سيتم من خلال هذا المبحث تحري الحقيقة عن أصل علم الاصول من اين جاء ومن هو اول من عمل به.. هذا العلم الذي يعتمد عليه فقهاء الشيعة اعتمادا تاما في استنباط الحكم الشرعي حتى قالوا بان الاعلم تثبت أعلميته من خلال علمه بعلم الاصول او أن الأعلم هو الأعلم بعلم الاصول لنتعرف على هذه الحقيقة ونكشف التزوير والخداع الذي سارت عليه الأمة بسبب التقليد الأعمى للفقهاء سنة وشيعة ....
لقد احتج بعض فقهاء الشيعة بأن الأصل في علم الأصول قد صدر من أئمة أهل البيت (ع) وانه ينتمى إلى هذه المدرسة واستندوا في كلامهم إلى عدة أدلة منها إن هناك شواهد في التاريخ تثبت لنا إن هشام أبن الحكم وهو من أصحاب الإمام الصادق (ع) روي انه ألف رسالة في مباحث الألفاظ وينقل عن غيره من أصحاب الإمام أنه ألف رسالة في التعادل والتراجيح وغيره ذكر كتاب خبر الواحد وحجيته وهكذا .... لكن المتتبع والمتفكر في مثل هذه الأمور التي ذكرت يدرك بانها لا تثبت لنا بان علم الأصول أصله شيعي وصادر عن الأئمة (ع)، وذلك لأن الرسالة التي ألفها هشام بن الحكم هي في مباحث الألفاظ ومن المعلوم أن مباحث الألفاظ من مباحث علم اللغة سواءً كان بالبلاغة أو الصرف ودخولها على علم الأصول من باب اعتبارها مقدمة له فلا يثبت لنا ان رسالة الألفاظ هي رسالة أصولية .
وأما مباحث التعادل والتراجيح فهي أيضاً من المباحث العامة التي يستعملها الأخباري والأصولي على حدٍ سواء في مرحلة التعارض بين الخبرين وترجيح احدهما على الآخر أو خدش بعض الرواة أو توثيق غيرهم فهي ليست مختصة بالأصولي فقط وكذلك خبر الواحد ومدى صحته وعدمه فإنها أيضاً مشتركة بين الإخباري والأصولي .
إن الذي يثبت المقام ويدل على أصل العلم هي المباحث العقلية والتي هي زبدة المخاض ونقطة الاختلاف بين الإخباريين والأصوليين. ونحن نتحدى أي شخص أن يجد في بطون الكتب رسالة أو خبر ينسب إلى أهل البيت (ع) يدل على صحة الاستنباط بالأدلة العقلية ومباحث الدليل العقلي، وإلا لو كانت موجودة في ذلك الزمن فلماذا لم تُنقل لنا كما نقلت رسالات أخرى حيث وصلت لنا في مباحث الألفاظ والتعادل والتراجيح وغيرها من المباحث والرسالات، فلم ينقل أياً من المباحث العقلية وهذه حجة على الأصوليين بأن علم الأصول أصله ومنابعه من أهل السنة وليس من الأئمة ï´؟عليهم السلامï´¾.
علاوة على ما تقدم فقد اقر فقهاء المدرسة الإمامية الاثنا عشرية ومن كلتا المدرستين الأصولية والإخبارية بأن علم الأصول من اختراع فقهاء أهل السنة وقد دخل إلى مدارس الإمامية بعد وقوع الغيبة وقد ذكر المحقق الشيخ يوسف البحراني - وهو من الأخباريين كما تقدم - ما هذا نصة : ï´؟لا ريب ان هذا العلم واختراع التصنيف فيه والتدوين لأصوله وقواعده ، إنما وقع اولا من العامة ، فإن من جملة من صنف فيه الشافعي ، وهو في عصر الأئمة - عليهم السلام - مع انه لم يرد عنهم - عليهم السلام - ما يشير إليه ، فضلاً عن ان يدل عليه ، ولو كان حقاً كما يدعونه ، بل هو الأصل في الأحكام الشرعية كما يزعمونه ، لما غفل عنه الأئمة عليهم السلام ، مع حرصهم على هداية شيعتهم ، إلى كل نقير وقطمير ، كما لا يخفى على من تتبع أخبارهم ، إذ ما من حالة من حالات الإنسان ، في مأكله ومشربه وملبسه ونومه ويقظته ونكاحه ونحو ذلك من أحواله ، الا وقد خرجت فيه السُنن عنهم عليهم السلام حتى الخلاء ، ولو أراد إنسان ان يجمع ما ورد في باب الخلاء لكان كتابا على حدة ، فيكف يغفلون عن هذا العلم الذى هو بزعمهم مشتمل على القواعد الكلية والأصول الجلية ، والأحكام الشرعية ، وكذلك أصحابهم في زمانهم عليهم السلام ، مع رؤيتهم العامة عاكفين على تلك القواعد والأصولï´¾ الحدائق الناضرة – البحراني - ج 18 - ص140
إن قول المحقق البحراني هذا غني عن التعليق والبيان كما انه عين الحقيقة والبرهان فإذا كان هذا العلم هو أساس الشريعة كان لزاماً على الأئمة (ع) بيانه لشيعتهم وطلابهم على وجه الخصوص وهذا مما لا آثر له كما ان الاثر الواضح للعيان ان هذا العلم قد دخل للتشيع بعد الغيبة بسنين كما يذكر ذلك السيد محمد باقر الصدر – وهو من اعلام الأصوليين – في قوله : ï´؟فإن التأريخ يشير إلى أن علم الأصول ترعرع وازدهر نسبيا في نطاق الفقه السني قبل ترعرعه وازدهاره في نطاقنا الفقهي الإمامي ، حتى إنه يقال : إن علم الأصول على الصعيد السني دخل في دور التصنيف في أواخر القرن الثاني ، إذ ألف في الأصول كل من الشافعي المتوفى سنة ï´؟182ï´¾ ه ومحمد بن الحسن الشيباني المتوفى سنة ï´؟189ï´¾ ه بينما قد لا نجد التصنيف الواسع في علم الأصول على الصعيد الشيعي إلا في أعقاب الغيبة الصغرى أي في مطلع القرن الرابعï´¾ المعالم الجديدة للأصول - السيد محمد باقر الصدر - ص54.
