من فكر السيد ابي عبد الله الحسين القحطاني
مستل من كتاب القحطاني يناقش العلماء والمدعين
مناطقة الحوزة يجهلون الجهل
الجهل وأقسامه:
إن الجهل ليس له تعريف قائم بنفسه بل إنه يعتمد على بيان العلم حيث إن الجهل عدم العلم، فالأمر العدمي لا يتبين إلا باضافته إلى غيره وكذلك قيوده تكون عرضية، من هذا تعرف ان معنى الجهل ( عدم حضور صورة الشيء بالعقل )، وكذلك تعرف ان التقابل بينهما تقابل الملكة وعدمها حيث ان الملكة قيودها وجودية وهو ( العلم ) وعدمها قيود عدمية وهو عدم العلم ( الجهل ) من هذا تنبه المناطقة وقسموا الجهل إلى اقسام متعددة وذلك لأنه يقابل العلم ويبادله في موارده ولعل سائلاً يسأل كيف يمكن تقسيم الامر العدمي؟ رغم ان القسمة هي ضم القيود. نقول ان هذه القسمة بالنظر إلى طرف العلم، فكلما كان هناك علم يقابله عدم العلم وهو الجهل وبما ان العلم على اقسام، إلا أن الاشكال هنا هو انهم قسموا العلم إلى اقسام كثيرة اكثر من الجهل وقسموا الجهل إلى أقسام معروفة ( كما سنوضحها).
حيث قسموا الجهل إلى تصوري وتصديقي ومن ثم قسموا الجهل التصديقي إلى بسيط ومركب.
أقول... ألم نقسم العلم إلى أقسام كثيرة مثل ( العلم الحسي والخيالي والوهمي ) وكذلك العلم البديهي والنظري فلماذا لم نقسم الجهل إليها كذلك ؟ نعم يجب ان ينقسم الجهل حسب الاقسام المذكورة والدليل على ذلك:-
1- إنهم ذكروا الحجة في تقسيم الجهل أنه يقابل العلم ويبادله بأقسامه إذن لماذا لا يبادله في الاقسام المذكورة ؟
وإليك نص الحجة في تقسيم الشيخ المظفر للجهل (( والجهل على قسمين كما ان العلم على قسمين لأنه يقابل العلم فيبادله في موارده فتارة يبادل التصور اي يكون في موارده واخرى يبادل التصديقي اي يكون في موارده))( )
أقول... لماذا أخذنا التقسيم إلى التصويري والتصديقي فقط ؟ فهناك قد قسمنا العلم إلى حسي وخيالي ووهمي وإلى نظري وبديهي.
2- انهم ذكروا في بطون الكتب ان هناك جهلاً بديهياً لكنهم لم يعطوه عنواناً أو يعترفوا به كقسم - وإليك نص الكلام المنقول من كتاب تحرير القواعد الشمسية: (( ليس كل واحد من التصور والتصديق بديهياً فانه لو كانت جميع التصورات والتصديقات بديهية لما كان شيء من الاشياء مجهولاً لنا وهو باطل، وفيه نظر لجواز ان يكون الشيء بديهياً ومجهولاً لنا فان البديهي وان لم يتوقف حصوله على نظر وكسب لكن يمكن ان يتوقف حصوله على نظر وكسب، ويمكن ان يتوقف حصوله على شيء اخر من توجه العقل اليه - او الاحساس به - او الحدس او التجربة ( وغير ذلك ) )) انتهى .
اقول انه يثبت الجهل البديهي بعبارته: ( الجواز ان يكون الشيء بديهياً ومجهولاً لنا ) وكذلك ما قاله الشيخ المظفر: (( فان الشيء قد يكون بديهياً ولكن يجهله الإنسان لفقد اسباب النفس فلا يجب ان يكون الإنسان عالماً بجميع البديهيات ولا يضر ببداهة البديهي ))( ).
اذاً تحصل مما ذكرنا ان أقسام الجهل كأقسام العلم كلها.
النتيجة:- ينقسم الجهل إلى اقسام، فينقسم بإعتبار انه يقابل ( العلم الحسي والخيالي والوهمي ) إلى جهل حسي وجهل خيالي وجهل وهمي.
