من فكر السيد القحطاني
الخمس من الوجوب الى الحرمة
قال تعالى (( واعلموا انما غنمتم من شيء فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ان كنتم امنتم بالله وما انزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير)) الانفال 41 - ورد في الكافي ج1 عن محمد بن مسلم عن ابي جعفر الباقر (ع) في قوله تعالى (( واعلموا ان ما غنمتم من شيء فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى )) قال (ع) :هم قرابة رسول الله (ص) والخمس لله وللرسول ولنا ) .
ان الخمس هذه الفريضة المهمة سميت بهذا الاسم لكون المال المستخرج يمثل نسبة الخمس من المال الكلي . عند استقرائنا لتاريخ الخمس في الاسلام نجد ان الخمس في زمن الرسول الاكرم (ص) كان خمس الغنيمة فقط ، ولم تنقل لنا اية رواية في زمن الرسول (ص) بان الصحابة اخرجوا ما زاد على اموالهم وملابسهم اي خمس ما زاد على المؤونة فالذي كان موجود فقط هو خمس غنيمة الحرب ، والدليل على ذلك ان في زمن رسول الله (ص) كان جبات خاصين لجباية الزكاة ولم يكن جبات لجباية الخمس ، وقد وردت العديد من الروايات التي تتوعد بمانع الزكاة وقد وردت روايات تؤكد على قتل مستحل الزكاة ، وذلك على خلاف الخمس ، وبما ان الخمس (ما زاد على المؤونة)لم يكن موجوداً في ذلك الزمان إذن فمن اين اتت هذه التوسعة في الخمس ؟
قبل لاجابة على هذا السؤال لا بد من تبيان بعض الامور المهمة :-
ان من الثابت ان لكل نظرية او قانون يضعه الاسلام يجب ان يكون متكامل وخالي من الثغرات ولا يمكن ان يكون ناقص ويكون التغير فيه حسب المتغيرات المحيطة به ، وهذا ينطبق على القانون السياسي والاجتماعي والاقتصادي ، فالنظام الاقتصادي الاسلامي سيشل نهائياً اذا ما تمسكنا بالنظرية السابقة للخمس والتي كانت قائمة في عهد رسول الله (ص) وهي خاصة بغنيمة الحرب حصراً حيث ان المسلمون بعد الامام علي (ع) باتوا معرضين للغزوات من كل الجهات وهم يغنم منهم ولا يغنمون شيء ، فكيف سيقف النظام الاقتصادي الاسلامي على قدميه ؟ بالتأكيد ان النظام الاسلامي سينهار ، وخصوصاً ان الاعتماد الرئيسي لقانون الاقتصاد الاسلامي يعتمد كلياً على الزكاة ، وان الزكاة هي من ثلاثة اشياء ، وهي : ( زكاة النقدين - زكاة الانعام - زكاة الغلات ) ، فاما زكاة النقدين فهي مشروطة بان تكون مسكوكة بسكة الاسلام وقد تعطلت هذه منذ زمن بعيد بعد ان تغيرت العملة ،واما زكاة الانعام فهي تشمل (الابل والبقر والاغنام ) شريطة ان تكون سائمة وفي الوقت الحاضر قد انتشرت التربية الحيوانية الحقلية والبيتية وتم توفير الاعلاف لها نتيجة لذلك فقد قلت الزكاة لهذه الانعام ، واما زكاة الغلات ، وهي الغلات الاربعة ( الحنطة والشعير والتمر والزبيب ) فهي تزيد عند سقيها على المطر او السيح ، والان فان اغلب هذه الغلات فهي تسقى بواسطة المكائن ومنها نسبة قليلة تعتمد على المطر ، او السيح ، فاذا سقيت من السماء او سيحاً فعليها نسبة عالية من الزكاة ، اما اذا سقيت بالمكائن فعليها نسبة قليلة ، ولو جمعنا كل الزكاة الان فانها تصل الى 25% من مجموع احتياج الاقتصاد الاسلامي ، اذن فنسبة 75% سوف تثبت فشل النظام الاسلامي ، وفي هذه الحالة لا بد من طرح اطروحة جديدة لتقويم النظام الاقتصادي وبناءه من جديد .
