الأرواح تتزاوج وتنجب
منقول من ( الموسوعة القرانية للسيد القحطاني)
إن عالم الأرواح واسع ومتشعب وفيه أسرار عديدة لا يمكننا الإحاطة بها في هذه العجالة ولكننا سنكشف بعض الأمور الأساسية الخافية على الناس والتي لها مدخلية مباشرة في معظم الأمور التي تحيط بنا ، بل وحتى التي نعيشها في حياتنا اليومية من فرح وسرور وحزن وكآبة فهي ذات ارتباط وثيق بالأرواح التي خلقها المولى تبارك وتعالى .
الأرواح قبل الأبدان
من المعلوم أن الأرواح خُلقت قبل الأبدان وظلّت هذه الأرواح في عالم الأظلة ، حتى خلق الله تعالى الأبدان ، وعالم الأظلة هو عالم الأرواح قبل حلولها في الأجساد ، وبطبيعة الحال إن هذه الأرواح ليست متساوية ، فهي ذات منازل مختلفة ، وأن أعلاها منـزلة وأرفعها مقاماً أرواح محمد وأهل بيته الطاهرين (عليهم السلام) .
فقد ورد عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله (عليه السلام) إنه قال : (إن الله خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام فجعل أعلاها وأشرفها أرواح محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة بعدهم (صلوات الله عليهم) ...) بحار الأنوار ج8 ص308.
وبما إن هذه الأرواح غير متساوية المنـزلة فهي غير متساوية العلاقة أيضاً ، فالمتآلف منها متعارف والمتناكر فيها مختلف ، وذلك واضح في كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) حيث قال : (الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف) من لا يحضره الفقيه ج4 ص38.
وبعد خلق الأرواح عرض الله عزّ وجل أرواح المحبّين لأهل البيت (عليه السلام) عليهم ، فهم يعرفون المحبين من المبغضين ، ولا يفوتهم المبغض ولو انتحل تلك المحبة كذباً ، فقد جاء عن صالح بن سهل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قوله : (إن رجلاً جاء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو مع أصحابه ، فسلم عليه ثم قال له : أنا والله أحبك وأتولاك . فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) كذبت .
قال بلى والله إني أحبك وأتولاك فكرر ثلاثاً ، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) كذبت ما أنت كما قلت إن الله خلق الأرواح قبل أن يخلق الأبدان بألفي عام ، ثم عرض علينا المحب لنا فوالله ما رأيت روحك فيمن عُرض فأين كنت ؟ فسكت الرجل عند ذلك ولم يراجعه) الكافي ج1 ص438.
النسب الروحي والنسب المادي
قد ترى شخصاً لا تعرفه مسبقاً ولا تربطك به أية علاقة ، ولكنك تشعر إن هنالك رباطاً قوياً يشدك إليه ، وتجد إنك تحبه وتتودد له وتنجذب إليه ، بل تتمنى أن تكون ملاصقاً له في حله وترحاله ، وعندها تصاب بالدهشة والذهول متسائلاً ما الذي دفعك إلى هذا الاندفاع العارم تجاه ذلك الإنسان الذي لم تربطك معه سابق معرفة ، وقد يكون الأمر معكوساً تماماً ، أي إنك ترى شخصاً آخراً لا تعرفه أيضاً ولكنك تتخذ منه موقفاً سلبياً لمجرد رؤيته ، فتنفر منه نفوراً شديداً ، وحتى إنك تؤنب نفسك مرة تلو أخرى لكون هذا الشخص لم يتعرض لإيذائك بأي نوع من أنواع الأذى وتتمنى أن تكون معه اعتيادياً جداً ، ولكنك لا تستطيع ، وقد لا تطيق رؤيته مرة أخرى وتتمنى أن يكون بينك وبينه بعد المشرق والمغرب ، وفي كلتا الحالتين إن الأمر مدعاة للغرابة والتعجّب .