الجهل الحسي:
وهو عدم العلم الحسي ( الذي نحصل عليه عن طريق الحواس ) وذلك مثل فقدان البصر ( فالاعمى ) يجهل كثيراً من الأشياء الخارجية لكن جهله يسمى جهلاً حسياً لأنه فقد حساً ولعله إلى هذا تشير الحكمة ( من فقد حساً فقد علماً ) وكذلك الاصم يجهل كثيراً من الاشياء التي من شأنها ان تُدرك عن طريق السامعة، مثل الاصوات ويسمى هذا الجهل بالجهل الحسي.
الجهل الخيالي:
وهو عدم العلم الخيالي ( الذي نحصل عليه عن طريق قوة الخيال ) وذلك مثل بعض الناس الذين تحصل عندهم اصابة بالرأس مما يؤدي إلى عطل بالخيال ويؤدي إلى عدم ضبط الخيال وليس له المقدرة على ادراك وتأليف الصور الخارجية او المحفوظة عنده.
الجهل الوهمي:
وهو عدم العلم الوهمي ( الذي نحصل عليه من طريق قوة الوهم ) وذلك مثل كثير من الناس الذين لا يدركون معاني الحب والبغض حيث نرى بعض الناس يحب الآخر لكنهم لا يدركون هذا المعنى ويسمى هذا الجهل ( الجهل الوهمي ) لأن من شأنه ان يدرَك بالوهم.
وكذلك ينقسم الجهل إلى قسمين بإعتبار انه يقابل ( العلم البديهي والنظري):
الجهل البديهي:
وهو عدم العلم البديهي الذي من شانه انه يدرك بالبداهة فبعض الناس مثلاً يجهل اموراً بديهية حتى يصل إلى مرحلة انه يجهل اسمه أو وجوده ( فيقول هل انا موجود ) وذلك يحصل نتيجة فقدان الاشياء التي يحصل بها الإنسان على ذلك العلم مثل الحدس والتجربة او الانتباه فإننا اذا لاحظنا مثلاً المعتزلة الذين يقولون بشبهة الحال وهي ان هناك حالة وسطاً بين الوجود والعدم صفة لا هي موجودة ولا هي معدومة فهنا عندهم هذه المسألة من البديهيات التي تحصل بالبداهة وغيرها من الامور بل حتى تصل إلى مرحلة ان بعض الناس لا يعرف ( 1+1 ) كم يساوي.
الجهل النظري:
وهو عدم العلم النظري ( الذي نحصل عليه عن طريق الكسب والمعرفة ) فهذا القسم امثلته كثيرة لأنه اكثر سعة واستخداماً من العلوم الأخرى ما عدا ( الحسي ) فمثلاً: اذا سألت احدهم عن مقدار وزن شيء من الاشياء فقال لا اعرف فذلك نظري لأنه من شأن هذه المسألة ان تدرك بالعلم النظري.
(انتبه) ان العلم ينقسم إلى قسمين الحصولي والحضوري ولما كان الجهل كما قال المناطقة يقابل العلم ويبادل موارده لزم ان ينقسم ايضاً إلى قسمين الجهل الحصولي والجهل الحضوري ولما كان العلم الحصولي هو حضور صورة الشيء عند الذهن.
ولما كان العلم الحضوري هو حضور نفس الشيء.
اذن الجهل الحضوري: هو عدم حضور نفس الشيء. وقد مثلوا لذلك كعلم النفس بذاتها، ولما كان كذلك فكيف يوصف الإنسان وهو في حال التخدير العام. فالإنسان في حالة التخدير العام فان نفسه حتماً حاضرة لكنه جاهل بحضورها.
الجهل التصويري والتصديقي:
ان معنى الجهل التصويري وهو عدم ملكة التصور ومعنى الجهل التصديقي هو عدم التصديق قال الله تعالى: {قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ}( )، فهنا حصل لهم تصور بالحلم الذي قصه عليهم العزيز لكنهم لم يحكموا ولم يدركوا معناه ولم يحصل عندهم تصديق فلذلك حصل عندهم جهل تصديقي لأن ملكة الحكم لم توجد عندهم.
قال الله تعالى: { أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ }( ) فنفى الله تعالى العلم عنهم وهذه دلالة على انهم يجهلون {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إلى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}( )، نسب يعقوب (عليه السلام) إلى ابنائه الجهل لكن من اي قسم هو ذلك الجهل ؟ ذلك الجهل قسم من الجهل التصويري وذلك لأنهم حتى تصور كثيراً من الامور لا يعرفونه حيث ان هذه الآية تحكي عن يعقوب بأنه يعلم ان يوسف حي وغائب عنه وهم يقولون ان يوسف مات فهم يجهلون ان يوسف حي.
