راية الخراساني راية ضلالة (الحلقة الأولى)
يعد لقب الخراساني أحد القاب السيد اليماني، وقد سمي بذلك لأن له خروج من خراسان وذلك بعد أن تطلبه سلطات بني العباس عند اعلان دعوته في الكوفة والتي تمثل مكة حسب التأويل، حيث يضطر حينها الى الغيبة ثم الهجرة هو واصحابه بعد ذلك الى خراسان التي تمثل مدينة الرسول حسب التاويل، والتي سيبقى فيها الى ان يقوم بالرايات السود من هناك التي سيدخل بها الكوفة فاتحاً إياها كما هو حال فتح مكة على يد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ومخلصاً إياها من جيش السفياني.
بيد إننا نلاحظ إن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) عندما يتناولون فتح الكوفة وتخليصها من يد السفياني والذي يتزامن مع هلاك دولة بني العباس على يد السفياني واليماني فإنهم (عليهم السلام) يسمون القائد الذي يفعل ذلك بالخراساني تارة وباليماني تارة أخرى ، حتى إن القارئ لتلك الروايات يظن للولهة الأولى إنهما شخصيتان، ولكن الحقيقة إنهما شخص واحد فالخراساني هو نفسه اليماني ، وإن هذا الإختلاف في التسمية جاء نتيجة للخوف من كشف شخصية الداعي اليماني قبل أن يأذن الله عز وجل بظهوره وظهور دعوته التي هي دعوة المهدي (عليه السلام) وكما اثبتنا سابقاً.
أما عن الأدلة التي تثبت بأن الخراساني هو نفسه اليماني وإن الخراساني هو مجرد لقب وذلك لأنه يقوم من خراسان فهي.
الدليل الأول:
نتلمسه من العلامات الخمسة الحتمية للظهور حيث ورد إن أحدها هو اليماني، فقد جاء عن عمر بن حنظلة عن الإمام أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنه قال: (خمس علامات قبل قيام القائم الصيحة والسفياني والخسف وقتل النفس الزكية واليماني ...)( ).
وجاء في رواية أخرى عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: ( قبل قيام القائم خمس علامات محتومات اليماني والسفياني والصيحة وقتل النفس الزكية والخسف في البيداء .. )( ).
إلا إننا نجد في روايات أخرى تذكر نفس العلامات الخمسة لكن تذكر بدلاً من اليماني الخراساني حيث ورد عن أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: ( قال قلت له جعلت فداك متى خروج القائم (عليه السلام) فقال يا أبا محمد إنا أهل البيت لا نوقت وقد قال محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) كذب الوقاتون، يا ابا محمد ان قدام هذا الامر خمس علامات اولهن النداء في شهر رمضان وخروج السفياني وخروج الخراساني وقتل النفس الزكية وخسف في البيداء )( ).
وهنا نجد تناقض واضح في الروايتين فمرة تذكر اليماني كعلامة من العلامات الخمسة ومرة تذكر الخراساني كعلامة من العلامات الخمسة.
ثم إنه لا يمكن القول بأن الإمام الصادق (عليه السلام) لا يمكن أن يجعل تلك العلامات عائمة ودون توضيح، وذلك كعلامة لأخطر قضية في الوجود وهي قضية الإمام المهدي (عليه السلام)، فمرة يقول بأن العلامة هو اليماني وتارة أخرى الخراساني، إلا في حالة واحدة حيث أستخدم اسم الخراساني للتورية ولأجل إيهام أعداء الإمام (عليه السلام) في ذلك الزمان وفي آخر الزمان إن الخرساني واليماني هما شخصان لا شخص واحد فيتشتتوا في البحث عن كلا الشخصين، بيد إن الحقيقة إنهما شخص واحد، لأنه من غير الممكن إن الإمام الصادق (عليه السلام) يضع الموالين على مفترق طريقين الأول يقول إن اليماني هو علامة والثاني يقول إن الخراساني هو علامة من العلامات الخمسة الحتمية.
