التكنولوجيا في عصر الظهور
من فكر السيد القحطاني
كنا نسمع منذ ان كنا صغاراً كلاماً مفاده ان المهدي (ع) اذا خرج تتعطل كل الالات او اكثرها بل وحتى ان الناس يعودون الى وسائط النقل القريبة من الخيل والبغال والجمال وما شابه ويعود القتال بالسيوف والخناجر وما الى ذلك من الكلام والاستنساخ على هذا النمط من السلوك الحياتي ، وبمعنى اخر انه (ع) يعيد الناس الى الوراء كثيراً بما يدل على انه (ع) ضد التطور التكنولوجي . ومما يثير الاهتمام ان الكثير من الناس ومن مختلف شرائع لا زالوا يعتقدون هذا الاعتقاد ويفكرون بهذا الاسلوب والحقيقة ان هذه المسائل لم تأتي من فراغ بل هي مبنية على شبهات تولدت في اذهان بعض العلماء في العصور السابقة عندما تعرضوا للروايات التي تصف زمن الامام (ع) فأن هؤلاء العلماء الذين لم يدركوا عصر التكنولوجيا وما وصلت اليه الامم الان لا يمكن ان يستوعبوا تلك الروايات بالمفهوم المراد منها وبما يتلائم مع عصر الامام (ع) وكما كان يؤكد السيد الشهيد ( الصدر الثاني ) مراراً وتكراراً ( هذه حدود فهمي والانسان لا يتعدى حدود فهمه ) .
عموماً هذا النوع من الفهم للروايات كان وما زال سائداً عند الكثير من الناس وهو فهم خاطئ ومحدود بدأ يتضح بطلانه في الاونة الاخيرة ، وذلك من عدة جوانب: -
الجانب الاول :-لم يثبت في الشريعة أي قانون سماوي يؤكد ان المصلحين الالاهيين جاءوا ضد العلم والتطور او انهم عندما يأتون يحاولون ارجاع الناس الى وسائل التخلف بل العكس من ذلك نجد الكثير مما يؤكد ان انبياء الله كانوا ذوي صناعات وحرف وكانوا يعلمون الناس اشياء جديدة تسهل عليهم سبل العيش بل ويعزى اساس كل العلوم النفعية لهم عليهم السلام .
الجانب الثاني :- ان النصوص التي تتحدث عن عصر الامام (ع) سواءً كانت آيات او روايات لها القابلية على الانطباق على المعاني المعاصرة ولا يقتصر معناها على المفاهيم القديمة .
الجانب الثالث : - ان فكرة تعطيل الالات مبتنية على فهم خاص لتلك المرحلة المنتظرة مفاده ان الامام يعطل الالات لكي يتمكن من مواجهة اعداءه بالاسلحة القديمة . هذا اولاً ، وثانياً ان بعض وسائل التكنولوجيا وادواتها تسبب الانحراف الاخلاقي في الامم وما الى ذلك . وهذا كله مردود من حيث اننا اذا توصلنا الى امكانية السيطرة على تلك الالات والمعدات بطرق علمية ومقابلتها بما يفوقها تطوراً كما قد بينا في العدد الثاني من صحيفتنا تحت عنوان اسلحة الامام المهدي (ع) ، اذن تنتفي الحاجة الى الغاء التكنولوجيا وارجاع الناس الى السيف والخنجر والحصان والحمار وما شابه واما الوسائل التي تسبب الانحراف الاخلاقي فمعلوم انها سلاح ذو حدين فعلى قدر اضرارها في المجتمعات في حال وجودها تحت سيطرة اعداء الهن فأنها اعظم فائدة ، منفعة اذا ما كانت تحت سيطرة اولياء الله .
وبعد عرض هذه الفكرة المبسطة عن بطلان الفهم السابق لحالة عصر الامام (ع) وما هو عليه حينها لم يبقى امامنا سوى عرض بعض الروايات التي تتحد عن التطور الهائل والتقنية العالية التي يصلها واظهار الحقيقة التي اراد المعصومون (ع) رسمها لنا عن عصر الموعود .