يتبع لطفا
مستل من كتاب القحطاني يناقش العلماء والمدعين
مناطقة الحوزة يجهلون الجهل
الجهل وأقسامه:
إن الجهل ليس له تعريف قائم بنفسه بل إنه يعتمد على بيان العلم حيث إن الجهل عدم العلم، فالأمر العدمي لا يتبين إلا باضافته إلى غيره وكذلك قيوده تكون عرضية، من هذا تعرف ان معنى الجهل ( عدم حضور صورة الشيء بالعقل )، وكذلك تعرف ان التقابل بينهما تقابل الملكة وعدمها حيث ان الملكة قيودها وجودية وهو ( العلم ) وعدمها قيود عدمية وهو عدم العلم ( الجهل ) من هذا تنبه المناطقة وقسموا الجهل إلى اقسام متعددة وذلك لأنه يقابل العلم ويبادله في موارده ولعل سائلاً يسأل كيف يمكن تقسيم الامر العدمي؟ رغم ان القسمة هي ضم القيود. نقول ان هذه القسمة بالنظر إلى طرف العلم، فكلما كان هناك علم يقابله عدم العلم وهو الجهل وبما ان العلم على اقسام، إلا أن الاشكال هنا هو انهم قسموا العلم إلى اقسام كثيرة اكثر من الجهل وقسموا الجهل إلى أقسام معروفة ( كما سنوضحها).
حيث قسموا الجهل إلى تصوري وتصديقي ومن ثم قسموا الجهل التصديقي إلى بسيط ومركب.
أقول... ألم نقسم العلم إلى أقسام كثيرة مثل ( العلم الحسي والخيالي والوهمي ) وكذلك العلم البديهي والنظري فلماذا لم نقسم الجهل إليها كذلك ؟ نعم يجب ان ينقسم الجهل حسب الاقسام المذكورة والدليل على ذلك:-
1- إنهم ذكروا الحجة في تقسيم الجهل أنه يقابل العلم ويبادله بأقسامه إذن لماذا لا يبادله في الاقسام المذكورة ؟
وإليك نص الحجة في تقسيم الشيخ المظفر للجهل (( والجهل على قسمين كما ان العلم على قسمين لأنه يقابل العلم فيبادله في موارده فتارة يبادل التصور اي يكون في موارده واخرى يبادل التصديقي اي يكون في موارده))( )
أقول... لماذا أخذنا التقسيم إلى التصويري والتصديقي فقط ؟ فهناك قد قسمنا العلم إلى حسي وخيالي ووهمي وإلى نظري وبديهي.
2- انهم ذكروا في بطون الكتب ان هناك جهلاً بديهياً لكنهم لم يعطوه عنواناً أو يعترفوا به كقسم - وإليك نص الكلام المنقول من كتاب تحرير القواعد الشمسية: (( ليس كل واحد من التصور والتصديق بديهياً فانه لو كانت جميع التصورات والتصديقات بديهية لما كان شيء من الاشياء مجهولاً لنا وهو باطل، وفيه نظر لجواز ان يكون الشيء بديهياً ومجهولاً لنا فان البديهي وان لم يتوقف حصوله على نظر وكسب لكن يمكن ان يتوقف حصوله على نظر وكسب، ويمكن ان يتوقف حصوله على شيء اخر من توجه العقل اليه - او الاحساس به - او الحدس او التجربة ( وغير ذلك ) )) انتهى .
اقول انه يثبت الجهل البديهي بعبارته: ( الجواز ان يكون الشيء بديهياً ومجهولاً لنا ) وكذلك ما قاله الشيخ المظفر: (( فان الشيء قد يكون بديهياً ولكن يجهله الإنسان لفقد اسباب النفس فلا يجب ان يكون الإنسان عالماً بجميع البديهيات ولا يضر ببداهة البديهي ))( ).
اذاً تحصل مما ذكرنا ان أقسام الجهل كأقسام العلم كلها.
النتيجة:- ينقسم الجهل إلى اقسام، فينقسم بإعتبار انه يقابل ( العلم الحسي والخيالي والوهمي ) إلى جهل حسي وجهل خيالي وجهل وهمي.
الجهل الحسي:
وهو عدم العلم الحسي ( الذي نحصل عليه عن طريق الحواس ) وذلك مثل فقدان البصر ( فالاعمى ) يجهل كثيراً من الأشياء الخارجية لكن جهله يسمى جهلاً حسياً لأنه فقد حساً ولعله إلى هذا تشير الحكمة ( من فقد حساً فقد علماً ) وكذلك الاصم يجهل كثيراً من الاشياء التي من شأنها ان تُدرك عن طريق السامعة، مثل الاصوات ويسمى هذا الجهل بالجهل الحسي.
