إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

علم التوسم وموارده مهم جدا

تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • علم التوسم وموارده مهم جدا


    منقول من الموسوعة القرآنية للسيد القحطاني(الجزء الثالث)

    الفصل الثاني

    موارد التوسم

    إن التوسم يساعد على معرفة كثير من الأشياء التي تخص الإنسان وغيره حيث انه يعرف حقائق البشر وذلك من عدة موارد منها العلامات الظاهرة في الإنسان وصفاته الخارجية أو عن طريق كشف مكنون ما يضمر في نفسه خير هو أم شر أو عن طريق مقارنة الشيء الواقع بالأثر الذي يتركه وربط بعضه بالبعض الآخر .
    وكذلك التوسم بالأحداث الكونية والأرضية الطبيعية وغيرها والتي لها أثر في الملكوت من قبيل حركات النجوم وأحداث الكون والمجرات والكواكب وكذلك الأحداث الأرضية بدءاً بالرياح وانتهاءاً بالبراكين والأعاصير والزلازل فكل حدث له معنى في علم التوسم .
    والآن سنأتي إلى موارد التوسم والتي من خلالها يعرف المتوسمون سيماء الآخرين ، وهي كالآتي :



    1- التوسم بالعلامات والصفات الخارجية للإنسان :
    هنالك صفات خارجية وعلامات في المظهر الخارجي للإنسان تدل على سيمائه وما هو عليه من صلاح أو فساد كمعرفة العيون الكبيرة ماذا تعني والعيون الصغيرة ماذا تعني والأنف ماذا يعني .
    وكذا بالنسبة إلى موقع الشامات في الإنسان إلى غير ذلك ، وكل منها له ارتباط بصفة معينة موجودة في ذلك الإنسان .
    وقد دلت الكثير من الروايات والحوادث التاريخية المتعلقة بسيرة أهل البيت (عليهم السلام) وأصحابهم وأعدائهم على وجود مثل هذه العلامات وإنها ترسم شخصية الإنسان وما يكون في باطنه فضلاً عن ظاهره .
    ولنأتي أولاً إلى وجه الإنسان وغالباً ما يتركز التوسم على الوجه الذي يكون بمثابة المرآة التي تعكس صورة وما يختلج في داخله من أحاسيس ومشاعر وما هو عليه كأن يكون صالحاً أو طالحاً وهكذا ، وإليك جملة من الأمثلة التي تؤكد هذا المعنى .
    المثال الأول :
    هو قصة وفد اليمن الذين قدموا إلى المدينة ، فقال عنهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) : ( إنهم قوم رقيقة قلوبهم راسخ إيمانهم منهم المنصور يخرج في سبعين ألفاً ينصر خلفي وخلف وصيّ حمائل سيوفهم المسك ) بحار الأنوار ج36 ص112 ، غيبة النعماني ص39 .
    وهو أيضاً من التوسم .
    فالشاهد هنا هو إن أهل اليمن لما سألوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) عن وصيه أشار إليهم إن وصيه هو من جعله الله آية للمتوسمين وإنهم إذا تصفحوا الوجوه عرفوه :
    ( فقالوا يا رسول الله بالذي بعثك بالحق أرناه فقد اشتقنا إليه فقال هو الذي جعله الله آية للمتوسمين فإن نظرتم إليه نظرة من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد عرفتم إنه وصيي كما عرفتم إني نبيكم ، تخللوا الصفوف وتصفحوا الوجوه فمن أهوت إليه قلوبكم فإنه هو لأن الله عز وجل يقول في كتابه {وجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ } إليه وإلى ذريته (عليهم السلام) قال : فقام أبو عامر الأشعري .... فتخللوا الصفوف وتصفحوا الوجوه وأخذوا بيد الأنزع الأصلع البطين وقالوا إلى هذا أهوت أفئدتنا يا رسول الله ) بحار الأنوار ج36 ص112 ، غيبة النعماني ص39.
    وفي هذا النص إشارة واضحة على التوسم عن طريق الوجه بلحاظ ما أشار به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) من تصفح الوجوه والنظر إليها سبيلاً إلى معرفة الشخص المطلوب وهو الإمام علي (عليه السلام) ، وفعلا فإنهم تصفحوا الوجوه وتوسموا في أمير المؤمنين (عليه السلام) إنه هو الوصي.
    ومن الجدير بالذكر هنا إلى نكتة مهمة وهي أن التصفح بذاته ليس هو السبيل الوحيد إلى معرفة هذا الشخص أو ذلك بالنظر بواسطة البصر .
    إنما المهم هو النظر عن طريق القلب والبصيرة وإن القلب وما يشعر به له أثر في التوسم كما هو حال البصر والبصيرة لأن التوسم إنما يكون بالنظر بنور الله ومركز النور هو القلب وعليه فإن للقلب التأثير الأكبر في التوسم ومعرفة الأشياء حتى دون النظر إليها وإلا هنالك أشياء قد يتوسم فيها الإنسان بقلبه وما يحس به من بواطن الأشياء دون ظاهر .
    وكما قيل فإن هذه المضغة التي في الإنسان وهي القلب إذا صلحت صلح الإنسان وإذا فسدت فسد .
    وعليه فقد يكون التصفح بالقلب وبالإحساس فضلاً عن البصر.
    والشيء الآخر المهم هو ما يتعلق بأمير المؤمنين (عليه السلام) بالذات وإنه هو ذاته آية وعلامة للمتوسمين بحيث إن المتوسمين يعرفونه بل يعرفون الحق عن طريق النظر إليه ومعرفته وإنه سمة من سمات المؤمنين التي يوسمون بها ومن هنا قيل في الحديث الشريف :
    ( النظر إلى وجه علي عبادة ) .
    المثال الثاني :
    هو الرواية التي تصف أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) بأن سيماهم في وجوههم من أثر السجود مصداق قوله تعالى {ترَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ} الفتح29 .
    فقد روي عن الطرماح في معرض رده على معاوية بن أبي سفيان (عليه اللعنة) إنه قال : ( لو بلغت باب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) لوجدت ....رجالاً سيماهم في وجوههم من اثر السجود ....) بحار الأنوار ج23 ص291 .
    وفي هذه الرواية إشارة إلى التوسم عن طريق الوجه وما يتركه من أثر في جباههم وليس المقصود في التوسم بأثر السجود هو الأثر المادي إنما هي علامة يتركها السجود في جباههم مما يظهر على وجوههم من ملامح التعب والسهر وصفار الوجه الكافي ج5 ص13 .
