إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أدلة الإجتهاد عند فقهاء العامة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أدلة الإجتهاد عند فقهاء العامة

    أدلة الإجتهاد عند فقهاء العامة
    الدليل الأول :
    حديث معاذ : في سُنن الدارمي وفي مسند أحمد بن حنبل وغيرهم عن الحارث بن عمرو بن أخي المغيرة بن شعبة عن ناس من أصحاب معاذ من أهل حمص عن معاذ انه قال : ﴿إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى اليمن فقال كيف تصنع إن عرض لك قضاء قال أقضي بما في كتاب الله قال فإن لم يكن في كتاب الله قال فبسُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فإن لم يكن في سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اجتهد رأيي لا آلو قال فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدري ثم قال الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم لما يرضى رسول الله صلى الله عليه وسلم﴾﴿ - مسند احمد - ج 5 - ص 230 / سنن الدارمي - ج 1 - ص 60﴾ .
    إن حديث معاذ كان ولا يزال إلى يومنا هذا من أهم الأدلة التي سيقت لإثبات حجية الرأي أو جواز الإجتهاد بالرأي إلا إنه ساقط عن الأحتجاج وفق قواعدهم الرجالية، ولوجود خبر أقوى منه عندهم وهو معارض له وينقله معاذ نفسه وقد ذكر جملة من الفقهاء ضعف الحديث المنسوب للنبي ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ فقد ذكر أبن حزم في كتابه الأحكام حديث معاذ فقال : ﴿واما خبر معاذ فإنه لا يحل الاحتجاج به لسقوطه ، وذلك انه لم يرو قط الا من طريق " الحارث بن عمر " وهو مجهول لا يدري أحد من هو . وقال البخاري في " تأريخ الأوسط " : لا يعرف " الحارث " - راوي هذا الحديث - الا بهذا ولا يصح ﴾﴿ - الإحكام – أبن حزم - ج 2 - ص 211 ﴾ .
    وأضاف أبن حزم قائلاً : ﴿ ثم هو ﴿يعنى الحارث﴾ روى عن رجال من أهل " حمص " لا يدري من هم ، ثم لا يعرف قط في عصر الصحابة ولا ذكره أحد منهم ، ثم لم يعرفه أحد قط في عصر التابعين حتى اخذ " أبو عون " وحده عمن لا يدري من هو ، فلما وجده أصحاب الرأي عند " شعبة " طاروا به كل مطار وأشاعوه في الدنيا وهو باطل لا أصل له﴾﴿ - الإحكام – أبن حزم - ج2 - ص 212 ﴾ .
    ثم ذكر أبن حزم في موضع آخر برهان الاحتجاج ببطلان خبر معاذ قائلاً : ﴿وبرهان وضع هذا الخبر وبطلانه هو أن من الباطل الممتنع أن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإن لم تجد في كتاب الله ولا في سُنة رسول الله وهو يسمع قول ربه تعالى : * ﴿ اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ﴾ * وقوله تعالى : * ﴿ اليوم أكملت لكم دينكم ﴾* وقوله تعالى : * ﴿ ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ﴾ * مع الثابت عنه صلى الله عليه وسلم من تحريم القول بالرأي في الدين من قوله صلى الله عليه وسلم : فاتخذ الناس رؤوسا جهالا فأفتوا بالرأي فضلوا وأضلوا ﴾﴿ الاحكام - أبن حزم - ج 6 - ص 774 ﴾ .
