الفرج بعد الغيبة
بالرجوع إلى بعض الروايات المعصومية الشريفة نجد ان البعض منها يذكر لنا الفرج بعد وقوع الغيبة ومن تلك الروايات الرواية التي نقلناها في موضوع روايات وإشكالات عن علي بن مهزيار قال : كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام) أسأله عن الفرج ؟ فكتب :
( إذا غاب صاحبكم عن دار الظالمين فتوقعوا الفرج ) .
وقد أوردنا هناك إشكالات على هذه الرواية وهو ان الذي يستشف من هذه الرواية ان الفرج يعقب وقوع الغيبة بقليل إذا فما معنى ان الإمام (عليه السلام ) يبشر بالفرج ويجعل العلامة عليه غيبة صاحبنا ، ومن غير المعقول ان الإمام الهادي (عليه السلام) يخبرنا ويأمرنا بتوقع الفرج عند غيبة الإمام المهدي (عليه السلام ) لأن غيبته (عليه السلام ) طويلة جداً كما جاء في رواياتهم (عليهم السلام) وهو الواقع كما قد رأيناه ولمسناه .
إذن فلا بد ان يكون المقصود بالغيبة هنا شخص آخر غير الإمام المهدي (عليه السلام) وهذا ما سنقوم بتوضيحه بشكل أدق وأكثر تفصيلاً .
فقد ذكرت لنا الكثير من الأحاديث والروايات الواردة عن الأئمة الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وقوع الغيبة للإمام المهدي (عليه السلام) وقد أكدت بعض تلك الأخبار ان غيبة الإمام (عليه السلام) ستكون طويلة وتصل إلى مئات السنين وتزيد عن ذلك .
فقد جاء في الرواية الشريفة الواردة عن احمد بن إسحاق بن سعد الأشعري عن أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام) في حديث قال :
( قلت يابن رسول الله فمن الإمام والخليفة من بعدك ؟ فنهض (عليه السلام) مسرعاً ودخل البيت ثم خرج وعلى عاتقه غلام كأن وجهه القمر ليلة البدر من أبناء ثلث سنين .
فقال : يا احمد ابن إسحاق لولا كرامتك على الله وحجته ما عرضت عليك ابني هذا ، انه سمي رسول الله وكنيه ، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً .
يا احمد بن إسحاق مثله في هذه الأمة مثل الخضر (عليه السلام) ، ومثله مثل ذي القرنين ، والله ليغيبن غيبة لا ينجو فيها من الهلكة إلا من ثبته الله على القول بإمامته ، ووفقه للدعاء بتعجيل فرجه .
قال احمد ابن إسحاق فقلت له :
فهل من علامة يطمئن إليها قلبي ؟
فنطق الغلام (عليه السلام) بلسان عربي فصيح ، فقال : أنا بقية الله في أرضه والمنتقم من أعدائه ، فلا تطلب أثراً بعد عين يا احمد بن إسحاق .
قال احمد بن إسحاق : فخرجت مسروراً فرحاً ، فلما كان من الغد عدت إليه فقلت له :
يابن رسول الله لقد عظم سروري بما مننت به علي فما السنة الجارية فيه من الخضر (عليه السلام) وذي القرنين؟
فقال (عليه السلام) : طول الغيبة يا احمد فقلت له يا ابن رسول الله فإن غيبته لتطول ؟
قال : أي والله حتى يرجع عن هذا الأمر أكثر القائلين به فلا يبقى إلا من اخذ الله عهده بولايتنا ، وكتب في قلبه الإيمان وأيده بروح منه ، يا احمد بن إسحاق هذا أمر من أمر الله ، وسر من سر الله ، وغيب من غيب الله ، فخذ ما أتيتك واكتمه وكن من الشاكرين ، تكن معنا في عليين )(إثبات الهداة ، ج3 ، ص480 ) .
وعن إسحاق بن عمار ، قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام) : ( للقائم غيبتان : أحداهما قصيرة والأخرى طويلة ، الغيبة الأولى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة شيعته ، والأخرى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة مواليه في دينه )( الكافي ، ج1 ، ص340 ) .
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ( ان لصاحب هذا الأمر غيبتين : أحداهما تطول )( - غيبة الطوسي ، ص61 ) .
