إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مصاديق عبادة الأصنام البشرية قبيل قيام القائم (ع)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مصاديق عبادة الأصنام البشرية قبيل قيام القائم (ع)

    مصاديق عبادة الأصنام البشرية قبيل قيام القائم (ع)

    1ـ فقهاء السوء شعراء عصر الظهور

    بعد أن أثبتنا وجود الأصنام البشرية في آخر الزمان نأتي الآن على مصاديق تلك الأصنام حيث إن أطاعة الناس في آخر الزمان لمجموعة أو فئة معينة من الناس هي التي جعلت هؤلاء كالأصنام الحجرية التي أتخذها العرب وقريش في أول الزمان لتقربهم إلى الله زلفى.
    وبما ان دعوة الإمام المهدي (عليه السلام) تشبه دعوة جده الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) إذن سيلاقي ويواجه (عليه السلام) الأصنام الموجودة في عصره كما واجه جده المصطفى الأصنام الحجرية في عهده فضلاً عن الفئات التي تقوم برعاية تلك الأصنام.
    وكما يعلم الجميع ان الله سبحانه وتعالى عندما يبعث الأنبياء كان لزاماً أن يُقاوَمون من قبل مجموعة من الناس بشكل خاص وتكون تلك الدعوة قد بينت ضعفهم وعجزهم عن مجارات قدرة الخالق عز وجل فضلاً عن ضرب مصالحهم الشخصية والدنيوية.
    أما الرسالة الإسلامية الخاتمة فقد أزدهر في وقتها عند العرب الأدب والبلاغة والشعر، حتى أنهم كانوا يعلقون قصائد شعرائهم على جدار الكعبة احتراما وإجلالا وتعظيما لأولئك الشعراء فلذلك عندما بعث الله سبحانه وتعالى نبيه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) أيده بمعجزة القرآن الذي عجز كبار الشعراء على إن يردوا عليه أو إن يجاروه على أقل تقدير.
    وبما ان الشعراء آنذاك كانوا علّية القوم وسادتها فقد كان الناس يتبعونهم ويصدقونهم بما يقولون حتى إن الله عز وجل ذكرهم في القرآن بقوله تعالى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ }( الشعراء(226) ).
    وبما إن الرسالة الإسلامية تقوم على شيئين هما التنزيل الظاهري الذي كان على يد الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وفي عصره والتأويل الباطني الذي بدأ أولا على يد الإمام علي (عليه السلام) ثم الأئمة (عليهم السلام) من بعده وينتهي بالإمام المهدي (عليه السلام).
    حيث ان كل إمام منهم يقوم بإظهار جزء من تأويل الرسالة أو جزء من تأويل القرآن وذلك تبعاً للظروف التي يمرون بها.
    ولا يتم التأويل إلى أن يأتي الدور للأمام المهدي (عليه السلام) ليُظهر عند قيامه التأويل الباطني على حقيقته كاملاً، فقد جاء في تفسير قوله تعالى: ({ هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله} فهو من الآيات التي تأويلها بعد تنزيلها، قال: ذلك في قيام القائم (عليه السلام ))( تفسير نور الثقلين ج2 ص38 )
    فعلى هذا الأساس يكون المقصود بالشعراء في الآية الأنفة الذكر بحسب التأويل الباطني في عهد الإمام المهدي (عليه السلام) وفي عصر الأئمة (عليهم السلام) الذين سبقوه هم فقهاء السوء الذين يشعرون قلوب الناس بالباطل( بحار الأنوار ج51 ص 46 و ص50، الكافي ج1 ص213، وسائل الشيعة ج1 ص399، مستدرك الوسائل ج17 ص310، تأويل الآيات ص34، تفسير ألقمي ج1 ص235).
    فمثلما كان الشعراء هم سادة القوم في عصر الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) فإن الفقهاء هم سادة القوم في عصر الإمام المهدي (عليه السلام) وفي عصر الأئمة من آبائه وأجداده (عليهم السلام).
