إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

علامات الأزمنة وتحقق بعضا" منها

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • علامات الأزمنة وتحقق بعضا" منها

    الفصل الأول

    علامات الأزمنة وتحقق بعضا" منها



    يقصد بعلامات الأزمنة هي الأحداث والأشارات والوقائع التي يتوقع حصولها قبيل مجيء المسيح في آخر الأيام ، وقد ورد ذكرها على لسان يسوع المسيح في اكثر من موضع من الاناجيل الأربعة ، اضافة" الى ذكرها في اسفار العهد القديم مثل اشعياء ودانيال وغيرهما ، وكذلك في سفر الرؤيا المعروف والمنقول عن يوحنا التلميذ ، ومن خلال قراءة اجمالية لهذه العلامات في تلك الأسفار المقدسة نستطيع القول بان علامات اقتراب النهاية ومجيء المسيح الثاني تنقسم الى ثلاث اقسام رئيسية :-
    اولا" : علامات كونية : وهي التي تخص حركة الأفلاك واحداث معين تقع على الشمس والقمر والكواكب بشكل عام يصاحبها تغييرات مناخية مثل حدوث فيضانات في البحار في مختلف انحاء العالم وزلازل او هزات ارضية وهذا المعنى مستقى من كلام المسيح - له المجد – في النص التالي : ( وتكون زلازل عظيمة في اماكن ...وعلامات عظيمة في السماء ..) لقوا 21 : 11 ، وكذلك قوله في نفس الأصحاح : ( وتكون علامات في الشمس والقمر والنجوم وعلى الأرض كرب امم بحيرة ، البحر والامواج تضج ..) لوقا 21 : 25 . وفي سفر الرؤيا يتحدث يوحنا اللاهوتي عن الختوم السبعة التي يفتحها الخروف – ويشير هنا للمسيح – وجزء من هذه الختوم هي علامات واحادث كونية مثل التي ذكرها المسيح في الأنجيل لتلاميذه ،وخصوصا" الختم السابع الذي تميز عن باقي الختوم التي ذكرها يوحنا يضم عدد من الأبواق التي ينفخ بها الملائكة في ذاك الزمان الصعب ، وهذه الأبواق تتوافق مع كل نفخة بوق ما هو حدوث حديث كوني عظيم ، لنستمع الى ما ذكره يوحنا في سفره : ( ثم ان السبعة ملائكة الذين معهم سبعة ابواق تهيئوا لكلي يبوقوا ، فبوق الملاك الأول فحدث برد ونار مخلوطان بدم والقيا الى الأرض فأحترق ثلث الأشجار واحترق كل عشب اخضر ، ثم بوق الملاك الثاني فكان جبلا" عظيما" متقدا" بالنار القي الى البحر فصار ثلث البحر دما" ومات ثلث الخلائق التي في البحر التي لها حياة واهلك ثلث السفن ثم بوق الملاك الثالث فسقط من السماء كوكب عظيم متقد كمصباح ووقع على ثلث الانهار وعلى ينابع المياه ، واسم الكوكب يدعى الأفسنتين فصار ثلث المياه افسنتينا" ومات كثيرون من الناس من المياه لانها صارت مرة ، ثم بوق الملاك الرابع فضرب ثلث الشمس وثلث القمر وثلث النجوم حتى يظلم ثلثهن والنهار لا يضيء ثلثه والليل كذلك ...) رؤ 8 : 6-12 ، ويلاحظ من مجمل تلك العلامات انها تتكلم عن ما سيحدث من امور كونية وحركة الكواكب والنيازك وقد يحدث ما تنبا به العلماء في السنوات الأخيرة عن ظاهرة توقع سقوط كوكب او كويكب او نيزك ما يقدم فيضرب الأرض لكن ليس جميع الأرض ستتأثر بهذا الحدث بل جزء منها ولكن تأثيره حتما" سيكون عظيما" ومؤثرا" الى حد ما ، والدليل هو تأثر مياه البحار والانهار بسقوط هذا الكوكب ، وقد توقع الفلكيون ان تظلم مساحة كبيرة من الأرض بسبب الدخان المتصاعد على اثر هذا الأصطدام الكويكبي بين الأرض وذلك النيزك الغريب ، وهو بدوره سينتج حجب جزء منت نور الشمس والقمر وسائر النجوم المضيئة لأهل الأرض ، تبقى هي احتمالات عديدة يمكن ان تطرح بين تفسير وفك رموز النبوءة وبين العلم الحديث وما يتوصل اليه الباحثون في مجال الفك وحركة الأجرام والكواكب المحيطة ، وعلى اية حال فأن نصوص هذا السفر انتما تؤكد ما تحدث عنه المسيح قبل سنوات من رؤيا يوحنا لهذه الأحداث لاهوتيا" ، والمحصلة هي توقع حدوث امور كونية خارجة عن سيطرة البشر مع اقتراب الزمان الأخير .
