منقول من كتاب سقفية الغيبة المستوحى من فكر السيد القحطاني
تأريخ علم الرجال وتأثيره على الأحاديث :
نشأ علم الرجال كما نشأ علم الأصول في أحضان مدارس العامة فإن أول من بدأ بالاهتمام باسناد الرواية هم أصحاب الخليفة الثالث عثمان بن عفان في أعقاب الفتنة التي حصلت في زمن الخليفة الثالث على وجه التحديد، وعن هذه الحالة قال أبن سيرين ما هذا نصه : ﴿لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة ، قالوا: سموا لنا رجالكم ، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم﴾﴿ رواه مسلم في المقدمة باب بيان أن الإسناد من الدين ج1 - ص15
-
وبعد ذلك بدأ أصحاب الحديث بالاهتمام بالاسانيد والالتزام بها حتى وصل الحال إلى ان يقولوا ﴿معرفة الرجال نصف العلم﴾﴿ نفس المصدر السابق
أهتم أصحاب الحديث من مدارس العامة بالالتزام بإسناد الأحاديث التي جمعوها في كتبهم وكان هذا في النصف الأول من القرن الثاني الهجري وقد أطلق على هذه الكتب أسم المسانيد مثل مسند معمر بن راشد المتوفي سنة 152هـ ومسند الطيالسي المتوفي سنة 204، وقد كونت هذه المسانيد المادة الأساسية التي اعتمد عليها أصحاب الكتب الستة التي ظهرت خلال القرن الثالث الهجري والتي التزم أصحابها بذكر الأسانيد والكتب الستة هي :
1 - صحيح البخاري المتوفي سنة 256هـ- جمع فيه ألفين وستمائة وحديثين انتقاها من ستمائة ألف حديث﴿ - هدي الساري مقدمة فتح الباري لأبن حجر - ص7
ويعتبر صحيح البخاري أصح كتاب عند فقهاء العامة إلا إنهم يقولون فيه الصحيح والضعيف والموضوع وهذه المسألة تعارض تسمية الكتاب بالصحيح.
2 - صحيح مسلم المتوفي سنة 261هـ يعتبر في المرتبة الثانية بعد صحيح البخاري جمع فيه أربعة آلاف حديث﴿ - علوم الحديث لأبن الصلاح - هامش ص17﴾.
3 - سُنن أبي داوود المتوفي سنة 275هـ جمع فيه أربعة آلاف وثمانمائة حديث انتقاها من خمسمائة ألف حديث حيث أخرج أبي داوود في سُننه الصحيح والحسن والضعيف والمحتمل وغير ذلك﴿ سورة الحجرات آية 6
4 - جامع الترمذي المتوفي سنة 279هـ جمع فيه ثلاثة آلاف وتسعمائة وستة وخمسين حديثاً فيها الصحيح والحسن والضعيف والغريب والمعلل وغيره﴿ - سورة آل عمران آية 110﴾.
5 - سُنن النسائي المتوفي سنة 303هـ وقد ألف النسائي السُنن الكبرى والسُنن الصغرى جمع النسائي في السُنن الصغرى خمسة آلاف وسبعمائة وواحدا وستين حديثاً منها الصحيح والحسن والضعيف﴿ - السنن الكبرى - النسائي - ج 6 - ص 313 ﴾
6 - سُنن أبن ماجه المتوفي سنة 273هـ جمع فيه أربعة آلاف وثلاثمائة وإحدى وأربعين حديثاً منها الصحيح والحسن والضعيف والمناكير والموضوعات وغيرها﴿ ﴾
وقد سبق هذه الكتب كتاب الموطأ لمالك بن انس المتوفي سنة 179هـ وقد انتقى مالك أحاديث الموطأ من مائة ألف حديث كان يرويها وجملة ما في الموطأ من الآثار عن النبي (ص) وعن الصحابة والتابعين ألف وسبعمائة وعشرون حديثاً المسند منها ستمائة حديث والمرسل مائتان واثنان وعشرون حديثاً والموقوف ستمائة وثلاثة عشر ومن أقوال التابعين مائتان وخمسة وثمانون﴿ ﴾.