ان الذي يظهر من هذه الروايات المعصومية الشريفة ان غيبة الإمام المهدي (عليه السلام) الثانية تكون طويلة جداً مما يتسبب ذلك في رجوع الكثير ممن قالوا بإمامته وبهذا يظهر لنا واضحاً انه من غير الممكن ان الإمام الرضا (عليه السلام) كان يقصد الإمام المهدي (عليه السلام ) في قوله الذي ذكرناه سابقاً والذي جاء فيه : ( إذا غاب صاحبكم عن دار الظالمين فتوقعوا الفرج ) .
وذلك لما تقدم من كون ان غيبته (عليه السلام) طويلة جداً ولا يمكن ان نتصور الفرج يأتي بسرعة بعد الغيبة وعليه فلابد ان يكون المقصود شخص آخر غير الإمام المهدي (عليه السلام) ولكن يمر بغيبة وهي ليست طويلة كغيبة الإمام المهدي (عليه السلام) بل هي غيبة قصيرة بحيث ان غيابه يكون علامة على الفرج ووقوعه القريب الذي يعقب تلك الغيبة .
وهذا الشخص هو القائم بالدعوة للإمام (عليه السلام) وصاحب أمره وهو المهدي الحسني اليماني .
وهذا المعنى يظهر من المكاتبة الواردة عن إبراهيم بن محمد بن فارس قال : كنت أنا وأيوب بن نوح في طريق مكة فنزلنا على وادي زبالة ، فجلسنا نتحدث فجرى ذكر ما نحن فيه وبُعد الأمر علينا ، فقال أيوب بن نوح : كتبت في هذه السنة ، اذكر شيئاً من هذا :
فكتب : ( إذا رفع علمكم من بني أظهركم فتوقعوا الفرج من تحت أقدامكم )( إثبات الهداة ، ج3 ، ص479 ).
وفي هذه المكاتبة دلالة على سرعة وقوع الفرج بعد الغيبة فإن المراد من (( علمكم )) هو الممهد الرئيسي للإمام المهدي (عليه السلام) وهو وزيره اليماني الذي يكون اعلم الناس في زمانه فإن غيبته هي غيبة لعلمنا كما لا يخفى لأن العلم يذهب بذهاب حملته وأهله فإن بغيبة اليماني يرفع علمنا من بيننا ولكن الفرج سيكون قريباً حينها كما أشارت الروايات الشريفة إلى ذلك .
وقد ورد أيضاً ما يدل على هذا المعنى فقد جاء في الرواية الواردة عن زرارة قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : ( ان للغلام غيبة قبل ان يقوم ...)( الكافي ، ج1 ، ص337 ) .
فالذي يتبين من الرواية ان الغيبة مقترنة زماناً بالقيام والفرج والا لو كان المقصود غيبة الإمام (عليه السلام) لما قال أبو عبد الله (عليه السلام) : ( غيبة قبل ان يقوم ) .
فإن القبلية في الرواية تدل على ان المقصود ان القيام يعقب الغيبة بوقت قليل وهذا المعنى واضح جداً في الرواية .
وما يؤكد قولنا هو الرواية الواردة عن حذلم بن بشير قال : قلت لعلي بن الحسين (عليه السلام) صف لي خروج المهدي - إلى ان قال – فإذا ظهر السفياني اختفى المهدي ثم يخرج بعد ذلك )(غيبة الطوسي ، ص270 )
فهي تدل على ان المهدي يختفي ويغيب عند ظهور السفياني وأمره إذن فهو ليس الإمام المهدي (عليه السلام) حتماً لأنه (عليه السلام) غاب منذ زمن بعيد بحيث لم يكن السفياني ولم تظهر حركته بعد إنما حركة السفياني قد عدت من العلامات الحتمية التي يسبق ظهورها قيام الإمام (عليه السلام) بوقت قليل جداً .
ثم إن قيام الإمام (عليه السلام) لا يكون إلا في مكة في العاشر من محرم الحرام أي بعد خروج السفياني في رجب أي بعده بستة أشهر .
هذا ما أكدته الروايات أما أن المهدي يكون ظاهراً ثم يختفي عندما يخرج السفياني فهذا مما لا يقول به أحد ولا يمكن حمله على الإمام (عليه السلام) لما تقدم من كون الروايات حدوث قيام الإمام في العاشر من محرم وعدت خروج السفياني كعلامة ودليل عليه .
فلا بد ان يكون المهدي في هذه الرواية هو السيد اليماني الحسني الذي يكون موجوداً وظاهراً قبل ظهور حركة السفياني ولكنه يغيب نتيجة لبعض الأسباب .
