إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من هم صحابة النبي الذين يؤخذ عنهم النص

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من هم صحابة النبي الذين يؤخذ عنهم النص

    من هم الصحابة :
    إن الغريب عند أصحاب الرجال أنهم قد اعتبروا الصحبة باعتبارات مختلفة فقد عرفوا صحبة النبي (ص) بتعاريف مختلفة منها تعريف المحدثين للصحبة هو : ﴿كل مسلم رأى رسول الله ﴾صلى الله عليه وآله وسلم﴾﴿ تدريب الراوي - السيوطي – ج2 – ص210

    وقال علي بن المديني : ﴿من صحب النبي ولو ساعة من نهار فهو من أصحاب النبي﴾﴿ - فتح الباري - ج8 - ص4﴾.
    وقال أبن حجر : ﴿هو من لقي النبي مؤمناً به ومات على الإسلام ولو تخللت ردة على الأصح﴾ ﴿ نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر - أبن حجر العسقلاني
    -
    وعن سعيد بن المسيب : ﴿أنه كان لا يعد من الصحابة إلا من أقام مع النبي﴾ صلى الله عليه وآله وسلم ﴿ سنة فصاعداً أو غزا معه غزوة فصاعداً﴾﴿ فتح الباري - ج3 - ص8 / تدريب الراوي –ج2 – ص11
    -
    وردّ أبن حجر هذا القول بقوله : ﴿والعمل على خلاف هذا القول وأنهم اتفقوا على عدّ جمع من الصحابة لم يجتمعوا بالنبي إلا في حجة الوداع﴾﴿ تدريب الراوي – ج2 – ص 210 / الرياض المستطابة - ص12
    وقالوا أيضاً : ﴿أنه من طالت مجالسته عن طريق التتبع﴾﴿ فتح الباري – ج3 – ص8

    وقال أبن حجر أيضاً : ﴿وأصح ما وقفت عليه من ذلك أن الصحابي من لقي النبي مؤمناً به ومات على الإسلام فيدخل فيمن لقيه من طالت مجالسته أو قصرت ومن روى عنه أو لم يرو عنه ومن غزا معه أو لم يغز معه ومن رآه ولو لم يجالسه﴾﴿ - الإصابة في تمييز الصحابة - أبن حجر - ج1 - ص7

