إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من مصادر التشريع المرتبطة بالعقل 1- الاستحسان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من مصادر التشريع المرتبطة بالعقل 1- الاستحسان

    مصادر التشريع المرتبطة بالعقل
    1- الاستحسان

    الاستحسان قاعدة أصولية اعتمد عليها أغلب فقهاء العامة وهي دليل عقلي بل إنه إتباع للهوى ولما تشتهيه النفس كما سيتبين فيما يلي، وقبل أن نبدأ بالكلام نحب أن نبين بأن الاستحسان في اللغة هو: ﴿عدُّ الشيء، واعتقـاده حسناً سواءً أكان حسياً، كاستحسان الثوب، أم معنوياً كاستحسـان الرأي، فيقـال : استحسنتُ كذا : أي اعتقدته حسناً﴾﴿ - لسان العرب - ج13 - ص117

    وقع بين الفقهاء تنازع كبير واختلاف شديد في حجية الاستحسان من جهة اصطلاحهم وقبل أن نسرد أقوال المتنازعين يجب علينا أولا معرفة ماهية الاستحسان عند فقهاء العامة .
    إن الاستحسان عند الأصوليين من فقهاء العامة له اشكال عديدة وأنواع مختلفة إلا أن أغلب هذه الأنواع ان لم نقل كلها تصب في قسمين هما :
    الاستحسان بالعقل دون الاستناد إلى دليل :
    ذكر الفقهاء فيما يخص الاستحسان بالعقل العديد من الأقوال التي تكاد تكون متشابهة منها ما ذكره السرخسي في تعريفه للاستحسان حيث قال ما هذا نصه : ﴿العمل بالإجتهاد وغالب الرأي في تقدير ما جعله الشرع موكولا إلى آرائنا﴾﴿ - أصول السرخسي - أبو بكر السرخسي - ج 2 - ص 200

    وهذا التعريف غريب غاية الغرابة حيث اننا قد بينا في مبحث الإجتهاد بأن الشرع لم يترك شيء لآرائنا بل ان النبي (ص) لم يحكم برأيه فكيف يجوز لنا ما هو محرم على رسول الله (ص) وهذا يكفي لبطلان التعريف الانف الذكر زيادة على الأدلة التي ذكرناها سابقاً .
    وذكر السرخسي أيضاً الاستحسان في كتاب آخر قائلاً : ﴿الاستحسان طلب السهولة في الأحكام فيما يبتلى فيه الخاص والعام وقيل الأخذ بالسعة وابتغاء الدعة وقيل الأخذ بالسماحة وابتغاء ما فيه الراحة﴾﴿ - المبسوط - السرخسي - ج 10 - ص 145

    وقال الغزالي : ﴿وهو الذي يسبق إلى الفهم ما يستحسنه المجتهد بعقله﴾﴿ - المستصفى - الغزالي - ص 171/ وكذلك : روضة الناظر - ج 2 – ص 532 / قواعد الأصول - صفي الدين الحنبلي - ص93 / البحر المحيط – ج 6 - ص93 ﴾ وقالوا أيضاً : ﴿مذهب لا دليل عليه﴾﴿ - المنخول - ص477﴾ وقالوا بأنه : ﴿ترك القياس بما يستحسنه بعض الناس من غير دليل﴾﴿- المسودة - ص454 / التمهيد - لأبي الخطاب - ج4 – ص 96 ﴾ وقالوا بأنه : ﴿دليل ينقدح في نفس المجتهد، لا يقدر على التعبير عنه﴾﴿ ﴾ وقال الآمدي: ﴿لا شك أن الاستحسان قد يُطلق على ما يميل إليه الإنسان ، ويهواه، من الصور، والمعاني، وإن كان مستقبحاً عند غيره﴾﴿ روضة الناضر وجنة المناظر - بن قدامة المقدسي - ج2 - ص535 / البحر المحيط – ج 6 - ص93