    ولما سأل عبد الله بن سنان الإمام الصادق (عليه السلام) عن قول الله عز وجل { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ } قال: ( هو السهر في الصلاة ....) روضة الواعظين ج2 ص321.
    المثال الثالث :
    إن أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والتسليم) يتوسمون ويعرفون المحبين لهم من المبغضين من ألوانهم ، فقد ورد عن عبد الله بن سليمان عن أبي عبد الله (عليه السلام) : ( قال إن الإمام إذا أبصر إلى رجل عرفه وعرف لونه ...) الكافي ج1ص438، بحار الأنوار ج24ص124 .
    وإن الله سبحانه وتعالى جعل من وراء إختلاف اللون حكمة ، ومصداق ذلك قوله تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السماوات وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ} الروم22.
    المثال الرابع :
    من أمثلة التوسم بالوجه هو ما يتعلق بالعيون ، فالعين هيئتها وشكلها وما إذا كانت صغيرة أم كبيرة لها توسم خاص بها .
    ومن سيماء المؤمنين إنهم عُمش (عمش في اللغة من عمش ، يقال رجل أعمش وامرأة عمشاء أي لا تزال عينها تسيل دمعاً ولا تكاد تبصر بها . والعمش ضعف العين مع سيلان دمعها في أكثر الأوقات ) لسان العرب ج6 ص320 ، كتاب العين ج1 ص276.
    روي عن نوف البكالي إنه قال لأمير المؤمنين علي (عليه السلام) : ( صف لي شيعتك ، فبكى (عليه السلام) ثم قال : شيعتي والله الحلماء الحكماء .... عمش العيون من البكاء....) أعلام الورى ص144 .
    وهذه الرواية تصف سيماء شيعة الإمام علي (عليه السلام) وهو ضعف بصر العين لشدة البكاء وكثرته وتعب العين من ذلك وظهور ذلك الأثر على مظهرها عند النظر إليها..مستدرك الوسائل ج1 ص124 ، مجمع البحرين ص144.
    المثال الخامس :
    من أمثلة التوسم بالعين وهو إن من سيماء المجرمين إنهم زرق العيون ، فقد ورد في تفسير قوله تعالى {يعرف المجرمون بسيماهم} أي بعلاماتهم وهي (سواد الوجوه وزرقة العيون...) بحار الأنوار ج7 ص81 .
    وزرقة العين هي من سيماء قتلة الإمام الحسين (عليه السلام) وأبنائهم وأبناء أبنائهم ، فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) إنه قال :
    ( ...خذوهم بسيماهم بزرقة الأعين وسواد الوجوه خذوا بنواصيهم فألقوهم في الدرك الأسفل من النار .....) تفسير فرات ص446 .
    المثال السادس :
    إن من سيماء شيعة أهل البيت (عليهم السلام) هو إنهم غرّ محجلين ، والغرّ جمع الأغر من الغرة وهو بياض الوجوه بنور الوضوء كما قيل(بحار الأنوار ج28 ص28 ، ج65 ص25 ، دعائم الإسلام ج1 ص100) .
    علماً إن بياض الوجوه بنور قد يكون أعم وأشمل من نور الوضوء بل هو نور الإيمان الساطع من جباههم .
    وفي التوسم هو الخط الذي يرى ظاهر في جبهة الإنسان من وسط الجبهة إلى ما بين عينيه . وهي سيماء الخلص من شيعة الإمام علي (عليه السلام) .
    فعن عامر بن وائلة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه سأله ابن الكواء عن المقصود بقوله تعالى {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية} فقال (عليه السلام) : ( ....رفع صوته ويحك يابن الكواء أولئك نحن وأتباعنا يوم القيامة غراً محجلين رواء مرويين يعرفون بسيماهم ) بحار الأنوار ج36 ص190 ، سعد السعود ، ص108 .
    المثال السابع :
    إن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) عندما يتوسمون بوجه الشخص الداخل إليهم لا تكون معرفتهم به وتوسمهم عن طريق العلامات الظاهرية في الوجه ، بل هنالك علامات باطنية للوجه لا يعلمها أو يراها إلا أهل البيت (عليهم السلام) ومن اتصل بهم من أوليائهم وخواصهم وبها يعرفون محبهم من مبغضهم .
    فقد ورد عن عبد الرحمن عن ابن كثير إنه سأل الإمام الصادق (عليه السلام) فقال : ( قلت جعلت فداك هل تعرفون محبيكم ومبغضيكم ؟ قال ويحك يا أبا سليمان إنه ليس من عبد يولد إلا كتب بين عينيه مؤمن أو كافر ، وإن الرجل ليدخل إلينا بولايتنا وبالبراءة من أعدائنا فنرى مكتوباً بين عينيه مؤمن أو كافر ، قال الله عز وجل {إن في ذلك لآيات للمتوسمين} نعرف عدونا من ولينا) بحار الأنوار ج24 ص123 .
    وفي رواية أخرى عن عمار بن أبي مطرف عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال : ( سمعته يقول : ما من أحد إلا ومكتوب بين عينيه مؤمن أو كافر محجوبة عن الخلائق إلا الأئمة والأوصياء فليس محجوب عنهم ثم تلا {إن في ذلك لآيات للمتوسمين} ....وليس والله أحد يدخل علينا إلا عرفناه بتلك السمة ) بحار الأنوار ج24 ص147 .
    وذلك إن الله سبحانه وتعالى وسمهم بتلك السمة منذ عالَم الذر لأنه عالِم بحالهم ومن هو المؤمن منهم والكافر بالميثاق الذي أخذه الله سبحانه وتعالى عليهم في تلك النشأة من الإقرار بوحدانيته والإقرار بنبوة الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) والإقرار بولاية الإمام علي بن أبي طالب والأئمة من ولده (صلوات الله عليهم أجمعين) .
    ووسمهم بهذه السمة من الإيمان والكفر كلٌ حسب إقراره في عالم الذر بهذا الميثاق فمن أقر فيه فهو مؤمن ومن لم يقر به ورفضه فهو كافر .
    ومن هنا يتضح وكما سبق وأن بينا ارتباط التوسم بعالم الملكوت وإن له أصلاً ترجع إلى عالم الذر أو الملكوت له انعكاسه وتأثيره في عالم الوجود أو التكوين أي في هذه الحياة الدنيا .
    وقد أكد مولى الموحدين وأمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجلين أسد الله الغالب علي بن أبي طالب (عليه السلام) هذا المعنى في قوله : ( ما أضمر أحد شيئاً إلا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه ) نهج البلاغة ج4 ص7 .