من كتاب
( صاحب هذا الامر)
(من فكر السيد القحطاني)
بالرجوع إلى بعض الروايات المعصومية الشريفة نجد ان البعض منها يذكر لنا الفرج بعد وقوع الغيبة ومن تلك الروايات الرواية التي نقلناها في موضوع روايات وإشكالات عن علي بن مهزيار قال : كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام) أسأله عن الفرج ؟ فكتب :
( إذا غاب صاحبكم عن دار الظالمين فتوقعوا الفرج ) .
وقد أوردنا هناك إشكالات على هذه الرواية وهو ان الذي يستشف من هذه الرواية ان الفرج يعقب وقوع الغيبة بقليل إذا فما معنى ان الإمام (عليه السلام ) يبشر بالفرج ويجعل العلامة عليه غيبة صاحبنا ، ومن غير المعقول ان الإمام الهادي (عليه السلام) يخبرنا ويأمرنا بتوقع الفرج عند غيبة الإمام المهدي (عليه السلام ) لأن غيبته (عليه السلام ) طويلة جداً كما جاء في رواياتهم (عليهم السلام) وهو الواقع كما قد رأيناه ولمسناه .
إذن فلا بد ان يكون المقصود بالغيبة هنا شخص آخر غير الإمام المهدي (عليه السلام) وهذا ما سنقوم بتوضيحه بشكل أدق وأكثر تفصيلاً .
فقد ذكرت لنا الكثير من الأحاديث والروايات الواردة عن الأئمة الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وقوع الغيبة للإمام المهدي (عليه السلام) وقد أكدت بعض تلك الأخبار ان غيبة الإمام (عليه السلام) ستكون طويلة وتصل إلى مئات السنين وتزيد عن ذلك .
فقد جاء في الرواية الشريفة الواردة عن احمد بن إسحاق بن سعد الأشعري عن أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام) في حديث قال :
( قلت يابن رسول الله فمن الإمام والخليفة من بعدك ؟ فنهض (عليه السلام) مسرعاً ودخل البيت ثم خرج وعلى عاتقه غلام كأن وجهه القمر ليلة البدر من أبناء ثلث سنين .
فقال : يا احمد ابن إسحاق لولا كرامتك على الله وحجته ما عرضت عليك ابني هذا ، انه سمي رسول الله وكنيه ، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً .
يا احمد بن إسحاق مثله في هذه الأمة مثل الخضر (عليه السلام) ، ومثله مثل ذي القرنين ، والله ليغيبن غيبة لا ينجو فيها من الهلكة إلا من ثبته الله على القول بإمامته ، ووفقه للدعاء بتعجيل فرجه .
قال احمد ابن إسحاق فقلت له :
فهل من علامة يطمئن إليها قلبي ؟
فنطق الغلام (عليه السلام) بلسان عربي فصيح ، فقال : أنا بقية الله في أرضه والمنتقم من أعدائه ، فلا تطلب أثراً بعد عين يا احمد بن إسحاق .
قال احمد بن إسحاق : فخرجت مسروراً فرحاً ، فلما كان من الغد عدت إليه فقلت له :
يابن رسول الله لقد عظم سروري بما مننت به علي فما السنة الجارية فيه من الخضر (عليه السلام) وذي القرنين؟
فقال (عليه السلام) : طول الغيبة يا احمد فقلت له يا ابن رسول الله فإن غيبته لتطول ؟
قال : أي والله حتى يرجع عن هذا الأمر أكثر القائلين به فلا يبقى إلا من اخذ الله عهده بولايتنا ، وكتب في قلبه الإيمان وأيده بروح منه ، يا احمد بن إسحاق هذا أمر من أمر الله ، وسر من سر الله ، وغيب من غيب الله ، فخذ ما أتيتك واكتمه وكن من الشاكرين ، تكن معنا في عليين )(إثبات الهداة ، ج3 ، ص480 ) .
وعن إسحاق بن عمار ، قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام) : ( للقائم غيبتان : أحداهما قصيرة والأخرى طويلة ، الغيبة الأولى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة شيعته ، والأخرى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة مواليه في دينه )( الكافي ، ج1 ، ص340 ) .
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ( ان لصاحب هذا الأمر غيبتين : أحداهما تطول )( - غيبة الطوسي ، ص61 ) .
