مثل الزؤان
من أمثال السيد المسيح
قال تعالى : {وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }إبراهيم - هكذا كانت الكتب السماوية تتحدث مع الناس بالأمثال فالمثل سهل الفهم والحفظ ، والناس يقبلونه ولا يرفضونه وهذه هي حكمة المولى تبارك وتعالى وهذا ما جرى عليه القرآن حتى قال المسلمون إن القرآن نزل بطريقة ( إياك أعني واسمعي يا جارة ) وهكذا كان عيسى عليه السلام يفعل مع حواريه وأتباعه فقد كان غالباً ما يتكلم بالامثال وقد احتوت الاناجيل التي بين أيدينا اليوم على الكثير من الامثال التي تظهر فيها الحكمة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار ومن هذه الامثال مثل القمح والزؤان فقد جاء فيه : ( قدم لهم مثلاً آخر قائلاً يشبه ملكوت السماوات انساناً زرع زرعاً جيداً في حقله ، وفيها الناس نيام جاء عدوه وزرع زؤاناً في وسط الحنطة ومضى ، فلما طلع النبات وصنع ثمراً ، حينئذٍ ظهر الزؤان ايضاً . فجاء عبيد رب البيت وقالوا له : يا سيد ، أليس زرعاً جيداً زرعت في حقلك ؟ فمن أين له زؤان ؟ فقال لهم : انسان عدو فعل هذا . فقال له العبيد : أتريد ان نذهب ونجمعه ؟ فقال : لا لئلا تقلعوا الحنطة مع الزؤان وانتم تجمعونه دعوهما ينميان كلاهما معاً الى الحصاد ، وفي وقت الحصاد أقول للحصادين : اجمعوا اولاً الزؤان وأحزموه حزماً ليحرق ، واما الحنطة فأجمعوها الى مخزني ) متى 18-19.
ثم بعد برهة من الزمن طلب الحواريين من عيسى تفسير مثل الزؤان فقال : ( الزارع الزرع الجيد هو ابن الانسان . والحقل هو العالم .والزرع الجيد هو بنو الملكوت . والزؤان هو بنو الشرير . والعدو الذي زرعه هو ابليس . والحصاد هو انقضاء العالم . والحصادون هم الملائكة . فكما يجمع الزؤان ويحرق بالنار . هكذا يكون في انقضاء هذا العالم . يرسل ابن الانسان ملائكته فيجمعون من ملكوته جميع المعاشر وفاعلي الاثم ، ويطرحونهم في اتون النار . هناك يكون البكاء وحديد الاسنان حينئذٍ يضيء الابرار كالشمس في ملكوت أبيهم من له اذنان للسمع ، فليسمع ) متى 19.
ان هذا المثل وشرحه يتحدث عن آخر الزمان ونزول المسيح عليه السلام حيث يقوم بالتمهيد والاعداد لاقامة دولة العدل الالهي في ذلك اليوم الموعود حيث القيامة الصغرى وقيام الامام المهدي مكن الله له في الارض فان معنى ابن الانسان كما أثبتنا سابقاً هو وزير الامام والممهد الرئيسي له الذي يكون مسدداً بروح عيسى بن مريم عليهما السلام فهو من سيقوم بعمل الزراعة والحقل هو المناطق التي ينشر فيها دعوته ويقوم بالتمهيد فيها أما الزرع الجيد فهم الانصار من المؤمنين الممحصين الذين يكونون ثمرة ونتاج عمله ودعوته اما الزؤان فهم المتشبهون بالانصار والذين يظهرون النصرة ودواخلهم مليئة بالنفاق فهم في الواقع ليسوا من اتباع ابن الانسان بل هم اتباع الشيطان فهو الذي اوجدهم وجعلهم في وسط الزرع الجيد ( الانصار ) والحصاد هو وقت قيام الامام المهدي عليه السلام حيث يمتاز المؤمنون من المنافقين اما الحصادون فهم جيش الامام المهدي عليه السلام الذين وصفتهم الروايات الشريفة بالامة المعدودة وبجيش الغضب وهم العشرة الاف رجل الذين يخرج بهم الامام من مكة المكرمة لفتح العالم أجمع . أما نهاية هذا المثل فهي تتحدث عن مصير الزؤان هؤلاء الرجال المنافقين الذين صنعهم ابليس وبثهم بين المؤمنين من انصار الامام المهدي عليه السلام حيث يأمر الامام حينها انصاره المخلصين بعد ان يمتحنهم فيظهر الطيب من الخبيث ويمتاز المؤمنون من المنافقين بقتل المنافقين جميعاً وارسالهم الى الجحيم حيث العقاب الشديد من قبل الملك الجبار . ومن هنا يتبين لنا بوضوح مقدار هذه الحكمة واهمية هذا المثل الذي نطق به عيسى عليه السلام فبعد مضي الفي عام ما زال هذا المثل غضاً طرياً يحمل في سطوره الكثير من الابعاد ويتحدث عن الكثير من المضامين المهمة في قضية الامام المهدي مكن الله له في الارض ومن هنا فعلينا الاهتمام قدر الامكان بما جاء في الكتب السماوية خاصة بما في كتاب الله تعالى الذي انزله على نبيه المصطفى خاتم النبيين وسيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين والحمد لله رب العالمين.
منقول
تعليق