منقول من موسوعة القائم ( من فكر أبي عبد الله الحسين القحطاني) ج1
الأسماء والألقاب المشتركة بين الإمام المهدي (ع) واليماني.
إن هذا المبحث من المباحث الثقيلة على الذهن والتي تتطلب من القارئ أن يكون مستعداً استعداداً خاصاً لتلقي هذا الموضوع.
لقد ورد في روايات أهل البيت (عليهم السلام) إطلاق تسميات مشتركة على الإمام المهدي (عليه السلام) وعلى السيد اليماني (الداعي)، وان المتتبع لهذه الروايات يجد الفرق واضحاً فيما يجري لهاتين الشخصيتين وما تطلق عليهما من تسميات مشتركة وهي كالآتي:
1- صاحب الأمر
هو من الأسماء والألقاب التي تطلق على الإمام المهدي (عليه السلام) ولكن هل هو من مختصاته ولا يصلح أن يطلق على غيره أم يمكن إطلاق هذا اللقب أو التسمية على غيره .
وللإجابة على ذلك نقول إن الصاحب من صحب وأصحاب وصحبته جمع اصحابه وهو الملازم والمعاشر يقال صاحب أمر الملك أي وزيره وتأتي بمعنى مالك صاحب الشيء مالكه(المنجد ق1 ص416).
وهذا اللقب أو التسمية أطلقت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) والوصي من بعده. فقد ورد في الرواية: ( صاحب الأمر هو الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) والوصي من بعده وينزل إليهما الأمر من فوق )( بحار الأنوار ج57 ص79).
وقد تسمى بهذا اللقب الإمام المهدي (عليه السلام) فقد ورد عن الحكيم بن أبي نعيم في حديث مع الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: ( قلت فأنت الذي تقتل أعداء الله ويعز بك أولياء الله ويظهر بك دين الله فقال: يا حكيم كيف أكون أنا وقد بلغت خمساً وأربعين سنة وإن صاحب هذا الأمر أقرب عهداً باللبن مني وأخف على ظهر الدابة )( الكافي ج1 ص536).
والمقصود به هنا هو الإمام المهدي (عليه السلام) الذي كما سبقت الإشارة إنه يخرج شاب المنظر وانه لا يهرم.
إلا أن هناك روايات تشير إلى إطلاق هذا اللقب على اليماني وزير الإمام (عليه السلام) وقبل الإشارة إلى هذه الروايات نقول إن الأمر هو الإمام المهدي (عليه السلام) فصاحب الأمر هو وزيره كما هو في المعنى اللغوي ومالك أمر دعوته، وهذا يعني إن السيد اليماني هو صاحب أمر الإمام لأنه وزيره وصاحب دعوته.
وهناك عدة روايات تقف دليلاً وشاهداً على ذلك نعرض البعض منها هنا منعاً للإطالة والتكرار.
الدليل الأول:
هو نهي أهل البيت (عليهم السلام) عن تسمية صاحب الأمر حرصاً على حياته، في حين إن روايات أخرى تصرح باسمه، وهذا يعني إن الشخص الأول الذي اطلق عليه صاحب الأمر هو السيد اليماني أما الشخص الثاني فهو الإمام المهدي (عليه السلام)( يراجع موضوع النهي عن التسمية).
الدليل الثاني:
ما يخص مواصفات أمه فإن الروايات تذكر وكما بينا سابقاً إن أم صاحب الأمر أمة سوداء بينما هناك روايات تشير إلى أن أم الإمام المهدي (عليه السلام) رومية وسبقت الإشارة إلى بياض بشرة الروم، هذا يعني إن صاحب الأمر هو اليماني، أما الشخص الثاني فهو الإمام المهدي (عليه السلام)( ).