    حيث جاء في تأويل الشعراء في الآية الآنفة الذكر عن الإمام الصادق (عليه السلام ) أنه قال: ( في قوله عز وجل والشعراء يتبعهم الغاوون، قال مَن رأيتم من الشعراء يتبع، إنما عني بهذا الفقهاء، الذين يشعرون قلوب الناس بالباطل وهم الشعراء الذين يتبعون )( مستدرك الوسائل ج17 ص310).
    وكما ورد أيضا عن حماد بن عثمان عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: ( في قول الله عز وجل الشعراء يتبعهم الغاوون، قال: هل رأيت شاعراً يتبعه أحد إنما هم قوم تفقهوا لغير الدين فضلوا وأضلوا )( بحار الأنوار ج8 ص108).
    إذن فالشعراء بالتأويل هم فقهاء السوء الذين يتفقهون لغير الدين فيضلون أنفسهم ويضلون من يتبعهم بعد إشعارهم إياهم بالباطل أي بتعليمهم الباطل لان الشعراء هنا مأخوذ من الفعل شعر شعرا أي علم وحس به أو فطن له، فيقال اشعر الأمر وبالأمر أي أخبره به( المنجد ق1 ص391 ).
    وهؤلاء الفقهاء يعدهم الناس من سادة القوم فيميلون إليهم ويتبعونهم في كل صغيرة وكبيرة من أمور دينهم ودنياهم من خلال أخذهم بآرائهم العقلية وفتاويهم ومبانيهم التي استنبطوها بعقولهم واجتهادهم الشخصي.
    حيث إن أي طاعة لغيرالرسول محمد وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين تعد عبادة من دون الله عز وجل لأنها شرك بالله كما سيأتي تفصيله.
    فورد عن علي بن إبراهيم عن الإمام الصادق (عليه السلام )أنه قال: ( في تفسير قوله {والشعراء يتبعهم الغاوون}، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): (نزلت في الذين وضعوا بآرائهم فتبعهم الناس على ذلك ...)( وسائل الشيعة ج27 ص133).
    كما ورد برواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) أيضا انه قال: (نعم هم قوم تعلموا وتفقهوا بغير علم فضلوا وأضلوا كثيراً، ألم ترَ إنهم في كل واد ٍ يهيمون، أي في كل من الكذب يتكلمون وفي كل لغوا يخوضون كالهائم على وجهه في كل واد يعن له فالوادي مثل لفنون الكلام ...) ( تأويل الآيات ص395).
    فهم بذلك يغيرون دين الله بغير علم ولا هدى ويعلمون ذلك أتباعهم الذين ينساقون وراء آرائهم فيكون الطرفين في ضلال.
    ولا يقتصر أمر أضلال الناس من قبل هؤلاء الشعراء أي فقهاء السوء على أنفسهم فقط بل على من يتبعهم من الغاوون من حاشيتهم وبطانتهم وتلامذتهم، فيقومون بدورهم بإغواء الآخرين أي إضلالهم ليتبعوا هؤلاء الفقهاء فيكونون هم من الغاوين أيضاً .
    فالغاوون أي المضلون، ومفردها غاوي، وهي لفظة مأخوذة من الفعل غوي غوى غواية أي ضل وخاب، فيقال أغوى الرجل أي أضله، فهؤلاء يضلون الناس كونهم لا يتبعون قول من نصبه الله عز وجل من قبله إمام وحجة على عباده، وإنما يتبعون ويصغون إلى ما يقول هؤلاء البشر العاديين من المتفقهين الذين يصدرون الإحكام في أغلب الأحيان برأيهم، وهم بطبيعة الحال ليسوا معصومين فيجوز عليهم الخطأ، لأن الشيطان يمكنه إن يضلهم بل هو من سيضلهم لقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا}( النساء 60 ).
    ومن هنا جاء تأكيد أئمة أهل البيت (عليهم السلام ) على وجوب عدم اخذ التشريعات من حلال وحرام إلا من المعصوم، أو على اقل تقدير الأخذ ممن يأخذ عنهم.
