إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

نقاط النزاع والخلاف بين الأخباريين والأصوليين :

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نقاط النزاع والخلاف بين الأخباريين والأصوليين :

    كتاب سقيفة الغيبة كتاب سقيفة الغيبة

    تطرقنا في المبحث السابق إلى الحوادث والوقائع التي وقعت بين الأخبارية والأصولية اما المسائل التي اختلفوا فيها فهي كثيرة قد ذكرها جملة من الفقهاء المطلعين﴿ ﴾ ويمكن حصرها فيما يلي :
    الأول : إن الأصوليين يوجبون الإجتهاد في الأحكام الشرعية عينا أو تخييرا على الرعية اما الأخباريين فيحرمون الإجتهاد بالكلية ويوجبون الأخذ بروايات أهل البيت (ع) اما عن المعصوم أو من روى عنه وان تعددت الوسائط .
    الثاني : إن أدلة الأصوليين في الشرع اربعة هي : الكتاب والسُنة والإجماع والعقل اما الأخباريين فقد حصروا الأدلة بالكتاب والسُنة بل بعضهم افرط في ذلك واقتصر على السُنة دون الكتاب وقالوا بأن الكتاب غير معروف لهم لأنه لا يجوز تفسيره الا من قبل أهل البيت (ع)وقد رفض الأخباريين الأحكام العقلية إلا أن منهم من أخذ ما كان له مبدأ حسي أو قريب من الحس كالرياضيات .
    الثالث : إن الأصوليين يجوزون اخذ الأحكام الشرعية وبالطرق الظنية وكما مر بيانه اما الأخباريين فلا يقولون الا بالعلم والعلم عندهم قطعي وليس ظني وهو ما وافق نفس الأمر وعادي وأصلي وهو ما وصل عن المعصوم ثابتاً ولم يجوزوا فيه الخطأ عادة وان الشارع وأهل اللغة والعرف يسمونه علما وان الظن ما كان بالإجتهاد والاستنباط بدون رواية وان الأخذ بالرواية لا يسمى ظنا وهذا بحد قول الأخباريين .
    الرابع : إن الأصوليين اخذوا بطريقة فقهاء العامة بالنسبة لتنويع الأحاديث إلى اربعة أنواع صحيح وحسن وموثق وضعيف وتنويع الأحاديث يعتمد على طبيعة الراوي ولم يرد بهذا التنويع نص ولا خبر اما الأخباريين فإنهم ينوعون الحديث إلى صحيح وضعيف فقط ولهم في معرفة الحديث قواعد .
    الخامس : إن الأصوليين يفسرون الحديث الصحيح بما رواه الإمامي العادل الثقة عن مثله وصولا إلى المعصوم (ع)والحديث الحسن ما كان رواته أو أحدهم إمامي ممدوح غير منصوص عليه بالتوثيق والحديث الموثق هو ما كان رواته أو أحدهم موثق غير إمامي اما الحديث الضعيف فهو ماعدا ذلك.
    اما الأخباريين فإن الحديث الصحيح عندهم هو ما ثبت وثبوت الحديث عنهم اما بالتواتر أو بأخبار الاحاد المحفوفة بالقرائن التي تشهد بصحتها كمطابقة القرآن أو الشهرة أو اعتضاده بأحاديث أخرى اما الضعيف فالفاقد لما تقدم من شروط الصحيح .
    السادس : إن الأصوليين صنفوا الفرقة إلى اصناف اما مجتهد أو مقلد أو محتاط اما الأخباريين فإنهم يقولون بأن الرعية كلها مقلدة للمعصوم ولا مجتهد أصلاً .
    السابع : إن طلب العلم عند الأصوليين في زمن الغيبة محصور بطرق الإجتهاد اما بوجود المعصوم فيكون طريق العلم بالأخذ عن المعصوم نفسه ولو بالواسطة ولا يجوز الإجتهاد في زمن المعصوم اما الأخباريين فيقولون ان اخذ الأحكام في زمن الغيبة وفي زمن الحضور واحد وهو الأخذ بالرواية ولا فرق عندهم في الازمان وقالوا بأن حلال محمد حلال إلى يوم القيامة ،وحرامه حرام إلى يوم القيامة لا يكون غيره ولا يجيء غيره .