    ثانيا" : علامات عامة : ويقصد بها حوادث ووقائع تقع وتحدث في مختلف انحاء الكرة الأرضية دون تخصيص ، وهي تشمل حدوث حروب في اصقاع الأرض بين دول وامم مختلفة فيما بينها ،وعلى الأرجح هي ازمات سياسية تؤدي الى عدم الأستقرار في مساحات ما من الأرض بل وسقوط حكومات عبر عنها المسيح ب(القلاقل) ، وكذلك امراض واوبئة تنتشر فتعم بلدان معينة اضافة" الى المجاعات والازمات الأقتصادية التي تصيب الشعوب ربما الفقيرة منها ، لننظر الأصحاح التالي لتتضح الصورة : ( فأذا سمعتم بحروب وقلاقل ...تقوم امة على امة ومملكة على مملكة ..ومجاعات واوبئة ..) لوقا 21 : 9-12 ، وكذلك في نص آخر يذكر الخوف الذي يعم ارجاء الأرض والظاهر انه بسبب تلك الأزمات السياسية بين الدول وعدم الأستقرار : ( والناس يغشى عليهم من خوف وانتظار ما ياتي عليه من المسكونة لأن قوات السماوات تتزعزع ..) لوقا 21 : 26 ، وتحدث عن ضيق يضيب اهل الأرض عموما" : ( ويل للحبالى والمرضعات في تلك الأيام لأنه يكون ضيق عظيم على الأرض ) لوقا 21 : 23 ، هذا بالنسبة لكلام المسيح ، اما في سفر الرؤيا ليوحنا الذي اسلفنا الحديث عنه فقد ذكرت جملة من العلامات العامة وتحديدا" في المقطع الذي يفك فيه الخروف الختوم السبعة ختما" بعد ختم ، والختوم الثلاثة من الثاني الى الرابع وكلها تخص علامات عامة ستحدث في قادم الزمان كالحروب والجوع والانهيار الأقتصادي : ( ولما فتح الختم الثاني سمعت الحيوان الثاني قائلا" هلم وأنظر فخرج فرس آخر أحمر وللجالس عليه اعطي ان ينزع السلام من الأرض وأن يقتل بعضهم بعضا" واعطي سيفا" عظيما" ، ولما فتح الختم الثالث سمعت الحيوان الثالث قائلا" هلم وانظر ، فنظرت واذا فرس اسود والجالس عليه معه ميزان في يده ، وسمعت صوتا" في الأربعة حيوانات قائلا" ثمنية قمح بدينار وثلاث ثماني شعير بدينار واما الزيت والخمر فلا تضرهما ، ولما فتح الختم الرابع سمعت صوت الحيوان الرابع قائلا" هلم وانظر ، فنظرت واذا فرس اخضر والجالس عليه اسمه الموت والهاوية تتبعه واعطيا سلطانا على ربع الأرض ان يقتلا بالسيف والجوع والموت وبوحوش الأرض ..) رؤ 6 : 3-8 ، ومن خلال ما قرانا نستشف ان هناك العديد من الحوادث والوقائع التي اصطلحنا عليها بالعلامات العامة والتي سيشهدها معظم او جزء من سكان الأرض بين جوع وحروب وقتال وامراض وموت وكلها تندرج تحت مسمى علامات عامة لما قبل المجيء الحتمي للمسيح .

