كيفية معرفة الحديث الصحيح :
نقلا عن كتاب سقيفة الغيبة المستوحى من فكر السيد القحطاني
لقد وضع أئمة أهل البيت (ع)القواعد والقوانين التي تُعرّفنا على صحة الحديث من كذبه وقد نقل لنا جمهور المحدثين هذه القواعد التي سنذكرها سائلين المولى عز وجل التوفيق والسداد :
• الدين لا يعرف بالرجال : إن من أعظم الطعون على علم الرجال هو قول أمير المؤمنين (ع) حين سُئل عن اختلاف الشيعة فقال : ï´؟إن دين الله لا يعرف بالرجال ، بل بآية الحق ، فاعرف الحق تعرف أهله، إن الحق أحسن الحديث ، والصادع به مجاهد وبالحق أخبرك فأرعني سمعك ï´¾ï´؟وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 135
ï´¾. وقال أمير المؤمنين (ع): ï´؟الحق لا يعرف بالرجال اعرف الحق تعرف أهلهï´¾ï´؟ - روضة الواعظين - الفتال النيسابوري - ص 31
ï´¾.
إن لقول أمير المؤمنين (ع) معاني عديدة إذ ان الرجال مهما بلغوا في العلو والكمال فإنهم غير معصومين عن الخطأ والسهو فإن صدق الحديث يعرف بالقرائن الدالة على صدقه ولا يعرف بمعرفتنا للرجال كما فعل الأصوليون حين وضعوا طريقتهم الرجالية .
إن قول أمير المؤمنين (ع) وحده ينسف الطريقة الرجالية بالجملة ولا يبقي من اركانها شيء أبداً فإن القول بتوقف معرفتنا على صدق الحديث على معرفتنا بحال الرجال منافي لما ذكره أمير المؤمنين (ع) من الأساس فليت شعري أعلموا هذا القول أم لا أم غضوا عنه البصر وتغافلوا عن وصايا الأئمة (ع) كما تغافلوا عن وصايا الأئمة (ع) بحرمة الإجتهاد وحرمة متابعة العامة وغيرها من الامور.
• عرض الأحاديث على الكتاب والسُنة : إن القاعدة الثانية في علم الحديث والتي سنها النبي (ص) ثم أكد عليها الأئمة (ع) في أكثر من حديث وخبر جاء عنهم هي عرض الأحاديث والأخبار على الكتاب والسُنة الشريفة حيث جاء عن أبي عبد الله (ع) قال : خطب النبي (ص) بمنى فقال : ï´؟أيها الناس ما جاء كم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته وما جاء كم يخالف كتاب الله فلم أقلهï´¾ï´؟الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 69
كما جاءت الأخبار عن الأئمة (ع) لتؤكد لزوم عرض الأحاديث على الكتاب والسُنة الشريفة ليعرف ما يوافقهما فيأخذ به فقد جاء عن الحسن بن الجهم ، عن الرضا (ع) قال : قلت له : تجيئنا الأحاديث عنكم مختلفة ، فقال : ï´؟ما جاءك عنا فقس على كتاب الله عز وجل وأحاديثنا ، فإن كان يشبههما فهو منا ، وإن لم يكن يشبههما فليس منا ...- وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 121
-
إن هذه القاعدة من أهم القواعد في معرفة صدق الحديث من عدمه ولهذا قال المحقق البحراني بعدم الحاجة إلى طرق الأصوليين واكتفائه بهذه القاعدة لمعرفة صدق الحديث وذلك في قوله : ï´؟أنه لا ضرورة تلجئ إلى اصطلاحهم ، لأنهم (ع) قد أمرونا بعرض ما شك فيه من الأخبار على الكتاب والسُنة فيؤخذ بما وافقهما ويطرح ما خالفهما ، فالواجب في تمييز الخبر الصادق من الكاذب مراعاة ذلك ، وفيه غنية عما تكلفوه ، ولا ريب أن إتباع الأئمة (ع) أولى من إتباعهمï´¾ï´؟ الحدائق الناضرة - المحقق البحراني - ج 1 - ص 16 ï´¾. ï´¾.
نعم إن إتباع الأئمة (ع) اولى من إتباع غيرهم فَهُم أولي الأمر وأهل الذكر الذي أُمرنا بسؤالهم ومعرفة الدين لا تتم إلا بهم فَهُم النعمة التي انعم الله بها عليها .
