إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سنـن الإمام المهدي من موسى (عليهما السلام)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سنـن الإمام المهدي من موسى (عليهما السلام)

    منقول من
    ( موسوعة القائم )
    (من فكر السيد القحطاني)


    سنـن الإمام المهدي من موسى (عليهما السلام)



    لقد جاء في الرواية الشريفة الواردة عن إمامنا علي بن الحسين زين العابديـن (عليه السلام) أنه قال: (في القائـم منا سنة من آدم وسنة من نوح وسنة من إبراهيم وسنة من موسى وسنة من عيسى وسنة من أيوب وسنة من محمد (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين )( غيبة الطوسي ص60 ).
    وفي رواية أخرى عن عبد الله بن سنـان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: ( في القائم (عليه السلام) سنة من موسى بـن عمران (عليه السلام) فقلت ما هي سنته من موسى بن عمران؟ قال: خفاء مولده وغيبته عن قومه، فقلت: كم غاب موسى بن عمران عن أهله ؟ قال ثمانية وعشرين سنة)(أعيان الشيعة ج2 ص58 ).
    وكذلك ورد عن أبي بصير قال سمعت أبا جعفر يقول: (في صاحب هذا الأمر أربع سنـن من أربع أنبياء: سنة من موسى وسنة من عيسى وسنة من يوسف وسنة من محمد صلوات الله عليهم أجمعين، فأما سنته من موسى فخائف يترقب، وأما سنته من عيسى فيقال فيه مثل ما قيل في عيسى بن مريم (عليه السلام) حيث يقولون أنه مات ولم يمت، وأما سنته من يوسف فالسجن والغيبة، وأما سنته من محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) فالسيف - أي القيام بالسيف -)(مكيال المكارم ج1 ص77 ).
    فمن تلك الروايات يتضح لنا أن هنـاك علاقة وثيقة وواضحة وشبه بين موسى بن عمران (عليه السلام) وبين المهدي (عليه السلام) ، وإن للمهدي (عليه السلام) سنـن من موسى حيث إن الكثير من الأحداث والوقائـع التي جرت مع نبي الله موسى بن عمران (عليه السلام) ومرت عليه وعلى قومه وأصحابه فإنها سوف تجري على القائـم من آل محمد وعلى أصحابه حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة .

    1-خفاء النسب والولادة

    لقد كان بنو إسرائيل موعوديـن بمولود يولد بينهم من ذريـة نبي الله يعقوب (عليه السلام) حيث خلاصهم وفرجهم ونجاتهم من فرعون وملائه على يديه، لذلك فقد أنتشر هذا الخبر وشاع في بني إسرائيل حيث طال انتظارهم جيلا بعد جيل وعاما بعد عام وكانت لهم علامات ودلالات على العام الذي يولد فيه ذلك المولود المنتظر، وبعدما تحقـقـت تلك العلامات وتأكدهم من أن ولادته باتت قريبة جدا راحوا يتباشرون فيما بينهم حتى وصل الخبر إلى فرعون فقام فرعون بقتل كـل مولود يولد في ذلك العام وأمر كذلك بشق بطون النساء الحوامل من بني إسرائيل كما أنه أوكل بنساء بني إسرائيل نساء من الأقباط يحفظنهن، وذلك لما كان قد بلغ فرعـون عن بني إسرائيل أنه يولد فينا رجل يقال له موسى بن عمران يكون سببا في هلاك فرعون وأصحابه.
    فقال فرعون آنذاك: لأقتلن ذكور أولادهم حتى لا يكون ما يريدون فقام بالتفريق بين الرجال والنساء، ولما حملت أم موسى لم يظهر حملها كرامة لموسى (عليه السلام) وحفظا له من فرعون لأجل القضية الموعود بها إلا حين وضعته، فلما وضعته نظرت إليه واغتمت وقالت: يذبح الساعة، فعطف الله بقلب الموكلة بها عليه فقالت لأم موسى مالك قد أصفر لونك ؟ فقالت: أخاف أن يذبح ولدي فقالت لا تخافي.
    وبالرغم كل ما قام به فرعون من ذبح للأطفال وتفريق بين النساء والرجال أبى الله إلا أن يتم نوره ويولد كليم الله موسى بن عمران وقد أخبر فرعون بذلك وقام بمداهمة البيوت وتفتيشها، فأوحى الله عز وجل إلى أم موسى أن تضعه في تابوت وترميه في البحر كما أخبرنا المولى تبارك وتعالى في كتابه قال تعالى: َ{ وأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ}(القـصـص (7) ).
    وفعلا فقد قامت أم موسى بذلك وشاء الله تبارك وتعالى أن تأخذه الأمواج إلى قصر عدوه فرعون حيث كانت تجلس امرأة فرعون على ضفاف النهر حينما جلبت الأمواج ذلك التابوت الذي فيه موسى والذي يحمل البشارة لبني إسرائيل بهلاك فرعون وملائه، وبذلك فقد شاءت الإرادة الإلهية أن يعيش موسى (عليه السلام) في قصر فرعون (عدوه) ليكون ابنا له بالتبني، وهكذا عاش موسى وهو يعرف بين قومه بابن فرعون.
    وهكذا نجد أن هذه السنة الشريفة قد أنطبقت انطباقا تامـا على الأمام المهدي (عليه السلام) وذلك لتشابه حالة الولادة للأمام المهدي (عليه السلام) مع الطريقة نفسها لولادة كليم الله موسى بن عمران، حيث كان فرعون بني العباس قد سمع وعلم أن الشيعة ينتظرون مولود من الأمام الحسن العسكري (عليه السلام) يكون خلاصهم ونجاتهم وفرجهم على يديه الشريفتين، فقام الفرعون العباسي بمثل ما قام به فرعون ذلك الزمان حيث أرسل نساء قصره وجواريه لمراقبة دار الأمام الحسن العسكري (عليه السلام)، إلا أن الله عز وجل حفظ وليه بأن أخفى حمل أمه السيدة نرجس كما أخفى حمل أم موسى سابقا فلم يظهر عليها شيء من آثار الحمل إلا حينما وضعته، حتى أن السيدة الجليلة حكيمة عمة الأمام المهدي (عليه السلام) تفاجـأت عندما أخبرها الأمام (عليه السلام) بأن السيدة نرجس ستلد المهدي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا بعد أن تملأ ظلما وجورا، كل ذلك خوفا على القائد العظيم الذي أراده الله وخوفا على القضية الإلهية المنوطة به والذي ظلت الناس تنتظره وتنتظر وقوع الفرج والخلاص من الظالمين والجبابرة والمتكبرين على يديه الشريفتين، فسبحان الذي أجرى السنـن والقوانين وأجرى هذه السنة والشبه الكبير بين نبيه وكليمه موسى بن عمران وبين وليه ووصيه المهدي المنتظر (عليه السلام).