    وذكر ايضا" ظهور المسحاء الكذبة ومن يدعون النبوة في تلك الازمنة ، وهم على ما يبدو رجال سوف يستغلون حدوث تلك الأحداث ووقوعها في العالم وترقب الناس لظهور المسيح ليخلصهم فيقومون بأستغلال هذه الحالة ليدعوا لأنفسهم مقامات ليست لهم ومنها ان واحدهم هو المسيح او المخلص او المنقذ المنتظر : ( فأن كثيرين سياتون بأسمي قائلين أني انا هو والزمان قد قرب فلا تذهبوا ورائهم ) لوقا 21 : 8 ، وورد ما يشابه هذا المفهوم في انجيل متى ما نصه : ( ويقوم انبياء كذبة كثيرون ويضلون كثيرون..) متى 24 : 11 ، وقال ايضا" في ذات الأصحاح : ( لأنه سيقوم مسحاء كذبة وانبياء كذبة ويعطون آيات عظيمة وعجائب حتى يضلوا لو امكن المختارين ايضا" ..) متى 24 : 24 .

    ثالثا" : علامات خاصة : ونقصد بها الحوادث التي تخص دولة معين من الدول او منطقة محددة من العالم ذكره المسيح والكتاب على وجه التخصيص لا العموم ومنها حديثه عن مدينة اورشليم واليهودية ما ستشهدانه من حوادث خاصة وتكليف الناس الساكنين فيهما تكاليف خاصة تختلف عن باقي السكان في الدول الاخرى ، فالهيكل مثلا" سيتهدم كما وعد المسي بقوله : ( هذه التي ترونها ستأتي ايام لا يترك فيها حجر على حجر لا ينقض ) لوقا 21 : 6 ، ومدينة اورشليم او القدس كما تسمى اليوم سوف تحاصر من قبل الجيوش ويصيبها الخراب : ( ومتى رأيتم اورشليم محاطة بجيوش فحينئذ اعلموا انه قد اقترب خرابها ، حينئذ ليهرب الذين في اليهودية الى الجبال والذين في وسطها فليفروا خارجا" والذين في الكور فلا يدخلوها ..وتكن اورشليم مدوسة من الأمم حتى تكمل ازمنة الامم ) لوقا 21 : 21-24 ، وقال ايضا" : ( فمتى نظرتم رجسة الخراب التي تحدث عنها دانيال النبي قائمة في المكان المقدس فحينئذ ليهرب الذين في اليهودية الى الجبال ..) متى 24 : 15 ، اما الخراب نفسه الذي تحدث عنه النبي دانيال فننقل نص من السفر الذي يخص النبي وهو : ( وبعد اثنين وستين اسبوعا" بقطع المسيح وليس له وشعب رئيس آت يخرب المدينة والقدس وانتهاؤه بغمارة والى النهياة حرب وخرب قضي بها..) دانيال 9 : 26 ، لو متقتصر العلامات على مدين اورشليم او القدس وحدها لا بل ان لمدينة بابل وبلاد مصر كان لهما نصيب كذلك في تلك الازمنة التي تسبق مجيء المسيح ، حيث اشار يوحنا اللاهوتي في سفر الرؤيا الى علامة مهمة من علامات المجيء وهي سقوط مدينة (بابل) حيث قال : ( ورفع ملاك واحد قوي حجرا" كرحى عظيمة ورماه في البحر قائلا" هكذا بدفع سترمى بابل المدينة العظيمة ولن توجد فيما بعد ..) رؤ 18 : 21 ، وقال في موضع ايضا" : ( ويل ويل المدينة العظيمة بابل المدينة القوية لأنه في ساعة واحدة جئت دينونتك ..) رؤ 18 : 10 ، اما بالنسبة لبلاد مصر فقد تحدث الكتاب في اسفار حزقيل واشعياء حول احداث تقع فيها يفهم منها انها في آخر الأزمنة وانها من علامات قدوم الرب ، وذكرت بشيء من التفصيل منها : ( واهيج مصريين على مصريين فيحاربون كل واحد اخاه وكل واحد صاحبه مدينة مدين ومملكة مملكة) اشع 19 : 2 ، وقال ايضا" : ( وأشتت المصريين بين الأمم واذريهم في الأراضي ..) حزقيل 30 : 23
    .

