فلسفة الصيام و حكمته
الله تبارك و تعالى لعلمه بما ستجنيه هذه النفس الأمارة بالسوء من الموبقات و المدنسات و الخبائث، هيئ لها شتى الوسائل لتئوب الى ربها و تكفر عن سيئاتها و تحظى بغفران الله و جليل رحمته. و من أهم تلك الوسائل المطهرة للنفس الانسانية من الدنس و الرجس هو شهر رمضان المبارك بما فيه من امساك و تسبيح و تهليل و تحميد و مناجاة و تلاوة قرآن و صدقة و اطعام و كف النفس و الجوارح عن الأذى و كل ما يؤدى الى التسافل و التدنس. فالصوم نعم المربى وان شهر رمضان المبارك شهر تربية و تزكية، شهر تهذيب وتثقيف دينيين. فكما أن بعض الأمم تخصص اسبوعا لشؤون التربية فتسمى هذا الاسبوع اسبوع التربية أو أسبوع المعارف، كذلك فان الله تبارك و تعالى رحمة بعباده قد خصص شهرا للانابة والاستغفار و كف النفس عن مشتهياتها كى تكمل بالصبر و العزم على اقتحام الأذى. فان النفوس تقاس بدرجة تحملها النوائب و صبرها على المكاره. لذلك قد جاء فى الحديث القدسى أن الله يقول: «الصوم لى و أنا أجزى عليه» و فى حديث آخر: «كل عمل ابن آدم له الا الصيام فهو لى و انا أجزى به» .
نعم ان الله يمتحن عباده بالصبر على البلاء و المكاره لأمرين: أولهما: ان البلايا و المكاره مهذبة للنفس آخذة إياها الى أرفع مراتب الكمال، ثانيهما: ليكون الجزاء عن جدارة و لياقة. وهو القائل: «و ان ليس للانسان الا ما سعى و ان سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى».
و لا شىء أعلى مرتبة عند الله من الصبر. و الصوم تمرين و رياضة على الصبر. فقد قال الله تعالى كما جاء فى الحديث «كل أعمال ابن آدم بعشرة اضعافها الى سبعمائة ضعف الا الصبر فانه لى و انا اجزى به» فثواب الصبر مخزون عند الله و الصبر هو الصوم: و قد روى فى قوله تعالى: «و استعينوا بالصبر» اى بالصيام .
و لما كان الصوم فى الحر اشد لذلك جاء عن الصادق عليه السلام: «من صام يوما فى الحر فأصابه ظمأ و كل الله عز و جل به الف ملك يمسحون وجهه و يبشرونه حتى يفطر و قال الله عز و جل: ما أطيب ريحك و روحك، ملائكتى اشهدوا أنى قد غفرت له». و من كلام رسول الله(ص): الشقى من حرم غفران الله فى هذا الشهر. و انما سمى هذا الشهر بشهر رمضان، لأنه يرمض الذنوب (أى يحرقها) كما جاء فى الحديث. و فى الاقبال عن كتاب الجعفريات عن الكاظم عن الصادق عن زين العابدين عن الحسين بن على عن على بن أبى طالب عليهم السلام قال: لا تقولوا رمضان، فانكم لا تدرون ما رمضان، فمن قاله فليتصدق و ليصم كفارة لقوله، و لكن قولوا كما قال الله تعالى: شهر رمضان. كل ذلك تنويها بعظمة هذا الشهر حتى سماه الله تعالى باسمه.
ان الصوم زكاة الابدان و مطهر اياها من الخبائث. فقد جاء فى الحديث ان لكل شىء زكاة و زكاة الابدان الصيام. و ما أعظم الخطاب الذى خطب به رسول الله(ص) الناس قبيل شهر رمضان المبارك، فانه مستجمع لجميع الخصال التى يكون بها الانسان انسانا كاملا، انه خلاصة جميع الفضائل و دستور جامع لجميع الكمالات. فأين هذا البشر المادى المسكين من التمسك بهذه الفضائل و تتبع هذه المكرمات، ليست الوسائل المادية من النفس الانسانية و كمالها فى شىء. و لا أعلم ماذا ينتظر البشر بعد هذا الدستور الالهى. فلا دستور بعد دستور محمد (ص) و هل تجدون معشار ما فى هذا الحديث النبوى من دساتير تكامل البشر فى نظريات: دكارت أو اسپينوزا او مالبرانش أو برگوسن «~ (Bergson) ~» او اسپنسر او روسو.