    2- صفاتـه الجسمانية

    لقد عرف بني إسرائيل بضخامـة أجسامهم، فقد كانوا يتميزون بطول القامـة وعِظَم البنية فتجد أحدهم عريض المنكبين ضخم الهامة، وقد كان موسى بن عمران (عليه السلام) يتمتع بكل تلك الصفات الجسمانية حيث كان موسى (عليه السلام) أسمر اللون طويل القامة وقوي البنية حتى عُرف موسى (عليه السلام) بشدة بأسه وقوته كما جاء في قوله تعالى في كتابه العزيز واصفا موسى (عليه السلام) بتلك الصفات حكاية عن بنت شعيب قال تعالى: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ}( القصص26 ) .
    وكذلك ورد عن رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) في حديث المعراج (ثم صعدنا إلى السماء السادسة وإذا بها رجل آدم طويل). وآدم تعني أسمر اللون كما هو معروف، وهذه من صفات المهدي (عليه السلام) الجسمانية حيث أنه يشابه بني إسرائيل من ناحية لون البشرة وضخامة الجسم فهو بذلك له سنة من موسى (عليه السلام) فقد ورد عن الأمام الصادق (عليه السلام) قال: (.... أسمر يعتروه مع سمرته صفرة من سهر الليل)( بحار الأنوار ج13 ص5 ).
    ومما يؤكد كون الأمام المهدي (عليه السلام) قوي في بدنه فقد جاء في الرواية الشريفة الواردة عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنه قال: (ما كـان قول لوط لقومه لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد إلا تمنيا لقوة القائم التي يمتلكها (عليه السلام) ولا ذكر ركن إلا شدة أصحابه وأن الرجل منهم يعطى قوة أربعين رجلا وأن قلبه لأشد من زبر الحديد ولو مـروا بالجبال الحديد لقطعوها لا يكفون سيوفهم حتى يرضى الله عز وجـل)(بحار الأنوار ج83 ص81 ).
    وعن الريان بن الصلت قال: (قلت للأمام الرضا (عليه السلام): أنت صاحب هذا الأمر؟ فقال أنا صاحب هذا الأمر ولكني لست بالذي أملأها عدلا كما ملئت جورا، وكيف أكون كذلك على ما ترى من ضعف بدني وأن القائم هو الذي إذا خرج كان في سن الشيوخ ومنظر الشباب قويا في بدنه حتى لو مد يده إلى أعظم شجرة على وجه الأرض لقلعها، ولو صاح بين الجبال لتدكدكت صخورها، يكون معه عصا موسى وخاتم سليمان ذاك الرابع من ولدي يغيبه الله في ستره ما شاء الله ثم يظهره فيملأ به الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا)( كمال الدين وتمام النعمة ص376 ).
    ومن ذلك يتبين أن الأمام القائم قد عرف بطول قامته وضخامة بدنه وكان أسمر الوجه كما تقدم وهي نفس الصفات التي كانت عند نبي الله موسى بن عمران (عليه السلام) لان الأمام المهدي (عليه السلام) له سنة وشبه من موسى (عليه السلام) فقد جاء في الحديث الشريف عن عمران بن الحصين عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) أنه قال: (صف لنا يا رسول الله هذا الرجل وما حاله (أي المهدي ) ؟ والكلام لعمران بن الحصين، فأجابه رسول الله: كأنه من رجال بني إسرائيل)( الملاحم والفتن لأبن طاووس ص281 ).
    وفي رواية أخرى ورد عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما): (المهدي رجل من ولدي لونه لون عربي وجسمه جسم إسرائيلي على خده الأيمن خال كأنه كوكب دري يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا)( بحار الأنوار ج51 ص80).
    إذن من كل تلك الأحاديث والروايات الشريفة يتبين أن الأمام المهدي (عليه السلام) له سنة من موسى وله شبه منه (عليه السلام) وهو يحمل كل الصفات الجسمانية التي يحملها نبي الله موسى بن عمران (عليه السلام)، كما أن الإمام المهدي (عليه السلام) له الكثير من السنـن من كليم الله موسى بن عمران(عليه السلام).

    3- ثـقـلاً فـي لسـانـه
    قال تعالى في كتابه العزيز حكاية عن موسى بن عمران (عليه السلام) قال: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي* يَفْقَهُوا قَوْلِي}( طـه ( 27 -28) ) وقال: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ }( القصص34) يتبين من الآيتين أن نبي الله موسى بن عمران (عليه السلام) كان يتميز بثقلاً في لسانه لذا كان يستعين بأخيه ووصيه هارون في أثناء دعوته لدين الله أو أثناء المحاججة أو المناظرة مع فرعون وملائه كما هو ظاهر من سياق الآية.
    وبما أن الأمام المهدي (عليه السلام) له سنة من موسى وشبه منه (عليه السلام) لذا نرى أن هذه السنة منطبقة على المهدي (عليه السلام) والذي يؤكد ما نقوله ما جاء في الرواية الواردة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) في وصف المهدي (عليه السلام) أنه قال (( ... ثقلا في لسانه وضرب بفخذه اليسرى بيده اليمنى اذا أبطأ عليه الكلام أسمه أسمي...)( الملاحم والفتن لأبن حماد ص226 ).

