ابن الله وابن الإنسان
أما بالنسبة لما جاء في الأحاديث والروايات التي ذكرت نزوله في أخر الزمان من السماء في وقت خروج الإمام المهدي (عليه السلام) فانه سيكون بحسب الرجعة الروحية أي نزول روح عيسى بن مريم (عليه السلام) ورجوعها إلى هذه الحياة الدنيا لتسدد شخصاً مؤمناً له شبه كبير بعيسى بن مريم من حيث الخَلق والخُلق، وسوف يكون ذلك الشخص مولود من أم و أب آدميين لذلك فانه يدعى (ابن الإنسان).
وبذلك نفهم السر في إطلاق الإنجيل لهذا اللقب بكثرة حينما يتحدث عن قيامة عيسى (عليه السلام) في أخر الزمان بينما كان يطلق ابن الله على عيسى (عليه السلام) في ذلك الزمان وقد وقع خلاف كبير ولا يزال مستمراً إلى يومنا هذا حول هذا اللقب فالكثير من المسيحيين يعتقدون إن عيسى (عليه السلام) هو ابن الله لأنه لم يولد من أب .
بينما يرفض المسلمون ذلك بشدة إيمانا منهم بان الله سبحانه وتعالى واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له صاحبة أو ولداً، كما ذكرت ذلك الآيات القرآنية الكثيرة.
والحقيقة هناك شبهة قد وقع بها المسيحيون، فالحق إن عيسى (عليه السلام) ابن الله بالتبني وليس بالمعنى المعهود في الأبوة والبنوة أي بالمعنى المادي لأنه (عليه السلام) لم يكن له أب يرعاه فكان المربي له والمتكفل به بصورة مباشرة هو المولى تبارك وتعالى وذلك من خلال تأييده بالروح القدس منذ صغره.
قال تعالى: { إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالانجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إن هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ }( ).
وبناءاً على هذا فيكون الكلام مقبولاً ولا إشكال فيه فإن الخلق كلهم أبناء الله أو على الأقل إن الأنبياء هم أبناء الله إلا إن هذا اللقب أشتهر به عيسى (عليه السلام) لهذا المعنى المذكور آنفاً.
أما مسألة ابن الإنسان فإننا لو تتبعنا الأناجيل لوجدنا أكثر الآيات التي ذكرت ابن الإنسان تتحدث عن مجيئه في آخر الزمان وهذا اللقب لا يكون منطبقاً انطباقاً تاماً وكاملاً إلا أن يكون الشخص مولود من أب وأم عندها يمكن أن نطلق عليه ابن الإنسان ويكون الإطلاق حينها مناسباً تماماً، نعم يصح أن يطلق هذا اللقب على مولود من أم فقط كما حصل مع عيسى (عليه السلام) إلا أن إطلاقه كاملاً وتاماً لا يستقيم لو كان المولود لام فقط .
وبهذا يتبين إن ابن الإنسان الذي هو عيسى آخر الزمان يكون مولود من أب وأم ويكون مسدداً من قبل روح عيسى (عليه السلام) ومؤيداً بها، والواقع إن إطلاق ابن الله على ابن الإنسان ليس مقبولاً تماماً بل إن ابن الله غير ابن الإنسان كما تبين، ولا ادري كيف يعتقد المسيحيون وفيهم المثقفون والعلماء والباحثون بان النبي عيسى هو ابن الله بالمعنى المتعارف عندهم فكيف قبلوا أن يكون لله ولداً ، كما كان من شان خلقه الذين جعلهم يتزاوجون ويولدون .
ومما يؤكد إن ابن الإنسان الذي يأتي في أخر الزمان هو شخص آخر شبيه لعيسى في الخلق والخلق ويكون مسدداً بروح عيسى (عليه السلام) وليس هو عيسى (عليه السلام) نفسه ما جاء في رؤيا دانيال حيث جاء فيها :
( كنت أرى في رؤى الليل وإذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام ، فقربه قدامه )( ).
فانه رأى مثل ابن الإنسان ولم ير ابن الإنسان نفسه على فرض إن ابن الإنسان هو عيسى فلو كان ابن الإنسان عيسى (عليه السلام) فمن هو الذي رآه دانيال وقال عنه مثل ابن إنسان.