ومن هذه الروايات ما جاء عن الامام الصادق (ع) في مختصر بصائر الدرجات ص117وفي الخرائج ج2 ، ص841 ، وفي بحار الانوار ج52 ص326 ونقله عنهم صاحب كتاب ( في رحاب حكومة الامام المهدي (عجل الله فرجه ) فقال :
عن ابي عبد الله (ع) قال : ( العلم سبعة وعشرون حرفاً ، فجميع ما جاءت به الرسل حرفان . فلم يعرف الناس حتى اليوم غير الحرفين ، فأذا قام قائمنا ، اخرج الخمسة والعشرين حرفاً فبثها في الناس ، وضم اليها الحرفين حتى يبثها سبعة وعشرين حرفاًً ) .
يستفاد من هذه الرواية ان هناك وحدة قياس للعلوم التي في الارض تسمى الحرف عند اهل البيت (ع) فكما كان الناس لا يعلمون شيئاً عن وحدة قياس المسافات الفضائيات الا مؤخراً ولكن في الواقع ان النبي الاكرم اخبر عنها قبل (14) قرناً وفي ليلة معراجه الى السماء فكان يقول ما بين السماء الاولى والثانية خمسمائة عام وسمكها كذلك وايضاً في مثل هذا جعلت العلوم ضمن وحدة قياس معينة سماها الاوائل احرف على هذا كان وما يزال مقدار العلوم التي توصلت اليها الانسانية جمعاء لم يتجاوز حرفين على ذلك المقياس ولكن ما ان يأتي عصر الامام حتى يبدأ بتعليم الناس بما يوصلهم الى قمة ما هو موجود من العلوم وما أذن الله به وهو سبعاً وعشرين حرفاً .
ولأجل الاستفادة من هذه العلوم في تحقق التطور والسعادة لكل المجتمعات لا بد من ان يمتلك هذا القائد العظيم (ع) اموراً يستطيع بها ان يجر المجتمعات نحو السعادة والكمال ومن هذه الامور :-
1- القانون الالهي الذي يهدي الناس الى الكمال.
2- العلم الذي يستعمله في سبيل تحقيق الرفاهية والحياة الكريمة ..
3- القدرة والامكانية في الاسلحة وغيرها بما يمكنه من ازالة المفسدين الذين يعيقون مسيرة التكامل البشري.
وهذا ما اكدته الرواية الواردة عن الامام الباقر (ع) حيث قال : ( منا الامام الذي يكون عنده الكتاب والعلم والسلاح ) . نقله صاحب كتاب الزام الناصب في الجزء الاول صفحة 222.
وكما ان الناس في العصور السابقة لم يكونوا يتصورون هذا العصر وما فيه من مظاهر غريبة فأننا لو تأملنا في الروايات وفي ما تحمله بين طياتها فقد نصل الى نتائج لا يقبلها أي عقل وان كان متفتحاً ومرناً وقابلاً للتوسعة ، ولكن هناك اموراً اصبحنا قادرين على ادراكها وبالتالي قبولها بعكس من كانوا قبلنا من الاجيال السابقة . فهناك نمط من الروايات التي تتحدث عن وسائل الاتصال واجهزته ومعداته كانت والى عهد قريب لا يمكن ان تقبل الا على نحو المعجزة ولكنها الان باتت سهلة التصور والهضم الفكري . فمسألة كون الانسان في مشرق الارض يرى اخاه ويكلمه وهو في غربها اصبحت الان متحصلة من خلال اجهزة الاتصال المختلفة وخصوصاً المرتبطة بالاقمار الصناعية وهذا ما يؤكد اننا في عصر الظهور المقدس فقد جاء في بحار الانوار ج52 ص391 وفي حق اليقين ج1 ، ص29 عن ابن مسكان قال : سمعت ابا عبد الله (ع) يقول : ( إن المؤمن في زمان القائم وهو بالمشرق يرى اخاه الذي في المغرب وكذا الذي في المغرب يرى اخاه الذي في المشرق )) .
