القحطاني يكشف أسرار اللغة الفردوسية
إن عالم الحروف هو عالم كبير ومتشعب فيه أسرار عظيمة ، ومنها مفاتيح لكنوز المعارف المتعددة ، ومن هذه الكنوز ( اللغة الفردوسية ) أو لغة الرموز والأسرار ، وهذه اللغة توضح بأن كل حرف فيها له مسميات كثيرة تنطوي في معنى هذا الحرف ، فتكمن معرفة الحرف في معرفة حقيقته ، وهو ليس بالمعنى اللفظي المنطوق أو المسموع أو الوصف الخارجي له ، بل المعنى الذي في الحرف نفسه ، فلا تحقق تلك المعرفة دون الوصول إلى أعماق ذلك الحرف ، ولا يمكن للجميع التوصل لتلك الحقيقة إلاّ الذين حباهم الله تعالى بفضله ووفقهم لمعرفة أسرار علمه . ويطلق عليها هذه التسمية لأنها متأتية من جنة الفردوس ، فهي لغة أهل الجنة ، والمتعارف إن اللغة العربية هي لغة أهل الجنة ، واللغة الفردوسية هي لغة الحروف وليست لغة الكلمات ، وهي لغة المخاطبة بين الملائكة . وقد أستخدم المولى عز وجل هذه اللغة في كتابه الكريم ، فكانت إشارة بينه وبين رسوله الكريم (ص) فالحروف المقطعة في أوائل السور هي من اللغة الفردوسية ، وفي هذه اللغة اسم الله الأعظم الذي غيبه المولى تبارك وتعالى في تلك الحروف ،
فقد ورد في إكمال الدين عن أبي عبد الله (ع) إنه قال : ( قد غيب الله تعالى اسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى في أوائل سور من القرآن ، فقال عزّ وجل (الم والمر والمص وكهيعص وحم وعسق وطس وطسم) ، وما أشبه ذلك لعلتين إحداهما ان الكفار المشركين كانت أعينهم في غطاء عن ذكر الله عزّ وجل وهو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بدليل قوله تعالى {قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَّسُولاً} وكانوا لا يستطيعون للقرآن فأنزل الله في أوائل سور منهم اسمه الأعظم بحروف مقطوعة ، وهي من حروف كلامهم ولغتهم ولم تجر عادتهم بذكرها مقطوعة فلما سمعوها تعجبوا منها وقالوا نسمع ما بعدها تعجباً ، فاستمعوا ما بعدها فتأكدت الحجة على المنكرين وازداد أهل الإقرار به بصيرة وتوقف الباقون شكاكاً لا همة لهم إلا البحث عما شكّوا فيه ، وفي البحث الوصول إلى الحق ، والعلة الأخرى في إنزال أوائل السور بالحروف المقطوعة ليختص بمعرفتها أهل العصمة والطهارة فيقيمون به الدلالة ويظهرون به المعجزات....)بحار الأنوار ج89 ص381 .
إذن فاللغة الفردوسية مختصّة لأهل العصمة والطهارة ، ولا يستطيع فكّ رموزها أو كشف أسرارها إلا همّ أو من وفّقه الله تعالى بمنّه وجوده لذلك.
اللغة الفردوسية لغة أسرار الحروف
إن لكل حرف من حروف اللغة الفردوسية سرّ محدد يختلف عن غيره من الحروف ، وهذا الحرف له تأويل خاص به ، فأمير المؤمنين (ع) قال : (....سمعت رسول الله (ص) يقول : ليس من القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن وما من حرف إلا وله تأويل {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}) بحار الأنوار ج33 ص155 .
فكان الخطاب الإلهي إلى رسول الله (ص) في هذه اللغة ، وفيها أسرار رسول الله (ص) التي خصّ بها أمير المؤمنين (ع) فأودعها إليه قبل أن يُقبض (صلوات الله وسلامه عليه) والتي منها تفتح أبواب العلم ، فقد جاء في الخصال عن أبي عبد الله (ع) أنه قال : (جاء أبو بكر وعمر إلى أمير المؤمنين (ع) حين دفن فاطمة (ع) في حديث طويل قال لهما : أما ذكرتما أني لم أشهدكما أمر رسول الله (ص) فإنه قال لا يرى عورتي أحد غيرك إلا ذهب بصره، فلم أكن لأريكما به لذلك ، وأما إكبابي عليه فإنه علمني ألف حرف الحرف يفتح حرف ، فلم أكن لأطلعكما على سرّ رسول الله (ص)) بحار الأنوار ج22 ص464 .