ثم إننا لو دققنا النظر في الروايتين نجد العلامات الخمسة كلها ثابتة وهي الصيحة والنداء والسفياني وقتل النفس الزكية ، ولو فرضنا وفرض المحال ليس بمحال كما يقال.
عن العلامة الخامسة هي متجسدة بشخصين هما اليماني والخراساني وهذا قطعاً لا يجوز بحسب العقل والمنطق لأنه عن ذلك ستكون العلامات ستة وليس خمسة.
إذن وبما إن كلا الروايتين ذكرت إن العلامات هي خمسة وإنها كلها ثابتة عدا علامة الخراساني واليماني، فلا يبقى أمامنا إلى القول بأن اليماني والخراساني هما شخص واحد بلقبان.
الدليل الثاني:
فيتمثل بدخول السفياني إلى الكوفة والذي يتزامن مع دخول الخراساني حيث إنهما يتسابقان إليها كفرسي رهان ، فنجد ان الروايات الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) تارة تذكر إن الخراساني والسفياني يتسابقان كفرسي رهان، وأخرى تذكر اليماني والسفياني يتسابقان كفرسي رهان.
حيث ورد عن الحضرمي عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: ( لا بد أن يملك بنو العباس فإذا ملكوا وأختلفوا وتشتت أمرهم خرج عليهم الخراساني والسفياني هذا من المشرق وهذا من المغرب يتسابقان إلى الكوفة كفرسي رهان، هذا من ها هنا وهذا من ها هنا حتى يكون هلاكهم على أيديهما أما إنهما لا يبقون منهم أحداً أباً )( ).
في حين نجد انه جاء في رواية عن هشام بن سالم عن الإمام أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنه قال: ( اليماني والسفياني كفرسي رهان )( ).
وهنا قد وقعنا في نفس الإشكال السابق حيث لا يعقل أنه يوجد تناقض في كلام إمامين معصومين في قضية مهمة كقضية المهدي (عليه السلام) أو العلامات الدالة عليها.
فلا يمكن صرف المعنى في هذه الحالة إلا أن نقول إن اليماني هو نفسه الخراساني في هذه الرواية.
لأنه من غير الممكن إن السفياني بعد دخوله إلى الى الكوفة سيحارب شخصان هما الخراساني واليماني لأنه لو كان ذلك فعلاً لما اعطيت تفاصيل تلك الحروب.
فالمتتبع للروايات يجدها تذكر تفاصيل حرب السفياني مع الخراساني فقط ولا تذكر وجود حرب أخرى مع شخص آخر مثل اليماني، حيث نرى إن اليماني لا يرد ذكره إلا في كونه يتسابق مع السفياني كفرسي رهان دون ذكر أي تفاصيل ما عدا رواية واحدة تذكر بشكل عام إن السفياني يسبق اليماني عند نزول الجزيرة حيث يسير من هناك إلى الكوفة.
حيث ورد عن عمار بن ياسر أنه قال: ( حتى ينزل الجزيرة فيسبق اليماني ويحوز السفياني ما جمعوا ثم يسير إلى الكوفة فيقتل أعوان آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ...)( ).
ونرى من فحوى هذه الرواية إن اليماني يكون خارج العراق لأن الجزيرة المقصودة هنا هي الجزيرة الفراتية فيسبق السفياني في الدخول إلى الكوفة، ونحن نعلم إن الذي يتسابق معه لدخول الكوفة كما مر بنا هو الخراساني، فكيف يستقيم هذا مع هذا إلا إذا قلنا إن اليماني نفسه الخراساني في هكذا مورد لأننا لا يمكن أن نتصور إن اليماني الذي له خروج من اليمن إن يتسابق مع السفياني في دخول الكوفة وهو آتي من هناك، وذلك لأن اليمن بعيدة جداً عن العراق، ثم إنه لا يمكن العبور إلى العراق إلا عن طريق السعودية، فكيف يعقل أن تسمح السعودية بأن يدخلها جيش من اليمن بقيادة اليماني ليذهب إلى العراق، ولا سيما وإن صاحب هذا الجيش هو وزير الإمام المهدي (عليه السلام) الذي يكون قد أعلن دعوته وهم يعلمون إنه شيعي موالي لأهل البيت (عليهم السلام).