    فإن مَن يأخذ دينه عنهم فسوف ينجوا ولم يزلّ أبدا عن عبادة الله عز وجل أما من يأخذ دينه من أفواه الرجال من غيرهم فإن في ذلك المهلكة والزلل الذي سيوقع الإنسان في الشرك من خلال طاعته لهؤلاء ولآرائهم والإعراض عن طاعة الله عز وجل وأحكامه وتعاليمه الصحيحة، فجاء عن الإمام علي (عليه السلام) انه قال: (مَن اخذ دينه من أفواه الرجال أزالته الرجال ومن أخذ دينه عن الكتاب والسنة زالت الجبال ولم يزل)( وسائل الشيعة ج27 ص 132).
    وإذا كان لا بد من الأخذ عن الفقهاء ولا سيما ونحن في زمن غيبة إمامنا المهدي (عليه السلام)، فيجب إن يكون الأخذ برواياتهم التي أخذوها عن أهل البيت (عليهم السلام) فقط، وذلك دون الأخذ باجتهاداتهم وآرائهم الشخصية، لأنها آراء ظنية ليست قطعية قد يغذيها الشيطان من هنا أو هناك بحبائله .
    حيث ورد عن الحسين بن روح عن الإمام الحسن بن علي (عليهما السلام) حول العلماء والفقهاء والأخذ بآرائهم انه قال ( خذوا بما رووا وذروا ما رأوا )( وسائل الشيعة ج47 ص146).
    ونجد حتى الإمام المهدي (عليه السلام) يؤكد على وجوب الأخذ برواية رواة أحاديثهم (عليهم السلام) وليس الأخذ باجتهاد الفقهاء الشخصي وذلك في توقيعه (عليه السلام) الذي جاء فيه: (وأما الحوادث الواقعة فأرجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم ...)( بحار الانوارج53 ص180).
    وجاءت تلك المناهي من قبل أهل البيت (عليهم السلام) على عدم الأخذ بآراء الفقهاء كون آرائهم قد تؤدي إلى الزلل فضلا على إنها تعد عبادة لغير الله عز وجل.
    فهم ابتداءً يعرضون عن الحق ويضلون عنه ثم أنهم يضلون من يتبعهم بالآراء التي يعطونها لهم أو من خلال عدم نهيهم عن المنكر وأمرهم بالمعروف كونهم لا يستطيعون تمييزها بسبب ضلالهم ثم أنهم يصلون إلى اخطر شيء هو الوقوف بوجه الرسل والأنبياء والأوصياء ودعاة الحق من أصحابهم كما سيأتينا والتي لا تقتصر عليه فحسب وإنما يجرون من تبعهم وأطاعهم إلى ذلك الأمر.
    ومن ذلك نفهم كيف وردت عدة روايات عن طريق أهل البيت (عليهم السلام) في ذم فقهاء آخر الزمان والحث على عدم إتباعهم، وبطبيعة الحال ليس المقصود بذلك كل الفقهاء وإنما فقهاء السوء منهم وذلك لان فقهاء السوء سوف يقفون بوجه الإمام المهدي (عليه السلام ) ودعوته .
    حيث روي عن الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) أنه قال: (يتفقه أقوام لغير الله، وطلبا للدنيا والرئاسة، ويوجه القرآن على الأهواء ويصير الدين بالرأي...)( يوم الخلاص ص404).
    وجاء في علامات آخر الزمان حول التفقه لغير الدين عدة روايات منها ما جاء عن النزال بن سبرة عن الإمام علي (عليه السلام) انه قال: (وتفقهوا لغير الدين وآثروا عمل الدنيا على الآخرة ...)( بحار الانوارج52 ص192).
    وجاء عن سليمان المحمدي (رضوان الله تعالى عنه) انه قال: ( فعندما يكون أقوام يتفقهون لغير الله...ويتغنون بالقرآن ...)( تفسير القمي ج2 ص306).
    وعن الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) أنه قال: ( ألهي فمتى يكون ذلك فأوحى ألي عز وجل يكون ذلك إذا رفع العلم وظهر الجهل وكثر القراء وقل العمل وكثر الفتك وقل الفقهاء الهادون وكثر فقهاء الضلالة الخونة وكثر الشعراء...)( بحار الأنوار ج72 ص276).