    إن أغلب هذه التعاريف توحي لنا بأن عدد الصحابة عدد هائل بمعنى أن الصحابة هم كل المسلمين الذين شاهدوا النبي (ص) وهذا التوسع في إطلاق الصحبة لكل من شاهد النبي (ص) وأمن به يرى فيه فقهاء العامة وجهاً من وجوه الثناء على رسول الله (ص) فقد قال أبن الصلاح : ﴿ بلغنا عن أبي المظفر السمعاني المروزي أنه قال: أصحاب الحديث يطلقون أسم الصحابة على كل من روى عنه حديثاً أو كلمة ويتوسعون حتى يعدوا من رآه رؤية من الصحابة وهذا لشرف منزلة النبي أعطوا كل من رآه حكم الصحبة﴾﴿ - مقدمة أبن الصلاح - ص146﴾ . ﴾.﴾. ﴾.
    قبل أن نناقش هذا الموضوع يجب معرفة عدد الصحابة التقريبي الذي توصل إليه فقهاء العامة ولا يمكن ان يتم تحديد عدد الصحابة بصورة دقيقة وذلك لكون فترة الرسالة المحمدية امتدت لثلاثة وعشرين عاما وقد أسلم في هذه الفترة خلق كثير بلا شك فمنهم من كان يقيم معه ومنهم من يرجع إلى أهله، كما ان هنالك عدد ليس بقليل قد اعلن إسلامه في زمن النبي دون ان يلتقي بالرسول (ص)، فإن تحديد كل هذه الاعداد أمر في غاية الصعوبة.
    وروي عن أبي زرعة الرازي عدد الصحابة الذين شاهدوا النبي (ص) قبل وفاته في قوله : ﴿توفي رسول الله (ص) ومن رآه ومن سمع منه زيادة على مائة ألف إنسان من رجل وامرأة كلهم قد روى عنه سماعاً أو رؤية﴾﴿ - الإصابة في تمييز الصحابة - أبن حجر - ج 1﴾.
    وعليه فإن عدد الصحابة يزيد على مائة الف رجل وامرأة وكل هذا العدد قد روى عن النبي (ص) وان الغريب ان فقهاء العامة قد قالوا بانه إذا ما ثبت للشخص صحبة للنبي (ص) فهو صحابي ويجب تعديله في علم الرجال واعتبار أقواله ومروياته والأخذ بها دون عرضها على ميزان الجرح والتعديل، إلا أن هذه النتيجة لم يعمل بها أصحاب الحديث.
    فإننا إذا تنزلنا جدلاً وقلنا ان كل صحابي من المائة ألف صحابي قد روى حديثاً واحداً فقط فإن الأحاديث الصحيحة يجب ان تصل إلى هذا الرقم إلا أن هذا الشيء لم يحصل عند أيٍ من المحدثين فإن أكثر من روى أحاديث في مصنفاته هو أحمد بن حنبل حيث روى أربعين ألف حديث منها عشرة آلاف حديث مكررة أي ان الأحاديث التي رواها دون تكرار تصل إلى ثلاثين الف حديث وفيها الصحيح والسقيم كما يقول أصحاب الرجال فأين ذهب الباقي يا ترى ؟
    إذا التزم أصحاب الحديث بعدالة الصحابة أجمع فيجب على أقل تقدير أن يخرج من هؤلاء الصحابة حديثاً واحداً لكل شخص منهم لأنهم كما قال الرازي ﴿كلهم قد روى عنه سماعاً أو رؤية﴾ إلا أن هذا الأمر لم يرد في كتب المحدثين بل إن الأمر عندهم نزل إلى الثلث بل أقل من ذلك ولم يكتفوا بذلك، بل أنهم قد اختلفوا في تحديد الثقة والعدل فيما بينهم فترى أغلبهم قد روى في مصنفاته أحاديث وأخبار قد صنفها غيره من المحدثين على انها من الموضوعات والضعاف فإذا كان صاحب المصنف الحديثي عالماً بأن الأحاديث التي جمعها فيها الموضوع والضعيف ومع ذلك رواها في كتبه فقد شارك في الاثم، إذ كيف يمكن لشخص كالنسائي وأحمد بن حنبل وحتى البخاري وهم من الثقاة عندهم ان يضع في أحاديثه الضعيف والموضوع أي المكذوب على رسول الله (ص) الا تعتبرون ان ذلك جرم وإثم ؟
    كيف يمكن أن يشارك محدث في تصنيف الأحاديث الموضوعة والمكذوبة على رسول الله (ص) إلا إذا كان يعتقد بأن هذه الأحاديث صحيحة وغير موضوعة ويتم ذلك عندهم وفق القواعد الرجالية، ومن هذا نفهم بأن جميع الأحاديث المكذوبة والضعيفة في تصنيف أي محدث لا يمكن ان تكون بعلم المحدث نفسه فكيف يقبل على نفسه -أي محدث كان- ان يضع بين الأحاديث التي جمعها أحاديث موضوعة ومكذوبة على رسول الله (ص) أو على الصحابة أو التابعين، لا يمكن أن يكون ذلك إلا إذا قلنا بفسق المحدث نفسه وعدم تورعه عن ذلك، أو أن المحدث يرى بأن هذه الأحاديث صحيحة وفق قواعده الرجالية فكم من راوي قد فسقه البعض ووثقه آخرون والنتيجة أن تكون بعض الروايات صحيحة عند البعض وضعيفة عند البعض الآخر، ومما يدل على ذلك هو اختلاف الأحاديث بين كتب المحدثين إذا ان بعض المصنفات قد جمعت الكثير من الأحاديث الواردة عن النبي (ص) أو عن الصحابة التي لم ترد في مصنفات أخرى وهذا مما يؤكد الاختلاف في تحديد الثقاة والعدول في رواة الحديث .
    كما أن بعض المصنفات قد سماها أصحابها بالـ﴿صحيح﴾ فكيف يمكن القول بعلم صاحب المصنف الحديثي مع وجود الضعيف في كتابه ؟ وهذا مما لا يمكن القول به فقد اقر صاحب الصحيح بأن أحاديثه كلها صحيحة وذلك واضح في عنوان كتابه ﴿كصحيح البخاري وصحح مسلم﴾ إلا أن البعض قد تعرض إلى هذه الكتب وقالوا بوجود الضعيف فيها والموضوع والحسن وغيرها من المصطلحات التي يقرونها .
    إن هذه الاختلافات التي وقعت بين المحدثين نابعة من اختلافهم في علم الرجال وقواعده بل إن المسلمين اختلفوا في عدالة الصحابة أنفسهم فقد بالغ العامة في اعطاء العدالة لكل الصحابة وقد روى أحمد بن حنبل عن عبد الله بن مسعود قال : ﴿ إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه﴾﴿ مسند احمد - الإمام احمد بن حنبل - ج 1 - ص 379