وهذا النص الموجود في التوراة يثبت عدم صحة من أعتقد من المسلمين إن ابن الإنسان هو الإمام المهدي (عليه السلام) لأنه جاء فيه مثل ابن إنسان جاء إلى القديم الأيام )
فلو كان ابن الإنسان هو الإمام المهدي (عليه السلام) فمن هو قديم الأيام يا ترى ؟!.
وإذا فرضنا إن قديم الأيام شخصاً آخر فكيف يستقيم المعنى إن الإمام المهدي (عليه السلام) على فرض هو ابن الإنسان يأتي ويسلم إلى شخص آخر علماً إن عقيدتنا في الإمام المهدي (عليه السلام) انه هو القائد والمنقذ في آخر الزمان وليس هناك ثمة شخص آخر أعلى مقاماً منه .
وللأسف فقد أخطأ الكثير من المسلمين وخاصة العلماء منهم حينما اعتقدوا إن ابن الإنسان هو الإمام المهدي (عليه السلام)، حيث تسالم عليه عندهم وفي دراساتهم للإنجيل إن ابن الإنسان هو الإمام المهدي (عليه السلام) .
وإن هناك الكثير من الأدلة التي تؤكد على إن ابن الإنسان غير الإمام المهدي (عليه السلام) حيث وردت الكثير من النصوص في الإنجيل بلفظ ابن الإنسان وكان فيها دلالة واضحة وأكيدة على انه عيسى (عليه السلام) ولا يمكن أن نحمل ألفاظ تلك النصوص على غيره فقد ورد :
(وابن الإنسان سيموت كما جاء عنه في الكتب المقدسة، ولكن الويل لمن يُسلَّمُ ابن الإنسان أكان خيراً له أن لا يولد)( ).
فهذا النص لا يمكن حمله على غير النبي عيسى (عليه السلام) .
وقد ورد أيضا:
( فقالوا له من أنت ؟ فقال يسوع: أخبرتكم من البدء. عندي أشياء كثيرة أقولها فيكم، وأشياء كثيرة احكم بها عليكم. لكن الذي أرسلني صادق، وما سمعته أقوله للعالم. فما فهموا انه يحدثهم عن الأب، فقال لهم: متى عرفتم ابن الإنسان عرفتم إني أنا هو )( ) .
فمن هذا النص يتبين لنا واضحاً وبما لا يقبل الشك إن ابن الإنسان هو نفسه عيسى بن مريم (عليه السلام) ، فلماذا يقول الباحثون والعلماء حينما يذكرون إن ابن الإنسان هو الإمام المهدي خاصة إذا ما سألهم المسيحيون عن ذلك ؟.
وقد ورد أيضا:
( سيسلم ابن الإنسان إلى أيدي الناس فيقتلونه، وفي اليوم الثالث يقوم من بين الأموات )( ).
وهناك الكثير من النصوص التي تؤكد وتدل على إن لفظ ابن الإنسان لا يصح حمله على غير عيسى (عليه السلام)، نعم فقد وردت بعض النصوص التي لا يصح حملها على عيسى (عليه السلام) الذي عاش في ذلك الزمان إلا أن ذلك لا يعني إن ابن الإنسان هنا هو الإمام المهدي (عليه السلام)، بل هناك أدلة كثيرة تؤكد إن ابن الإنسان هو أحد ممهدي الإمام (عليه السلام) وهو اليماني الموعود أشبه الناس بعيسى بن مريم (عليه السلام).
فقد ورد في التوراة هذا النص:
( وبينما كنت أرى، نصبت عروش، فجلس شيخ طاعن في السن وكان لباسه ابيض كالثلج، وشعر رأسه كالصوف النقي، وعرشه لهيب نار، وتخدمه ألوف ألوف، وتقف بين يديه ربوات ربوات فجلس أهل القضاء وفتحت الأسفار- إلى إن قال- ورأيت في منامي ذلك الليل فإذا بمثل ابن إنسان آتيا على سحاب السماء، فأسرع إلى الشيخ الطاعن في السن فقرب إلى أمامه وأعطي سلطاناً ومجداً وملكاً حتى تعبده الشعوب من كل امة ولسان ويكون سلطانه سلطاناً أبدياً لا يزول وملكه لا يتعداه الزمن )( ).