    4- الخــوف
    قال تعالى في كتابه: {فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ }( القصـص (18) )، وكذلك قال تعالى: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }( القصـص (21) ).
    لقد تحدثت الآية الأولى عن حادثة وقعت لنبي الله موسى (عليه السلام) عندما مر في يوم من الأيام بالمدينة فوجد رجلين يتقاتلان أحدهما إسرائيلي من قوم موسى والآخر من قوم فرعون {هذا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ} فطلب الإسرائيلي المعونة ( الأستغاثة ) من موسى (عليه السلام) للنصرة على عدوه فقتل موسى (عليه السلام) الذي من قوم فرعون، وعندما سمع فرعون بتلك الحادثة غضب وبعث في طلب موسى (عليه السلام) مما أضطر موسى أن يترك مصرا ويخرج منها على خوف وترقب لئلا يقع بيد عدوه فرعون كما يخبرنا المولى تبارك وتعالى في القرآن.
    ولما كان للأمام المهدي سنة من موسى، فسوف تجري عليه هذه السُنة أي خروجه خائفاً، فقد جاء في الرواية الشريفة الواردة عن الأمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أنه قال: ( ويبعث بعثا إلى المدينة ( يعني السفياني ) هو الذي يرسل في طلب المهدي، فيقتل بها رجلا ويهرب المهدي والمنصور منها ويؤخذ آل محمد صغيرهم وكبيرهم، لا يترك منهم أحد إلا حبس، ويخرج الجيش في طلب الرجلين، يخرج المهدي منها على سنة موسى خائـفا يترقب حتى يقدم مكة، ويقبل الجيش حتى إذا نزلوا البيداء وهو جيش الهملات خسف بهم فلا يفلت منهم إلا مخبر )( بحار الأنوار ج52 ص222 ).
    من هذه الرواية يتبين لنا أن الأمام المهدي (عليه السلام) ووزيره اليماني المنصور حينما يدخل جيش السفياني المدينة يخرجان منها إلى مكة هاربين ويخرج الأمام خائـفا كما خرج موسى من قبل إلى مدين خائـفا يترقب، فإن الملاحظ من هذه الرواية وجود الشبه الكبير بين دعوة الأمام المهدي (عليه السلام) وبين دعوة النبي موسى بن عمران (عليه السلام) ويلاحظ كذلك أن الدعوة المهدية تمر بمراحل تشبه إلى حد كبير تلك المراحل التي مرت بها دعوة النبي موسى (عليه السلام).
    ولابد لنا هنا من الإشارة إلى مسألة الخوف الذي ثبت في شخص موسى والمهدي (عليهما السلام) والذي لا يمكن تفسيره من الناحية السلبية بل يجب أن يفسر هذا الخوف ايجابيا والذي فيه رفعة وعلو درجات لهذين الشخصين، فلم يكن ذلك الخوف على حياتهم بل إن ذلك الخوف نابع من عظمة الأمر الإلهي والأمانة التي يحملونها على عواتقهم ويدافعون عنها ويؤمنون بمبادئها، ولما كان أمر الأمة في زمن موسى (عليه السلام) كان متوقف عليه، لزم منه الحفاظ على نفسه، كذلك الأمر بالنسبة للأمام المهدي (عليه السلام) فإن الظلم والجور والاستبداد لا يمكن أن يرتفعان إلا بشخصه الكريم وأن العدل والمساواة والقسط لا يقومان إلا به، لذلك لزم منه الحفاظ على نفسه لأجل ذلك ومن أجل أحياء دين الله الخالص واستنقاذ الناس من كل أشكال الضلالة والانحراف، والرجوع بهم إلى جادة الصواب والحق والصراط المستقيم وإخراجهم من التيه الذي يعيشونه ويمرون به.
    ولأجل هذا السبب كانت الغيبة واختفاء الأمام وابتعاده عن محبيه وشيعته بصورة خاصة وعن المسلمين بصورة عامة، حتى يجتمع له أصحابه الثلاثمائة والثلاثة عشر رجلا وأنصاره العشرة آلاف جيش الغضب كما صرحت بذلك لنا روايات أهل البيت (عليهم السلام) فيقيم حكم الله في الأرض وينتصر للمظلومين والمستضعفين من الطغاة والظلمة والمتجبرين، لذا فقد أصبح من الضروري علينا كمسلمين أن نكون الدرع الواقي والمحامي عنه والترس الذي يحفظه من كيد الخائنين والكائدين وبغي الباغين فنكون من المنتظرين والناصرين الحقيقيين قولا وفعـلا.
    5- الغَيبـة
    من الحوادث التي جرت ووقعت على كثير من الأنبياء والرسل ومنهم كليم الله موسى بن عمران (عليه السلام) هي الغيبة، وهي من السنـن التي تجري وتقع على الأمام المهدي (عليه السلام) لأن له من موسى (عليه السلام) سنة الغيبة، التي راح الكثير من المغرضين والمناوئين ويشنعون على الشيعة بسبـب اعتقادهم وأيمانهم بغيبة الأمام المهدي (عليه السلام) وراح أعدائهم يتهمونهم بشتى أنواع الاتهامات والأباطيل من دون رادع أو خوف من الله تبارك وتعالى متجاهلين ما جاء في كتاب الله تبارك وتعالى من الآيات الدالة على غيبة بعض الأنبياء والرسل (عليهم السلام)، وما جاء في السنة النبوية الشريفة من أحاديث وروايات أثبتـت تلك الغيبات للرسل والأنبياء (عليهم السلام)، ومن الأنبياء الذين كانت لهم غيبة عن أقوامهم هو كليم الله موسى بن عمران (عليه السلام).
    فقد أخبرنا المولى تبارك وتعالى في كتابه عن غيبة موسى وتركه لأهله ووطنه وذهابه إلى مدين وبقائه هناك لعدة سنوات إلى أن تهيأت له الظروف والأسباب والمسببات المقدرة من الله تبارك وتعالى وعاد بعدها إلى قومه وخلص بني إسرائيل من ظلم فرعون وملائه قال تعالى: {إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى }( طـه ( 4)).
    يتضح لنا أن موسى (عليه السلام) قد غاب عن قومه وأنهم كانوا ينتظرون الفرج على يديه وهذا بعينه حاصل مع أمامنا المهدي (عليه السلام) فهو القائم المنتظر الذي غاب عن قومه، فقد جاء عن علي بن أسباط، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) في قول الله تعالى: ({قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ } قال: نزلت في الإمام، فقال ( إن ) أصبح إمامكم غائبا عنكم فمن يأتيكم بإمام ظاهر يأتيكم بأخبار السماء والأرض وبحلال الله تعالى وحرامه. ثم قال: أما والله ما جاء تأويل هذه الآية ولابد أن يجئ تأويلها ( الغيبة - الشيخ الطوسي - ص 158).
    وبذلك يعتبر هو القائم المنتظر الذي غاب عن قومه وسيخرج إن شاء الله فيملأ الأرض قسطا وعدلا بعد أن ملأت ظلما وجورا.
    فالأمام المهدي (عليه السلام) له سنة من موسى (عليه السلام) وهي الغيبة لحكمة من الله عز وجل لأجل إقامة دولة العدل الإلهي في الأرض، ونرى ذلك واضحا من خلال ما جاء عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سمعته يقول: ( في القائم سنة من موسى بن عمران (عليه السلام) فقلت وما سنته من موسى؟ قال: خفاء مولده وغيبته عن قومه، فقلت: وكم غاب موسى عن قومه وأهله ؟ قال: ثمانية وعشرين سنة) ( بحار الأنوارج51 ص216 ).
    .