    ﴾ . وقال أحمد بن حنبل : ﴿ فأدناهم صحبة هو أفضل من القرن الذين لم يروه ولو لقوا الله بجميع الأعمال ﴾.
    إن عدالة الصحابة عند العامة من المسائل القطعية ومما هو معلوم من الدين بالضرورة إلا أن من الواضح على كل من قراء التأريخ الإسلامي يجد في الصحابة طائفة من المؤمنين المخلصين وبدرجات مختلفة ومنهم من بلغ درجة الإسلام ولم يبلغ درجة الإيمان بنص القرآن الكريم وفيهم المنافقين وهم عدد غير قليل وقد شهد القرآن بنفاقهم ونزلت سورة بحقهم، وفيهم المؤلفة قلوبهم ومنهم من نزل القرآن بفسقه ومنهم من تخلف عن جيش اسامة فلعنهم النبي (ص) وفيهم من اقيم عليه الحد الشرعي ومنهم المرتدين الذين ارتدوا بعد رسول الله (ص) ومنهم من ولى الدبر في القتال وقد ذكرهم الله في قوله : ﴿ وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أو مُتَحَيِّزاً إلى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾﴿ - سورة الأنفال آية 16﴾.
    وقد فر الصحابة يوم احد جميعاً وولوا الدبر إلا عدد معدود وخالف بعضهم أمر النبي (ص) ولم يبقى معه الا نفر يسير منهم ام الحارث الأنصارية وكانت تستأذن النبي (ص) في قتل الفارين من ساحة المعركة وقد اعترضت الخليفة الثاني وهو فار فقالت له ياعمر ما هذا ؟ فقال أمر الله .
    إن نسبة كل من رآى رسول الله (ص) إلى الصحبة فيها ذم لرسول الله وليس مدحاً وثناءً كما قال العامة فإن في هؤلاء المنافقين والفارين والملعونين على لسان النبي (ص) وغير ذلك فكيف يرضى المسلمون ان ينسبون كل هذه الاعداد إلى الصحبة ؟!