ومن المعلوم إن حكام السعودية هم على مذهب الوهابية المعادي للمذهب الشيعي، فكيف يسمحون له أن يستخدم أراضيهم خاصة وانه ذاهب لقتال من هو على مذهبهم.
ولا يمكن أن يزول هذا الإشكال إلا إذا قلنا إن اليماني سيذهب إلى خراسان وهناك سيجمع له جيشه من الأنصار من أيران ومن المهاجرين إليها من خارج إيران سواء كان من العراق أو غيرها من البلدان كأبدال الشام ونجباء مصر، حيث انه سيتوجه بهم من هناك إلى العراق قاصداً الكوفة الذي سيسبقه السفياني إليها ولأجل ذلك - أي خروج اليماني من خراسان - سمي اليماني بالخراساني.
والدليل الثالث على ما ذهبنا إليه إن الخراساني هو لقب لليماني نفسه هي الرواية الواردة آنفاً في موضوع نعت الثائر والتي تذكر إن هلاك بني العباس سيكون على يد الحسني الثائر والسفياني، وهذا ما يتنافى مع ما موجود عندنا من إن هلاك بني العباس سيكون على يد الخراساني والسفياني ولا يمكن الجمع بين الروايتين إلا إذا قلنا إن الحسني الثائر هو نفسه الخراساني وهو اليماني الذي سيكون هلاك بني العباس على يديه لأنه من غير المعقول أن يكون هلاك بني العباس على يد الحسني واليماني والخراساني من طرف في آن واحد، وهذا ما لم تشر إليه الروايات ، بل تذكر الروايات إن القتال يكون بين هذه الأطراف وبين السفياني، ثم إننا قد أثبتنا سابقاً إن الثائر الحسني هو نفسه اليماني.
الدليل الرابع:
الرواية التي تذكر الرايات السود والتي تأتي من المشرق بقيادة الخراساني والتي توصف بأنها رايات هدى.
حيث جاء عن عبد الله بن مسعود عن الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) أنه قال: ( حتى يرفع الله رايات سود من المشرق فيسألون الحق فلا يعطونه ثم يسلونه فلا يعطونه فيقاتلون وينتصرون فيعطون الذي سألوا فلا يقبلونه من أدرك منكم ومن ابنائكم أو من أبناء أبنائكم فاليأتوا ولو حبواً على الثلج فإنها رايات هدى، يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي يملئ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً )( ).
وجاء في رواية ثانية عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) أنه قال: ( إذا رأيتم الرايات السود قد أقبلت من خراسان فأتوها ولو حبواً على الثلج فإن فيها خليفة الله المهدي )( ).
ثم إننا نجد قد ورد في روايات اليماني نفس المعنى من حيث إنها أهدى الرايات.
وجاء عن أبي بصير عن أبي جعفر محمد بن علي(عليه السلام) أنه قال: ( خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد، نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً فيكون الباس من كل وجه ويل لمن ناواهم، وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني ، هي راية هدى لأنه يدعو إلى صاحبكم ، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على ( الناس ) وكل مسلم ، فإذا خرج اليماني فانهض إليه فإن رايته راية هدى، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه ، فمن فعل فهو من أهل النار، لأنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم )( ).
فتكون راية اليماني هي أهدى الرايات أي إنها راية هدى وهذا يعني إنها نفسها رايات المشرق التي ذكرتها الرواية إنها ستكون بقيادة الخراساني وبالتالي يثبت إن الخراساني هو نفسه اليماني لأننا لا يمكن أن نفصل بين الخراساني واليماني ورايتهما إلا في هذه الرواية .