كما ذكر أبن تيمية من هو مؤسس علم الأصول بقوله : ï´؟فمن المعلوم أن أول من عرف أنه جرد الكلام في أصول الفقه هو الشافعي ... ï´¾ الفتاوى - 20/402
بما تقدم من كلام السيد الصدر وكذلك المحقق البحراني من قبل وكذلك ما جاء في قول أبن تيمية يثبت بأن هذا العلم هو من علوم فقهاء اهل السنة واختراعهم ولم يكن له أصل عند الشيعة الإمامية قبل وقوع الغيبة .
إننا حين نطالع هذه الكلمات يتوجب علينا بيان استفسار حول هذا الحدث التأريخي وهو اننا بحكم إتباعنا للنبي الخاتم (ص) وأهل بيته الذي أوصانا بالتمسك بهم يتوجب علينا اخذ كلامهم -والذي هو في الواقع أوامر- على جانب كبير من الأهمية ومن هذه الأقوال التي جاءت عن لسان الأئمة (ع) هو التمسك بأقوالهم وعدم الأخذ بأقوال المبتدعين وقد جاء عن أبي الحسن موسى بن جعفر (ع)انه قال : ï´؟لا تأخذن معالم دينك عن غير شيعتنا فإنك إن تعديتهم أخذت دينك عن الخائنين الذين خانوا الله ورسوله وخانوا أماناتهم...ï´¾ بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 2 - ص 82.
بعد ما تقدم نحب أن نبين بأن الحوادث التأريخية التي مر بها أهل السنة وقعت بعينها عند الشيعة الإمامية ألا وهي الحاجة إلى التشريع في المسائل التي يجهلونها ، وحاصله ان المخالفين وقعوا في تيه بعد رحيل النبي الخاتم (ص) نتيجة لعدم رجوعهم إلى الإمام المعصوم المفترض الطاعة فأدعوا بانهم اثبتوا جميع ما يحتاجونه في الفقه ولم يكن لديهم علم رسول الله (ص) ولم يكن لهم علم كافي بكتاب الله لا من حيث التفسير ولا من حيث التأويل فكانوا يُسألون فيستحون ان ينسبهم الناس بالجهل فقالوا برايهم وقياسهم ووضعوا القواعد والأصول شيئاً فشيئاً حتى جاء الشافعي كما ذكرنا وصنف علم الأصول وجعله علم مستقل بذاته .
إن هذه التجربة قد استفاد منها بعض فقهاء المدرسة الشيعية الإمامية بعد أن انقطع عنهم الحجة ووقعت الغيبة فبدأوا يُسألون فيستحون ان ينسبهم الناس بالجهل فقالوا بأصول المخالفين لهم وعملوا بالإجتهاد العقلي واستعملوا الظن وأتبعوا سبيل المخالفين وغيرها من الامور التي تقدم ذكرها، وعن هذه الامور يتحدث السيد نعمة الله الجزائري قائلاً : ï´؟ إن أكثر الأصحاب قد تبعوا جماعة من مخالفينا من أهل الرأي والقياس ومن أهل علم الطبيعة والفلاسفة وغيرهم من الذين اعتمدوا على العقول واستدلالاتها وطرحوا ما جاءت به الأنبياء (ع) حيث لم يأت على وفق عقولهم ... والحاصل انهم ما اعتمدوا في شيء من أمورهم الا على العقل فتابعهم بعض أصحابنا وإن لم يعترفوا بالمتابعة فقالوا انه إذا تعارض الدليل العقلي والنقلي طرحنا النقلي أو تأولناه إلى ما يرجع إلى العقل ومن هنا تراهم في مسائل الأصول يذهبون إلى أشياء كثيرة قد قامت الدلائل النقلية على خلافها لوجود ما تخيلوا انه دليل عقلي ... واما مسائل الفروع فمدارها على طرح الدلائل النقلية والقول بما أدت إليه الاستحسانات العقلية وإذا عملوا بالدلائل النقلية يذكرون اولا الدلائل العقلية ثم يجعلون دليل النقل مؤيداً لها وعاضداً اياها فيكون المدار والأصل إنما هو العقل ï´¾ الانوار النعمانية – السيد نعمة الله الجزائري – ج3 ص 129.