    يتبع
    التعديل الأخير تم بواسطة القزويني; الساعة 19-06-13, 09:11 PM.
    له كنوز في الطالقان كنوز واي كنوز لا من ذهب ولا من فضة ولكن رجال قلوبهم كزبر الحديد

  • #2

    تعليق


    • #3
      6- يصلح أمره في ليلة
      بعد حادثة الغيبة التي وقعت لموسى (عليه السلام) في مدين ورجوعه منها ومعه أهله وكانت ليلة من ليالي الشتاء الباردة والممطرة وقد أصاب زوجته الطلق لأنها كانت حاملا وأراد موسى أن يصنع نارا لكي يتدفئوا بها فلم يستطع لأن كل شيء كان مبتلا فرأى في حينها نارا بعيدة كما في قـولـه تبارك وتعالى حكاية عن موسى: {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَاراً قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ }( القصـص (29) )
      وقال تعالى: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }( القصـص (30) ).
      فمن هذه الآيات المباركة يتبين لنا قصة بعث موسى (عليه السلام) واختياره نبيا وبعثه إلى فرعون وملائه لكي ينذرهم ويحذرهم ويدعوهم إلى عبادة الله وترك عبادة الأصنام وفرعون الذي أدعى الربوبية.
      فقد أصلح الله أمره في ليلة واجتباه وأختاره وجعله نبيا مرسلا وأيده بالآيات والبينات وجعله حجة على فرعون وملائه، وهذا ما سيحصل مع الأمام المهدي (عليه السلام) لأن له سنة من موسى (عليه السلام) ولابد أن تجري هذه السنة حذو النعـل بالنعل والقذة بالقذة.
      فقد جاء في الرواية الواردة عن الأمام أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنه قال لبعض أصحابه: ( كن لمـا لا ترجو أرجى منك لمـا ترجـو، فإن موسى بن عمران خرج يقتبس لأهله نارا فرجع إليهم وهو رسول ونبي، فأصلح الله تبارك وتعالى أمر عبده ونبيه موسى بن عمران في ليلة، وهكذا يفعل الله تبارك وتعالى بالقائم فيصلح أمره في ليلة كما أصلحه لنبيه موسى بن عمران ويخرجه من الحيرة والغيبة إلى نور الفرج والظهور)( كمال الدين وتمام النعمة ص152 ).
      وورد عن محمد بن الحنفية عن أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما): (المهدي منا أهل البيت يصلح الله أمره في ليلة)( بحار الأنوار ج51 ص218 ) ، وفي رواية أخرى (يصلحه الله في ليلة)( الغارات ج2 ص666 ).
      إذن من تلك الأحاديث والروايات يتبين لنا أن الأمام المهدي (عليه السلام) له سنة من كليم الله موسى بن عمران (عليه السلام) فكما أصلح الله أمر وليه ووصيه موسى (عليه السلام) في ليلة فكذلك يصلح الله أمر حجته القائم المهدي (عليه السلام) في ليلة، ففي ليلة يكون الأمام المهدي (عليه السلام) خائفا مستـترا وغائبا، فيأذن الله له بالفرج بعد اكتمال أصحابه وأنصاره حيث يجتمعون إليه على غير ميعاد قزع كقزع الخريف فيعلن في صبيحتها عن قيامه المقدس في مكة المكرمة بين الركن والمقام ويدعوا الناس إلى نصرته لأجل إحقاق الحق وإزهاق الباطل ومليء الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا.

      7- النــقـباء
      لقد بعث الله تبارك وتعالى موسى (عليه السلام) إلى بني إسرائيل نبيا ورسولا وهاديا ومرشدا لكي ينقذهم من الظلم والجور والطغيان الذي لحق بهم جراء ما فعله بهم فرعون وملائه واستضعافهم لهم، فكانوا يسومونهم سوء العذاب ويقتّلون أبنائهم ويستحيون نساءهم كما جاء في قوله تعالى: {وَإِذْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَونَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ}( الأعراف141 ).
      لذلك فقد بشر المولى تبارك وتعالى بني إسرائيل بالخلاص ووقوع الفرج والانتصار على فرعون الظالم وذلك على يد نبي الله موسى بن عمران (عليه السلام) وهذا ما أكد عليه الله تبارك وتعالى بقوله: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ }(القـصـص (5) ).
      فكانت مكافئة من المولى عز وجل لهم نتيجة لما تحملوه من فرعون وقومه بأن جعلهم ورثة وأئمة في الأرض، ولا يفوتنا أن نذكر أن موسى (عليه السلام) قام باختيار اثنا عشر رجلا من بني إسرائيل من الذين يمتازون بالصفات الجيدة والخاصة بأن جعلهم نقباء له أي جعلهم خاصته وتلامذة يستشيرهم في حال الثورة ويوكل إليهم بعض الأمور المهمة ويبعثهم رسلا عنه أو يجعلهم نوابه في سفره أو ما شابه ذلك، وقد وردت في ذلك الكثير من الروايات والأحاديث في ذكر نقباء موسى (عليه السلام).
      فقد ورد عن ابن مسروق أنه قال: كنا عند ابن مسعود فقال له رجل: أحدثكم نبيكم كم يكون بعده خلفاء ؟ فقال نعم، وما سألني عنها أحد قبلك فـإنك لأحدث القوم سناً، سمعته (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) يقول: (يكون بعدي عـدة نقباء موسى (عليه السلام))( غيبة النعماني ص106 ).
      وعندما يتحدث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) بذلك الحديث فهو يخبرنا بأن الخلفاء أو الأئمة بعده أثنا عشر خليفة (نقيبا) وكذلك فإن الرواية تؤكد لنا وجود نقباء لموسى (عليه السلام)، وبما أن الأمام المهدي (عليه السلام) له سنة من موسى (عليه السلام) فإن الإمام سيقوم بالكثير من الأعمال التي تشمل كل بقاع العالم ولابد والحال هذه أن يكون له نقباء بقدر نقباء موسى (عليه السلام) لكي يقوموا بالأعمال الموكلة إليهم وهؤلاء هم من خاصته ومن الذين يتشرفون بلقائه (عليه السلام ) قبل قيامه المقدس من مكة وهم الذين يتحملون الكثير من المصاعب والابتلاءات والمحن في أثناء دعوة المهدي بل إنهم سوف يشتركون في التمهيد الخاص للمهدي المنتظر (عليه السلام) ولكنهم سوف يقابلون بالرد والتكذيب من قبل الناس بعد أن يخبروا الناس بشرف لقائهم بالقائم (عليه السلام).
      فقد جاء في الرواية الشريفة الواردة عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: ( لا يقوم القائم حتى يقوم اثنا عشر رجلا كلهم يجمع على قول أنهم قد رأوه فيكذبونهم)( غيبة النعماني ص285 ).
      إن هؤلاء الأشخاص الذين يجعلهم المهدي (عليه السلام) نقباء له هم في الواقع من أفضل الأصحاب على الإطلاق وهم من الذين وصلوا إلى هذا المقام الشريف عن طريق التمحيص والغربلة وبالأخص في الوصول إلى مراحل عالية من الاعتقاد الذي لا يشوبه شك قيد أُنملة، فنرى أن الثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا أصحاب المهدي رغم المدح الكثير الذي ورد بحقهم في الروايات إلا أنهم في مرحلة معينة نراهم يتركون الأمام (عليه السلام) في موقف معين ويتخلون عنه ثم يرجعون بعد ذلك تائبين، ولكن في نفس الوقت نرى أن الذين يبقون صامدين لا يأبهون لأي شيء ولا يصدر أي رد فعل منهم هم الإثنا عشر نقيبا الوزير وأحد عشر نقيبا وهذا ما نراه واضحا في الرواية الواردة عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنه قال: ( كأني بالقائم (عليه السلام) على منبر الكوفة عليه قباء، فيخرج من وريان قباءه كتابا مختوما من ذهب فيفكه فيقرأه على الناس فيجفلون عنه إجفال الغنم فلم يبق إلا النقباء، فيتكلم بكلام فلا يلحقون ملجئ حتى يرجعون إليه وأني لأعرف الكلام الذي يتكلم به)( الكافي ج8 ص167 ).