فقد روى الصدوق فى الأمالى بسنده عن الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام عن النبى(ص) انه خطب الناس ذات يوم فقال: «أيها الناس، إنه قد اقبل اليكم شهر الله تعالى بالبركة و الرحمة و المغفرة. شهر هو عند الله افضل الشهور و ايامه افضل الأيام و لياليه افضل الليالى و ساعاته افضل الساعات. و هو شهر قد دعيتم فيه الى ضيافة الله و جعلتم فيه من اهل كرامة الله، انفاسكم فيه تسبيح و نومكم فيه عبادة و عملكم فيه مقبول و دعاؤكم فيه مستجاب. فاسألوا الله ربكم بنيات صادقة و قلوب طاهرة ان يوفقكم لصيامه و تلاوة كتابه، و فان الشقى من حرم غفران الله فى هذا الشهر العظيم. و اذكروا بجوعكم و عطشكم فيه جوع يوم القيامة و عطشه. و تصدقوا على فقرائكم و مساكينكم، و وقروا كباركم و ارحموا صغاركم و صلوا أرحامكم و احفظوا ألسنتكم و غضوا عما لا يحل النظر اليه أبصاركم و عما لا يحل اليه الاستماع أسماعكم و تحننوا على أيتام الناس يتحنن على ايتامكم، و توبوا الى الله من ذنوبكم، و ارفعوا اليه ايديكم بالدعاء فى اوقات صلواتكم، فانها افضل الساعات، ينظر الله عز و جل فيها بالرحمة الى عباده و يجيبهم اذا ناجوه ويلبيهم اذا نادوه. و يستجيب لهم اذا دعوه». «ايها الناس ان انفسكم مرهونة بأعمالكم ففكوها باستغفاركم، و ظهوركم ثقيلة من اوزاركم، فخففوا عنها بطول سجودكم، و اعلموا ان الله جل ذكره اقسم بعزته ان لا يعذب المصلين و الساجدين، و ان لا يروعهم بالنار يوم يقوم الناس لرب العالمين». ايها الناس من فطر منكم صائما مؤمنا فى هذا الشهر كان له بذلك عند الله عتق رقبة و مغفرة لما مضى من ذنوبه، فقيل يا رسول الله و ليس كلنا يقدر على ذلك. فقال(ص) اتقوا النار و لو بشق تمرة. اتقوا النار و لو بشربة من ماء». «ايها الناس من حسن منكم فى هذا الشهر خلقه كان له جواز على الصراط يوم تزل فيه الأقدام . و من خفف فيه منكم عما ملكت يمينه خفف الله عليه حسابه و من كف فيه شره كف الله غضبه عنه يوم يلقاه، و من أكرم فيه يتيما أكرمه الله يوم يلقاه. و من قطع فيه رحمه قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه. و من تطوع فيه بصلاة كتب الله له برائة من النار، و من أدى فيه فرضا كان له ثواب من أدى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور. و من أكثر فيه من الصلاة على ثقل الله ميزانه يوم تخف الموازين. و من تلافيه آية من القرآن كان له أجر من ختم القرآن فى غيره من الشهور». «أيها الناس ان أبواب الجنان فى هذا الشهر مفتحة، فاسألوا الله ربكم أن لا يغلقها عنكم، و أبواب النيران مغلقة، فاسألوا الله ربكم آن لا يفتحها عليكم، و الشياطين مغلولة، فاسألوا الله ربكم أن لا يسلطها عليكم». قال أمير المؤمنين عليه السلام: فقمت و قلت يا رسول الله، ما أفضل الأعمال فى هذا الشهرأ فقال يا أبا الحسن، أفضل الاعمال فى هذا الشهر: الورع عن محارم الله عز و جل. ثم بكى . فقلت يا رسول الله، ما يبكيك؟ فقال يا على، لما يستحل منك فى هذا الشهر. كأنى بك، انت تصلى لربك و قد انبعث أشقى الأولى و الآخرين: شقيق عاقر ناقة ثمود، فيضربك ضربة على قرنك تخضب بها لحيتك، قال أمير المؤمنين عليه السلام، فقلت: يا رسول الله و ذلك فى سلامة من دينى؟ فقال(ص): فى سلامة من دينك ثم قال يا على، من قتلك فقد قتلنى و من أبغضك فقد أبغضنى، لأنك منى كنفسى و طينتك من طينتي