ورد في بحار الانوار ج23 - عن موسى بن اشيم قال : ( دخلت على ابي عبد الله (ع) فسألته عن مسألة فاجابني فيها بجواب فانا جالس اذ دخل رجل فسأله عنها بعينها فاجابه بخلاف ما اجابني فدخل رجل اخر فسأله عنها بعينها فاجابه بخلاف ما اجابني وخلاف ما اجاب به صاحبي ففزعت من ذلك وعظم علي فلما خرج القوم نظر الي وقال يابن اشيم كأنك جزعت فقلت : جعلت فداك انما جزعت من ثلاثة اقاويل في مسألة واحدة فقال (ع) : يابن اشيم ان الله فوض الى سليمان امر ملكه فقال : (( هذا عطاؤنا فاممن او امسك بغير حساب )) وفوض الى محمد (ص) امر دينه فقال (( ما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فأنتهوا )) وان الله فوض الى الائمة منا والينا ما فوض الى محمد (ص) فلا تجزع ) .
ومن هذا المنطلق اخذ الامام الصادق (ع) على عاتقه امر توسعة الخمس ، وقد طرح الامام هذا الامر بتوسيع دائرة الغنيمة (المذكورة في الاية الكريمة) فكل شيء غنمه الانسان هو عليه خمس ، فقد ورد في الكافي ج1 عن عثمان عن سماعة قال: ( سألت ابا الحسن موسى بن جعفر (ع) عن الخمس فقال : في كل ما افاد الناس من قليل او كثير ) . وهذه التوسعة هي اعم من الحرب وغنيمتها ، واما الاشياء المغنومة التي يشتمل عليها الخمس فهي :
1- الميراث الغير محتسب . والميراث الغير محتسب هو عكس الميراث المحتسب فالمحتسب هو معروف ان يرث الانسان اباه او اخاه اوجده او عمه وغير ذلك ، والغير محتسب ان يأتيك ميراث من غير حسبان ولم يخطر على بالك مصدره او مبلغه .
2- الكنز . وهو ايضا يأتيك من غير حسبان .
3- الركاز ( المعادن ) وهو نفسه ايضاً .
وبهذه التوسعة ستكون عملية موازنة دقيقة تسد الفراغ الواسع الذي تركته واردات الزكاة وبهذا يتم تقويم النظام الاقتصادي الاسلامي . اما اليوم فاين نحن من النظام الاقتصادي ؟ وهل يُجمع الخمس وفق القاعدة التي اوجدها الامام الصادق (ع) ؟ وهل يصح التصرف بحق الامام المهدي (ع) ؟ وهل ان الخمس يغطي الايتام والمساكين وابن السبيل ؟ وهل الطرق التي يسلكها القائمين على الخمس هي صحيحة ام لا ؟
سنقوم بعون الله ومنته بتوضيح الكثير من الملابسات التي خلطت الاوراق على الكثير الكثير من الناس وذلك بالادلة القاطعة .