    يتبع يتبع
    التعديل الأخير تم بواسطة فرقد; الساعة 25-08-09, 02:12 PM.

  • #2
    منقول من الموسوعة القرانية للسيد القحطاني (الجزء الثالث)

    أ- التوسم عن طريق أعضاء البدن
    وهنالك توسم عن طريق أعضاء البدن الأخرى والعلامات التي تظهر عليها وانعكاسها وما تتركه من أثر على الإنسان وشخصيته . وهنالك عدة أمثلة على ذلك :
    المثال الأول : يتعلق بيدي الإنسان والتوسم بها ، كتوسم أمير المؤمنين علي (عليه السلام) بذي الثدية ، وهو زعيم الخوارج ورأسهم ، وإخبار أصحابه في معركة النهروان .
    فعن طارق بن زياد إنه قال : ( سار علي (عليه السلام) إلى النهروان فقتل الخوارج ، فقال : اطلبوا المخدج فإن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) قال سيجيء قوم يتكلمون بكلمة الحكمة ولا يجاوز حلوقهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية سيماهم أو فيهم رجل أسود مخدوج اليد في ثديه شعرات سود فإن كان فيهم فقد قتلتم شرّ الناس وإن لم يكن فيهم فقد قتلتم خير الناس ) بحار الأنوار ج33 ص334 ، العمدة ص445 .
    وفي هذه الرواية دلالة واضحة على التوسم وإنه من سيماء الخوارج وجود هذا الشخص المخدوج (من الفعل خدج مخدع بضم الميم وفتح الدال ، والخداج هو النقصان . ومخدج اليد أي ناقص اليد ، وقيل خدجت الناقة أي ألقت ولدها قبل أوانه لغير تمام الأيام وإن كان تام الخلق) لسان العرب ج2 ص248 ، مجمع البحرين ج2 ص290 .
    وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) قد توسم بذي الثدية ذاته قبل سنوات من معركة النهروان ، فقد ورد عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) إنه قال :
    ( كنت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وهو يقسم غنائم حنين فجاء هذا فقال : يا محمد اعدل فوالله ما عدلت منذ اليوم . فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ثكلتك أمك ومن يعدل إذا لم أعدل ؟ فقال عمر بن الخطاب : دعني أضرب عنق هذا المنافق . فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) دعه فإن له من يقتله سيخرج من ضئضئي هذا أقوام يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ....) تذكرة الخواص ص104.
    المثال الثاني : عن التوسم باليد وهو بيعة الإمام علي (عليه السلام) فقد كان أول من بايعه طلحة بن عبيد الله وكانت يده شلاء – أي ناقصة - .
    ففي الروايات التاريخية التي تروي هذا الحال : ( أول من بايعه وصفق على يده طلحة ابن عبد الله ، فقال رجل من بني أسد : أول يد بايعت يد شلاء ، أو يد ناقصة ) تاريخ اليعقوبي ج2ص123
    وفي رواية أخرى عن أبي بشير العابدي إن الإمام علي (عليه السلام) قال لمن يريد أن يبايعه :
    ( لا حاجة لي فيكم أنا معكم فمن اخترتم فقد رضيت به فاختاروه ....فجاءوا وفيهم طلحة والزبير فتسوروا عليه الحائط وقالوا ابسط يدك فبايعه طلحة أولاً والزبير بعده فنظر حبيب بن ذويب إلى يد طلحة فقال لا يتم هذا الأمر ...) تذكرة الخواص ص57- 58 .
    وكما إن لليد توسم فإن لقدمي الإنسان توسم أيضاً يعرف عن طريقها أمره وما يكون عليه كما توسم بذلك قوم بقدمي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) عند النظر إليها .
    فقد روى مجاهد عن ابن عباس : ( قال قوم من بني مزجح قالوا لعبد المطلب لما شاهدوا قدمي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) يا أبا البطحاء احتفظ بهذا فإنا لم نر قدم ما أشبه بالقدم الذي في مقام قدميه . فقال عبد المطلب لأبي طالب اسمع ما يقول هؤلاء فإن لابني هذا ملكاً ....) تذكرة الخواص ص7 .
    نكتفي بهذا النموذج من التوسم باعضاء الإنسان تجنباً للإطالة .

