إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مقارنة بين النحل والنمل من جهة وبين الذباب من جهة أخرى

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مقارنة بين النحل والنمل من جهة وبين الذباب من جهة أخرى

    مقارنة بين النحل والنمل من جهة وبين الذباب من جهة أخرى

    من فكر السيد ابي عبد الله الحسين القحطاني


    لقد تطرقنا لحياة النحل والنمل وصفاتهما في البحث السابق واستخلصنا ما في صفاتهما من الخير والشر أما الآن فسنجري مقارنة بين أفعال النمل والنحل من جهة والذباب من جهة أخرى لكي يتضح الأمر أكثر وذلك في النقاط الاتية :
    أولاً : النحل لديه مملكة وهي غاية في الانضباط والدقة ففيها العمل مقسم بين أفرادها كلاً حسب دوره وهذا أيضاً موجود في مساكن النمل ولكن ليس بانضباط ودقة النحل طبعاً بغض النظر عن نتيجة عمل كلاً منهما، فالنحل الذي يمثل المؤمنين له غايات يعمل لتحقيقها وكذلك النمل الذي يمثل الكافرين له غايات أيضاً يعمل لتحقيقها، أما الذباب فليس له مملكة تذكر وهو فوضوي وعبثي ولا يعمل الا لقوته أي همه بطنه، وهو ليس لديه قائد يقوده كالنحل ولا حتى كالنمل بل هم متناثرين هنا وهناك، وهذه الصفات تنطبق على المنافق، فالمنافقون ليس لديهم كيان يجمعهم أو قائد يقودهم ظاهرياً أما في الواقع فقائدهم إبليس من حيث يشعرون أو لا يشعرون، وهم ليس لديهم هدف معين أو عقيدة واضحة انما تدفعهم الاهواء ، وهم بارعين في تغير الأمور وتهويل التافه منها والعكس بالعكس وحسب مصالحهم الشخصية .
    ثانياً : النحل مفيد ويعمل بجد ونشاط وهدوء فهو ينتج العسل الذي يمثل الحكمة في التأويل الذي (فيه شفاء للناس) ، كما ان النمل أيضاً له عمل خاص به بغض النظر عن نتيجة عمله .
    أما الذباب فهو مضر وكسول كما هو حال المنافق فهو كسول ومتقاعس دائماً عن أداء أعماله ومؤثراً على غيره أيضاً وينطبق ذلك في قول رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) حين قال: ( المؤمن قليل الكلام كثير العمل والمنافق كثير الكلام قليل العمل).
    ثالثاً : إن النحل مسالم ولا يعتدي على أحد إلا دفاعاً عن النفس فمثله كمثل المؤمن الذي يشبه النحل فأصوات المؤمنين كدوي النحل، وقيل عن أصحاب الحسين (عليه السلام) في ليلة عاشوراء لهم دوي كدوي النحل، والمؤمن المسلم لا يضر أحداً وقد وضحه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله: (المسلم من سلم الناس من يده ولسانه) ، أما النمل فإنه يعتدي على الآخرين ويسرق ويكذب وله صفات عديدة أثبتتها التجارب العلمية .
    أما الذباب فقد حاول تقليد دوي النحل ولكنه لم يفلح في ذلك فهو ضوضائي وله طنين مزعج ومتطفل على الآخرين .
    رابعاً : يمتلك النحل أربعة أجنحة أي زوجان من الأجنحة أما الذباب فلديه زوج واحد من الأجنحة وتسمى علمياً (رتبة ثنائية الأجنحة) وبذلك لا يستطيع الذباب أن يسبق النحل فان سرعته أبطئ بكثير من سرعة النحل .
