ان كتاب الله عز وجل هو الحقيقة الكاملة التي تحتوي على حقائق الأشياء ، وذلك واضح في قوله تعالى (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ) النحل 89 ، وقوله تعالى (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ) الأنعام 38 ، وقوله تعالى (وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ) الأنعام 154.
ومن خلال هذه الشمولية تكون معرفة الأشياء على حقيقتها ، وربما إن القرآن متكون من آيات قرآنية مجتمعة على شكل سور ، فتنقسم هذه الحقائق على تلك الآيات وهذه النظرية ( نظرية الحقائق الآياتية في القرآن) قائمة على أن كلام الله عز وجل المكون لهذه الآيات القرآنية له حقائق في الخارج ، وهذه الحقائق تختلف من آية الى أخرى .
ولكن ما معنى كلام الله ؟ هل هو مثل كلامنا كما يقول البعض ؟ أم ان كلام الله نفسي كما قالت الأشاعرة ؟ وانه ( الكلام ) ذو معنى واحد بسيط ؟
الجواب : كلا ، لا هذا ولا ذاك لأن له موجودات ومدلولات في الخارج ، ولا بد من هذا الأمر لأن الموجود في الكتب لايعطي المعنى الشامل للوجود.
وهنالك آيات عديدة تؤكد بأن كلام الله وجودي:
قال تعالى (أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ) آل عمران 39.
وقال تعالى (يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) آل عمران 45.
وقال تعالى (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ) النساء 171.
ويتوافق ذلك مع قول الصادق (ع) : ( إن الله إذا تكلم أوجد ) وفي رواية أخرى : ( ان كلامه نور ) إذن فالوجود نوراني ، وقد جاء في بحار الأنوار ج10 ص324 عن الامام الرضا (ع) في كلام طويل : ( ... ثم ركب الحروف وأوجد بها الأشياء وجعلها فعلاً منه كما قال (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)) ، وقد ورد عن السكوني عن ابي عبد الله (ع) قال : قال رسول الله (ص) : ( إن على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نوراً فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه ) الكافي ج1 ص69.
ان الله اذا تكلم أوجد ، والله يتكلم في كل سنة في ليلة القدر ، فكل ليلة قدر ينزل كلام من الله عز وجل والقرآن يتجدد في كل ليلة قدر ، وكما اثبتنا ذلك في نظرية تجدد القرآن في العدد (30) من هذه الصفحة ، فقد أثبتنا حينها بأن القرآن ينزل في كل ليلة قدر على قلب المعصوم لكونه حادث متجدداً وله تأويلات ووجوه عديدة لا يعلمها الا الوصي ، واذا رُفعت ليلة القدر رُفع القرآن ، أي هناك حقائق ملكوتية للقرآن تبقى تجري متواصلة بين السماء والارض ، وهي جارية ومتواصلة ببقاء المعصوم ، وبموت المعصوم يُرفع القرآن ، حيث ورد في الحديث عن رسول الله (ص) انه قال : ( اذا مات المهدي رفع القرآن ) وقد ذكر أيضاً في علامات الساعة الكبرى فقال (ص) : ( لا تقوم الساعة حتى يرفع القرآن ) الدر المنثور ، فيكون رفع القرآن برفع ليلة القدر التي هي باقية ببقاء المعصوم ورفع الحقائق الملكوتية الجارية بين السماء والارض والتي هي كالجبل الممدود ، وهذا لا يتم الا بعد موت المعصوم ، لذلك أكد رسول الله (ص) في أحاديثه الشريفة على عدم افتراق الثقلين ( القرآن والمعصوم ) حتى يردا الحوض.
