المهدي في الاديان
لقد استعمل المحدثون والادباء والشعراء كلمة المهدي لكل من تلبس بالهدى والصلاح ودعا الى الحق والصراط المستقيم كما استعملها النبي (ص) في هذا المعنى وهو يتحدث مع المسلمين في بعض المناسبات ويقول لهم : وان تؤمروا عليكم علياً ولا أراكم فاعلين تجده هادياً مهدياً يأخذ بكم الى الصراط المستقيم ووصف بها الامام الصادق (ع) الائمة الاثنى عشر ، كما جاء في رواية ابي بصير حيث قال بها غير الامام الصادق من الائمة (ع) ، ولما قيل للأمام الصادق (ع) : انت المهدي من أهل البيت ؟ أجاب : كلنا مهديون نهدي الى الحق والى الصراط المستقيم . واستعارها الشعراء في مدح ملوك بني العباس والامويين تزلفاً ورياءً وطمعاً في برهم وجوائزهم وعد التابعين عمر بن عبد العزيز مهدياً ومن أئمة الهدى لأنه كان معتدلاً ومستقيماً في سيرته وسلوكه ، وجاء الى الحكم بعد اولئك الذين مثلوا كل انواع الظلم والجور والاستهتار بالقيم والاخلاق .
ولقد حدد أمير المؤمنين (ع) المحتوى لكلمة المهدي في وصفه للأئمة من أهل البيت بقوله : ( انا اهل البيت من علم الله علمنا وبحكم الله حكمنا ومن قول صادق سمعنا فان تتبعوا آثارنا تهتدوا بهدينا وترشدوا ببصائرنا معنا راية الحق والهدى من اتبعنا لحق ومن تأخر عنها غرق .
الى غير ذلك من المناسبات الكثيرة التي كان الائمة (ع) وغيرهم يصفون بها من يهتدي الى الحق والخير والى الصراط المستقيم ، غير انها بالمعنى الذي اصبحت فيه علماً على الامام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري ومن مختصاته تقريباً لها دلالة اوسع واشمل من المعنى الذي كانت تستعمل فيه كوصف لكل نبي وامام وحتى لكل مصلح يدعوا الى الهدى والحق والصراط المستقيم ، انها بالمعنى الذي اصبحت فيه علماً على الامام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري (ع) ولا يفهم منها غيره عند استعمالها وخاصة عند الشيعة ولا تعني من تلبس بالهدى ويدعوا الى الله والحق والصراط المستقيم فحسب ، بل تعني بالاضافة الى كل ذلك وغيره من معاني الخير وانه سيقود الثورة على الظالمين والجائرين ويحارب الطغاة والجبابرة ويخلص البشرية منذ آلاف السنين وما زالت تعانيه وستعاني في المستقبل اشد واسوأ مما عانته في الماضي والحاضر الى ان يحين الوقت الذي يأذن له الله فيه بالظهور فيملأ الارض قسطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجوراً . وقد قيل ان هذه الكلمة التي اصبحت علماً على الامام المهدي (ع) بما تعنيه في المرويات عن النبي (ص) وعن الائمة (ع) ، وعند الشيعة الامامية ليست من مختصات الفكر الشيعي كما ذهب الى ذلك جماعة من الكتاب العرب والمستشرقين ، وذلك لأن الاعتقاد بظهور مخلص للبشرية مما تخبط فيه شائع في الديانات القديمة وعند بعض الامم التي لا ترجع الى الاديان السماوية ، ويدعي هؤلاء ان انبياء بني اسرائيل بشروا بظهور محرر ومخلص يبعثه الله ليخلص البشرية مما تعانيه ، وانكروا ظهور المسيح عيسى بن مريم (ع) وقالوا انه مدعي كاذب وان المسيح المخلص سيظهر في آخر الزمان او في زمان ما ، وما زال الكثير منهم ينتظرون ظهوره ، كما لا يزال الكثير من المسيحيين يعتقدون برجعة المسيح لأنقاذ العالم من الظلم ومن قتل الانسان لاخيه الانسان .