الدليل الثالث:
تذكر الروايات إن صاحب الأمر يمشي في أسواقهم ويطأ بسطهم فقد ورد عن سدير الصيرفي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : (إن في صاحب هذا الامر شبها من يوسف عليه السلام، قال قلت له: كأنك تذكره حياته أو غيبته ؟ قال: فقال لي: وما تنكر من ذلك، هذه الأمة أشباه الخنازير، إن إخوة يوسف عليه السلام كانوا أسباطا أولاد الأنبياء تاجروا يوسف، وبايعوه وخاطبوه، وهم إخوته، وهو أخوهم، فلم يعرفوه حتى قال: أنا يوسف وهذا أخي، فما تنكر هذه الأمة الملعونة أن يفعل الله عز وجل بحجته في وقت من الأوقات كما فعل بيوسف، إن يوسف عليه السلام كان إليه ملك مصر وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوما، فلو أراد ان يعلمه لقدر على ذلك، لقد سار يعقوب عليه السلام وولده عند البشارة تسعة أيام من بدوهم إلى مصر، فما تنكر هذه الأمة أن يفعل الله عز وجل بحجته كما فعل بيوسف، أن يمشي في أسواقهم ويطأ بسطهم حتى يأذن الله في ذلك له كما أذن ليوسف، قالوا: أئنك لانت يوسف ؟ قال : أنا يوسف)( الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 336 - 337).
وكذلك ورد عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): (إن في صاحب هذا الامر سنن من الأنبياء عليهم السلام، سنة من موسى بن عمران، وسنة من عيسى، وسنة من يوسف، وسنة من محمد صلوات الله عليهم: فأما سنة من موسى بن عمران فخائف يترقب، وأما سنة من عيسى فيقال فيه ما قيل في عيسى، وأما سنة من يوسف فالستر يجعل الله بينه وبين الخلق حجابا، يرونه ولا يعرفونه ، وأما سنة من محمد صلى الله عليه وآله فيهتدي بهداه ويسير بسيرته)( كمال الدين وتمام النعمة ص 350 - 351.
، وهذا ما لا ينطبق على الإمام المهدي (عليه السلام) فقد ورد بحقه أنه لا يرى شخصه فيرى الناس ولا يرونه فقد جاء عن عبد العظيم الحسني عن الإمام علي الهادي (عليه السلام) في حديث له إلى أن قال: (....ومن بعدي الحسن أبني فكيف للناس بالخلف من بعده ؟ قال فكيف ذلك يا مولاي قال : لأنه لا يرى شخصه .....)( كمال الدين وتمام النعمة ص 350 - 351).
وكذلك ما جاء عن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (للقائم غيبتان يشهد في أحدهما المواسم يرى الناس ولا يرونه)( الكافي ج1 ص339
).
مما يعني إن صاحب الأمر الذي يراه الناس ولا يعرفونه هو اليماني أنما من لا يرى شخصه فهو الإمام المهدي (عليه السلام).
الدليل الرابع:
ما ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: ( في صاحب هذا الأمر سنة من موسى وسنة من عيسى وسنة من يوسف وسنة من محمد ... وأما من يوسف فالسجن ...)( بحار الأنوار ج51 ص218).
وفي رواية ثانية واردة عن أبي بصير أنه قال: ( قلت فما سنة يوسف ؟ قال: السجن والغيبة )( غيبة النعماني ص164).
وهذا ما لا ينطبق على الإمام المهدي (عليه السلام) مطلقاً فلم يرد في الروايات أن الإمام المهدي (عليه السلام) سجن أو سوف يسجن، ثم إن الإمام المهدي (عليه السلام) غائب فلا يصح أن يسجن وهو في حال الغيبة التي عبرت عنه الروايات انه لا يرى شخصه، وهذا يعني أن المقصود بصاحب الأمر هنا هو السيد اليماني وان الذي تجري عليه سنة يوسف (عليه السلام) هو السيد اليماني وهو من يسجن.
الدليل الخامس:
هو رواية الإمام الكاظم (عليه السلام) أنه قال: ( إنه لا بد لصاحب هذا الأمر غيبة حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به إنما هي محنة من الله عز وجل امتحن بها خلقه)( علل الشرائع ج1 ص244) ولا يمكن تصور إن الشيعة ترجع عن الإعتقاد بإمامة الإمام المهدي (عليه السلام) نتيجة تلك الغيبة وإن طال الزمان، وهذ يعني إن المقصود في هذه الرواية هو اليماني الذي يغيب ويختفي بعض الوقت كما سنبين لاحقاً ثم يعاود الظهور مرة اخرى وفي أثناء هذه الغيبة يرجع عن الإيمان به وبدعوته الكثير ممن كان قد آمن به قبل غيبته تلك.