كما كتب أحمد بن حنبل المتوفي سنة 241هـ كتاب المسند وقد جمع فيه ما يقرب من أربعين ألف حديث منها عشرة آلاف حديث مكررة انتقاها من سبعمائة وخمسين ألف حديث﴿ ﴾
بعد ما تقدم نقول : لقد الف فقهاء العامة هذه الكتب والمسانيد والصحاح اعتماداً على اسناد الحديث ورجال الرواية وقد انتقوا القليل القليل من الأحاديث وتركوا الكثير منها اعتماداً على أحوال الرواة وقد رأينا بأن مالك حين كتب كتاب الموطأ انتقى من مائة الف حديث كان يرويها للناس انتقى فقط الف ونيف حديث وقد انتقى أبي داوود في سُننه اربعة الاف وثمانمائة انتقى هذا العدد من خمسمائة ألف حديث أما البخاري فقد انتقى الفين وستمائة وحديثين من ستمائة الف حديث وكذلك أحمد بن حنبل كما تقدم .
إن هذه النسبة الفضيعة من الأحاديث قد ضاعت اعتماداً على علم الرجال حيث كان الانتقاء يتم اعتماداً على الرجال بالدرجة الأساس، والنتيجة أنه لا يقبل الحكم على الحديث بالصحة أو الحسن أو الضعف إلا من المختصين بهذا العلم بناء على القواعد التي وضعوها لتمييز الصحيح من السقيم .
إن الحقيقة التي يجب ان تقال ان علم الرجال من العلوم الوضعية التي وضعها أناس يخطأون ويصيبون، ولم يرد في هذا العلم نص صريح يدعونا إلى ترك كلام غير الموثوق والأخذ بكلام الموثوق واعتبار كلامه حق لا ريب فيه ولا تشوبه الشوائب، وكأن الموثوق قد أصبح بمقام المعصوم ، وإن لم يقل أصحاب الرجال هذه الحقيقة إلا إنها هي الحقيقة بعينها عندهم ، فإننا نراهم يتمسكون بكلام الثقة وكأنه كلام معصوماً عن الخطأ ويغضون البصر عن السهو والنسيان والتوهم التي تصيب هؤلاء الرواة، فهؤلاء وان كانوا ثقات إلا إنهم بشر يخطؤن ويصيبون في نقل الأخبار، فإن الثقة يتوهم وينسى ويغلط ويشتبه عليه الأمر بين الخاص والعام فقد يعمم شيء وهو خاص والعكس صحيح وقد يشتبه بانه قد سمع شيء وهو لم يسمعه أو سمعه ففهمه بخلاف حقيقته وغيرها من الامور التي سنتطرق لها خلال البحث .
لقد احتج أصحاب الرجال على صحة وحجية علم الرجال بقوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾﴿ ﴾ نقول : ان هذه الآية المباركة لا تدل على طرح كلام الفاسق أبداً بل يجب علينا ان نتبين لا ان نرفض الكلام جملة وتفصيلاً ، فهذه الآية مما لا يصلح أن تكون دليلاً على حجية علم الرجال الذي طرح مئات الآلاف من الأحاديث اعتماداً على دراسة أحوال الرواة ورجال الحديث وإذا كانت أمة النبي (ص) فيها هذا العدد من الكذابين وهي نسبة كبيرة جداً حيث تم طرح أكثر من 98% من الأحاديث واخذت نسبة قليلة جداً وهذه النسبة القليلة فيها الضعيف والحسن والموضوع فإذا كانت هذه الأمة فيها هذا العدد الهائل من الكذابين فكيف يمكن ان يستقيم هذا المعنى مع قوله تعالى : ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ ...﴾﴿ ﴾.
وقد جاء في سُنن النسائي عن أبي هريرة قال : ﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس قال نحن خير الناس للناس ... ﴾﴿ ﴾.
فإذا كانت هذه الأمة هي خير الأمم وفيهم هذا العدد الهائل من الكذابين والوضاعين وليس كذبهم هذا بينهم بل انهم يكذبون على نبيهم فلا انعم ولا أكرم بهذه الأمة !!