وفي رواية أخرى عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر (ع) قال : (إن رسول الله (ص) علّم علياً (ع) ألف حرف كلّ حرف يفتح ألف حرف والألف حرف يفتح كل حرف منها ألف حرف) بصائر الدرجات ص308 .
ومن ذلك فإننا لا نستغرب حينما يتكلم أمير المؤمنين (ع) في شرح حرف واحد ساعة تامّة، ويستغرق شرح كلمة واحدة مدة ليلة كاملة من خلال الغوص في معاني هذه الحروف وتبيان أسرار علومها المختلفة ، فقد ورد عن محمد بن عبد الواحد في كتابه بإسناده : أن علي بن أبي طالب (ع) قال: (يا أبا عباس إذا صلّيت عشاء الآخرة فالحقني إلى الجبانة ، قال : فصليت ولحقته وكانت ليلة مقمرة ، قال : فقال (ع) ما تفسير الألف من الحمد ؟ قال : فما علمت حرفاً أجيبه . قال : فتكلم في تفسيرها ساعة تامة . قال : ثم قال لي : ما تفسير اللام من الحمد ؟ قال : فقلت لا أعلم ، فتكلم في تفسيرها ساعة تامّة ، قال : ثم قال (ع) فما تفسير الحاء من الحمد ؟ قال : فقلت لا أعلم . قال : فتكلم في تفسيرها ساعة تامة ، ثم قال لي : فما تفسير الميم من الحمد ؟ قال : فقلت لا أعلم . قال : فتكلم في تفسيرها ساعة تامة ، ثم قال : فما تفسير الدال من الحمد ؟ قال : فقلت لا أدري . قال : فتكلم في تفسيرها إلى أن برق عمود الفجر ، وقد وعيت كل ما قال ، ثم تفكرت فإذا علمي بالقرآن في علم علي كالقرارة في المتفجّر ، قال القرارة : الغدير والمتفجر : البحر) بحار الأنوار ج19.
وتعتبر اللغة الفردوسية المدخل الرئيسي للغة الوجودية ، فإن الله تعالى إذا تكلم أوجد ، وقوله تعالى (كُن) هو مسبب للوجود ، فكلامه جلّ وعلا ليس بعبث بل هو إيجاد للأشياء ، فقد ورد في مسائل عبد الله بن سلام (أحد رؤساء بني إسرائيل) لرسول الله (ص) فقال له : (فأخبرني عن آدم (ع) كيف خُلق ومن أي شيء خُلق ؟ قال (ص) : (نعم إن الله سبحانه وبحمده وتقدست أسماؤه ولا إله غيره خلق آدم من الطين والطين من الزبد والزبد من الموج والموج من البحر والبحر من الظلمة والظلمة من النور والنور من الحرف والحرف من الآية والآية من السورة والسورة من الياقوته والياقوته من كُن وكُن من لا شيء . قال صدقت يا محمد (ص) ...) بحار الأنوار ج9 ص342.
منطق الطير جزء من اللغة الفردوسية
لو لاحظنا أصوات الطيور لوجدناها عبارة عن مجموعة من الأحرف التي تنادي بها الطيور ، وقد علّم الله عزّ وجل نبيه سليمان (ع) منطق الطير ، وكذا علّمه لنبينا محمد وآله الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين) فقد ورد عن زرارة عن أبي عبد الله (ع) أنه قال : (قال أمير المؤمنين لابن عباس : إن الله علّمنا منطق الطير كما علمه سليمان بن داود ، ومنطق كل دابة في برّ أو بحر) بصائر الدرجات ص343 .
فالديك مثلاً يقول في صياحه سبحان الملك القدوس ، فقد ورد عن جابر الجعفي ، قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : (إن لله ديكاً رجلاه في الأرض ورأسه تحت العرش ، جناح له في المشرق ، وجناح له في المغرب يقول سبحان الملك القدوس ، فإذا قال ذلك صاحت الديوك وأجابته ، فإذا سُمع صوت الديك فليقل أحدكم سبحان ربي الملك القدوس) بحار الأنوار ج62 ص3 .