ويدعي الدكتور احمد محمود صبحي في كتابه نظرية الامامة عند الشيعة الاثنى عشرية ان المسيحيين الاحباش ينتظرون مليكهم (ثيودور) كمهدي في آخر الزمان ، واضاف الى ذلك ان في الديانات غير المسيحية عقائد لا تختلف عن المهدي عند المسلمين اختلافاً كبيراً ، اذ يعتقد المغول ان تيمور لنك او نكيز خان قد وعد قبل موته بعودته الى الدنيا لتخليص قومه من الحكم الصيني .
وفي الاساطير الفارسية ينتظر المجوس ( أشيدر بابي احد اعقاب زرداشت ) ، ومضى يقول : وفي الديانات المصرية القديمة وكتب الصينيين وعقائد الهنود القدامى المتعلقة بتناسخ الارواح عقائد مماثلة لما عند الفرس القدامى الى غير ذلك مما جاء في مؤلفات بعض الكتاب العرب والمستشرقين حول الاديان والمعتقدات ، غير ان هؤلاء الذين مهدوا للحديث عن مهدي الشيعة بعرض هذه الافكار قد انتقلوا من عرضها الى ان فكرة المهدي عند الشيعة مستمدة من اولئك القدامى الذين كانوا يمنون انفسهم بظهور من يخلصهم من الظلم والطغيان ، واضافوا الى ذلك ان الظروف التي مرت على الشيعة منذ مطلع تاريخهم جعلتهم يفكرون بنفس تفكير اولئك الذين كانوا ينتظرون من يخلصهم من شرور الحكام وطغيانهم الى غير ذلك من الخلط والهراء والتخريف .
ولو افترضنا ان الديانات السماوية التي سبقت الاسلام قد بشرت بظهور مخلص ينقذ البشرية مما تعانيه كما ينسب الى انبياء بني اسرائيل والى اليهودية أليس من الجائز ان يكون ذلك النبي الذي بشر بالمنقذ والمخلص في آخر الزمان عن الله سبحانه قد أشار الى المهدي الذي بشر به محمد بن عبد الله (ص) ، كما كان الانبياء يخبرون عما يجري في مستقبل الزمان بواسطة وحي السماء ، وكما كان كل نبي يبشر بمن يأتي بعده من الانبياء ، وقد بشرت توراة موسى بظهور السيد المسيح ، ولكن اليهود قد مسخوها وحرفوها وادعوا بأن الذي ظهر كان مدعياً كاذب وسيظهر عيسى في آخر الزمان ، كما انكر المسيحيون نبوة محمد بن عبد الله وحرفوا الانجيل الذي بشر به وما زالوا يحاربون الاسلام بكل ما لديهم من قوة وبالكذب والتشويه والتحريف .
ومجمل القول ان فكرة المخلص والمنقذ للبشرية مما تعانيه اذا صح بأنها فكرة كانت شائعة عند الامم السابقة ومستمدة من الشرائع فلا تتنافى مع التفكير الشيعي في المهدي المنتظر الذي يشير النبي (ص) بظهوره عندما يأذن له الله بذلك . ويزعم احمد أمين في المجلد الثالث من ضحى الاسلام ان فكرة المهدي عند الشيعة قد تسربت اليهم من اليهودية والمسيحية بعد ان غلبوا على امرهم ، وكما يلاحظ انه من الهراء الذي لا يعتمد على العلم والمنطق ولا مصدر له الا الحقد الموروث على اهل البيت وشيعتهم منذ اقدم العصور كما يبدوا ذلك لكل من يدري تاريخ التشيع والظروف التي احاطت به بتجرد واخلاص .ومهما كان الحال لما شاعت اخبار المهدي وانه من اهل البيت ومن ذرية فاطمة تمسك الامويون بحديث السفياني بواسطة خالد بن يزيد بن معاوية وقالوا بأنه سيخرج في آخر الزمان ويحكم البلاد والعباد ويعوض عما خرج من ايديهم الى مروان بن الحكم وبنيه كما جاء في النجوم الزاهرة في اخبار مصر والقاهرة وعز على العباسيين ان يكون للامويين سفياني يخرج في آخر الزمان وللعلويين مهدي وهم المنافس الوحيد لهم عز عليهم ان لايكون لهم مهدي فوضع لهم اصارهم بعض الاحاديث التي تشير الى ان المهدي منهم وانه سيخلص البشرية مما تعانيه من ظلم الامويين .