    ب - التوسم بالهيئة
    وهنالك أيضاً التوسم بالهيئة العامة للإنسان ومظهره وما يوحي من سيماء وعلامات تدل عليه وهنالك عدد من الأمثلة على ذلك .
    المثال الأول : إن من سيماء المؤمنين من شيعة أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) هو هيئتهم من الذل والخشوع لله سبحانه وتعالى وما هم عليه من الزهد وما يظهر على أجسادهم من أثر ذلك الزهد والتعبد لله عز وجل .
    فقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) إنه قال : ( شيعتي والله ... أحلاس عبادة وأنضاء زهادة صفر الوجوه من السهر عمش العيون من البكاء خمص البطون من الصيام ذبل الشفاه من الدعاء مصابيح كل ظلمة وريحان كل قبيلة تعرف الزهادة بسيماهم والرهبانية في وجوههم ....) - أعلام الدين ص144 .
    وفي رواية أخرى عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصف شيعته أيضاً : (شيعتي يا نوف الذبل الشفاه ، الخمص البطون ، رهبان في الليل أسد في النهار إذا جنهم اتزروا على الأوساط وارتدوا على الأطراف وصفوا الأقدام وافترشوا الجباه ..) مستدرك نهج البلاغة ص49- 50 .
    وعن الإمام الصادق (عليه السلام) في ذكره لأوصاف المؤمنين الكاملين : ( فهم الحفي عيشهم المتنقلة ديارهم من أرض إلى أرض الخميصة بطونهم من الصيام الذابلة شفاههم من التسبيح العمش العيون من البكاء الصفر الوجوه من السهر فذلك سيماهم ....) مستدرك الوسائل ج1 ص124 .
    المثال الثاني : على التوسم تبعاً للهيئة والمظهر الخارجي هو ما ورد في التوسم بالخوارج ، وإن من سيماهم التحليق أي حلق الرأس .
    وفي رواية أخرة التسبيد ( من الفعل سبد : والسبد هو الشعر ، وسبد رأسه وسمده أي استأصله . وقيل سبد شعره استأصله حتى ألزقه بالجلد وعفاه جميعاً ، وفي رواية هو الحلق واستئصال الشعر ، ثم ينبت الشعر بعد أيام ) - لسان العرب ج3 ص202 ، كتاب العين ج7 ص232 ، مجمع البحرين ج3 ص62 .
    وقد أشارت الروايات الشريفة إلى إن المقصود بالتسبيد هو الحلق وترك التدهن وقيل هو ترك التدهن وغسل الرأس. (بحار الأنوار ج73 ص82 ، مكارم الأخلاق ص58 ، مجمع البحرين ج3 ص62).
    والذي يفهم هنا إن حلق الرأس واستئصاله هو علامة الخوارج ولا يفهم منه إن من علامتهم الحلق لأن أهل البيت (عليهم السلام) لم ينهوا عن الحلق الاعتيادي.
    فقد ورد عن الصادق (عليه السلام) : ( حلق الرأس في غير الحج والعمرة مثلة لأعدائكم وجمال لكم ثم قال إنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية وعلامتهم التسبيد وهو الحلق وترك التدهن ) مكارم الأخلاق ص58.
    وأشار الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) إلى إن سيماهم هو التحليق : ( قالوا يا رسول الله فما سيماهم قال التحليق ) - بحار الأنوار ج18 ص123 ، من لا يحضره الفقيه ج1 ص124 ، أعلام الورى ص32 .
    وفي ذلك دليل واضح على إن السيماء قد تكون بالهيئة الخارجية للإنسان والمظهر العام له .
    المثال الثالث : على التوسم بالهيئة والمنظر أيضاً هو ما يرتديه المُتوسم به من لباس يكون علامة وسيماء له ، أو ما قد يحمله أو يركب عليه ليكون هو الآخر سمة له .
    ودليل ذلك هو ما ورد في سيماء الملائكة الذي عبر عنهم القرآن بأنهم مسومين أي فيهم سمة وعلامة معينة من حيث لبس عمائم ذات لون خاص وإرسالها على أكتافهم ومجيئهم على خيل بلق ( من الفعل بَلِقَ وبَلُقَ وأبلق أي كان في لونه سواد وبياض ) المنجد ق1 ص49.
    وحدث ذلك في معركة بدر .
    فقد روي عن عروة إنه قال : ( نزلت الملائكة يوم بدر على خيل بلق وعمائم صفر وقال علي (عليه السلام) وابن عباس عليهم عمائم بيض أرسلوا أذنابها بين أكتافهم ) بحار الأنوار ج19 ص408 .
    كما إن الملائكة المسومين الذين لقيهم الإمام الحسين (عليه السلام) عند خروجه من المدينة كان لهم سيماء خاصة بهم .
    فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال : ( لما سار أبو عبد الله من المدينة لقيه أفواج من الملائكة المسومة في ايديهم الحراب على نجب من نجب الجنة ....) بحار الأنوار ج44 ص330 .


