نقلا من الموسوعة القرآنية للسيد القحطاني (الجزء الأول)
الفصل الثاني
انتقال العصمة بالوراثة
والآن وبعد كل الذي قدمناه عن الوراثة ودور الهندسة الوراثية في انتقال الصفات بكل أشكالها عن طريق الشفرة الوراثية نطرح السؤال التالي هل بالإمكان انتقال الأمر الإلهي (العصمة ) وراثياً ؟ أو بعبارة أخرى هل بالإمكان إنتقال العصمة عبر الإنتقال الإنسيابي للجينات الوراثية ؟
وللإجابة عن هذا السؤال نقول إن الأحاديث الشريفة نصّت على إن أهل البيت (عليهم السلام) هم الخمسة أصحاب الكساء الذين خصهم الله تعالى بآية التطهير التي نزلت وهي قوله تعالى { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } تفسير الصافي ج4ص187
.
وهؤلاء الخمسة هم : محمد (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم اجمعين .
فقد ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال : (نزلت هذه الآية في رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وعلي ابن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وذلك في بيت أم سلمة زوج النبي ، فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين (صلوات الله عليهم اجمعين ) ثم البسهم كساءٍ له خيبرياً ودخل معهم فيه ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي الذين وعدتني فيهم ما وعدتني اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، فقالت أم سلمة وأنا معهم يارسول الله ؟ قال : أبشري يا أم سلمة فإنك على خير ) تفسير الصافي ج4ص187.
وبذلك فقد ثبتت العصمة وترسخت بالأمر الإلهي تكوينياً في الخمسة أصحاب الكساء صلوات الله عليهم .
وهكذا نفهم بعض الاشارات الواردة في الأدعية والزيارات مثل ما ورد في دعاء الصباح ( والثابت القدم على زحاليفها في الزمن الاول والناصع الحسب في ذروة الكاهل الاعبل ) وما ورد في زيارة الحسين (عليه السلام) : ( كنت نوراً في الاصلاب الشامخة والارحام المطهرة لم تنجسك الجاهلية بانجاسها ...)( ).
الأئمة التسعة المعصومين يكتسبون العصمة بالوراثة
على الرغم من كثرة الأخبار الواردة في إن آية التطهير قد نزلت في حق الخمسة أصحاب الكساء فإنه في الوقت نفسه هنالك الكثير من الأحاديث والروايات التي تذكر إن أهل البيت والمطهرين هم الأربعة عشر سلام الله عليهم أجمعين فكيف يستقيم الأمر في هذه الحالة ؟
الواقع إن الخمسة أصحاب الكساء (عليهم السلام) الذين نزلت فيهم آية التطهير هم أهل البيت بمقتضى نص الآية ، وقد إنتقل الأمر وراثياً إلى الائمة المعصومين من ذرية الحسين (عليهم السلام) فقد ورثوا التطهير من آبائهم أهل الكساء كما ورثوا أموراً أخرى وتدخل هذه المواريث ضمن القسم الثاني من أقسام الوراثات التي ذكرناها سابقاً وهي ( وراثة الصفات الروحية والمعنوية ).
وقد يتعجب البعض من هذا الكلام لأول وهلة إلا إن القرآن قد نطق بهذا المعنى وبينته الأحاديث الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) وكذلك أكده العلم الحديث ، وهو لا يخص الأئمة فقط بل هو سارٍ كذلك في الأنبياء (عليهم السلام) فلو عدنا لقوله تعالى في سورة فاطر لتبين لنا إمكانية ذلك ، قال عز من قائل {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} وقوله تعالى {إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ } آل عمران33
.
ومن الروايات ما ورد عن عبد الرحمن ابن كثير قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : ما عنى الله عز وجل بقوله { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } قال : نزلت في النبي (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) وأمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة (عليها السلام) فلما قبض الله عز وجل نبيه كان أمير المؤمنين ثم الحسن ثم الحسين ثم وقع تأويل هذه الآية {وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ } وكان علي ابن الحسين اماماً ثم جرت في الائمة من ولده الأوصياء ، فطاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله عز وجل ) بحار الانوار ج25ص355.
وانت ترى في هذه الرواية كيف ذكر الإمام الصادق (عليه السلام) قوله تعالى {وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ...} للإشارة إلى دور الوراثة في إنتقال التطهير من الخمسة أصحاب الكساء إلى باقي الأئمة ابتداءً من الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) .
وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله : (لا يقاس بآل محمد من هذه الأمة أحد ، ولا يسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا هم أساس الدين وعماد اليقين ، إليهم يفيء الغالي ، وبهم يلحق التالي ، ولهم خصائص حق الولاية ، وفيهم الوصية والوراثة ...) نهج البلاغة خطبة 4.
