إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أنواع القياس عند فقهاء العامة :

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أنواع القياس عند فقهاء العامة :


    منقول من كتاب سقيفة الغيبة مستوحى من فكر السيد القحطاني


    أنواع القياس عند فقهاء العامة :

    للقياس أنواع وأقسام عَرفها فقهاء مذاهب العامة في أصولهم الفقهية وأختلفوا فيها كما أختلفوا في غيرها من المباني والقواعد الأصولية قديماً وحديثاً وعلى أية حال صنف فقهاء المذاهب القياس باصناف عدة واقسام شتى منها ما أتفق عليه ومنها ماهو محل خلافهم قال القاضي أبو بكر بن العربي في المحصول : ﴿قال علماؤنا أقسام القياس ثلاثة قياس علة وقياس دلالة وقياس شبهة ﴾﴿ المحصول في أصول الفقه - القاضي أبو بكر بن العربي المعافري المالكي- ج1 - ص126﴾.
    وجاء في البحر المحيط اقساما للقياس : ﴿ قَالَ أبن السَّمْعَانِيِّ : وَقَدْ قَسَّمَهُ أبن سُرَيْجٍ إلى ثَمَانِيَةِ أَقْسَامٍ ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ . - البحر المحيط – الزركشي - ج6 - ص239 .
    ثم ذكر منها ستة أنواع هي: ﴿ قياس العلة قياس الشبه قياس العكس قياس الدلالة القياس في الفارق قياس ما هو أولى من المنصوص ﴾.
    ثم فصل الكلام في هذه الأنواع وسوف نختصر كلامه فيما يناسب المقام :

    النوع الأول: قياس العلة
    يلخص عمل هذا القياس هو ان يحمل الفرع على الأصل بالعلة التي علق الحكم عليها في الشرع وينقسم هذا النوع إلى قسمين الأول وهو القياس الجلي وهو ما عُلمت علته من غير معاناة ولا اعمال فكر ونظر أي عندما تكون العلة بينة في الظاهر بين المقيس والمقيس عليه، واما القسم الثاني فهو القياس الخفي وهو ما احتاج إلى نظر حتى تتبين علته ليتمكن الفقيه من استعمال القياس على حسب العلة التي استنبطها عقله وقبلها رأيه .
    وقال الجيزاني في - معالم أصول الفقه عند أهل السُنة والجماعة – بأن للقياس أقساما متعددة بعدة اعتبارات حيث صنف الأول ﴿على اعتبار قوته وضعفه﴾ حيث ينقسم إلى قياس جلي وقياس خفي.
    القياس الجلي: هو ما قُطع فيه بنفي الفارق المؤثر، أو كانت العلة فيه منصوصًا أو مجمعًا عليها، فهذه ثلاث صور.
    وقال بأن هذا النوع من القياس لا يحتاج فيه إلى التعرض لبيان العلة الجامعة، لذلك سُمي بالجلي، وقال أيضاً بأن هذا النوع من القياس متفق عليه ، وهو أقوى أنواع القياس لكونه مقطوعاً به .
    القياس الخفي : وهو ما لم يُقطع فيه بنفي الفارق ولم تكن علته منصوصاً أو مجمعاً عليها فهذا النوع لا بد فيه من التعرض لبيان العلة وبيان وجودها في الفرع ، فيحتاج إلى مقدمتين:
    المقدمة الأولى: إن السكر مثلاً علة التحريم في الخمر فهذه المقدمة إنما تثبت بأدلة الشرع .
    المقدمة الثانية: إن السكر موجود في النبيذ، فهذه المقدمة يجوز أن تثبت بالحس والعقل والعرف وأدلة الشرع . وهذا النوع متفق على تسميته قياساً﴿ - معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة – الجيزاني - ج1 - ص174 ﴾.
    إن القياس الخفي هو ما يسمى عند الإمامية بقياس منصوص العلة حيث سنجد في أصول الإمامية ما يشبه هذا القياس حتى في مثال الشراب المسكر كما سيأتي .