إن هذه السبل لم يسلكها فقهاء الإمامية من باب الترف الفكري وإنما قد وقع فيهم ما وقع لأهل السنة خصوصاً بعد غيبة الإمام العالم بحلال الله وحرامه وفقدانهم لمن يخبرهم بامور دينهم كما هو حال أهل السنة بعد رحيل النبي (ص) .
إننا حين نتكلم عن علم الأصول الذي دخل إلى ساحة الفقهاء بعد وقوع الغيبة واعتقد البعض بانه كافل بمعرفة الأحكام لا بد من القول بأن هذا العلم ليس له قواعد ثابتة فكل مجتهد يأتي إلى ساحة الإجتهاد ويجلب معه قواعد جديدة وأصول حديثة تستجد معها أحكاما جديدة .
وقبل أن نناقش هذا الاختلاف ونطرق الأقوال فيه نحب أن نبين نبذة مختصرة عن علم الأصول .
إن علم الأصول هو ذلك العلم الذي يستعمله المجتهد في عملية استنباط الأحكام الشرعية حيث يعتمد الفقهاء الأصوليين اعتمادا كبيرا عليه في ممارستهم لعملية الاستنباط وقد بينا فيما تقدم ان عملية الاستنباط لا تتم في الشرع الا من خلال الأئمة (ع) فقد جاء في كلام الإمام أبي جعفر الباقر (ع) قال : ï´؟ ... ومن وضع ولاة أمر الله وأهل استنباط علمه في غير الصفوة من بيوتات الأنبياء فقد خالف أمر الله وجعل الجهال ولاة أمر الله والمتكلفين بغير هدى من الله وزعموا أنهم أهل استنباط علم الله فقد كذبوا على الله ورسوله ورغبوا عن وصيه وطاعته ولم يضعوا فضل الله حيث وضعه الله فضلوا وأضلوا أتباعهم ولم يكن لهم حجة يوم القيامة ...ï´¾ وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 35 – 36
وقال المحقق البحراني في الحدائق : ï´؟ قوله : " ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم . . " يدل على كون المستنبطين هم الأئمة (ع) وبذلك توافرت الأخبار عنهم (ع)، ففي الجوامع عن الباقر (ع): " هم الأئمة المعصومون " والعياشي عن الرضا (ع): " يعني آل محمد وهم الذين يستنبطون من القرآن ويعرفون الحلال والحرام "ï´¾ الحدائق الناضرة - المحقق البحراني - ج 1 - ص 31 - 34
وفي مقابل هذا النصوص قال السيد محمد باقر الصدر ما هذا نصه : ï´؟حين نتسائل : هل يجوز لنا ممارسة عملية الاستنباط ؟ يجيء الجواب على البداهة بالايجاب ï´¾ المعالم الجديدة للاصول – السيد محمد باقر الصدر – ص37
لقد أصبحت عملية الاستنباط عند المجتهدين من البديهيات ولم يكن السيد الصدر متفرداً بهذا القول بل كل الفقهاء الأصوليين يجمعون عليه حتى أصبح من المسلمات كحال الكثير من القضايا التي أصبحت وبمرور الزمن أمراً طبيعياً بعد أن كانت على العكس في أول الزمان وقد يتسائل البعض إذا منع الفقيه من ممارسة الاستنباط ادى ذلك إلى فقدان عنوانه كفقيه ؟
نقول : إن عنوان الفقيه عند أهل البيت (ع) هو العالم بأحاديثهم ورواياتهم الشريفة وليس هو الممارس لعملية الاستنباط فقد ذكر الإمام الصادق (ع) ذلك في قوله : ï´؟اعرفوا منازل شيعتنا بقدر ما يحسنون من رواياتهم عنا ، فإنا لا نعد الفقيه منهم فقيها حتى يكون محدثا ...ï´¾ وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 149
إذن فالمحدث أي العالم بأحاديثهم (ع) هو الفقيه وليس المستنبط فقد حصر الاستنباط بالأئمة (ع) وقد ورد عن الرضا (ع) انه قال : ï´؟ ... " ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم " يعني آل محمد عليهم السلام ، وهم الذين يستنبطون من القرآن ويعرفون الحلال والحرام ، وهم الحجة لله على خلقهï´¾ بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 23 - ص 295 - 296
إن علم الأصول الذي يستخدمه الفقهاء في معرفة الأحكام يعتمد وبشكل كبير على الأدلة العقلية المنطقية والفلسفية والمباحث اللفظية ومباحث الحجة والظهور وغيرها، اما اعتماده على الأخبار فهو قليل جداً حين مقارنته بالمباحث العقلية .