ولكننا لو رجعنا إلى حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) الذي ذكرناه آنفاً عن الأرواح التي وصفها بقوله : (الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف) يتبدد الاستغراب تماماً ، ففي الحالة الأولى تعكس الأرواح المؤتلفة ، وفي الحالة الثانية تعكس الأرواح المختلفة .
إن هنالك اختلاف تام بين النسب الروحي (النوراني) والنسب المادي – وأقول عن الروحي النوراني لأن الروح أصلها النور- فالنسب المادي يتكون من تزاوج الأبدان ، وأما النسب الروحي فهو ناتج من تزاوج الأرواح ، وهذا النسب أكثر ارتباطاً من النسب المادي ، وعليه فإن مؤثراته تكون أعم وأوسع ، فالمؤمن أخو المؤمن وكلاهما من نسب روحي واحد ، ويعودان لأم وأب في عالم الأرواح ، وهما أخوان في ذلك ، وإذا لم يكونا أخوين في المادة والبدن ، فتجدهما يتأثران بشكل أو آخر إن تعرض أحدهما لأذى أو حزن أو غير ذلك ، وهذا ما نجده جلياً في الرواية الشريفة التي صدرت عن جابر الجعفي . قال : (تقبضت بين يدي أبي جعفر (عليه السلام) فقلت : جُعلت فداك ، ربما حزنت من غير مصيبة تصيبني أو أمر ينزل بي حتى يعرف ذلك أهلي في وجهي وصديقي . فقال (عليه السلام) : نعم يا جابر إن الله عزّ وجل خلق المؤمنين من طينة الجنان وأجرى فيهم من ريح روحه ، فلذلك المؤمن أخو المؤمن لأبيه وأمه ، فإذا أصاب روحاً من تلك الأرواح في بلد من البلدان حزن ، حزنت هذه لأنها منها)( ).
وأيضاً ما ورد عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) انه قال : (المؤمن أخو المؤمن لأبيه وأمه لأن الله عزّ وجل خلق المؤمنين من طينة الجنان وأجرى في روحهم من ريح الجنة ، فلذلك هم أخوة لأب وأم)( ).
يتبين من ذلك اتصال النسب الروحي بين الناس الذي هو متقدم على النسب المادي لأن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأبدان كما بيّنا .
وبذلك فإنك قد تجد أبداناً يجمعها رابط الزواج لكنها متنافرة روحياً أو أنك تجد أشخاصاً يجمعهم النسب المادي ويرجعون إلى أب واحد وأم واحدة ولكنهم متنافرين أيضاً ، وذلك كله عائد لأصل النسب الروحي ، فهؤلاء هم أصلاً من الأرواح المختلفة ، وما داموا من الأرواح التي تناكرت فاختلفت ، أي انهم ليس بين بعضهم البعض أي تزاوج أو نسب روحي في عالم الأرواح .
وكذلك في الطرف المقابل تجد أشخاصاً بعيدين عن النسب المادي لكنهم مرتبطين ارتباطاً حميماً وقوياً ولا يوجد بينهم تلاقي في النسب من حيث التدرج الروحي ، وعليه يتجلى المعنى الحقيقي لقوله تعالى : {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ}( ).
فلو أخذنا هذه الآية على المعنى الظاهري لها ، فما ذنب آسيا بنت مزاحم وهي مؤمنة صالحة صابرة ، هل تُحشر مع زوجها الظالم فرعون ؟! حاشا لله أن يكون ذلك ، فمعنى الآية الكريمة إن ذلك الحشر يكون للمتزاوجين روحياً من الظالمين وليس لغيرهم .
ولو عدنا لأصل الخلق الروحي ، فهو يختلف تماماً عن الخلق البدني ، فأصل الروح عائدة لسيد الخلائق محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ، كما إن أصل البدن لآدم (عليه السلام) ، فرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) أبو الأرواح ، وآدم (عليه السلام) أبو الأبدان ، وعليه فيكون خلق الأبدان من المفضول إلى الأفضل ، وخلق الأرواح من الأفضل إلى المفضول .