فإننا أما أن نقر بأن علم الرجال حق وأنه من الدين ونقول بأن أكثر من 98% من رواة الحديث كذﹼابين وضاعين، وهذه نسبة كبيرة بل ربما تصل إلى أكثر من 99% إذا نقحت كتب الحديث وقارنا بين ما يخرج من التنقيح وما اخرجه البخاري ومالك وغيرهم من الأحاديث التي لم يكتبوها فإن اعداد الأحاديث الضعيفة والموضوعة سيكون رقماً قياسياً، والنتيجة كما قرأنا تتعارض حتى مع كتاب الله عز وجل الذي وصف هذه الأمة بانها خير الأمم كما يفسرون هم الآية الكريمة، فكيف يستقيم هذا المعنى مع هذا العدد الهائل من الكذابين في خير الأمم ؟
إننا أما أن نقبل بهذه النتيجة أو نقول بأن هذا العلم ليس بمعصوم عن الخطأ. والحق يقال بأن علم الرجال من العلوم الموضوعة والتي وضعها وأسس قواعدها أناس ليسوا بمعصومين، ولم يحتجوا بفعل للنبي (ص) ولا آية تدل على ان كلام الموثوق صحيح في كل الأحوال وان كلام فاقد الوثاقة باطل في كل الأحوال وقد قرأنا في البحوث المتقدمة بأن بعض الصحابة الثقاة كانوا يفتون الناس بخلاف النص جهلا لا أكثر، وقد رجع بعض الصحابة عن فتواهم عندما علموا الحكم من الآخرين، فإذا اخذ كلام الصحابي الثقة على انه دستور فإننا سنقع بالغلط يقيناً، وهذا مما لا يرضى به الله أبداً، أما كيف يتم الفحص عن الأخبار الصحيحة فهذا مما سيأتي فأنتظر .
إن علم الرجال قائم على دراسة أحوال الرواة وقد اهتم فقهاء العامة بدراسة أحوال الصحابة والتابعين ومن يروي عن التابعين ونحن سندرس في هذا البحث أحوال الصحابة وعددهم وعدالتهم عند فقهاء العامة وسندع التابعين وغيرهم لكي لا يطول البحث ويخرج عن سياقة .
تأريخ علم الرجال وتأثيره على الأحاديث :
نشأ علم الرجال كما نشأ علم الأصول في أحضان مدارس العامة فإن أول من بدأ بالاهتمام باسناد الرواية هم أصحاب الخليفة الثالث عثمان بن عفان في أعقاب الفتنة التي حصلت في زمن الخليفة الثالث على وجه التحديد، وعن هذه الحالة قال أبن سيرين ما هذا نصه : ﴿لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة ، قالوا: سموا لنا رجالكم ، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم﴾﴿ رواه مسلم في المقدمة باب بيان أن الإسناد من الدين ج1 - ص15
-
وبعد ذلك بدأ أصحاب الحديث بالاهتمام بالاسانيد والالتزام بها حتى وصل الحال إلى ان يقولوا ﴿معرفة الرجال نصف العلم﴾﴿ نفس المصدر السابق
أهتم أصحاب الحديث من مدارس العامة بالالتزام بإسناد الأحاديث التي جمعوها في كتبهم وكان هذا في النصف الأول من القرن الثاني الهجري وقد أطلق على هذه الكتب أسم المسانيد مثل مسند معمر بن راشد المتوفي سنة 152هـ ومسند الطيالسي المتوفي سنة 204، وقد كونت هذه المسانيد المادة الأساسية التي اعتمد عليها أصحاب الكتب الستة التي ظهرت خلال القرن الثالث الهجري والتي التزم أصحابها بذكر الأسانيد والكتب الستة هي :
1 - صحيح البخاري المتوفي سنة 256هـ- جمع فيه ألفين وستمائة وحديثين انتقاها من ستمائة ألف حديث﴿ - هدي الساري مقدمة فتح الباري لأبن حجر - ص7
ويعتبر صحيح البخاري أصح كتاب عند فقهاء العامة إلا إنهم يقولون فيه الصحيح والضعيف والموضوع وهذه المسألة تعارض تسمية الكتاب بالصحيح.