ومما يؤكد ما قدمناه من ان الامام (ع) يشجع على الاستفادة من التكنولوجيا ولا يعطلها ما جاء في الروايات التي تؤكد انه يحادثه شيعته ويتصل بهم في كل انحاء العالم وفي نفس الوقت ويكون الرجل منهم على مقربة منه وهو يحادثه بمسافة لا تعد بالامتار وما الى ذلك فقد جاء عن ابي الربيع الشامي قال : سمعت ابا عبد الله (ع) يقول : ( ان قائمنا اذا قام مد الله لشيعتنا في اسماعهم وابصارهم حتى لا يكون بينهم وبين القائم بريد يكلمهم فيسمعون وينظرون اليه وهو في مكانه ) . جاء ذلك في العديد من المصادر منها الكافي ج8 ، ص240 الخرائج ومختصر البصائر والبحار وغيرها .
ثم انه جاء في الروايات ما يؤكد انه (ع) سيستعمل اجهزة متطورة في التصوير والبث الاذاعي والفضائي ومنها ما يكون خاصاً به لنقل كل افعاله واقواله (ص) على استمرار ليتمكن لجميع من متابعة ذلك على اختلاف اماكنهم فقد ذكر صاحب البحار في ص6 من ج53 عن المفضل بن عمر قال : يا سيدي - الصادق (ع) - ففي اي بقعة يظهر المهدي ؟ قال (ع) : ( لا تراه عين في وقت ظهوره الا رأته كل عين ، فمن قال لكم غير هذا فكذبوه ) .
بل ويتعدى وصف تلك التكنولوجيا الى حد غير متوفر الان يجعل الناس يعتقدون انه (ع) معهم الان وفي بلادهم وان تباعدت وتكاثرت وهذا كله في ان واحد فكما جاء عن ابي عبد الله (ع) انه قال : ( كأني بالقائم قد لبس درع رسول الله (ع) ..... لا يبقى اهل بلاد الا وهم يرون انه معهم في بلادهم ) غيبة النعماني ص329 كمال الدين ج2 ص671 البحار ج52 ص325 وغير ذلك من المصادر .
ومن هذه الرواية يظهر لنا ان الناس في عصره (ع) يرونه بوسائل متطورة جداً تجعلهم اهل كل بلد ينظرون الى الامام على انه معهم الان وفي بلدهم وقطعا هذا لا يكون من خلال شاشات التلفزة او الانترنيت او الهواتف النقالة بل هي وسائل لم نصل اليها الى الان ومما يؤكد انه قريب من عصرنا هذا ان الكثير من التقنيات التي تتحدث عنها الروايات موجودة الان ومعلومة لدى اغلب الناس عدا التقنيات الفائقة المدخرة لعصره (ع) والتي هو سوف يطورها ومن هذه الروايات ما جاء عن طرق اخواننا اهل الجماعة ايضاً فضلاً عما عندنا فقد اورد صاحب جامع الاخبار في ج11 ص81 هذا الحديث عن النبي (ص) قوله : ( والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى يخرج احدكم من اهله فيخبره نعله او سوطه او عصاه بما احدث اهله بعده ) .
وفي هذه الرواية معاني كثيرة وكلام كثير ولكن رعاية للاختصار اقول ان اصبح معلوماً الان ان الشركات العالمية تزود دوائر الاستخبارات العالمية بأجهزة تصوير ومراقبة وتنصت يوضع بعضها في حذاء الانسان وبعضه في ازرار ملابسه وما شابه اما استعمال الرواية للفظة سوط ففيه تأويل لأن السوط فيه كانت تسير الدابة وتحرك والان حل محله مفاتيح السيارة والتي حلت محل الدابة انذاك ولا يخفى ان الكثير من شركات السيارات الان انتجت مفاتيح فيها جهاز تحكم عن بعد في اقفال السيارة وتشغيلها وايضاً هناك شركات صنعت اجهزة مراقبة في مثل هذه المفاتيح . عموماً جو الرواية العام يشير الى الدقة العالية في المراقبة وتسجيل افعال اهل الانسان وسواء كانت زوجته او باقي افراد عائلته ثم عرضها عليه .