وفي ترجمة أخرى للإنجيل ورد بدلاً من الشيخ الطاعن في السن (قديم الأيام) فإذا كان ابن الإنسان هو الإمام المهدي (عليه السلام) فمن هذا الشيخ الطاعن في السن أو القديم الأيام الذي ينصب له عرش يا ترى ؟ .
أليس في هذا الكلام (الشيخ الطاعن) أو(قديم الأيام) إشارة ودلالة واضحة على الإمام المهدي (عليه السلام)، وان المقصود من الشيخ الطاعن أو القديم الأيام هو طول عمره الشريف (عليه السلام) .
ومن المعلوم ان الإمام (عليه السلام) ليس فوقه أحد حتى إن المسيح يكون تابعاً له، فإذا تنزلنا جدلاً وقلنا إن ابن الإنسان هو الإمام (عليه السلام) فكيف يسلم ويأتي ويقدم أمام الشيخ الطاعن؟ ومن يكون ذلك الشيخ يا ترى حتى يسلم له ابن الإنسان؟.
ثم إننا لو تابعنا النص التوراتي المتقدم الذكر لوجدنا له انطباقاً في القران فقد قال تعالى {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ }( ).
وقد ورد أن الإمام يحكم بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وبين أهل الزبور بزبورهم وبين أهل القرآن بقرآنهم .
فيتضح من ذلك إن هذه الآية هي عين ذلك النص الوارد في رؤيا دانيال وبذلك يتبين إن الشيخ الطاعن الذي يجلس على العرش فجلس أهل القضاء وتفتح الأسفار هو الإمام المهدي (عليه السلام) كما اخبر بذلك الإمام الصادق (عليه السلام) في تأويل الآية المتقدمة .
ثم انه ورد: (فَقَالَ يَسُوعُ أَنَا هُوَ. وَسَوْفَ تُبْصِرُونَ ابْن الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ، وَآتِيًا فِي سَحَابِ السَّمَاءِ) ( ).
وهذا النص لا يدل على إن ابن الإنسان هو الإمام المهدي (عليه السلام) نعم فهو لا ينطبق على عيسى (عليه السلام) إلا إننا لو عرضنا هذا النص على أحاديث وروايات النبي (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) وأهل بيته (عليه السلام) لوجدناه مطابقاً لتلك الأحاديث والروايات .
أما بالنسبة لما جاء في الأحاديث والروايات التي ذكرت نزوله في أخر الزمان من السماء في وقت خروج الإمام المهدي (عليه السلام) فانه سيكون بحسب الرجعة الروحية أي نزول روح عيسى بن مريم (عليه السلام) ورجوعها إلى هذه الحياة الدنيا لتسدد شخصاً مؤمناً له شبه كبير بعيسى بن مريم من حيث الخَلق والخُلق، وسوف يكون ذلك الشخص مولود من أم و أب آدميين لذلك فانه يدعى (ابن الإنسان).
وبذلك نفهم السر في إطلاق الإنجيل لهذا اللقب بكثرة حينما يتحدث عن قيامة عيسى (عليه السلام) في أخر الزمان بينما كان يطلق ابن الله على عيسى (عليه السلام) في ذلك الزمان وقد وقع خلاف كبير ولا يزال مستمراً إلى يومنا هذا حول هذا اللقب فالكثير من المسيحيين يعتقدون إن عيسى (عليه السلام) هو ابن الله لأنه لم يولد من أب .
بينما يرفض المسلمون ذلك بشدة إيمانا منهم بان الله سبحانه وتعالى واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له صاحبة أو ولداً، كما ذكرت ذلك الآيات القرآنية الكثيرة.
والحقيقة هناك شبهة قد وقع بها المسيحيون، فالحق إن عيسى (عليه السلام) ابن الله بالتبني وليس بالمعنى المعهود في الأبوة والبنوة أي بالمعنى المادي لأنه (عليه السلام) لم يكن له أب يرعاه فكان المربي له والمتكفل به بصورة مباشرة هو المولى تبارك وتعالى وذلك من خلال تأييده بالروح القدس منذ صغره.
قال تعالى: { إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالانجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إن هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ }( ).
وبناءاً على هذا فيكون الكلام مقبولاً ولا إشكال فيه فإن الخلق كلهم أبناء الله أو على الأقل إن الأنبياء هم أبناء الله إلا إن هذا اللقب أشتهر به عيسى (عليه السلام) لهذا المعنى المذكور آنفاً.