  • #2
    هل تحقق شيء من تلك العلامات ؟؟







    قبل الأجابة على هذا السؤال نحتاج ان نتحدث عن موقف العلماء والمؤلفين والمهتمين والباحثين في هذا الشأن ، والناس عموما" ينقسمون الى عدة اقسام من ناحية ارتباطهم واهتمامهم بقضية المخلص الموعود ، فأنك تجد ان الناس اما معرضا" عن هذه القضية – وهم كثر- فلا صلة له بها من قريب او من بعيد ولا يبحث ولا يبذل اي مجهود يذكر في سبيل تقصي حقيقة اقتراب المجيء من عدمه ، وان حدث ان ذكر هذا الموضوع امامه في محفل من المحافل فهو لا يبدي اي تفاعل ولا اهتمام بهذه المسألة وكان القضية لا تعنيه لا من قريب ولا من بعيد ، وهذه الفئة اما تكون مؤمنة ايمان شكلي بالطقوس والمناسبات الدينية وبعيدة عن جوهر الشريعة والدين او انها تصنف على انها ذات ايمان ناقص فيرجح كفة اقامة الطقوس دون تحقيق شرط الانتظار الذي ثبته المسيح في نصوص كثيرة في الأنجيل لا سيما الامثال المقدسة فيه ، والفئة الثانية هي تلك التي تهتم لقضية المجيء اذا ما ذكر امامها وفي محضرها او وقع كتاب ما او مقالة من مجلة بين ايديهم فيبدون اهتماما" وقتيا" للامر ولكن بزوال هذا المؤثر او العامل الملفت للنظر فانهم يعودون الى مشاغل الحياة وممارسة الفعاليات اليومية الأعتيادية ويقيمون الصلوات ويحضرون القداسات في الكنيسة لكن في النهاية يكون هذا الأهتمام نسبيا" عندهم في مسالة مراقبة العلامات والحوادث الواردة في الكتاب المقدس وهي اكثر الناس من حولنا اليوم ، فئة اخيرة وهي التي نشيد بها ويشيد بها كل باحث منصف وملتزم بالناموس انها فئة نصطلح عليها (المنتظرين) او(المترقبين) وقطعا" لا نعني بهم تلك الحركة من شهود يهوة التي لديها مؤسسة برج المراقبة وما شابه هذا ، فنحن بعيدون عنها كل البعد ولم نقرا الكثيرمن كتبهم او افكارهم الا مرور الكرام ، لكن ما يعنينا هنا هو الأطراء على من يعيش حالة الترقب والانتظار الحقيقي للمسيح ، ولسنا نحن الذين نطري على هذا النوع من الناس ولكن الكتاب يثني عليهم بفم المسيح : ( طوبى لاولئك العبيد الذين اذا جاء سيدهم يجدهم ساهرين ، الحق اقول لكم انه يتمنطق ويتكئهم ويقدم فيخدمهم ..) لوقا 12 : 37 ، ونصوص اخرى لم نذكرها لضيق المقام ، وعليه فأن هذه الفئة هي الفئة القليلة الممدوحة الصابرة الناجية الواصلة للحق والمدركة لربها متى جاء بمجده وملكوته ، ومن المفارقة ان نجد هذه الفئات التي قسمناها هنا ليس فقط عند المسيحيين وفي الوسط المسيحي فقط ن لا بل ان الكلام اعم واشمل ، لأن المسيحيين ليسوا وحدهم ينتظرون الخلاص على يدي الملخص ، بل ان اليهود والمسملين وحتى ديانات اخرى ربما تشترك بهذا المطلب وكما اسلفنا في مقدمة الكتاب ، لذلك ونحن نعيش في عالم صغير بسبب التطور والتكنلوجيا الحديثة نجد ان الشعوب على اختلاف اديانها وعقائدها تضم هذه الفئات بين ثناياها تماما" مثل شعبنا واهلنا المسيحيين في العالم .