فقد جاء في الطبري عن ابن عمر انه قال : كان رسول الله (ص) في نفر من المهاجرين والانصار وعلي بن ابي طالب عن يساره والعباس بن عبد المطلب عن يمينه اذ تلاحى العباس ونفر من الانصار وأغلط الانصار للعباس فأخذ النبي بيده وبيد علي وقال : سيخرج من صلب هذا من يملأ الارض جوراً وظلماً ويخرج من صلب هذا من يملأ الارض قسطاً وعدلاً فإذا رأيتم ذلك فعليكم بالفتى التميمي فانه يقبل من المشرق وهو صاحب راية الهدى ، ولما انتصر العباسيون على الامويين قالوا بأن المهدي منهم لأنهم اصحاب الرايات التي خرجت من المشرق بقيادة ابي مسلم ، وروى الحاكم عن ابن عباس انه قال : منا اهل البيت اربعة : السفاح والمنذر والمنصور والمهدي ، فقال مجاهد : بين لي هؤلاء الاربعة ، فقال ابن عباس : اما السفاح فربما قتل انصاره وعفا عن اعدائه واما المنذر فانه يعطي المال الكثير ولا يتعاظم في نفسه ويمسك القليل من حقه وأما المنصور فانه يعطي النصر على عدوه مسيرة شهرٍ وهو الشطر مما كان يعطي رسول الله (ص) وأما المهدي فانه يملأ الارض عدلاً كما ملئت جوراًَ وتأمن البهائم والسباع وتلقي الارض افلاذ كبدها ، قال: قلت وما افلاذ اكبادها ؟ قال : امثال الاسطوانة من الذهب والفضة ، وقد لقب المنصور العباسي ولده محمد بالمهدي ليوهم الناس انه المهدي المنتظر الذي بشر به النبي (ص) ، ولما بايعه بالخلافة قام الخطباء فتحدثوا عن فضله وأطنب الشعراء في وصفه ووقف مطيع بن اياس ، فقال حدثنا فلان عن فلان ان النبي (ص) قال : المهدي منا محمد وابن عبد الله وامه من غيرنا يملأها عدلاً كما ملئت جوراً ثم اقبل على احد من بني العباس وقال : انشدك الله هل سمعت هذا فقال : نعم خوفاً من المنصور وسطوته . وقال البلخي في كتاب البدء والتاريخ بعد ان روى حديث ابن مسعود عن النبي انه قال : لاتذهب الدنيا حتى يلي امتي رجل من اهل بيتي يواطئ اسمه اسمي بعد ان رواه قال : لقد تأوله قوم وقالوا : انه المهدي بن ابي جعفر المنصور واسمه محمد .
هذه الروايات على تقدير صحتها صريحة في ان المهدي من اهل بيت النبوة (ص) ولم يقل احد بأن حكام بني العباس من اهل بيته الا بنوع من التجوز الذي لايصح حمل الكلام عليه الا بدليل ظاهر ، اما رواية الطبراني فبلا شك انه لما قال : سيخرج من صلب هذا من يملأ الارض جوراً وظلماً قد اشار بذلك الى العباس كما اشار بالفقرة الثانية الى علي(ع) ولكن الرواي قد رواه لهم بهذا النحو خوفاً او تزلفاً وطمعاً في برهم وهباتهم .