لقد تأثر هذا العلم الموضوع تأثراً كبيرا بالمنطق اليوناني والفلسفة المعقدة حتى أصبح في كثير من مواضعه بعيداً عن الشريعة الإسلامية وكان الغزالي أول من استخدم المنطق في علم أصول الفقه وقد قابله في ذلك عدد من مشايخ أهل السنة منهم أبن تيمية الذي يعتبر في الكثير من الأحيان أنه معارض تام للفلسفة وأحد الرافضين لكل عمل فلسفي ، لكن ردوده على أساليب المنطق اليوناني ومحاولته تبيان علاقته بالتصورات الميتافيزيقية ï´؟عكس ما أراد الغزالي توضيحهï´¾ وذلك في كتابه ï´؟الرد على المنطقيينï´¾ واعُتبر من قبل بعض الباحثين بمثابة نقد للفلسفة اليونانية أكثر من كونه مجرد رافضا لها ، فنقده مبني على دراسة عميقة لأساليب المنطق والفلسفة.
إذن فالتأريخ يشير إلى أن المخالفين والنواصب هم أساس هذا العلم بل هم من وضع المنطق اليوناني والفلسفة المعقدة كأدوات لهذا العلم بل ان بعضهم رفض هذا الشيء الدخيل على أدوات الشريعة، وفقهاء المدرسة الإمامية الأصولية اخذوا هذه الأصول بفلسفتها ومنطقها ممن خالفهم من السنة حتى ضج جملة من الفقهاء بتدخل الفلسفة بهذا العلم والذي أصبح بمرور الزمن علما له علاقة بالفلسفة أكثر بكثير من علاقته بالشريعة الإسلامية، حتى خرج في كثير من مواضعه عن مجاله الحقيقي.
وقد ذكر العلامة محمد مهدي شمس الدين علم الأصول وتطوره في قوله : ï´؟طوره الأصوليون الشيعة الإمامية في القرنين الاخيرين تطوراً مهما في اتجاه العمق خرج به في كثير من الابحاث عن مجاله الأصلي وهو الشريعة ليجعل منه بحثاً فلسفياً – كلامياً تجريدياً لا علاقة له بقضية الاستنباط من الكتاب والسُنة من دون ان يساهم هذا على الإطلاق في توسيع مجال الاستنباط الفقهي .. إلى ان يقول .. صيغت المناهج الأصولية والقواعد متأثرة بالمنطق الارسطي وبعض الآراء الفلسفية ï´¾ الاجتهاد والحياة حوار على الورق – حوار واعداد محمد الحسيني - ص13
إننا حين نطالع روايات الأئمة (ع) وأحاديثهم نجدهم يتكلمون بابسط الكلام لكي يفهمه المتلقي فهماً صحيحاً حيث ان كلامهم يخلو من استخدام الألفاظ الفلسفية المعقدة أو مفردات المنطق التي يستخدمها أغلب الأصوليين في كتبهم الفقهية مما جعل رواياتهم أكثر فهماً وتوضيحاً من الكتب الفقهية لمشايخ الأصوليين المتداولة اليوم .