    نعود اذن لسؤالنا اعلاه وموقف الباحثين والكاتب منه فقد شهد التأريخ الطويل لمعتنقي المسيحية في العالم مراحل منه اعتبر انه بداية لعصر النهاية وبداية المجيء ، ومثال ذلك طائفة الادفنتست المعروفة والتي حدد ملهمها ومؤسسها وليم ميلر موعد لمجيء المسيح في منتصف القرن التاسع عشر تقريبا" بين عام 1843-1844 ، وعندما لم يات المسيح اعلن احد اتباعه موعد ىخر للمجيء وهو من نفس السنة ، ومرة اخرى تخطا حسابات الادفنتستيين ليعلنوا موعدا" ثالثا" في عام 1845 ، ولا يحدث شيء ... وليست هذه الحادثة هي الأولى ولا الأخيرة من نوعها ن فقد شهد التأريخ المسيحي على طول الخط منذ اعم 100 للميلاد والى اليوم تنبؤات لجهات دينية ومجموعات تتخذ منهج معين في دراسة اسفار الكتاب المقدس ومحاولة فك رموزه والشفرات المخفية فيه كي تصل اي منها الى موعد محد او تقريبي لمجيء المسيح الثاني ، ولسنا هنا بصدد ايراد جزء من تلك النبؤات فقد امتلأت مكتباتنا اليوم منها ، ومن يريد ان يقرأ تفاصيل وتورايخ تلك النبؤات فليراجع لكتاب القس (عبد المسيح بسيط ابو الخير) كاهن كنيسة السيد العذراء الأثرية بمسطرد واسم الكتاب هو (المجيء الثاني متى يكون وما هي علاماته ) وفيه اورد القس العديد بل الكثير من التنبؤات مع شرح وافي لها ، ان التأريخ شهد لكل تلك الحركات والجماعات التي تهتم بموعد مجيء المسيح بأنها وقعت في اخطاء كبيرة وكارثية لأنها ركزت على تحديد موعد مجيء المسيح الثاني بدلا" من التهيئة الحقيقية لذلك اليوم وتلك الساعة ، ولو تمعنت تلك الجماعات ونظرت الى الكتاب وكلام السيد المسيح لأدركت ذلك الخطا الفادح الذي وقعت فيه وتسببت في تضليل العديد من اتباعها حول العالم اضافة" الى اثارة موجة كبيرة من السخرية من قبل العلمانيين والذين يتربصون بالأديان كي يوجهوا لها النقد مع اول فرصة تسنح لهم ، وقد اعطت تلك الحركات الفرصة السانحة والمثالية لتحقيق مآرب تلك التيارات الملحدة ، بينما نجد ان الكتاب المقدس عموما" والانجيل خصوصا" لم يتطرق الى موضوع التوقيت ، بل ان المسيح نفسه قال لتلاميذه : ( واما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما احد ولا ملائكة السماوات الا ابي وحده ) متى 24 : 36 ، وهذا النص يكفي للانسان ان يعلم ما هو تكليفه في كل زمان ومكان ، وما هي الطريقة الصحيحة في الأنتظار الأيجابي كما يصطلح عليه ، ان الانتظار تارة" يكون سلبي فيصبح الفرد المؤمن والمنتظر للخلاص في ذات الوقت شخصا" متقوقعا" على ذاته ومنكمشا" ومنغلقا" من نواحي عديدة بحيث يكون انسان غير فعال في المجتمع وسلبي الى ابعد الحدود ، وبهذا يكون عرضة لسهام النقد من المحيط حوله من الناس الذين يرونه انسان شاذ وغير سوي ، فالأنتظار وفق مفهوم هذا الشخص يعني الأنعزال وترك العمل وفعاليات الحياة اليومية بحجة انتظار الخلاص او الفرج ، بينما الانتظار الأيجابي يعني ان يكون الأنسان المؤمن هو كالضوء في الظلام الدامس وكالقمر في دجى الليل المظلم ، فتراه ينير على كل من حوله من الأهل والأقارب والأصدقاء والأحبة فيذكرهم بوصايا الرب والأستعداد الصحيح والسليم ليوم المجيء وساعة الخلاص ، هو هكذا يكون كاللبنة التي تضع نفسها في الجدار المؤسس لبنيان المجتمع ، ومتى جاءت الساعة سواء كانت عاجلة ام آجلة ن وقريبة ام بعيدة فهو انسان منتج وشجرة مثمرة تورق اوراقها وتظلل اغصانها على المحيط فينتفع بها الجميع ويفرح بها الرب واهل السماء .