لقد وصف الأئمة (ع) الفقهاء في أقوالهم بانهم المتمسكون بسُنة النبي (ص) فقد جاء عن أبأن بن تغلب ، عن أبي جعفر (ع) أنه سُئل عن مسألة فأجاب فيها ، قال : فقال الرجل : إن الفقهاء لا يقولون هذا ، فقال : ï´؟يا ويحك وهل رأيت فقيها قط ؟ ! إن الفقيه حق الفقيه الزاهد في الدنيا ، الراغب في الآخرة ، المتمسك بسُنة النبي صلى الله عليه وآلهï´¾ï´؟ - الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 70ï´¾.
فعلى الفقهاء التمسك بسُنة النبي (ص) ومن السُنة عرض الأحاديث على الكتاب والسُنة الشريفة لا عرضها على أحوال الرجال كما فعل العامة .
• المحكم والمتشابه في الأحاديث : ومن القواعد الأخرى التي يجب الاهتمام بها هي معرفة المحكم من المتشابه وتمييزه في أقوال الأئمة (ع) ومعرفة كيفية التعامل مع هذه النوعية من الأخبار حيث جاء عن الرضا (ع) أنه قال: ï´؟من رد متشابه القرآن إلى محكمه فقد هدي إلى صراط مستقيمï´¾ ، ثم قال (ع): ï´؟إن في أخبارنا محكماً كمحكم القرآن ، ومتشابها كمتشابه القرآن ، فردوا متشابهها إلى محكمها ولا تتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلواï´¾ï´؟ وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 115
إن هذه المسألة من المسائل الخطرة جداً حيث يجب علينا تمييز المحكم من المتشابه في أقوال الأئمة (ع) لكي يؤخذ المحكم ويعمل به بعد الإيمان به أما المتشابه فيجب ان لا يعمل به طبعاً بعد الإيمان به أيضاً فقد ورد عن أبي عبد الله (ع) انه قال: ï´؟ إن القرآن فيه محكم ومتشابه فاما المحكم فنؤمن به فنعمل به وندين به واما المتشابه فنؤمن به ولا نعمل به وهو قول الله تبارك وتعالى فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلمï´¾ï´؟ - بصائر الدرجات - محمد بن الحسن الصفار - ص 223
إن هذه المسألة مما لا يلتفت إليه في علم الحديث فقد غُض البصر عنها كما هو الحال في أغلب القواعد فإن اهتمام القوم منصب على معرفة أحوال الرجال وطبقات الرواة فإن مثل هذه المسائل لا تولى ادنى اهتمام كما هو الحال في كتب الأصوليين .
• الناسخ والمنسوخ في الأحاديث : كما ذكرنا المحكم والمتشابه في أحاديث الرسول وأهل البيت (ع) فإن في أحاديثهم ناسخ ومنسوخ أيضاً فقد جاء عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (ع) قال: قلت له: ما بال أقوام يروون عن فلان وفلان عن رسول الله (ص) لا يتهمون بالكذب، فيجيئ منكم خلافه ؟ قال : ï´؟إن الحديث ينسخ كما ينسخ القرآنï´¾ï´؟ - الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 64 – 65 ï´¾.
إن مسألة الناسخ والمنسوخ من المسائل التي دعت إلى الاختلاف في الأحاديث إلا أن الأئمة (ع) بينوا الطريقة السليمة لمعرفة الناسخ من المنسوخ في الأحاديث فقد جاء عن المعلى بن خنيس قال: قلت لأبي عبد الله (ع): إذا جاء حديث عن أولكم وحديث عن آخركم بأيهما نأخذ ؟ فقال : ï´؟خذوا به حتى يبلغكم عن الحي ، فإن بلغكم عن الحي فخذوا قوله ï´¾ ... وفي حديث آخر ï´؟خذوا بالأحدثï´¾ï´؟ - الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 67 / وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 109
ï´¾ .
وجاء عن أبي عبد الله (ع) انه قال لأحد الأصحاب: ï´؟أرأيتك لو حدثتك بحديث العام ثم جئتني من قابل فحدثتك بخلافه بأيهما كنت تأخذ ؟ قال : قلت : كنت آخذ بالأخير ، فقال لي : رحمك اللهï´¾ï´؟ الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 67
إذن فعلينا ان نتحرى الأحاديث التي يشملها قانون النسخ وخير طريقة هي الأخذ بالأحدث من أقوال الأئمة (ع).