    وبعد هذا البيان الذي ذكره أبن حزم نقول : إذا كان جواز القول بالرأي في شريعة الله قد جاء عن رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ وجب أن يعمل الرسول بالرأي في الدين وهذا مما لم يثبت لرسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ في كتب المتون عندهم فكيف جاز لعاقل أن يصدق شيء يبيحه الرسول لغيره وهو ممنوع عليه ؟ بل ومحرم وكما سياتي ، فأما أن يكون ذلك لمعاذ وحده فيكون لزاماً عليهم أن يتبعوا رأي معاذ ويدعوا رأي الصحابة أجمع لأن الافتاء في الرأي لم يأتِ إلا لمعاذ وحده فلم يجز رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ لأحد من الصحابة العمل بالرأي إلا لمعاذ على حد زعمهم بهذا الحديث الموضوع وإذا كان جواز العمل بالرأي قد جاء لغير معاذ أيضاً فيلزم ذلك أن يكون كل من إجتهد برأيه فقوله حق فصار الحق على هذا في المتضادات الممتنعات في الاجتماع وصار كل مجتهد مصيب وليس لأحد أن يحتج بحجة ودليل لأن من خالفه يمتلك الدليل أيضاً وهذا مما لا يقبله عاقل يفهم أوليات الدين فكيف يجيز رسول الله أن يحلل معاذ ما يحلوا له ويحرم ما يحلو له ؟!
    إن لسقوط هذا الحديث المنسوب لرسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ ظلماً وجهان :
    الوجه الأول :
    تعارضه مع الآيات القرآنية الصريحة الداعية إلى عدم القول إلا بعلم والتوقف فيما لا علم لنا به وذلك بين في قوله تعالى : ﴿ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ﴾﴿ ﴾.
    وقد حذرنا الله تعالى من القول المفترى عليه بغير علم، وأي أفتراء أعظم من القول في شريعة الله بآرائنا وظنوننا قال تعالى : ﴿ ... فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾﴿ ﴾ . وقوله تعالى : ﴿... وَإِنَّ كَثِيراً لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ ﴾﴿ ﴾.
    فكيف جاز مخالفة الكتاب بل كيف جاز الأخذ بالأحاديث المتعارضة مع كتاب الله والقول بجواز الرأي في الدين بغير علم ، أتحسبون ذلك هين وهو عند الله عظيم قال تعالى : ﴿ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ ﴾﴿ ﴾ .
    فكيف جاز التعبد بآراء الرجال من دون الله ومن دون علم من الله ورسوله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ ؟ وبهذا يثبت بالدليل تعارض الحديث مع كتاب الله تعالى .
    الوجه الثاني :
    تعارض هذا الحديث الموضوع والمنسوب لرسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ مع الأخبار المشهورة بالمنع من القول بالرأي في الدين وقبل أن نذكر الأحاديث والأخبار المانعة نحب أن نبين أن هناك رواية أخرى في سُنن أبن ماجة تعارض هذه الرواية وقد جاءت عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل ، قال : ﴿ لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قال " لا تقضين ولا تفصلن إلا بما تعلم وإن أشكل عليك أمر فقف حتى تبينه أو تكتب إلى فيه﴾﴿ ﴾ .
    ودلالة هذه الرواية واضحة على منعه ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ من الإجتهاد بالرأي كما أن سندها يخلوا من ﴿الحارث بن عمر﴾ والذي قال بمجهوليته أصحاب الرجال كما إنه لم يُنقل هذا الخبر عن الحارث عن أناس من أصحاب معاذ بل نقله أبن ماجه بسند آخر عن الحسن بن حماد ، سجادة ، حدثنا يحيى بن سعيد الأموي ، عن محمد أبن سعيد بن حسان ، عن عبادة بن نسي ، عن عبد الرحمن بن غنم ، حدثنا معاذ بن جبل ... فهذا السند لم يُذكر فيه المجهول ﴿الحارث بن عمرو﴾ كما إنه لم يُذكر فيه إنه قد جاء عن أناس من أصحاب معاذ من أهل حمص وهم مجهولين أيضاً بل جاء بغير سند كما أن هذا الخبر مختلف الدلالة فهو يحرم الإجتهاد على معاذ بعكس الأول فلماذا لم ياخذوا هذا وأخذوا ذلك الضعيف عندهم ؟! وجعلوه دليلاً يستدلون به ويفتون من خلاله بآرائهم التي جلبت للمسلمين واليلات ثم الويلات .
