النفس الزكية الأولى الحسني
لم تذكر الروايات شيئاً عن هذه الشخصية سوى ذكر مقتله مع سبعين من الصالحين وان مقتله يسبق قيام الإمام بفترة قليلة لكنها غير محددة.
وعليه فلا بد من أن يكون مقتل هذه الشخصية له صلة من قريب أو بعيد بقضية الإمام المهدي (عليه السلام) ويحتمل أن تكون ذات أدوار متعددة يقوم صاحبها بها من ناحية كونها داخلة ضمن مراحل التخطيط الإلهي لليوم الموعود. وهذه الأدوار هي :-
التمهيد العام: إن هنالك تمهيداً خاصاً للإمام المهدي، فالخاص هو مثبت لشخص الداعي الرئيسي للإمام وهو السيد ( اليماني )، والتمهيد العام هو أقل من الخاص بطبيعة الحال.
إذ أن النفس الزكية ( الحسني ) لا يحظى بالاتصال المباشر بالإمام وأخذ التوجيهات منه (عليه السلام) كما هو حال اليماني .
بل إن الدوافع التي تحثه على القيام بحركة تمهيدية صغرى يمكن التعبير عنها بأنها تسديد جزئي من قبل الإمام وذلك بحسب استعداد شخصية ( السيد الحسني ) النفسية والروحية والمستوى الذي وصلت إليه من حيث القرب من أهل البيت (عليهم السلام) والاستعداد لتلقي الكمالات والفيوضات .
وعليه فإن ذلك الرجل من خلال الدوافع التي ذكرناها يقوم بإصدار البحوث والكتب التي تكون على قدر طاقته من العلم الذي وصل إليه .
ومن الطبيعي إن مثل هكذا حركة سيكون لها أتباع ومؤيدون. وستظهر قبل قيام الإمام بقليل أثناء تصاعد الظلم والجور في الأرض وخاصة في مركز الصراعات آنذاك وهي ( الكوفة ) مما يؤدي إلى تزايد عدد المنتمين لها، وليس حصراً هو عدد السبعين رجلاً المذكورين بأنهم يُقتلون معه بل إن مقتضى الفهم للسياق العام للرواية يرجح كون أتباع ذلك الرجل هم أكثر من ذلك بكثير إلا أن من يقتل معه سبعون فقط لا أكثر .
الإصلاح : إن هذه الشخصية سوف تشعر أن في داخلها باعث نفسي آخر للإصلاح وإبراز فكر يصحح مسار المجتمع المسلم عامة والشيعي خاصة في الكوفة وما حولها من المناطق، والدليل على ذلك وصف أتباعه السبعين ( بالصالحين ) ولا معنى لنعتهم بذلك إذا لم تكن الحركة التي ينتمون لها حركة إصلاحية تربوية عقائدية تكون مقاربة في مضمونها العام - أي التمهيد لليوم الموعود – لحركة السيد اليماني .
الإعداد : لا تكون فاعلية تلك الشخصية واقفة عند حد الفكر النظري – أي نشر الكتب والبحوث والقيام بحركة إصلاحية مناهضة لأكثر التيارات المعاصرة لها بل يتعداه إلى الإعداد العلمي من قبيل وجود أنصاره وعلى قدر نسبي من الاستعداد البدني ومحاولة تكوين نواة جيش صغير كنوع من المحاكاة لملامح (جيش الغضب) المذكور في الروايات .
والمعلوم أن أمير جيش الغضب هو السيد اليماني وليس النفس الزكية .
إننا لا نحاول في هذه النقطة إثبات وجود فئة من العلماء الذين يقفون بوجه دعوة الإمام قبل قيامه فهذا مثبت وواضح لدى كل من قرأ الروايات الحاكية عن الإمام المهدي (عليه السلام) .
ولكننا نحاول أن نلفت النظر إلى أن مقتله في ( ظهر الكوفة ) يكشف عن حقيقة الأوضاع في هذه المدينة المقدسة ومستوى الانحراف الذي وصل إليه علماءها ووجهاؤها .
فنحن نعلم ان مقتل ( النفس الزكية الحسني ) يكون على يد رجال حكومة بني العباس لذا نجد في أنفسنا سؤال عن حقيقة موقف العلماء في الكوفة حول مقتله، هل هو مؤيد أو معارض ؟
ولاشك أن موقفهم مؤيد تماماً، لأن الحكومة لو علمت أن النفس الزكية يحظى بمكانة ما أو حرمة بين علماء الكوفة لما تجرأت وأقدمت على هذه الجريمة في أقدس أماكن العالم.
إذن نفهم من كل هذا إن حركة النفس الزكية الأولى تأخذ طابع التيار المُضاد والمعاكس لتيار علماء الكوفة في آخر الزمان، وتكون حركته مصدر إزعاج دائمي بالنسبة إليهم .