بل هناك نوعاً من الروايات تعدد هذا النمط الى الحد الذي يمكن معه تصور اجهزة تتمكن من التقاط الموجات المحفوظة في الجدران وفرزها وترجمتها الى اللغة العادية بما يكشف ما تحدث به الانسان في وقت سابق وهذا ما يؤكد الخبر الوارد عن ابي جعفر (ع) حيث قال : ( انما سمي المهدي لأنه يهدي الى امر خفي ، حتى انه يبعث الى رجل لا يعلم الناس له ذنب ، فيقتله حتى ان احدهم يتكلم في بيته فيخاف ان يشهد عليه الجدار ) ذكر ذلك النعماني في غيبته ص319 والعلامة في بحاره ج52 ص365 ومن قوله (ع) : ( يشهد عليه الجدار ) يفهم المعنى المتقدم ولعل البعض يفهم منه ما تفعله الان بعض دوائر الاستخبارات العالمية من وضع كاميرات غير ملحوظة في الجدران عموماً هذا وان كان بعيد تحقيقه في كل المنازل ومع ذلك لا ينافي ما ذكرناه من الاستفادة من هذه الوسائل في عصره (ع) .
ثم لا يخفى على الكثير انه ثم مؤخراً الاعلان في معارض التكنولوجيا العالمية عن صناعة اجهزة كومبيوتر كفيه اي بحجم الكف وانها ستبث قريباً في الاسواق العالمية وهذه الاجهزة التي بحجم الكف يمكن ان تحمل الكثير من المعلومات والبيانات المهمة بل ويمكن اضافة قطع لها بما يجعل ذاكرتها اوسع من المتوقع ومعلوم لدى الكثير ان قرصاً مدمجاً واحداً يمكنه ان يحمل مكتبة كاملة لأكثر من ثلاثة الاف كتاب من الكتب المتداولة بين الناس الان .
وعلى هذا يكون الشخص قادراً على حمل هذه المعلومات الهائلة وهي تنتقل معه اينما كان وبنفس الوقت يتمكن من الاتصال مع اي شخص كان فيراه ويكلمه من خلال خدمة الانترنيت وبهذا يسهل فهم بعض الروايات التي تصف اصحاب وعمال الامام (ع) الذين يوزعهم للعمل في البلدان المختلفة ويكلفهم بالقضاء بين الناس ومشاكلهم طبقا للقوانين والضوابط التي يعطيها له مهما كانت المشاكل وفي اي مكان او وقت كان فيمكنه الرجوع الى ما عنده في يده ومراجعة القوانين والضوابط المطلوب تطبيقها ولا يصعب عليه الامر فقد جاء عن الصادق (ع) انه قال : ( اذا قام القائم (عج) في اقاليم الارض في كل اقليم رجل يقول عهدك في كفك فاذا ورد عليك ما لا تفهمه ولا تعرف القضاء فيه فأنظر الى كفك واعمل بما فيه ) غيبة النعماني ص319 ج8 .
وبهذا المختصر والبحث المبسط يتبين اننا اقتربنا كثيراً من الفرج بل واننا في الظهور المقدس وذلك لأنطباق الكثير من هذه الروايات وتحققها في زمننا هذا ويتضح ايضاً اننا مقبلين على تطور هائل يفوق ما توصلت اليه البشرية جمعاء بل ويفوق خيالهم . نسأل الله ان يفتح للامام (ع) ويسهل له المخرج ويوفقنا لنصرة لنصرته والثبات على طاعته وولايته . والحمد لله رب العالمين.