فالمتعارف عليه لدى المسلمين سنة وشيعة حرمة الإلتحاق بالسفياني الملعون والإنطواء تحت رايته، فقد حذرت الروايات المعصومية كون رايته راية ضلالة ودعوته دعوة باطلة، أما في هذه الرواية فقد ورد ذكر الخراساني واليماني وهذا يدل بالتأكيد على وجود شخصين في مورد من الموارد على خلاف ما ذهبنا إليه في الكلام السابق ولا نقول بتخطيئة ما قلنا بل إن الروايات السابقة التي ذكرت الخراساني واليماني دون المزج بينهما في نفس الرواية فيه إشارة على إنهما شخص واحد، خلافاً لهذه الرواية فإنها هنا تدل على إن هذا الخراساني ليس اليماني بل هو صاحب أحد الرايات التي تظهر بالتزامن مع راية اليماني، وهذه الراية بطبيعة الحال ليست من رايات الهدى بل هي راية ضلال وإليك الأدلة:
ورد ( وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني ) فالراية تعني الدعوة أما ( ليس ) جائت بمقام النفي أي لا يوجد في الرايات أهدى من راية اليماني ورُب قائل يقول: بأن (أهدى) صيغة مبالغة للهدى وإن راية الخراساني راية هدى ولكن راية اليماني أهدى منها ؟ والجواب: إن الإمام (عليه السلام) قال في الشطر الذي يلي هذا الشطر ( هي راية هدى) والإمام (عليه السلام) هنا في مقام بيان فلو كانت راية الخراساني راية هدى لذكر الإمام ذلك.
(هي راية هدى لأنه يدعو لصاحبكم ) فالسبب من كون راية اليماني راية هدى هو الدعوة لصاحبكم، والظاهر من الرواية إن راية الخراساني هي ليست راية هدى، وذلك لأن صاحبها لا يدعوا إلى صاحبنا وهو الإمام المهدي(عليه السلام) بل يدعو لنفسه، وإن عدم بيان الإمام لراية الخراساني وذكره لها دون قرينة او حث على اللحاق بها هو أقوى دليل على إن رايته كراية السفياني، مع العلم إن الإمام بين إن راية الخراساني وراية السفياني رايات ضلالة من خلال الصفات والقرائن التي امتازت بها راية اليماني في نفس الرواية.
يتبع
يعد لقب الخراساني أحد القاب السيد اليماني، وقد سمي بذلك لأن له خروج من خراسان وذلك بعد أن تطلبه سلطات بني العباس عند اعلان دعوته في الكوفة والتي تمثل مكة حسب التأويل، حيث يضطر حينها الى الغيبة ثم الهجرة هو واصحابه بعد ذلك الى خراسان التي تمثل مدينة الرسول حسب التاويل، والتي سيبقى فيها الى ان يقوم بالرايات السود من هناك التي سيدخل بها الكوفة فاتحاً إياها كما هو حال فتح مكة على يد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ومخلصاً إياها من جيش السفياني.
بيد إننا نلاحظ إن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) عندما يتناولون فتح الكوفة وتخليصها من يد السفياني والذي يتزامن مع هلاك دولة بني العباس على يد السفياني واليماني فإنهم (عليهم السلام) يسمون القائد الذي يفعل ذلك بالخراساني تارة وباليماني تارة أخرى ، حتى إن القارئ لتلك الروايات يظن للولهة الأولى إنهما شخصيتان، ولكن الحقيقة إنهما شخص واحد فالخراساني هو نفسه اليماني ، وإن هذا الإختلاف في التسمية جاء نتيجة للخوف من كشف شخصية الداعي اليماني قبل أن يأذن الله عز وجل بظهوره وظهور دعوته التي هي دعوة المهدي (عليه السلام) وكما اثبتنا سابقاً.
أما عن الأدلة التي تثبت بأن الخراساني هو نفسه اليماني وإن الخراساني هو مجرد لقب وذلك لأنه يقوم من خراسان فهي.
الدليل الأول:
نتلمسه من العلامات الخمسة الحتمية للظهور حيث ورد إن أحدها هو اليماني، فقد جاء عن عمر بن حنظلة عن الإمام أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنه قال: (خمس علامات قبل قيام القائم الصيحة والسفياني والخسف وقتل النفس الزكية واليماني ...)( ).