    وإن قالوا بعكس هذا المقال لتنزلنا جدلاً وقلنا : بأن خبر معاذ هذا يقابله العديد من الروايات الأخرى التي صرحت ببطلان العمل بالرأي والإجتهاد الشخصي في معرفة الأحكام منها قول النبي ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ والذي نقلوه باسانيد مختلفة : ﴿إن الله لا ينزع العلم بعد أن أعطاهموه انتزاعا ، ولكن ينتزعه منهم مع قبض العلماء بعلمهم فيبقى ناس جهال يستفتون فيفتون برأيهم فيضلون ويضلون ﴾﴿ ﴾ . وجاء في حديث الرسول الأعظم ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ أنه قال : ﴿لم يزل أمر بنى إسرائيل معتدلا حتى نشأ فيهم المولدون ، أبناء سبايا الأمم ، فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا﴾﴿ ﴾. وجاء نظائر هذه الرواية في المسانيد الروائية الأخرى أيضاً﴿ ﴾ .
    وبهذا يثبت تعارض خبر معاذ مع أخبار أخرى جاءت تنهى عن الإجتهاد والقياس والرأي علماً بأن الحديث المنقول عن معاذ بن جبل جاء عن طريق الحارث بن عمر والذي عد حسب قول البخاري وأبن حزم بأنه مجهول لكونه روى ذلك الحديث عن مجموعة من أهل حمص لا يعرفون من هم ، ولم يكن الحارث معروفا كصحابي قط في عصر التابعين ناهيك عن قول رسول الله الوارد في منع الإجتهاد بالرأي وتحريمه حيث قال : ﴿ فاتخذ الناس رؤوسا جهالا فأفتوا بالرأي فضلوا وأضلوا﴾ .
    وكذلك النصوص القرآنية الواردة بهذا الشأن والتي ذكرناها والتي لم نذكرها كقوله عز من قال : ﴿اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾﴿ ﴾ . وقوله تعالى : ﴿مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ..﴾﴿ ﴾ . وبهذا لا يبقى مجال لقبول أستدلال الفقهاء بحديث معاذ هذا ، حيث يعتبر مردود جملة وتفصيلا .
    لقد ذكر أبن حزم جملة من الأحاديث الواردة عن النبي والصحابة التي تعارض صحة الافتاء بالرأي في الدين وإن كان الصحابة قد أفتوا برأيهم فإن ذلك لا يعارض قول الحق فكما اننا نعلم علم اليقين ما حرم الله وما احله إلا أن الكثير من المسلمين بل ومن المؤمنين من يرتكبون المعاصي ويستغفرون الله عنها فكذلك الصحابة وإن كانوا قد أفتوا برأيهم في الدين مع علمهم بانه محرم عليهم ذلك إلا أن ذلك لا ينافي علمهم بأن الآراء لا مجال لها في دين الله، وما يؤيد هذا الكلام هو ما جاء عن عبد الله بن مسعود حين اتاه قوم فقالوا له : ﴿ إن رجلا منا تزوج امرأة ولم يفرض صداقا ولم يجمعها إليه حتى مات ؟ فقال عبد الله : ما سئلت عن شيء مذ فارقت رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد علي من هذا فأتوا غيري . فاختلفوا إليه فيها شهرا ، ثم قالوا له في آخر ذلك : من نسأل وأنت أخير أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا البلد ولا نجد عندك ؟ قال : سأقول فيها بجهد رأيي ، فإن كان صوابا فمن أتاه الله وحده لا شريك له ، وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان ، والله ورسوله برئ ...﴾﴿ ﴾.
    فكان عبد الله بن مسعود يعلم بأن رأيه في الدين يمكن أن يكون من نفسه ومن الشيطان ولهذا كان متخوفاً من الفتيا وهو لا يعلم بحكم الله لعلمه بشدة العقاب الإلهي لمن يفتي بلا علم .
