كيفية معرفة الخبر الصحيح :
لقد سن رسول الله (ص) قانوناً لمعرفة صحة الحديث المنسوب إليه وهذا القانون هو قوله (ص) : ﴿تكثر الأحاديث لكم بعدي فإذا روي لكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله تعالى فما وافقه فاقبلوه واعلموا أنه مني، وما خالفه فردوه واعلموا أني منه برئ﴾﴿ اصول السرخسي – ج1 - ص369
وروى الطبراني في المعجم الكبير قول رسول الله (ص) ولكن بمتن مختلف هذا نصه : ﴿سُئلت اليهود عن موسى فأكثروا فيه وزادوا ونقصوا حتى كفروا وسُئلت النصارى عن عيسى فأكثروا فيه وزادوا ونقصوا حتى كفروا وإنه سيفشوا عني أحاديث فما أتاكم من حديثي فاقرأوا كتاب الله واعتبروه فما وافق كتاب الله فأنا قلته وما لم يوافق كتاب الله فلم أقله﴾﴿ المعجم الكبير - الطبراني - ج 12 - ص 244
لقد أيد هذا الحديث الكثير من فقهاء العامة منهم الرازي في تفسيره حيث قال : ﴿أن من الأحاديث المشهورة قوله عليه الصلاة والسلام: " إذا روي لكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله فإن وافقه فاقبلوه وإلا فردوه﴾﴿ - تفسير الرازي - الرازي - ج 10 - ص 42﴾.
وقال السرخسي مؤيداً لمعنى الحديث ما هذا نصه : ﴿إذا كان الحديث مخالفا لكتاب الله تعالى فإنه لا يكون مقبولا ولا حجة للعمل به عاما كانت الآية أو خاصا نصا أو ظاهرا عندنا﴾﴿ - أصول السرخسي - أبو بكر السرخسي - ج 1 - ص 364
إن مسألة إرجاع الحديث إلى الكتاب هي مسألة ارجاع ما هو مضنون الصدور من رسول الله (ص) إلى ما هو متيقن منه وقطعي الصدور وهو القرآن حيث اننا نرجع الحديث إلى الكتاب لأننا لا نمتلك القطع بصدور الحديث من رسول الله (ص) والحالات كثيرة لكون الحديث فاقد للقطعية وقد ذكرناها، منها تعمد الراوي للكذب وكذلك بالنسبة للثقة فإنه قد ينسى ويتوهم ويغلط فلا بد من عرض الأحاديث على ميزان يقيم محتواها وخير ميزان انزله الله لعباده هو القرآن فبه يعرف الحق من الباطل.
إن الذي ذكرناه قد ذكره بعض فقهاء العامة منهم السرخسي في قوله : ﴿ولان الكتاب متيقن به وفي اتصال الخبر الواحد برسول الله (ص) شبهة فعند تعذر الأخذ بهما لا بد من أن يؤخذ بالمتيقن ويترك ما فيه شبهة﴾﴿ اصول السرخسي –ج1 - ص369
وقال : ﴿ولا شك أن الكتاب يترجح باعتبار النقل المتواتر في المتن على خبر الواحد، فكانت مخالفة الخبر للكتاب دليلا ظاهرا على الزيافة فيه، ولهذا لم يقبل علماؤنا خبر الوضوء من مس الذكر لأنه مخالف للكتاب، فإن الله تعالى قال: ﴿فيه رجال يحبون أن يتطهروا﴾ يعني الاستنجاء بالماء فقد مدحهم بذلك وسمى فعلهم تطهرا ومعلوم أن الاستنجاء بالماء لا يكون إلا بمس الذكر فالحديث الذي يجعل مسه حدثا بمنزلة البول يكون مخالفا لما في الكتاب، لأن الفعل الذي هو حدث لا يكون تطهرا.- المصدر السابق
بعد أن بينا بعض أقوال فقهاء العامة حول هذا الحديث نحب أن نبين بأن هنالك أقوال أخرى قد رفضت هذا الحديث، وكان هذا الرفض يرجع تارةً إلى ضعف الإسناد كما قال الشافعي﴿- الرسالة - الإمام الشافعي - ص 224