من فكر السيد القحطاني
كنا نسمع منذ ان كنا صغاراً كلاماً مفاده ان المهدي (ع) اذا خرج تتعطل كل الالات او اكثرها بل وحتى ان الناس يعودون الى وسائط النقل القريبة من الخيل والبغال والجمال وما شابه ويعود القتال بالسيوف والخناجر وما الى ذلك من الكلام والاستنساخ على هذا النمط من السلوك الحياتي ، وبمعنى اخر انه (ع) يعيد الناس الى الوراء كثيراً بما يدل على انه (ع) ضد التطور التكنولوجي . ومما يثير الاهتمام ان الكثير من الناس ومن مختلف شرائع لا زالوا يعتقدون هذا الاعتقاد ويفكرون بهذا الاسلوب والحقيقة ان هذه المسائل لم تأتي من فراغ بل هي مبنية على شبهات تولدت في اذهان بعض العلماء في العصور السابقة عندما تعرضوا للروايات التي تصف زمن الامام (ع) فأن هؤلاء العلماء الذين لم يدركوا عصر التكنولوجيا وما وصلت اليه الامم الان لا يمكن ان يستوعبوا تلك الروايات بالمفهوم المراد منها وبما يتلائم مع عصر الامام (ع) وكما كان يؤكد السيد الشهيد ( الصدر الثاني ) مراراً وتكراراً ( هذه حدود فهمي والانسان لا يتعدى حدود فهمه ) .
عموماً هذا النوع من الفهم للروايات كان وما زال سائداً عند الكثير من الناس وهو فهم خاطئ ومحدود بدأ يتضح بطلانه في الاونة الاخيرة ، وذلك من عدة جوانب: -
الجانب الاول :-لم يثبت في الشريعة أي قانون سماوي يؤكد ان المصلحين الالاهيين جاءوا ضد العلم والتطور او انهم عندما يأتون يحاولون ارجاع الناس الى وسائل التخلف بل العكس من ذلك نجد الكثير مما يؤكد ان انبياء الله كانوا ذوي صناعات وحرف وكانوا يعلمون الناس اشياء جديدة تسهل عليهم سبل العيش بل ويعزى اساس كل العلوم النفعية لهم عليهم السلام .
الجانب الثاني :- ان النصوص التي تتحدث عن عصر الامام (ع) سواءً كانت آيات او روايات لها القابلية على الانطباق على المعاني المعاصرة ولا يقتصر معناها على المفاهيم القديمة .
الجانب الثالث : - ان فكرة تعطيل الالات مبتنية على فهم خاص لتلك المرحلة المنتظرة مفاده ان الامام يعطل الالات لكي يتمكن من مواجهة اعداءه بالاسلحة القديمة . هذا اولاً ، وثانياً ان بعض وسائل التكنولوجيا وادواتها تسبب الانحراف الاخلاقي في الامم وما الى ذلك . وهذا كله مردود من حيث اننا اذا توصلنا الى امكانية السيطرة على تلك الالات والمعدات بطرق علمية ومقابلتها بما يفوقها تطوراً كما قد بينا في العدد الثاني من صحيفتنا تحت عنوان اسلحة الامام المهدي (ع) ، اذن تنتفي الحاجة الى الغاء التكنولوجيا وارجاع الناس الى السيف والخنجر والحصان والحمار وما شابه واما الوسائل التي تسبب الانحراف الاخلاقي فمعلوم انها سلاح ذو حدين فعلى قدر اضرارها في المجتمعات في حال وجودها تحت سيطرة اعداء الهن فأنها اعظم فائدة ، منفعة اذا ما كانت تحت سيطرة اولياء الله .
وبعد عرض هذه الفكرة المبسطة عن بطلان الفهم السابق لحالة عصر الامام (ع) وما هو عليه حينها لم يبقى امامنا سوى عرض بعض الروايات التي تتحد عن التطور الهائل والتقنية العالية التي يصلها واظهار الحقيقة التي اراد المعصومون (ع) رسمها لنا عن عصر الموعود .