أما مسألة ابن الإنسان فإننا لو تتبعنا الأناجيل لوجدنا أكثر الآيات التي ذكرت ابن الإنسان تتحدث عن مجيئه في آخر الزمان وهذا اللقب لا يكون منطبقاً انطباقاً تاماً وكاملاً إلا أن يكون الشخص مولود من أب وأم عندها يمكن أن نطلق عليه ابن الإنسان ويكون الإطلاق حينها مناسباً تماماً، نعم يصح أن يطلق هذا اللقب على مولود من أم فقط كما حصل مع عيسى (عليه السلام) إلا أن إطلاقه كاملاً وتاماً لا يستقيم لو كان المولود لام فقط .
وبهذا يتبين إن ابن الإنسان الذي هو عيسى آخر الزمان يكون مولود من أب وأم ويكون مسدداً من قبل روح عيسى (عليه السلام) ومؤيداً بها، والواقع إن إطلاق ابن الله على ابن الإنسان ليس مقبولاً تماماً بل إن ابن الله غير ابن الإنسان كما تبين، ولا ادري كيف يعتقد المسيحيون وفيهم المثقفون والعلماء والباحثون بان النبي عيسى هو ابن الله بالمعنى المتعارف عندهم فكيف قبلوا أن يكون لله ولداً ، كما كان من شان خلقه الذين جعلهم يتزاوجون ويولدون .
ومما يؤكد إن ابن الإنسان الذي يأتي في أخر الزمان هو شخص آخر شبيه لعيسى في الخلق والخلق ويكون مسدداً بروح عيسى (عليه السلام) وليس هو عيسى (عليه السلام) نفسه ما جاء في رؤيا دانيال حيث جاء فيها :
( كنت أرى في رؤى الليل وإذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام ، فقربه قدامه )( ).
فانه رأى مثل ابن الإنسان ولم ير ابن الإنسان نفسه على فرض إن ابن الإنسان هو عيسى فلو كان ابن الإنسان عيسى (عليه السلام) فمن هو الذي رآه دانيال وقال عنه مثل ابن إنسان.
وهذا النص الموجود في التوراة يثبت عدم صحة من أعتقد من المسلمين إن ابن الإنسان هو الإمام المهدي (عليه السلام) لأنه جاء فيه مثل ابن إنسان جاء إلى القديم الأيام )
فلو كان ابن الإنسان هو الإمام المهدي (عليه السلام) فمن هو قديم الأيام يا ترى ؟!.
وإذا فرضنا إن قديم الأيام شخصاً آخر فكيف يستقيم المعنى إن الإمام المهدي (عليه السلام) على فرض هو ابن الإنسان يأتي ويسلم إلى شخص آخر علماً إن عقيدتنا في الإمام المهدي (عليه السلام) انه هو القائد والمنقذ في آخر الزمان وليس هناك ثمة شخص آخر أعلى مقاماً منه .
وللأسف فقد أخطأ الكثير من المسلمين وخاصة العلماء منهم حينما اعتقدوا إن ابن الإنسان هو الإمام المهدي (عليه السلام)، حيث تسالم عليه عندهم وفي دراساتهم للإنجيل إن ابن الإنسان هو الإمام المهدي (عليه السلام) .
وإن هناك الكثير من الأدلة التي تؤكد على إن ابن الإنسان غير الإمام المهدي (عليه السلام) حيث وردت الكثير من النصوص في الإنجيل بلفظ ابن الإنسان وكان فيها دلالة واضحة وأكيدة على انه عيسى (عليه السلام) ولا يمكن أن نحمل ألفاظ تلك النصوص على غيره فقد ورد :
(وابن الإنسان سيموت كما جاء عنه في الكتب المقدسة، ولكن الويل لمن يُسلَّمُ ابن الإنسان أكان خيراً له أن لا يولد)( ).
فهذا النص لا يمكن حمله على غير النبي عيسى (عليه السلام) .
وقد ورد أيضا:
( فقالوا له من أنت ؟ فقال يسوع: أخبرتكم من البدء. عندي أشياء كثيرة أقولها فيكم، وأشياء كثيرة احكم بها عليكم. لكن الذي أرسلني صادق، وما سمعته أقوله للعالم. فما فهموا انه يحدثهم عن الأب، فقال لهم: متى عرفتم ابن الإنسان عرفتم إني أنا هو )( ) .
