إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

التفاخر بالانتساب إلى الرسل بين الأحبار والرهبان وفقهاء الحوزات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التفاخر بالانتساب إلى الرسل بين الأحبار والرهبان وفقهاء الحوزات

    الصفات والافعال والسلوكيات المشتركة بين فقهاء اليهود والنصارى وفقهاء الشيعة المجتهدين

    رابعا: التفاخر بالانتساب إلى الرسل بين الأحبار والرهبان وفقهاء الحوزات

    منقول من كتاب (الأمثال في القرآن) من فكر السيد القحطاني

    افتخر الأحبار على عوام اليهود بنسبهم المتصل بإبراهيم النبي (عليه السلام) ، وكانوا يتصورون أنهم أقرب الناس إلى الله سبحانه , ولم يعيروا إي أهمية للأعمال الصالحة , بل اتكالهم على النسب أكثر من اتكالهم على العمل الصالح وكانت تجليات افتخارهم بالنسب تظهر بشكل واضح بتعاملهم مع عوام اليهود بل حتى مع الأنبياء الذين أرسلهم الله إلى بني إسرائيل بعد النبي موسى (عليه السلام).
    فبسبب نسبهم المتصل بالأنبياء علواً في الأرض علواً كبيراً وملكوا الرقاب والأموال ليس بسبب تقواهم وورعهم بل بسبب نسبهم الذي يعود إلى أحد أنبياء الله سبحانه, وقد اعطانا كتاب الله صور كثيرة عن انحراف الأحبار , لكن كان الأحبار يسترون أغلب عيوبهم أمام مقلديهم من اليهود بقضية انتسابهم إلى النبي (عليه السلام), وكان اتباعهم ومقلديهم أيضاً يقدرون انتسابهم إلى النبي (عليه السلام), ولم تجعلهم " قدسية النسب" يرون عيوبهم الكثيرة والواضحة وضوح الشمس.
    فالأحبار كانوا يتحدثون عن صفات النبي إبراهيم وهم على النقيضِ تماماً، ويفعلون من الأعمال ما كان ينهى عنه إبراهيم (عليه السلام), فهم لم يأخذوا من النبي إبراهيم سوى النسب الذي كان أحد الأسباب التي جعلتهم ينصبون أنفسهم أئمة لليهود وبالتالي أحلوا الحرام وحرموا الحلال , فالأنبياء والرسل وحدهم من يعرف حلال الله وحرامه بسبب اتصالهم بالسماء اما غيرهم من فقهاء السوء فلم يختصهم بعلمه .
    والفقيه الذي نصب نفسه للناس إماماً , فهو يفسد أكثر مما يصلح لأن اعتماده يكون على الظن لا على الوحي , فترى وراء كل نبي أو وصي غائب يتسلط حفنة من الفقهاء الجهلة فيبدؤون بسلخ الدين الذي جاء به النبي أو الوصي الذي جلسوا مجلسه بغيابه، وينسجون دين بآرائهم واوهامهم واجتهاداتهم الشيطانية , ويقدموه إلى الناس على أنه من قبل الله سبحانه , والذين يتقبلون الدين المحرف من قبل فقهاء السوء سيدخلون ضمن الشرك لأنهم تركوا النبي المعصوم واستبدلوه بغيره من الجاهلين , فتصدق عليهم هذه الاية : { أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ }
    وقد ذم الله تعالى اليهود في كثير من المواطن على لسان أنبياءه بسبب إتكالهم وتفاخرهم بنسبهم دون الإتكال على الأعمال الصالحة يقول الإنجيل (لو كُنتم أبناء إبراهيم، لعمِلتُم أعمال إبراهيم )( - يوحنا 8 : 39) في هذه الآية يوبخهم النبي عيسى بسبب تفاخرهم على غيرهم من اليهود بنسبهم الذي لا ينفعهم بشيء.
    ويثبت النبي عيسى في حديثه أنهم أعداء إبراهيم , لأنهم لم يعملوا عمله بل خالفوا كل ما فعله وما قاله , فهم وإن كانوا من ذريته مادياً إلا أنهم ليس من ذريته روحياً لأن للإنسان نسبين مادي وروحي , والنسب الروحي هو الذي يعول عليه في النجاة من النار والدخول إلى الجنة , والقرآن يحكي عن المؤمن كيف يخرجه الله من صلب الكافر والكافر يخرج من صلب المؤمن فالنسب المادي لا يترتب عليه اي ثمرة تنفع صاحبه حتى قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : ( سلمان منا أهل البيت )( عيون اخبار الرضا ج1 ص70) وسلمان لم يكن عربياً اصلا.
    فالأحبار وحتى الرهبان لم يكونوا من ذرية إبراهيم الخليل روحياً بل مادياً فقط , وكانت حقيقة نسبهم متصلة بإبليس اللعين، وهذا ما قاله لهم النبي عيسى (عليه السلام) لهم وامام مقلديهم، بعد أن جردهم من هذا الفخر الكاذب الخاوي من أنهم أبناء إبراهيم ، فقال لهم أنتم أعداء إبراهيم لأنكم تخالفونه في كل شيء وهذا كلامه الذي وجهه إليهم قائلاً : ( فأنتم أولاد أبيكم إبليس)( - يوحنا الاصحاح 8:44
    فالنبي عيسى (عليه السلام) مع علمه بأن نسبهم يعود إلى إبراهيم (عليه السلام) إلا أنه لم يعترف بهذا النسب . بل قال لهم أنتم من ذرية إبليس اللعين .
    وهذا الكلام يثبت بأن هناك نسب روحي ونسب مادي فكثير من المؤمنين يخرج من أصلابهم ذرية خبيثة وكثير من الفجار يخرج من أصلابهم ذرية طيبة.