أما العصافير فإنها بقولها تُقدّس ربها وتسأله قوتها ، فقد جاء في الاختصاص للشيخ المفيد (أعلى الله مقامه) عن أبي حمزة الثمالي قال : (كنت عند علي بن الحسين (ع) فلما انتشرت العصافير تصوتت ، فقال يا أبا حمزة أتدري ما تقول ؟ فقلت لا . قال : يقدسن ربها ويسألنه قوت يومها ، ثم قال يا أبا حمزة "علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء") ، وقد روى أن الحمرة فجمعت ...... فجاءت إلى النبي (ص) وقد جعلت ترفّ على رأس رسول الله (ص) فقال : (أيكم فجع هذه ؟ فقال رجل من القوم أنا أخذت بيضها ، فقال النبي (ص) أرددها ....) مناقب ابن شهر آشوب.
وينطبق ذلك على منطق الدواب في البر والبحر ، فإن أصوات الدواب هي أصلاً حروف لا يفهمها إلا من حباه الله لمعرفة هذه اللغة ، فقد ورد عن أبي الدرداء قال : (كان داود (ع) يقضي بين البهائم يوماً وبين الناس يوماً ، فجاءت بقرة فوضعت قرنها على حلقة الباب ثم نغمت كما تنغم الوالدة على ولدها وقالت كنت شابة كانوا ينتجوني ويستعملوني ثم كبرت فأرادوا أن يذبحوني فقال داود أحسنوا إليها لا تذبحوها ثم قرأ (علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء)) البحار ج60 ص78 .
إذن فهذه الأصوات هي حروف تنطوي على رموز وأسرار لا يعلمها إلا من علمه الله ومنّ عليه من علمه . ومن الطريف أن النملة التي خاطبت نبي الله سليمان تضمن خطابها إشارة إلى اللغة الفردوسية ، فقد ورد عن محمد بن جعفر (ع) أنه قال في ذلك : (....قالت النملة أنت أكبر أم أبوك داود ؟ قال سليمان بل أبي داود . قالت النملة فلم زيد في حروف اسمك حرف على حروف اسم أبيك داود ؟ قال ما لي بهذا علم . قالت النملة لأن أباك داود داوى جرحه بود فسمي داود....) قصص الجزائري ص368.
يتبع يتبع
إن عالم الحروف هو عالم كبير ومتشعب فيه أسرار عظيمة ، ومنها مفاتيح لكنوز المعارف المتعددة ، ومن هذه الكنوز ( اللغة الفردوسية ) أو لغة الرموز والأسرار ، وهذه اللغة توضح بأن كل حرف فيها له مسميات كثيرة تنطوي في معنى هذا الحرف ، فتكمن معرفة الحرف في معرفة حقيقته ، وهو ليس بالمعنى اللفظي المنطوق أو المسموع أو الوصف الخارجي له ، بل المعنى الذي في الحرف نفسه ، فلا تحقق تلك المعرفة دون الوصول إلى أعماق ذلك الحرف ، ولا يمكن للجميع التوصل لتلك الحقيقة إلاّ الذين حباهم الله تعالى بفضله ووفقهم لمعرفة أسرار علمه . ويطلق عليها هذه التسمية لأنها متأتية من جنة الفردوس ، فهي لغة أهل الجنة ، والمتعارف إن اللغة العربية هي لغة أهل الجنة ، واللغة الفردوسية هي لغة الحروف وليست لغة الكلمات ، وهي لغة المخاطبة بين الملائكة . وقد أستخدم المولى عز وجل هذه اللغة في كتابه الكريم ، فكانت إشارة بينه وبين رسوله الكريم (ص) فالحروف المقطعة في أوائل السور هي من اللغة الفردوسية ، وفي هذه اللغة اسم الله الأعظم الذي غيبه المولى تبارك وتعالى في تلك الحروف ،
فقد ورد في إكمال الدين عن أبي عبد الله (ع) إنه قال : ( قد غيب الله تعالى اسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى في أوائل سور من القرآن ، فقال عزّ وجل (الم والمر والمص وكهيعص وحم وعسق وطس وطسم) ، وما أشبه ذلك لعلتين إحداهما ان الكفار المشركين كانت أعينهم في غطاء عن ذكر الله عزّ وجل وهو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بدليل قوله تعالى {قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَّسُولاً} وكانوا لا يستطيعون للقرآن فأنزل الله في أوائل سور منهم اسمه الأعظم بحروف مقطوعة ، وهي من حروف كلامهم ولغتهم ولم تجر عادتهم بذكرها مقطوعة فلما سمعوها تعجبوا منها وقالوا نسمع ما بعدها تعجباً ، فاستمعوا ما بعدها فتأكدت الحجة على المنكرين وازداد أهل الإقرار به بصيرة وتوقف الباقون شكاكاً لا همة لهم إلا البحث عما شكّوا فيه ، وفي البحث الوصول إلى الحق ، والعلة الأخرى في إنزال أوائل السور بالحروف المقطوعة ليختص بمعرفتها أهل العصمة والطهارة فيقيمون به الدلالة ويظهرون به المعجزات....)بحار الأنوار ج89 ص381 .