يتبع يتبع
منقول من ( الموسوعة القرانية للسيد القحطاني)
منقول من ( الموسوعة القرانية للسيد القحطاني)
إن عالم الأرواح واسع ومتشعب وفيه أسرار عديدة لا يمكننا الإحاطة بها في هذه العجالة ولكننا سنكشف بعض الأمور الأساسية الخافية على الناس والتي لها مدخلية مباشرة في معظم الأمور التي تحيط بنا ، بل وحتى التي نعيشها في حياتنا اليومية من فرح وسرور وحزن وكآبة فهي ذات ارتباط وثيق بالأرواح التي خلقها المولى تبارك وتعالى .
الأرواح قبل الأبدان
من المعلوم أن الأرواح خُلقت قبل الأبدان وظلّت هذه الأرواح في عالم الأظلة ، حتى خلق الله تعالى الأبدان ، وعالم الأظلة هو عالم الأرواح قبل حلولها في الأجساد ، وبطبيعة الحال إن هذه الأرواح ليست متساوية ، فهي ذات منازل مختلفة ، وأن أعلاها منـزلة وأرفعها مقاماً أرواح محمد وأهل بيته الطاهرين (عليهم السلام) .
فقد ورد عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله (عليه السلام) إنه قال : (إن الله خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام فجعل أعلاها وأشرفها أرواح محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة بعدهم (صلوات الله عليهم) ...) بحار الأنوار ج8 ص308.
وبما إن هذه الأرواح غير متساوية المنـزلة فهي غير متساوية العلاقة أيضاً ، فالمتآلف منها متعارف والمتناكر فيها مختلف ، وذلك واضح في كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) حيث قال : (الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف) من لا يحضره الفقيه ج4 ص38.
وبعد خلق الأرواح عرض الله عزّ وجل أرواح المحبّين لأهل البيت (عليه السلام) عليهم ، فهم يعرفون المحبين من المبغضين ، ولا يفوتهم المبغض ولو انتحل تلك المحبة كذباً ، فقد جاء عن صالح بن سهل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قوله : (إن رجلاً جاء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو مع أصحابه ، فسلم عليه ثم قال له : أنا والله أحبك وأتولاك . فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) كذبت .
قال بلى والله إني أحبك وأتولاك فكرر ثلاثاً ، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) كذبت ما أنت كما قلت إن الله خلق الأرواح قبل أن يخلق الأبدان بألفي عام ، ثم عرض علينا المحب لنا فوالله ما رأيت روحك فيمن عُرض فأين كنت ؟ فسكت الرجل عند ذلك ولم يراجعه) الكافي ج1 ص438.
النسب الروحي والنسب المادي
قد ترى شخصاً لا تعرفه مسبقاً ولا تربطك به أية علاقة ، ولكنك تشعر إن هنالك رباطاً قوياً يشدك إليه ، وتجد إنك تحبه وتتودد له وتنجذب إليه ، بل تتمنى أن تكون ملاصقاً له في حله وترحاله ، وعندها تصاب بالدهشة والذهول متسائلاً ما الذي دفعك إلى هذا الاندفاع العارم تجاه ذلك الإنسان الذي لم تربطك معه سابق معرفة ، وقد يكون الأمر معكوساً تماماً ، أي إنك ترى شخصاً آخراً لا تعرفه أيضاً ولكنك تتخذ منه موقفاً سلبياً لمجرد رؤيته ، فتنفر منه نفوراً شديداً ، وحتى إنك تؤنب نفسك مرة تلو أخرى لكون هذا الشخص لم يتعرض لإيذائك بأي نوع من أنواع الأذى وتتمنى أن تكون معه اعتيادياً جداً ، ولكنك لا تستطيع ، وقد لا تطيق رؤيته مرة أخرى وتتمنى أن يكون بينك وبينه بعد المشرق والمغرب ، وفي كلتا الحالتين إن الأمر مدعاة للغرابة والتعجّب .