    2- التوسم بالأفعال
    هناك نوع آخر من التوسم وهو التوسم بالأفعال ، وهو أن يتوسم المتوسم عن طريق أفعال الشخص (المُتوسَم به) وما يعمل من أعمال فيها سيماء أو دلالة ، أي أن يربط المتوسم من بين الفعل الذي يقوم به الإنسان وبين ما سيكون عليه حاله وما هو تأثيره أو دلالاته في عالم الملكوت .
    وهنا عدد من الأمثلة على ذلك نستشفها عن طريق الروايات الواردة من أهل البيت (عليهم السلام) وتوسمهم بما كان يقع من أفعال بعض الأشخاص .
    المثال الأول :
    توسم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) بتشتت الفرس وتمزيق ملكهم . وذلك إن الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) لما أرسل كتاباً إلى كسرى ملك الفرس يدعوه فيه إلى الإسلام ، كان جواب كسرى هو تمزيق ذلك الكتاب فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) : ( يمزق الله مُلكهم كلّ ممزق ) تاريخ اليعقوبي ج2 ص51.
    المثال الثاني :
    التوسم بالأفعال إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) رأى الحسين (عليه السلام) وهو يمشي – وكان صغيراً وابصر صبياً يمشي خلفه وكلما رفع الإمام الحسين قدمه يأخذ الصبي من ذلك التراب الذي كان تحت قدمي الإمام الحسين (عليه السلام) والذي مشى عليه ويحثوه أو يضعه عل رأسه .
    فأشار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) إن هذا الصبي سيكون من أنصار الإمام الحسين (عليه السلام) وسيقوم بنصرته ، وكان ذلك الصبي هو زهير بن القين البجلي (رضوان الله تعالى عليه) .
    وأخذ التراب من أثره يعني سلوكه لطريقه وطاعته له واقتفائه لأثره والتمسك به.
    المثال الثالث :
    التوسم بخروج الإمام الرضا (عليه السلام) من عند المأمون (لعنه الله) مغطى الرأس .
    فقد ورد عن محمد بن سعيد النيسابوري عن أبي الصلت الهروي (وكان خادماً للرضا (عليه السلام) إن الإمام الرضا (عليه السلام) قال لأبي الصلت :
    (..... الساعة سيجيء رسوله فإن قمت من عنده مكشوف الرأس فكلمني بما تشاء وإن قمت من عنده مغطى الرأس فلا تكلمني .. وغطى رأسه ونهض من عنده فتبعته ولم أكلمه بشيء حتى دخل منزله فأشار لي أن أغلق الباب فغلقته ... ) بحار الأنوار ج50 ص49 ، أعلام الورى ص34 ، الآمالي للصدوق ص661 ، الخرائج ج1 ص352 .
    .
    وفي ذلك إشارة إلى استشهاده (عليه السلام) على يد المأمون العباسي (عليه لعائن الله) لما غطى رأسه وسائر بدنه . وذلك لأن الذي يموت يغطى رأسه بالكفن .
    المثال الرابع :
    هو ان عمار بن ياسر لما كانت معركة صفّين أراد أن يشرب شيئاً ليروي به عطشه فأتى إليه بقدح من اللبن .
    فقد ورد عن أبي معشر عن عمرو الصيرمي عن أبي سنان الدؤلي صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) قال :
    ( رأيت عمار دعا بشراب فأتى بقدح من لبن فشربه ثم قال الله أكبر صدق الله ورسوله قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) إن آخر رزقك أو زادك في الدنيا ضيحة اللبن ، وقيل إن الذي جاءه باللبن امرأة من نساء بني شيبان ) تذكرة الخواص ص92 .
    ومن الجدير بالذكر إن اللبن في الملكوت يشير إلى الهداية والمقصود هنا إن عمار كان على طريق الحق وإنه سيخرج من هذه الدنيا على الهداية والمحجة البيضاء المتمثلة بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) .
    وإن من قتلوه هم أهل الباطل وهم الفئة الباغية التي أخبر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) بها عمار وإنها ستقتله وهي فرقة معاوية (عليه اللعنة).
    واللبن يعني الهداية بدليل إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) عند شربه اللبن في المعراج ، قال له جبرائيل (عليه السلام) : هَديت وهُديت امتك .
    فقد ورد عن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال : ( شهد خزيمة ثابت الجمل وهو لا يسلُّ سيفاً وشهد صفين وقال أنا لا أسلُّ سيفاً أبداً حتى يقتل عمار فإنظر من يقتله فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) يقول تقتله الفئة الباغية ، قال فلما قتل عمار بن ياسر قال خزيمة قد بانت لي الضلالة واقترب فقاتل حتى قتل ...) طبقات بن سعد ج3 ص185 .
    يتبع يتبع
    التعديل الأخير تم بواسطة فرقد; الساعة 25-08-09, 02:22 PM.

    تعليق


    • #3
      منقول من الموسوعة القرآنية للسيد القحطاني (الجزء الثالث)

      التوسم بأفعال الحيوان
      والتوسم بالأفعال يتعدى التوسم بأفعال الإنسان إلى التوسم بأفعال الحيوان وما يقوم به من حركة أو يصدر عنه من صوت له توسم خاص وارتباطه بشيء آخر في عالم الملكوت وهناك أمثلة على ذلك .
      المثال الأول :
      هو وقوف ناقة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) عند الحديبة(- مقتل المقرّم ص197 ، منتخب الطريحي ص308) .
      كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) قاصداً المسير إلى مكة المكرمة ، ووقفت ناقته في الحديبية وفي ذلك دلالة على إنه لا يستمر في رحلته إلى مكة وسوف يتوقف وتنتهي هذه الرحلة في الحديبية .
      المثال الثاني :
      التوسم بتوقف جواد الإمام الحسين (عليه السلام) عن المسير عند وصوله إلى كربلاء : ( بينما هم يسيرون إذ وقف جواد الحسين ولم يتحرك .... فعندها سأل الحسين عن الأرض قال له زهير : سر راشداً ولا تسأل عن شيء حتى يأذن الله بالفرج إن هذه الأرض تسمى الطف .
      فقال (عليه السلام) : فهل لها اسم غيره ؟ قال : تعرف كربلاء فدمعت عيناه وقال أعوذ بالله من الكرب والبلاء ههنا محط ركابنا وسفك دمائنا ومحل قبورنا بهذا حدثني رسول الله ) مقتل المقرّم ص197-198.
      إن الإمام الحسين (عليه السلام) كان قاصداً المسير إلى الكوفة ولكن عندما توقف حصانه في كربلاء كان دلالة على إن الإمام الحسين (عليه السلام) لا يكمل رحلته إلى نهايتها وسوف يتوقف ويستقر في هذا المكان .
      ولذلك سأل عن اسم هذا المكان فعندما سمع الاسم عرف إنه سيكون محط رحالهم وسفك دمائهم الطاهرة ومحل قبورهم المقدسة في هذا المكان .
      المثال الثالث :
      هو قصة استشهاد أمير المؤمنين (عليه السلام) وتوسمه بما جرى من أحداث . فإنه (سلام الله عليه) لما همّ بالخروج من داره يريد المسجد عند وقت السحر في اليوم الذي ضرب فيه استقبلته الإوزات التي كانت عندهم في الدار بالصياح فلما رأى ذلك قال : ( صوائح تتبعها نوائح ) الكافي ج1 ص29 ، بحار الأنوار ج42 ص246 ، المناقب ج3 ص310 .
      فقد توسم أمير المؤمنين (عليه السلام) بصياح الأوز هو نوح النساء وصياحهن عند المصيبة ، لأن الأوز تشير في الملكوت إلى النساء ونوحهن وبكائهن على الإمام (عليه السلام) ، فعلم إنه قد دنى أجله .
      وكذلك عندما علق مسمار باب الدار بردائه فإنفلت حزامه ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) :