إذن فاللغة الفردوسية مختصّة لأهل العصمة والطهارة ، ولا يستطيع فكّ رموزها أو كشف أسرارها إلا همّ أو من وفّقه الله تعالى بمنّه وجوده لذلك.
اللغة الفردوسية لغة أسرار الحروف
إن لكل حرف من حروف اللغة الفردوسية سرّ محدد يختلف عن غيره من الحروف ، وهذا الحرف له تأويل خاص به ، فأمير المؤمنين (ع) قال : (....سمعت رسول الله (ص) يقول : ليس من القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن وما من حرف إلا وله تأويل {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}) بحار الأنوار ج33 ص155 .
فكان الخطاب الإلهي إلى رسول الله (ص) في هذه اللغة ، وفيها أسرار رسول الله (ص) التي خصّ بها أمير المؤمنين (ع) فأودعها إليه قبل أن يُقبض (صلوات الله وسلامه عليه) والتي منها تفتح أبواب العلم ، فقد جاء في الخصال عن أبي عبد الله (ع) أنه قال : (جاء أبو بكر وعمر إلى أمير المؤمنين (ع) حين دفن فاطمة (ع) في حديث طويل قال لهما : أما ذكرتما أني لم أشهدكما أمر رسول الله (ص) فإنه قال لا يرى عورتي أحد غيرك إلا ذهب بصره، فلم أكن لأريكما به لذلك ، وأما إكبابي عليه فإنه علمني ألف حرف الحرف يفتح حرف ، فلم أكن لأطلعكما على سرّ رسول الله (ص)) بحار الأنوار ج22 ص464 .
وفي رواية أخرى عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر (ع) قال : (إن رسول الله (ص) علّم علياً (ع) ألف حرف كلّ حرف يفتح ألف حرف والألف حرف يفتح كل حرف منها ألف حرف) بصائر الدرجات ص308 .
ومن ذلك فإننا لا نستغرب حينما يتكلم أمير المؤمنين (ع) في شرح حرف واحد ساعة تامّة، ويستغرق شرح كلمة واحدة مدة ليلة كاملة من خلال الغوص في معاني هذه الحروف وتبيان أسرار علومها المختلفة ، فقد ورد عن محمد بن عبد الواحد في كتابه بإسناده : أن علي بن أبي طالب (ع) قال: (يا أبا عباس إذا صلّيت عشاء الآخرة فالحقني إلى الجبانة ، قال : فصليت ولحقته وكانت ليلة مقمرة ، قال : فقال (ع) ما تفسير الألف من الحمد ؟ قال : فما علمت حرفاً أجيبه . قال : فتكلم في تفسيرها ساعة تامة . قال : ثم قال لي : ما تفسير اللام من الحمد ؟ قال : فقلت لا أعلم ، فتكلم في تفسيرها ساعة تامّة ، قال : ثم قال (ع) فما تفسير الحاء من الحمد ؟ قال : فقلت لا أعلم . قال : فتكلم في تفسيرها ساعة تامة ، ثم قال لي : فما تفسير الميم من الحمد ؟ قال : فقلت لا أعلم . قال : فتكلم في تفسيرها ساعة تامة ، ثم قال : فما تفسير الدال من الحمد ؟ قال : فقلت لا أدري . قال : فتكلم في تفسيرها إلى أن برق عمود الفجر ، وقد وعيت كل ما قال ، ثم تفكرت فإذا علمي بالقرآن في علم علي كالقرارة في المتفجّر ، قال القرارة : الغدير والمتفجر : البحر) بحار الأنوار ج19.