ولكننا لو رجعنا إلى حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) الذي ذكرناه آنفاً عن الأرواح التي وصفها بقوله : (الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف) يتبدد الاستغراب تماماً ، ففي الحالة الأولى تعكس الأرواح المؤتلفة ، وفي الحالة الثانية تعكس الأرواح المختلفة .
إن هنالك اختلاف تام بين النسب الروحي (النوراني) والنسب المادي – وأقول عن الروحي النوراني لأن الروح أصلها النور- فالنسب المادي يتكون من تزاوج الأبدان ، وأما النسب الروحي فهو ناتج من تزاوج الأرواح ، وهذا النسب أكثر ارتباطاً من النسب المادي ، وعليه فإن مؤثراته تكون أعم وأوسع ، فالمؤمن أخو المؤمن وكلاهما من نسب روحي واحد ، ويعودان لأم وأب في عالم الأرواح ، وهما أخوان في ذلك ، وإذا لم يكونا أخوين في المادة والبدن ، فتجدهما يتأثران بشكل أو آخر إن تعرض أحدهما لأذى أو حزن أو غير ذلك ، وهذا ما نجده جلياً في الرواية الشريفة التي صدرت عن جابر الجعفي . قال : (تقبضت بين يدي أبي جعفر (عليه السلام) فقلت : جُعلت فداك ، ربما حزنت من غير مصيبة تصيبني أو أمر ينزل بي حتى يعرف ذلك أهلي في وجهي وصديقي . فقال (عليه السلام) : نعم يا جابر إن الله عزّ وجل خلق المؤمنين من طينة الجنان وأجرى فيهم من ريح روحه ، فلذلك المؤمن أخو المؤمن لأبيه وأمه ، فإذا أصاب روحاً من تلك الأرواح في بلد من البلدان حزن ، حزنت هذه لأنها منها)( ).
وأيضاً ما ورد عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) انه قال : (المؤمن أخو المؤمن لأبيه وأمه لأن الله عزّ وجل خلق المؤمنين من طينة الجنان وأجرى في روحهم من ريح الجنة ، فلذلك هم أخوة لأب وأم)( ).
يتبين من ذلك اتصال النسب الروحي بين الناس الذي هو متقدم على النسب المادي لأن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأبدان كما بيّنا .
وبذلك فإنك قد تجد أبداناً يجمعها رابط الزواج لكنها متنافرة روحياً أو أنك تجد أشخاصاً يجمعهم النسب المادي ويرجعون إلى أب واحد وأم واحدة ولكنهم متنافرين أيضاً ، وذلك كله عائد لأصل النسب الروحي ، فهؤلاء هم أصلاً من الأرواح المختلفة ، وما داموا من الأرواح التي تناكرت فاختلفت ، أي انهم ليس بين بعضهم البعض أي تزاوج أو نسب روحي في عالم الأرواح .
وكذلك في الطرف المقابل تجد أشخاصاً بعيدين عن النسب المادي لكنهم مرتبطين ارتباطاً حميماً وقوياً ولا يوجد بينهم تلاقي في النسب من حيث التدرج الروحي ، وعليه يتجلى المعنى الحقيقي لقوله تعالى : {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ}( ).
فلو أخذنا هذه الآية على المعنى الظاهري لها ، فما ذنب آسيا بنت مزاحم وهي مؤمنة صالحة صابرة ، هل تُحشر مع زوجها الظالم فرعون ؟! حاشا لله أن يكون ذلك ، فمعنى الآية الكريمة إن ذلك الحشر يكون للمتزاوجين روحياً من الظالمين وليس لغيرهم .
ولو عدنا لأصل الخلق الروحي ، فهو يختلف تماماً عن الخلق البدني ، فأصل الروح عائدة لسيد الخلائق محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ، كما إن أصل البدن لآدم (عليه السلام) ، فرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) أبو الأرواح ، وآدم (عليه السلام) أبو الأبدان ، وعليه فيكون خلق الأبدان من المفضول إلى الأفضل ، وخلق الأرواح من الأفضل إلى المفضول .
يتبع يتبع
منقول من ( الموسوعة القرانية للسيد القحطاني)
تعليق