    إن الملاحظ عند الفقهاء في قضية الاستحسان انهم يذهبون إلى ان الشريعة موكولة إلينا نتصرف بها كيفما نشتهي وبما نحب وإذا كان الأمر كذلك – وهو محال – فإن بعث الأنبياء والمرسلين يكون عبث ليس إلا لأننا بأستحساننا نستطيع أن ندرك ما تريده الشريعة منا فما هو الداعي بعد هذا ان يرسل الله تعالى إلينا الأنبياء والمرسلين لهدايتنا إذا كنا قادرين باستحساننا ان ندرك ما يريده الشرع منا ؟؟
    إن قضية الاستحسان من القضايا المضحكة والمؤلمة في تأريخنا الإسلامي إذ أنها بجملتها هراء محض فكيف يرضى عاقل ان يتلاعب بشريعة الله بما يستحسنه ويعد الذي أستحسنه كشرع الله المنزل على نبينا وبالمقابل يستقبح غيره نفس المسألة ويعد ما أستقبحه كشرع الله أيضاً وهكذا تراهم يستقبحون ويستحسنون المسائل وينسبون ما قالته أنفسهم وذهب إليه هواهم إلى شريعة الله تعالى فهل يفعل هذا عاقل وسندع باقي الكلام إلى حين الانتهاء من القسم الثاني .
    القول بأقوى الدليلين
    وهما قسمان:

    القسم الأول: الاستحسان بمعنى ترك القياس إلى ما هو أولى منه كقياس أقوى منه مثلاً أو ترك القياس والأخذ بما هو أسهل واوفق للناس.
    قال السرخسي: ﴿هو الدليل الذي يكون معارضا للقياس الظاهر الذي تسبق إليه الأوهام قبل إنعام التأمل فيه﴾﴿ - الاحكام – الآمدي – ج 4 – ص 391﴾ ﴾ وقال أيضاً: ﴿الاستحسان ترك القياس والأخذ بما هو أوفق للناس﴾﴿ - أصول السرخسي - أبو بكر السرخسي - ج 2 - ص 200﴾ وحكي عن بعض الحنابلة بانه: ﴿ترك القياس لدليل أقوى منه، من كتاب ، أو سُنة ، أو إجماع ﴾﴿ - المبسوط - السرخسي - ج 10 - ص 145﴾ .
    إن القياس إذا كان حجة –وهو محال- فلا يجوز ترك الحجة إلى ما يهواه الناس بأوهامهم أما إذا تحقق ان الدليل يعارض القياس فإن في هذه الحالة أما ان يكون الخلل في الدليل أو الخلل في القياس وبما أن الفقهاء قد أستحسنوا الدليل وتركوا القياس فإن فعلهم هذا يؤكد عدم مصداقية القياس في كل الحالات، وعليه فإن إتباع القياس لا يؤدي بنا إلى العصمة في معرفة الأحكام كما أن فعلهم هذا يبطل العمل بالقياس أيضاً لأنهم تركوه لعلة الخطأ في إتباعه، وإذا كان إتباع القياس يؤدي بنا إلى نتائج خاطئة فإن إتباع هذا السبيل باطل عقلاً فكيف يصح لعاقل ان يسلك سبيل يؤدي به إلى الخطأ، وهذا الخطأ يؤدي به إلى عصيان الشريعة وأرتكاب المعاصي بمخالفة أحكامها، فإن المؤمن العاقل لا يمكنه ان يسلك هذا السبيل إطلاقاً، وهذا هو العقل الذي ورد ذكره في الأخبار الشريفة كما تقدم، فإن العاقل من أطاع الله وترك السبل التي تؤدي إلى عصيان الخالق، والقياس من السبل التي تؤدي بنا إلى العصيان ومخالفة الشرع وهذا ما أقره الفقهاء في هذا القسم من الاستحسان، حيث أنهم أستحسنوا ترك القياس الظاهر إلى ما هو أقوى منه كدليل من الكتاب أو السُنة أو غيرها، أو انهم استحسنوا ترك القياس لما هو أوفق على الناس وفي كل الحالات قد أثبتوا ضعف الاستدلال بالقياس وأعترفوا بوجود دليل اقوى منه فتبعوه ويبقى السؤال إذا كان هذا الدليل من الكتاب والسُنة فلا إشكال في المسألة إطلاقاً، بل انه يثبت بطلان القياس لتعارض القياس مع الكتاب والسُنة، أما إذا كان الدليل هو الاستحسان وهذا هو مرادهم من القسم الأول فإن ترك السبيل الباطل إلى مثله ليس من سمات العاقل أيضاً، لأن العاقل هو من خالف هواه وأتبع أوامر الله وليس العاقل هو من خالف القياس وأتبع هواه .
    القسم الثاني: الاستحسان بمعنى ترك الدليل لعرف أو لمصلحة أو نحوهما . عَبَرَ فقهاء العامة عن القسم الثاني بتعبيرات متشابهة المعنى منها ما قاله القاضي أبي يعلى من الحنابلة حيث قال بانه : ﴿ترك الحكم إلى حكم أولى منه﴾﴿العدة - ج5 - ص1607 /روضة الناظر - ج2 -ص531