الجهل الخيالي:
وهو عدم العلم الخيالي ( الذي نحصل عليه عن طريق قوة الخيال ) وذلك مثل بعض الناس الذين تحصل عندهم اصابة بالرأس مما يؤدي إلى عطل بالخيال ويؤدي إلى عدم ضبط الخيال وليس له المقدرة على ادراك وتأليف الصور الخارجية او المحفوظة عنده.
الجهل الوهمي:
وهو عدم العلم الوهمي ( الذي نحصل عليه من طريق قوة الوهم ) وذلك مثل كثير من الناس الذين لا يدركون معاني الحب والبغض حيث نرى بعض الناس يحب الآخر لكنهم لا يدركون هذا المعنى ويسمى هذا الجهل ( الجهل الوهمي ) لأن من شأنه ان يدرَك بالوهم.
وكذلك ينقسم الجهل إلى قسمين بإعتبار انه يقابل ( العلم البديهي والنظري):
الجهل البديهي:
وهو عدم العلم البديهي الذي من شانه انه يدرك بالبداهة فبعض الناس مثلاً يجهل اموراً بديهية حتى يصل إلى مرحلة انه يجهل اسمه أو وجوده ( فيقول هل انا موجود ) وذلك يحصل نتيجة فقدان الاشياء التي يحصل بها الإنسان على ذلك العلم مثل الحدس والتجربة او الانتباه فإننا اذا لاحظنا مثلاً المعتزلة الذين يقولون بشبهة الحال وهي ان هناك حالة وسطاً بين الوجود والعدم صفة لا هي موجودة ولا هي معدومة فهنا عندهم هذه المسألة من البديهيات التي تحصل بالبداهة وغيرها من الامور بل حتى تصل إلى مرحلة ان بعض الناس لا يعرف ( 1+1 ) كم يساوي.
الجهل النظري:
وهو عدم العلم النظري ( الذي نحصل عليه عن طريق الكسب والمعرفة ) فهذا القسم امثلته كثيرة لأنه اكثر سعة واستخداماً من العلوم الأخرى ما عدا ( الحسي ) فمثلاً: اذا سألت احدهم عن مقدار وزن شيء من الاشياء فقال لا اعرف فذلك نظري لأنه من شأن هذه المسألة ان تدرك بالعلم النظري.
(انتبه) ان العلم ينقسم إلى قسمين الحصولي والحضوري ولما كان الجهل كما قال المناطقة يقابل العلم ويبادل موارده لزم ان ينقسم ايضاً إلى قسمين الجهل الحصولي والجهل الحضوري ولما كان العلم الحصولي هو حضور صورة الشيء عند الذهن.
ولما كان العلم الحضوري هو حضور نفس الشيء.
اذن الجهل الحضوري: هو عدم حضور نفس الشيء. وقد مثلوا لذلك كعلم النفس بذاتها، ولما كان كذلك فكيف يوصف الإنسان وهو في حال التخدير العام. فالإنسان في حالة التخدير العام فان نفسه حتماً حاضرة لكنه جاهل بحضورها.
الجهل التصويري والتصديقي:
ان معنى الجهل التصويري وهو عدم ملكة التصور ومعنى الجهل التصديقي هو عدم التصديق قال الله تعالى: {قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ}( )، فهنا حصل لهم تصور بالحلم الذي قصه عليهم العزيز لكنهم لم يحكموا ولم يدركوا معناه ولم يحصل عندهم تصديق فلذلك حصل عندهم جهل تصديقي لأن ملكة الحكم لم توجد عندهم.
قال الله تعالى: { أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ }( ) فنفى الله تعالى العلم عنهم وهذه دلالة على انهم يجهلون {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إلى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}( )، نسب يعقوب (عليه السلام) إلى ابنائه الجهل لكن من اي قسم هو ذلك الجهل ؟ ذلك الجهل قسم من الجهل التصويري وذلك لأنهم حتى تصور كثيراً من الامور لا يعرفونه حيث ان هذه الآية تحكي عن يعقوب بأنه يعلم ان يوسف حي وغائب عنه وهم يقولون ان يوسف مات فهم يجهلون ان يوسف حي.
يتبع لطفا
تعليق