    الثامن : إن الأصوليين لا يجوزون لأحد الفتيا وتولي القضاء والامور الحسبية الا للمجتهد كما انهم لا يجوزون متابعة من لم يصل إلى رتبة الإجتهاد اما الأخباريين فيمنعون ذلك ويقولون بأن المفتي والقاضي والذي يتولى الامور الحسبية هو الراوي لأحاديث أهل البيت (ع)المطلع على أحكامهم ولا يجوزون متابعة المجتهد في قول أو عمل لم يرد به اثر من أهل العصمة (ع).
    التاسع : إن الأصوليين يقسمون الفقيه العالم إلى قسمين اما ان يكون مجتهد مطلق أو متجزئ اما الأخباريين فيقولون : إن الفقيه هو المتجزئ وهو العالم ببعض الأحكام بطريق الرواية دون بعض وعدم العلم عنده مقترن بما لم يطلع فيه على روايات توجب العلم اما العالم المطلق فعند الأخباريين هو المعصوم دون غيره لأن الفقيه مهما بلغ من العلم فهو مقول بالتشكيك فيقوى ويضعف وان الفقيه مهما بلغ فلن يصل إلى قوة الاستعداد في جميع الأحكام بحيث لا يتوقف في مسألة ولا يتردد في حكم فإنه لم يبلغ أحد من الفقهاء الأصوليين في قوة الاستنباط ما بلغ العلامة الحلي وكتبه مشحونة بالتوقف والاستشكال .
    العاشر : إن الأصوليين يشترطون فيمن يبلغ رتبة الفتوى ومعرفة الحديث ان يعرف المقدمات الست وهي الكلام والأصول والنحو والتصريف ولغة العرب والمنطق والأصول الاربعة وهي الكتاب والسُنة والإجماع والعقل اما الأخباريين فإنهم لا يشترطون في ذلك غير معرفة كلام العرب وبعض مسائل النحو والتصريف .
    الحادي عشر : إن الأصوليين يرجحون الأخبار الواردة والأحاديث الشريفة بالآراء والافكار اما الأخباريين فلا يجوزون غير المرجحات المنصوصة عندهم.
    الثاني عشر : إن الأصوليين لا يجوزون لأحد من الرعية اخذ شيء من الأحكام الشرعية ولا العمل لمن عرف الحكم بطريق الرواية يقينا الا لمن بلغ رتبة الإجتهاد وأصبح من المجتهدين اما الأخباريين فإنهم يجوزون بل يوجبون للعامي العمل بالحديث ولو كان من خبر الواحد بشرط ان يكون صحيحاً ثابتاً عن المعصوم وان يكون الحديث صريح الدلالة وبعد أن يعرف العامي هذا كله ويعرف كون الحديث غير معارض بمثله وجب عليه العمل به بل ان الأخباريين لا يجوزون الرجوع إلى المجتهد بغير حديث صحيح واضح الدلالة والمعنى .
    الثالث عشر : يجوز الأصوليون العمل بالأخبار الواردة والآيات الكريمة التي تحمل الوجوه اما الأخباريين لا يجوزون هذا العمل بل لا يعملون الا بالأحاديث الصريحة والآيات المحكمة التي لا تشابه فيها .
    الرابع عشر : إن الأصوليين يجوزون الحكم في الاستحباب والكراهة بالحديث الضعيف بل ربما ذهب بعضهم إلى الحكم بفتوى المجتهد مجردة عن الدليل والأخباريين لا يفرقون بين الأحكام الخمسة .
    وتعريف الأحكام الخمسة عندهم هو :
    الواجب : وهو ما أمر الشرع به فلا يجوز للمكلف تركه الا لعذر .
    المستحب : وهو ما رغب الشارع الناس بإتيانه ، فيثاب الإنسان إذا ما أتى به ، لكن لا يعاقب لو تركه .