ومن ذلك كله نستنتج إن لقب أو تسمية ( صاحب الأمر ) وإن كانت تطلق على الإمام الحجة بن الحسن (عليه السلام) إلا انه أطلق هذا اللقب على وزيره السيد اليماني في بعض الروايات، مما يعني إن الروايات تتحدث عن شخصين اثنين أحدهما الإمام المهدي (عليه السلام) والثاني هو السيد اليماني.
2- المنصور
إن هذا اللقب لم يكن مختصاً بالإمام المهدي (عليه السلام) وذلك لأنه قد لقب به قبله نبي الله داود (عليه السلام).
وبالنسبة للإمام المهدي (عليه السلام) فقد سماه الله عز وجل بالمنصور في القرآن في قوله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً }( بحار الأنوار ج51 ص31).
حيث ورد في تفسير هذه الآية عن الإمام الباقر(عليه السلام) أنه قال: ( في قوله ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً قال الحسين (عليه السلام) فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً قال: سمى الله المهدي منصوراً (المنصور) كما سمى أحمد ومحمد ومحمود وكما سمى عيسى المسيح (عليه السلام))( بحار الأنوار ج51 ص31).
كما ورد في تفسير نفس الآية عن الباقر(عليه السلام) في رواية أخرى قوله: ( هو الحسين بن علي قتل مظلوماً ونحن أولياءه والقائم منا إذا قام طلب بثأر الحسين فيقتل حتى يقال: قد أسرف في القتل، وقال المقتول الحسين (عليه السلام) ووليه القائم والإسراف في القتل أن يقتل غير قاتليه إنه كان منصوراً، فإنه لا يذهب من الدنيا حتى ينتصر برجل من آل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً)( - تفسير الفرات ص240).
وجاء أيضاً عن حمران عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: ( نحن والله أصحاب الأمر وفينا القائم ومنا السفاح والمنصور وقد قال الله تعالى ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً نحن أولياء الحسين بن علي (عليه السلام) وعلى دينه ...)( بحار الأنوار ج29 ص452).
بيد انه مع ثبوت إن المنصور هو اسم من اسماء الإمام المهدي (عليه السلام) فإن هذا لا يمنع أن يسمى به شخص آخر وهو وزيره السيد اليماني، وذلك لوجود عدة رويات تشير إلى هذا المعنى.
حيث ورد عن جابر الجعفي عن الباقر (عليه السلام) أنه قال: ( ويظهر السفياني ... ويبعث بعثاً إلى المدينة ويقتل بها رجلاً ويهرب المهدي والمنصور منها ويؤخذ آل محمد صغيرهم وكبيرهم ...)( بحار الأنوار ج52 ص222 ، تفسير العياشي ج1 ص64).
كما ورد في رواية أخرى عن عبد الله بن عباس أنه قال: ( لنا أهل البيت سبع خصال ما منهن خصلة في الناس ... ومنا قائم آل محمد الذي أكرم الله به نبيه ومنا المنصور ...)( الإرشاد ج1 ص37).
ومن هاتين الروايتين يتبين لنا أن المنصور يطلق على شخصيتان وليس شخص واحد فبدلالة الرواية التي تذكر ( فيهرب المهدي والمنصور ) فيكون المنصور هنا هو السيد اليماني.
ومما يؤكد ذلك ما جاء عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه قال: ( وفد على رسول الله أهل اليمن فقال (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما): جاء أهل اليمن يبسون بسيساً فلما دخلوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) قال: قوم رقيقة قلوبهم راسخة أيمانهم منهم المنصور يخرج في سبعين الفاً ينصر خلفي وخلف وصيي )( بحار الأنوار ج36 ص112، غيبة النعماني ص39).
ونرى إن الرواية هنا صريحة في كون المنصور هو نفسه الداعي اليماني.