(لا يجوز التصرف بحق الامام المهدي (ع)إلا بأذنه)
لا يصح نهائياً التصرف في حق الامام المهدي (عج) ويحرم على جميع الفقهاء خصوصاً والمجتمع عموماً التصرف في هذه الاموال سواء اكان ذلك في انفاقه في وجوه البر او على انفسهم الا باذنه ، وذلك لانه ملك خاص للامام المهدي (ع) ، فان الله تبارك وتعالى عندما شرّع الخمس جعله ستة اسهم هي ( سهم الله ، سهم الرسول ، سهم ذوي القربى ) وهذه الثلاثة كلها ملك للامام وتسمى حق الامام ، اما الثلاثة الباقية وهي ( سهم الايتام ، والمساكين ، وابن السبيل ) وتسمى حق السادة ولا يوجد اختلاف عند علماء المذهب في صرف حق السادة على اصنافه الثلاثة ، لكن وقع الخلاف في ( حق الامام ) فقد تناقضت الاراء وتضاربت فوصلت الى عشرين رأي ، فبعضهم ذهب الى الحلّية المطلقة وهذا ما ذهب اليه صاحب الحدائق الناظرة ومنهم ذهب الى حفظه وبعضهم دفنه مثل الشيخ المفيد والشيخ الطوسي ( وهم قريبون على زمن النص) ، واخر ذهب الى انه مجهول المالك ويتصرف به نيابة عن صاحبه مثل صاحب الجواهر ، وغير ذلك من الاراء ، واما ما ذهب اليه متأخري العلماء هو ان يتصرفوا بحق الامام تحت قاعدة جديدة أسموها ( بما يحرز رضا الامام ) حيث يقولون : ( لو كان الامام المهدي(ع) موجود لفعل كما فعلنا فكل مورد لا يحرز رضا الامام لا يصح التصرف به ) وهذا رأي باطل وغير مقبول وذلك لعدة اسباب : -
اولاً : ان من الامور المسلم بها في ديننا الحنيف عدم جوازية التصرف في مال الغير الا بعد الاستئذان من صاحب المال ومهما كانت الاسباب ، والامام المهدي (ع) هو حي غير ميت ، ولا يوجد احد من العلماء قد استأذن منه حيث لا يصح التصرف لاي احد بحق الامام الا بعد حصول اذنه (ع) وهذا ممكن جداً لكونه(ع) حي وقد التقى به جمع من العلماء وان بحث الاول لا يكون حجة على الثاني ولا يمكن الاستدلال به لاحوال اخرى وذلك لان هذا الامر (حصول الاذن من الامام ) يتعلق به (ع) ، واما ما يدعيه بعضهم بان امكانية اللقاء او الالتقاء بالامام المهدي (ع) لا يمكن تحصيلها احتجاجاً منه بالمكاتبة التي وردت عن السفير الرابع السمري (رحمه الله ) : ( الا من ادعى المشاهدة قبل السفاني والصيحة فهو كذاب مفتري) ، فأقول : ان هذه المكاتبة لا يمكن لاي احد من الفقهاء ان يحتج بها وذلك لانهم لا يعملون بالمراسيل اصلاً وهذه مرسلة ومعارضة لاخبار صحيحة وكثيرة تؤكد على امكانية اللقاء بالامام المهدي(عج) مثل ما رواه الكليني والنعماني والشيخ الطوسي باسانيدهم المعتبرة عن الامام الصادق (ع) قال: (لا بد لصاحب هذا الامر من غيبة ولا بد له من عزلة وما بثلاثين من وحشة) وظاهر هذا القول الصادر من الامام الصادق (ع) كما صرح به شراح الحديث انه (ع) يستأنس بثلاثين من اوليائه في غيبته(بشارة الاسلام ص171)
بل هي معارضة بوقوع اللقاء مع جمع من العلماء الثقاة امثال ابن طاووس والسيد بحر العلوم وغيرهم ، وان قولنا بحرمة التصرف باموال الامام (ع) دون اذنه ، مسنود بمكاتبات نقلت عنه (ع) حيث سؤل في الغيبة الصغرى عن طريق السفير ابي جعفر محمد بن عثمان ، فقال : ( فأما ما سألت من امر الضياع التي بناحيتنا هل يجوز القيام بعمارتها واداء الخراج وصرف ما يفضل من دخلها الى الناحية احتساباً للاجر وتقرباً اليكم ؟ (الجواب) فلا يحل لأحد ان يتصرف في مال غيره بغير اذنه فكيف يحل ذلك في مالنا فمن فعل ذلك بغير امرنا فقد استحل منا ما حرم عليه ومن اكل من اموالنا شيئاً فأنما يأكل في بطنه ناراً وسيصلى سعيراً) .