    لقد ذكر أبن حزم جملة من الأخبار التي تؤكد على عدم جواز الافتاء دون علم وكذلك المنع من أبداء الآراء في شريعة الله منها ما جاء عن أبن عباس أنه قال : قال رسول الله ﴿صلى الله عليه وسلم تسليما﴾ : ﴿من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار﴾ . وجاء عن أبن عباس أيضاً عن النبي ﴿صلى الله عليه وسلم تسليما﴾ قال : ﴿ من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار﴾ . وجاء عن عبد خير ، عن علي بن أبي طالب ﴿عليه السلام﴾ أنه قال : ﴿لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر الخفين﴾ . وجاء عن الخليفة الأول أنه قال : ﴿ أية أرض تقلني وأي سماء تظلني إن قلت في كتاب الله برأيي أو بما لا أعلم﴾ . وجاء عن أبن شهاب ، عن عمر بن الخطاب قال وهو على المنبر : ﴿ يا أيها الناس إنما الرأي إنما كان من رسول الله مصيبا ، لأن الله عز وجل كان يريه ، وإنما هو منا الظن والتكلف﴾ . وجاء عن عمرو بن حريث قال : قال عمر بن الخطاب : ﴿إياكم وأصحاب الرأي ، فإنهم أعداء السُنن ، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا﴾ . وكذلك قد جاء عن محمد بن إبراهيم قال : قال عمر بن الخطاب : ﴿إياكم والرأي فإن أصحاب الرأي أعداء السُنن ، أعيتهم الأحاديث أن يعوها ، وتفلت منهم أن يحفظوه ، فقالوا في الدين برأيهم﴾ . وجاء أيضاً عن محمد بن إبراهيم التيمي أن عمر بن الخطاب قال : ﴿أصبح أصحاب الرأي أعداء السُنن أعيتهم أن يعوها وتفلتت أن يرووها ، فاستقوها بالرأي﴾ . وجاء عن قتادة قال : قال علي ﴿عليه السلام﴾ : ﴿القضاء ثلاثة : رجل حاف فهو في النار ، ورجل اجتهد برأيه فأخطأ فهو في النار ، ورجل أصاب فهو في الجنة﴾ . وجاء عن قتادة أيضاً انه قال : سمعت رفيعا أبا العالية يقول : قال علي بن أبي طالب ﴿عليه السلام﴾ : ﴿القضاة ثلاثة : اثنان في النار وواحد في الجنة ، رجل جار متعمدا فهو في النار ، ورجل أراد الحق فأخطأ فهو في النار ، ورجل أراد الحق فأصاب فهو في الجنة، قال قتادة : قلت لأبي العالية : أرأيت هذا الذي أراد الحق فأخطأ ؟ قال : كان حقه إذا لم يعلم القضاء أن يكون قاضيا﴾ . وجاء عن مالك بن زياد ، قال : سمعت عراك بن مالك ، وقال له عمر بن عبد العزيز : ﴿ يا عراك ما قولك في القضاة ؟ فقال : يا أمير المؤمنين القضاة ثلاثة : رجل ولي القضاء ولا علم له بالقضاء ، فأحل حراماً وحرم حلالاً فهو في النار على أم رأسه ، ورجل ولي القضاء وله علم بالقضاء فاتبع الهوى وترك الحق فهو في النار على أم رأسه ، ورجل ولي القضاء وله علم بالقضاء فاتبع الحق وترك الهوى فهو يستقام به ما استقام ، وإن هو مال سلك مسلك أصحابه﴾ . وجاء عن أبن عباس قال : ﴿من أفتا فتيا يعمى بها فإنهما عليه يعني يخطئ فيها فيخطئ آخذها منه﴾. وعن أبن عباس أيضاً أنه قال : ﴿من أحدث رأيا ليس في كتاب الله عز وجل لم تمض به سُنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يدر على ما هو منه إذا لقي الله عز وجل﴾ . وجاء عن الخليفة الثاني أنه قال : ﴿يا أيها الناس اتهموا آراءكم على الدين ، فلقد رأيتني وإني لأرد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برأي أجتهد والله ما آلو ، وذلك يوم أبي جندل والكتاب يكتب