وجاء في رواية أخرى عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: ( قبل قيام القائم خمس علامات محتومات اليماني والسفياني والصيحة وقتل النفس الزكية والخسف في البيداء .. )( ).
إلا إننا نجد في روايات أخرى تذكر نفس العلامات الخمسة لكن تذكر بدلاً من اليماني الخراساني حيث ورد عن أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: ( قال قلت له جعلت فداك متى خروج القائم (عليه السلام) فقال يا أبا محمد إنا أهل البيت لا نوقت وقد قال محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) كذب الوقاتون، يا ابا محمد ان قدام هذا الامر خمس علامات اولهن النداء في شهر رمضان وخروج السفياني وخروج الخراساني وقتل النفس الزكية وخسف في البيداء )( ).
وهنا نجد تناقض واضح في الروايتين فمرة تذكر اليماني كعلامة من العلامات الخمسة ومرة تذكر الخراساني كعلامة من العلامات الخمسة.
ثم إنه لا يمكن القول بأن الإمام الصادق (عليه السلام) لا يمكن أن يجعل تلك العلامات عائمة ودون توضيح، وذلك كعلامة لأخطر قضية في الوجود وهي قضية الإمام المهدي (عليه السلام)، فمرة يقول بأن العلامة هو اليماني وتارة أخرى الخراساني، إلا في حالة واحدة حيث أستخدم اسم الخراساني للتورية ولأجل إيهام أعداء الإمام (عليه السلام) في ذلك الزمان وفي آخر الزمان إن الخرساني واليماني هما شخصان لا شخص واحد فيتشتتوا في البحث عن كلا الشخصين، بيد إن الحقيقة إنهما شخص واحد، لأنه من غير الممكن إن الإمام الصادق (عليه السلام) يضع الموالين على مفترق طريقين الأول يقول إن اليماني هو علامة والثاني يقول إن الخراساني هو علامة من العلامات الخمسة الحتمية.
ثم إننا لو دققنا النظر في الروايتين نجد العلامات الخمسة كلها ثابتة وهي الصيحة والنداء والسفياني وقتل النفس الزكية ، ولو فرضنا وفرض المحال ليس بمحال كما يقال.
عن العلامة الخامسة هي متجسدة بشخصين هما اليماني والخراساني وهذا قطعاً لا يجوز بحسب العقل والمنطق لأنه عن ذلك ستكون العلامات ستة وليس خمسة.
إذن وبما إن كلا الروايتين ذكرت إن العلامات هي خمسة وإنها كلها ثابتة عدا علامة الخراساني واليماني، فلا يبقى أمامنا إلى القول بأن اليماني والخراساني هما شخص واحد بلقبان.
الدليل الثاني:
فيتمثل بدخول السفياني إلى الكوفة والذي يتزامن مع دخول الخراساني حيث إنهما يتسابقان إليها كفرسي رهان ، فنجد ان الروايات الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) تارة تذكر إن الخراساني والسفياني يتسابقان كفرسي رهان، وأخرى تذكر اليماني والسفياني يتسابقان كفرسي رهان.
حيث ورد عن الحضرمي عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: ( لا بد أن يملك بنو العباس فإذا ملكوا وأختلفوا وتشتت أمرهم خرج عليهم الخراساني والسفياني هذا من المشرق وهذا من المغرب يتسابقان إلى الكوفة كفرسي رهان، هذا من ها هنا وهذا من ها هنا حتى يكون هلاكهم على أيديهما أما إنهما لا يبقون منهم أحداً أباً )( ).
في حين نجد انه جاء في رواية عن هشام بن سالم عن الإمام أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنه قال: ( اليماني والسفياني كفرسي رهان )( ).
وهنا قد وقعنا في نفس الإشكال السابق حيث لا يعقل أنه يوجد تناقض في كلام إمامين معصومين في قضية مهمة كقضية المهدي (عليه السلام) أو العلامات الدالة عليها.
فلا يمكن صرف المعنى في هذه الحالة إلا أن نقول إن اليماني هو نفسه الخراساني في هذه الرواية.