      8- مواجهتـه لفـرعـون
      لقد أرسل الله أنبياءه إلى كافة بقاع الأرض لأجل إقامة الهدف المنشود وهو تحقيق الإرادة الإلهية عن طريق هؤلاء الرسل والأنبياء، ولا يمكن تحقيق تلك الغاية إلا بمواجهة الطغاة والمتجبرين ومحاربتهم بشتى الوسائل والطرق المتاحة لأجل تحقيق الإرادة الإلهية وهذا ما حدث عندما بعث الله نبيه وكليمه موسى بن عمران (عليه السلام) إلى بني إسرائيل نبيا ورسولا لأجل مواجهة فرعون الذي طغى وتجبر في الأرض وادّعى الربوبية، لذا فقد أمر الله نبيه موسى بمواجهة فرعون بأعتباره طاغية زمانه، حيث قال عز من قائل: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى }( طــه ( 34 ) ).
      وفعلا قام موسى ممتثلا لأمر مولاه تبارك وتعالى يرافقه في ذلك الأمر أخيه ووزيره هارون (عليه السلام) فدخلا بيت فرعون وهو في مصر وبين حاشيته ودعاه إلى عبادة الله عز وجل والتصديق بنبوته وترك ما كان يعبد هو وقومه، ولكن فرعون أبى وامتنع وكان يستهزأ بموسى وهارون (عليهما السلام).
      وقد يقول قائل كان بإمكان موسى (عليه السلام) أن يدعوا الناس إلى عبادة الله عز وجل لأجل التصديق بنبوته ولا حاجة إلى دعوة فرعون وملائه وفتح المجال لهم للتصدي إلى تلك الدعوة وبالتالي محاولتهم القضاء عليها وعلى أتباعها.
      إن من يريد الإصلاح والتغيير لابد من أن يبدأ بمواجهة الظالمين والطغاة والمتجبرين والمفسدين والقضاء على الظلم والجور والفساد، لأن من البديهي والمنطقي أن لا يتم الإصلاح ما دام هناك فسادا مستشري في البلاد وبين أفراد القوم وخاصة عند الرؤساء والمتسلطين.
      فإن رسالة موسى ودعوته إلى بني إسرائيل ما كانت لتتم لولا القضاء على فرعون والقضاء على الظلم والجبروت والطغيان ( لان الناس على دين ملوكهم) كما يقال.
      ولما كان للأمام المهدي (عليه السلام) سنة من موسى (عليه السلام) فلابد أن يواجه في أثناء دعوته وفي قيامه المقدس فرعون زمانه المتمثل بأكبر طاغية في زمان الظهور الشريف وهو السفياني.