    النوع الثاني: قياس الشبهة
    وهو ما أخذ حكم فرعه من شبه أصله وهو ما تجاذبه الأصول فأخذ من كل أصل شبها، وسماه الشيخ أبو إسحاق وغيره ﴿قياس الدلالة﴾ وفسره بأن يحمل الفرع على الأصل بضرب من الشبه على العلة التي علق الحكم عليها في الشرع قال : ﴿وهذا الضرب لا تعرف صحته إلا باستدلال الأصول﴾
    وقياس الشبه هو قياس الفرع المتردد بين أصلين فيلحق بأكثرهما شبهًا أي هو إلحاق الفرعِ المترددِ بين أصلين بأكثرهما شبهاً به.
    ومثل الأصوليون له بـ﴿العبد﴾ ، فهل يُلحق بالجمل لاشتراكهما في الْمِلك، أو بالرجل الحر لاشتراكهما في الإنسانية ؟
    فالعبد له وصفان: الإنسانية وكونه مملوكاً ، فبأيهما كان أكثر شبهاً يُلحق به.
    فهو من ناحية التصرف مملوك، يُلحق بالمملوكات، فيُتصرف فيه كما يتصرف في المملوكات الأخرى .
    وهو من ناحية الإنسانية : مكلف بالغ ، له أوصاف الإنسان من العقل والتكليف والبلوغ وحصول الأجر على الطاعة، وحصول الإثم على المعصية . فيُلحق بأكثرهما شبهاً به .
    قال الفقهاء بأنه لا يُلجأ إلى قياس الشبه مع إمكان أستعمال قياس الدلالة، أو قياس العلة﴿شرح الورقات في أصول الفقه - محمد الحسن الددو الشنقيطي - دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية –الدرس الخامس ﴾.

    النوع الثالث: قياس العكس
    ذكر الزركشي هذا النوع وقال فيه وهو إثبات نقيض الحكم في غيره لافتراقهما في علة الحكم ، كذا عرفه صاحب " المعتمد " " والأحكام " وغيرهما .
    وصنف الفقهاء هذا النوع من القياس إلى ﴿قياس طرد ، وقياس عكس﴾ :
    قياس الطرد : ما اقتضى إثبات الحكم في الفرع لثبوت علة الأصل فيه
    قياس العكس : ما اقتضى نفي الحكم عن الفرع لنفي علة الحكم فيه﴿- معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة - ج1 - ص175
    وضرب أبن تيمية مثالاً لهذين القسمين من القياس بقوله : ﴿وما أمر الله به من الاعتبار في كتابه يتناول قياس الطرد وقياس العكس؛ فإنه لما أهلك المكذبين للرسل بتكذيبهم، كان من الاعتبار أن يُعلم أن من فعل مثل ما فعلوا، أصابه مثل ما أصابهم، فيتقي تكذيب الرسل حذرًا من العقوبة، وهذا قياس الطرد، ويعلم أن من لم يكذب الرسل لا يصيبه ذلك، وهذا قياس العكس﴾﴿ - مجموع الفتاوى – أبن تيمية - ج9 - ص239 ﴾ .

