كتاب (المسيح قادم في العراق)
بقلم (تلامذة السيد المسيح)
المقدمة
بسم الرب .....
وبعد ....
فقد ترددت كثيرا" قبل ان اشرع بكتابة هذا الكتاب ، وامسكت بقلمي لأكتب فوجدت العديد من الأفكار تقفز الى رأسي وتراودني ، فالذين يتبعون المسيح اليوم في العالم هم بالملايين وليسوا من شعب واحد ولا جنسية واحدة ولا بلد واحد ولا يتكلمون بلغة واحدة وليسوا حتى باعمار واحدة ، بل هم من شعوب شتى وبلدان شتى وجنسيات شتى واعمار متباينة ، فان فكرة الكتابة عن شخصية ما يحترمها بل يقدسها اكثر شعوب العالم هي مشروع بحد ذاته ويحتاج الى تأن وروية كبيرين كي تتمكن من الاحاطة بكل زوايا الموضوع ، فالبحث عبارة عن ربط بين الماضي والحاضر والمستقبل ، وقد يوفق الكاتب او يجد طريقه معبدا" ان كان يتحدث عن شخصية تأريخية معينة حين يعتمد في مصادره على التأريخ نفسه ، والذي يكتب عن شخصية مستقبلية يحتاج الى مصادر نبؤاتية مستقبلية ، وكذلك الذي يتحدث عن شخصية معاصرة فهو لن يجد الكثير من العناء في بحثه لأنه يستمد رؤيته من الواقع الذي عاشه او لا زال يعيشه ، اما بحثنا هذا فهو يجمع الثلاث اتجاهات سوية ، وقد يسهل اي بحث ديني من زاوية ان الموضوع الذي تطرحه له اتجاه واحد او لنقل منبع واحد غير متشعب ومثالها ان تتحدث عن بوذا فهو موجود في مصادر البوذيين ومنه انتقل بأفكاره الى باقي الأديان اولا لنقل ان باقي المؤلفات اعتتمدت على ما تكتبه عن بوذا من مصادر من اتبعوه وأعتقدوا بفكره ونشروه ، ولكنك حين تتحدث عن المسيح فانك تتحدث عن مخلص اليهود والموجود في تنبؤات التوراة او العهد القديم على السنة انبياء العهد ذاك مثل اشعياء والمزامير ووالخ ، وتتحدث في نفس الوقت عن رب المسيحيين وفاديهم ومخلصهم ، وعن نبي من انبياء المسلمين الذي ينتظرون مجيئه كمخلص الهي ومنقذ سماوي موعود ، ومن هنا فان كل من يختط لنفسه هذا الطريق اي الكتابة عن مثل هكذا موضوع عليه ان يدرك وعورة الطريق وانه غير مزروع بالورود بتاتا" ، بل ان التحديات والمصاعب تحيط باكثر مباحث الكتاب لاجل الأسباب والعلل التي ذكرنا ، بالأضافة الى كثرة من كتب عن هذه الشخصية وكثرة الاتجاهات والأفكار حول ذات الموضوع مما يجعل استخلاص نتيجة تكون مقنعة للقاريء امرا" ليس بالهين ابدا" ، خاصة" ان الكاتب ليس شخصية معروفة ولا يمثل جهة دينية ما ولا سلطة كنسية عليا ولا درجة كهنوتية محددة ، بل هي مجموعة مغمورة تنتمي الى فئة مستضعفة من الناس تؤمن ان البحث الديني والتنقيب الأعتقادي ليس حكر على احد ولا مسجل بأسم رجل او امراة معينين ، وانما هو موهبة او منحة الهية منذ الأزل والى اليوم ، ونحن نعلم جيدا" ان اقلام النقد ستتهيء لما سطرنا في هذه الأوراق ومن يسلم من السنة واقلام النقاد على مر التأريخ حتى المسيح نفسه لم يسلم منهم !...فقديما" قال لكهنة ليسوع انت بأي سلطان تعمل هذه الاعمال ؟...