يتبع
الأسماء والألقاب المشتركة بين الإمام المهدي (ع) واليماني.
إن هذا المبحث من المباحث الثقيلة على الذهن والتي تتطلب من القارئ أن يكون مستعداً استعداداً خاصاً لتلقي هذا الموضوع.
لقد ورد في روايات أهل البيت (عليهم السلام) إطلاق تسميات مشتركة على الإمام المهدي (عليه السلام) وعلى السيد اليماني (الداعي)، وان المتتبع لهذه الروايات يجد الفرق واضحاً فيما يجري لهاتين الشخصيتين وما تطلق عليهما من تسميات مشتركة وهي كالآتي:
1- صاحب الأمر
هو من الأسماء والألقاب التي تطلق على الإمام المهدي (عليه السلام) ولكن هل هو من مختصاته ولا يصلح أن يطلق على غيره أم يمكن إطلاق هذا اللقب أو التسمية على غيره .
وللإجابة على ذلك نقول إن الصاحب من صحب وأصحاب وصحبته جمع اصحابه وهو الملازم والمعاشر يقال صاحب أمر الملك أي وزيره وتأتي بمعنى مالك صاحب الشيء مالكه(المنجد ق1 ص416).
وهذا اللقب أو التسمية أطلقت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) والوصي من بعده. فقد ورد في الرواية: ( صاحب الأمر هو الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) والوصي من بعده وينزل إليهما الأمر من فوق )( بحار الأنوار ج57 ص79).
وقد تسمى بهذا اللقب الإمام المهدي (عليه السلام) فقد ورد عن الحكيم بن أبي نعيم في حديث مع الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: ( قلت فأنت الذي تقتل أعداء الله ويعز بك أولياء الله ويظهر بك دين الله فقال: يا حكيم كيف أكون أنا وقد بلغت خمساً وأربعين سنة وإن صاحب هذا الأمر أقرب عهداً باللبن مني وأخف على ظهر الدابة )( الكافي ج1 ص536).
والمقصود به هنا هو الإمام المهدي (عليه السلام) الذي كما سبقت الإشارة إنه يخرج شاب المنظر وانه لا يهرم.
إلا أن هناك روايات تشير إلى إطلاق هذا اللقب على اليماني وزير الإمام (عليه السلام) وقبل الإشارة إلى هذه الروايات نقول إن الأمر هو الإمام المهدي (عليه السلام) فصاحب الأمر هو وزيره كما هو في المعنى اللغوي ومالك أمر دعوته، وهذا يعني إن السيد اليماني هو صاحب أمر الإمام لأنه وزيره وصاحب دعوته.
وهناك عدة روايات تقف دليلاً وشاهداً على ذلك نعرض البعض منها هنا منعاً للإطالة والتكرار.
الدليل الأول:
هو نهي أهل البيت (عليهم السلام) عن تسمية صاحب الأمر حرصاً على حياته، في حين إن روايات أخرى تصرح باسمه، وهذا يعني إن الشخص الأول الذي اطلق عليه صاحب الأمر هو السيد اليماني أما الشخص الثاني فهو الإمام المهدي (عليه السلام)( يراجع موضوع النهي عن التسمية).
الدليل الثاني:
ما يخص مواصفات أمه فإن الروايات تذكر وكما بينا سابقاً إن أم صاحب الأمر أمة سوداء بينما هناك روايات تشير إلى أن أم الإمام المهدي (عليه السلام) رومية وسبقت الإشارة إلى بياض بشرة الروم، هذا يعني إن صاحب الأمر هو اليماني، أما الشخص الثاني فهو الإمام المهدي (عليه السلام)( ).