    خامساً : إن النحل يقتات من رحيق الأزهار متنقلاً في روضات الجنات والحدائق، بينما الذباب يقتات على الفضلات والجيف وهو متنقل من قذارة إلى جيفة ليأخذ قوته منها، وكذلك المنافقون الذين يبغون الدنيا ويتركون الآخرة , هذه الدنيا التي مثلها أمير المؤمنين (عليه السلام) بالجيفة بقوله : (مثل الدنيا كجيفة اجتمع عليها طلابها) والذباب يمثل أيضاً المنافقين على مر العصور والقائمين على السلب المادي والمعنوي تجاه عامة الناس، كون الذباب يسلب الشيء من صاحبه ويبتلعه بعد تحويله من مادته إلى مادة ثانية يستطيع امتصاصها - كما ذكرنا آنفا - وقوله تعالى: { وَان يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ } يطابق هذه الصفة لأن الشيء الذي يستحوذ عليه الذباب يحوله إلى مادة أخرى فلا يمكن ارجاعه إلى حالته السابقة، وقد وصف المنافق على لسان الإمام الصادق (عليه السلام) بقوله : (قد رضي ببعده عن رحمة الله تعالى لأنه يأتي بأعماله الظاهرة شبيهاً بالشريعة وهو لاه ولاغ وباغ بالقلب عن حقها مستهزئاً فيها).مصباح الشريعة ص144
    سادساً : إن لون النحل هو أصفر كالشمس التي تمثل النور وهو أصفر كالذهب وهو يمثل المؤمن والإيمان فقد قال الشاعر في مدح أمير المؤمنين (عليه السلام):
    عليٌ الدر والذهب المصفى
    وباقي الناس كلهم تراب
    أما الذباب فلونه أسود والسواد هو الظلام عكس النور وهو لباس أهل النار والمنافقين الذين يكون مصيرهم في الدرك الأسفل من النار ، فقد قال تعالى : {ان الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً }( - النساء145)
    وعن أبي بصير عبد الله ( عليه السلام) قال : حدثني أبي ، عن جدي ، عن أبيه عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : (فيما علم أصحابه لا تلبسوا السواد فإنه لباس فرعون)( - علل الشرائع - الشيخ الصدوق - ج 2 - ص 347
    وسئل الإمام الصادق (عليه السلام)عن الصلاة في القلنسوة السوداء ؟ فقال : ( لا تصل فيها فإنها لباس اهل النار )( - الخلاف للطوسي ج1 ص506).
    ).
    سابعا: النحل دائما ما يكون نظيفاً وطاهراً لأن الخلية لا تقبله إذا كان في بدنه أو أرجله ما يضر الخلية ويصيبها بالعدوى فاللخلية نظاماً يقوم على قوانين يلتزم بها كل العاملين والشغالات بل وحتى الملكة (اليعسوب).
    أما الذباب فيكون قذراً دائماً ولا تحكمه قوانين نظافة أو حماية من الأخطار والأمراض والعدوى لأنه دائما مصدراً للعدوى لأنه يعيش على الفضلات والاوساخ والمزابل التي تكون بؤرة للجراثيم وهذا الأمر –أي النظافة وعدمها – في المؤمنين والمنافقين فالمؤمن دائماً ما يسعى للطهارة المادية والمعنوية وهذا ما لا يتوفر في المنافقين الذين لوثتهم الخطايا وأي خطايا اكبر من النفاق الذي هو أشد من الكفر .
    ثامنا: يتمتع النحل بطول العمر لأنه يتغذى دائما على ما ينفع الجسم من رحيق الأزهار وكذلك عمله الدؤوب يكون بمثابة التمارين الرياضية فدائما يكون جسمه سليما ( العقل السليم بالجسم السليم ) على العكس تماما من الذباب فإن عمره قصير وذلك لأن الذباب يقتات على الجيف والقذارات ويمتص كل ما هو ليس له أي يسرق من الآخرين غذائهم قال الله تعالى {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ }.
    تاسعاً: الذباب يتجمع على الجثة الميتة والمنافقون يأكلون مال اليتيم بغير حق لأن مال اليتيم أصله مال شخص ميت ، بينما يأكل النحل من رحيق الأزهار في الطبيعة والطبيعة شيء مباح للحيوان والإنسان والحشرات، كما أن المسلم من حقه أن يقتات على الطبيعة لأن الله تعالى قد أباح للإنسان ذلك، بينما الذباب يسلب من الآخرين غذائهم ويعيش على ما تفسخ من الحيوانات وكل هذه الموارد ومصادر القوت التي يعتمد عليها الذباب لو قارناها مع المنافق لوجدنا أن هذه الموارد الكسبية هي حرام شرعا لأن المنافقين في الإسلام دائما ما يعيشون على إمتصاص قوت الآخرين مثل الربا قال الله تعالى : { وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}( ) وأكل مال اليتيم وغيرها من الموارد الحرام قال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ }( ).
    عاشراً: دائما ما يحاول المنافقون أن يظهروا بمظهر المسلم أو المؤمن قال تعالى: { وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ } ( ).