فأذا كان المسيح العظيم قد لاقى من الألسنة وكيل التهم ما لاقى فكيف بنا ونحن لا نستأهل ان نكون شسعا" في نعل المسيح المخلص الألهي ؟!.. غير ان هذا النقد الذي سنلاقيه لن يكون عائقا" ابدا" امام الطريق الذي اختطناه لنا في سبيل تمهيد الطريق للرب ولمجيئه المرتقب ، لا بل سيزيدنا اصرارا" وعزيمة وحزم في سبيل تقديم كل التضحيات وعدم الفتور ولا التريث ولا التأرجح ولا التردد في تقديم المزيد من العطاء سواء كان بالقلم او الكلمة الصادقة او المنبر او الندوات او الحضور في المحافل التي تعنى بقضية مجيء المسيح الثاني لينقذ ويخلص العالم ، فاليوم مع فشل جميع الأنظمة الوضعية في العالم والتي زعم اصحابها ومن يتبناها انها كفيلة بتحقيق العدل والامان والسعادة لبني البشر في كل مكان وزمان ، وبعد ان تكشف الوجه الحقيقي لتلك الدساتير البشرية الناقصة والسقيمة والعاجزة في كل النواحي سواء الأقتصادية او السياسية او الأجتماعية وغيرها ، بعد كشف اللثام عن تلك الوجوه القبيحة التي تدعي انها اولى بأدارة شؤون الكائنات على وجه الأرض من غيرها ، وادعت انها اصح من النواميس الألهية والكتب السماوية للأنبياء ، وانها اكمل واتم واشمل من قوانين السماء ، لكن ما هي الحقيقة وما هو الواقع العلمي لتلك النظريات البشرية والأفكار الأرضية لبني البشر الخطائين ؟!...والى اين وصل الحال بالأنسان الذي ترك النظام الألهي وراء ظهره ؟... وكم بلغ الظلم والأجحاف على اثر محاولة تطبيق تلك الانظمة ؟...وكم هم اعداد الضحايا من جراء اعتلاء تلك الأفكار الى منصة الأدارة العالمية ؟...وكم خلفت افكارهم من جياع وموتى وقتلى وارامل وايتام ومظلومين وفقراء ومشردين ومسجونين ومعذبين ومرضى ومنسحقين ووو...ما لا يعد ولا يحصى من تركات العصارة البشرية للفكر المادي المحض البعيد عن القيم والقوانين السماوية المقدسة ؟... ان العاقل اليوم ينظر بعين البصيرة الى واقع العالم اليوم وما عاناه ولا يزال يقاسيه من ويلات ونكبات وتخرصات وتخلف وتراجع على مختلف الأصعدة ليعلم جيدا" ان لا سبيل الى الخلاص من هذه الحال الا بالعودة الى الرب وما ارسله الى البشر من قوانين كفيلة بتحقيق السعادة لجمع فئات ودرجات المجتمع ، وقد يقول قائل ان كلامكم هذا عار عن الصحة وبعيد عن الواقع فقد حكمت الكنيسة لقرون من الزمان في العصور الوسطى في اوربا مثلا" وفشلت ايما فشل ، وحكمت طالبان وايران بنظم اسلامية تدعي الأنتساب للسماء ورسلها وانبيائها ، فاين السعادة والنظام والعدل الذي تتحدث عنه ، وجوابنا على هذا الأستفهام او الأشكال هو اننا نذكر ان تلك التجارب انما فشلت لا بسبب ضعف النظرية الدينية بل فشلت بسبب التطبيق ، فاولئك الذين حاولوا نقل الدين من النظرية الى الواقع انما اخفقوا في فهم معنى نقل الدين للواقع ن فالكنيسة الأوربية وزعت صكوك الغفران وجعلت الرحى تدور حولها ظنا" منها انها تمسك زمام الامور وانها تطبق مشيئة وعدالة السماء ، الا ان الحقيقة هي عكس ذلك فقد اخطات في جعل الرحى تدور حول المحور المطلوب ، اذ ان الكتاب المقدس والمسيح هما القطب والرحى ، بينما جعل بابوات وقساوسة الكنيسة انفسهم القطب والكتاب المقدس والمسيح معا" هما رحى حولهم ، فمن يخالفهم لا يمثل المسيح ولا الكتاب وهو خارج دائرة الخلاص ويغرد خارج السرب ، هذا هو سبب فشل المتدينين في القيادة وليس فشل الدين اطلاقا" .