إن الصعوبة التي تجدها في الكتب الفقهية عند الأصوليين نابعة من تمسكهم بمفردات الفلسفة والمنطق التي تعلموها في مباحث الأصول على وجه الخصوص وهذه المفردات هي من الأسباب التي دعت الناس إلى النفور من هذه الكتب وعدم قرائتها وأكتفوا بالسؤال المباشر دون معرفة الأدلة التفصيلية التي ابتنى عليها جواب الفقيه، والسبب الأول والاخير هو الصعوبة الموجودة في تلك المؤلفات التي تنحاز إلى جانب الفلسفة والمنطق أكثر من انحيازها إلى الفقه ومسائله، علما بأن هذا الانحياز جعلها تبتعد ابتعاداً كلياً عن طبيعة الكتاب والسُنة وأسلوبهما وقد شكى عدد من الفقهاء هذه النتائج ومنهم العلامة محمد مهدي شمس الدين حين تحدث عن الخلل في علم الأصول وابتعاد منهجه عن طبيعة ومنهج الكتاب والسُنة وذلك في قوله : ï´؟ فالخلل جاء من اننا نتعامل مع نص تشريعي في الكتاب والسُنة فيما نحسب وفقاً لمنهج لا يتناسب مع الغاية مع ذي المنهج وفي كثير من الحالات نتعامل مع نص الكتاب والسُنة بمنهج مختلف في طبيعته عن الكتاب والسُنة وضيق عن استيعاب الابعاد التشريعية للكتاب والسُنة ï´¾ الاجتهاد والحياة حوار على الورق – حوار واعداد محمد الحسيني - ص16
لقد احتج بعض فقهاء الشيعة بأن الأصل في علم الأصول قد صدر من أئمة أهل البيت (ع) وانه ينتمى إلى هذه المدرسة واستندوا في كلامهم إلى عدة أدلة منها إن هناك شواهد في التاريخ تثبت لنا إن هشام أبن الحكم وهو من أصحاب الإمام الصادق (ع) روي انه ألف رسالة في مباحث الألفاظ وينقل عن غيره من أصحاب الإمام أنه ألف رسالة في التعادل والتراجيح وغيره ذكر كتاب خبر الواحد وحجيته وهكذا .... لكن المتتبع والمتفكر في مثل هذه الأمور التي ذكرت يدرك بانها لا تثبت لنا بان علم الأصول أصله شيعي وصادر عن الأئمة (ع)، وذلك لأن الرسالة التي ألفها هشام بن الحكم هي في مباحث الألفاظ ومن المعلوم أن مباحث الألفاظ من مباحث علم اللغة سواءً كان بالبلاغة أو الصرف ودخولها على علم الأصول من باب اعتبارها مقدمة له فلا يثبت لنا ان رسالة الألفاظ هي رسالة أصولية .
وأما مباحث التعادل والتراجيح فهي أيضاً من المباحث العامة التي يستعملها الأخباري والأصولي على حدٍ سواء في مرحلة التعارض بين الخبرين وترجيح احدهما على الآخر أو خدش بعض الرواة أو توثيق غيرهم فهي ليست مختصة بالأصولي فقط وكذلك خبر الواحد ومدى صحته وعدمه فإنها أيضاً مشتركة بين الإخباري والأصولي .
إن الذي يثبت المقام ويدل على أصل العلم هي المباحث العقلية والتي هي زبدة المخاض ونقطة الاختلاف بين الإخباريين والأصوليين. ونحن نتحدى أي شخص أن يجد في بطون الكتب رسالة أو خبر ينسب إلى أهل البيت (ع) يدل على صحة الاستنباط بالأدلة العقلية ومباحث الدليل العقلي، وإلا لو كانت موجودة في ذلك الزمن فلماذا لم تُنقل لنا كما نقلت رسالات أخرى حيث وصلت لنا في مباحث الألفاظ والتعادل والتراجيح وغيرها من المباحث والرسالات، فلم ينقل أياً من المباحث العقلية وهذه حجة على الأصوليين بأن علم الأصول أصله ومنابعه من أهل السنة وليس من الأئمة ï´؟عليهم السلامï´¾.
علاوة على ما تقدم فقد اقر فقهاء المدرسة الإمامية الاثنا عشرية ومن كلتا المدرستين الأصولية والإخبارية بأن علم الأصول من اختراع فقهاء أهل السنة وقد دخل إلى مدارس الإمامية بعد وقوع الغيبة وقد ذكر المحقق الشيخ يوسف البحراني - وهو من الأخباريين كما تقدم - ما هذا نصة : ï´؟لا ريب ان هذا العلم واختراع التصنيف فيه والتدوين لأصوله وقواعده ، إنما وقع اولا من العامة ، فإن من جملة من صنف فيه الشافعي ، وهو في عصر الأئمة - عليهم السلام - مع انه لم يرد عنهم - عليهم السلام - ما يشير إليه ، فضلاً عن ان يدل عليه ، ولو كان حقاً كما يدعونه ، بل هو الأصل في الأحكام الشرعية كما يزعمونه ، لما غفل عنه الأئمة عليهم السلام ، مع حرصهم على هداية شيعتهم ، إلى كل نقير وقطمير ، كما لا يخفى على من تتبع أخبارهم ، إذ ما من حالة من حالات الإنسان ، في مأكله ومشربه وملبسه ونومه ويقظته ونكاحه ونحو ذلك من أحواله ، الا وقد خرجت فيه السُنن عنهم عليهم السلام حتى الخلاء ، ولو أراد إنسان ان يجمع ما ورد في باب الخلاء لكان كتابا على حدة ، فيكف يغفلون عن هذا العلم الذى هو بزعمهم مشتمل على القواعد الكلية والأصول الجلية ، والأحكام الشرعية ، وكذلك أصحابهم في زمانهم عليهم السلام ، مع رؤيتهم العامة عاكفين على تلك القواعد والأصولï´¾ الحدائق الناضرة – البحراني - ج 18 - ص140
إن قول المحقق البحراني هذا غني عن التعليق والبيان كما انه عين الحقيقة والبرهان فإذا كان هذا العلم هو أساس الشريعة كان لزاماً على الأئمة (ع) بيانه لشيعتهم وطلابهم على وجه الخصوص وهذا مما لا آثر له كما ان الاثر الواضح للعيان ان هذا العلم قد دخل للتشيع بعد الغيبة بسنين كما يذكر ذلك السيد محمد باقر الصدر – وهو من اعلام الأصوليين – في قوله : ï´؟فإن التأريخ يشير إلى أن علم الأصول ترعرع وازدهر نسبيا في نطاق الفقه السني قبل ترعرعه وازدهاره في نطاقنا الفقهي الإمامي ، حتى إنه يقال : إن علم الأصول على الصعيد السني دخل في دور التصنيف في أواخر القرن الثاني ، إذ ألف في الأصول كل من الشافعي المتوفى سنة ï´؟182ï´¾ ه ومحمد بن الحسن الشيباني المتوفى سنة ï´؟189ï´¾ ه بينما قد لا نجد التصنيف الواسع في علم الأصول على الصعيد الشيعي إلا في أعقاب الغيبة الصغرى أي في مطلع القرن الرابعï´¾ المعالم الجديدة للأصول - السيد محمد باقر الصدر - ص54.