• عدالة الراوي ليست حجة قطعية على صدق الحديث :
إن مسألة حجية الخبر عند الأصوليين تتوقف بالدرجة الأساس على عدالة الراوي إلا إنهم حين انصدموا بقلة العدول في رواة الإمامية ذهبوا لتوثيق العديد من الرجال الذين اتصفوا بصفات ذميمة مثل انعدام الإيمان أو اعتناق المذاهب الفاسدة والمنحرفة كل هذا ليجعلوا شرعية لعلم الرجال حتى يندفع بذلك تعيير العامة !!
إن مسألة حجية الخبر عند الأصوليين أصبحت لا تتوقف على عدالة الراوي بل ان خبر الثقة أصبح حجة يحتج بها عندهم وقد بينا فيما تقدم من هم الثقاة عند الأصوليين إلا أن ما يهمنا بيانه الآن هو ما اعطاه الأصوليون لخبر الثقة من الحجية المطلقة وكأنه من أوامر الله ، حيث اعتبروا قوله حجة دون ان يراعى الخطأ أو الشذود عند الثقة ، حيث قال السيد محمد باقر الصدر ما هذا نصه : ï´؟والثقة وإن كان قد يخطئ أو يشذ أحياناً ولكن الشارع أمرنا بعدم إتهام الثقة بالخطأ والشذوذ واعتبر روايته دليلا وأمرنا بإتباعها ، دون أن نعير احتمال الخطأ أو الشذوذ بالا ï´¾ï´؟ - المعالم الجديدة للأصول - السيد محمد باقر الصدر - ص 9ï´¾. ï´¾.
إن هذا الكلام ليس عليه دليلاً من الأحاديث الشريفة أو الآيات القرآنية ولم يقدم السيد الصدر الدليل على أمر الشارع هذا بل ان في روايات الأئمة (ع) ما ينافي ويعارض هذا الكلام بالجملة فقد جاء عن أبن أبي يعفور انه قال : سألت أبا عبد الله (ع) عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به ومنهم من لا نثق به ؟ قال: ï´؟إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب الله أو من قول رسول الله صلى الله عليه وآله وإلا فالذي جاء كم به أولى بهï´¾ï´؟ - الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 69 /وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 110/ ورواه البرقي في المحاسن
ï´¾.
إن هذا الخبر ينسف القواعد الرجالية نسفاً حيث سُئل الإمام عن خبر الثقة وخبر فاقد الوثاقة فلم يقل الإمام بأن خبر الثقة هو الصواب ولم يأمرنا بالأخذ بكلام الثقة باعتباره دليلاً دون أن نعير لاحتمال الخطأ أو الشذوذ بالا كما يقول السيد الصدر بل ان الإمام (ع) أمرنا بعرض خبر من نثق به وخبر من لا نثق به على كتاب الله وسُنة نبيه (ص) فإن وجدنا شاهداً له من كتاب الله تعالى أو قول نبيه (ص) كان حقاً علينا تصديقه وإلا فالذي جاءنا به أولى به إن كان ثقة أو لا، وهذا الأمر على العكس تماماً لما ذهب إليه السيد الصدر وجمهور الأصوليين .
