ليس شانه إلا السيف ، ولا يستتيب أحداً ، ولا تأخذه في الله لومة لائم).
{ قَالُوا انا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ } : ان الذين يقولون ذلك { انا تطيرنا ...} هم أتباع الشيصباني وهو قائد دولة بني العباس وشيصبان اسم من أسماء الشيطان
فقد ورد عن جابر الجعفي قال : سألت أبا جعفر الباقر (عليه السلام) عن السفياني ، فقال :
( وانى لكم ذلك حتى يخرج قبله الشيصباني ، يخرج من ارض كوفان ينبع كما ينبع الماء ، فيقتل وفدكم ، فتوقعوا بعد ذلك السفياني ، وخروج القائم (عليه السلام) ) ( ).
وكذلك ورد عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال : ( لا بد ان يملك بنو العباس ، فإذا ملكوا واختلفوا تشتت أمرهم ، خرج عليهم الخراساني والسفياني هذا من المشرق وهذا من المغرب يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان هذا من ها هنا وهذا من ها هنا حتى يكون هلاكهم على أيديهما ، أما انهما لا يبقون منهم أحداً أبداً )( ) .
فيقومون بني العباس في آخر الزمان بتشويه الحقائق من خلال وسائل الإعلام ويقومون أيضاً بتشويه قضية الإمام المهدي وإبعاد الناس عنها وتوهيم الناس بأنهم هم أبواب الإمام وهم نوابه ، فيقومون بتكذيب الممهدين ويعلنون ان نهايتهم القتل لبطلان ما جاءوا به .
{ لنرجمنكم } هذا الرجم معنوي في بث الافتراء على قضية الرسل الذين هم رسل الإمام المهدي (عليه السلام) لإبعاد الناس عنهم وعن تصديق قضيتهم ، ومادي من خلال قتل رسول الإمام وهو النفس الزكية مع سبعين من الصالحين .
{ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ } وذلك بالتهديد ومطاردة الرسل وأتباعهم وإتباع كل الأساليب الجائرة لأجل القضاء على الدعوة ومنع تكاثر الانصار وشياع خبرهم على الملأ .
{ قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ انتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُون } : التطير هو من التشاؤم ، والتشاؤم هو نقيض التوكل على الله سبحانه وتعالى ، حيث ان المتوكل قريب من الله ومن أولياء الله والمتطير المتشائم بعيد عن الله وعن أوليائه .
فقد ورد عن آل بيت العصمة في كنز العمال : ( ليس منا من تطير أو تطير له ) .
والإسراف هنا هو الإصرار على الخطأ والعناد ضد الإمام المهدي (عليه السلام) ودعوته .
{ وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِين } : المدينة حسب التأويل هي إيران (خراسان) وخراسان هي التي فيها كنوز الطالقان ، وأقصى المدينة يعني أقصى خراسان ، والرجل الذي يتميز فيها هو ( السيد القزويني ) ، هذا ما ورد في غيبة الطوسي عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) قال :
( يخرج بقزوين رجل إسمه اسم نبي يسرع الناس إلى طاعته المشرك والمؤمن يملأ الجبال خوفاً )( ) هو الذي يجيء من أرض المدينة سعياً .
(ويسعى) يأتي بسعي ويقدم سعيه ويذهب إلى العلماء والناس ليدعوهم إلى إتّباع الرسل ، فهم الذين سيأتي من بعدهم عذاب الإمام المهدي (عليه السلام) الذي لا يقبل منكم العذر والتوبة .
{ اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُم مُّهْتَدُون } : أي اتبعوهم فهم لا يطلبون منكم شيئاً ( من الخمس وما شابه من حقوق الإمام الأخرى ) وهم مهتدون إلى طريق الإمام المهدي (عليه السلام) والمهتدي هو الذي يوصل الضال إلى طريق الهداية .
فقد ورد عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) في ذكر اليماني ورايته (دعوته):
( وليس في الرايات أهدى من راية اليماني هي راية هدى لانه يدعوا إلى صاحبكم ، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على ( الناس) وكل مسلم ، وإذا خرج اليماني فانهض إليه ، فان رايته راية هدى ولا يحل لمسلم ان يلتوي عليه ، فمن فعل فهو من أهل النار ، لانه يدعوا إلى الحق وإلى طريق مستقيم )( ) .