      أشدد حيازيمك للموت فإن المـوت لاقـيكا
      ومن المعروف بأن الميت يُحل حزامه ويجرد من ملابسه وبعد أن يكفن يُشد بحزام الكفن ، وتعلق مسمار الدار فيه دلالة على تعلق أهل الدار بصاحب الدار.
      المثال الرابع :
      وما قيل في التوسم بأفعال الحيوان إن العرب كانت قديماً إذا رأت الكلب ينام ويخفي نفسه تحت الموقد فإنها تتوسم إن السماء ستمطر .
      وهذه أدلة كافية على برهنة وجود توسم بواسطة أفعال المخلوقات وما تشير إليه في عالم الملكوت .

      3- التوسم بخفايا النفس البشرية
      وهنالك نوع آخر من التوسم وهو التوسم بما في داخل الإنسان وما يضمره في نفسه من أمر خير أو شرّ إلى غير ذلك .
      وهذا النوع من التوسم يتميز به أهل البيت (عليهم السلام) على الخصوص وذلك بما منّ الله عليهم وأفاض من علمه وبما لديهم من نور إلهي يطلع على خفايا الأنفس وما تخفي الصدور.
      وقد أكد أئمة أهل البيت (عليهم السلام) على هذا المعنى .
      فقد ورد عن الحسن بن الجهم إنه كان حاضر ذات يوم في مجلس المأمون العباسي (لعنه الله) وفيه جمع من الفقهاء وأهل الكلام من الفرق المختلفة فسأل بعضهم الإمام الرضا (عليه السلام) :
      ( .... قال فما وجه أخباركم بما في قلوب الناس قال (عليه السلام) أما بلغك قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ؟ قال : بلى .
      قال : فما من مؤمن إلا وله فراسة ينظر بنور الله على قدر إيمانه ومبلغ استبصاره وعلمه وقد جمع الله للأئمة منا ما فرقه في جميع المؤمنين ....) بحار الأنوار ج25 ص134 ، عيون أخبار الرضا ج2 ص200 . وهناك عدة امثلة على ذلك :
      المثال الأول :
      هو توسم أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) بعبد الرحمن بن ملجم عليه لعائن الله ومعرفة ما كان يضمره لأمير المؤمنين (عليه السلام) .
      فقد ورد عن أمير المؤمنين أنه جمع الناس للبيعة فجاء ابن ملجم لعنه الله فرده أمير المؤمنين (عليه السلام) مرتين أو ثلاثاً ثم بايعه وقال سلام الله عليه عند بيعته :
      ( ما يحبس أشقاها فوالذي نفسي بيده لتخضبن هذه من هذا ووضع يده على لحيته ... أدبر عنه فدعاه أمير المؤمنين (عليه السلام) فتوثق منه وتوكد عليه أن لا يغدر ولا ينكث ولا يفعل فقال ابن ملجم والله يا أمير المؤمنين ما رأيتك فعلت هذا بأحد غيري .
      فقال (عليه السلام) :
      أريد حياته ويـريد قتلي عذيرك من خليلك من مرادي
      امضِ يابن ملجم فوالله ما أرى أن تفي بما قلت ) روضة الواعظين ج1 ص132 .
      المثال الثاني :
      قد ورد عن محمد بن حرب الهلال أمير المدينة إنه قال : ( سألت جعفر بن محمد (عليه السلام) فقلت له : يابن رسول الله في نفسي مسألة أريد أن أسألك عنها ، فقال : إن شئت أخبرتك بمسألتك قبل أن تسألني وإن شئت فاسأل .
      قال : قلت له يابن رسول الله وبأي شيء تعرف ما في نفسي قبل سؤالي فقال بالتوسم والتفرس أما سمعت قول الله عز وجل {إن في ذلك لآيات للمتوسمين} وقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ) - بحار الأنوار ج38 ص79 ، علل الشرائع ج1 ص173 ، تأويل الآيات ص280.

      المثال الثالث :
      روي ان شخصاً من أصفهان اسمه عبد الرحمن سمع بأن أمراً خرج بإحضار الإمام الهادي (عليه السلام) : ( فقلت لبعض من حضر من هذا الرجل الذي قد أمر بإحضاره فقيل هذا رجل علوي تقول الرافضة بإمامته ثم قيل إن المتوكل يحضره للقتل .
      فقلت : لا أبرح من ها هنا حتى أنظر إلى هذا الرجل أي رجل هو فأقبل راكباً على فرس وقد قام الناس صفين يمنة الطريق ويسرتها ينظرون إليه فلما رأيته وقفت فأبصرته فوقع حبه في قلبي فجعلت أدعو له في نفسي بأن يدفع الله عنه شر المتوكل . فاقبل يسير بين الناس وهو ينظر إلى عرف دابته لا يلفت وانا دائم الدعاء له فلما صار إلي أقبل علي بوجهه وقال استجاب الله دعاءك وطول عمرك وكثر مالك وولدك .
      قال : فإرتعدت ووقعت بين أصحابي فسألوني ما شأنك فقلت خير ولم اخبرهم فإنصرفنا بعد ذلك إلى اصفهان ففتح الله علي وجوها من المال حتى اني اغلق بأبي على قيمة ألف ألف درهم سوى مالي خارج داري ورزقت عشرة من الأولاد وبلغ عمري نيفاً وسبعين ) كشف الغمة ج2 ص389-290 .