الدليل الثالث:
تذكر الروايات إن صاحب الأمر يمشي في أسواقهم ويطأ بسطهم فقد ورد عن سدير الصيرفي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : (إن في صاحب هذا الامر شبها من يوسف عليه السلام، قال قلت له: كأنك تذكره حياته أو غيبته ؟ قال: فقال لي: وما تنكر من ذلك، هذه الأمة أشباه الخنازير، إن إخوة يوسف عليه السلام كانوا أسباطا أولاد الأنبياء تاجروا يوسف، وبايعوه وخاطبوه، وهم إخوته، وهو أخوهم، فلم يعرفوه حتى قال: أنا يوسف وهذا أخي، فما تنكر هذه الأمة الملعونة أن يفعل الله عز وجل بحجته في وقت من الأوقات كما فعل بيوسف، إن يوسف عليه السلام كان إليه ملك مصر وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوما، فلو أراد ان يعلمه لقدر على ذلك، لقد سار يعقوب عليه السلام وولده عند البشارة تسعة أيام من بدوهم إلى مصر، فما تنكر هذه الأمة أن يفعل الله عز وجل بحجته كما فعل بيوسف، أن يمشي في أسواقهم ويطأ بسطهم حتى يأذن الله في ذلك له كما أذن ليوسف، قالوا: أئنك لانت يوسف ؟ قال : أنا يوسف)( الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 336 - 337).
وكذلك ورد عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): (إن في صاحب هذا الامر سنن من الأنبياء عليهم السلام، سنة من موسى بن عمران، وسنة من عيسى، وسنة من يوسف، وسنة من محمد صلوات الله عليهم: فأما سنة من موسى بن عمران فخائف يترقب، وأما سنة من عيسى فيقال فيه ما قيل في عيسى، وأما سنة من يوسف فالستر يجعل الله بينه وبين الخلق حجابا، يرونه ولا يعرفونه ، وأما سنة من محمد صلى الله عليه وآله فيهتدي بهداه ويسير بسيرته)( كمال الدين وتمام النعمة ص 350 - 351.
، وهذا ما لا ينطبق على الإمام المهدي (عليه السلام) فقد ورد بحقه أنه لا يرى شخصه فيرى الناس ولا يرونه فقد جاء عن عبد العظيم الحسني عن الإمام علي الهادي (عليه السلام) في حديث له إلى أن قال: (....ومن بعدي الحسن أبني فكيف للناس بالخلف من بعده ؟ قال فكيف ذلك يا مولاي قال : لأنه لا يرى شخصه .....)( كمال الدين وتمام النعمة ص 350 - 351).
وكذلك ما جاء عن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (للقائم غيبتان يشهد في أحدهما المواسم يرى الناس ولا يرونه)( الكافي ج1 ص339
).
مما يعني إن صاحب الأمر الذي يراه الناس ولا يعرفونه هو اليماني أنما من لا يرى شخصه فهو الإمام المهدي (عليه السلام).
الدليل الرابع:
ما ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: ( في صاحب هذا الأمر سنة من موسى وسنة من عيسى وسنة من يوسف وسنة من محمد ... وأما من يوسف فالسجن ...)( بحار الأنوار ج51 ص218).
وفي رواية ثانية واردة عن أبي بصير أنه قال: ( قلت فما سنة يوسف ؟ قال: السجن والغيبة )( غيبة النعماني ص164).
وهذا ما لا ينطبق على الإمام المهدي (عليه السلام) مطلقاً فلم يرد في الروايات أن الإمام المهدي (عليه السلام) سجن أو سوف يسجن، ثم إن الإمام المهدي (عليه السلام) غائب فلا يصح أن يسجن وهو في حال الغيبة التي عبرت عنه الروايات انه لا يرى شخصه، وهذا يعني أن المقصود بصاحب الأمر هنا هو السيد اليماني وان الذي تجري عليه سنة يوسف (عليه السلام) هو السيد اليماني وهو من يسجن.
الدليل الخامس:
هو رواية الإمام الكاظم (عليه السلام) أنه قال: ( إنه لا بد لصاحب هذا الأمر غيبة حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به إنما هي محنة من الله عز وجل امتحن بها خلقه)( علل الشرائع ج1 ص244) ولا يمكن تصور إن الشيعة ترجع عن الإعتقاد بإمامة الإمام المهدي (عليه السلام) نتيجة تلك الغيبة وإن طال الزمان، وهذ يعني إن المقصود في هذه الرواية هو اليماني الذي يغيب ويختفي بعض الوقت كما سنبين لاحقاً ثم يعاود الظهور مرة اخرى وفي أثناء هذه الغيبة يرجع عن الإيمان به وبدعوته الكثير ممن كان قد آمن به قبل غيبته تلك.