    المباح : وهو كل عمل جائز تساوى طرفاه في الحالات الطبيعية ، فلا يثاب لو أتى به ، كما لا يعاقب على تركه .
    المكروه : وهو كل عمل رغب الشارع الناس في تركه فوعد بالثواب لتركه ، لكن لم يتوعد بالعقاب على فعله .
    الحرام : وهو كل عمل نهى الشرع عن فعله .
    الخامس عشر : إن الأصوليين يذهبون إلى بطلان تقليد المجتهد والأخذ بفتواه في حالة موته وان قول الميت كالميت إذ لا قول للميت اما الأخباريين فإنهم يقولون بأن الحق لا يتغير بالحياة والموت لأن الحق ثابت وحلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة .
    السادس عشر : إن الأصوليين يجوزون الأخذ بظواهر القرآن من غير موافقة الحديث له وانهم يقولون بأن الأخذ بظاهر القرآن أولى من الأخذ بالحديث لأنه قطعي المتن وبذلك نجد تفاسيرهم مشابه لتفاسير المخالفين في كثير منها كقولهم بأن أهل الذكر مصداق ينطبق على الفقهاء لأخذهم بظاهر الآية اما الأخباريين فإنهم لايجوزون الأخذ بظواهر القرآن إلا بما ورد تفسيره عن الأئمة (ع) أو ما وافق أحاديثهم الشريفة لأنه لا يعرف القرآن إلا من خوطب به ، ولان القرآن فيه محكم ومتشابه والمحكم بين لاشك فيه وما عداه متشابه والمتشابه لا يعلمه إلا الراسخون في العلم وهم الأئمة (ع).
    السابع عشر : إن الأصوليين يجوزون الإجتهاد في الأحكام الشرعية عند تعذر العلم بقول المعصوم والأخباريين لا يفرقون في ذلك بل يوجبون الرجوع إلى المعصوم مطلقا فإن تحقق عندهم قوله قالوا وإلا سكتوا ووقفوا .
    الثامن عشر : إن الأصوليين يعتقدون ان المجتهد إذا أصاب في إجتهاده فله أجران اجر لأصابته واجر لكده وان اخطأ فله اجر لكده وعنائه وهذا من صلب أصول العامة وقد تسلل على اذهان المجتهدين مع معارضته لأخبار الأئمة ورواياتهم الشريفة اما الأخباريين فإنهم يقولون ان المجتهد مأثوم على كل حال لأنه ان اصاب الحق فقد حكم بغير علم الله إذ أخذه بغير رواية وان اخذ بها فليس هذا إجتهادا وان اخطأ فقد كذب على الله .
    التاسع عشر : إن الامور بالنسبة إلى المجتهد عن الأصوليين اثنان فأما أمر وضح دليله ولو ظنا فيجب الأخذ به واما أمر خفي دليله فيجب الأخذ بالأصل في نفس أحكامه تعالى ولا يجب الوقوف والاحتياط اما الأخباريين فإن الامور عندهم ثلاثة أمر بين رشده فيتبع وأمر بين غيه فيجتنب وشبهات بين ذلك فمن اخذ بالشبهات ارتكب المحرمات من حيث لا يعلم فالاحتياط والتوقف فيما لم يرد فيه نص عنهم (ع)في كل مسألة واجب .
    العشرون : إن الأصوليين يقولون بصحة اخذ العقائد من أدلة المتكلمين من غير موافقة للقرآن والحديث والأخباريين لا يجوزون ذلك .
    الحادي والعشرون : إن الأصوليين يقولون بصحة اخذ القواعد وأصول أدلة الفقه من قواعد الأصول التي استنبطها علماء العامة اما الأخباريين فإنهم لايجوزون ذلك ويقولون بوجوب الاقتصار على ما دل عليه الحديث في الأصول والفروع .
    الثاني والعشرون : إن الأصوليين لا يجوزون اخذ العقائد من القرآن والحديث بل ربما منع بعضهم اخذ مسائل أصول الفقه من الحديث إذا كان بطريق الاحاد لا اشتراطهم في الأصول القطع وخبر الواحد لا يفيدهم والأخباريين يقولون بالعكس .