لقد استعمل المحدثون والادباء والشعراء كلمة المهدي لكل من تلبس بالهدى والصلاح ودعا الى الحق والصراط المستقيم كما استعملها النبي (ص) في هذا المعنى وهو يتحدث مع المسلمين في بعض المناسبات ويقول لهم : وان تؤمروا عليكم علياً ولا أراكم فاعلين تجده هادياً مهدياً يأخذ بكم الى الصراط المستقيم ووصف بها الامام الصادق (ع) الائمة الاثنى عشر ، كما جاء في رواية ابي بصير حيث قال بها غير الامام الصادق من الائمة (ع) ، ولما قيل للأمام الصادق (ع) : انت المهدي من أهل البيت ؟ أجاب : كلنا مهديون نهدي الى الحق والى الصراط المستقيم . واستعارها الشعراء في مدح ملوك بني العباس والامويين تزلفاً ورياءً وطمعاً في برهم وجوائزهم وعد التابعين عمر بن عبد العزيز مهدياً ومن أئمة الهدى لأنه كان معتدلاً ومستقيماً في سيرته وسلوكه ، وجاء الى الحكم بعد اولئك الذين مثلوا كل انواع الظلم والجور والاستهتار بالقيم والاخلاق .
ولقد حدد أمير المؤمنين (ع) المحتوى لكلمة المهدي في وصفه للأئمة من أهل البيت بقوله : ( انا اهل البيت من علم الله علمنا وبحكم الله حكمنا ومن قول صادق سمعنا فان تتبعوا آثارنا تهتدوا بهدينا وترشدوا ببصائرنا معنا راية الحق والهدى من اتبعنا لحق ومن تأخر عنها غرق .
الى غير ذلك من المناسبات الكثيرة التي كان الائمة (ع) وغيرهم يصفون بها من يهتدي الى الحق والخير والى الصراط المستقيم ، غير انها بالمعنى الذي اصبحت فيه علماً على الامام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري ومن مختصاته تقريباً لها دلالة اوسع واشمل من المعنى الذي كانت تستعمل فيه كوصف لكل نبي وامام وحتى لكل مصلح يدعوا الى الهدى والحق والصراط المستقيم ، انها بالمعنى الذي اصبحت فيه علماً على الامام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري (ع) ولا يفهم منها غيره عند استعمالها وخاصة عند الشيعة ولا تعني من تلبس بالهدى ويدعوا الى الله والحق والصراط المستقيم فحسب ، بل تعني بالاضافة الى كل ذلك وغيره من معاني الخير وانه سيقود الثورة على الظالمين والجائرين ويحارب الطغاة والجبابرة ويخلص البشرية منذ آلاف السنين وما زالت تعانيه وستعاني في المستقبل اشد واسوأ مما عانته في الماضي والحاضر الى ان يحين الوقت الذي يأذن له الله فيه بالظهور فيملأ الارض قسطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجوراً . وقد قيل ان هذه الكلمة التي اصبحت علماً على الامام المهدي (ع) بما تعنيه في المرويات عن النبي (ص) وعن الائمة (ع) ، وعند الشيعة الامامية ليست من مختصات الفكر الشيعي كما ذهب الى ذلك جماعة من الكتاب العرب والمستشرقين ، وذلك لأن الاعتقاد بظهور مخلص للبشرية مما تخبط فيه شائع في الديانات القديمة وعند بعض الامم التي لا ترجع الى الاديان السماوية ، ويدعي هؤلاء ان انبياء بني اسرائيل بشروا بظهور محرر ومخلص يبعثه الله ليخلص البشرية مما تعانيه ، وانكروا ظهور المسيح عيسى بن مريم (ع) وقالوا انه مدعي كاذب وان المسيح المخلص سيظهر في آخر الزمان او في زمان ما ، وما زال الكثير منهم ينتظرون ظهوره ، كما لا يزال الكثير من المسيحيين يعتقدون برجعة المسيح لأنقاذ العالم من الظلم ومن قتل الانسان لاخيه الانسان .