الله تبارك و تعالى لعلمه بما ستجنيه هذه النفس الأمارة بالسوء من الموبقات و المدنسات و الخبائث، هيئ لها شتى الوسائل لتئوب الى ربها و تكفر عن سيئاتها و تحظى بغفران الله و جليل رحمته. و من أهم تلك الوسائل المطهرة للنفس الانسانية من الدنس و الرجس هو شهر رمضان المبارك بما فيه من امساك و تسبيح و تهليل و تحميد و مناجاة و تلاوة قرآن و صدقة و اطعام و كف النفس و الجوارح عن الأذى و كل ما يؤدى الى التسافل و التدنس. فالصوم نعم المربى وان شهر رمضان المبارك شهر تربية و تزكية، شهر تهذيب وتثقيف دينيين. فكما أن بعض الأمم تخصص اسبوعا لشؤون التربية فتسمى هذا الاسبوع اسبوع التربية أو أسبوع المعارف، كذلك فان الله تبارك و تعالى رحمة بعباده قد خصص شهرا للانابة والاستغفار و كف النفس عن مشتهياتها كى تكمل بالصبر و العزم على اقتحام الأذى. فان النفوس تقاس بدرجة تحملها النوائب و صبرها على المكاره. لذلك قد جاء فى الحديث القدسى أن الله يقول: «الصوم لى و أنا أجزى عليه» و فى حديث آخر: «كل عمل ابن آدم له الا الصيام فهو لى و انا أجزى به» .
نعم ان الله يمتحن عباده بالصبر على البلاء و المكاره لأمرين: أولهما: ان البلايا و المكاره مهذبة للنفس آخذة إياها الى أرفع مراتب الكمال، ثانيهما: ليكون الجزاء عن جدارة و لياقة. وهو القائل: «و ان ليس للانسان الا ما سعى و ان سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى».
و لا شىء أعلى مرتبة عند الله من الصبر. و الصوم تمرين و رياضة على الصبر. فقد قال الله تعالى كما جاء فى الحديث «كل أعمال ابن آدم بعشرة اضعافها الى سبعمائة ضعف الا الصبر فانه لى و انا اجزى به» فثواب الصبر مخزون عند الله و الصبر هو الصوم: و قد روى فى قوله تعالى: «و استعينوا بالصبر» اى بالصيام .
و لما كان الصوم فى الحر اشد لذلك جاء عن الصادق عليه السلام: «من صام يوما فى الحر فأصابه ظمأ و كل الله عز و جل به الف ملك يمسحون وجهه و يبشرونه حتى يفطر و قال الله عز و جل: ما أطيب ريحك و روحك، ملائكتى اشهدوا أنى قد غفرت له». و من كلام رسول الله(ص): الشقى من حرم غفران الله فى هذا الشهر. و انما سمى هذا الشهر بشهر رمضان، لأنه يرمض الذنوب (أى يحرقها) كما جاء فى الحديث. و فى الاقبال عن كتاب الجعفريات عن الكاظم عن الصادق عن زين العابدين عن الحسين بن على عن على بن أبى طالب عليهم السلام قال: لا تقولوا رمضان، فانكم لا تدرون ما رمضان، فمن قاله فليتصدق و ليصم كفارة لقوله، و لكن قولوا كما قال الله تعالى: شهر رمضان. كل ذلك تنويها بعظمة هذا الشهر حتى سماه الله تعالى باسمه.
ان الصوم زكاة الابدان و مطهر اياها من الخبائث. فقد جاء فى الحديث ان لكل شىء زكاة و زكاة الابدان الصيام. و ما أعظم الخطاب الذى خطب به رسول الله(ص) الناس قبيل شهر رمضان المبارك، فانه مستجمع لجميع الخصال التى يكون بها الانسان انسانا كاملا، انه خلاصة جميع الفضائل و دستور جامع لجميع الكمالات. فأين هذا البشر المادى المسكين من التمسك بهذه الفضائل و تتبع هذه المكرمات، ليست الوسائل المادية من النفس الانسانية و كمالها فى شىء. و لا أعلم ماذا ينتظر البشر بعد هذا الدستور الالهى. فلا دستور بعد دستور محمد (ص) و هل تجدون معشار ما فى هذا الحديث النبوى من دساتير تكامل البشر فى نظريات: دكارت أو اسپينوزا او مالبرانش أو برگوسن «~ (Bergson) ~» او اسپنسر او روسو.