    . وذهب الاسمندي من الحنفية إلى القول : ﴿ترك وجه من وجوه الإجتهاد غير شامل شمول الألفاظ لوجه هو أقوى منه﴾﴿ - نفس المصدر السابق
    وقال بهذه المقالة كلا من الآمدي الشافعي﴿ ﴾ وأبو الحسين البصري﴿ - الإحكام – الآمدي - ج4 - ص392- 393﴾ من المعتزلة وغيرهم وذهب الكرخي من الحنفية إلى القول : ﴿أن يعدل الإنسان عن أن يحكم في المسألة بمثل ما حكم به في نظائرها إلى خلافه﴾﴿ - المعتمد - ج2 - ص296﴾.
    إن الدليل إذا كان حقاً لا يمكن ان يترك لعرف أو لإجتهاد أما الأول فلكوننا مسلمين لا بد أن نتبع دليل الشرع حتى وان خالف اعرافنا وكم من عرف في المجتمعات الإسلامية يخالف الشرع .
    وأما الثاني لعلمنا بأن نتائج الإجتهاد تختلف من مجتهد لآخر وعليه فإن كل مجتهد حين يحكم في مسألة ما يرى من وجهة نظره ان حكمه هو الصواب، ولهذا فإنه يستحسن ما حكم به والحال هذه في غيره من المجتهدين فإنهم أيضاً يستحسنون ما حكموا به وإن كان مخالفاً لغيرهم من المجتهدين، وبهذه النتيجة فإن الأحكام ستكون مستحسنة من قبل البعض ومستقبحة من الآخرين وهل هذا شرع الله أم انه إتباع للهوى ولما تشتهي النفس البشرية وهذا يكفي لبطلان قولهم.
    إن الفقهاء مهما أختلفوا في تحديدهم للاستحسان لا يعد اختلافهم هذا إلا في التسمية أما المعنى فإنهم متفقون عليه كما صرح بهذه المسألة أبن قدامة في قوله : ﴿ هذا مما لا يُنكر، وإن اختُلف في تسميته، فلا فائدة في الاختلاف في الاصطلاحات مع الاتفاق في المعنى﴾﴿ - كشف الأسرار للبخاري - ج4 - ص7-8﴾ وقال الآمدي أيضاً : ﴿لا نزاع في صحة الاحتجاج به، وإن نوزع في تلقيبه بالاستحسان، فحاصل النزاع راجع فيه إلى الإطلاقات اللفظية، ولا حاصل لـه﴾﴿- روضة الناضر وجنة المناظر - بن قدامة المقدسي - ج2 - ص532

    وعليه فإن الاستحسان في أغلب حالاته يرجع إلى ما يهواه المجتهد في المسائل التي يعجز عن إتيان الدليل عليها سواءً من الكتاب أو السُنة أو حتى أدعاء الإجماع، وعليه فإن الاستحسان لا يرجع أصلاً إلى قاعدة عقلية بل أنه يرجع إلى إتباع الهوى والقول بما تشتهيه النفس وهذه هي حقيقة الاستحسان وان صنف تحت عنوان الدليل العقلي إلا إننا ناقشناه تنزلا منا والا فهو دليل يرتبط بالهوى المجرد وليس بالعقل .