    ولهذا فان كل منا يتمنى ان يكون هو من النوع الثاني وليس الأول بطبيعة الحال ، وليس تطبيق شروط تلك الشخصية بصعب ولا مستحيل بل هو بمتناول اكثرنا ، واليوم اذا ما اردنا ان نكون حقا" مثمرين ومنتظرين بالمعنى الأيجابي الذي ذكرناه علينا ان نكون واعين ومتفتحي الذهن ونافذي البصيرة كي لا يفوتنا شيء مهم ولا يمر علينا حدث ما مهم في قضية المجيء ، لأن التفاعل مع الحدث هو جزء من فلسفة الأستعداد والسهر للمجيء ، واذا ما عدنا الى السؤال الأساسي الذي طرحناه في اول الفصل : هل تحقق شيء من العلامات وفق التقسيم الذي قسمناه لنبؤات الكتاب ؟... الجواب يكون على عدة اتجاهات ، اما العلامات الكونية فبعد قراءة ما جاء في الكتاب المقدس واسفاره يتضح لنا ان الأعم الأغلب من تلك العلامات لم تحدث للآن مثل سقوط الكوكب المذنب الذي سيسبب بدمار اجزاء من الأرض وتلوث ودخان يحجب النور في الأرض ، اما الزلازل فأن تأريخها مع البشرية قديم ، والكوارث التي خلفها مسجلة تأريخيا" لكن السنوات العشر الأخيرة شهدت موجات زلزالية مائية او ما يصطلح عليه ب(التسونامي) لعل اشهرها على الأطلاق ما حدث في عام 2004 حين ضرب زلزال منطقة المحيط الهندي بقوة 9.3 رختر بجوار عدد من المناطق الأندنوسية مخلفا" كارثة انسانية بلغ عدد ضحاياها الذين قضوا حوالي 230 الف شخص ، والذي سمي فيما بعد ب(اندامان سومطرة) ، وليست اليابان بأوفر حظا" من اندنوسيا حين ضربها التسونامي في عام 2011 وتسبب بقتل ما يقارب 20 الف شخص ، وقد يبدو العدد اقل بكثير من نظيرتها اندنوسيا لكن ضرر هذا التسونامي الياباني كان كبيرا" بسبب تدمير المفاعل النووي (كوفوشيما) والذي سبب على اثره تلوث اشعاعي في المنطقة الى درجة خطيرة . الكلام اذن يندرج تحت عنوان تحقق بعض الزلازل التي تحدث عنه المسيح ولكن يتوقع ان تكون الزلازل اكبرمن هذه مع اقتراب الموعد المرتقب لمجيء المسيح وفي اماكن متعددة واكثر ما نسمع به اليوم في الأخبار ووسائل الاعلام ، وقد تحصل تسوناميات متعددة في اماكن متفرقة خاصة" في مناطق الحزام الزلزالي في القارات والدول المعروفة بانها اليفة للهزات الأرضية منذ عقود ، اما اذا ما انتقلنا الى النوع الثاني من العلامات وهي العلامات العامة وقد صنفنا الحروب وسقوط الحكومات والممالك والدول والنزاعات السياسية (القلاقل) والمجاعات في كلام المسيح على انه صنف العلامات العامة حيث ممكن تحققها في بلدان مختلفة من العالم وليس تحديدا" في مساحة معينة من الأرض ، وقد يقول العلماء والباحثين والمهتمين في الموضوع ان هذه العلامات التي نذكرها انما هي تحدث في كل زمان ومكان ، فمنذ فجر التأريخ شهد العالم تغييرات سياسية واقتصادية ، واقرب مثال ونموذج الى عصرنا الحالي هو القرن الماضي حيث شهد في بداياته حربين عالميتين واحدة اشد من الأخرى وذهبت بها