لقد بين لنا أمير المؤمنين (ع) اربعة طبقات من الرواة ليس لهم خامس وهؤلاء الاربعة هم الذين ينقلون كلاما يخالف الحق أو ما يسمى خبرهم عند الأصوليين بالضعيف ، إلا أن مصداقهم لا يتوافق مع المصداق الذي فرضه الأصوليون في تقسيمهم للحديث حيث فرضوا ان الخبر الضعيف ما كان ناقله مجروح بالفسق أو مجهول الحال أو وضاع للحديث وهذا خلاف لما ذكره أمير المؤمنين (ع) لسُليم بن قيس الهلالي حين سأل أمير المؤمنين (ع) عن السبب باختلاف حديث الناس عن حديثه وحديث أصحابه كسلمان والمقداد وأبي ذر فأجاب أمير المؤمنين (ع) قائلاً : ï´؟ قد سألت فافهم الجواب . إن في أيدي الناس حقاً وباطلاً، وصدقاً وكذباً، وناسخاً ومنسوخاً ، وعاماً وخاصاً ، ومحكماً ومتشابهاً، وحفظاً ووهماً، وقد كذب على رسول الله (ص) على عهده حتى قام خطيبا فقال : أيها الناس قد كثرت علي الكذابة فمن كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من النار، ثم كذب عليه من بعده، وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس: رجل منافق يظهر الإيمان، متصنع بالإسلام لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدا، فلو علم الناس أنه منافق كذاب ، لم يقبلوا منه ولم يصدقوه، ولكنهم قالوا هذا قد صحب رسول الله صلى الله عليه وآله ورآه وسمع منه، وأخذوا عنه، وهم لا يعرفون حاله، وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم فقال عز وجل: " وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم " ثم بقوا بعده فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان فولوهم الأعمال ، وحملوهم على رقاب الناس، وأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله، فهذا أحد الأربعة . - الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 62 - 64
لقد بينا فيما تقدم صعوبة الكشف عن هذه النوعية من الرواة فإن مسألة النفاق من المسائل التي أخفيت عن انظار الناس ولم يُعرف أصحابهم في العلن الا نادراً وقد ذكرنا بأن رسول الله (ص) كان لا يعلمهم بنص القرآن فكيف بنا ونحن دون رسول الله (ص) في العلم والمعرفة بل لا توجد أي مقارنة بيننا وبينه من هذا الوجه .
فإن كان جميع المنافقين معروفين لكان من السهل على سُليم بن قيس معرفتهم وتجنب كلامهم وهو من العقلاء إلا إنه وبحسب ظاهر الحديث كان لا يعلمهم ولا يعلم كذبهم والا لماذا سأل الإمام عن اختلاف الحديث ؟ ولماذا بين الإمام لسليم هذه النوعية من الرواة ؟
أما النوع الثاني من الرواة الذين ينقلون كلاما غير صحيح فقد ذكرهم أمير المؤمنين (ع) في قوله : ï´؟ .. ورجل سمع من رسول الله شيئاً لم يحمله على وجهه ووهم فيه ، ولم يتعمد كذباً فهو في يده ، يقول به ويعمل به ويرويه فيقول : أنا سمعته من رسول الله (ص) فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوه ولو علم هو أنه وهم لرفضهï´¾ï´؟ المصدر السابقï´¾.
نقلا عن كتاب سقيفة الغيبة المستوحى من فكر السيد القحطاني
لقد وضع أئمة أهل البيت (ع)القواعد والقوانين التي تُعرّفنا على صحة الحديث من كذبه وقد نقل لنا جمهور المحدثين هذه القواعد التي سنذكرها سائلين المولى عز وجل التوفيق والسداد :
• الدين لا يعرف بالرجال : إن من أعظم الطعون على علم الرجال هو قول أمير المؤمنين (ع) حين سُئل عن اختلاف الشيعة فقال : ï´؟إن دين الله لا يعرف بالرجال ، بل بآية الحق ، فاعرف الحق تعرف أهله، إن الحق أحسن الحديث ، والصادع به مجاهد وبالحق أخبرك فأرعني سمعك ï´¾ï´؟وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 135
ï´¾. وقال أمير المؤمنين (ع): ï´؟الحق لا يعرف بالرجال اعرف الحق تعرف أهلهï´¾ï´؟ - روضة الواعظين - الفتال النيسابوري - ص 31
ï´¾.
إن لقول أمير المؤمنين (ع) معاني عديدة إذ ان الرجال مهما بلغوا في العلو والكمال فإنهم غير معصومين عن الخطأ والسهو فإن صدق الحديث يعرف بالقرائن الدالة على صدقه ولا يعرف بمعرفتنا للرجال كما فعل الأصوليون حين وضعوا طريقتهم الرجالية .
إن قول أمير المؤمنين (ع) وحده ينسف الطريقة الرجالية بالجملة ولا يبقي من اركانها شيء أبداً فإن القول بتوقف معرفتنا على صدق الحديث على معرفتنا بحال الرجال منافي لما ذكره أمير المؤمنين (ع) من الأساس فليت شعري أعلموا هذا القول أم لا أم غضوا عنه البصر وتغافلوا عن وصايا الأئمة (ع) كما تغافلوا عن وصايا الأئمة (ع) بحرمة الإجتهاد وحرمة متابعة العامة وغيرها من الامور.