    اختلاف الفقهاء في حجية الاستحسان :
    أختلف فقهاء العامة في حجية الاستحسان فمنهم من أعطى أهمية للاستحسان لم تعطى حتى للكتاب والسُنة أصلاً كالتي أعطاها له مالك أبن أنس حين قال : ﴿الاستحسان تسعة أعشار العلم﴾﴿ - الإحكام – الآمدي - ج4 - ص393 ﴾ وقول مالك هذا يحصر تسعة اعشار العلم فيما يستحسنه الفقيه بهواه ! وعُشر واحد لباقي مصادر الشرع ! أي الكتاب والسُنة والإجماع وغيرها !! والذي يبطل قوله هو أن الاستحسان لو كان بهذه الأهمية لذكره النبي (ص) وعمل به ولأمرنا الكتاب بأن نعمل بما نستحسنه بل اننا نجد أن القرآن لم يجز لنا القول دون علم، والاستحسان هو قول بلا علم بل هو القول بما يميل إليه الإنسان بهواه وقد أمرنا الشرع باجتناب إتباع الهوى وأمرنا بالتوقف في الموارد التي لا علم لنا بها وكما ذكرنا في مبحث الإجتهاد فراجع .
    أما نُفاة الاستحسان فمنهم الشافعي الذي أنكر الاستحسان غاية الانكار وذلك في قوله : ﴿إذا قال الحاكم والمفتي في النازلة ليس فيها نص خبر ولا قياس : استحسن ، فلا بد أن يزعم أن جائزا لغيره أن يستحسن خلافه ، فيقول كل حاكم في بلد ومفت بما يستحسن ، فيقال في الشيء الواحد بضروب من الحكم والفتيا ، فإن كان هذا جائزا عندهم فقد أهملوا أنفسهم ، فحكموا حيث شاؤوا ، وإن كان ضيقا فلا يجوز أن يدخلوا فيه ﴾ ﴿ كتاب الأم – الشافعي - ج7 - ص 301 - كتاب الاستحسان