    المنافقون في زمن الرسول :
    إن من المؤاخذات على القواعد الرجالية التي يعتمدونها في معرفة صحة الحديث هو قولهم بوثاقة فلان وفسق فلان إلا إنهم لم يتمكنوا من تحديد المنافقين الذين يظهرون شيء ويخفون شيئاً آخر وهؤلاء من الصعب التعرف عليهم وهم عدد لا يستهان به وكان النبي ﴿صلى الله عليه وآلأه وسلم تسليما﴾ لا يعلمهم بنص القرآن قال الله تعالى: ﴿ وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أهل الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إلى عَذَابٍ عَظِيمٍ ﴾﴿ سورة التوبة آية 101

    قال أبن كثير: ﴿ مردوا على النفاق " أي مرنوا واستمروا عليه ومنه يقال شيطان مريد ومارد ويقال تمرد فلان على الله أي عتا وتجبر﴾﴿ - تفسير أبن كثير - أبن كثير - ج 2 - ص 398

    إن خير دليل على وجود المنافقين في صحابة النبي (ص) هو قوله : ﴿إن في أصحابي منافقون﴾﴿- مسند أحمد - ج 5 - ص 40 - رقم الحديث 16323

    والأحاديث الدالة على وجود المنافقين في حياة النبي (ص) وبعد وفاته أيضاً كثيرة منها ما رواه البخاري عن أبن عباس قال خطب رسول الله (ص) فقال : ﴿يا أيها الناس انكم محشورون إلى الله حفاة عراة غرلا ... ألا وأنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول يا رب أصحابي فيقال انك لا تدرى ما أحدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصالح وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم فيقال ان هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم﴾﴿ - صحيح البخاري - البخاري - ج 5 - ص 191 - 192﴾.
    لقد وصف النبي (ص) المنافقين بصفات وعلامات منها إذا وعد اخلف وإذا أؤتمن خان وإذا حدث كذب وهذه الصفات ممكن ان تظهر فيعرفها الإنسان ويمكن ان يكون المنافق ماكر ويخفي هذه الصفات عن انظار الناس حتى يستغل حسن ظنهم به ليفعل ما يشاء وللمنافقين مواصفات اخبر الله بها نبيه في قوله : ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾﴿ سورة المنافقون آية 4
    .