      يتبع يتبع

      .

      تعليق


      • #4
        منقول من الموسوعة القرانية للسيد القحطاني

        4- التوسم بالاسماء
        إن من جملة موارد التوسم هو التوسم بالاسماء سواء أكانت أسماء أشخاص أو بلدان أو أشياء ، حيث يستطيع المتوسمون من خلالها معرفة الشيء المراد توسمه وما يجري عليه ويقع فيه من أحداث من خلال الربط بين اسم ذلك الشخص أو المكان الظاهري في عالم الملك بدلالاته الباطنية في عالم الملكوت .
        من حيث إن الاسم مأخوذ من السمة أي العلامة فيكون دال على حامله ويتوسم به من خلاله .
        وتوجد عدة امثلة تاريخية على هذا النوع من التوسم ، أولها توسم نبي الله زكريا (عليه السلام) أو تحسسه بمصيبة الإمام الحسين (عليه السلام) من خلال اسمه .
        حتى إنه كلما ذكر اسم الحسين ( عليه السلام) تخنقه العبرة وتدمع عيناه فإنباه الله عز وجل بذلك الأمر كونه علامة على استشعار زكريا (عليه السلام) بما يجري على سيد الشهداء (عليه السلام) وأهل بيته وانصاره من مصائب .
        حيث جاء عن سعد بن عبد الله إنه سأل الإمام (عليه السلام) عن تأويل كهيعص فقال (عليه السلام) له : ( هذه الحروف من انباء الغيب اطلع عليها عبده ثم قصها على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ، وذلك إن زكريا (عليه السلام) سأل ربه أن يعلمه أسماء الخمسة فأهبط الله جبرائيل فعلمه اياها ، فكان زكريا إذا ذكر محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وعلي وفاطمة والحسن (عليهم السلام) إنكشف عنه همه وإنجلى كربه ، وإذا ذكر الحسين (عليه السلام) خنقته العبرة ووقعت عليه البهرة يعني الزفير وتتابع النفس .
        فقال (عليه السلام) ذات يوم : إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعة منهم سليت بأسمائهم من همومي وإذا ذكرت الحسين تدمع عيني وتثور زفرتي فإنبأه الله تعالى عن قصته ... فلما سمع زكريا (عليه السلام) لم يفارق مسجده ثلاث أيام ومنع فيهن الناس من الدخول عليه واقبل على البكاء والنحيب ...) بحار الانوار ج14 ص178 ، الاحتجاج ج2 ص464 ، إرشاد لقلوب ج2 ص421 .
        وبذلك يكون زكريا (عليه السلام) توسم بإسم الإمام الحسين (عليه السلام) ما سيجري عليه وعلى عياله سلام الله عليهم أجمعين من قتل وسبي وتشريد ، وهنا تجدر الإشارة إلى إن البكاء على الإمام الحسين (عليه السلام) والحزن المعنوي والروحي وليس فقط الحزن المادي عليه (عليه السلام) يعد سمة من سمات المؤمنين .
        وهنا يتجلى المعنى المراد بالتوسم والذي سبق أن أوضحناه وهو ربط العلامات الظاهرية للموجودات بتاثيراتها المكنونة الملكوتية والتي تنعكس كلها في نهاية المطاف في عالم الملك .
        فقد جاء في تفسير قوله تعالى {وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ} عن الاصبغ بن نباته عن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال : ( نحن الاعراف نعرف أنصارنا بأسمائهم ) تأويل الآيات ص182 ، بحار الانوار ج8 ص338 .