• عرض الأحاديث على الكتاب والسُنة : إن القاعدة الثانية في علم الحديث والتي سنها النبي (ص) ثم أكد عليها الأئمة (ع) في أكثر من حديث وخبر جاء عنهم هي عرض الأحاديث والأخبار على الكتاب والسُنة الشريفة حيث جاء عن أبي عبد الله (ع) قال : خطب النبي (ص) بمنى فقال : ï´؟أيها الناس ما جاء كم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته وما جاء كم يخالف كتاب الله فلم أقلهï´¾ï´؟الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 69
كما جاءت الأخبار عن الأئمة (ع) لتؤكد لزوم عرض الأحاديث على الكتاب والسُنة الشريفة ليعرف ما يوافقهما فيأخذ به فقد جاء عن الحسن بن الجهم ، عن الرضا (ع) قال : قلت له : تجيئنا الأحاديث عنكم مختلفة ، فقال : ï´؟ما جاءك عنا فقس على كتاب الله عز وجل وأحاديثنا ، فإن كان يشبههما فهو منا ، وإن لم يكن يشبههما فليس منا ...- وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 121
-
إن هذه القاعدة من أهم القواعد في معرفة صدق الحديث من عدمه ولهذا قال المحقق البحراني بعدم الحاجة إلى طرق الأصوليين واكتفائه بهذه القاعدة لمعرفة صدق الحديث وذلك في قوله : ï´؟أنه لا ضرورة تلجئ إلى اصطلاحهم ، لأنهم (ع) قد أمرونا بعرض ما شك فيه من الأخبار على الكتاب والسُنة فيؤخذ بما وافقهما ويطرح ما خالفهما ، فالواجب في تمييز الخبر الصادق من الكاذب مراعاة ذلك ، وفيه غنية عما تكلفوه ، ولا ريب أن إتباع الأئمة (ع) أولى من إتباعهمï´¾ï´؟ الحدائق الناضرة - المحقق البحراني - ج 1 - ص 16 ï´¾. ï´¾.
نعم إن إتباع الأئمة (ع) اولى من إتباع غيرهم فَهُم أولي الأمر وأهل الذكر الذي أُمرنا بسؤالهم ومعرفة الدين لا تتم إلا بهم فَهُم النعمة التي انعم الله بها عليها .
لقد وصف الأئمة (ع) الفقهاء في أقوالهم بانهم المتمسكون بسُنة النبي (ص) فقد جاء عن أبأن بن تغلب ، عن أبي جعفر (ع) أنه سُئل عن مسألة فأجاب فيها ، قال : فقال الرجل : إن الفقهاء لا يقولون هذا ، فقال : ï´؟يا ويحك وهل رأيت فقيها قط ؟ ! إن الفقيه حق الفقيه الزاهد في الدنيا ، الراغب في الآخرة ، المتمسك بسُنة النبي صلى الله عليه وآلهï´¾ï´؟ - الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 70ï´¾.
فعلى الفقهاء التمسك بسُنة النبي (ص) ومن السُنة عرض الأحاديث على الكتاب والسُنة الشريفة لا عرضها على أحوال الرجال كما فعل العامة .
• المحكم والمتشابه في الأحاديث : ومن القواعد الأخرى التي يجب الاهتمام بها هي معرفة المحكم من المتشابه وتمييزه في أقوال الأئمة (ع) ومعرفة كيفية التعامل مع هذه النوعية من الأخبار حيث جاء عن الرضا (ع) أنه قال: ï´؟من رد متشابه القرآن إلى محكمه فقد هدي إلى صراط مستقيمï´¾ ، ثم قال (ع): ï´؟إن في أخبارنا محكماً كمحكم القرآن ، ومتشابها كمتشابه القرآن ، فردوا متشابهها إلى محكمها ولا تتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلواï´¾ï´؟ وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 115
إن هذه المسألة من المسائل الخطرة جداً حيث يجب علينا تمييز المحكم من المتشابه في أقوال الأئمة (ع) لكي يؤخذ المحكم ويعمل به بعد الإيمان به أما المتشابه فيجب ان لا يعمل به طبعاً بعد الإيمان به أيضاً فقد ورد عن أبي عبد الله (ع) انه قال: ï´؟ إن القرآن فيه محكم ومتشابه فاما المحكم فنؤمن به فنعمل به وندين به واما المتشابه فنؤمن به ولا نعمل به وهو قول الله تبارك وتعالى فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلمï´¾ï´؟ - بصائر الدرجات - محمد بن الحسن الصفار - ص 223
إن هذه المسألة مما لا يلتفت إليه في علم الحديث فقد غُض البصر عنها كما هو الحال في أغلب القواعد فإن اهتمام القوم منصب على معرفة أحوال الرجال وطبقات الرواة فإن مثل هذه المسائل لا تولى ادنى اهتمام كما هو الحال في كتب الأصوليين .