﴾. ﴾. ﴾ حيث تم الرفض بحجة ضعف الاسناد مع العلم بأن الحديث يبين الطريقة التي من خلالها يتم معرفة صدق الحديث من كذبه وهذه الطريقة لا تتم بواسطة الرجال بل بالعرض على الكتاب، إلا أن الشافعي لم يرد الحديث بحسب المتن بل ردة اعتماداً على رجاله أما الفريق الآخر الذي رفض الحديث اعتماداً على مناقشة المتن فمنهم أبن حزم في كتاب الأحكام﴿ - الأحكام – أبن حزم - ج2 - ص 82
﴾ حين ذكر حديث العرض فقال عنه بانه مكذوب اعتمادا منه على رجال الاسناد اولاً ثم ناقش المتن قائلاً : ﴿ولو أن امرأ قال لا نأخذ إلا ما وجدنا في القرآن لكان كافرا بإجماع الأمة ، ولكان لا يلزمه إلا ركعة ما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل ، وأخرى عند الفجر ، لأن ذلك أقل ما يقع عليه أسم صلاة ، ولا حد للأكثر في ذلك . وقائل هذا كافر مشرك حلال الدم والمال ﴾ .
وقال الشوكاني : ﴿حديث: "ما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله فإن وافق كتاب الله فأنا قلته وإن خالف فلم أقله" . وقد عارض حديث العرض قوم فقالوا: عرضنا هذا الحديث الموضوع على كتاب الله فخالفه، لأنا وجدنا في كتاب الله : ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ ووجدنا فيه : ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ ووجدنا فيه: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ قال الأوزاعي : الكتاب أحوج إلى السُنة من السُنة إلى الكتاب. قال أبن عبد البر : إنها تقضي عليه وتبين المراد منه. وقال يحيى بن أبي كثير : السُنة قاضية على الكتاب. - إرشاد الفحول- الشوكاني – ج1- ص97
إن من السُنة ما هو مشهور إلى حد الإجماع عند جميع الفرق الإسلامية ولم يختلف فيها أحد كالصلاة والصوم وغيرها من الامور المشهورة حتى اكتسبت بعض هذه السُنن شهرة وإجماع كشهرة طلوع الشمس في الصباح إلا أن من السُنة بل أكثر السُنة فيها خلاف بين جميع الفرق الإسلامية بل بين الطائفة الواحدة وهذا الخلاف لا يرفعه إلا قانون السماء.
فإننا حين نتحقق من الكلام المنسوب للنبي (ص) لا يعني ذلك بإننا نتحقق من كلام متيقن منه كما افتعل هذا الأمر أبن حزم والشوكاني فإننا لا نرد كلاماً لرسول الله ونحن متيقنين من صحته أبداً بل اننا نتحقق من صحة نقله لنا فإننا إنما نتحقق من صحته من حيث النقل لا من حيث صدوره من النبي (ص) وهذه مسألة يجب الالتفات إليها، فإننا إذا كنا قد سمعنا كلاماً قد صدر من النبي ونحن جالسين معه فلا يمكننا حين ذاك أن نعرض كلامه على القرآن فهذا شيء في غاية السخافة، إلا أن البعض قد فهم الحديث بهذا الفهم .
إننا حين نعرض الحديث على الكتاب فإن العلة من العرض هو التأكد من صحة الناقل سواءاً كان من الثقاة أو من غيرهم فإننا حين نعرض الأحاديث على ميزان إلهي إنما لتقييم محتواها فإذا كانت متفقة مع القرآن فإنها حق وقد صدرت من النبي بالفعل لأن القرآن وحي وكلام النبي أيضاً وحي ولهذا فإن الحديث الصحيح هو ما يشبه القرآن لأن السُنة لا تخالف الكتاب ولا الكتاب يخالف السُنة لأنهما في حقيقة الأمر من الوحي .
وبهذا البيان نختم الكلام عن طريقة التعامل مع السُنة الشريفة عند الفرق والمذاهب الإسلامية وننتقل إلى الإمامية لنكمل بقية الكلام مما لم نذكره بعد .