ملايين البشر ، لكن مجل الخسائر البشرية وفق الأحصائيات لهتين الحربين اللتان تعدان الأعتى والاعنف والأشرس في تأريخ البشرية ، كان حوالي 8 ملايين انسان بين مدني وعسكري ابان الحرب العالمية الاولى ، يضاف اليها خسائر الحرب العالمية الثانية حوالي 60 مليون انسان وفق الأحصائات العامة فيكون المجموع هو 68 مليون انسان وهذا العدد وان كان كبيرا" الا انه لا يشكل ربع سكان العالم اي 25% من عدد سكان الأرض ، في حين ان يوحنا للاهوتي ذكر في رؤياه ان حوالي ربع سكان الأرض يقضون بهذه الكوارث التي ستحدث من الحروب والازمات والمجاعات والموت والأمراض ، اذن نستنتج ان البشرية لم تشهد بعد تلك الكوارث البيئية والسياسية التي تودي بحياة هذه الأعداد الغفيرة من الناس ، الا ان هذا لا يمنع من القول اننا على مشارف تلك الكوارث وحصولها بالشكل الذي ذكر وربما اكثر ، خاصة" مع تغير ايدلوجيات اكثر دول العالم وخاصة" القوى العظمى ، وحتى الدول الصغيرة في الشرق الاوسط فأننا نشاهد سقوط الممالك والجمهوريات والحكومات التي كانت تتربع على عرش السلطة منذ اواسط القرن الماضي وحتى سنوات قليلة الى ان جاءت موجة ما سمي بال(الربيع العربي) والتغييرات الكبيرة التي تعامل معها سياسيو العالم والمهتمين بخارطة الحكومات وموازين القوى تعاملوا معها على انها احداث سياسية كبيرة ولكنها لا تعدو كونها موجة تغيير تشاركت بها الشعوب العربية الثائرة والبعض ذهب الى انها نتاج شعور الشعوب بضرورة فتح النار على فوهة الظلم الرابض على الصدور منذ عقود ، وآخرين نظروا اليها على انها تحركات مخابرات وخطط دول عظمى تهدف الى تغيير الخارطة التقليدية للشرق الأوسط ، هذه النظرة كانت من قبل المهتمين بالسياسة دون الدين ، اما اولئك الذين يشكل لديهم الدين والكتاب ثقلا" كبيرا" لا يعادله او يماثله نظير ، فقد نظروا الى الموضوع من زاوية علاقته بالنبؤات وخصوصا" النبؤات المسطورة في صفحات الكتب المقدسة كالتوراة والانجيل وحتى القرآن بالنسبة للمسلمين ، وبما اننا انتهجنا في كتابنا هذا التركيز على الجانب الديني فأننا نشارك تلك الفئة من الناس الناظرة للربيع العربي من زاوية دينية بحتة ، اذ لا يمكنني كأنسان مؤمن بالمسيح ان اتجاهل الربيع العربي وسقوط الحكومات والممالك والدول واحدة بعد اخرى بدءا" من العراق عام 2003 مرورا" بتونس ومصر وليبيا عام 2011 ، ولا زال الربيع لا يقبل ان ينقضي وربما نشهد سقوط سوريا والأردن والمغرب او الجزائر وغيرهن من الدول المحمومة بحمى التغيير والثورة ، لا استطيع كمؤمن بالكتاب ان اتجاهل هذه الأحداث الساخنة التي لا تحدث في القرن او القرنين من الزمان على اقل تقدير وانسى ما قاله الرب في كتابه حول قيام مملكة على اخرى وامة على امة ، فان لم اقتنع انها علامات الأزمنة التي ذكرت في الكتاب فان وصية المسيح لي