2 - صحيح مسلم المتوفي سنة 261هـ يعتبر في المرتبة الثانية بعد صحيح البخاري جمع فيه أربعة آلاف حديث﴿ - علوم الحديث لأبن الصلاح - هامش ص17﴾.
3 - سُنن أبي داوود المتوفي سنة 275هـ جمع فيه أربعة آلاف وثمانمائة حديث انتقاها من خمسمائة ألف حديث حيث أخرج أبي داوود في سُننه الصحيح والحسن والضعيف والمحتمل وغير ذلك﴿ سورة الحجرات آية 6
4 - جامع الترمذي المتوفي سنة 279هـ جمع فيه ثلاثة آلاف وتسعمائة وستة وخمسين حديثاً فيها الصحيح والحسن والضعيف والغريب والمعلل وغيره﴿ - سورة آل عمران آية 110﴾.
5 - سُنن النسائي المتوفي سنة 303هـ وقد ألف النسائي السُنن الكبرى والسُنن الصغرى جمع النسائي في السُنن الصغرى خمسة آلاف وسبعمائة وواحدا وستين حديثاً منها الصحيح والحسن والضعيف﴿ - السنن الكبرى - النسائي - ج 6 - ص 313 ﴾
6 - سُنن أبن ماجه المتوفي سنة 273هـ جمع فيه أربعة آلاف وثلاثمائة وإحدى وأربعين حديثاً منها الصحيح والحسن والضعيف والمناكير والموضوعات وغيرها﴿ ﴾
وقد سبق هذه الكتب كتاب الموطأ لمالك بن انس المتوفي سنة 179هـ وقد انتقى مالك أحاديث الموطأ من مائة ألف حديث كان يرويها وجملة ما في الموطأ من الآثار عن النبي (ص) وعن الصحابة والتابعين ألف وسبعمائة وعشرون حديثاً المسند منها ستمائة حديث والمرسل مائتان واثنان وعشرون حديثاً والموقوف ستمائة وثلاثة عشر ومن أقوال التابعين مائتان وخمسة وثمانون﴿ ﴾.
كما كتب أحمد بن حنبل المتوفي سنة 241هـ كتاب المسند وقد جمع فيه ما يقرب من أربعين ألف حديث منها عشرة آلاف حديث مكررة انتقاها من سبعمائة وخمسين ألف حديث﴿ ﴾
بعد ما تقدم نقول : لقد الف فقهاء العامة هذه الكتب والمسانيد والصحاح اعتماداً على اسناد الحديث ورجال الرواية وقد انتقوا القليل القليل من الأحاديث وتركوا الكثير منها اعتماداً على أحوال الرواة وقد رأينا بأن مالك حين كتب كتاب الموطأ انتقى من مائة الف حديث كان يرويها للناس انتقى فقط الف ونيف حديث وقد انتقى أبي داوود في سُننه اربعة الاف وثمانمائة انتقى هذا العدد من خمسمائة ألف حديث أما البخاري فقد انتقى الفين وستمائة وحديثين من ستمائة الف حديث وكذلك أحمد بن حنبل كما تقدم .
إن هذه النسبة الفضيعة من الأحاديث قد ضاعت اعتماداً على علم الرجال حيث كان الانتقاء يتم اعتماداً على الرجال بالدرجة الأساس، والنتيجة أنه لا يقبل الحكم على الحديث بالصحة أو الحسن أو الضعف إلا من المختصين بهذا العلم بناء على القواعد التي وضعوها لتمييز الصحيح من السقيم .
إن الحقيقة التي يجب ان تقال ان علم الرجال من العلوم الوضعية التي وضعها أناس يخطأون ويصيبون، ولم يرد في هذا العلم نص صريح يدعونا إلى ترك كلام غير الموثوق والأخذ بكلام الموثوق واعتبار كلامه حق لا ريب فيه ولا تشوبه الشوائب، وكأن الموثوق قد أصبح بمقام المعصوم ، وإن لم يقل أصحاب الرجال هذه الحقيقة إلا إنها هي الحقيقة بعينها عندهم ، فإننا نراهم يتمسكون بكلام الثقة وكأنه كلام معصوماً عن الخطأ ويغضون البصر عن السهو والنسيان والتوهم التي تصيب هؤلاء الرواة، فهؤلاء وان كانوا ثقات إلا إنهم بشر يخطؤن ويصيبون في نقل الأخبار، فإن الثقة يتوهم وينسى ويغلط ويشتبه عليه الأمر بين الخاص والعام فقد يعمم شيء وهو خاص والعكس صحيح وقد يشتبه بانه قد سمع شيء وهو لم يسمعه أو سمعه ففهمه بخلاف حقيقته وغيرها من الامور التي سنتطرق لها خلال البحث .