لأنه من غير الممكن إن السفياني بعد دخوله إلى الى الكوفة سيحارب شخصان هما الخراساني واليماني لأنه لو كان ذلك فعلاً لما اعطيت تفاصيل تلك الحروب.
فالمتتبع للروايات يجدها تذكر تفاصيل حرب السفياني مع الخراساني فقط ولا تذكر وجود حرب أخرى مع شخص آخر مثل اليماني، حيث نرى إن اليماني لا يرد ذكره إلا في كونه يتسابق مع السفياني كفرسي رهان دون ذكر أي تفاصيل ما عدا رواية واحدة تذكر بشكل عام إن السفياني يسبق اليماني عند نزول الجزيرة حيث يسير من هناك إلى الكوفة.
حيث ورد عن عمار بن ياسر أنه قال: ( حتى ينزل الجزيرة فيسبق اليماني ويحوز السفياني ما جمعوا ثم يسير إلى الكوفة فيقتل أعوان آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ...)( ).
ونرى من فحوى هذه الرواية إن اليماني يكون خارج العراق لأن الجزيرة المقصودة هنا هي الجزيرة الفراتية فيسبق السفياني في الدخول إلى الكوفة، ونحن نعلم إن الذي يتسابق معه لدخول الكوفة كما مر بنا هو الخراساني، فكيف يستقيم هذا مع هذا إلا إذا قلنا إن اليماني نفسه الخراساني في هكذا مورد لأننا لا يمكن أن نتصور إن اليماني الذي له خروج من اليمن إن يتسابق مع السفياني في دخول الكوفة وهو آتي من هناك، وذلك لأن اليمن بعيدة جداً عن العراق، ثم إنه لا يمكن العبور إلى العراق إلا عن طريق السعودية، فكيف يعقل أن تسمح السعودية بأن يدخلها جيش من اليمن بقيادة اليماني ليذهب إلى العراق، ولا سيما وإن صاحب هذا الجيش هو وزير الإمام المهدي (عليه السلام) الذي يكون قد أعلن دعوته وهم يعلمون إنه شيعي موالي لأهل البيت (عليهم السلام).
ومن المعلوم إن حكام السعودية هم على مذهب الوهابية المعادي للمذهب الشيعي، فكيف يسمحون له أن يستخدم أراضيهم خاصة وانه ذاهب لقتال من هو على مذهبهم.
ولا يمكن أن يزول هذا الإشكال إلا إذا قلنا إن اليماني سيذهب إلى خراسان وهناك سيجمع له جيشه من الأنصار من أيران ومن المهاجرين إليها من خارج إيران سواء كان من العراق أو غيرها من البلدان كأبدال الشام ونجباء مصر، حيث انه سيتوجه بهم من هناك إلى العراق قاصداً الكوفة الذي سيسبقه السفياني إليها ولأجل ذلك - أي خروج اليماني من خراسان - سمي اليماني بالخراساني.
والدليل الثالث على ما ذهبنا إليه إن الخراساني هو لقب لليماني نفسه هي الرواية الواردة آنفاً في موضوع نعت الثائر والتي تذكر إن هلاك بني العباس سيكون على يد الحسني الثائر والسفياني، وهذا ما يتنافى مع ما موجود عندنا من إن هلاك بني العباس سيكون على يد الخراساني والسفياني ولا يمكن الجمع بين الروايتين إلا إذا قلنا إن الحسني الثائر هو نفسه الخراساني وهو اليماني الذي سيكون هلاك بني العباس على يديه لأنه من غير المعقول أن يكون هلاك بني العباس على يد الحسني واليماني والخراساني من طرف في آن واحد، وهذا ما لم تشر إليه الروايات ، بل تذكر الروايات إن القتال يكون بين هذه الأطراف وبين السفياني، ثم إننا قد أثبتنا سابقاً إن الثائر الحسني هو نفسه اليماني.
الدليل الرابع:
الرواية التي تذكر الرايات السود والتي تأتي من المشرق بقيادة الخراساني والتي توصف بأنها رايات هدى.