ومن هذه الروايات ما جاء عن الامام الصادق (ع) في مختصر بصائر الدرجات ص117وفي الخرائج ج2 ، ص841 ، وفي بحار الانوار ج52 ص326 ونقله عنهم صاحب كتاب ( في رحاب حكومة الامام المهدي (عجل الله فرجه ) فقال :
عن ابي عبد الله (ع) قال : ( العلم سبعة وعشرون حرفاً ، فجميع ما جاءت به الرسل حرفان . فلم يعرف الناس حتى اليوم غير الحرفين ، فأذا قام قائمنا ، اخرج الخمسة والعشرين حرفاً فبثها في الناس ، وضم اليها الحرفين حتى يبثها سبعة وعشرين حرفاًً ) .
يستفاد من هذه الرواية ان هناك وحدة قياس للعلوم التي في الارض تسمى الحرف عند اهل البيت (ع) فكما كان الناس لا يعلمون شيئاً عن وحدة قياس المسافات الفضائيات الا مؤخراً ولكن في الواقع ان النبي الاكرم اخبر عنها قبل (14) قرناً وفي ليلة معراجه الى السماء فكان يقول ما بين السماء الاولى والثانية خمسمائة عام وسمكها كذلك وايضاً في مثل هذا جعلت العلوم ضمن وحدة قياس معينة سماها الاوائل احرف على هذا كان وما يزال مقدار العلوم التي توصلت اليها الانسانية جمعاء لم يتجاوز حرفين على ذلك المقياس ولكن ما ان يأتي عصر الامام حتى يبدأ بتعليم الناس بما يوصلهم الى قمة ما هو موجود من العلوم وما أذن الله به وهو سبعاً وعشرين حرفاً .
ولأجل الاستفادة من هذه العلوم في تحقق التطور والسعادة لكل المجتمعات لا بد من ان يمتلك هذا القائد العظيم (ع) اموراً يستطيع بها ان يجر المجتمعات نحو السعادة والكمال ومن هذه الامور :-
1- القانون الالهي الذي يهدي الناس الى الكمال.
2- العلم الذي يستعمله في سبيل تحقيق الرفاهية والحياة الكريمة ..
3- القدرة والامكانية في الاسلحة وغيرها بما يمكنه من ازالة المفسدين الذين يعيقون مسيرة التكامل البشري.
وهذا ما اكدته الرواية الواردة عن الامام الباقر (ع) حيث قال : ( منا الامام الذي يكون عنده الكتاب والعلم والسلاح ) . نقله صاحب كتاب الزام الناصب في الجزء الاول صفحة 222.
وكما ان الناس في العصور السابقة لم يكونوا يتصورون هذا العصر وما فيه من مظاهر غريبة فأننا لو تأملنا في الروايات وفي ما تحمله بين طياتها فقد نصل الى نتائج لا يقبلها أي عقل وان كان متفتحاً ومرناً وقابلاً للتوسعة ، ولكن هناك اموراً اصبحنا قادرين على ادراكها وبالتالي قبولها بعكس من كانوا قبلنا من الاجيال السابقة . فهناك نمط من الروايات التي تتحدث عن وسائل الاتصال واجهزته ومعداته كانت والى عهد قريب لا يمكن ان تقبل الا على نحو المعجزة ولكنها الان باتت سهلة التصور والهضم الفكري . فمسألة كون الانسان في مشرق الارض يرى اخاه ويكلمه وهو في غربها اصبحت الان متحصلة من خلال اجهزة الاتصال المختلفة وخصوصاً المرتبطة بالاقمار الصناعية وهذا ما يؤكد اننا في عصر الظهور المقدس فقد جاء في بحار الانوار ج52 ص391 وفي حق اليقين ج1 ، ص29 عن ابن مسكان قال : سمعت ابا عبد الله (ع) يقول : ( إن المؤمن في زمان القائم وهو بالمشرق يرى اخاه الذي في المغرب وكذا الذي في المغرب يرى اخاه الذي في المشرق )) .