ويدعي الدكتور احمد محمود صبحي في كتابه نظرية الامامة عند الشيعة الاثنى عشرية ان المسيحيين الاحباش ينتظرون مليكهم (ثيودور) كمهدي في آخر الزمان ، واضاف الى ذلك ان في الديانات غير المسيحية عقائد لا تختلف عن المهدي عند المسلمين اختلافاً كبيراً ، اذ يعتقد المغول ان تيمور لنك او نكيز خان قد وعد قبل موته بعودته الى الدنيا لتخليص قومه من الحكم الصيني .
وفي الاساطير الفارسية ينتظر المجوس ( أشيدر بابي احد اعقاب زرداشت ) ، ومضى يقول : وفي الديانات المصرية القديمة وكتب الصينيين وعقائد الهنود القدامى المتعلقة بتناسخ الارواح عقائد مماثلة لما عند الفرس القدامى الى غير ذلك مما جاء في مؤلفات بعض الكتاب العرب والمستشرقين حول الاديان والمعتقدات ، غير ان هؤلاء الذين مهدوا للحديث عن مهدي الشيعة بعرض هذه الافكار قد انتقلوا من عرضها الى ان فكرة المهدي عند الشيعة مستمدة من اولئك القدامى الذين كانوا يمنون انفسهم بظهور من يخلصهم من الظلم والطغيان ، واضافوا الى ذلك ان الظروف التي مرت على الشيعة منذ مطلع تاريخهم جعلتهم يفكرون بنفس تفكير اولئك الذين كانوا ينتظرون من يخلصهم من شرور الحكام وطغيانهم الى غير ذلك من الخلط والهراء والتخريف .
ولو افترضنا ان الديانات السماوية التي سبقت الاسلام قد بشرت بظهور مخلص ينقذ البشرية مما تعانيه كما ينسب الى انبياء بني اسرائيل والى اليهودية أليس من الجائز ان يكون ذلك النبي الذي بشر بالمنقذ والمخلص في آخر الزمان عن الله سبحانه قد أشار الى المهدي الذي بشر به محمد بن عبد الله (ص) ، كما كان الانبياء يخبرون عما يجري في مستقبل الزمان بواسطة وحي السماء ، وكما كان كل نبي يبشر بمن يأتي بعده من الانبياء ، وقد بشرت توراة موسى بظهور السيد المسيح ، ولكن اليهود قد مسخوها وحرفوها وادعوا بأن الذي ظهر كان مدعياً كاذب وسيظهر عيسى في آخر الزمان ، كما انكر المسيحيون نبوة محمد بن عبد الله وحرفوا الانجيل الذي بشر به وما زالوا يحاربون الاسلام بكل ما لديهم من قوة وبالكذب والتشويه والتحريف .
ومجمل القول ان فكرة المخلص والمنقذ للبشرية مما تعانيه اذا صح بأنها فكرة كانت شائعة عند الامم السابقة ومستمدة من الشرائع فلا تتنافى مع التفكير الشيعي في المهدي المنتظر الذي يشير النبي (ص) بظهوره عندما يأذن له الله بذلك . ويزعم احمد أمين في المجلد الثالث من ضحى الاسلام ان فكرة المهدي عند الشيعة قد تسربت اليهم من اليهودية والمسيحية بعد ان غلبوا على امرهم ، وكما يلاحظ انه من الهراء الذي لا يعتمد على العلم والمنطق ولا مصدر له الا الحقد الموروث على اهل البيت وشيعتهم منذ اقدم العصور كما يبدوا ذلك لكل من يدري تاريخ التشيع والظروف التي احاطت به بتجرد واخلاص .ومهما كان الحال لما شاعت اخبار المهدي وانه من اهل البيت ومن ذرية فاطمة تمسك الامويون بحديث السفياني بواسطة خالد بن يزيد بن معاوية وقالوا بأنه سيخرج في آخر الزمان ويحكم البلاد والعباد ويعوض عما خرج من ايديهم الى مروان بن الحكم وبنيه كما جاء في النجوم الزاهرة في اخبار مصر والقاهرة وعز على العباسيين ان يكون للامويين سفياني يخرج في آخر الزمان وللعلويين مهدي وهم المنافس الوحيد لهم عز عليهم ان لايكون لهم مهدي فوضع لهم اصارهم بعض الاحاديث التي تشير الى ان المهدي منهم وانه سيخلص البشرية مما تعانيه من ظلم الامويين .