ومن ذلك كله نستنتج إن لقب أو تسمية ( صاحب الأمر ) وإن كانت تطلق على الإمام الحجة بن الحسن (عليه السلام) إلا انه أطلق هذا اللقب على وزيره السيد اليماني في بعض الروايات، مما يعني إن الروايات تتحدث عن شخصين اثنين أحدهما الإمام المهدي (عليه السلام) والثاني هو السيد اليماني.
2- المنصور
إن هذا اللقب لم يكن مختصاً بالإمام المهدي (عليه السلام) وذلك لأنه قد لقب به قبله نبي الله داود (عليه السلام).
وبالنسبة للإمام المهدي (عليه السلام) فقد سماه الله عز وجل بالمنصور في القرآن في قوله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً }( بحار الأنوار ج51 ص31).
حيث ورد في تفسير هذه الآية عن الإمام الباقر(عليه السلام) أنه قال: ( في قوله ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً قال الحسين (عليه السلام) فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً قال: سمى الله المهدي منصوراً (المنصور) كما سمى أحمد ومحمد ومحمود وكما سمى عيسى المسيح (عليه السلام))( بحار الأنوار ج51 ص31).
كما ورد في تفسير نفس الآية عن الباقر(عليه السلام) في رواية أخرى قوله: ( هو الحسين بن علي قتل مظلوماً ونحن أولياءه والقائم منا إذا قام طلب بثأر الحسين فيقتل حتى يقال: قد أسرف في القتل، وقال المقتول الحسين (عليه السلام) ووليه القائم والإسراف في القتل أن يقتل غير قاتليه إنه كان منصوراً، فإنه لا يذهب من الدنيا حتى ينتصر برجل من آل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً)( - تفسير الفرات ص240).
وجاء أيضاً عن حمران عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: ( نحن والله أصحاب الأمر وفينا القائم ومنا السفاح والمنصور وقد قال الله تعالى ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً نحن أولياء الحسين بن علي (عليه السلام) وعلى دينه ...)( بحار الأنوار ج29 ص452).
بيد انه مع ثبوت إن المنصور هو اسم من اسماء الإمام المهدي (عليه السلام) فإن هذا لا يمنع أن يسمى به شخص آخر وهو وزيره السيد اليماني، وذلك لوجود عدة رويات تشير إلى هذا المعنى.
حيث ورد عن جابر الجعفي عن الباقر (عليه السلام) أنه قال: ( ويظهر السفياني ... ويبعث بعثاً إلى المدينة ويقتل بها رجلاً ويهرب المهدي والمنصور منها ويؤخذ آل محمد صغيرهم وكبيرهم ...)( بحار الأنوار ج52 ص222 ، تفسير العياشي ج1 ص64).
كما ورد في رواية أخرى عن عبد الله بن عباس أنه قال: ( لنا أهل البيت سبع خصال ما منهن خصلة في الناس ... ومنا قائم آل محمد الذي أكرم الله به نبيه ومنا المنصور ...)( الإرشاد ج1 ص37).
ومن هاتين الروايتين يتبين لنا أن المنصور يطلق على شخصيتان وليس شخص واحد فبدلالة الرواية التي تذكر ( فيهرب المهدي والمنصور ) فيكون المنصور هنا هو السيد اليماني.
ومما يؤكد ذلك ما جاء عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه قال: ( وفد على رسول الله أهل اليمن فقال (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما): جاء أهل اليمن يبسون بسيساً فلما دخلوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) قال: قوم رقيقة قلوبهم راسخة أيمانهم منهم المنصور يخرج في سبعين الفاً ينصر خلفي وخلف وصيي )( بحار الأنوار ج36 ص112، غيبة النعماني ص39).
ونرى إن الرواية هنا صريحة في كون المنصور هو نفسه الداعي اليماني.
يتبع
تعليق