كما ذكر أبن تيمية من هو مؤسس علم الأصول بقوله : ï´؟فمن المعلوم أن أول من عرف أنه جرد الكلام في أصول الفقه هو الشافعي ... ï´¾ الفتاوى - 20/402
بما تقدم من كلام السيد الصدر وكذلك المحقق البحراني من قبل وكذلك ما جاء في قول أبن تيمية يثبت بأن هذا العلم هو من علوم فقهاء اهل السنة واختراعهم ولم يكن له أصل عند الشيعة الإمامية قبل وقوع الغيبة .
إننا حين نطالع هذه الكلمات يتوجب علينا بيان استفسار حول هذا الحدث التأريخي وهو اننا بحكم إتباعنا للنبي الخاتم (ص) وأهل بيته الذي أوصانا بالتمسك بهم يتوجب علينا اخذ كلامهم -والذي هو في الواقع أوامر- على جانب كبير من الأهمية ومن هذه الأقوال التي جاءت عن لسان الأئمة (ع) هو التمسك بأقوالهم وعدم الأخذ بأقوال المبتدعين وقد جاء عن أبي الحسن موسى بن جعفر (ع)انه قال : ï´؟لا تأخذن معالم دينك عن غير شيعتنا فإنك إن تعديتهم أخذت دينك عن الخائنين الذين خانوا الله ورسوله وخانوا أماناتهم...ï´¾ بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 2 - ص 82.
بعد ما تقدم نحب أن نبين بأن الحوادث التأريخية التي مر بها أهل السنة وقعت بعينها عند الشيعة الإمامية ألا وهي الحاجة إلى التشريع في المسائل التي يجهلونها ، وحاصله ان المخالفين وقعوا في تيه بعد رحيل النبي الخاتم (ص) نتيجة لعدم رجوعهم إلى الإمام المعصوم المفترض الطاعة فأدعوا بانهم اثبتوا جميع ما يحتاجونه في الفقه ولم يكن لديهم علم رسول الله (ص) ولم يكن لهم علم كافي بكتاب الله لا من حيث التفسير ولا من حيث التأويل فكانوا يُسألون فيستحون ان ينسبهم الناس بالجهل فقالوا برايهم وقياسهم ووضعوا القواعد والأصول شيئاً فشيئاً حتى جاء الشافعي كما ذكرنا وصنف علم الأصول وجعله علم مستقل بذاته .
إن هذه التجربة قد استفاد منها بعض فقهاء المدرسة الشيعية الإمامية بعد أن انقطع عنهم الحجة ووقعت الغيبة فبدأوا يُسألون فيستحون ان ينسبهم الناس بالجهل فقالوا بأصول المخالفين لهم وعملوا بالإجتهاد العقلي واستعملوا الظن وأتبعوا سبيل المخالفين وغيرها من الامور التي تقدم ذكرها، وعن هذه الامور يتحدث السيد نعمة الله الجزائري قائلاً : ï´؟ إن أكثر الأصحاب قد تبعوا جماعة من مخالفينا من أهل الرأي والقياس ومن أهل علم الطبيعة والفلاسفة وغيرهم من الذين اعتمدوا على العقول واستدلالاتها وطرحوا ما جاءت به الأنبياء (ع) حيث لم يأت على وفق عقولهم ... والحاصل انهم ما اعتمدوا في شيء من أمورهم الا على العقل فتابعهم بعض أصحابنا وإن لم يعترفوا بالمتابعة فقالوا انه إذا تعارض الدليل العقلي والنقلي طرحنا النقلي أو تأولناه إلى ما يرجع إلى العقل ومن هنا تراهم في مسائل الأصول يذهبون إلى أشياء كثيرة قد قامت الدلائل النقلية على خلافها لوجود ما تخيلوا انه دليل عقلي ... واما مسائل الفروع فمدارها على طرح الدلائل النقلية والقول بما أدت إليه الاستحسانات العقلية وإذا عملوا بالدلائل النقلية يذكرون اولا الدلائل العقلية ثم يجعلون دليل النقل مؤيداً لها وعاضداً اياها فيكون المدار والأصل إنما هو العقل ï´¾ الانوار النعمانية – السيد نعمة الله الجزائري – ج3 ص 129.