    الثالث والعشرون : يجوز عند الأصوليون الاختلاف في المسائل الشرعية المبنية على الإجتهادات الظنية ولا يفسقون من يقول بخلاف الحق للآيات والروايات في مسائل الفروع حيث ان مناط الأحكام الظن فكل منهم يجوز صواب الآخر مع ظنه انه مخطئ اما الأخباريين فإنهم لا يجوزون الاختلاف في المسائل الشرعية ويفسقون من قال بخلاف الحق للآيات والروايات .
    الرابع والعشرون : يمنع الأصوليين رجوع الفقيه المجتهد منهم إلى غيره ممن هو ادنى منه في العلم أو مساويه إذا لم يظفر بالنص الشرعي بل إنما يجب عليه الرجوع إلى معرفية قواعده وأصوله الخاصة ولا يقلد في الأصول الفقهية غيره من المجتهدين أما الأخباريين فإنهم لا يقولون بذلك بل يوجبون على الفقيه الفحص والسؤال عن الحكم الشرعي وطلب الحديث من غيره من الفقهاء .
    الخامس والعشرون : إن فقهاء الإمامية في تعريف الأصوليين كلهم مجتهدين في الأحكام الشرعية أبتداءً من زمان الكليني إلى المتأخرين فكلهم واحد اما الأخباريين فإنهم يقولون ان المتقدمين كالكليني والصدوق وأمثالهم أخباريون والسيد المرتضى والعلامة والشهيدان والشيخ علي وأمثالهم مجتهدون .
    السادس والعشرون : إن الإجتهاد عند الأصوليين واجب اما كفائي أو عيني وأكثرهم قال بالأول والأقل منهم يقولون بالثاني أما الأخباريين فإنهم يذهبون إلى ان طلب العلم فريضة على كل مسلم وان طلب العلم هو اخذه من المعصومين (ع)مشافهة أو بواسطة أو وسائط وان الناس كلهم مقلدون للمعصومين (ع)وان العالم والجاهل الآخذ من العالم بواسطة عن المعصوم أو مشافهة يسمى عالما بالحكم الذي علمه .
    السابع والعشرون : لا يجوز عند الأصوليين ان يقول أحدهم بقول في حكم من الأحكام لم يقل به أحد من العلماء السابقين ولو كان عنده على ذلك دليل واضح والأخباريين لا يفرقون بين تقدم القائل وعدمه لأن الحق عندهم هو العمل على الدليل وهو قول المعصوم (ع).
    الثامن والعشرون : إن الأصوليين يوجبون تعلم علم الادب كالنحو والصرف والمنطق والكلام ونحوهما لأنها شرط في ممارسة الإجتهاد وهو واجب كفائي فيكون تعلم المقدمات واجبا كفائيا أما الأخباريين فإنهم لا يوجبون شيئاً من ذلك لعدم توقف فهم الحديث على ذلك ولا توقف المعرفة على علم الكلام ولعدم احتياج الفقيه إلى علم المنطق أصلاً ورأساً وان الاكتفاء بالسؤال عن الحديث وفهمه ومعرفة ألفاظه كاف في طلب العلم .
    التاسع والعشرون : إن الثقة عند الأصوليين لا يطلق الا على الإمامي العدل الضابط أما الأخباريين فإنهم يقولون : بل ما معنى الثقة في كلام علماء الرجال المتقدمين هو الموثوق به في النقل المأمون من الكذب كما يعرف بالمعاشرة ولا تشترط أمانته ولا عدالته .
    الثلاثون : إن الأصوليين يذهبون إلى أن طاعة المجتهد واجبة كطاعة الإمام المعصوم مع انهم يجوزون عليه الخطا ولا يجوزون على المعصوم وهم إنما استدلوا على عصمة الإمام بانه لو جاز عليه الخطا للزم اغراء الله بالقبيح لأنه أمر بإتباعه وإتباعه في حالة الخطأ قبيح فيكون الله أمر به وهو محال لمنافاته لدليل العدل وهو بعينه وارد عليهم في المجتهد أما الأخباريين فإنهم لا يلزمهم في ذلك شيء لأنهم إنما يوجبون طاعة الإمام خاصة ولم يوجبوا طاعة العالم الا لكونه اخذا عن الإمام والإمام أمر به والا فلا تجب طاعته .