    وقد أكد الأئمة (عليهم السلام) على الحذر من الفقهاء على الدين إذا اتبعوا السلطان لأنهم بذلك سيتابعون الظلمة والحركات المظلة وهم بدورهم سيقودون من تبعهم على ذلك الشيء معهم.
    فجاء عن الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) انه قال: (الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا، قيل يا رسول الله فما دخولهم في الدنيا، قال إتباع السلطان فإذا فعلوا ذلك فأحذروهم ...)( مستدرك الوسائل ج13 ص124).
    ويعد هذا من المواضيع الخطرة في آخر الزمان من حيث انه يمكن لهؤلاء الفقهاء أن يساندوا السلطان الحاكم الجائر ضد الإمام المهدي (عليه السلام) ودعوته ولا سيما قبل قيامه المقدس فيضيقون على الدعوة وأنصارها هذا إلى جانب حشدهم لآراء من يطيعهم ويسمع لأقوالهم أيضاً.
    وقد صرحت طائفة أخرى من الروايات الواردة عن طريق أهل البيت (عليهم السلام ) تبين إن علماء آخر الزمان شر الخلق هم ومن تبعهم وأخذ برأيهم وأحبهم وجالسهم، وذلك لأنهم يغيرون شريعة الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) بحسب اجتهاداتهم الضالة المضلة للكثير من الناس والذين تكون أقوالهم دائماً بخلاف أفعالهم، تلك الأقوال التي تفضي بطبيعة الحال إلى عدم طاعة الله عز وجل وبالتالي الشرك في عبادته من حيث الطاعة العمياء لهؤلاء الفقهاء ومن حيث أنهم يطيعونهم ويتابعونهم ظناً منهم إن ذلك سيقربهم من الله عز وجل وأهل البيت (عليهم السلام ) والحقيقة هي عكس ذلك تماماً.
    وذلك كما كانت قريش أول الزمان تعبد الأصنام الحجرية لتقربهم إلى الله زلفى فهؤلاء يعبدونهم بطاعتهم تلك الأصنام البشرية حيث ورد ذم مثل تلك التبعية والعبادة لهؤلاء الذين هم شرار الناس، ما جاء عن الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) انه قال: (علمائهم خونة فجرة أشرار خلق الله هم وأتباعهم ومَن يأتيهم ويأخذ منهم ويحبهم ويجالسهم ويشاورهم، فقهائهم خونة يدّعون أنهم على سنتي ومنهاجي وشرائعي ...أنهم مني براء وأنا منهم بريء )( يوم الخلاص ص405 ).
    وورد عنه أيضاً (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) انه قال: (ويل لأمتي من علماء السوء الذين يقولون ما لا يفعلون ...)( يوم الخلاص ص404).
    إذن علينا كمسلمين موالين نعيش في عصر ظهور وقيام الإمام المهدي (عليه السلام) إن نحذر من فقهاء السوء الذين سيعادون الإمام المهدي (عليه السلام) ويقومون بمحاربته حتى لا ننساق خلفهم لأن طاعتهم العمياء ستؤدي بالناس إلى الخروج على طاعة إمام زمانهم وهذه هي الصنمية بعينها .



    يتبع
    التعديل الأخير تم بواسطة الجندي; الساعة 25-06-13, 11:15 PM.

  • #2
    2- فقهاء السوء مصداق الأصنام البشرية في آخر الزمان

    هناك أدلة صريحة تثبت إن فقهاء السوء هم الأصنام البشرية في آخر الزمان، كما إن هناك أدلة غير صريحة تفيد ذلك المعنى حيث ورد عن الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) انه قال: (إني أخاف على أمتي الأئمة المضلين .... ولا تقوم الساعة حتى ... وحتى يعبد فئة من أمتي الأوثان وسيكون بعدي ثلاثون أعلمهم يزعمون انه نبي وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي ...)( العمدة ص431، نهج الحق ص316).