وعليه فان الكتاب المقدس حين تحدث بكل صريح عن وصول البشرية الى زمان و مرحلة ما من التأريخ المستقبلي القابل للتحقق لدرجة من العدل والامان والسلام بحيث يلعب الذئب مع الخروف والطفل يعبث على جحر الأفعى وياكل الأسد وباقي السباع من حشيش الأرض وتبنها تماما" كالدواب الأليفة انما ينطلق من هذا المفهوم وهو تطبيق الدين بشكل سليم وصحيح على ارض الواقع ولكن على يد رجال الهيين سماويين وليس ارضيين ، لأن الرجل الأرضي او الأنسان الأرضي انما تتحكم به مجموعة من العواطف والاختلاجات النفسية والنزعات البشرية من حسد وخوف وطمع وظلم وجحود وتعالي وتكبر وانانية وو الخ من صفات البشر الخطائين وهذه من شانها ان تجعل امر تحقيق الحلم البشري الأوحد محال او متعسر الى درجة لا نهاية لها كما يقال في الرياضيات ، ولما علم الخالق العظيم ان البشر بطبيعتهم الخطائة عاجزين عن تحقيق الهدف الكبير والسامي جعل لهم اناس هم بشر مثلنا غير انهم مؤيدين من السماء ومدعومين بالملائكة والنصر الألهي كي يكونوا هم سبيل الخلاص وفيهم امل الأنقاذ واقامة الدولة العادلة الأرضية التي تحدث عنها اشعياء ويوحنا في سفره اللاهوتي ، ومن دون اولئك البشر الألهيين يصعب بل يستحيل اقامة ذلك الهدف وتلك الغاية المنشودة للأسباب التي ذكرناها مجملا" قبل قليل ، وبين هذا وذاك فقد صدمت البشرية على مدى سنوات متلاحقة بفقد ذاك الانسان على حين غرة وقبيل ان يكمل المشوار ، فمثلا" موسى النبي العظيم لم يكمل مشواره في اخراج اليهود من صحراء سيناء حين تاهوا فيها اربعين سنة ، وكذلك سائر انبياء العهد القديم حيث حققوا اهداف قصيرة ولمكان محدد من الأرض ومضوا بعدها ورحلوا دون اتمام الحلم المنتظر ، حتى السيد المسيح وعد اتباعه وتلامذته ان يملك على اليهودية ويحقق ذاك الحلم لكن ارادة الرب شائت ان يدخر تحقيق هذا الحلم حين يرحل المسيح ويعود بعد فترة طويلة نسبيا" كي يحكم ويدين العالم من كبيرها الى صغيرها في يوم الدينيونة او المجيء الثاني ، ورب سائل يسال عن الحكمة او الغاية من تاخير تحقيق الهدف ما دام المخلص موجود والانسان الالهي الموافق للشروط متهيأ للامر فما السبب اذن ؟..الجواب ان تحقيق الحلم ليس وفق الاماني والتمني والرجاء وحده بل بالعمل الجاد والمحكم والمتكامل من كل النواحي ، اننا نجد اننا في امورنا الدنيوية ومشاريعنا الحياتية نحتاج الى ادوات كي يسمى مشروعنا ناجحا" ، كالمادة والقابلية والوقت والظروف والقوى البشرية وعوامل اخرى ، و من دون اجتماع تلك العوامل المكملة بعضها بعضا" يصبح تحقيق هدف المشروع متعذرا" بل يصبح المشروع عبارة عن مضيعة للوقت والمال ، وقد يتوفر عامل او مجموعة من العوامل مع غياب الأخرى ، فقد يوجد الوقت والقابلية ولكن المال غير موجود وبالتالي لم تكتمل متطلبات المشروع وتعرقل الهدف والحلم ، وبالنسبة لمشروع الرب في بناء ارض جديدة وسماء جديدة يسودهما العدل والأمان والسلام كما قال يوحنا في رؤياه اللاهوتية ، يحتاج الى عوامل اعم واكبر من مثالنا هذا ، فالمخلص موجود مثلا" وهو المسيح ولكن التلاميذ غير مستعدين مثلا" ، او ان المجتمع اليهودي والعالمي آنذاك لم يكن على مستوى التهيئة لقبول المخلص الموعود ، وبالتالي يتاجل المشروع الالهي الى اشعار آخر او لنقل حتى اجتماع العوامل الاخرى سوية ، وحينها اذا تجتمع في عصر من العصور مثلا" في عام 2015 او عام 2020 فلن يكون هناك معنى لتاخير تحقيق الحلم الذي نحن بصدده والا يكون الرب ظالما" لبني البشر ولمخلوقاته التي ابدعها بقدرته اذ يحرمهم من رغد العيش في ظل الدولة الكريمة ، وحاشا للأله الواحد ان يكون ظالما" بأي شكل من الأشكال ، فالظلم هو صفة بشرية بحتة وليست الهية كما نعلم وندرك جميعا" .