لقد سن رسول الله (ص) قانوناً لمعرفة صحة الحديث المنسوب إليه وهذا القانون هو قوله (ص) : ﴿تكثر الأحاديث لكم بعدي فإذا روي لكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله تعالى فما وافقه فاقبلوه واعلموا أنه مني، وما خالفه فردوه واعلموا أني منه برئ﴾﴿ اصول السرخسي – ج1 - ص369
وروى الطبراني في المعجم الكبير قول رسول الله (ص) ولكن بمتن مختلف هذا نصه : ﴿سُئلت اليهود عن موسى فأكثروا فيه وزادوا ونقصوا حتى كفروا وسُئلت النصارى عن عيسى فأكثروا فيه وزادوا ونقصوا حتى كفروا وإنه سيفشوا عني أحاديث فما أتاكم من حديثي فاقرأوا كتاب الله واعتبروه فما وافق كتاب الله فأنا قلته وما لم يوافق كتاب الله فلم أقله﴾﴿ المعجم الكبير - الطبراني - ج 12 - ص 244
لقد أيد هذا الحديث الكثير من فقهاء العامة منهم الرازي في تفسيره حيث قال : ﴿أن من الأحاديث المشهورة قوله عليه الصلاة والسلام: " إذا روي لكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله فإن وافقه فاقبلوه وإلا فردوه﴾﴿ - تفسير الرازي - الرازي - ج 10 - ص 42﴾.
وقال السرخسي مؤيداً لمعنى الحديث ما هذا نصه : ﴿إذا كان الحديث مخالفا لكتاب الله تعالى فإنه لا يكون مقبولا ولا حجة للعمل به عاما كانت الآية أو خاصا نصا أو ظاهرا عندنا﴾﴿ - أصول السرخسي - أبو بكر السرخسي - ج 1 - ص 364
إن مسألة إرجاع الحديث إلى الكتاب هي مسألة ارجاع ما هو مضنون الصدور من رسول الله (ص) إلى ما هو متيقن منه وقطعي الصدور وهو القرآن حيث اننا نرجع الحديث إلى الكتاب لأننا لا نمتلك القطع بصدور الحديث من رسول الله (ص) والحالات كثيرة لكون الحديث فاقد للقطعية وقد ذكرناها، منها تعمد الراوي للكذب وكذلك بالنسبة للثقة فإنه قد ينسى ويتوهم ويغلط فلا بد من عرض الأحاديث على ميزان يقيم محتواها وخير ميزان انزله الله لعباده هو القرآن فبه يعرف الحق من الباطل.
إن الذي ذكرناه قد ذكره بعض فقهاء العامة منهم السرخسي في قوله : ﴿ولان الكتاب متيقن به وفي اتصال الخبر الواحد برسول الله (ص) شبهة فعند تعذر الأخذ بهما لا بد من أن يؤخذ بالمتيقن ويترك ما فيه شبهة﴾﴿ اصول السرخسي –ج1 - ص369
وقال : ﴿ولا شك أن الكتاب يترجح باعتبار النقل المتواتر في المتن على خبر الواحد، فكانت مخالفة الخبر للكتاب دليلا ظاهرا على الزيافة فيه، ولهذا لم يقبل علماؤنا خبر الوضوء من مس الذكر لأنه مخالف للكتاب، فإن الله تعالى قال: ﴿فيه رجال يحبون أن يتطهروا﴾ يعني الاستنجاء بالماء فقد مدحهم بذلك وسمى فعلهم تطهرا ومعلوم أن الاستنجاء بالماء لا يكون إلا بمس الذكر فالحديث الذي يجعل مسه حدثا بمنزلة البول يكون مخالفا لما في الكتاب، لأن الفعل الذي هو حدث لا يكون تطهرا.- المصدر السابق
بعد أن بينا بعض أقوال فقهاء العامة حول هذا الحديث نحب أن نبين بأن هنالك أقوال أخرى قد رفضت هذا الحديث، وكان هذا الرفض يرجع تارةً إلى ضعف الإسناد كما قال الشافعي﴿- الرسالة - الإمام الشافعي - ص 224
﴾. ﴾. ﴾ حيث تم الرفض بحجة ضعف الاسناد مع العلم بأن الحديث يبين الطريقة التي من خلالها يتم معرفة صدق الحديث من كذبه وهذه الطريقة لا تتم بواسطة الرجال بل بالعرض على الكتاب، إلا أن الشافعي لم يرد الحديث بحسب المتن بل ردة اعتماداً على رجاله أما الفريق الآخر الذي رفض الحديث اعتماداً على مناقشة المتن فمنهم أبن حزم في كتاب الأحكام﴿ - الأحكام – أبن حزم - ج2 - ص 82
﴾ حين ذكر حديث العرض فقال عنه بانه مكذوب اعتمادا منه على رجال الاسناد اولاً ثم ناقش المتن قائلاً : ﴿ولو أن امرأ قال لا نأخذ إلا ما وجدنا في القرآن لكان كافرا بإجماع الأمة ، ولكان لا يلزمه إلا ركعة ما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل ، وأخرى عند الفجر ، لأن ذلك أقل ما يقع عليه أسم صلاة ، ولا حد للأكثر في ذلك . وقائل هذا كافر مشرك حلال الدم والمال ﴾ .