    كما ورد عنه (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) في رواية آنفة الذكر قوله بأنه يخاف على أمته من أئمة السوء وان فئة من أمته ستعبد الأوثان والأصنام.
    وبهذا نجد إن الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) قد قرن الأئمة المضلين الذي يخافهم على أمته بعبادة فئات من هذه الأمة للأصنام بمعنى آخر انه قرن الأئمة المضلين بالأصنام والذين ستعبدهم أمته من بعده ليس بمعنى العبادة المطلقة بل الطاعة المطلقة لهم، حيث إن الأئمة لغة مأخوذة من أم وإمامة وإمام والجمع أئمة وأئمة وهو مَن يؤتم به ويقتدى به.
    ومن المعلوم إن مَن يؤتم به الآن ويقتدى به العلماء والفقهاء.
    إذن هم الأصنام التي قرن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) خوفه منها على أمته مع عبادة صنف من أمته لها وسماها الأصنام.
    إما الدليل الآخر فيتمثل بأن كل راية ترفع قبل قيام الإمام المهدي (عليه السلام ) فصاحبها طاغوت كما ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: ( كل راية ترفع قبل قيام القائم صاحبها طاغوت)( غيبة لنعماني ص115).
    أي إن كل شخص رفع راية قبل ذلك فهو صنم يعبد وذلك لان الطاغوت لغة يعني الصنم فالطاغوت لغة مأخوذة من الفعل طغى أي علا وتكبر وكفر بالله وتجاوز الحد في الاستعلاء والتمرد والفساد، والطاغوت هو فعلوت من الطغيان وهو يطلق على الكافر والشيطان والأصنام وعلى كل رئيس في الضلالة وعلى كل من عبد من دون الله( بحار الأنوار ج70 ص13، العين ج4 ص435، مجمع البحرين ج1 ص275).
    فالراية التي يرفعها الطاغوت لا تعني العَلَم بطبيعة الحال بل هي الدعوة التي يأتي بها ليدل بها على نفسه، فالراية لغة جمع رايات وهي العلامة المنصوبة التي يراها الناس.
    ولا يعقل أن نأخذ الرواية الآنفة الذكر على الظاهر لأنه لا يعقل أن يأتي شخص ويرفع راية (بمعنى علم) ولأجل ذلك تبعه الناس ويصبح معبودهم، بل يجب أن تحمل الراية على أنها دعوة يأتي بها ذلك الشخص لتكون علامة عليه بين الناس فيتبعونهم.
    فنخلص إلى نتيجة مفادها أن الطاغوت أي الصنم الذي يرفع راية أي دعوة قبل قيام الامام المهدي (عليه السلام) هو من فقهاء السوء في آخر الزمان بشكل عام، عدا الراية التي نصبها أهل البيت (عليهم السلام) وحثوا الناس على أتباعها ونعني بها راية اليماني التي أكد أئمة أهل البيت (عليهم السلام) أنها راية هدى لأنها تهدي إلى الإمام المهدي (عليه السلام) .
    حيث ورد عن أبي بصير عن الإمام الباقر (عليه السلام )انه قال: ( ... وليس في الرايات أهدى من راية اليماني هي راية هدى لأنه يدعوا إلى صاحبكم...)( بحار الأنوار ج52 ص230، غيبة النعماني ص256).
    بمعنى إن كل راية ترفع في آخر الزمان عدا هذه الراية فهي راية ضلال أي دعوة ضلال حيث تشير الرواية هنا بوضوح إن الراية المقصودة هي الدعوة من حيث إن راية اليماني هي راية هدى لأنه يدعوا إلى الإمام المهدي (عليه السلام ).
    أما بالنسبة للأدلة غير الصريحة فهي:
    الدليل الأول:
    حيث وردت لدينا جملة من الروايات تؤكد إن طاعة غير المعصوم والأخذ عنه يعد شركاً، حيث جاء في الرواية الأولى عن المفضل بن عمر عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (مَن دان الله بغير سماع عن صادق ألزمه الله التيه إلى العناء، ومَن ادعى سماعاً من غير الباب الذي فتحه الله فهو مشرك، وذلك الباب المأمون على سر الله المكنون)( الكافي ج1 ص377).