وتعتبر اللغة الفردوسية المدخل الرئيسي للغة الوجودية ، فإن الله تعالى إذا تكلم أوجد ، وقوله تعالى (كُن) هو مسبب للوجود ، فكلامه جلّ وعلا ليس بعبث بل هو إيجاد للأشياء ، فقد ورد في مسائل عبد الله بن سلام (أحد رؤساء بني إسرائيل) لرسول الله (ص) فقال له : (فأخبرني عن آدم (ع) كيف خُلق ومن أي شيء خُلق ؟ قال (ص) : (نعم إن الله سبحانه وبحمده وتقدست أسماؤه ولا إله غيره خلق آدم من الطين والطين من الزبد والزبد من الموج والموج من البحر والبحر من الظلمة والظلمة من النور والنور من الحرف والحرف من الآية والآية من السورة والسورة من الياقوته والياقوته من كُن وكُن من لا شيء . قال صدقت يا محمد (ص) ...) بحار الأنوار ج9 ص342.
منطق الطير جزء من اللغة الفردوسية
لو لاحظنا أصوات الطيور لوجدناها عبارة عن مجموعة من الأحرف التي تنادي بها الطيور ، وقد علّم الله عزّ وجل نبيه سليمان (ع) منطق الطير ، وكذا علّمه لنبينا محمد وآله الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين) فقد ورد عن زرارة عن أبي عبد الله (ع) أنه قال : (قال أمير المؤمنين لابن عباس : إن الله علّمنا منطق الطير كما علمه سليمان بن داود ، ومنطق كل دابة في برّ أو بحر) بصائر الدرجات ص343 .
فالديك مثلاً يقول في صياحه سبحان الملك القدوس ، فقد ورد عن جابر الجعفي ، قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : (إن لله ديكاً رجلاه في الأرض ورأسه تحت العرش ، جناح له في المشرق ، وجناح له في المغرب يقول سبحان الملك القدوس ، فإذا قال ذلك صاحت الديوك وأجابته ، فإذا سُمع صوت الديك فليقل أحدكم سبحان ربي الملك القدوس) بحار الأنوار ج62 ص3 .
أما العصافير فإنها بقولها تُقدّس ربها وتسأله قوتها ، فقد جاء في الاختصاص للشيخ المفيد (أعلى الله مقامه) عن أبي حمزة الثمالي قال : (كنت عند علي بن الحسين (ع) فلما انتشرت العصافير تصوتت ، فقال يا أبا حمزة أتدري ما تقول ؟ فقلت لا . قال : يقدسن ربها ويسألنه قوت يومها ، ثم قال يا أبا حمزة "علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء") ، وقد روى أن الحمرة فجمعت ...... فجاءت إلى النبي (ص) وقد جعلت ترفّ على رأس رسول الله (ص) فقال : (أيكم فجع هذه ؟ فقال رجل من القوم أنا أخذت بيضها ، فقال النبي (ص) أرددها ....) مناقب ابن شهر آشوب.
وينطبق ذلك على منطق الدواب في البر والبحر ، فإن أصوات الدواب هي أصلاً حروف لا يفهمها إلا من حباه الله لمعرفة هذه اللغة ، فقد ورد عن أبي الدرداء قال : (كان داود (ع) يقضي بين البهائم يوماً وبين الناس يوماً ، فجاءت بقرة فوضعت قرنها على حلقة الباب ثم نغمت كما تنغم الوالدة على ولدها وقالت كنت شابة كانوا ينتجوني ويستعملوني ثم كبرت فأرادوا أن يذبحوني فقال داود أحسنوا إليها لا تذبحوها ثم قرأ (علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء)) البحار ج60 ص78 .
إذن فهذه الأصوات هي حروف تنطوي على رموز وأسرار لا يعلمها إلا من علمه الله ومنّ عليه من علمه . ومن الطريف أن النملة التي خاطبت نبي الله سليمان تضمن خطابها إشارة إلى اللغة الفردوسية ، فقد ورد عن محمد بن جعفر (ع) أنه قال في ذلك : (....قالت النملة أنت أكبر أم أبوك داود ؟ قال سليمان بل أبي داود . قالت النملة فلم زيد في حروف اسمك حرف على حروف اسم أبيك داود ؟ قال ما لي بهذا علم . قالت النملة لأن أباك داود داوى جرحه بود فسمي داود....) قصص الجزائري ص368.
يتبع يتبع
تعليق