    النوع الرابع: قياس الدلالة
    ذكر الزركشي هذا النوع من القياس قائلاً وهو أن يكون الجامع وصفا لازما من لوازم العلة، أو أثرا من آثارها، أو حكماً من أحكامها ، سمي بذلك لكون المذكور في الجميع دليل العلة لا نفس العلة فالأول : كقياس النبيذ على الخمر بجامع الرائحة الملازمة .
    والثاني : كقولنا في القتل بالمثقل قتل أثم به صاحبه من حيث كونه قتلا ، فوجب فيه القصاص كالجارح ، فكونه إثما ليس هو بعلة بل أثر من آثارها.
    والثالث : كقولنا في مسألة قطع الأيدي باليد الواحدة إنه قطع موجب لوجوب الدية عليهم فيكون موجبا لوجوب القصاص عليهم ، كما لو قتل جماعة واحدا فوجوب الدية على الجماعة ليس نفس العلة الموجبة للقصاص بل حكم من أحكام العلة الموجبة للقصاص ، بدليل اطرادها وانعكاسها ، كما في القتل العمد العدوان والخطأ وشبه العمد .
    النوع الخامس: القياس في الفارق
    ذكر الزركشي هذا النوع من القياس قائلاً وقد اختلف في تسميته قياسا أو استدلالا ، والأول قول إمام الحرمين ، والثاني قول الغزالي ، لأن القياس يقصد به التسوية ، وإنما قصد نفي الفارق بين المحلين ، وقد جاء في ضمن ذلك الاستواء في العلة .
    النوع السادس: ما هو أولى من المنصوص
    وهذا النوع من القياس يسمى أيضاً بقياس الاولوية أيضاً كأولوية الضرب على التأفيف حيث أستدل الفقهاء عليه بآية التأفيف .
    تقسيمات أخرى منها تقسيم القياس على اعتبار محله وينقسم إلى قسمين هما :
    الأول: القياس في التوحيد والعقائد
    اتفق فقهاء العامة على أن القياس لا يجري في التوحيد إن أدى إلى البدعة والإلحاد ، وتشبيه الخالق بالمخلوق ، وتعطيل أسماء الله وصفاته وأفعاله.
    وإنما يصح القياس في باب التوحيد إذا استدل به على معرفة الصانع وتوحيده، ويستخدم في ذلك ﴿قياس الاولوية﴾ لئلا يدخل الخالق والمخلوق تحت قضية كلية تستوي أفرادها وفساد هذه التسوية قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأعْلَى﴾﴿ ﴾ ، ولئلا يتماثلان أيضاً في شيء من الأشياء والله يقول: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾﴿ ﴾.
    بل الواجب أن يُعلم أن كل كمالٍ – لا نقص فيه بوجه – ثبت للمخلوق فالخالق أولى به، وكل نقص وجب نفيه عن المخلوق فالخالق أولى بنفيه عنه.

    الثاني: القياس في الأحكام الشرعية
    منع بعض فقهاء العامة إستخدام القياس في جميع الأحكام الشرعية، لأن في الأحكام ما لا يعقل معناه فيتعذر إجراء القياس في مثله ﴿معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة - ج1 - ص177 ﴾ .
    وعارضهم آخرون قائلين بأن كل ما جاز إثباته بالنص جاز إثباته بالقياس، فقد أدعوا بأنه ليس في هذه الشريعة شيء يخالف القياس فقد صرح به أبن تيمية قائلاً : ﴿ومن كان متبحرًا في الأدلة الشرعية أمكنه أن يستدل على غالب الأحكام بالنصوص وبالأقيسة﴾﴿ - مجموع الفتاوى – أبن تيمية - ج19 - ص289﴾ وقال أبن القيم أيضاً : ﴿....ليس في الشريعة شيء يخالف القياس، ولا في المنقول عن الصحابة الذي لا يعلم لهم فيه مخالف، وأن القياس الصحيح دائر مع أوامرها ونواهيها وجودًا وعدمًا﴾﴿ - إعلام الموقعين – أبن القيم الجوزية - ج2 - ص71