فهم أولي الأمر ولهم خصائص هذا المقام وبهم أوصى الله ورسوله ، وأياهم أورث العصمة والحكمة .
وربما يقول قائل إذا كانت العصمة تنتقل بالوراثة كما تقولون فما الحاجة إلى تخصيص الخمسة أصحاب الكساء بآية التطهير ، وقد كان يكفي انهم ورثوا هذه الصفة من الأنبياء السابقين ، وللإجابة عن هذا الإشكال نقول :
إن للخمسة أصحاب الكساء امتيازاً عن سائر الخلق بحيث إن العصمة التي حباهم الله بها هي أعلى مراتب العصمة التي لم يكن لنبي قبلهم شرف الإرتقاء إليها ولعل الجميع سمع حديث الكساء اليماني وإن رب العزة يقول( وعزتي وجلالي ما خلقت سماءً مبنية ولا ارضاً مدحية ولا فلكاً يجري ...ألا لأجل هؤلاء الخمسة تحت الكساء ).
عن سليم ابن قيس عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال (أيها الناس تعلمون إن الله عز وجل أنزل في كتابه {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } فجمعني وفاطمة وابني حسنا وحسينا ثم القي علينا الكساء وقال :
اللهم هؤلاء أهل بيتي ولحمتي يؤلمني ما يؤلمهم ويجرحني ما يجرحهم فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا فقالت أم سلمة وانا يا رسول الله ؟ فقال : أنت على خير ، إنما نزلت فيّ وفي أخي علي وأبني وفي تسعة من ولد الحسين خاصة وليس معنا أحد غيرنا ) بحار الأنوار ج31ص413 .
وبذلك فإن أهل البيت المشمولين بآية التطهير هم الأربعة عشر المعصومين (عليهم السلام) ، خمسة منهم أهل الكساء بحسب التنزيل، وتسعة من ولد الحسين (عليه السلام) بحسب قانون الوراثة والجينات ، ومن هذا نفهم معنى قول رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) (الحسين خازن وحيي والحسن معدن علمي ) فالحسين (عليه السلام) هو خازن الجينات الوراثية التي من خلالها تم التواصل لأبنائه المعصومين (عليهم السلام) من خلال العوامل الوراثية .
[/color][/color][/size]
الفصل الثاني
انتقال العصمة بالوراثة
والآن وبعد كل الذي قدمناه عن الوراثة ودور الهندسة الوراثية في انتقال الصفات بكل أشكالها عن طريق الشفرة الوراثية نطرح السؤال التالي هل بالإمكان انتقال الأمر الإلهي (العصمة ) وراثياً ؟ أو بعبارة أخرى هل بالإمكان إنتقال العصمة عبر الإنتقال الإنسيابي للجينات الوراثية ؟
وللإجابة عن هذا السؤال نقول إن الأحاديث الشريفة نصّت على إن أهل البيت (عليهم السلام) هم الخمسة أصحاب الكساء الذين خصهم الله تعالى بآية التطهير التي نزلت وهي قوله تعالى { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } تفسير الصافي ج4ص187
.
وهؤلاء الخمسة هم : محمد (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم اجمعين .
فقد ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال : (نزلت هذه الآية في رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وعلي ابن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وذلك في بيت أم سلمة زوج النبي ، فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين (صلوات الله عليهم اجمعين ) ثم البسهم كساءٍ له خيبرياً ودخل معهم فيه ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي الذين وعدتني فيهم ما وعدتني اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، فقالت أم سلمة وأنا معهم يارسول الله ؟ قال : أبشري يا أم سلمة فإنك على خير ) تفسير الصافي ج4ص187.
وبذلك فقد ثبتت العصمة وترسخت بالأمر الإلهي تكوينياً في الخمسة أصحاب الكساء صلوات الله عليهم .
وهكذا نفهم بعض الاشارات الواردة في الأدعية والزيارات مثل ما ورد في دعاء الصباح ( والثابت القدم على زحاليفها في الزمن الاول والناصع الحسب في ذروة الكاهل الاعبل ) وما ورد في زيارة الحسين (عليه السلام) : ( كنت نوراً في الاصلاب الشامخة والارحام المطهرة لم تنجسك الجاهلية بانجاسها ...)( ).