    الحادي والثلاثون : إن الأصوليين والأخباريين فيهم المجتهد والمحدث والمجتهد المحدث .
    فالمجتهد هو الفقيه الجامع لشرائط الإجتهاد ويجوز الاستنباط والأخذ بقواعد الأصول وأدلة العقل والإجماع من غير حديث صريح أو صحيح عام أو خاص كالمرتضى وأبن إدريس والعلامة ومن تأخر عنهم كابنه فخر الدين والشهيدين والمحقق الشيخ علي وأمثالهم وهؤلاء من الأصوليين .
    اما المحدث فهو غير المجتهد فالمحدث هو الذي يحصل له معرفة بالحديث وفهمه دون ان يستخدم قواعد الأصول وأدلة العقل والإجماع والمحدث طبقة من طبقات الأخبارية .
    اما المجتهد المحدث فهو الفقيه الجامع لشرائط الإجتهاد كما يسمونها ولم يقل بجواز اخذ الأحكام الا بالرواية وهو بذلك يسمى مجتهد محدث كالمحقق خليل القزويني والعلامة محسن الكاشاني ومحمد طاهر القمي وعبدالله اليزدي والشيخ الحر العاملي وهذه النوعية طبقة أخرى من طبقات الأخبارية .
    الثاني والثلاثون : إن الأخباريين لا يجوزون العمل بالبرائة الأصلية في نفي حرمة فعل وجودي كنفي حرمة مس المحدث حدثا اصغر كتابة القرآن لا في نفي حكم وضعي كنفي نقض الخارج من غير السبيلين مثلاً ويجوزون العمل بها في نفي وجوب فعل وجودي كنفي وجوب صلاة الوتر الا من حيث اصالة البرائة نفسها .
    الثالث والثلاثون : إن الأصوليين يجوزون الترجيح بالبرائة الأصلية عند تعارض الأخبار والأخباريين لا يجوزون ذلك .
    الرابع والثلاثون : إن جملة من الأخباريين يقولون بجواز تاخير البيان عن وقت الحاجة والأصوليون مطبقون على امتناعهم وإنما الخلاف عندهم في تاخير البيان عن وقت الخطاب .
    الخامس والثلاثون : إن الأخباريين لا يجوزون العمل بالإجماع المدعي إذا لا سبيل إلى العلم بدخول قول المعصوم (ع) بغير الرواية عنه ووافقهم على هذا بعض الأصوليون .
    السادس والثلاثون : إن الأصوليين أو أكثرهم لا يلتفتون إلى خلاف معلوم النسب ولا يقدح في الإجماع واما الأخباريون فلا يلتفتون إلى هذه القاعدة ولا فرق عندهم بين معلوم النسب ومجهوله بل العمل على الدليل وهو قول المعصوم.
    السابع والثلاثون : إن الأصوليين يقولون ان الأصل في الاشياء الإباحة والأخباريين يتوقفون في ذلك بل عندهم ما لم يرد نص بجوازه لا سبيل إلى اباحته ولا تحريمه بل هو من قبيل الشبه وخالفت طائفة من الأخباريين هذا القول وذهبت إلى ما ذهب إليه الأصوليين .
    الثامن والثلاثون : إن الأخباريين يعتقدون بصحة الكتب الأربعة بأسرها إلا ما نصوا على ضعفه لأنها اما متواترة أو مستفيضة أو معدومة النسبة إلى أهل العصمة والأصوليين لا يقولون بذلك بل يقولون بأن أكثرها ضعيف .
    التاسع والثلاثون : إن الأخباريين لا يجوزون العمل بالاستصحاب إلا فيما دل عليه النص والأصوليين على خلافهم .