      9- التيـــــــه
      لقد أصبح من الواضح والمعروف إن كل ما جرى على بني إسرائيل من أمور وحوادث تجري على أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) كما جاء في تفسير قوله تعالى {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبَقٍ }( الانشقاق19 ) وكذلك ما جاء في الرواية الواردة عن سلمان المحمدي أن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) يقول: ( لتركبن أمتي سنة بني إسرائيل حذو النعل بالنعل وحذو القذة بالقذة وشبرا بشبر وذراعا بذراع وباعا بباع ولو دخلوا حجر ضب لدخلوا فيه معهم )( بحار الأنوار ج28 ص18 ).
      ومن هذه السنـن التي جرت على بني إسرائيل هي سنة التيه وذلك عندما تاهوا في الصحراء أربعين سنة يتخبطون، وهي من السنن التي تجري على أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) حسب تعبير الرواية السابقة (حذو النعل بالنعل) وقبل معرفة تفاصيل تيه أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) لابد لنا من وقفة قصيرة لإعطاء نبذة مختصرة عن معنى وكيفية التيه الذي جرى على بني إسرائيل.
      إن معنى التيه هو التحير والتخبط في معرفة الطريق الصحيح وعدم معرفة من يدل على طريق الهداية والصواب، والأرض التيهاء هي التي لا يهتدى إليها أحد، وأما تيه بني إسرائيل فكان قد حصل عندما عصى بني إسرائيل أمر الله تعالى وأمر نبيه موسى (عليه السلام) فجعلهم الله جل جلاله يتيهون في الأرض في حيرة من أمرهم لا يعرفون الطريق الصحيح ولا يعلمون إلى أين ينتهي بهم الأمر كما جاء في قوله تعالى: {قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ}( المائدة(26) ).
      إن التيه الذي عاشه بني إسرائيل هو من نوع التيه المادي في الأرض، فكانوا كلما يحاولون أن يجدوا بصيـص أمل في معرفة الطريق أضاعه الله عليهم نتيجة لما اقترفوه من عصيان لأمره تعالى ولأمر نبيه موسى (عليه السلام).
      إن هذه السنة الجارية والحادثة في أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) إنما تكون بنوعين من التيه: التيه العام والتيه الخاص وسوف نبين هذان النوعان:
      التيه العام: هو التيه الذي كان بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وذلك لكون المسلمين قد اختلفوا فيما بينهم وضلوا السبيل عندما خالفوا قوله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) بعدم تنصيب أمير المؤمنين (عليه السلام) خليفة لرسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) حيث نرى أن هذا التيه الذي عاشته أمة محمد بعد وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) قد بينه أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله في أحد خطبه: (فـدع عنـك قريـشا وتركـهم في الضلال وتجـوالهم في الشـقاق وجماحـهم في التيـه فإنهم قد أجمعوا على حربي كإجماعهم على حرب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) قبلـي فجزت قريش عني الجوازي فقد قطعوا رحمي وسلبوني سلطـان أبن عمـي)( بحار الأنوار ج34 ص24 ).
      وهم بهذا قد عصوا الله عز وجل وجعلهم يتيهون التيه العام لأن العاصي والمخالف لأمر رسول الله هو عاصي ومخالف لأمر الله تعالى:
      أما التيـه الخاص: فإن الشيعة هم المقصودون به وهذا قد حصل فعلا بعد غياب الأمام المهدي (عليه السلام) في غيبته الكبرى وانقطاع السفارة والاتصال بالأمام كما قد روج له فقهاء ورجال الدين في زمن الغيبة، الذين بدءوا يوهمون الناس بأن الهدى باتباعهم.
      وبما أن هذه السنة سوف تجري على الأمام المهدي (عليه السلام) لأن له سنة من موسى فإن الشيعة سوف يدخلون في التيه كما دخل بني إسرائيل وأن التيه الذي دخلوه هو تيه فكري عقائدي، وهذا ما لم نقوله نحن بل هو مصداق لقول الإمام أبو جعفر( عليه السلام ) : (إذا غضب الله تبارك وتعالى على خلقه نحانا عن جوارهم )( موسوعة الإمام الجواد ج3ص431 ، الكافي للكليني ج1ص506 ). فتيه الشيعة هو فقدانهم لإمامهم (عليه السلام)
      وهذا ما سينكشف للجميع ويظهر جليا عند ظهور أمر الأمام المهدي حيث تنتهي فترة التيه الذي كتبه الله تعالى كما انتهت فترة التيه لقوم موسى (عليه السلام ).
      فنرى الأمة تعيش في حالة التيه بشقيه العام والخاص وفي قمته حيث تمسك الناس في هذا العصر بقوة بضلالتهم وتيههم ولا يدرون أين هو الطريق الصحيح للخلاص من الواقع الفاسد والمظلم في حياتهم.
      فيجب على هذه الأمة أن تدرك وتفهم سنتها من بني إسرائيل المتمثلة ( بحذو النعل بالنعل ) وينبغي لنا أن نبحث عن أمر الأمام المهدي (عليه السلام) خصوصا ونحن نعيش عصر الظهور الشريف والمقدس، عسى أن يدخلنا الله في واسع رحمته ويمن علينا بفضله وينقذنا من هذا التـيه الذي نعيـشه.





      يتبع
      التعديل الأخير تم بواسطة القزويني; الساعة 22-06-13, 12:18 AM.
      له كنوز في الطالقان كنوز واي كنوز لا من ذهب ولا من فضة ولكن رجال قلوبهم كزبر الحديد

      تعليق


      • #4
        10- التمكــيــن
        إن أكثر السنـن التي تجري على أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وعلى الأمام المهدي (عليه السلام) هي سنة بني إسرائيل وسنته من موسى (عليه السلام) خاصة، وإن من بين هذه السنـن هي سنـة التمكيـن ومعنى التمكين هو تهيئة الأسباب والمسببات والمؤهلات الكاملة لأستحصال النتائج الصحيحة لغرض تحقيق الأهداف المنشودة، فالإنسان مهما بلغ من الإدراك والفهم والدراية للأمور لا يمكنه الحصول على الهدف منشود ما لم يتبع الأسباب المؤدية إلى ذلك أو يوجد المقامات التي تقود إليه.
        وهذا الحال نراه ينطبق على كل القضايا سواء كانت أمور دنيوية أو أخروية، فالتمكين الإلهي لأي من الأنبياء والأوصياء لم يكن بدون مقدمات وإنما ساروا وعملوا وفق الأسباب والمسببات الطبيعية لتحقيق ذلك الهدف المنشود.
        إن المتتبع لقصـص الأقوام في القرآن يجد أن أكثر الطغاة والجبابرة كانوا يستبيحون المحرمات ويقتلون الناس وهذا ما نجده واضحا من خلال قصة نبي الله موسى مع فرعون وهامان حيث لم يكونوا يراعوا أبسط قواعد الإنسانية فكانوا يعاملون بني إسرائيل معاملة سيئة وتعسفية وجائرة كما جاء في قوله تعالى: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ }( البقرة آية 49 ).
        وبعد ما أحس فرعون عن طريق بعض المنجمين والعارفين انه في هذه الفترة من الزمن سوف يولد مولود من بني إسرائيل يدمر الصرح الذي بناه فرعون طوال سنين حياته، راح يقتل كل ذكر يولد في هذه الفترة من الزمن ويفرق بين الرجال والنساء كي لا يولد هذا المولود ظنا منه أن باستطاعته تغيير أمر الله وتغيير أرادته ومشيئته ولكن هيهات من ذلك العمل المشين وشاءت القدرة الإلهية أن يولد هذا المولود ويتربى في بيت فرعـون ويصبح من المقربين لـه.
        وبعد هذه المظالم والانقسامات والإفسادات التي لحقت ببني إسرائيل مكن الله لموسى (عليه السلام) وأصحابه فاستلموا مقاليد الأمور في أرض بني إسرائيل واستطاعوا أن يؤسسوا دولة مقامة على أساس العدل الإلهي بقيادة نبي الله موسى (عليه السلام) بعد أن أصابهم الضعف والوهن الذي عاشوه طيلة تلك المدة في عهد فرعون حيث قال عز وجل {وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ }( القـصـص (6) ) .
        ومع اعتبار أن الأمام المهدي له سنة من نبي الله موسى (عليه السلام) فإنه لن يقوم ما لم تتوفر الأسباب والمسببات المؤدية إلى ذلك وما لم توجد المقدمات الصحيحة التي ينتج عنها قيام دولة العدل الإلهي المنتظرة لإقامة العدل والمساواة بين الناس على أساس رفع الظلم والجور والفساد الواقع عليهم من قبل الحكام والسلاطين الذين لم يرعوا لله حدود ولا حرمات والذين فعلوا أكثر مما فعل فرعون وهامان ببني إسرائيل.
        ومن المعروف والواضح أن الأعم الأغلب من أنصار الأمام المهدي هم من الفقراء والمستضعفين من الذين ينطبق عليهم قوله تعالى: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ }( القـصـص ( 5) )، ومن الواضح أن الظالمين عندما يحين وقت ظهور الأمام المهدي (عليه السلام) فإنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي بل سيقومون بتوظيف كل الطاقات والإمكانيات المادية والبشرية وكذلك الفكرية والمعنوية في سبيل محاربة الإمام المهدي (عليه السلام) ودعوته المباركة مثلما فعل فرعون وهامان وجنودهما مع نبي الله موسى (عليه السلام) ودعوته، حيث سيقومون برد دعوته وتكذيبها وإبعاد الناس عن الدعوة وإضلالهم من خلال بث الإشاعات المغرضة والمناهضة ضد دعوة الإمام، ومن ثم يقومون بمحاربة الإمام وأصحابه.