ولقد توصل العلم الحديث الى وجود كهرومغناطيسية بين السماء والارض ، وتحت طبقة الاوزون محفوظة كميات كبيرة منها ، والكون كله محاط بالكهرومغناطيسية وقد أثبتت أحدث الدراسات الى ان أقوال الانسان وأفعاله لها كم ، وان الكلام اذا خرج من الفم يبقى محفوظاً تحت طبقات الاوزون حتى ولو مرت عليه آلاف السنين ، وإذا ما إستطاع الانسان في يوم من الايام من إيجاد أجهزة متطورة تستطيع تحليل الشحنات الصوتية الموجودة في الجو الى كلام بصورته الاصلية حينما صدر من قائله ، فأنه بذلك يستطيع اكتشاف الكثير من الحقائق ومعرفة الامور الخافية علينا . كما ان الاصوات لا تنتقل الا عبر الكهرومغناطيسية واذا عرجنا على ( النظرية الوجودية ) متسائلين : هل الوجود يتكرر ؟
قد أجمع الفلاسفة على ان الوجود لا يتكرر ، وذلك لأن الوجود فيه زمان ومكان ، والامر الاهم هو الزمان ، فارتباط الزمان معه باعتبار ان الزمان لا يعاد ، فلا يمكن إعادة الزمان ، فلما ان الوجود ( آنات ) فياتي الآن ومعاه زمن ، فعندما تريد إعادة الآن فيجب عليك إعادة الزمن والزمن لا يعاد ، وبالتالي فالوجود لا يتكرر .
وبعد أن ثبت بأن كلام الله وجودي ، وان الوجود لا يتكرر اذن فآيات الله لا تتكرر ، فهناك حقائق للآيات فكل آية لها حقيقة ثابتة تختلف عن غيرها ولا يمكن تكراراها ، فقوله تعالى في سورة الرحمن (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) الاولى تختلف عن الثانية والثانية تختلف عن الثالثة وهكذا ، وليس كما يذكر المفسرون بأن قوله (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) هي متكررة وتعطي نفس المعنى والتفسير ، ولو أخذنا بكلامهم فذلك التكرار بعينه ، وهو يناقض الحكمة الالهية ، لأن الله سبحانه وتعالى في هذه الحالة كانه يُعيد ويكرر الامر ، وهو يتعارض أيضاً مع قول الامام الصادق (ع) : ( ان الله اذا تكلم أوجد ).
نحن نقول في هذه المسالة هنالك بُعد رابع كما أثبته انشتاين وهو ( الزمكاني ) ، فالزمان والمكان يتحكم فيها وفي حقائقها المستخلصة في الخارج ، فالزمن يِؤثر في الكلام لتغيره وتفاوته على الكلام ،
بالتالي فأن الزمان هو الذي يؤثر تاثيراً مباشراً في حقائق تلك الايات ، ولا يمكن الاستغناء عن الزمن ، لكونه موجود في الآيات وموجود في الكلام ، وهذا الامر يؤكد لنا صحة ما توصل اليه العالم من ان الكون كله محاط بالكهرومغناطيسية ، اذن فالحقائق التي فيه لا يمكن ان تتكرر ، والقرآن غير ممكن ان يتكرر ، فآياته غير متكررة وان كانت متشابهه في الظاهر وهي نفس اللفظ والمعنى ، لكن حقائقها في الخارج تختلف من آية الى اخرى .
لو عدنا الى تاريخ علم النحو لوجدنا ان اول من اكتشف هذا العلم هو الإمام علي (ع) وهو صاحب علم الكتاب ، والنحو يعني القصد ، فأن أمير المؤمنين (ع) عندما أعطى كتابه لأبي الأسود الدؤلي فقال له : ( خذ هذا الكتاب وانحو ) أي اقصد ، وقد ورد عن محمد بن سلام الجمحي : ( إن أبا الأسود الدؤلي دخل على أمير المؤمنين (ع) فرمى إليه رقعة فيها بسم الله الرحمن الرحيم الكلام ثلاثة أشياء اسم وفعل وحرف جاء لمعنى ، فالاسم ما أنبا عن المسمى ، والفعل ما انبأ عن حركة المسمى والحرف ما أوجد معنى في غيره ... ) الفصول المختارة ص91.