    حيث جاء في الروايات إن الباب المأمون على سر الله ووحيه هم محمد وآله ( صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) حيث ورد عن أسود بن سعيد عن الإمام الباقر(عليه السلام) أنه قال: (نحن حجة الله ونحن باب الله...)( الكافي ج1 ص145).
    وجاء أيضاً عن سعد عن الإمام الباقر(عليه السلام) انه قال: (سألته عن هذه الآية: ({وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} فقال آل محمد ( صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ) أبواب الله وسبيله والدعاة إلى الجنة والقادة إليها والإدلاء عليها يوم القيامة )( تفسير العياشي ج1 ص86).
    وبطبيعة الحال باب الله في وقتنا الحاضر هو الإمام المهدي المنتظر (أرواحنا لتراب مقدمه الفداء) وكما ورد ذلك في دعاء الندبة الذي يدعى به (عليه السلام) في زمن غيبته والذي جاء فيه: ( أين معز الأولياء ومذل الأعداء أين جامع الكلم على التقوى أين باب الله الذي منه يؤتى ... (بحار الأنوار ج99 ص108)
    هذا فضلاً عن غيرها من الروايات التي تشير إلى أن أهل البيت (عليهم السلام هم باب الله الذي يصح ويؤمن الأخذ منه في أحكام الدين والدنيا وفقط هم لا غيرهم(بحار الأنوار ج24 ص202 ، مستدرك الوسائل ج17 ص307، وسائل الشيعة ج27ص129، تأويل الآيات ص29 ).
    الدليل الثاني:
    إن طاعة مَن يأمر بمعصية فهي عبادة لذلك الشخص، وهذا أمر طبيعي من حيث ان المعصية أو الأمر بها يمكن أن تصدر من الإنسان كونه شخص غير معصوم وبالتالي يؤدي إلى الشرك والى عبادة ذلك الشخص النابعة من عبادة الشيطان والتي حذر منها الله عز وجل بقوله تعالى {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} ( سورة يس (60) ) حيث ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (مَن أطاع رجلاً في معصية فقد عبده )( الكافي ج2 ص372، وسائل الشيعة ج27 ص127 ).
    وهذه العبادة ليست بالسجود كما كان يفعل المشركون من قبل مع الأصنام الحجرية، بل هي العبادة المتمثلة بالطاعة للأصنام البشرية، ولهذا نجد أهل البيت (عليهم السلام) حذروا الناس ولا سيما من شيعتهم ومواليهم من أن ينصبوا حجة عليهم غير الحجة التي نصبها الله عز وجل وهم أهل البيت (عليهم السلام).
    حيث ورد عن أبي حمزة الثمالي وهو من خواص شيعة أهل البيت (عليهم السلام) إن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: ( إياك أن تنصب رجلاً دون الحجة فتصدقه في كل ما قال )( بحار الأنوار ج2 ص83، الكافي ج2 ص298، وسائل الشيعة ج27 ص126 ).
    بل أكثر من ذلك فقد ورد إن أئمة أهل البيت قد ذموا عوام المسلمين لتقليدهم علمائهم، كونهم قد نصبوا حجج يصدقونهم في كل ما قالوا.
    وهذا يوقع في محذورين الأول إما أن يكون هؤلاء العلماء أو الفقهاء من ذوي الثقة والمكانة العلمية وهذا شيء حسن، بيد انه لا يمكن الركون إليهم بأخذ الأحكام منهم مطلقاً بغير رواية صريحة عن المعصومين (عليهم السلام) تخص هذه الإحكام لأنهم غير معصومين وقد يأمرون بمعصية فنحن بذلك نعبدهم كما مر بنا آنفاً.
    وبذلك يكونوا بمقام الأصنام التي تعبد من دون الله عز وجل كما هو حال الأصنام التي من حجر أو من خشب.