• الناسخ والمنسوخ في الأحاديث : كما ذكرنا المحكم والمتشابه في أحاديث الرسول وأهل البيت (ع) فإن في أحاديثهم ناسخ ومنسوخ أيضاً فقد جاء عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (ع) قال: قلت له: ما بال أقوام يروون عن فلان وفلان عن رسول الله (ص) لا يتهمون بالكذب، فيجيئ منكم خلافه ؟ قال : ï´؟إن الحديث ينسخ كما ينسخ القرآنï´¾ï´؟ - الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 64 – 65 ï´¾.
إن مسألة الناسخ والمنسوخ من المسائل التي دعت إلى الاختلاف في الأحاديث إلا أن الأئمة (ع) بينوا الطريقة السليمة لمعرفة الناسخ من المنسوخ في الأحاديث فقد جاء عن المعلى بن خنيس قال: قلت لأبي عبد الله (ع): إذا جاء حديث عن أولكم وحديث عن آخركم بأيهما نأخذ ؟ فقال : ï´؟خذوا به حتى يبلغكم عن الحي ، فإن بلغكم عن الحي فخذوا قوله ï´¾ ... وفي حديث آخر ï´؟خذوا بالأحدثï´¾ï´؟ - الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 67 / وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 109
ï´¾ .
وجاء عن أبي عبد الله (ع) انه قال لأحد الأصحاب: ï´؟أرأيتك لو حدثتك بحديث العام ثم جئتني من قابل فحدثتك بخلافه بأيهما كنت تأخذ ؟ قال : قلت : كنت آخذ بالأخير ، فقال لي : رحمك اللهï´¾ï´؟ الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 67
إذن فعلينا ان نتحرى الأحاديث التي يشملها قانون النسخ وخير طريقة هي الأخذ بالأحدث من أقوال الأئمة (ع).
• عدالة الراوي ليست حجة قطعية على صدق الحديث :
إن مسألة حجية الخبر عند الأصوليين تتوقف بالدرجة الأساس على عدالة الراوي إلا إنهم حين انصدموا بقلة العدول في رواة الإمامية ذهبوا لتوثيق العديد من الرجال الذين اتصفوا بصفات ذميمة مثل انعدام الإيمان أو اعتناق المذاهب الفاسدة والمنحرفة كل هذا ليجعلوا شرعية لعلم الرجال حتى يندفع بذلك تعيير العامة !!
إن مسألة حجية الخبر عند الأصوليين أصبحت لا تتوقف على عدالة الراوي بل ان خبر الثقة أصبح حجة يحتج بها عندهم وقد بينا فيما تقدم من هم الثقاة عند الأصوليين إلا أن ما يهمنا بيانه الآن هو ما اعطاه الأصوليون لخبر الثقة من الحجية المطلقة وكأنه من أوامر الله ، حيث اعتبروا قوله حجة دون ان يراعى الخطأ أو الشذود عند الثقة ، حيث قال السيد محمد باقر الصدر ما هذا نصه : ï´؟والثقة وإن كان قد يخطئ أو يشذ أحياناً ولكن الشارع أمرنا بعدم إتهام الثقة بالخطأ والشذوذ واعتبر روايته دليلا وأمرنا بإتباعها ، دون أن نعير احتمال الخطأ أو الشذوذ بالا ï´¾ï´؟ - المعالم الجديدة للأصول - السيد محمد باقر الصدر - ص 9ï´¾. ï´¾.
إن هذا الكلام ليس عليه دليلاً من الأحاديث الشريفة أو الآيات القرآنية ولم يقدم السيد الصدر الدليل على أمر الشارع هذا بل ان في روايات الأئمة (ع) ما ينافي ويعارض هذا الكلام بالجملة فقد جاء عن أبن أبي يعفور انه قال : سألت أبا عبد الله (ع) عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به ومنهم من لا نثق به ؟ قال: ï´؟إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب الله أو من قول رسول الله صلى الله عليه وآله وإلا فالذي جاء كم به أولى بهï´¾ï´؟ - الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 69 /وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 110/ ورواه البرقي في المحاسن
ï´¾.