        11- الاختيار
        لقد جرت الحكمة الإلهية في الاختيار أن لا يختار الله تعالى من هو أغنى لكي لا يتبعه الناس طمعا لما عنده من مال وأن لا يختار من هو ذا وجاهة اجتماعية كي لا تتبعه الناس لوجاهته ونفوذه الذي يتمتع به، وإنما وقع الاختيار من قبل الله سبحانه وتعالى من عامة الناس من الطبقة الكادحة والفقيرة والتي تكون أقرب إلى الله تبارك وتعالى، لذلك نرى أن أغلب الناس يعترضون على هذا الاختيار، فإن الله تبارك وتعالى يختار وفق مشيئته وليس من حق أي أحد أن يعترض قال تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ }( الحج (75) ).
        وهكذا هو الحال عندما اختار الباري عز وجل موسى بن عمران (عليه السلام) نبيا ورسولا إلى بني إسرائيل دوناً عن فرعون وهامان وقارون من الذين يملكون المال والجاه، وكذلك الحال في اختيار الله تعالى لنبيه الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) حيث ورد في الحديث الشريف عن رسوله الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما): ( نظر الله إلى أهل الأرض نظر نظرة فأختارني منهم ، ثم نظر نظرة أخرى فأختار عليا (عليه السلام) )( معجم رجال الحديث ج9 ص233 ).
        ومن الملاحظ أن رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) سمي بالمصطفى لان الله سبحانه وتعالى قد اصطفاه من بين الناس وسمي كذلك بالمختار لان الله عز وجل قد اختاره من بين البشر، وبما انه أصبح من المسلم به أن لكل نبي وصي ووزير يخلفه في حال غيبته وانقطاعه عن الناس فنجد أن هارون قد اختاره الله لكي يكون وزير وخليفة لنبي الله موسى (عليه السلام) وكان الأمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وصي ووزير لرسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وكذلك بقية الأئمة (عليهم السلام) لأن النبوة والإمامة مختارة من الله تبارك وتعالى حيث كان الاعتراض من قبل قريش على الله تعالى لأن الاختيار لم يكن يأتي موافقا لرغباتهم وأهوائهم وقالوا لولا أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم وذو مال وجاه.
        وكذلك يكون الحال مع الأمام المهدي (عليه السلام) وصاحب دعوته فهما مختاران من الله سبحانه وتعالى وهذا الاختيار كما أسلفنا لا يمكن لأحد أن يعترض عليه، وبالرغم من ذلك فسوف يقع الاعتراض على الأمام ووزيره اليماني من قبل قريش في عصر الظهور الشريف.
        وبما أن الأمام المهدي (عليه السلام) مولود وأمره واقع لا محالة فإن الاعتراض عليه هنا سوف يكون على وزيره اليماني الموعود لأنه من عامة الناس وليس صاحب أية سلطة أو جاه أو مـال عندما اختاره الله وتعالى، وأن الاعتراض عليه يكون من قبل الناس بأن يقولوا لماذا لا يكون العالم الفلاني أو الشيخ الفلاني هو اليماني لأنه من الوجوه المعروفة وذوي المكانة والشرف كما فعل أسلافهم مع سفراء الإمام.
        ولو سلمنا أن اليماني هو العالم الفلاني الذي بطبيعة الحال لديه أتباع بالملايين فبالنتيجة تكون الأنصار بالألوف إن لم تكن بالملايين، بينما نجد أن الأمام المهدي (عليه السلام) ينتظر الثلاثمائة والثلاثة عشر رجلا للقيام بالثورة العالمية وبهذا يكون التناقض واضحا وجليا بالنسبة للقاصي والداني.