    وما حصل مع ابن النبي نوح (عليه السلام) يعطينا صورة واضحة عن النسب الحقيقي لابن نوح, فحينما عصى أمر الله وأمر أبيه لم ينسبه الله سبحانه إلى نوح أبيه بل نفى صلته بنوح قائلاً { قَالَ يَنُوحُ إِنّهُ لَيْسَ مِنْأَهْلِكَ إِنّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ } مع أنه بالحقيقة كان ابنه.
    وكذلك فقهاء اليهود والنصارى بل كل فقهاء الأديان وحتى فقهاء الشيعة والسنة إذا لم يطيعوا الله والنبي وأهل البيت والإمام المهدي (عليه السلام), وإن كانوا سادة من ذرية رسول الله (ص) مادياً , فهم بالحقيقة اولاد ابليس . اما النسب المادي فلا يشكل اي فرق بل انه يكون من الاسباب القوية لزيادة صاحبه في الدخول الى الضلال والكفر والاتكال على الاوهام دون الاتكال على طاعة الله سبحانه كما حدث للأحبار فلم يزدهم نسبهم بالرسول الا طغياناً وكفرا , والرب الجليل وصفهم بأولاد ابليس لأنهم كانوا يعادون المصلحين من الأنبياء وكانوا يفتون لمقلديهم بقتلهم , وكان يقتل في اليوم الواحد بسبب فتاوى فقهاء اليهود سبعين نبيا , والفقهاء كانوا بالحقيقة لا يتبعون الله سبحانه بل يتبعون أوامر الشيطان ابيهم, لان من مصلحة الشيطان القضاء على المصلحين , لذلك لا نستغرب من انهم اولاد الشيطان وليسوا اولاد الأنبياء , وقال لهم يوحنا حينما رأى تفاخرهم على الناس بانتسابهم لرسول الله (عليه السلام) قائلاً : ( ولا تقولوا لأنفسكُم: إن أبانا هو إبراهيم. أقول لكم: إن الله قادرٌ أن يجعل مِن هذه الحجارة أبناء لإبراهيم )( - متى 3 : 9).
    ). ونسبهم الى الرسول لا يدخلهم الجنة ولا يبعدهم عن النار بل يبعدهم عن الجنة ويدخلهم إلى النار كما حدث بالفعل .
    فكذلك ينطبق هذا الأمر على فقهاء السوء الذين ينتسبون إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فإذا ثبت أنهم خالفوا كلام الله ورسوله وكلام الأئمة فلا ينفعهم نسبهم إلى الرسول ،لذلك نرى ان الرسول والأئمة اكدوا في أحاديثهم على أن النسب إلى الرسول لا ينفع بل في بعض الأحيان يؤدي بصاحبه إلى نار جهنم كما حصل مع فقهاء اليهود والنصارى فقد ورد عن علي بن ابي طالب (عليه السلام) قال : ( من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه)( - نهج البلاغة ج 4 ص7).
    وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (إن أولى الناس بالأنبياء أعلمهم بما جاءوا به ثم تلا {إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا } ثم قال إن ولي محمد من أطاع الله وإن بعدت لحمته وإن عدو محمد من عصى الله وإن قربت قرابته )(- نهج البلاغة - ج 4 - ص 21 - 22
    إن كثيراً من الذين ينتسبون إلى الرسول تراهم اليوم بين الناس مقدسين ليس لطاعتهم لله ولتقواهم وورعهم , بل لأجل النسب فقط , ولا يخفى أن في مجتمعنا ظاهرة تقديس من له نسب بالرسول
    فيتم تقدمهم هؤلاء امام كل الناس ويتم توقيرهم واحترامهم وهم بالحقيقة من اصحاب المعاصي والكبائر.
    وهذه الظاهرة " تقديس من له نسب بالرسول " ليست محصور ( عند العوام ) بل التجلي الكامل والواضح لهذه الظاهرة تجدها بين الفقهاء أنفسهم وفي حوزاتهم .
    وهناك عبارات أطلقها من يظن أنه ظلم بسبب هذه القاعدة المستوحى من الجاهلية يعرفها المقربين من المراجع والحوزات مثل مقولة المرجع الغروي الذي كان يشكي دائماً ويقول ( لو كانت عمامتي سوداء لقلدني كل العالم ) ما يشير إلى حقيقتين اولهما أن الموازين مقلوبة عند العوام بحيث التقييم عندهم لا يكون حسب التقوى والورع بل التقييم لأجل النسب لا غير , وهذا لا ينكره أحد من الشيعة من أن التقديس يكون أكبر للفقيه الذي كان من المنتسبين إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
    وكأنهم لم يسمعوا قول الله سبحانه في كتابه { فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ، فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالدون }.
    وجاء عن ابراهيم بن محمد الهمداني قال سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: ( من أحب عاصياً فهو عاص ومن أحب مطيعاً فهو مطيع من أعان ظالماً فهو ظالم ومن خذل عادلاً فهو خاذل إنه ليس بين الله وبين أحد قرابة ولا ينال احد ولاية الله إلا بالطاعة) ( - عيون اخبار الرضا ج1 ص260).إن قضية النسب لا يلتفت إليها يوم القيامة بل الاعتماد يكون على التقوى والعمل الصالح .
    الخلاصة : ان فقهاء السوء الذي يتفاخر بعضهم على بعض بالنسب تارة وبالآباء تارة أخرى هم أحبار ورهبان هذا الزمان كما فعل أشباههم من بني إسرائيل من قبل.
يعمل...
X