إن هذه السبل لم يسلكها فقهاء الإمامية من باب الترف الفكري وإنما قد وقع فيهم ما وقع لأهل السنة خصوصاً بعد غيبة الإمام العالم بحلال الله وحرامه وفقدانهم لمن يخبرهم بامور دينهم كما هو حال أهل السنة بعد رحيل النبي (ص) .
إننا حين نتكلم عن علم الأصول الذي دخل إلى ساحة الفقهاء بعد وقوع الغيبة واعتقد البعض بانه كافل بمعرفة الأحكام لا بد من القول بأن هذا العلم ليس له قواعد ثابتة فكل مجتهد يأتي إلى ساحة الإجتهاد ويجلب معه قواعد جديدة وأصول حديثة تستجد معها أحكاما جديدة .
وقبل أن نناقش هذا الاختلاف ونطرق الأقوال فيه نحب أن نبين نبذة مختصرة عن علم الأصول .
إن علم الأصول هو ذلك العلم الذي يستعمله المجتهد في عملية استنباط الأحكام الشرعية حيث يعتمد الفقهاء الأصوليين اعتمادا كبيرا عليه في ممارستهم لعملية الاستنباط وقد بينا فيما تقدم ان عملية الاستنباط لا تتم في الشرع الا من خلال الأئمة (ع) فقد جاء في كلام الإمام أبي جعفر الباقر (ع) قال : ï´؟ ... ومن وضع ولاة أمر الله وأهل استنباط علمه في غير الصفوة من بيوتات الأنبياء فقد خالف أمر الله وجعل الجهال ولاة أمر الله والمتكلفين بغير هدى من الله وزعموا أنهم أهل استنباط علم الله فقد كذبوا على الله ورسوله ورغبوا عن وصيه وطاعته ولم يضعوا فضل الله حيث وضعه الله فضلوا وأضلوا أتباعهم ولم يكن لهم حجة يوم القيامة ...ï´¾ وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 35 – 36
وقال المحقق البحراني في الحدائق : ï´؟ قوله : " ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم . . " يدل على كون المستنبطين هم الأئمة (ع) وبذلك توافرت الأخبار عنهم (ع)، ففي الجوامع عن الباقر (ع): " هم الأئمة المعصومون " والعياشي عن الرضا (ع): " يعني آل محمد وهم الذين يستنبطون من القرآن ويعرفون الحلال والحرام "ï´¾ الحدائق الناضرة - المحقق البحراني - ج 1 - ص 31 - 34
وفي مقابل هذا النصوص قال السيد محمد باقر الصدر ما هذا نصه : ï´؟حين نتسائل : هل يجوز لنا ممارسة عملية الاستنباط ؟ يجيء الجواب على البداهة بالايجاب ï´¾ المعالم الجديدة للاصول – السيد محمد باقر الصدر – ص37
لقد أصبحت عملية الاستنباط عند المجتهدين من البديهيات ولم يكن السيد الصدر متفرداً بهذا القول بل كل الفقهاء الأصوليين يجمعون عليه حتى أصبح من المسلمات كحال الكثير من القضايا التي أصبحت وبمرور الزمن أمراً طبيعياً بعد أن كانت على العكس في أول الزمان وقد يتسائل البعض إذا منع الفقيه من ممارسة الاستنباط ادى ذلك إلى فقدان عنوانه كفقيه ؟
نقول : إن عنوان الفقيه عند أهل البيت (ع) هو العالم بأحاديثهم ورواياتهم الشريفة وليس هو الممارس لعملية الاستنباط فقد ذكر الإمام الصادق (ع) ذلك في قوله : ï´؟اعرفوا منازل شيعتنا بقدر ما يحسنون من رواياتهم عنا ، فإنا لا نعد الفقيه منهم فقيها حتى يكون محدثا ...ï´¾ وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 149
إذن فالمحدث أي العالم بأحاديثهم (ع) هو الفقيه وليس المستنبط فقد حصر الاستنباط بالأئمة (ع) وقد ورد عن الرضا (ع) انه قال : ï´؟ ... " ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم " يعني آل محمد عليهم السلام ، وهم الذين يستنبطون من القرآن ويعرفون الحلال والحرام ، وهم الحجة لله على خلقهï´¾ بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 23 - ص 295 - 296
إن علم الأصول الذي يستخدمه الفقهاء في معرفة الأحكام يعتمد وبشكل كبير على الأدلة العقلية المنطقية والفلسفية والمباحث اللفظية ومباحث الحجة والظهور وغيرها، اما اعتماده على الأخبار فهو قليل جداً حين مقارنته بالمباحث العقلية .