        12- الوزارة
        قال تعالى في كتابه {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيراً }( الفرقان (35) ) ، لقد بينا سابقا الكثير من سنن كليم الله موسى بن عمران (عليه السلام) التي تجري على مولانا وأمامنا ومقتدانا الأمام المهدي (عليه السلام) وها نحن الآن بصدد تبيان سنة الوزارة.
        حينما بعث الله سبحانه وتعالى نبيه موسى بن عمران (عليه السلام) إلى بني إسرائيل طلب من الله جل وعلا أن يجعل له وزيرا يخلفه في قومه لأنه أدرك أن الرسالة لا تكون إلا بالوزارة وهذا الشيء مفروغ منه وكان هذا الطلب كما عبرت عنه الآية الكريمة {وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي }( طـه (29) )، حيث إن اختيار موسى لهارون (عليهما السلام ) ليكون وزيراً وخليفتة له لأنه لم يجد من يصلح لهذه المهمة أفضل منه، لان الوزارة كمنصب الرسالة والنبوة وذلك لأن الصفات الموجودة في الرسول وفي النبي يجب أن تكون عند الإمام أو الوزير لكي لا يكون هناك اختلاف كبير بين النبي والخليفة من بعده وغالبا ما يكون دور الوزير أو الخليفة أثناء غياب صاحب الأمر أي النبي أو الرسول لكي يقوم بما كان يقوم به صاحب الأمر على أكمل وجه، ولابد هنا من الإشارة إلى أن الأخوة التي بين موسى وهارون (عليهما السلام) والتي أشار إليها في قوله تعالى {وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي } هي أخوة حقيقية في الله إضافة إلى كونها أخوة نسبية، وكذلك الحال بالنسبة للأخوة التي بين الأمام علي (عليه السلام) وبين رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) فقد كان الأمام علي (عليه السلام) أخا ووزيرا لرسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) حيث كان علي (عليه السلام) أقرب الناس إليه وقد عاش معه في بيت واحد فكان شبه الأخ له لأن الرسول قد أخذ عليا (عليه السلام) من أبي طالب ليربيه عندما حل القحط في قريش وجاء عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) أنه قال: (لقد اخترت من اختاره الله لي عليكم)( بحار الأنوار ج38 ص254 ).
        فتربى علي (عليه السلام) في حجر رسول الله وأكمل حياته معه وكان يعيش معه إخوة لا مثيل لها حيث يصفها الأمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: ( لقد علمتم موضعي من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة وضعني في حجره وأنا ولد يضمني إلى صدره ويكنفني إلى فراشه ويمسني جسده وشمني عرفه وكان يمضغ الطعام ثم يلقمنيه وما وجد لي كذبة في قول ولا خطلة في فعل ولقد قرن الله به من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالم ليله ونهاره ولقد كنت أتبعه أتباع الفصيل أثر أمه يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما ويأمرني بالإقتداء به، ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وخديجة وأنا ثالثهما أرى نور الوحي والرسالة وأشم ريح النبوة ولقد سمعت رنة الشيطان حيث نزل الوحي فقلت يا رسول الله ما هذه الرنة فقال هذا الشيطان آيس من عبادته أنك تسمع ما أسمع وترى ما أرى إلا أنك لست نبي ولكنك وزير وإنك لعلى خير )( نهج البلاغـة ج2 ص 157 ).
        ولم يكتفي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) عن تبيان أخوته من علي (عليه السلام) فتراه في يوم الموآخاة حين آخى بين المهاجرين والأنصار من أصحابه في سبيل زيادة أواصر المحبة بينهم وأماتة العصبية القبلية عندهم فقد ورد أن رسول الله آخى بين أصحابه فجاء علي تدمع عيناه فقال: ( يا رسول الله آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بيني وبين أحد، فقال النبي: أنت أخي في الدنيا والآخرة)( نهج البلاغـة ج2 ص 157 ).
        إذن فهناك ارتباط وثيق ما بين الأمام علي وهارون ( عليهما السلام ) بدليل قول الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) لعلي يوم الموآخاة: (والذي بعثني بالحق ما اخترتك إلا لنفسي، أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي وأنت أخي ووارثي)( بحار الأنوار ج38 ص342 ).
        ولابد لنا هنا من تبيان وجه الشبه بين وزارة وخلافة أمير المؤمنين علي (عليه السلام) لرسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وبين عصر الظهور الشريف للأمام المهدي (عليه السلام) باعتبار أن الأمام له سنة من موسى (عليه السلام) في قضية الوزارة، وسوف يختار الإمام السيد اليماني الموعود وزيرا وقائدا لجيشه كما نصت عليها العديد من الروايات عن أهل البيت (عليهم السلام) والتي تشير ضمناً وليس صراحة بأن اليماني هو وزير الأمام المهدي (عليه السلام).
        حيث جاء عن جابر الجعفي عن الأمام الباقر (عليه السلام) أنه قال ( ويظهر السفياني ومن معه حتى لا يكون له هم إلا آل محمد وشيعتهم ... ويبعث بعثا إلى المدينة فيقتل بها رجلا ويهرب المهدي والمنصور منا ويؤخذ آل محمد صغيرهم وكبيرهم لا يترك منهم أحدا إلا حبس ويخرج الجيش في طلب الرجلين ويخرج المهدي منها على سنة موسى خائفا يترقب حتى يقدم مكة ويقبل الجيش حتى إذا نزلوا البيداء وهو جيش الهملات خسف بهم فلا يفلت منهم إلا المخبر فيقوم القائم بين الركن والمقام فيصلي وينصرف ومعه وزيره)( بحار الأنوار ج 52 ص 222 ).
        وفي رواية أخرى أيضا ورد عن المفضل بن عمر عن الأمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: ( كأني أنظر إلى القائم على منبر الكوفة وحوله أصحابه الثلاثمائة والثلاثة عشر رجلا عدة أهل بدر وهم أصحاب الألوية وهم حكام الله في أرضه على خلقه حتى يستخرج من قبائه كتابا مختوما بخاتم من ذهب عهد معهود من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) فيجفلون عنه إجفال الغنم فلا يبقى منهم إلا الوزير وأحد عشر نقيبا)( بحار الأنوار ج 52 ص 326 ).
        ولو جئنا إلى هاتين الروايتين لوجدنا أن كل منهما تشير بدلالة ضمنية إلى أن الوزير هو اليماني لأنه المنصور الذي يهرب مع المهدي (عليه السلام) وهو نفسه اليماني الذي يكون موجودا معه عند قيامه في مكة بين الركن والمقام وهو الذي يأتي بعده كما في الرواية الواردة عن جابر الصدفي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) قال: (سيكون من أهل بيتي رجلا يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ثم من بعده القحـطاني والذي بعثني بالحق ما هو دونـه) ( الملاحم والفتن ج 5 ص(301) ).
        أما بالنسبة للأخوة بين الأمام المهدي (عليه السلام) ووزيره اليماني فكما هو معروف أن الأمام المهدي (عليه السلام) هو من ذرية الحسين (عليه السلام) وأن اليماني يكون من ذرية الأمام الحسن (عليه السلام) مما يدل دلالة واضحة على انه ابن عمه والشائع أن أبن العم هو أخ نسبي، وأما بالنسبة للأخوة الحقيقية غير النسبية فإن اليماني هو أخو المهدي في دينه كما جاء: ( يكون بعد المهدي خليفة من أهل اليمن من قحطان أخو المهدي في دينه يعمل بعمله، وهو الذي يفتح الروم ويصب غنائمها ....)( الفتن لأبن حماد ص244 ).
        له كنوز في الطالقان كنوز واي كنوز لا من ذهب ولا من فضة ولكن رجال قلوبهم كزبر الحديد

        تعليق

        يعمل...
        X