يتبع
الخمس من الوجوب الى الحرمة
قال تعالى (( واعلموا انما غنمتم من شيء فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ان كنتم امنتم بالله وما انزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير)) الانفال 41 - ورد في الكافي ج1 عن محمد بن مسلم عن ابي جعفر الباقر (ع) في قوله تعالى (( واعلموا ان ما غنمتم من شيء فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى )) قال (ع) :هم قرابة رسول الله (ص) والخمس لله وللرسول ولنا ) .
ان الخمس هذه الفريضة المهمة سميت بهذا الاسم لكون المال المستخرج يمثل نسبة الخمس من المال الكلي . عند استقرائنا لتاريخ الخمس في الاسلام نجد ان الخمس في زمن الرسول الاكرم (ص) كان خمس الغنيمة فقط ، ولم تنقل لنا اية رواية في زمن الرسول (ص) بان الصحابة اخرجوا ما زاد على اموالهم وملابسهم اي خمس ما زاد على المؤونة فالذي كان موجود فقط هو خمس غنيمة الحرب ، والدليل على ذلك ان في زمن رسول الله (ص) كان جبات خاصين لجباية الزكاة ولم يكن جبات لجباية الخمس ، وقد وردت العديد من الروايات التي تتوعد بمانع الزكاة وقد وردت روايات تؤكد على قتل مستحل الزكاة ، وذلك على خلاف الخمس ، وبما ان الخمس (ما زاد على المؤونة)لم يكن موجوداً في ذلك الزمان إذن فمن اين اتت هذه التوسعة في الخمس ؟
قبل لاجابة على هذا السؤال لا بد من تبيان بعض الامور المهمة :-
ان من الثابت ان لكل نظرية او قانون يضعه الاسلام يجب ان يكون متكامل وخالي من الثغرات ولا يمكن ان يكون ناقص ويكون التغير فيه حسب المتغيرات المحيطة به ، وهذا ينطبق على القانون السياسي والاجتماعي والاقتصادي ، فالنظام الاقتصادي الاسلامي سيشل نهائياً اذا ما تمسكنا بالنظرية السابقة للخمس والتي كانت قائمة في عهد رسول الله (ص) وهي خاصة بغنيمة الحرب حصراً حيث ان المسلمون بعد الامام علي (ع) باتوا معرضين للغزوات من كل الجهات وهم يغنم منهم ولا يغنمون شيء ، فكيف سيقف النظام الاقتصادي الاسلامي على قدميه ؟ بالتأكيد ان النظام الاسلامي سينهار ، وخصوصاً ان الاعتماد الرئيسي لقانون الاقتصاد الاسلامي يعتمد كلياً على الزكاة ، وان الزكاة هي من ثلاثة اشياء ، وهي : ( زكاة النقدين - زكاة الانعام - زكاة الغلات ) ، فاما زكاة النقدين فهي مشروطة بان تكون مسكوكة بسكة الاسلام وقد تعطلت هذه منذ زمن بعيد بعد ان تغيرت العملة ،واما زكاة الانعام فهي تشمل (الابل والبقر والاغنام ) شريطة ان تكون سائمة وفي الوقت الحاضر قد انتشرت التربية الحيوانية الحقلية والبيتية وتم توفير الاعلاف لها نتيجة لذلك فقد قلت الزكاة لهذه الانعام ، واما زكاة الغلات ، وهي الغلات الاربعة ( الحنطة والشعير والتمر والزبيب ) فهي تزيد عند سقيها على المطر او السيح ، والان فان اغلب هذه الغلات فهي تسقى بواسطة المكائن ومنها نسبة قليلة تعتمد على المطر ، او السيح ، فاذا سقيت من السماء او سيحاً فعليها نسبة عالية من الزكاة ، اما اذا سقيت بالمكائن فعليها نسبة قليلة ، ولو جمعنا كل الزكاة الان فانها تصل الى 25% من مجموع احتياج الاقتصاد الاسلامي ، اذن فنسبة 75% سوف تثبت فشل النظام الاسلامي ، وفي هذه الحالة لا بد من طرح اطروحة جديدة لتقويم النظام الاقتصادي وبناءه من جديد .