    إن كلام الشافعي هذا وغيره لو تأمله المنصف لوجده ينطبق على كل معاني الإجتهاد، فإن نتائج الاستحسان تعطي الاختلاف في الحكم وكذلك الإجتهاد فإنه يعطي الاختلاف أيضاً بل أن كل مصادر التشريع عند الفقهاء ما خلا الكتاب والسُنة هي موضع اختلاف بينهم بل هي آلة الاختلاف ومصدره والاصح ان تسمى هذه المصادر مصادر الاختلاف لا مصادر التشريع، بل انهم قد أختلفوا في أغلب معاني الكتاب والسُنة أيضاً واختلافهم هذا يرجع إلى أدواتهم التي تعاملوا بها مع الكتاب والسُنة، وعليه إذا كان الاستحسان محرماً عند البعض لعلة صدور الاختلاف عند أصحابه فإن الإجتهاد وغيره من مصادر التشريع ماعدا الكتاب والسُنة يجب ان تحرم لأنها تنتج الاختلاف عند أصحابها العاملين عليها.
    وممن انكر الاستحسان أيضاً الغزالي وهو من الشافعية حيث قال عن الاستحسان ما هذا نصه : ﴿ دليل ينقدح في نفس المجتهد لا تساعده العبارة عنه ، ولا يقدر على إبرازه وإظهاره ، وهذا هوس ، لأن ما لا يقدر على التعبير عنه لا يدري أنه وهم وخيال أو تحقيق ، ولا بد من ظهوره ليعتبر بأدلة الشريعة لتصححه الأدلة أو تزيفه ، أما الحكم بما لا يدري ما هو فمن أين يعلم جوازه ، أبضرورة العقل أو نظره أو بسمع متواتر أو آحاد ، ولا وجه لدعوى شيء من ذلك ، كيف وقد قال أبو حنيفة : إذا شهد أربعة على زنا شخص لكن عين كل واحد منهم زاوية من زوايا البيت وقال : زنى فيها ، فالقياس أن لا حد عليه ، لكنا نستحسن حده ، فيقول له ، لم يستحسن سفك دم مسلم من غير حجة إذ لم تجتمع شهادة الأربعة على زنا واحد ، وغايته أن يقول : تكذيب المسلمين قبيح ، وتصديقهم وهم عدول حسن ، فنصدقهم ونقدر دورانه في زنية واحدة على جميع الزوايا ، بخلاف ما لو شهدوا في أربعة بيوت ، فإن تقدير التزاحف بعيد ، وهذا هوس﴾﴿ - المستصفى - الغزالي - ص 173﴾.
    وممن أنكر الاستحسان أيضاً هو أبن حزم الظاهري وله أقوال كثيرة في نفي الاستحسان منها قوله : ﴿قال أبو محمد: واحتج القائلون بالاستحسان بقول الله عز وجل: ﴿ الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب ﴾. قال أبو محمد: وهذا الاحتجاج عليهم لا لهم، لأن الله تعالى لم يقل فيتبعون ما استحسنوا وإنما قال عز وجل: ﴿فيتبعون أحسنه﴾ وأحسن الأقوال ما وافق القرآن وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم، هذا هو الإجماع المتيقن من كل مسلم، ومن قال غير هذا فليس مسلما، وهو الذي بينه عز وجل إذ يقول: ﴿ فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ﴾ ولم يقل تعالى فردوه إلى ما تستحسنون .
    ومن المحال أن يكون الحق فيما استحسنا دون برهان ، لأنه لو كان ذلك لكان الله تعالى يكلفنا ما لا نطيق، ولبطلت الحقائق ولتضادت الدلائل، وتعارضت البراهين، ولكان تعالى يأمرنا بالاختلاف الذي قد نهانا عنه ، وهذا محال لأنه لا يجوز أصلاً أن يتفق استحسان العلماء كلهم على قول واحد ، على اختلاف هممهم وطبائعهم وأغراضهم ، فطائفة طبعها الشدة ، وطائفة طبعها اللين ، وطائفة طبعها التصميم ، وطائفة طبعها الاحتياط ، ولا سبيل إلى الاتفاق على استحسان شيء واحد مع هذه الدواعي والخواطر المهيجة ، واختلافها واختلاف نتائجها وموجباتها ، ونحن نجد الحنفيين قد استحسنوا ما استقبحه المالكيون ، ونجد المالكيين قد استحسنوا قولاً قد استقبحه الحنفيون ، فبطل أن يكون الحق في دين الله عز وجل مردودا إلى استحسان بعض الناس، وإنما كان يكون هذا - وأعوذ بالله - لو كان الدين ناقصا ... واحتجوا في الاستحسان بقول يجري على ألسنتهم وهو : ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ، وهذا لا نعلمه ينسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجه أصلاً ﴾﴿ الاحكام - أبن حزم - ج 6 - ص 758 - 759﴾.
    وقال أيضاً : ﴿ونحن نقول لمن قال بالاستحسان : ما الفرق بين ما استحسنت أنت واستقبحه غيرك ، وبين ما استحسنه غيرك واستقبحته أنت ؟ وما الذي جعل أحد السبيلين أولى بالحق من الآخر ؟ وهذا ما لا انفكاك منه﴾﴿ - الاحكام - أبن حزم - ج 6 - ص 762﴾.
    وقال الشوكاني﴿ ﴾ بعد أن ذكر الآراء في الاستحسان : ﴿أن ذكر الاستحسان في بحث مستقل لا فائدة فيه أصلاً ، لأنه إن كان راجعا إلى الأدلة المتقدمة فهو تكرار ، وإن كان خارجا عنها فليس من الشرع في شيء ، بل هو من التقول على هذه الشريعة بما لم يكن فيها تارة ، وبما يضادها أخرى ﴾﴿ ﴾.
    إن الفقهاء لم يقدموا أي دليل ناهض لإقامة الحجة على المسلمين بكون الاستحسان حجة شرعية فإن ادعوا الاحتجاج بالكتاب فقط بطل أحتجاجهم فيما تقدم، وان أحتجوا بالسُنة فإن الحديث الذي احتجوا به لا ينسب لرسول الله (ص) أصلاً ليكون حجة عندهم قبل أن يكون حجة على المسلمين وأن احتجوا بالإجماع فإن دعوى الإجماع على شرعية الاستحسان باطلة لوجود المعترضين على المسألة وهذا كله فضلاً عن ورود العديد من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة الناهية عن إتباع الهوى في شريعة رب العالمين ومما تقدم يتبين وبشكل واضح بطلان الاحتجاج بالاستحسان .
    اَيْنَ بابُ اللهِ الَّذى مِنْهُ يُؤْتى
يعمل...
X