ان الذي يظهر من هذه الروايات المعصومية الشريفة ان غيبة الإمام المهدي (عليه السلام) الثانية تكون طويلة جداً مما يتسبب ذلك في رجوع الكثير ممن قالوا بإمامته وبهذا يظهر لنا واضحاً انه من غير الممكن ان الإمام الرضا (عليه السلام) كان يقصد الإمام المهدي (عليه السلام ) في قوله الذي ذكرناه سابقاً والذي جاء فيه : ( إذا غاب صاحبكم عن دار الظالمين فتوقعوا الفرج ) .
وذلك لما تقدم من كون ان غيبته (عليه السلام) طويلة جداً ولا يمكن ان نتصور الفرج يأتي بسرعة بعد الغيبة وعليه فلابد ان يكون المقصود شخص آخر غير الإمام المهدي (عليه السلام) ولكن يمر بغيبة وهي ليست طويلة كغيبة الإمام المهدي (عليه السلام) بل هي غيبة قصيرة بحيث ان غيابه يكون علامة على الفرج ووقوعه القريب الذي يعقب تلك الغيبة .
وهذا الشخص هو القائم بالدعوة للإمام (عليه السلام) وصاحب أمره وهو المهدي الحسني اليماني .
وهذا المعنى يظهر من المكاتبة الواردة عن إبراهيم بن محمد بن فارس قال : كنت أنا وأيوب بن نوح في طريق مكة فنزلنا على وادي زبالة ، فجلسنا نتحدث فجرى ذكر ما نحن فيه وبُعد الأمر علينا ، فقال أيوب بن نوح : كتبت في هذه السنة ، اذكر شيئاً من هذا :
فكتب : ( إذا رفع علمكم من بني أظهركم فتوقعوا الفرج من تحت أقدامكم )( إثبات الهداة ، ج3 ، ص479 ).
وفي هذه المكاتبة دلالة على سرعة وقوع الفرج بعد الغيبة فإن المراد من (( علمكم )) هو الممهد الرئيسي للإمام المهدي (عليه السلام) وهو وزيره اليماني الذي يكون اعلم الناس في زمانه فإن غيبته هي غيبة لعلمنا كما لا يخفى لأن العلم يذهب بذهاب حملته وأهله فإن بغيبة اليماني يرفع علمنا من بيننا ولكن الفرج سيكون قريباً حينها كما أشارت الروايات الشريفة إلى ذلك .
وقد ورد أيضاً ما يدل على هذا المعنى فقد جاء في الرواية الواردة عن زرارة قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : ( ان للغلام غيبة قبل ان يقوم ...)( الكافي ، ج1 ، ص337 ) .
فالذي يتبين من الرواية ان الغيبة مقترنة زماناً بالقيام والفرج والا لو كان المقصود غيبة الإمام (عليه السلام) لما قال أبو عبد الله (عليه السلام) : ( غيبة قبل ان يقوم ) .
فإن القبلية في الرواية تدل على ان المقصود ان القيام يعقب الغيبة بوقت قليل وهذا المعنى واضح جداً في الرواية .
وما يؤكد قولنا هو الرواية الواردة عن حذلم بن بشير قال : قلت لعلي بن الحسين (عليه السلام) صف لي خروج المهدي - إلى ان قال – فإذا ظهر السفياني اختفى المهدي ثم يخرج بعد ذلك )(غيبة الطوسي ، ص270 )
فهي تدل على ان المهدي يختفي ويغيب عند ظهور السفياني وأمره إذن فهو ليس الإمام المهدي (عليه السلام) حتماً لأنه (عليه السلام) غاب منذ زمن بعيد بحيث لم يكن السفياني ولم تظهر حركته بعد إنما حركة السفياني قد عدت من العلامات الحتمية التي يسبق ظهورها قيام الإمام (عليه السلام) بوقت قليل جداً .
ثم إن قيام الإمام (عليه السلام) لا يكون إلا في مكة في العاشر من محرم الحرام أي بعد خروج السفياني في رجب أي بعده بستة أشهر .
هذا ما أكدته الروايات أما أن المهدي يكون ظاهراً ثم يختفي عندما يخرج السفياني فهذا مما لا يقول به أحد ولا يمكن حمله على الإمام (عليه السلام) لما تقدم من كون الروايات حدوث قيام الإمام في العاشر من محرم وعدت خروج السفياني كعلامة ودليل عليه .
فلا بد ان يكون المهدي في هذه الرواية هو السيد اليماني الحسني الذي يكون موجوداً وظاهراً قبل ظهور حركة السفياني ولكنه يغيب نتيجة لبعض الأسباب .
من كتاب
( صاحب هذا الامر)
(من فكر السيد القحطاني)