ومما يؤكد ما قدمناه من ان الامام (ع) يشجع على الاستفادة من التكنولوجيا ولا يعطلها ما جاء في الروايات التي تؤكد انه يحادثه شيعته ويتصل بهم في كل انحاء العالم وفي نفس الوقت ويكون الرجل منهم على مقربة منه وهو يحادثه بمسافة لا تعد بالامتار وما الى ذلك فقد جاء عن ابي الربيع الشامي قال : سمعت ابا عبد الله (ع) يقول : ( ان قائمنا اذا قام مد الله لشيعتنا في اسماعهم وابصارهم حتى لا يكون بينهم وبين القائم بريد يكلمهم فيسمعون وينظرون اليه وهو في مكانه ) . جاء ذلك في العديد من المصادر منها الكافي ج8 ، ص240 الخرائج ومختصر البصائر والبحار وغيرها .
ثم انه جاء في الروايات ما يؤكد انه (ع) سيستعمل اجهزة متطورة في التصوير والبث الاذاعي والفضائي ومنها ما يكون خاصاً به لنقل كل افعاله واقواله (ص) على استمرار ليتمكن لجميع من متابعة ذلك على اختلاف اماكنهم فقد ذكر صاحب البحار في ص6 من ج53 عن المفضل بن عمر قال : يا سيدي - الصادق (ع) - ففي اي بقعة يظهر المهدي ؟ قال (ع) : ( لا تراه عين في وقت ظهوره الا رأته كل عين ، فمن قال لكم غير هذا فكذبوه ) .
بل ويتعدى وصف تلك التكنولوجيا الى حد غير متوفر الان يجعل الناس يعتقدون انه (ع) معهم الان وفي بلادهم وان تباعدت وتكاثرت وهذا كله في ان واحد فكما جاء عن ابي عبد الله (ع) انه قال : ( كأني بالقائم قد لبس درع رسول الله (ع) ..... لا يبقى اهل بلاد الا وهم يرون انه معهم في بلادهم ) غيبة النعماني ص329 كمال الدين ج2 ص671 البحار ج52 ص325 وغير ذلك من المصادر .
ومن هذه الرواية يظهر لنا ان الناس في عصره (ع) يرونه بوسائل متطورة جداً تجعلهم اهل كل بلد ينظرون الى الامام على انه معهم الان وفي بلدهم وقطعا هذا لا يكون من خلال شاشات التلفزة او الانترنيت او الهواتف النقالة بل هي وسائل لم نصل اليها الى الان ومما يؤكد انه قريب من عصرنا هذا ان الكثير من التقنيات التي تتحدث عنها الروايات موجودة الان ومعلومة لدى اغلب الناس عدا التقنيات الفائقة المدخرة لعصره (ع) والتي هو سوف يطورها ومن هذه الروايات ما جاء عن طرق اخواننا اهل الجماعة ايضاً فضلاً عما عندنا فقد اورد صاحب جامع الاخبار في ج11 ص81 هذا الحديث عن النبي (ص) قوله : ( والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى يخرج احدكم من اهله فيخبره نعله او سوطه او عصاه بما احدث اهله بعده ) .
وفي هذه الرواية معاني كثيرة وكلام كثير ولكن رعاية للاختصار اقول ان اصبح معلوماً الان ان الشركات العالمية تزود دوائر الاستخبارات العالمية بأجهزة تصوير ومراقبة وتنصت يوضع بعضها في حذاء الانسان وبعضه في ازرار ملابسه وما شابه اما استعمال الرواية للفظة سوط ففيه تأويل لأن السوط فيه كانت تسير الدابة وتحرك والان حل محله مفاتيح السيارة والتي حلت محل الدابة انذاك ولا يخفى ان الكثير من شركات السيارات الان انتجت مفاتيح فيها جهاز تحكم عن بعد في اقفال السيارة وتشغيلها وايضاً هناك شركات صنعت اجهزة مراقبة في مثل هذه المفاتيح . عموماً جو الرواية العام يشير الى الدقة العالية في المراقبة وتسجيل افعال اهل الانسان وسواء كانت زوجته او باقي افراد عائلته ثم عرضها عليه .