فقال اكتبوا : بسم الله الرحمن الرحيم ، فقالوا : نكتب باسمك اللهم ، فرضي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبيت ، فقال : يا عمر تراني قد رضيت وتأبى﴾ . وعن مسروق قال : قال أبن مسعود : ﴿يا أيها الناس من علم منكم علما فليقل به ، ومن لم يعلم فليقل لم لا يعلم : لا أعلم ، فإن من علم المرء أن يقول لما لا يعلم : لا أعلم وقد قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : * ﴿ قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين ﴾ * ﴾ . وعن مسروق قال : كتب كاتب لعمر بن الخطاب : ﴿هذا ما رأى الله ورأى عمر ، فقال عمر : بئس ما قلت ، إن يكن صوابا فمن الله ، وإن يكن خطأ فمن عمر﴾ . وعن مسروق قال : قال عبد الله بن مسعود : ﴿يذهب العلماء ويبقى قوم يقولون برأيهم ﴾﴿ ﴾
    وذكر أيضاً في مكان ثاني عن طاوس ، عن عبد الله بن عمر قال : ﴿العلم ثلاثة أشياء : كتاب ناطق وسُنة ماضية ، ولا أدري ﴾﴿ ﴾ .
    وبهذا تكون هذه الأخبار والأحاديث التي جاءت عن رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ وأصحابه خير دليل على منع الشريعة الإلهية من الافتاء وفق الإجتهادات والآراء الراجعة إلى النفس البشرية والتي يشوبها الخطأ والصواب ، ولا يعقل في الأساس أن يقبل الله الخطأ ويجعله في شريعته السمحاء وإن وجدنا أن بعض الصحابة قد أفتوا وفق آرائهم الشخصية بل وبعضهم أفتى بخلاف النص ... فإن ذلك يرجع إلى عدة أمور كما بينا ذلك ، فأما أن يكون المفتي يعلم بأن فتواه مخالفة للكتاب والسُنة كما مر بيانه في حال الخليفة الأول والثاني والثالث وغيرهم من الأصحاب الذين يفتون الناس بخلاف الكتاب والسُنة عن عمد وقصد وأما أن تكون فتواه نابعة عن جهله بأحكام الله وذلك بين في حادثة التيمم التي جرت بين الخليفة الثاني وبعض الأصحاب . وأما أن يكون المفتي عالم بجهله في أحكام الشريعة ويستحي من الناس أن يعلموا بجهله فيفتيهم برأيه دون علم بأن رأيه مخالف للشريعة أم لا وأما أن يكون المفتي لا يعلم الناسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه والخاص من العام وغيرها من الامور فيفتي الناس بما يحلوا له والتأريخ يشهد بالعديد من الوقائع التي وقعت بين الأصحاب وكما ذكرنا بعضها .
    وقد إتفق المسلمون على أن الصحابة غير معصومين عن الخطأ كما هو حال التابعين وفقهاء المذاهب الاربعة أيضاً وبذلك فإن قولهم ليس بحجة على المسلمين كما هو قول رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ ومن هذا المنطلق فإن فقهاء العامة كانوا يتخيرون من أقوال الصحابة أن أفتوا بالخلاف كما قال أبو حنيفة : ﴿إني آخذ بكتاب الله إذا وجدته، فما لم أجده فيه أخذت بسُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا لم أجد فيها أخذت بقول أصحابه من شئت، وادع قول من شئت﴾﴿ ﴾ .
    إن الذي يتبين من أقوالهم بانهم كانوا يتخيرون الأقوال وكأننا في قرعة أو مسابقة لنعلم وفق الظنون والأوهام حقيقة الأحكام الشرعية ، وهذا مما لا يرضاه الإنسان لنفسه ومما لا يرضاه الله لنا بأن نجعل أحكامه عبارة عن مهزلة فكرية فلنا أن نقول ونختار الحكم المناسب وفق مصالحنا وأهوائنا وعليه أن يرضى ويتقبل الأمر .

