الأدلة على وجود الجاهلية الثانية
من فكر السيد القحطاني
أشار القرآن إلى وجود جاهلية ثانية تتلو الجاهلية الأولى، والجاهلية الثانية تنتشر بين أوساط المسلمين وتكون بين ظهرانيهم إيذاناً بقرب قيام القائم (عليه السلام)، والشواهد القرآنية كثيرة على ذلك منها قوله تعالى:
{ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ}( آل عمران (154) ).
وقوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}( الأحزاب (33) ).
وقوله تعالى: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ}( الفتح (26) ).
فهذه الآيات تشير إلى وجود الجاهلية، وبما ان القرآن حاكي عن كل زمان فيثبت بالدليل القرآني أن هناك جاهلية ثانية تسبق قيام الإمام المهدي (عليه السلام).
وإذا جئنا إلى الأحاديث المروية عن الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وأهل بيته (عليهم السلام) لوجدنا أنها تؤكد على وجود جاهلية ثانية .
فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) أنه قال: (بعثت بين جاهليتين لآخرهما شرّ من أولهما)( العقل والجهل في الكتاب والسنة لمحمد الرشيري ص273 ).
وفي ذلك إشارة واضحة إلى وجود جاهلية ثانية تعقب قيام الدعوة المحمدية تكون أشد تطرفاً من الجاهلية الأولى كما هو واضح من سياق الرواية، كما ورد عنه (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) أنه قال: ( أبغض الناس إلى الله ثلاثة ملحد في الحرم ومُتبع في الإسلام سنة الجاهلية، ومطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه)(مستدرك الوسائل ج18 ص209 ، عوالي اللآلئ ج1 ص176 ).
ومن هنا نفهم إن المسلمين في غالبيتهم يتبعون سنن الجاهلية وعاداتها على الرغم من دخولهم في الإسلام، مع العلم ان هذا يخالف الدين الإسلامي الحنيف وما جاء به من تعاليم .
ولعل هذا ما يفسر لنا قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) الآنف الذكر، من أنه بعث بين جاهليتين آخرهما أشد خطراً وأكثر شراً من الأولى، لأن الناس وعلى الرغم من إسلامهم لم يتخلصوا من عادات الجاهلية بل ظلوا محتفظين بها، وهي التي تسيرهم وبما تشتهي أنفسهم، لا بما أراد الله ورسوله وأهل البيت (عليهم السلام).
ومن هنا سيلاقي الإمام المهدي (عليه السلام) في دعوته، أشد مما لاقى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما)، لأن الناس في الأعم الأغلب سيرفضون تلك الدعوة وسيقابلونها بجاهلية مبطنة بالإسلام.
فقد ورد عن عبد الله بن زرارة عن محمد بن مروان عن الفضيل قال: ( سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن قائمنا إذا قام استقبل من جهلة الناس أشد مما استقبله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) من جهال الجاهلية.
فقلت: وكيف ذلك ؟
قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) أتى الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوتة، وإن قائمنا إذا قام أتى الناس وكلهم يتأول عليه كتاب الله ويحتج به عليه ...)( بحار الأنوار ج52 ص362 ، غيبة النعماني ص296 ).
أي إن الجاهلية الثانية التي سيلاقيها الإمام (عليه السلام) هي جاهلية مركبة، إذ تتشح هذه الجاهلية بوشاح الإسلام والذي افتقد فيها معناه ومضمونه، ولم يبق منه إلا شعارات ومسميات.
وقد صدق الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) في وصفه لأهل آخر الزمان، والمسلمين تحديداً حينما قال: ( سيأتي على الناس زمان لا يبقى من القرآن إلا رسمه ومن الإسلام إلا اسمه )( الكافي ج8 ص307 ، العدد القوية ص81 ).
كما وردت عن الأئمة المعصومين (عليهم السلام) روايات تشير بوضوح إلى وجود جاهلية ثانية تسبق قيام الإمام المهدي (عليه السلام)، منها ما جاء عن طلحة بن زيد عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن أبيه الباقر (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى: { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} أنه قال : ( أي ستكون جاهلية أخرى )( بحار الأنوار ج22 ص189 ، تفسير القمي ج2 ص193 ).
وهذه إشارة صريحة إلى وجود مثل تلكم الجاهلية في آخر الزمان. ثم إن الإمام المهدي (عليه السلام) صرح بهذا المعنى وأمر المؤمنين باتخاذ جانب التقية دفعاً لشر جهال الجاهلية.
فقد ورد عنه (عليه السلام) في توقيع للشيخ المفيد (رحمه الله) : (وهي إمارة أزوف حركتنا ومباشرتكم بأمرنا ونهينا والله متم نوره ولو كره المشركون، اعتصموا بالتقية من شب نار الجاهلية يحششها عصب أموية تهول بها فرقة مهدية، أنا زعيم بنجاة من لم يرم منها المواطن الخفية ...)(بحار الأنوار ج53 ص175 ، الاحتجاج ج2 ص495 ) .
وأخيراً نختم الأدلة الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) حول وجود جاهلية في آخر الزمان وقبل قيام القائم من آل محمد برواية عن أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث قال في حديث طويل جاء فيه: (...وشبك بين أصابعه ثم قال يقتل هذا هذا وهذا هذا هرجاً هرجاً، ويبقى طغام الجاهلية ليس فيها منار هدى ولا علم يُرى نحن أهل البيت عنها بمنجاة ولسنا فيها بدعاة...)( كتاب سليم ص715 ).