    الاربعون : إن الأصوليين يوجبون على المجتهد الرجوع إلى أصول الفقه وقواعده التي استنبطها فقهاء العامة كالشافعي وأبي حنيفة مع اتفاق الكل على ان أول من اخترع أصول الفقه العامة وأولهم الشافعي كما سياتينا بالتفصيل إن شاء الله أما الأخباريين فإنهم لا يجوزونه إلا فيما دل عليه كلام أهل العصمة (ع) فلا يجب الرجوع عندهم إلا إلى قواعد أهل العصمة دون غيرهم .

    هذه هي الفروق الأكثر شهرة بين الفريقين والتي كان التنازع والتشنيع فيما بينهم مبنيا عليها كما ان هنالك فروق أخرى لا تقل أهمية عن التي ذكرناها منها ان الأصوليين باشتراطهم ضمن شروط المجتهد المطلق أنه يجب عليه أن يؤسس لنفسه أصولاً يُحرم عليه ان يقلد غيره فيها وإلا عد مقلداً لا مجتهداً ويبني فقهه كله على أصوله الخاصة وبذلك فإن الفقهاء الأصوليين ينتهون لا محالة إلى عدة أصاحب أصول مستقلة كما هو حال أصحاب المذاهب الإسلامية كما ان للفقيه الأصولي الحق الكامل بنسخ أصولاً وقواعد اثبتها المتقدمون ولو كانت من الثوابت عند القدماء كما سيأتينا ذكرها .
    وبطبيعة الحال فإن أقوال الأصوليين وما تبناه استنباطهم من أصول وأحكام تكون في اختلاف دائم لاختلافهم في الأصول والقواعد وهم بذلك يكونون قد الغوا ربانية التشريع وفتحوا لأنفسهم الباب على مصراعيه لتحويل الشريعة من ربانية إلى شريعة وضعية.
    كما أن من الفوارق الأخرى هو الغاء الأصوليين التعبد بأكثر النصوص المروية في مصادر الحديث المعتبرة والمعتمدة وجعل الحاكمية في ذلك لقواعد الجرح والتعديل وما أسسه الأصوليون من مبان لا تنهض بحجية وكذا تقسيم الأحاديث إلى الأنواع التي ذكرناها في ﴿الفارق الخامس﴾ من اجل افراغ دائرة التشريع من النصوص الشريفة واسقاط ما يستطيعون اسقاطه من الأخبار المروية عن أئمة أهل البيت (ع) حتى لا يبقى أمامهم في ظاهر الأمر إلا الاضطرار إلى اللجوء إلى ما أسسوه من أصول عقلية ومباني فلسفية ومنطقية ليتعبدوا بها دون النصوص المعصومة .
    كما أن من مفارقات الأصوليين هو شدة فرطهم في اعتمادهم على الظنون دون القطع على الرغم من كل ما ورد في ذم الظن من الآيات والروايات تجدهم لا يقطعون بصحة طريقهم ولا بصواب أصولهم ولا بصحة أعمالهم حيث يظنون بلوغ كل ذلك ولا يقطعون ولذلك نجد في وصايا فقهاء هذه المدرسة هو وصيتهم بقضاء صومهم وصلاتهم وحجهم وغيرها من الاعمال لظنهم ببطلانها أو نقصانها !!
    الى هنا نكون قد انتهينا من بيان مجمل للحركة الأخبارية وما حصل من أحداث بينها وبين الأصوليين .
    ولا يفهم القارئ الكريم باننا ندافع عن طرف في مقابل الطرف الآخر أبداً ان ما يعنينا هو بيان الأحداث التي حصلت بعد غيبة ولي الله (ع) وخصوصاً تلك التي اريق بها الدماء واحلت بها المحارم وهذا حال طبيعي لمن ترك وصايا الأئمة (ع) وسلك سبيل المخالفين لهم .
    إن الذي نريد بيانه هو ان الأسلوب الذي اتبعه كلا من الأصوليين والأخباريين لم يكن هو ذات الأسلوب الذي أمرنا به أهل البيت (ع) أي الدعوة بالحكمة والموعضة الحسنة.
    اَيْنَ بابُ اللهِ الَّذى مِنْهُ يُؤْتى
يعمل...
X