فمن هذا النص يتبين لنا واضحاً وبما لا يقبل الشك إن ابن الإنسان هو نفسه عيسى بن مريم (عليه السلام) ، فلماذا يقول الباحثون والعلماء حينما يذكرون إن ابن الإنسان هو الإمام المهدي خاصة إذا ما سألهم المسيحيون عن ذلك ؟.
وقد ورد أيضا:
( سيسلم ابن الإنسان إلى أيدي الناس فيقتلونه، وفي اليوم الثالث يقوم من بين الأموات )( ).
وهناك الكثير من النصوص التي تؤكد وتدل على إن لفظ ابن الإنسان لا يصح حمله على غير عيسى (عليه السلام)، نعم فقد وردت بعض النصوص التي لا يصح حملها على عيسى (عليه السلام) الذي عاش في ذلك الزمان إلا أن ذلك لا يعني إن ابن الإنسان هنا هو الإمام المهدي (عليه السلام)، بل هناك أدلة كثيرة تؤكد إن ابن الإنسان هو أحد ممهدي الإمام (عليه السلام) وهو اليماني الموعود أشبه الناس بعيسى بن مريم (عليه السلام).
فقد ورد في التوراة هذا النص:
( وبينما كنت أرى، نصبت عروش، فجلس شيخ طاعن في السن وكان لباسه ابيض كالثلج، وشعر رأسه كالصوف النقي، وعرشه لهيب نار، وتخدمه ألوف ألوف، وتقف بين يديه ربوات ربوات فجلس أهل القضاء وفتحت الأسفار- إلى إن قال- ورأيت في منامي ذلك الليل فإذا بمثل ابن إنسان آتيا على سحاب السماء، فأسرع إلى الشيخ الطاعن في السن فقرب إلى أمامه وأعطي سلطاناً ومجداً وملكاً حتى تعبده الشعوب من كل امة ولسان ويكون سلطانه سلطاناً أبدياً لا يزول وملكه لا يتعداه الزمن )( ).
وفي ترجمة أخرى للإنجيل ورد بدلاً من الشيخ الطاعن في السن (قديم الأيام) فإذا كان ابن الإنسان هو الإمام المهدي (عليه السلام) فمن هذا الشيخ الطاعن في السن أو القديم الأيام الذي ينصب له عرش يا ترى ؟ .
أليس في هذا الكلام (الشيخ الطاعن) أو(قديم الأيام) إشارة ودلالة واضحة على الإمام المهدي (عليه السلام)، وان المقصود من الشيخ الطاعن أو القديم الأيام هو طول عمره الشريف (عليه السلام) .
ومن المعلوم ان الإمام (عليه السلام) ليس فوقه أحد حتى إن المسيح يكون تابعاً له، فإذا تنزلنا جدلاً وقلنا إن ابن الإنسان هو الإمام (عليه السلام) فكيف يسلم ويأتي ويقدم أمام الشيخ الطاعن؟ ومن يكون ذلك الشيخ يا ترى حتى يسلم له ابن الإنسان؟.
ثم إننا لو تابعنا النص التوراتي المتقدم الذكر لوجدنا له انطباقاً في القران فقد قال تعالى {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ }( ).
وقد ورد أن الإمام يحكم بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وبين أهل الزبور بزبورهم وبين أهل القرآن بقرآنهم .
فيتضح من ذلك إن هذه الآية هي عين ذلك النص الوارد في رؤيا دانيال وبذلك يتبين إن الشيخ الطاعن الذي يجلس على العرش فجلس أهل القضاء وتفتح الأسفار هو الإمام المهدي (عليه السلام) كما اخبر بذلك الإمام الصادق (عليه السلام) في تأويل الآية المتقدمة .
ثم انه ورد: (فَقَالَ يَسُوعُ أَنَا هُوَ. وَسَوْفَ تُبْصِرُونَ ابْن الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ، وَآتِيًا فِي سَحَابِ السَّمَاءِ) ( ).
وهذا النص لا يدل على إن ابن الإنسان هو الإمام المهدي (عليه السلام) نعم فهو لا ينطبق على عيسى (عليه السلام) إلا إننا لو عرضنا هذا النص على أحاديث وروايات النبي (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) وأهل بيته (عليه السلام) لوجدناه مطابقاً لتلك الأحاديث والروايات .
تعليق