ورد في بحار الانوار ج23 - عن موسى بن اشيم قال : ( دخلت على ابي عبد الله (ع) فسألته عن مسألة فاجابني فيها بجواب فانا جالس اذ دخل رجل فسأله عنها بعينها فاجابه بخلاف ما اجابني فدخل رجل اخر فسأله عنها بعينها فاجابه بخلاف ما اجابني وخلاف ما اجاب به صاحبي ففزعت من ذلك وعظم علي فلما خرج القوم نظر الي وقال يابن اشيم كأنك جزعت فقلت : جعلت فداك انما جزعت من ثلاثة اقاويل في مسألة واحدة فقال (ع) : يابن اشيم ان الله فوض الى سليمان امر ملكه فقال : (( هذا عطاؤنا فاممن او امسك بغير حساب )) وفوض الى محمد (ص) امر دينه فقال (( ما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فأنتهوا )) وان الله فوض الى الائمة منا والينا ما فوض الى محمد (ص) فلا تجزع ) .
ومن هذا المنطلق اخذ الامام الصادق (ع) على عاتقه امر توسعة الخمس ، وقد طرح الامام هذا الامر بتوسيع دائرة الغنيمة (المذكورة في الاية الكريمة) فكل شيء غنمه الانسان هو عليه خمس ، فقد ورد في الكافي ج1 عن عثمان عن سماعة قال: ( سألت ابا الحسن موسى بن جعفر (ع) عن الخمس فقال : في كل ما افاد الناس من قليل او كثير ) . وهذه التوسعة هي اعم من الحرب وغنيمتها ، واما الاشياء المغنومة التي يشتمل عليها الخمس فهي :
1- الميراث الغير محتسب . والميراث الغير محتسب هو عكس الميراث المحتسب فالمحتسب هو معروف ان يرث الانسان اباه او اخاه اوجده او عمه وغير ذلك ، والغير محتسب ان يأتيك ميراث من غير حسبان ولم يخطر على بالك مصدره او مبلغه .
2- الكنز . وهو ايضا يأتيك من غير حسبان .
3- الركاز ( المعادن ) وهو نفسه ايضاً .
وبهذه التوسعة ستكون عملية موازنة دقيقة تسد الفراغ الواسع الذي تركته واردات الزكاة وبهذا يتم تقويم النظام الاقتصادي الاسلامي . اما اليوم فاين نحن من النظام الاقتصادي ؟ وهل يُجمع الخمس وفق القاعدة التي اوجدها الامام الصادق (ع) ؟ وهل يصح التصرف بحق الامام المهدي (ع) ؟ وهل ان الخمس يغطي الايتام والمساكين وابن السبيل ؟ وهل الطرق التي يسلكها القائمين على الخمس هي صحيحة ام لا ؟
سنقوم بعون الله ومنته بتوضيح الكثير من الملابسات التي خلطت الاوراق على الكثير الكثير من الناس وذلك بالادلة القاطعة .