إن هذا الخبر ينسف القواعد الرجالية نسفاً حيث سُئل الإمام عن خبر الثقة وخبر فاقد الوثاقة فلم يقل الإمام بأن خبر الثقة هو الصواب ولم يأمرنا بالأخذ بكلام الثقة باعتباره دليلاً دون أن نعير لاحتمال الخطأ أو الشذوذ بالا كما يقول السيد الصدر بل ان الإمام (ع) أمرنا بعرض خبر من نثق به وخبر من لا نثق به على كتاب الله وسُنة نبيه (ص) فإن وجدنا شاهداً له من كتاب الله تعالى أو قول نبيه (ص) كان حقاً علينا تصديقه وإلا فالذي جاءنا به أولى به إن كان ثقة أو لا، وهذا الأمر على العكس تماماً لما ذهب إليه السيد الصدر وجمهور الأصوليين .
لقد بين لنا أمير المؤمنين (ع) اربعة طبقات من الرواة ليس لهم خامس وهؤلاء الاربعة هم الذين ينقلون كلاما يخالف الحق أو ما يسمى خبرهم عند الأصوليين بالضعيف ، إلا أن مصداقهم لا يتوافق مع المصداق الذي فرضه الأصوليون في تقسيمهم للحديث حيث فرضوا ان الخبر الضعيف ما كان ناقله مجروح بالفسق أو مجهول الحال أو وضاع للحديث وهذا خلاف لما ذكره أمير المؤمنين (ع) لسُليم بن قيس الهلالي حين سأل أمير المؤمنين (ع) عن السبب باختلاف حديث الناس عن حديثه وحديث أصحابه كسلمان والمقداد وأبي ذر فأجاب أمير المؤمنين (ع) قائلاً : ï´؟ قد سألت فافهم الجواب . إن في أيدي الناس حقاً وباطلاً، وصدقاً وكذباً، وناسخاً ومنسوخاً ، وعاماً وخاصاً ، ومحكماً ومتشابهاً، وحفظاً ووهماً، وقد كذب على رسول الله (ص) على عهده حتى قام خطيبا فقال : أيها الناس قد كثرت علي الكذابة فمن كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من النار، ثم كذب عليه من بعده، وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس: رجل منافق يظهر الإيمان، متصنع بالإسلام لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدا، فلو علم الناس أنه منافق كذاب ، لم يقبلوا منه ولم يصدقوه، ولكنهم قالوا هذا قد صحب رسول الله صلى الله عليه وآله ورآه وسمع منه، وأخذوا عنه، وهم لا يعرفون حاله، وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم فقال عز وجل: " وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم " ثم بقوا بعده فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان فولوهم الأعمال ، وحملوهم على رقاب الناس، وأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله، فهذا أحد الأربعة . - الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 62 - 64
لقد بينا فيما تقدم صعوبة الكشف عن هذه النوعية من الرواة فإن مسألة النفاق من المسائل التي أخفيت عن انظار الناس ولم يُعرف أصحابهم في العلن الا نادراً وقد ذكرنا بأن رسول الله (ص) كان لا يعلمهم بنص القرآن فكيف بنا ونحن دون رسول الله (ص) في العلم والمعرفة بل لا توجد أي مقارنة بيننا وبينه من هذا الوجه .
فإن كان جميع المنافقين معروفين لكان من السهل على سُليم بن قيس معرفتهم وتجنب كلامهم وهو من العقلاء إلا إنه وبحسب ظاهر الحديث كان لا يعلمهم ولا يعلم كذبهم والا لماذا سأل الإمام عن اختلاف الحديث ؟ ولماذا بين الإمام لسليم هذه النوعية من الرواة ؟
أما النوع الثاني من الرواة الذين ينقلون كلاما غير صحيح فقد ذكرهم أمير المؤمنين (ع) في قوله : ï´؟ .. ورجل سمع من رسول الله شيئاً لم يحمله على وجهه ووهم فيه ، ولم يتعمد كذباً فهو في يده ، يقول به ويعمل به ويرويه فيقول : أنا سمعته من رسول الله (ص) فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوه ولو علم هو أنه وهم لرفضهï´¾ï´؟ المصدر السابقï´¾.
تعليق