    فالذباب يحاول تقليد النحل في طيرانه ولكنه يختلف عن النحلة التي تحمل الصفات الحميدة فيظهر العبادة والتقوى والورع والنظافة والإيمان ولكن قلبه وما يخفي فيه يكون عكس ذلك تماما، بمعنى أن الهوية الإسلامية التي يظهرها هي الأجنحة التي يطير بها، أما فيما يخص أرجل الذباب التي تنقل العدوى فهي عند المنافق تنطبق حينما ينقل الأمراض العقائدية والنفسية والشكوك والتقلبات والحالة الازدواجية التي يعيشها مع الآخرين وهذه هي العدوى التي ينقلها منه إلى الاخرين: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}( ).
    الحادي عشر: يشتهر الذباب بأنه أكبر ناقل للعدوى وأن الشعيرات الموجودة في أرجله هي التي تحمل الجراثيم فتنقلها من المكان المصاب إلى المكان السليم وينقل العدوى أيضا في جناحيه وفي بطنه ويخرجها عند البراز وهذا ما يتطابق مع عمل المنافق في نقل الشك والكفر الذي يحمله إلى باقي طبقات المجتمع المسلم السليم فهو يحاول نقل الشكوك والكفر الى المسلمون { لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ * إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ * وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ * لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ }( ) .
    وهذه الصفة أي نقل الأمراض لا تتوفر في النمل والنحل فالمؤمن والكافر قد حدد موقفه ومكانه وأن هذا الموقف معلن يختلف عن المنافق الذي يخفي حقيقة نواياه واعتقاده ليبث الأمراض الروحية والعقائدية بين الناس .
    وقد عانى الإسلام من المنافقين في بداية الدعوة الإسلامية آنذاك وقد نزلت سورة في القرآن خاصة بهم تحكي عن حالهم وتحذر الرسول منهم، وتجد أن أكثر سور القرآن قد ذكر فيها المنافقون لما لهؤلاء من ضرر كبير على البيت المسلم الواحد، لأن المنافقين هم عدو غير واضح مثل الكفار حتى تتمكن من قتالهم، فهم يعيشون بين المسلمون ويتخفون وراء الاسلام والصلاة والصيام والحج وغيرها من تعاليم الدين الحنيف، فقد وصل عمل المنافقين في ذلك الزمان الى التآمر لقتل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال الله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}( ) . ورموز الإسلام والتحالف الخفي مع أعداء الإسلام ونقل المعلومات إلى الأعداء وقعودهم عن القتال في ساعات الشدة وليس هذا وحسب بل إنهم كانوا يشكلون عبئا على المسلمون قال تعالى: { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }( ) وقال تعالى: { قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا}( ). وفي زمن القحط فإن الإسلام لا يفرق في العطاء بينهم وبين المسلمون المخلصين وهذه الصفة التي أتصف بها الذباب من حيث أخذه ما لا يستحق من الطعام أو سرقته .
    الثاني عشر : إن أعداد كل من النمل والنحل والذباب تمثل أو تقابل تقريبا أعداد الكافرين والمؤمنين والمنافقين فأكثر البشر الذين على وجه الأرض الآن هم من الكافرين فالكافرون يمثلون الديانة المسيحية واليهودية وباقي الديانات الأخرى مثل البوذية والسيخ وغيرهم فهؤلاء يمثلون أغلب سكان الأرض لذلك نجد أن أكثر المخلوقات عدداً في الأرض هي النمل الذي يمثل الكافرين ، والذي يأتي من بعده هو الذباب الذي يمثل ثاني أكبر عدد بين الناس فالنفاق قد كثر في هذا الزمان لأسباب كثيرة منها مدارات المحيط الذي يعيش فيه الفرد أو النفاق من أجل الحصول على المكاسب الدنيوية التي يخسرها الفرد إذا ما أعلن اعتقاده ، لذلك نجد أن الذباب الذي يمثل هؤلاء المنافقون يمثل ثاني أكبر عدد موجود في الطبيعة من المخلوقات ، أما النحل الذي يعتبر أقل من هذين الصنفين بكثير فهو يمثل المؤمنين الذين بدأت أعدادهم بالانحسار مثل النحل، لأننا نعلم بأن آخر الزمان لا يبقى من الإسلام إلا اسمه ويبقى المؤمنون الحقيقيون قلائل في هذه الأرض كما هو حال النحل الذي بدأت أعداده بالتقلص بسبب الظروف البيئية والتلوث والمد العمراني .
    إدع الى سبيل ربك بالحكمة والموعضة الحسنة
يعمل...
X