من فكر السيد القحطاني
أشار القرآن إلى وجود جاهلية ثانية تتلو الجاهلية الأولى، والجاهلية الثانية تنتشر بين أوساط المسلمين وتكون بين ظهرانيهم إيذاناً بقرب قيام القائم (عليه السلام)، والشواهد القرآنية كثيرة على ذلك منها قوله تعالى:
{ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ}( آل عمران (154) ).
وقوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}( الأحزاب (33) ).
وقوله تعالى: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ}( الفتح (26) ).
فهذه الآيات تشير إلى وجود الجاهلية، وبما ان القرآن حاكي عن كل زمان فيثبت بالدليل القرآني أن هناك جاهلية ثانية تسبق قيام الإمام المهدي (عليه السلام).
وإذا جئنا إلى الأحاديث المروية عن الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وأهل بيته (عليهم السلام) لوجدنا أنها تؤكد على وجود جاهلية ثانية .
فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) أنه قال: (بعثت بين جاهليتين لآخرهما شرّ من أولهما)( العقل والجهل في الكتاب والسنة لمحمد الرشيري ص273 ).
وفي ذلك إشارة واضحة إلى وجود جاهلية ثانية تعقب قيام الدعوة المحمدية تكون أشد تطرفاً من الجاهلية الأولى كما هو واضح من سياق الرواية، كما ورد عنه (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) أنه قال: ( أبغض الناس إلى الله ثلاثة ملحد في الحرم ومُتبع في الإسلام سنة الجاهلية، ومطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه)(مستدرك الوسائل ج18 ص209 ، عوالي اللآلئ ج1 ص176 ).
ومن هنا نفهم إن المسلمين في غالبيتهم يتبعون سنن الجاهلية وعاداتها على الرغم من دخولهم في الإسلام، مع العلم ان هذا يخالف الدين الإسلامي الحنيف وما جاء به من تعاليم .
ولعل هذا ما يفسر لنا قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) الآنف الذكر، من أنه بعث بين جاهليتين آخرهما أشد خطراً وأكثر شراً من الأولى، لأن الناس وعلى الرغم من إسلامهم لم يتخلصوا من عادات الجاهلية بل ظلوا محتفظين بها، وهي التي تسيرهم وبما تشتهي أنفسهم، لا بما أراد الله ورسوله وأهل البيت (عليهم السلام).
ومن هنا سيلاقي الإمام المهدي (عليه السلام) في دعوته، أشد مما لاقى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما)، لأن الناس في الأعم الأغلب سيرفضون تلك الدعوة وسيقابلونها بجاهلية مبطنة بالإسلام.
فقد ورد عن عبد الله بن زرارة عن محمد بن مروان عن الفضيل قال: ( سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن قائمنا إذا قام استقبل من جهلة الناس أشد مما استقبله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) من جهال الجاهلية.
فقلت: وكيف ذلك ؟
قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) أتى الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوتة، وإن قائمنا إذا قام أتى الناس وكلهم يتأول عليه كتاب الله ويحتج به عليه ...)( بحار الأنوار ج52 ص362 ، غيبة النعماني ص296 ).
أي إن الجاهلية الثانية التي سيلاقيها الإمام (عليه السلام) هي جاهلية مركبة، إذ تتشح هذه الجاهلية بوشاح الإسلام والذي افتقد فيها معناه ومضمونه، ولم يبق منه إلا شعارات ومسميات.
وقد صدق الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) في وصفه لأهل آخر الزمان، والمسلمين تحديداً حينما قال: ( سيأتي على الناس زمان لا يبقى من القرآن إلا رسمه ومن الإسلام إلا اسمه )( الكافي ج8 ص307 ، العدد القوية ص81 ).
كما وردت عن الأئمة المعصومين (عليهم السلام) روايات تشير بوضوح إلى وجود جاهلية ثانية تسبق قيام الإمام المهدي (عليه السلام)، منها ما جاء عن طلحة بن زيد عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن أبيه الباقر (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى: { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} أنه قال : ( أي ستكون جاهلية أخرى )( بحار الأنوار ج22 ص189 ، تفسير القمي ج2 ص193 ).
وهذه إشارة صريحة إلى وجود مثل تلكم الجاهلية في آخر الزمان. ثم إن الإمام المهدي (عليه السلام) صرح بهذا المعنى وأمر المؤمنين باتخاذ جانب التقية دفعاً لشر جهال الجاهلية.
فقد ورد عنه (عليه السلام) في توقيع للشيخ المفيد (رحمه الله) : (وهي إمارة أزوف حركتنا ومباشرتكم بأمرنا ونهينا والله متم نوره ولو كره المشركون، اعتصموا بالتقية من شب نار الجاهلية يحششها عصب أموية تهول بها فرقة مهدية، أنا زعيم بنجاة من لم يرم منها المواطن الخفية ...)(بحار الأنوار ج53 ص175 ، الاحتجاج ج2 ص495 ) .
وأخيراً نختم الأدلة الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) حول وجود جاهلية في آخر الزمان وقبل قيام القائم من آل محمد برواية عن أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث قال في حديث طويل جاء فيه: (...وشبك بين أصابعه ثم قال يقتل هذا هذا وهذا هذا هرجاً هرجاً، ويبقى طغام الجاهلية ليس فيها منار هدى ولا علم يُرى نحن أهل البيت عنها بمنجاة ولسنا فيها بدعاة...)( كتاب سليم ص715 ).