مُقارعة الظالمين: لا شك أن مقتله مع سبعين من الصالحين يبين لنا الموقف الرافض من قِبل هذه الشخصية الفذة لكل إشكال الظلم والظالمين والدليل إقدام حكومة بني العباس على قتله بدون أي تردد.
باعث التوبة : إن مقتله مع أتباعه سوف يكون بالتأكيد مؤثراً وهذا سوف يولد حالة من الندم والحزن العميق تماماً كما حدث بعد مقتل الإمام الحُسين (عليه السلام) .
فعندها التفتت الأمة بعد مصرع سيد الشهداء (عليه السلام) مع أهله وصحبه إلى ذنبها والتفت حول الإمام السجاد (عليه السلام) وهذا وجه شبه ملفت للنظر، إذ يكون نتيجة مقتل النفس الزكية الحسني هو التفاف الناس حول اليماني الموعود إذ كان ثمن إعلان الدعوة باهظاً جداً وهو مقتل هكذا شخصية بارزة .
وسبحان الله كيف أن سنن الأئمة (عليهم السلام) تجري أيضاً على شيعتهم في آخر الزمان بالإضافة إلى سنن الأنبياء .
ومع هذا الوجه من الشبه الذي ذكرناه بين الواقعتين – واقعة الطف وواقعة مقتل النفس الزكية – يوجد وجه آخر من التماثل ألا وهو العدد المقتول في الواقعتين وهو ( السبعين ) حيث كان عدد أصحاب الحسين (عليه السلام) الذين قُتلوا معه في كربلاء ثلاث وسبعين رجلاً.
إعلان دعوة الإمام : وهذا هو أعظم دور وأكبر عطاء يقدمه النفس الزكية الحسني قبل قيام الإمام ويكون ثمنه حياته ( الزكية ).
وهو الإعلان الأبرز لدعوة الإمام (عليه السلام) المتمثلة بدعوة اليماني التي تكون مراحلها العلنية قد بدأت للتو بالظهور في العراق بشكل عام والكوفة بشكل خاص، وان إعلان تأييد الدعوة وانتمائه لها مع أتباعه هو بمثابة نداء سماوي يكون منبهاً لكل من سمعه إلى بداية العد العكسي للظهور الشريف.
موسوعة القائم/للسيد القحطاني
لم تذكر الروايات شيئاً عن هذه الشخصية سوى ذكر مقتله مع سبعين من الصالحين وان مقتله يسبق قيام الإمام بفترة قليلة لكنها غير محددة.
وعليه فلا بد من أن يكون مقتل هذه الشخصية له صلة من قريب أو بعيد بقضية الإمام المهدي (عليه السلام) ويحتمل أن تكون ذات أدوار متعددة يقوم صاحبها بها من ناحية كونها داخلة ضمن مراحل التخطيط الإلهي لليوم الموعود. وهذه الأدوار هي :-
التمهيد العام: إن هنالك تمهيداً خاصاً للإمام المهدي، فالخاص هو مثبت لشخص الداعي الرئيسي للإمام وهو السيد ( اليماني )، والتمهيد العام هو أقل من الخاص بطبيعة الحال.
إذ أن النفس الزكية ( الحسني ) لا يحظى بالاتصال المباشر بالإمام وأخذ التوجيهات منه (عليه السلام) كما هو حال اليماني .
بل إن الدوافع التي تحثه على القيام بحركة تمهيدية صغرى يمكن التعبير عنها بأنها تسديد جزئي من قبل الإمام وذلك بحسب استعداد شخصية ( السيد الحسني ) النفسية والروحية والمستوى الذي وصلت إليه من حيث القرب من أهل البيت (عليهم السلام) والاستعداد لتلقي الكمالات والفيوضات .
وعليه فإن ذلك الرجل من خلال الدوافع التي ذكرناها يقوم بإصدار البحوث والكتب التي تكون على قدر طاقته من العلم الذي وصل إليه .
ومن الطبيعي إن مثل هكذا حركة سيكون لها أتباع ومؤيدون. وستظهر قبل قيام الإمام بقليل أثناء تصاعد الظلم والجور في الأرض وخاصة في مركز الصراعات آنذاك وهي ( الكوفة ) مما يؤدي إلى تزايد عدد المنتمين لها، وليس حصراً هو عدد السبعين رجلاً المذكورين بأنهم يُقتلون معه بل إن مقتضى الفهم للسياق العام للرواية يرجح كون أتباع ذلك الرجل هم أكثر من ذلك بكثير إلا أن من يقتل معه سبعون فقط لا أكثر .