حيث جاء عن عبد الله بن مسعود عن الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) أنه قال: ( حتى يرفع الله رايات سود من المشرق فيسألون الحق فلا يعطونه ثم يسلونه فلا يعطونه فيقاتلون وينتصرون فيعطون الذي سألوا فلا يقبلونه من أدرك منكم ومن ابنائكم أو من أبناء أبنائكم فاليأتوا ولو حبواً على الثلج فإنها رايات هدى، يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي يملئ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً )( ).
وجاء في رواية ثانية عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) أنه قال: ( إذا رأيتم الرايات السود قد أقبلت من خراسان فأتوها ولو حبواً على الثلج فإن فيها خليفة الله المهدي )( ).
ثم إننا نجد قد ورد في روايات اليماني نفس المعنى من حيث إنها أهدى الرايات.
وجاء عن أبي بصير عن أبي جعفر محمد بن علي(عليه السلام) أنه قال: ( خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد، نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً فيكون الباس من كل وجه ويل لمن ناواهم، وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني ، هي راية هدى لأنه يدعو إلى صاحبكم ، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على ( الناس ) وكل مسلم ، فإذا خرج اليماني فانهض إليه فإن رايته راية هدى، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه ، فمن فعل فهو من أهل النار، لأنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم )( ).
فتكون راية اليماني هي أهدى الرايات أي إنها راية هدى وهذا يعني إنها نفسها رايات المشرق التي ذكرتها الرواية إنها ستكون بقيادة الخراساني وبالتالي يثبت إن الخراساني هو نفسه اليماني لأننا لا يمكن أن نفصل بين الخراساني واليماني ورايتهما إلا في هذه الرواية .
فالمتعارف عليه لدى المسلمين سنة وشيعة حرمة الإلتحاق بالسفياني الملعون والإنطواء تحت رايته، فقد حذرت الروايات المعصومية كون رايته راية ضلالة ودعوته دعوة باطلة، أما في هذه الرواية فقد ورد ذكر الخراساني واليماني وهذا يدل بالتأكيد على وجود شخصين في مورد من الموارد على خلاف ما ذهبنا إليه في الكلام السابق ولا نقول بتخطيئة ما قلنا بل إن الروايات السابقة التي ذكرت الخراساني واليماني دون المزج بينهما في نفس الرواية فيه إشارة على إنهما شخص واحد، خلافاً لهذه الرواية فإنها هنا تدل على إن هذا الخراساني ليس اليماني بل هو صاحب أحد الرايات التي تظهر بالتزامن مع راية اليماني، وهذه الراية بطبيعة الحال ليست من رايات الهدى بل هي راية ضلال وإليك الأدلة:
ورد ( وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني ) فالراية تعني الدعوة أما ( ليس ) جائت بمقام النفي أي لا يوجد في الرايات أهدى من راية اليماني ورُب قائل يقول: بأن (أهدى) صيغة مبالغة للهدى وإن راية الخراساني راية هدى ولكن راية اليماني أهدى منها ؟ والجواب: إن الإمام (عليه السلام) قال في الشطر الذي يلي هذا الشطر ( هي راية هدى) والإمام (عليه السلام) هنا في مقام بيان فلو كانت راية الخراساني راية هدى لذكر الإمام ذلك.
(هي راية هدى لأنه يدعو لصاحبكم ) فالسبب من كون راية اليماني راية هدى هو الدعوة لصاحبكم، والظاهر من الرواية إن راية الخراساني هي ليست راية هدى، وذلك لأن صاحبها لا يدعوا إلى صاحبنا وهو الإمام المهدي(عليه السلام) بل يدعو لنفسه، وإن عدم بيان الإمام لراية الخراساني وذكره لها دون قرينة او حث على اللحاق بها هو أقوى دليل على إن رايته كراية السفياني، مع العلم إن الإمام بين إن راية الخراساني وراية السفياني رايات ضلالة من خلال الصفات والقرائن التي امتازت بها راية اليماني في نفس الرواية.
يتبع
تعليق