لقد احتج أصحاب الرجال على صحة وحجية علم الرجال بقوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾﴿ ﴾ نقول : ان هذه الآية المباركة لا تدل على طرح كلام الفاسق أبداً بل يجب علينا ان نتبين لا ان نرفض الكلام جملة وتفصيلاً ، فهذه الآية مما لا يصلح أن تكون دليلاً على حجية علم الرجال الذي طرح مئات الآلاف من الأحاديث اعتماداً على دراسة أحوال الرواة ورجال الحديث وإذا كانت أمة النبي (ص) فيها هذا العدد من الكذابين وهي نسبة كبيرة جداً حيث تم طرح أكثر من 98% من الأحاديث واخذت نسبة قليلة جداً وهذه النسبة القليلة فيها الضعيف والحسن والموضوع فإذا كانت هذه الأمة فيها هذا العدد الهائل من الكذابين فكيف يمكن ان يستقيم هذا المعنى مع قوله تعالى : ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ ...﴾﴿ ﴾.
وقد جاء في سُنن النسائي عن أبي هريرة قال : ﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس قال نحن خير الناس للناس ... ﴾﴿ ﴾.
فإذا كانت هذه الأمة هي خير الأمم وفيهم هذا العدد الهائل من الكذابين والوضاعين وليس كذبهم هذا بينهم بل انهم يكذبون على نبيهم فلا انعم ولا أكرم بهذه الأمة !!
فإننا أما أن نقر بأن علم الرجال حق وأنه من الدين ونقول بأن أكثر من 98% من رواة الحديث كذﹼابين وضاعين، وهذه نسبة كبيرة بل ربما تصل إلى أكثر من 99% إذا نقحت كتب الحديث وقارنا بين ما يخرج من التنقيح وما اخرجه البخاري ومالك وغيرهم من الأحاديث التي لم يكتبوها فإن اعداد الأحاديث الضعيفة والموضوعة سيكون رقماً قياسياً، والنتيجة كما قرأنا تتعارض حتى مع كتاب الله عز وجل الذي وصف هذه الأمة بانها خير الأمم كما يفسرون هم الآية الكريمة، فكيف يستقيم هذا المعنى مع هذا العدد الهائل من الكذابين في خير الأمم ؟
إننا أما أن نقبل بهذه النتيجة أو نقول بأن هذا العلم ليس بمعصوم عن الخطأ. والحق يقال بأن علم الرجال من العلوم الموضوعة والتي وضعها وأسس قواعدها أناس ليسوا بمعصومين، ولم يحتجوا بفعل للنبي (ص) ولا آية تدل على ان كلام الموثوق صحيح في كل الأحوال وان كلام فاقد الوثاقة باطل في كل الأحوال وقد قرأنا في البحوث المتقدمة بأن بعض الصحابة الثقاة كانوا يفتون الناس بخلاف النص جهلا لا أكثر، وقد رجع بعض الصحابة عن فتواهم عندما علموا الحكم من الآخرين، فإذا اخذ كلام الصحابي الثقة على انه دستور فإننا سنقع بالغلط يقيناً، وهذا مما لا يرضى به الله أبداً، أما كيف يتم الفحص عن الأخبار الصحيحة فهذا مما سيأتي فأنتظر .
إن علم الرجال قائم على دراسة أحوال الرواة وقد اهتم فقهاء العامة بدراسة أحوال الصحابة والتابعين ومن يروي عن التابعين ونحن سندرس في هذا البحث أحوال الصحابة وعددهم وعدالتهم عند فقهاء العامة وسندع التابعين وغيرهم لكي لا يطول البحث ويخرج عن سياقة .
تعليق