    يتبع
    اَيْنَ بابُ اللهِ الَّذى مِنْهُ يُؤْتى

  • #2
    إذن فالمنافقين لهم صفات خارجية حسنة كالاجسام وحسن القول إلا أن داخلهم خبيث، وهذه المواصفات يصعب على الإنسان العادي معرفتها الا بالتجربة والمعاشرة الطويلة وربما يخفى مع ذلك، فإن بعض الجواسيس اليوم يتمكنون من العيش في بلدان غير بلدانهم ويعطون طابعا حسنا لمجاوريهم وهذه من صفات المنافقين قاتلهم الله .
    ومن الآيات الأخرى التي تتحدث عن المنافقين في زمن النبي (ص) هي قوله تعالى: ﴿ وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ ﴾﴿ - سورة التوبة آية 75-77﴾
    لقد نزلت هذه الآية الكريمة بحق ثعلبة الأنصاري وهو من صحابة النبي (ص) على حد زعم فقهاء العامة وكان ثعلبة من أهل بدر ويطلق عليه العامة حمامة المسجد .
    كان ثعلبة قد امتنع من اداء الزكاة وقصته معروفة حاصلها أن ثعلبة طلب من النبي (ص) أن يدعو له بسعة الرزق فدعا له واتخذ غنماً فتكاثر فشتغل به حتى شغلته الاغنام والأموال عن حضور بعض صلوات جماعة وكان امتناعة عن الحضور إلى الصلاة تدريجيا إلى ان انقطع عن الجماعة إلا صلاة الجمعة، ثم بعد ذلك ترك صلاة الجمعة ثم غادر المدينة ولما جاءه العاملين على جمع الزكاة من قبل النبي (ص) امتنع ثعلبة عن دفع الزكاة فأنزل الله في شأنه قرآناً.
    وخبر ثعلبة قد رواه العديد من فقهاء العامة منهم أبن كثير في تفسيره وفيه أن العاملين على جمع الصدقات والزكاة مروا على الناس لجمع الأموال ولما جاء الدور إلى ثعلبة قال لهم : ﴿ أروني كتابكما فقرأه فقال ما هذه إلا جزية ما هذه إلا أخت الجزية انطلقا حتى أرى رأيي فانطلقا حتى أتيا النبي صلى الله عليه وسلم فلما رآهما قال " يا ويح ثعلبة " قبل أن يكلمهما ... فأخبراه بالذي صنع ثعلبة ... فأنزل الله عز وجل " ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن " الآية . قال وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من أقارب ثعلبة فسمع ذلك فخرج حتى أتاه فقال : ويحك يا ثعلبة قد أنزل الله فيك كذا وكذا فخرج ثعلبة حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله أن يقبل منه صدقته فقال " إن الله منعني أن أقبل منك صدقتك " فجعل يحثو على رأسه التراب فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " هذا عملك قد أمرتك فلم تطعني " فلما أبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبض صدقته رجع إلى منزله فقبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يقبل منه شيئاً ثم أتى أبا بكر رضي الله عنه حين استخلف فقال قد علمت منزلتي من رسول الله وموضعي من الأنصار فاقبل صدقتي فقال أبو بكر لم يقبلها منك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى أن يقبلها فقبض أبو بكر ولم يقبلها . فلما ولى عمر رضي الله عنه أتاه فقال : يا أمير المؤمنين اقبل صدقتي فقال لم يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر وأنا أقبلها منك ؟ فقبض ولم يقبلها فلما ولي عثمان رضي الله عنه أتاه فقال : اقبل صدقتي فقال لم يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر وأنا أقبلها منك ؟ فلم يقبلها منه فهلك ثعلبة في خلافة عثمان وقوله تعالى " بما أخلفوا الله ما وعدوه " الآية . أي أعقبهم النفاق في قلوبهم بسبب إخلافهم الوعد وكذبهم﴾﴿ تفسير أبن كثير - أبن كثير - ج 2 - ص 388 - 389

    إن ثعلبة هذا يعد عند فقهاء العامة من الصحابة وهو من أهل بدر والغريب انهم قد زعموا ان رسول الله (ص) قال ﴿.. فلعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم﴾﴿ - المعجم الأوسط - الطبراني - ج 1 - ص 205