أي ان ما في الكون اما اسم او فعل او حرف ، وذلك حتى تركيبته الكيميائية والفيزيائية ، ولو أردنا تفصيل افعال البشر وأسماء الموجودات وادوات الربط ( الحروف ) فلا يوجد غيرهن ابداً في كل الكون ، فهذه المعادلة الكونية تمثل جميع الموجودات في هذا الكون الفسيح . وأما الحركات ( حركات الحروف ) فان فيها نغمة وجودية . قال تعالى (اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا) الرعد 2 . والامام الصادق (ع) يقول لربما عمد ولكن لا ترونها ، وقوله تعالى (وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ) الحج 65 . لماذا ان الله تعالى امسك السماء ان تقع على الارض ؟ لأن كل شيء يُرفع يقع حسب قانون الجاذبية ، فيحتاج يرفعه اي يضمه فجعل علامة الضم للرفع ، وهذه نظرية فيزيائية نعيشها في الوجود ، وكل شيء ينصب يفتح عادة ، فعندما نقول : فلان ينصب الخريطة اي يفتحها وفلان ينصب الخيمة اي يفتحها ايضاً ، وبذلك فكل النصب يعني الفتح ، وبذلك تتبين العلاقة بين النصب والفتح ، وكل شيء يُجر يُكسر ، وبالامكان ملاحظة ذلك في تكسر ذرات المواد او تكسر الكريات وغير ذلك عند جرها ، وكل شيء يقف فهو ساكن ، وكل شيء يجزم فهو واقف فالجزم علامة الوقوف . ان هذا الارتباط العجيب بين هذه الحركات وتلك النغمات الوجودية في الخارج لم يأتي من فراغ بل هو دليل على الوجود الخارجي لتلك الحركات ، وهذا يؤكد قولنا بأن لكلام الله تعالى حقائق ومدلولات خارجية ثابتة تختلف الواحدة عن الاخرى ، وبالتالي فعندما يقول (حبل ممدود من السماء الى الارض ) هي ليست هذه السماء بل المقصود منها كل السماء ، وهذا الحبل هو من الله الى المعصوم ، وهذا المدد سوف ينزل من السماء الى الارض فيغيرهم ثم يصعد لينزل في ليلة القدر من العام التالي وهكذا ، ويتبين من ذلك ان الذي ينزل في ليلة القدر من افعال البشر واقوالهم هو من القرآن لأنه تقدست آلائه يقول (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ) الانعام 38 ، وقوله (وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ) الانعام 154 ، وقوله (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ) النحل 89 ، فان هذه الافعال والاقوال هي من صنع الله وايجاده وبالتالي فهي مذكورة في كتابه جل وعلا ، وذلك ليس بمعنى الجبر ولكن بمعنى التقدير الذي قدره الله عز وجل . قال تعالى (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً)الطلاق3. وقد ورد عن الامام الرضا (ع) قوله : ( ... ان افعال العباد مخلوقة لله خلق تقدير لا خلق تكوين ( والله خالق كل شيء ) ولا نقول بالجبر والتفويض الخبر ) بحار الانوار ج5 ص30.
يتبع00000000
ومن خلال هذه الشمولية تكون معرفة الأشياء على حقيقتها ، وربما إن القرآن متكون من آيات قرآنية مجتمعة على شكل سور ، فتنقسم هذه الحقائق على تلك الآيات وهذه النظرية ( نظرية الحقائق الآياتية في القرآن) قائمة على أن كلام الله عز وجل المكون لهذه الآيات القرآنية له حقائق في الخارج ، وهذه الحقائق تختلف من آية الى أخرى .
ولكن ما معنى كلام الله ؟ هل هو مثل كلامنا كما يقول البعض ؟ أم ان كلام الله نفسي كما قالت الأشاعرة ؟ وانه ( الكلام ) ذو معنى واحد بسيط ؟
الجواب : كلا ، لا هذا ولا ذاك لأن له موجودات ومدلولات في الخارج ، ولا بد من هذا الأمر لأن الموجود في الكتب لايعطي المعنى الشامل للوجود.