بل هناك نوعاً من الروايات تعدد هذا النمط الى الحد الذي يمكن معه تصور اجهزة تتمكن من التقاط الموجات المحفوظة في الجدران وفرزها وترجمتها الى اللغة العادية بما يكشف ما تحدث به الانسان في وقت سابق وهذا ما يؤكد الخبر الوارد عن ابي جعفر (ع) حيث قال : ( انما سمي المهدي لأنه يهدي الى امر خفي ، حتى انه يبعث الى رجل لا يعلم الناس له ذنب ، فيقتله حتى ان احدهم يتكلم في بيته فيخاف ان يشهد عليه الجدار ) ذكر ذلك النعماني في غيبته ص319 والعلامة في بحاره ج52 ص365 ومن قوله (ع) : ( يشهد عليه الجدار ) يفهم المعنى المتقدم ولعل البعض يفهم منه ما تفعله الان بعض دوائر الاستخبارات العالمية من وضع كاميرات غير ملحوظة في الجدران عموماً هذا وان كان بعيد تحقيقه في كل المنازل ومع ذلك لا ينافي ما ذكرناه من الاستفادة من هذه الوسائل في عصره (ع) .
ثم لا يخفى على الكثير انه ثم مؤخراً الاعلان في معارض التكنولوجيا العالمية عن صناعة اجهزة كومبيوتر كفيه اي بحجم الكف وانها ستبث قريباً في الاسواق العالمية وهذه الاجهزة التي بحجم الكف يمكن ان تحمل الكثير من المعلومات والبيانات المهمة بل ويمكن اضافة قطع لها بما يجعل ذاكرتها اوسع من المتوقع ومعلوم لدى الكثير ان قرصاً مدمجاً واحداً يمكنه ان يحمل مكتبة كاملة لأكثر من ثلاثة الاف كتاب من الكتب المتداولة بين الناس الان .
وعلى هذا يكون الشخص قادراً على حمل هذه المعلومات الهائلة وهي تنتقل معه اينما كان وبنفس الوقت يتمكن من الاتصال مع اي شخص كان فيراه ويكلمه من خلال خدمة الانترنيت وبهذا يسهل فهم بعض الروايات التي تصف اصحاب وعمال الامام (ع) الذين يوزعهم للعمل في البلدان المختلفة ويكلفهم بالقضاء بين الناس ومشاكلهم طبقا للقوانين والضوابط التي يعطيها له مهما كانت المشاكل وفي اي مكان او وقت كان فيمكنه الرجوع الى ما عنده في يده ومراجعة القوانين والضوابط المطلوب تطبيقها ولا يصعب عليه الامر فقد جاء عن الصادق (ع) انه قال : ( اذا قام القائم (عج) في اقاليم الارض في كل اقليم رجل يقول عهدك في كفك فاذا ورد عليك ما لا تفهمه ولا تعرف القضاء فيه فأنظر الى كفك واعمل بما فيه ) غيبة النعماني ص319 ج8 .
وبهذا المختصر والبحث المبسط يتبين اننا اقتربنا كثيراً من الفرج بل واننا في الظهور المقدس وذلك لأنطباق الكثير من هذه الروايات وتحققها في زمننا هذا ويتضح ايضاً اننا مقبلين على تطور هائل يفوق ما توصلت اليه البشرية جمعاء بل ويفوق خيالهم . نسأل الله ان يفتح للامام (ع) ويسهل له المخرج ويوفقنا لنصرة لنصرته والثبات على طاعته وولايته . والحمد لله رب العالمين.
تعليق