    يتبع
    التعديل الأخير تم بواسطة ناطق سعيد; الساعة 15-02-13, 09:19 PM.
    اَيْنَ بابُ اللهِ الَّذى مِنْهُ يُؤْتى

  • #2
    الدليل الثاني :
    وهو ما ذكره البخاري في صحيحه عن عمرو أبن العاص انه سمع رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ يقول : ﴿إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله اجر﴾﴿ ﴾ .
    إن لسقوط هذا الخبر عن الاحتجاج وجهين : الأول هو تعارضه من الكتاب الكريم فقد بين الخبر أن الذي يجتهد فيخطأ في الحكم فله أجر فيكف يستقيم هذا مع كتاب الله ؟ فإن الذي يخطأ الحكم فقد حكم بما لم ينزل به حكم من الله فكان مصيره مصير الكافرين والظالمين والفاسقين قال تعالى : ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴿ ﴾.... فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴿ ﴾.... فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴿ ﴾﴾ .
    فكيف يستقيم خبر عمرو أبن العاص مع كتاب الله ؟ فهل يعقل أن يثاب الذي يحكم بما لم ينزل الله به حكماً ؟! والله يقول يصف الذين يحكمون بغير حكمه بالكافرين والظالمين والفاسقين .
    لقد ذكر أبن حزم حديث عمرو أبن العاص فقال فيه : ﴿وأما حديث عمرو بن العاص فأعظم حجة عليهم ، لأن فيه أن الحاكم المجتهد يخطئ ويصيب ، فإذ ذلك كذلك فحرام الحكم في الدين بالخطأ ، وما أحل الله تعالى قط إمضاء الخطأ ، فبطل تعلقهم به﴾﴿ ﴾ .
    كما إننا قد بينا تعارض هذه الروايات التي أعتبروها دليلاً على صحة الإجتهاد والرأي مع العديد من الأخبار الواردة عن الرسول وأصحابه في ذم الرأي وإتباع الظن في دين الله وقد بينا بعضها في مناقشة الدليل الأول وتنساق معاني هذه الأخبار لمعارضة الدليل الثاني أيضاً فراجع .

    الدليل الثالث :
    عن عبد الملك بن الوليد بن معدان ، عن أبيه قال : كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري - فذكر الرسالة وفيها : ﴿ الفهم الفهم ، يعني فيما يتلجلج في صدرك ، مما ليس في كتاب ولا سُنة ، ثم اعرف الأمثال والاشكال ، فقس الأمور عند ذلك ، ثم اعمد إلى أشبهها بالحق ، وأقربها إلى الله عز وجل ...﴾﴿ ﴾.
    وعن سعيد بن أبي موسى الأشعري بن أبي بردى عن أبيه قال : كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى ، فذكر الرسالة وفيها : ﴿ الفهم فيما يتلجلج في نفسك مما ليس في الكتاب ولا السُنة ، ثم قس الأمور بعضها ببعض ، ثم انظر أشبهها بالحق وأحبها إلى الله تعالى فاعمل به ﴾ . وفيها أيضاً : ﴿المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودا في حد ، أو مجريا عليه شهادة زور ، أو ظنينا في ولاء أو قرابة وذكر باقيها ...﴾﴿ ﴾.
    إن كل دليل يسوقه الفقهاء على صحة الإجتهاد بالرأي يقابل بالرفض من كتاب الله والسُنة الصحيحة وفي آيات وأحاديث عديدة ذكرنا بعضها في مناقشة الدليل الأول الذي احتجوا به على صحة الإجتهاد بالرأي ولا داعي لذكرها هنا فراجع .