ولكل المؤمنين في العالم ان نسهر نترقب المجيء في اي ساعة لانها ساعة مفاجئة لا يتوقعها احد ، والترقب كما قلنا يعني التفاعل مع الأحداث التي حولي وان انظر اليها من زاوية دينية وليس مثل ما ينظر اليها الملحد والشيوعي الليبرالي ، فما يميزني عن غيري هو الأيمان وان لهذا الأيمان شعاع نور ينعكس ويشع على كل الأصعدة ومنها الأحداث السياسية والاجتماعية في كل العالم ، اما الأحداث الأقتصاديية والمجاعات التي تحدث عنها الكتاب سواء بفم المسيح او يفم يوحنا فقد شهد العالم في القرن الماضي ازمات اقتصادية عديدة ولكن اهمها واشدها على الاطلاق كان ما عرف فيما بعد ب(الكساد الكبير) الذي حصل في عام 1929 على اثر هبوط وخسارة البورصة الأمريكية وما ترشح عنه من آثار جوع وعوز في مختلف انحاء العالم وليس امريكا وحدها ، ويقال ان هذه الأزمة كانت سبب من اسباب نشوب الحرب العالمية الثانية ، ولكن المسيح لم يجيء بعد هذا الكساد مما يثبت ان تلك المحنة لم تكن هي المقصودة في النبوءة والعلامة ، بل انها مجاعة قوية متوقعة ربما تفوق كل المجاعات التأريخية في دول أفريقيا وآسيا الفقيرة منها ، ومن هنا فأن هذه المحنة الصعبة وباقي المحن هي علة من العلل التي سيخرج لاجل المسيح ليصلح العالم بل انها سبب مباشر لتذكير الناس عموما" والمؤمنين والمظلومين خصوصا" بان منقذهم الوحيد وملاذهم الفريد هو المسيح المخلص الالهي ومن دونه لن يقدر العالم على تجاوز هذه الأزمات المتلاحقة واحدة بعد الأخرى اقتصاديا" وسياسيا" واجتماعيا" وحتى كونيا" ، فأمريكا مع تجبرها اليوم عاجزة عن تخطي ازماتها الملحة الشديدة فها هي في كل فترة تعلن ان مصارفها على شفا الأفلاس وان العديد من العاملين والموظفين الحكوميين والاهليين سيسرحون الى الشارع مع احتدام الوضع وازدياده سوئا" كل ذلك منشاه السياسة الامريكية المجحفة تجاه شعوب العالم المقهورة وخاصة" الفقيرة منها ، وهذا بطبيعة الحال يشعرك ان الازمة الأقتصادية القادمة للعالم ستنبثق على اقل التقدير من واحدة من تلك الانهيارات الأقتصادية للولايات المتحدة مع حلفائها ، بل انها ستتطور حتى يفقد القطب الأوحد اليوم السيطرة على مقادير الأمور وطبعا" الشرق الأوسط لن يكون بمنأى عن هذه الحمى الأقتصادية ، لأن التأريخ غالبا" ما اخبرنا مرارا" ان كلا" من الأزمات الأقتصادية والسياسية هما على علاقة وطيدة منذ فجر التأريخ ، وبما اننا نرى ان الشرق الأوسط هو مرتبط بالسياسة الغربية التي تتحكم به كما يعلم الجميع ، وقد رافق ذلك الأرتباط تغييرات لخارطة الدول السياسية في شرقنا العظيم فاننا نتوقع ان تؤول هذه التغييرات الى ازمات اقتصادية مع الأسف ولا احد يتمناها الا الله من زاوية النظر اليها على انها مقدمات لمجيء الفرج والخلاص لجميع سكان المعمورة .




    .

    تعليق

    يعمل...
    X