    وأما أن يكون هؤلاء العلماء هم علماء سوء فهم حتماً بمقتضى الحال سيأمرون بمعصية والتي تفضي إلى نفس النتيجة وهي كعبادتهم فيصبحوا بذلك أصناماً بشرية تعبد من دون الله سبحانه وتعالى.

    الدليل الثالث:
    وهو تطابق الدور الذي لعبته الأصنام الحجرية في أول الزمان من حيث ظاهرها مع الدور الذي تلعبه الأصنام البشرية في آخر الزمان من حيث باطنها والمُنصب على أمرين :

    الأمر الأول:
    إن وجود الأصنام الحجرية الظاهرية والتي نحتها ونصبها المشركون بأيديهم تسببت في فرقة الناس وتشتتهم عن عبادة الله الواحد الأحد إلى عبادة أربابا متعددين والممثلين بثلاثمائة وستين صنماً التي كان يعبدها العرب من قبل. تلك الحقيقة التي أشار إليها القرآن بقوله تعالى {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ }( يوسف(39) ).
    وهذا بعينه ما تفعله الأصنام البشرية من فقهاء السوء حيث أنها ستُشتت المسلمين والشيعة منهم على وجه الخصوص إلى طرق متعددة يختلط بها الحابل بالنابل فلا يعرف الناس أي طريق منها يسلكون وأي عالم أو فقيهاً يتبعون.
    حيث وردت عدة روايات تؤكد اختلاف الشيعة قبيل قيام الإمام الحجة المنتظر (عليه السلام) الذي يقوم بقتل فقهاء السوء الذين هم سبب الاختلاف.
    حيث ورد عن مالك بن ضمرة عن الإمام علي (عليه السلام) قال: ( يا مالك بن ضمرة كيف أنت إذا اختلفت الشيعة هكذا، وشبك بين أصابعه وأدخل بعضها في بعض .
    فقلت: يا أمير المؤمنين ما عند ذلك من خير.
    قال: الخير كله عند ذلك، يا مالك عند ذلك يقوم قائمنا فيقدم سبعين رجلاً يكذبون على الله فيقتلهم ثم يجمعهم على أمر واحد ) ( غيبة النعماني ص206 ).
    وجاء في رواية أخرى عن الإمام الحسين (عليه السلام) انه قال: (لا يكون الأمر الذي تنتظرونه حتى يبرأ بعضكم من بعض ويتفل بعضكم في وجوه بعض ويشهد بعضكم على بعض بالكفر ويلعن بعضكم بعضاً.
    فقلت له ما في ذلك الزمان من خير، فقال الحسين (عليه السلام): الخير كله في ذلك الزمان، يقوم قائمنا ويدفع ذلك كله )( غيبة النعماني ص205 ).
    وجاء في رواية ثالثة عن أهل البيت (عليهم السلام) إن الإمام المهدي (عليه السلام) يدعوا إلى الله بالسيف بقولهم: ( يدعوا إلى الله بالسيف ويرفع المذاهب عن الأرض فلا يبقى إلا الدين الخالص، أعداءه مقلدة العلماء وأهل الاجتهاد لما يرونه من الحكم بخلاف ما ذهب إليه أئمتهم ...)( نور الأنوار ص342 ).
    وتدل هذه الرواية على إن تعدد المذاهب والفرق لا يقتصر على فرق أهل السنة كما يتبادر إلى الذهن، بل إن هذه الفرقة تكون حتى داخل المذهب الشيعي بدليل قوله: ( أعداءه مقلدة العلماء أهل الاجتهاد) والتقليد هو من الأمور المتعارف عليها عند الشيعة بصورة خاصة.
    فيتبين لنا إن فقهاء السوء في آخر الزمان سيفرقون الناس إلى عدة فرق وطرق تؤدي بهم إلى الابتعاد عن طريق الله عز وجل، كما فعل أتباع الأصنام الحجرية من قبل .