    ومن الغريب أن يُحكم على أهل بدر بهذا الحكم، فكيف لم يقبل رسول الله الأموال من ثعلبة وهو من أهل بدر وكيف مات ثعلبة ولم تقبل أمواله لا من رسول (ص) الله ولا من الخلافاء الثلاثة ؟
    إن ثعلبة هذا قد عده أبن كثير من المنافقين كما شهد بذلك الكتاب فكيف جاز لفقهاء العامة رفع قانون الجرح والتعديل عن أهل بدر كلهم بل عن الصحابة وفيهم من وصفهم الله في كتابة بالمنافقين ؟
    إن قانون الجرح والتعديل إذا صح وهذا محال فلا بد أن يمر على الذين نزل القرآن بنفاقهم والا ما فائدة نزول آية بحق شخص ثم يغض عنه البصر ولا يتهم بشي وقد نزلت بحقة آية تبين نفاقه .
    إن المنافقين في زمن النبي (ص) كما ذكرنا كثيرون ومن المنافقين أيضاً من كان يبغض علياً (ع) فقد روى مسلم في صحيحه عن علي (ع) انه قال : ﴿ والذي فلق الحبة وبرأ النسمة انه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إلى أن لا يحبني الا مؤمن ولا يبغضني الا منافق﴾﴿ - صحيح مسلم - مسلم النيسابوري - ج 1 - ص 61﴾.
    وكم من الصحابة قد قاتل علياً وكم منهم قد ابغض علياً ومن هؤلاء اعداد كبيرة منهم حريز بن عثمان المتوفي سنة 163ه وهو رأس النواصب الحريزية، فقد جاء في تهذيب التهذيب عن إسماعيل بن عياش قال : كان حريز يسب علياً ويلعنه ! وقيل ليحيى بن صالح : لِم لم تكتب عن حريز ؟ فقال : كيف اكتب عن رجل صليت معه الفجر سبع سنين فكان لا يخرج من المسجد حتى يلعن علياً سبعين مرة !
    وفي تأريخ بغداد وتهذيب الكمال عن جرير أن حريزاً كان يشتم علياً على المنابر ومع ذلك قال أبن عدي : حريز من الاثبات في الشاميين ووثقه القطان وأبن معين وقال الذهبي في الميزان كان متقناً ثبتاً وحكى عن معاذ بن معاذ أنه قال : لا أعلم أني رأيت شامياً أفضل منه ! وعن أبي داوود : سألت أحمد عنه فقال : ثقة ثقة ثقة وعن أبي حاتم : لا أعلم بالشام أثبت منه!! وأعتمد روايته أصحاب الصحاح الستة عدا مسلم أما البخاري فروى عنه في صحيحه حديثين.
    ومن المهازل الرجالية الأخرى ما فعله المحدثون مع يسار بن سبع أبو الغادية الجهني حيث اتفق المحدثون على أنه الذي باشر بقتل الصحابي الجليل عمار بن ياسر ﴿رضي الله عنه﴾ قال أبن حجر في تعجيل المنفعة : ﴿كان إذا استأذن على معاوية وغيره يقول : قاتل عمار بالباب يتبجح بذلك﴾.
    مع ذلك جعله أحمد بن حنبل في مسنده من أصحاب المسانيد من الصحابة وروى عنه عدة روايات روى له البغوي وأدخله أبن حبان في الثقاة وبجله الذهبي في سير النبلاء﴿ - جناية قبيلة حدثنا – جمال البنا- ص39-40﴾.
    إن مسألة نفاق الراوي من المسائل التي عوملت بمكيالين عند المحدثين فالذي يريدون توثيقه يوثقوه وان ثبت نفاقه وفسقه، والذي يريدون تفسيقه يفسقوه وان ثبتت وثاقته، فإن اغمضنا العين عن هذه المسائل جدلا لا قناعةً فإن مسألة النفاق تبقى من المسائل التي يصعب علينا تحديدها في الأشخاص ، فقد علمنا من كتاب الله بأن النبي (ص) كان لا يعلمهم إلا بتعليم الله تعالى، فكيف نستطيع أن نحددهم ونكتشفهم ونحن دون النبي، فهذه من المسائل التي تصعب على الحاذق الحليم ، نعم إن للمنافقين علامات ولكن هذه العلامات ربما يخفيها صاحبها فلا يظهرها للناس فيصعب في هذه الحالة تحديد المنافقين وربما يظهرها فيتغافل عنها أصحاب الرجال فيوثقون من كان فاسقاً قاتلا كالذي مر بنا .