نحن كاناس نعيش في العراق ربما من اكثر الشعوب في العالم تتوق لذلك اليوم المرتقب ، واكثر الشعوب يأسا" من ان تحقق لها الانظمة الوضعية شيء يغير واقعها من سيء الى حسن ، فأجدادنا او آباؤنا عاصروا الملكية ومن بعده الجمهورية ونحن ادركنا سنوات من الجمهورية المنقضية ، وجربنا في السنوات الأخيرة النظام الديموقراطي الذي جاءت به الولايات المتحدة الى بلدنا ، وقد شهدنا بام اعيننا فشل كل تلك المسميات في اضافة شيء يذكر للأجيال ، ونحن ايضا" بلد الطوائف والملل والمذاهب والاديان ربما لا يناظرنا في التعدد الا امريكا وحدها او ربما كندا او دول تضم مهاجرين غيرهما حيث يلتقي المتعددون على اراضيها ، لكن العراق له خصوصية من هذ الناحية اكثر من تلك الدول ، لان مساحته الصغيرة جعلت الملل والطوائف تتقارب فيما بينها بشكل كبير ، اضافة" الى ان العراق عريق في تأريخه وقدمه بحيث تعارفت هذه الاتجاهات المختلفة فيما بينها منذ مئات بل آلاف السنين ، ومن كل ذاك نجد ان العراقي فرد من اكثر الشعوب في العالم يذكر المخلص الموعود بسبب معاناته المتراكمة من الحروب والأضطهاد والفقر والدماء والتفجيرات والطائفية والتناحر ، وتكاد ترى ان شعب العراق في اكثر محافله الدينية يرفع شعار المخلص الموعود ويترقب ظهوره ، الا اننا وفق ما طرحناه ان الشعارات وحدها لا تكفي بل العمل والعمل والعمل ، وسنثبت بعون الرب بين طيات هذا الكتاب ما طرحناه من خلال عنوان الكتاب ، " ان المسيح سيجئ في العراق" نعم ، وآمل ان القارئ سيزول عنه الأستغراب والغموض الذي حصل لديه بسبب عنوان الكتاب صفحة بعد اخرى ، وواقعا" لديه –اي القارئ- كل الحق في هذا الأستغراب كونه اول كتاب من نوعه ربما يصرح بمكانية المجئ اذ ان المشهور في الأدبيات المسيحية والتراث الكنسي التقليدي ان مجئ المسيح غير محدد بمكان او مساحة ما ، وانما المعلوم ان المسيح سيجيء في سحاب السماء ويخطف مختاريه من شتى بقاع الأرض وليس هناك تخصيص للعراق او اي بلد آخر ، فمن اين يا ترى يثبت احدهم ان العراق سيشهد مجئ او عودة المسيح دون غيره من البقاع ؟...والجواب لن يكون طبعا" ضمن هذه المقدمة القصيرة وانما سيجده القارئ صفحة" بعد اخرى وفصلا" بعد آخر حتى تكتمل الصورة وتتبين ملامح اللوحة بشكل كلي واضح لا يكتنفه اي غموض او ابهام ، وسيدرك وفق الادلة التي نسردها من نصوص الكتاب المقدس وحده دون الأستعانة باقول اي من النظريات او الاطروحات الركيكة لأي من المفسرين او الكتاب ، وبالتالي فلن يكون هناك اي مجال للتشكيك او الطعن في مضامين البحث لاننا نفهم ان اتعامل مع هكذا مواضيع حساسة يجب ان يكون وفق منظور علمي محترم يليق بالقضية من الأساس ، القضية التي قلنا عنها انها اعظم قضية عرفها البشر واكبر مشروع يتعامل معه ويترقبه الناس منذ آلاف السنين .
يتبع ....
تعليق