لقد تأثر هذا العلم الموضوع تأثراً كبيرا بالمنطق اليوناني والفلسفة المعقدة حتى أصبح في كثير من مواضعه بعيداً عن الشريعة الإسلامية وكان الغزالي أول من استخدم المنطق في علم أصول الفقه وقد قابله في ذلك عدد من مشايخ أهل السنة منهم أبن تيمية الذي يعتبر في الكثير من الأحيان أنه معارض تام للفلسفة وأحد الرافضين لكل عمل فلسفي ، لكن ردوده على أساليب المنطق اليوناني ومحاولته تبيان علاقته بالتصورات الميتافيزيقية ï´؟عكس ما أراد الغزالي توضيحهï´¾ وذلك في كتابه ï´؟الرد على المنطقيينï´¾ واعُتبر من قبل بعض الباحثين بمثابة نقد للفلسفة اليونانية أكثر من كونه مجرد رافضا لها ، فنقده مبني على دراسة عميقة لأساليب المنطق والفلسفة.
إذن فالتأريخ يشير إلى أن المخالفين والنواصب هم أساس هذا العلم بل هم من وضع المنطق اليوناني والفلسفة المعقدة كأدوات لهذا العلم بل ان بعضهم رفض هذا الشيء الدخيل على أدوات الشريعة، وفقهاء المدرسة الإمامية الأصولية اخذوا هذه الأصول بفلسفتها ومنطقها ممن خالفهم من السنة حتى ضج جملة من الفقهاء بتدخل الفلسفة بهذا العلم والذي أصبح بمرور الزمن علما له علاقة بالفلسفة أكثر بكثير من علاقته بالشريعة الإسلامية، حتى خرج في كثير من مواضعه عن مجاله الحقيقي.
وقد ذكر العلامة محمد مهدي شمس الدين علم الأصول وتطوره في قوله : ï´؟طوره الأصوليون الشيعة الإمامية في القرنين الاخيرين تطوراً مهما في اتجاه العمق خرج به في كثير من الابحاث عن مجاله الأصلي وهو الشريعة ليجعل منه بحثاً فلسفياً – كلامياً تجريدياً لا علاقة له بقضية الاستنباط من الكتاب والسُنة من دون ان يساهم هذا على الإطلاق في توسيع مجال الاستنباط الفقهي .. إلى ان يقول .. صيغت المناهج الأصولية والقواعد متأثرة بالمنطق الارسطي وبعض الآراء الفلسفية ï´¾ الاجتهاد والحياة حوار على الورق – حوار واعداد محمد الحسيني - ص13
إننا حين نطالع روايات الأئمة (ع) وأحاديثهم نجدهم يتكلمون بابسط الكلام لكي يفهمه المتلقي فهماً صحيحاً حيث ان كلامهم يخلو من استخدام الألفاظ الفلسفية المعقدة أو مفردات المنطق التي يستخدمها أغلب الأصوليين في كتبهم الفقهية مما جعل رواياتهم أكثر فهماً وتوضيحاً من الكتب الفقهية لمشايخ الأصوليين المتداولة اليوم .
إن الصعوبة التي تجدها في الكتب الفقهية عند الأصوليين نابعة من تمسكهم بمفردات الفلسفة والمنطق التي تعلموها في مباحث الأصول على وجه الخصوص وهذه المفردات هي من الأسباب التي دعت الناس إلى النفور من هذه الكتب وعدم قرائتها وأكتفوا بالسؤال المباشر دون معرفة الأدلة التفصيلية التي ابتنى عليها جواب الفقيه، والسبب الأول والاخير هو الصعوبة الموجودة في تلك المؤلفات التي تنحاز إلى جانب الفلسفة والمنطق أكثر من انحيازها إلى الفقه ومسائله، علما بأن هذا الانحياز جعلها تبتعد ابتعاداً كلياً عن طبيعة الكتاب والسُنة وأسلوبهما وقد شكى عدد من الفقهاء هذه النتائج ومنهم العلامة محمد مهدي شمس الدين حين تحدث عن الخلل في علم الأصول وابتعاد منهجه عن طبيعة ومنهج الكتاب والسُنة وذلك في قوله : ï´؟ فالخلل جاء من اننا نتعامل مع نص تشريعي في الكتاب والسُنة فيما نحسب وفقاً لمنهج لا يتناسب مع الغاية مع ذي المنهج وفي كثير من الحالات نتعامل مع نص الكتاب والسُنة بمنهج مختلف في طبيعته عن الكتاب والسُنة وضيق عن استيعاب الابعاد التشريعية للكتاب والسُنة ï´¾ الاجتهاد والحياة حوار على الورق – حوار واعداد محمد الحسيني - ص16
تعليق