        5- التوسم عن طريق الكلام والأصوات
        يعد الكلام أحد الاشياء التي يتوسم من خلالها المتوسمون بالناس وليعرفوا الصالح منهم من الطالح ، وقد أثبت القرآن هذه الحقيقة وكما مر بنا في قوله تعالى {وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ } سورة محمد30 .
        حيث تشير الآية إلى معرفة المنافقين من خلال التوسم بلحن قولهم .
        وقد أكدت جملة من روايات أئمة أهل البيت (عليهم السلام) على هذا النوع من التوسم المستند على معرفة لحن القول بالنسبة لأعدائهم أو الموالين لهم وتمييزهم بهذه السمة .
        فقد ورد عن بكير بن أعين عن الإمام الباقر (عليه السلام) انه قال : ( وخلق الله شيعتنا قبل أبدانهم بالفي عام وعرضهم عليه وعرفهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وعرفهم علياً ونحن نعرفهم في لحن القول ) الكافي ج1 ص437.
        وهذا دليل آخر على ما ذهبنا إليه آنفاً في ارتباط علم التوسم بكل من عالم الملكوت وعالم الاظلة والأرواح ثم بعالم الملك المجسد لما حصل في العالم السابق من أفعال وأقوال وحركات للموجودات ككل وليس الإنسان فحسب .
        وقد أشارت روايات أخرى إلى معرفة أهل البيت (عليهم السلام) لاعدائهم هذه المرة بلحن القول .
        وقد جاء في تفاسير وروايات أهل الشيعة والسنة إن لحن القول هنا هو بغض الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) .
        فقد جاء عن عبد الله بن سلمان إنه سأل الإمام الصادق (عليه السلام) قائلاً : (سألته عن الإمام فوض الله إليه كما فوض إلى سليمان بن داود .
        فقال : نعم ... إن الإمام إذا أبصر إلى الرجل عرفه وعرف لونه وإن سمع كلامه من خلف حائط عرفه وعرف ما هو إن الله يقول {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السماوات وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ } ، وهم العلماء فليس يسمع شيئاً من الأمر ينطق به إلا عرفه ناج أو هالك...) بحار الانوار ج24 ص124-125، الكافي ج1 ص218.
        ونختم حديثنا حول التوسم بالكلام والأصوات بقصتين تشير إلى ذلك عملياً ، الأولى عن الإمام علي (عليه السلام) إنه مر في دروب الكوفة هو وأحد أصحابه وإذا بصوت شخص يقرأ القرآن في أحد الدور .
        فاعجبت قراءته صاحب الإمام الذي إستدل منها وبغير علم على ايمان ذلك الشخص ، وإذا بالإمام علي (عليه السلام) يفاجأه بالقول بعكس ذلك وبأن هذا الشخص سيكون من الد الخصام للمؤمنين .
        وإذا بالليالي والايام تمر حتى خرج ذلك الشخص مقاتلاً الإمام علي (عليه السلام) بمعركة النهروان مع الخوارج ، فأراه الإمام (عليه السلام) لصاحبه الذي ظن إنه من المؤمنين وعرف هنا معنى قول الإمام له في الوقت السابق بأنه من ألد الخصام .
        ومن الواضح هنا إن الإمام علي (عليه السلام) توسم بذلك الشخص وسوء عاقبته من خلال سماعه صوته وهو يقرأ القرآن لأنه لم يراه .
        (ومن كل ما تقدم يتضح لنا إن لعلم التوسم عدة موارد منها ما يختص بالعالميات الظاهرية الموجودة في جسم الإنسان ، ومنها ما يتعلق ببعض الأفعال التي يقوم بها هو أو غيره من المخلوقات ، أو ما يتعلق بما في نفسه من نوايا ، ومنها ما يرتبط بالأسماء والأصوات والكلام وكلها تتيح للمتوسم التوسم بالأشياء المراد توسمها ومعرفتها)

        تعليق


        • #5
          بارك الله فيك
          مات التصبر بانتظارك ايها المحيي الشريعة

          تعليق


          • #6
            الاخ فرقد:السلام عليكم: لتأكيد الموضوع فإن علم التوسم من مختصات الامام المهدي(ع) إنفرد بتوضيحههِ ونشرمفاهيمهِ السيد القحطاني في الوقت الذي كان أغلب العلماء ورجال الدين يجهلون هذا
            العلم وينكرونه برمتهِ ولحد الان فأني قد سألت قبل فترة أحد المعممين من رجال الدين الكبار بالسن عن
            هذا العلم فاجابني باستغراب . حيث قال:بأنه لم يسمع به من قبل.
            شكراً لك أخي فرقد لهذا الطرح القيم.
            قال الامام علي {ع} {إعرف الحق تعرف أهله}

            تعليق


            • #7
              الاخ عارف الحق المحترم
              كيف لم يسمعوا بعلم التوسم وقد نزلت به كثير من الايات
              اتفاجأ كل يوم بفضائح المعممين الذين لا يفقهون شيئا في كتاب الله وتراهم يتبجحون في ذكر مناقب اهل البيت كأنهم شئ منفصل عن كتاب الله !!
              مات التصبر بانتظارك ايها المحيي الشريعة

              تعليق


              • #8
                الاخ جعفر الكتبي المحترم: لاتتفاجأ أبداً فأنهم لايفقهون شيئاً سوى الحديث عن غسل الجنابة والحيض والنفاس وجمع الخمس والاموال واقتسامها مع مراجعهم فقط.
                بسم الله الرحمن الرحيم{لو إطلعتَ عليهم لوليتَ منهم فِراراً}صدق الله العلي العظيم
                قال الامام علي {ع} {إعرف الحق تعرف أهله}

                تعليق


                • #9
                  هذا صحيح وكما قال من اعرفه عن علماءنا وعلماء الغرب ((علماؤهم يبحثون في الفضاء وعلماؤنا يبحثون في النجاسات))
                  مات التصبر بانتظارك ايها المحيي الشريعة

                  تعليق


                  • #10
                    مثل هكذا علم يكشف النقاب عن حقيقتهِ السيد القحطاني ، كفيل على الناس البحث والمعرفة والفائدة من علم التوسم وأهميتهِ في القضية المهدوية
                    عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام):

                    ((إذا خرج القائم (ع) ينتقــم من أهـلِ الفتـوى بما لايعلمون ، فتعساً لهم ولأتباعهم ، أوكان الدينُ ناقصاً فتمّموه ؟ أم بهِ عِوَجُ فقوّموه ؟ أم أمر الناس بالخلاف فأطاعوه ؟ أم أمرهم بالصواب فعصوه ؟ أم همَّ المختارفيما أوحى إليهِ فذكَّروه ؟ أم الدين لم يكتمل على عهدهِ فكمَّلوه ؟ أم جاء نبَّيُ بعدهُ فاتبعوه )) بيان الأئمــة/ ج3 ، ص298
                    .

                    تعليق


                    • #11
                      جزاك الله خير الجزاء وأجزل لك الثواب
                      جعله الله في ميزان اعمالك

                      تعليق


                      • #12
                        إن الأرض تفخر إذا مر عليها أصحاب القائم (ع) فقد جاء في إكمال الدين عن أبي جعفر (ع) قال كأني بأصحاب القائم وقد أحاطوا بما بين الخافقين ليس من شيء إلا وهو مطيع لهم حتى سباع الأرض وسباع الطير يطلب رضاهم كل شيء حتى تفخر الأرض على الأرض وتقول : مر بي اليوم من أصحاب القائم (ع) .

                        تعليق

                        يعمل...
                        X