    الأمر الثاني:
    وهو يشير إلى التطابق بين الأصنام الحجرية الظاهرية في أول الزمان وبين الأصنام البشرية الباطنية في آخر الزمان هو تعدد مسميات كلا الطرفين والتي تكون في كثير من الأحيان مخالفة لما جاء عن الله عز وجل من تخصيصه هذه المسميات لمن يريده عز وجل من عباده فكما يعلم الجميع إن الأصنام أيام الجاهلية كان كل واحد منها يحمل اسماً معيناً أطلقه عليه الذي نحته أو صنعه من المشركين كاللات والعزى وهبل ومناة وغيرها.
    وهذا ما سيحدث مع الأصنام البشرية حيث إن الناس سينصبون أصناما من بشر ويطلقون عليهم أسماء وألقاب مختصة بألقاب الأئمة والتي سماهم بها الله عز وجل وهم أهل البيت (عليهم السلام).
    وهذا من الأمور الدارجة عند المسلمين من قبل والتي لا تختص بآخر الزمان فقط، حيث ورد في تفسير قوله تعالى {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ } ( البقرة(171) ).
    عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) انه قال: ( قال الله عز وجل مثل الذين كفروا في عبادتهم الأصنام واتخاذهم الأنداد من دون محمد وعلى ( صلوات الله عليهما ) كمثل الذي ينعق بما لا يسمع يصوت بما لا يسمع إلا دعاء ونداء لا يفهم المراد منه فيتعب المستغيث به ويعين مَن استغاثة صم بكم من الهدى في إتّباعهم الأنداد من دون الله والأضداد لأولياء الله الذين سموهم بأسماء خيار خلفاء الله ولقبوهم بألقاب أفاضل الأئمة الذين نصبهم الله لإقامة دين الله فهم لا يعقلون أمر الله عز وجل.
    فقال علي بن الحسين هذا في عبادة الأصنام وفي النصاب لأهل بيت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) نبي الله ، هم أتباع إبليس ...)( بحار الأنوار ج9 ص187).
    وبطبيعة الحال فالرواية بالظاهر تشير إلى إن هؤلاء الأنداد الذي أنزلهم الإمام زين العابدين (عليه السلام) محل الأصنام والذين اسماهم الناس بأسماء خيار الخلفاء هم الخلفاء الذين غصبوا الخلافة من أهل البيت (عليهم السلام).
    وهؤلاء الأنداد مرة يتمثلون بالخلفاء أيام الأئمة الأحد عشر (عليهم السلام) ومرة يتمثلون بأئمة وفقهاء السوء في عصر الإمام المهدي (عليه السلام) والذين يعملون على صد الناس عنه (عليه السلام) وعن دعوته التي تسبق ظهوره.
    والدليل على ذلك إن الإمام زين العابدين (عليه السلام) قرن الأصنام وعبادتها بهؤلاء الأنداد أي انه جعل كل ند منهم بمثابة صنم.
    وبطبيعة الحال إن هؤلاء الأنداد سيواكبون أهل البيت (عليهم السلام) في كل عصر إلى أن يصل الدور إلى عصر الإمام المهدي وهم بذلك يكونوا أصنام عصره.
    وهنا تكمن الخطورة البالغة للأصنام البشرية في آخر الزمان كونها تقف بوجه الإمام المهدي (عليه السلام) وتصد الناس عنه وعن دعوته وذلك بواسطة أقوالهم وفتاويهم الضالة المضلة التي ينساق وراءها أتباعهم ومريديهم.
    ولذلك فهي أشد واخطر من الأصنام التي من حجر لأنها تتجادل وتتكلم بعكس الأصنام الحجرية لأنها صماء لا تتكلم، ولهذا فإن مهمة الإمام المهدي (عليه السلام) في تحطيمها تكون شديدة لأن هؤلاء الأصنام البشرية يخرجون ويتأولون عليه كتاب الله كما مر بنا.
    إذن علينا في نهاية المطاف وكشيعة موالين لأهل البيت (عليهم السلام) ونعيش في عصر ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) أن نحذر من الأصنام البشرية الممثلة بفقهاء الضلالة من أن تظلنا عن إمام زماننا ( عليه السلام).
    فنصبح من حيث لا نشعر في جملة من يقول له ارجع يا ابن فاطمة لا حاجة لنا بك.

    تعليق

    يعمل...
    X