فقد جاء في الطبري عن ابن عمر انه قال : كان رسول الله (ص) في نفر من المهاجرين والانصار وعلي بن ابي طالب عن يساره والعباس بن عبد المطلب عن يمينه اذ تلاحى العباس ونفر من الانصار وأغلط الانصار للعباس فأخذ النبي بيده وبيد علي وقال : سيخرج من صلب هذا من يملأ الارض جوراً وظلماً ويخرج من صلب هذا من يملأ الارض قسطاً وعدلاً فإذا رأيتم ذلك فعليكم بالفتى التميمي فانه يقبل من المشرق وهو صاحب راية الهدى ، ولما انتصر العباسيون على الامويين قالوا بأن المهدي منهم لأنهم اصحاب الرايات التي خرجت من المشرق بقيادة ابي مسلم ، وروى الحاكم عن ابن عباس انه قال : منا اهل البيت اربعة : السفاح والمنذر والمنصور والمهدي ، فقال مجاهد : بين لي هؤلاء الاربعة ، فقال ابن عباس : اما السفاح فربما قتل انصاره وعفا عن اعدائه واما المنذر فانه يعطي المال الكثير ولا يتعاظم في نفسه ويمسك القليل من حقه وأما المنصور فانه يعطي النصر على عدوه مسيرة شهرٍ وهو الشطر مما كان يعطي رسول الله (ص) وأما المهدي فانه يملأ الارض عدلاً كما ملئت جوراًَ وتأمن البهائم والسباع وتلقي الارض افلاذ كبدها ، قال: قلت وما افلاذ اكبادها ؟ قال : امثال الاسطوانة من الذهب والفضة ، وقد لقب المنصور العباسي ولده محمد بالمهدي ليوهم الناس انه المهدي المنتظر الذي بشر به النبي (ص) ، ولما بايعه بالخلافة قام الخطباء فتحدثوا عن فضله وأطنب الشعراء في وصفه ووقف مطيع بن اياس ، فقال حدثنا فلان عن فلان ان النبي (ص) قال : المهدي منا محمد وابن عبد الله وامه من غيرنا يملأها عدلاً كما ملئت جوراً ثم اقبل على احد من بني العباس وقال : انشدك الله هل سمعت هذا فقال : نعم خوفاً من المنصور وسطوته . وقال البلخي في كتاب البدء والتاريخ بعد ان روى حديث ابن مسعود عن النبي انه قال : لاتذهب الدنيا حتى يلي امتي رجل من اهل بيتي يواطئ اسمه اسمي بعد ان رواه قال : لقد تأوله قوم وقالوا : انه المهدي بن ابي جعفر المنصور واسمه محمد .
هذه الروايات على تقدير صحتها صريحة في ان المهدي من اهل بيت النبوة (ص) ولم يقل احد بأن حكام بني العباس من اهل بيته الا بنوع من التجوز الذي لايصح حمل الكلام عليه الا بدليل ظاهر ، اما رواية الطبراني فبلا شك انه لما قال : سيخرج من صلب هذا من يملأ الارض جوراً وظلماً قد اشار بذلك الى العباس كما اشار بالفقرة الثانية الى علي(ع) ولكن الرواي قد رواه لهم بهذا النحو خوفاً او تزلفاً وطمعاً في برهم وهباتهم .
تعليق