(لا يجوز التصرف بحق الامام المهدي (ع)إلا بأذنه)
لا يصح نهائياً التصرف في حق الامام المهدي (عج) ويحرم على جميع الفقهاء خصوصاً والمجتمع عموماً التصرف في هذه الاموال سواء اكان ذلك في انفاقه في وجوه البر او على انفسهم الا باذنه ، وذلك لانه ملك خاص للامام المهدي (ع) ، فان الله تبارك وتعالى عندما شرّع الخمس جعله ستة اسهم هي ( سهم الله ، سهم الرسول ، سهم ذوي القربى ) وهذه الثلاثة كلها ملك للامام وتسمى حق الامام ، اما الثلاثة الباقية وهي ( سهم الايتام ، والمساكين ، وابن السبيل ) وتسمى حق السادة ولا يوجد اختلاف عند علماء المذهب في صرف حق السادة على اصنافه الثلاثة ، لكن وقع الخلاف في ( حق الامام ) فقد تناقضت الاراء وتضاربت فوصلت الى عشرين رأي ، فبعضهم ذهب الى الحلّية المطلقة وهذا ما ذهب اليه صاحب الحدائق الناظرة ومنهم ذهب الى حفظه وبعضهم دفنه مثل الشيخ المفيد والشيخ الطوسي ( وهم قريبون على زمن النص) ، واخر ذهب الى انه مجهول المالك ويتصرف به نيابة عن صاحبه مثل صاحب الجواهر ، وغير ذلك من الاراء ، واما ما ذهب اليه متأخري العلماء هو ان يتصرفوا بحق الامام تحت قاعدة جديدة أسموها ( بما يحرز رضا الامام ) حيث يقولون : ( لو كان الامام المهدي(ع) موجود لفعل كما فعلنا فكل مورد لا يحرز رضا الامام لا يصح التصرف به ) وهذا رأي باطل وغير مقبول وذلك لعدة اسباب : -
اولاً : ان من الامور المسلم بها في ديننا الحنيف عدم جوازية التصرف في مال الغير الا بعد الاستئذان من صاحب المال ومهما كانت الاسباب ، والامام المهدي (ع) هو حي غير ميت ، ولا يوجد احد من العلماء قد استأذن منه حيث لا يصح التصرف لاي احد بحق الامام الا بعد حصول اذنه (ع) وهذا ممكن جداً لكونه(ع) حي وقد التقى به جمع من العلماء وان بحث الاول لا يكون حجة على الثاني ولا يمكن الاستدلال به لاحوال اخرى وذلك لان هذا الامر (حصول الاذن من الامام ) يتعلق به (ع) ، واما ما يدعيه بعضهم بان امكانية اللقاء او الالتقاء بالامام المهدي (ع) لا يمكن تحصيلها احتجاجاً منه بالمكاتبة التي وردت عن السفير الرابع السمري (رحمه الله ) : ( الا من ادعى المشاهدة قبل السفاني والصيحة فهو كذاب مفتري) ، فأقول : ان هذه المكاتبة لا يمكن لاي احد من الفقهاء ان يحتج بها وذلك لانهم لا يعملون بالمراسيل اصلاً وهذه مرسلة ومعارضة لاخبار صحيحة وكثيرة تؤكد على امكانية اللقاء بالامام المهدي(عج) مثل ما رواه الكليني والنعماني والشيخ الطوسي باسانيدهم المعتبرة عن الامام الصادق (ع) قال: (لا بد لصاحب هذا الامر من غيبة ولا بد له من عزلة وما بثلاثين من وحشة) وظاهر هذا القول الصادر من الامام الصادق (ع) كما صرح به شراح الحديث انه (ع) يستأنس بثلاثين من اوليائه في غيبته(بشارة الاسلام ص171)
بل هي معارضة بوقوع اللقاء مع جمع من العلماء الثقاة امثال ابن طاووس والسيد بحر العلوم وغيرهم ، وان قولنا بحرمة التصرف باموال الامام (ع) دون اذنه ، مسنود بمكاتبات نقلت عنه (ع) حيث سؤل في الغيبة الصغرى عن طريق السفير ابي جعفر محمد بن عثمان ، فقال : ( فأما ما سألت من امر الضياع التي بناحيتنا هل يجوز القيام بعمارتها واداء الخراج وصرف ما يفضل من دخلها الى الناحية احتساباً للاجر وتقرباً اليكم ؟ (الجواب) فلا يحل لأحد ان يتصرف في مال غيره بغير اذنه فكيف يحل ذلك في مالنا فمن فعل ذلك بغير امرنا فقد استحل منا ما حرم عليه ومن اكل من اموالنا شيئاً فأنما يأكل في بطنه ناراً وسيصلى سعيراً) .
يتبع
تعليق