    أن أصحاب الرجال قد ادعوا معرفة الرواة ومعرفة أحوالهم فهل يستطيعون معرفة نفاق الرواة من اخلاصهم فإن ادعوا ذلك فَهُم كاذبين لأن هذا الأمر لم يكن لرسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسليما﴾ وان قالوا باننا لا نستطيع تحديد المنافقين وهذا هو الصواب قلنا اذن فعلم الرجال الذي اتبعتموه لا يعطيكم القطع بأن الراوي ثقة مئة بالمئة وتبقى الشكوك حوله حتى وان أدعى أصحاب الرجال معرفة أحواله، فإن معرفة نفاق الرجال من الامور التي لم تكن لرسول الله (ص) فكيف تكون لأصحاب الرجال ؟
    علاوة على ما تقدم من إغماض العين عن تصرفات بعض الرجال وادخالهم في جملة الثقاة وان كانوا فساق وان كانوا قتلة فهذه من المسائل التي تدعونا للتشكيك في أصل علم الرجال ومؤسسيه وليس في الرواة فقط فهذه المسألة يجب الالتفات إليها .
    هنالك مسألة أخرى وهي أن الحسد والغيرة موجودان بين الناس والرواة من الناس، فقد نتوهم في شخص انه منافق أو كذاب معتمدين على قول الحاسدين له، وهذه أيضاً من المسائل التي يجب الالتفات إليها، فقد يتحدث شخصاً ما عن إنسان بانه كذاب حقدا أو عداوة على ذلك الإنسان فلا ينقل لنا الصورة الواضحة عنه جراء عداوة أو منازعة بينهم، وهذه من المسائل التي لا بد أن تقع بين الناس فكل شخص ينظر للاخرين من وجهة نظره الخاصة ونادرا ما يكون الإنسان منصف بل ان كثيراً من الناس من يبغي بعضهم على بعض قال تعالى : ﴿ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ﴾﴿ - سورة ص آية 24﴾.
    إن هذه المسألة من المسائل التي تقع بين الناس ، والرواة هم من الناس بطبيعة الحال فمن الممكن جداً ان تقع بينهم ولا اقول كلهم بل كثيراً منهم وهذا يكفي لاثبات الشكوك في توثيق الرواة أو تفسيقهم .
    كما إن هنالك حالات أخرى تتعلق بالثقاة وهو التوهم والسهو والغلط وقد بينا أيضاً بأن هذه الحالات يصعب على أصحاب الرجال تمييزها كيف وهم يهتمون بدراسة أحوال الراوي من الوثاقة والعدالة ولا يهمهم توهم الراوي الثقة أو نسيانه أو غلطة .
    من هذه المقدمات نفهم اختلاف أصحاب الرجال فيما بينهم في تحديد الثقة من الفاقد لها أو العادل من الفاقد للعدالة وكذلك تحديد المنافق والفاسق وغيرهم من طبقات الناس فقد اختلفوا فيما بينهم في تحديد هؤلاء ونتيجة لاختلافهم تراهم يختلفون في صحة الأحاديث والأخبار .
    وقد بينا في باب الإجتهاد ان الحجة التي يجب ان تكون بين الله والعباد هي تلك الحجة الواضحة التي لا تشوبها الشكوك والأوهام وهذه القواعد الرجالية مليئة بالشكوك والظنون فإنهم يظنون وثاقة الراوي ويظنون عدالته ولا يصلون إلى مستوى اليقين إلا في حالات محدودة علماً بأن فقهاء العامة يعدون المائة الف صحابي كلهم ثقاة عدول لا يمرون على قانون الجرح والتعديل الذي يعتمدنه في علم الرجال وهذه من المؤآخذات عليهم ، وقد بينا ان في الصحابة من كان من المنافقين أو الفارين أو الملعونين على لسان رسول الله (ص) فإذا كان قانون الرجال يسري على الناس وجب ان يسري على الصحابة أيضاً لأنهم من الناس وليس لهم تمييز سوى رؤيتهم للنبي (ص) .
    وهذا شيء لا يكفي فكم ممن رأى النبي ارتد بعد رحيل الرسول (ص) وقاتل الصحابة في حروب الردة وكم من إنسان آمن وصلح ايمانه ولم يرى النبي مثل أويس القرني فليست الرؤية ولا الصحبة للنبي هي المعيار لتحديد الوثاقة.
    ومن هذا نفهم ان رؤية النبي (ص) لا تعصم من الخطأ والارتداد وكما انها لا تعصم من النفاق بعد ذلك وانها –أي رؤية النبي- لا تعصم من التوهم في نقل الأخبار أو النسيان أو السهو وكل هذه الامور لا تعصم الثقة فضلاً عن غيره .
    اَيْنَ بابُ اللهِ الَّذى مِنْهُ يُؤْتى

    تعليق

    يعمل...
    X