الأئمة التسعة المعصومين يكتسبون العصمة بالوراثة
على الرغم من كثرة الأخبار الواردة في إن آية التطهير قد نزلت في حق الخمسة أصحاب الكساء فإنه في الوقت نفسه هنالك الكثير من الأحاديث والروايات التي تذكر إن أهل البيت والمطهرين هم الأربعة عشر سلام الله عليهم أجمعين فكيف يستقيم الأمر في هذه الحالة ؟
الواقع إن الخمسة أصحاب الكساء (عليهم السلام) الذين نزلت فيهم آية التطهير هم أهل البيت بمقتضى نص الآية ، وقد إنتقل الأمر وراثياً إلى الائمة المعصومين من ذرية الحسين (عليهم السلام) فقد ورثوا التطهير من آبائهم أهل الكساء كما ورثوا أموراً أخرى وتدخل هذه المواريث ضمن القسم الثاني من أقسام الوراثات التي ذكرناها سابقاً وهي ( وراثة الصفات الروحية والمعنوية ).
وقد يتعجب البعض من هذا الكلام لأول وهلة إلا إن القرآن قد نطق بهذا المعنى وبينته الأحاديث الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) وكذلك أكده العلم الحديث ، وهو لا يخص الأئمة فقط بل هو سارٍ كذلك في الأنبياء (عليهم السلام) فلو عدنا لقوله تعالى في سورة فاطر لتبين لنا إمكانية ذلك ، قال عز من قائل {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} وقوله تعالى {إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ } آل عمران33
.
ومن الروايات ما ورد عن عبد الرحمن ابن كثير قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : ما عنى الله عز وجل بقوله { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } قال : نزلت في النبي (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) وأمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة (عليها السلام) فلما قبض الله عز وجل نبيه كان أمير المؤمنين ثم الحسن ثم الحسين ثم وقع تأويل هذه الآية {وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ } وكان علي ابن الحسين اماماً ثم جرت في الائمة من ولده الأوصياء ، فطاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله عز وجل ) بحار الانوار ج25ص355.
وانت ترى في هذه الرواية كيف ذكر الإمام الصادق (عليه السلام) قوله تعالى {وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ...} للإشارة إلى دور الوراثة في إنتقال التطهير من الخمسة أصحاب الكساء إلى باقي الأئمة ابتداءً من الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) .
وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله : (لا يقاس بآل محمد من هذه الأمة أحد ، ولا يسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا هم أساس الدين وعماد اليقين ، إليهم يفيء الغالي ، وبهم يلحق التالي ، ولهم خصائص حق الولاية ، وفيهم الوصية والوراثة ...) نهج البلاغة خطبة 4.
فهم أولي الأمر ولهم خصائص هذا المقام وبهم أوصى الله ورسوله ، وأياهم أورث العصمة والحكمة .
وربما يقول قائل إذا كانت العصمة تنتقل بالوراثة كما تقولون فما الحاجة إلى تخصيص الخمسة أصحاب الكساء بآية التطهير ، وقد كان يكفي انهم ورثوا هذه الصفة من الأنبياء السابقين ، وللإجابة عن هذا الإشكال نقول :
إن للخمسة أصحاب الكساء امتيازاً عن سائر الخلق بحيث إن العصمة التي حباهم الله بها هي أعلى مراتب العصمة التي لم يكن لنبي قبلهم شرف الإرتقاء إليها ولعل الجميع سمع حديث الكساء اليماني وإن رب العزة يقول( وعزتي وجلالي ما خلقت سماءً مبنية ولا ارضاً مدحية ولا فلكاً يجري ...ألا لأجل هؤلاء الخمسة تحت الكساء ).
عن سليم ابن قيس عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال (أيها الناس تعلمون إن الله عز وجل أنزل في كتابه {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } فجمعني وفاطمة وابني حسنا وحسينا ثم القي علينا الكساء وقال :
اللهم هؤلاء أهل بيتي ولحمتي يؤلمني ما يؤلمهم ويجرحني ما يجرحهم فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا فقالت أم سلمة وانا يا رسول الله ؟ فقال : أنت على خير ، إنما نزلت فيّ وفي أخي علي وأبني وفي تسعة من ولد الحسين خاصة وليس معنا أحد غيرنا ) بحار الأنوار ج31ص413 .
وبذلك فإن أهل البيت المشمولين بآية التطهير هم الأربعة عشر المعصومين (عليهم السلام) ، خمسة منهم أهل الكساء بحسب التنزيل، وتسعة من ولد الحسين (عليه السلام) بحسب قانون الوراثة والجينات ، ومن هذا نفهم معنى قول رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) (الحسين خازن وحيي والحسن معدن علمي ) فالحسين (عليه السلام) هو خازن الجينات الوراثية التي من خلالها تم التواصل لأبنائه المعصومين (عليهم السلام) من خلال العوامل الوراثية .
[/color][/color][/size]
تعليق