    أما من حيث قواعدهم الرجالية التي جعلوها حجة عليهم في معرفة الحديث والسُنة فخبر الخليفة الثاني هذا ساقط عندهم كما ذكر ذلك أبن حزم حين ذكر أن السند الأول فيه عبد الملك بن الوليد بن معدان ، وهو كوفي متروك الحديث ساقط بلا خلاف ، وأبوه مجهول ، وأما السند الثاني فمن بين الكرجي إلى سفيان مجهولون ، وهو أيضاً منقطع ، فبطل القول به .
    وقال أبن حزم أيضاً : ﴿ ويكفي من هذا أنه لا حجة في قول أحد دون النبي صلى الله عليه وسلم ، وكم قصة خالفوا فيها عمر ﴾﴿ ﴾.
    وفي هذا القول صراحة اللهجة في عدم حجية أقوال الخليفة الثاني وكذلك اشارة إلى اخطاءه التي ارتكبها في هذا السياق .
    كما انهم -كما ذكر أبن حزم- قد خالفوا هذا الخبر أو قل قد أخذوا بعضه وكفروا ببعض فقد خالف أبو حنيفة ومالك والشافعي ومن المحتجين بها ذيل الرسالة فأجازوا شهادة المجلود في الخمر والزنى إذا تاب كما أجاز مالك والشافعي شهادة المجلود في حد القذف إذا تاب . وهذا كما لا يخفى خلاف ما في رسالة الخليفة الثاني وإن ادعوا إجماعا كذبهم الأوزاعي فإنه لا يجيز شهادة مجلود في شيء من الحدود أصلاً كما في رسالة الخليفة الثاني التي صححوها ، كما انهم أجازوا شهادة الأخ لأخيه والمولى لذي ولائه ولم يجعلوهما ظنينين في ولاء وقرابة وردوا شهادة الأب العدل لابنه وجعلوه ظنين في قرابة وهذا ليس إجماعا لأن عثمان البتي وغيره يجيز شهادته له وردوا شهادة العبد وهو مسلم وكل هذا خلاف ما في رسالة الخليفة الثاني فمن الباطل المحال أن تكون هذه الرسالة حجة في القول بالإجتهاد والقياس ولا تكون حجة عليهم فيما خالفوها فيه ويكفي في هذا إقرارهم بأنها حق وحجة ثم خلافهم بما فيها فقد أقروا بأنهم خالفوا الحجة التي وضعوها عليهم .
    إن ما ذكرناه يعد من أهم أدلتهم التي احتجوا بها في اثبات صحة الإجتهاد والرأي وما عداها لا حاجة إلى ذكره ومناقشته لضعف الاسناد عندهم أولاً ووضوح عدم دلالتها على صحة الإجتهاد والرأي ثانياً .
    ثم إن مورد الأدلة التي ساقوها على حجية الافتاء بالإجتهاد والرأي خارجة عن محل النقاش والاستدلال لأن مورد جميعها هو باب القضاء ومحل النقاش جواز تشريع الأحكام من قبل المجتهدين ام لا وكذلك الحال في الكتاب المنسوب إلى الخليفة الثاني وكذلك الأمر في حديث معاذ وخبر عمرو أبن العاص مما استدلوا به فإنها رغم ضعف اسنادها عندهم ومخالفة دلالتها للكتاب والسُنة الصحيحة إلى حد الاطمئنان بأنها موضوعة فإن موارد جميعها هو شؤون القضاء وليس التشريع والدليل على ذلك هو تصنيف أصحاب الحديث لهذه الأخبار فقد وضعوها في أبواب القضاء ولم يذكروها في أبواب الفتيا .
    لقد استشهد الفقهاء بهذه الأدلة وجعلوها حجة عليهم وذلك لقولهم بأن التشريع الإسلامي - أي الكتاب والسُنة - كان ناقص في بعض جوانبه مما احتاج معه المفتون أن يشرعوا بآرائهم أحكاما لقضايا أهمل حكمها في الإسلام حاشا لله ورسوله من قولهم هذا ورسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ أكد على كمال الدين وتمام النعمة في خطبة الوداع ولكن أكثرهم لا يعقلون قول الله ورسوله فقالوا بنقصان الدين والله أرسل رسوله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ شهيداً عليهم وانزل عليه الكتاب فيه تبيان كل شيء حتى لا يقولوا أن في الدين نقص إلا وأتمه في كتاب أو سُنة قال تعالى : ﴿... وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَـؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾﴿ ﴾ .
    لقد أبت هذه الأمة إلا السير على سُنن الماضين كما اخبرنا الكتاب الكريم في قوله تعالى : ﴿ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبَقٍ ﴾﴿ ﴾ . وقد ذكر أبن حجر ما أخرجه الطبراني من حديث المستورد بن شداد رفعه : ﴿ لا تترك هذه الأمة شيئاً من سُننن الأولين حتى تأتيه﴾ . وذكر أيضاً : ﴿لتركبن سُنة من كان قبلكم حلوها ومرها ﴾﴿ ﴾ .
    وقد ذكر فقهاء العامة هذا الحديث بأسانيد مختلفة ومتون شتى تأتي على نفس المعنى وقد عبروا عن ذلك بأن هذه الأمة ستتبع المحدثات من الأمور والبدع والأهواء كما وقع للأمم قبلهم ، وأي بدع وأي أهواء أعظم من القول بالرأي في دين الله دون علم والوقوف على الشبهات دون خشية الله وعذابه وأكثر من ذلك فقد قالوا بأن ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وحيثما وجدت المصلحة فثم شرع الله وهم أنفسهم يقولون لا رأي إلا لرسول الله لا لأنه يقول برأيه بل لأنه يحكم بما أراه الله تعالى قال تعالى : ﴿ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ ﴾﴿ ﴾ . وقد جاء عن أبن عباس انه قال : ﴿إن الله لم يجعل لأحد أن يحكم في دينه برأيه ، وقال الله تعالى لنبيه ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ : ﴿لتحكم بين الناس بما أراك الله ﴾ ولم يقل : بما رأيت﴿ ﴾ .
    فكيف جاز للفقهاء القول بالرأي والاستحسان وغيرها من المسميات الأخرى ؟ وهم متفقون على أن رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ لم يقل برأيه أبداً وانه كان متمسك بالوحي حتى أنه لم يجيب على بعض المسائل التي وجهت إليه منتظرا الوحي - كما سياتي – فكيف جاز لكم الإجتهاد ولم يكن ذلك لرسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ ؟ وكيف جاز لكم وضع القواعد والقوانين لشريعة الله بآرائكم الشخصية موهمين الناس بانها الحق من ربكم ؟ فلكم أن تقولوا وعلى الله أن يرضى لقولكم فكيف ذلك وأنتم تدعون الإسلام ؟! بربكم فهل هذا من الإسلام شيء والله يقول لكم : ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إلى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾﴿ ﴾ .
    ألم تسمعوا قول الله وهو يحذركم أن تقولوا بحلاله وحرامه كذباً بما لا تعلمون قال تعالى : ﴿ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ ﴾﴿ ﴾. وقال تعالى : ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَاماً وَحَلاَلاً قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ ﴾﴿ ﴾ . وقد أخبركم الكتاب بعاقبة الذين يكذبون على الله في دينه ويخدعون الناس بأن قولهم هو الحق قال تعالى : ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ ﴾﴿ ﴾ . وقال تعالى : ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ ﴾﴿ ﴾ .
    لقد بالغ فقهاء العامة بإجتهاداتهم أي مبالغة فقالوا بأقوال لم يسبقهم أحد بها وسنورد لكم فيما يلي بعض أقوالهم وفتاويهم التي ما أنزل الله بها من سلطان ولم يكن دليلهم فيها إلا عقولهم القاصرة وآرائهم الشاذة :
    اَيْنَ بابُ اللهِ الَّذى مِنْهُ يُؤْتى

    تعليق

    يعمل...
    X