الإصلاح : إن هذه الشخصية سوف تشعر أن في داخلها باعث نفسي آخر للإصلاح وإبراز فكر يصحح مسار المجتمع المسلم عامة والشيعي خاصة في الكوفة وما حولها من المناطق، والدليل على ذلك وصف أتباعه السبعين ( بالصالحين ) ولا معنى لنعتهم بذلك إذا لم تكن الحركة التي ينتمون لها حركة إصلاحية تربوية عقائدية تكون مقاربة في مضمونها العام - أي التمهيد لليوم الموعود – لحركة السيد اليماني .
الإعداد : لا تكون فاعلية تلك الشخصية واقفة عند حد الفكر النظري – أي نشر الكتب والبحوث والقيام بحركة إصلاحية مناهضة لأكثر التيارات المعاصرة لها بل يتعداه إلى الإعداد العلمي من قبيل وجود أنصاره وعلى قدر نسبي من الاستعداد البدني ومحاولة تكوين نواة جيش صغير كنوع من المحاكاة لملامح (جيش الغضب) المذكور في الروايات .
والمعلوم أن أمير جيش الغضب هو السيد اليماني وليس النفس الزكية .
إننا لا نحاول في هذه النقطة إثبات وجود فئة من العلماء الذين يقفون بوجه دعوة الإمام قبل قيامه فهذا مثبت وواضح لدى كل من قرأ الروايات الحاكية عن الإمام المهدي (عليه السلام) .
ولكننا نحاول أن نلفت النظر إلى أن مقتله في ( ظهر الكوفة ) يكشف عن حقيقة الأوضاع في هذه المدينة المقدسة ومستوى الانحراف الذي وصل إليه علماءها ووجهاؤها .
فنحن نعلم ان مقتل ( النفس الزكية الحسني ) يكون على يد رجال حكومة بني العباس لذا نجد في أنفسنا سؤال عن حقيقة موقف العلماء في الكوفة حول مقتله، هل هو مؤيد أو معارض ؟
ولاشك أن موقفهم مؤيد تماماً، لأن الحكومة لو علمت أن النفس الزكية يحظى بمكانة ما أو حرمة بين علماء الكوفة لما تجرأت وأقدمت على هذه الجريمة في أقدس أماكن العالم.
إذن نفهم من كل هذا إن حركة النفس الزكية الأولى تأخذ طابع التيار المُضاد والمعاكس لتيار علماء الكوفة في آخر الزمان، وتكون حركته مصدر إزعاج دائمي بالنسبة إليهم .
مُقارعة الظالمين: لا شك أن مقتله مع سبعين من الصالحين يبين لنا الموقف الرافض من قِبل هذه الشخصية الفذة لكل إشكال الظلم والظالمين والدليل إقدام حكومة بني العباس على قتله بدون أي تردد.
باعث التوبة : إن مقتله مع أتباعه سوف يكون بالتأكيد مؤثراً وهذا سوف يولد حالة من الندم والحزن العميق تماماً كما حدث بعد مقتل الإمام الحُسين (عليه السلام) .
فعندها التفتت الأمة بعد مصرع سيد الشهداء (عليه السلام) مع أهله وصحبه إلى ذنبها والتفت حول الإمام السجاد (عليه السلام) وهذا وجه شبه ملفت للنظر، إذ يكون نتيجة مقتل النفس الزكية الحسني هو التفاف الناس حول اليماني الموعود إذ كان ثمن إعلان الدعوة باهظاً جداً وهو مقتل هكذا شخصية بارزة .
وسبحان الله كيف أن سنن الأئمة (عليهم السلام) تجري أيضاً على شيعتهم في آخر الزمان بالإضافة إلى سنن الأنبياء .
ومع هذا الوجه من الشبه الذي ذكرناه بين الواقعتين – واقعة الطف وواقعة مقتل النفس الزكية – يوجد وجه آخر من التماثل ألا وهو العدد المقتول في الواقعتين وهو ( السبعين ) حيث كان عدد أصحاب الحسين (عليه السلام) الذين قُتلوا معه في كربلاء ثلاث وسبعين رجلاً.
إعلان دعوة الإمام : وهذا هو أعظم دور وأكبر عطاء يقدمه النفس الزكية الحسني قبل قيام الإمام ويكون ثمنه حياته ( الزكية ).
وهو الإعلان الأبرز لدعوة الإمام (عليه السلام) المتمثلة بدعوة اليماني التي تكون مراحلها العلنية قد بدأت للتو بالظهور في العراق بشكل عام والكوفة بشكل خاص، وان إعلان تأييد الدعوة وانتمائه لها مع أتباعه هو بمثابة نداء سماوي يكون منبهاً لكل من سمعه إلى بداية العد العكسي للظهور الشريف.
موسوعة القائم/للسيد القحطاني
تعليق