وقال الشوكاني : ﴿حديث: "ما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله فإن وافق كتاب الله فأنا قلته وإن خالف فلم أقله" . وقد عارض حديث العرض قوم فقالوا: عرضنا هذا الحديث الموضوع على كتاب الله فخالفه، لأنا وجدنا في كتاب الله : ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ ووجدنا فيه : ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ ووجدنا فيه: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ قال الأوزاعي : الكتاب أحوج إلى السُنة من السُنة إلى الكتاب. قال أبن عبد البر : إنها تقضي عليه وتبين المراد منه. وقال يحيى بن أبي كثير : السُنة قاضية على الكتاب. - إرشاد الفحول- الشوكاني – ج1- ص97
إن من السُنة ما هو مشهور إلى حد الإجماع عند جميع الفرق الإسلامية ولم يختلف فيها أحد كالصلاة والصوم وغيرها من الامور المشهورة حتى اكتسبت بعض هذه السُنن شهرة وإجماع كشهرة طلوع الشمس في الصباح إلا أن من السُنة بل أكثر السُنة فيها خلاف بين جميع الفرق الإسلامية بل بين الطائفة الواحدة وهذا الخلاف لا يرفعه إلا قانون السماء.
فإننا حين نتحقق من الكلام المنسوب للنبي (ص) لا يعني ذلك بإننا نتحقق من كلام متيقن منه كما افتعل هذا الأمر أبن حزم والشوكاني فإننا لا نرد كلاماً لرسول الله ونحن متيقنين من صحته أبداً بل اننا نتحقق من صحة نقله لنا فإننا إنما نتحقق من صحته من حيث النقل لا من حيث صدوره من النبي (ص) وهذه مسألة يجب الالتفات إليها، فإننا إذا كنا قد سمعنا كلاماً قد صدر من النبي ونحن جالسين معه فلا يمكننا حين ذاك أن نعرض كلامه على القرآن فهذا شيء في غاية السخافة، إلا أن البعض قد فهم الحديث بهذا الفهم .
إننا حين نعرض الحديث على الكتاب فإن العلة من العرض هو التأكد من صحة الناقل سواءاً كان من الثقاة أو من غيرهم فإننا حين نعرض الأحاديث على ميزان إلهي إنما لتقييم محتواها فإذا كانت متفقة مع القرآن فإنها حق وقد صدرت من النبي بالفعل لأن القرآن وحي وكلام النبي أيضاً وحي ولهذا فإن الحديث الصحيح هو ما يشبه القرآن لأن السُنة لا تخالف الكتاب ولا الكتاب يخالف السُنة لأنهما في حقيقة الأمر من الوحي .
وبهذا البيان نختم الكلام عن طريقة التعامل مع السُنة الشريفة عند الفرق والمذاهب الإسلامية وننتقل إلى الإمامية لنكمل بقية الكلام مما لم نذكره بعد .