فقد روى الصدوق فى الأمالى بسنده عن الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام عن النبى(ص) انه خطب الناس ذات يوم فقال: «أيها الناس، إنه قد اقبل اليكم شهر الله تعالى بالبركة و الرحمة و المغفرة. شهر هو عند الله افضل الشهور و ايامه افضل الأيام و لياليه افضل الليالى و ساعاته افضل الساعات. و هو شهر قد دعيتم فيه الى ضيافة الله و جعلتم فيه من اهل كرامة الله، انفاسكم فيه تسبيح و نومكم فيه عبادة و عملكم فيه مقبول و دعاؤكم فيه مستجاب. فاسألوا الله ربكم بنيات صادقة و قلوب طاهرة ان يوفقكم لصيامه و تلاوة كتابه، و فان الشقى من حرم غفران الله فى هذا الشهر العظيم. و اذكروا بجوعكم و عطشكم فيه جوع يوم القيامة و عطشه. و تصدقوا على فقرائكم و مساكينكم، و وقروا كباركم و ارحموا صغاركم و صلوا أرحامكم و احفظوا ألسنتكم و غضوا عما لا يحل النظر اليه أبصاركم و عما لا يحل اليه الاستماع أسماعكم و تحننوا على أيتام الناس يتحنن على ايتامكم، و توبوا الى الله من ذنوبكم، و ارفعوا اليه ايديكم بالدعاء فى اوقات صلواتكم، فانها افضل الساعات، ينظر الله عز و جل فيها بالرحمة الى عباده و يجيبهم اذا ناجوه ويلبيهم اذا نادوه. و يستجيب لهم اذا دعوه». «ايها الناس ان انفسكم مرهونة بأعمالكم ففكوها باستغفاركم، و ظهوركم ثقيلة من اوزاركم، فخففوا عنها بطول سجودكم، و اعلموا ان الله جل ذكره اقسم بعزته ان لا يعذب المصلين و الساجدين، و ان لا يروعهم بالنار يوم يقوم الناس لرب العالمين». ايها الناس من فطر منكم صائما مؤمنا فى هذا الشهر كان له بذلك عند الله عتق رقبة و مغفرة لما مضى من ذنوبه، فقيل يا رسول الله و ليس كلنا يقدر على ذلك. فقال(ص) اتقوا النار و لو بشق تمرة. اتقوا النار و لو بشربة من ماء». «ايها الناس من حسن منكم فى هذا الشهر خلقه كان له جواز على الصراط يوم تزل فيه الأقدام . و من خفف فيه منكم عما ملكت يمينه خفف الله عليه حسابه و من كف فيه شره كف الله غضبه عنه يوم يلقاه، و من أكرم فيه يتيما أكرمه الله يوم يلقاه. و من قطع فيه رحمه قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه. و من تطوع فيه بصلاة كتب الله له برائة من النار، و من أدى فيه فرضا كان له ثواب من أدى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور. و من أكثر فيه من الصلاة على ثقل الله ميزانه يوم تخف الموازين. و من تلافيه آية من القرآن كان له أجر من ختم القرآن فى غيره من الشهور». «أيها الناس ان أبواب الجنان فى هذا الشهر مفتحة، فاسألوا الله ربكم أن لا يغلقها عنكم، و أبواب النيران مغلقة، فاسألوا الله ربكم آن لا يفتحها عليكم، و الشياطين مغلولة، فاسألوا الله ربكم أن لا يسلطها عليكم». قال أمير المؤمنين عليه السلام: فقمت و قلت يا رسول الله، ما أفضل الأعمال فى هذا الشهرأ فقال يا أبا الحسن، أفضل الاعمال فى هذا الشهر: الورع عن محارم الله عز و جل. ثم بكى . فقلت يا رسول الله، ما يبكيك؟ فقال يا على، لما يستحل منك فى هذا الشهر. كأنى بك، انت تصلى لربك و قد انبعث أشقى الأولى و الآخرين: شقيق عاقر ناقة ثمود، فيضربك ضربة على قرنك تخضب بها لحيتك، قال أمير المؤمنين عليه السلام، فقلت: يا رسول الله و ذلك فى سلامة من دينى؟ فقال(ص): فى سلامة من دينك ثم قال يا على، من قتلك فقد قتلنى و من أبغضك فقد أبغضنى، لأنك منى كنفسى و طينتك من طينتي
تعليق