    وللقياس تقسيم آخر وهو ﴿باعتبار الصحة والبطلان﴾ حيث ينقسم إلى ثلاثة أقسام الأول وهو ما أطلقوا عليه القياس الصحيح والثاني القياس الفاسد والثالث ماهو متردد بينهما .
    أما الأول وهو ما جاءت به الشريعة في الكتاب والسُنة على حد تعبير فقهاء العامة، وهو الجمع بين المتماثلين، مثل أن تكون العلة موجودة في الفرع من غير معارض يمنع حكمها، ومثل القياس بإلغاء الفارق. والفاسد ما يضاده﴿ - انظر: مجموع الفتاوى – أبن تيمية - ج20 - ص504 – 505 وكذلك إعلام الموقعين ج1 - ص133 ﴾.
    قال أبن تيمية في بيان صحة القياس وفساده: ﴿ وكل قياس دل النص على فساده فهو فاسد، وكل من ألحق منصوصًا بمنصوص يخالف حكمه فقياسه فاسد، وكل من سوى بين شيئين أو فرق بين شيئين بغير الأوصاف المعتبرة في حكم الله ورسوله فقياسه فاسد﴾﴿ - مجموع الفتاوى – أبن تيمية - ج 19- ص287، 288﴾ .
    أما القسم الثالث هو القياس ﴿المتردد بين الصحة والفساد﴾ فلا يقطع بصحته ولا بفساده، فهذا يتوقف فيه حتى يتبين الحال فيقوم الدليل على الصحة أو الفساد﴿ - نفس المصدر السابق﴾ فلفظ القياس إذن لفظ مجمل يدخل فيه الصحيح والفاسد﴿نفس المصدر السابق ﴾ وهذا على حد تعبير أبن تيمية .
    وقال أبن القيم في بيان العلة من عدم ذكر القياس في كتاب الله : ﴿ ولهذا أيضاً لم يجئ في القرآن الكريم مدحه ولا ذمه، ولا الأمر به ولا النهي عنه، فإنه مورد تقسيم إلى صحيح وفاسد﴾﴿ إعلام الموقعين – أبن القيم الجوزية - ج1 - ص133
    وهذا الكلام متعارض مع كلام أغلب فقهاء الحنفية الذين أستدلوا على القياس بالأمثلة التي ضربها الله في كتابه الكريم وقالوا بأنها تدل على التحريض على القياس .
    ومن هنا نجد أن فقهاء العامة قد اختلفوا في حجية القياس فمنهم من أعطى للقياس حجية كحجية النص ومنهم من صنفه دون الإجماع، وأختلف فقهاء المذاهب في القياس إلى طرفين ووسط فطرف أنكر القياس أصلا، وطرف أسرف في استعماله حتى رد به النصوص الصحيحة﴿ - معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة - ج1 - ص179 ﴾ .
    أما الذي أستخدم القياس في أصوله الفقهية فقد جعل له ضوابط وقوانين وضعها دون دليل يُذكر فما كان دليلهم فيه إلا الرأي الذي يخطئ ويصيب فالضابط الأول هو ألا يوجد في المسألة نص لأن وجود النص يسقط القياس﴿- - نفس المصدر السابق ﴾ قال الشافعي: ﴿ ونحكم بالإجماع ثم القياس، وهو أضعف من هذا، ولكنها منزلة ضرورة، لأنه لا يحل القياس والخبر موجود، كما يكون التيمم طهارة في السفر عند الإعواز من الماء، ولا يكون طهارة إذا وجد الماء، إنما يكون طهارة في الإعواز﴾﴿ - الرسالة – الشافعي - ص599، 600 / إعلام الموقعين ج1-ص32، 67﴾.
    والضابط الثاني الذي وضعه الفقهاء للقياس هو أن يصدر القياس من فقيه مؤهل ، قد استجمع شروط الإجتهاد﴿ - معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة - ج1 - ص179 ﴾.
    والضابط الثالث هو أن يكون القياس في نفسه صحيحاً ، قد استكمل شروط القياس الصحيح﴿ - نفس المثدر السابق
    الى هنا نكون قد انتهينا من بيان مجمل لأقسام القياس وأنواعه وضوابطه عند فقهاء العامة عموماً وسنأتي الآن إلى مناقشة ما قالوه وما صنفوه وما اختلفوا فيه، على إننا قد نوهنا قبل البدء بهذا المبحث باننا سوف نعرض ماهية القياس وفق الأصول التي اعتمدها فقهاء المذاهب الاربعة وما أعتمدوا عليه في قواعد القياس وقوانينه، وسوف نترك النقاش على ان يحين وقته ومحله وسنبدأ بمناقشة فقهاء العامة وفق الأحاديث التي وردت في كتب الحديث التي اعتمدوها ونسأل من الله السداد.
    اَيْنَ بابُ اللهِ الَّذى مِنْهُ يُؤْتى
يعمل...
X