وهنالك آيات عديدة تؤكد بأن كلام الله وجودي:
قال تعالى (أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ) آل عمران 39.
وقال تعالى (يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) آل عمران 45.
وقال تعالى (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ) النساء 171.
ويتوافق ذلك مع قول الصادق (ع) : ( إن الله إذا تكلم أوجد ) وفي رواية أخرى : ( ان كلامه نور ) إذن فالوجود نوراني ، وقد جاء في بحار الأنوار ج10 ص324 عن الامام الرضا (ع) في كلام طويل : ( ... ثم ركب الحروف وأوجد بها الأشياء وجعلها فعلاً منه كما قال (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)) ، وقد ورد عن السكوني عن ابي عبد الله (ع) قال : قال رسول الله (ص) : ( إن على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نوراً فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه ) الكافي ج1 ص69.
ان الله اذا تكلم أوجد ، والله يتكلم في كل سنة في ليلة القدر ، فكل ليلة قدر ينزل كلام من الله عز وجل والقرآن يتجدد في كل ليلة قدر ، وكما اثبتنا ذلك في نظرية تجدد القرآن في العدد (30) من هذه الصفحة ، فقد أثبتنا حينها بأن القرآن ينزل في كل ليلة قدر على قلب المعصوم لكونه حادث متجدداً وله تأويلات ووجوه عديدة لا يعلمها الا الوصي ، واذا رُفعت ليلة القدر رُفع القرآن ، أي هناك حقائق ملكوتية للقرآن تبقى تجري متواصلة بين السماء والارض ، وهي جارية ومتواصلة ببقاء المعصوم ، وبموت المعصوم يُرفع القرآن ، حيث ورد في الحديث عن رسول الله (ص) انه قال : ( اذا مات المهدي رفع القرآن ) وقد ذكر أيضاً في علامات الساعة الكبرى فقال (ص) : ( لا تقوم الساعة حتى يرفع القرآن ) الدر المنثور ، فيكون رفع القرآن برفع ليلة القدر التي هي باقية ببقاء المعصوم ورفع الحقائق الملكوتية الجارية بين السماء والارض والتي هي كالجبل الممدود ، وهذا لا يتم الا بعد موت المعصوم ، لذلك أكد رسول الله (ص) في أحاديثه الشريفة على عدم افتراق الثقلين ( القرآن والمعصوم ) حتى يردا الحوض.
ولقد توصل العلم الحديث الى وجود كهرومغناطيسية بين السماء والارض ، وتحت طبقة الاوزون محفوظة كميات كبيرة منها ، والكون كله محاط بالكهرومغناطيسية وقد أثبتت أحدث الدراسات الى ان أقوال الانسان وأفعاله لها كم ، وان الكلام اذا خرج من الفم يبقى محفوظاً تحت طبقات الاوزون حتى ولو مرت عليه آلاف السنين ، وإذا ما إستطاع الانسان في يوم من الايام من إيجاد أجهزة متطورة تستطيع تحليل الشحنات الصوتية الموجودة في الجو الى كلام بصورته الاصلية حينما صدر من قائله ، فأنه بذلك يستطيع اكتشاف الكثير من الحقائق ومعرفة الامور الخافية علينا . كما ان الاصوات لا تنتقل الا عبر الكهرومغناطيسية واذا عرجنا على ( النظرية الوجودية ) متسائلين : هل الوجود يتكرر ؟
قد أجمع الفلاسفة على ان الوجود لا يتكرر ، وذلك لأن الوجود فيه زمان ومكان ، والامر الاهم هو الزمان ، فارتباط الزمان معه باعتبار ان الزمان لا يعاد ، فلا يمكن إعادة الزمان ، فلما ان الوجود ( آنات ) فياتي الآن ومعاه زمن ، فعندما تريد إعادة الآن فيجب عليك إعادة الزمن والزمن لا يعاد ، وبالتالي فالوجود لا يتكرر .
وبعد أن ثبت بأن كلام الله وجودي ، وان الوجود لا يتكرر اذن فآيات الله لا تتكرر ، فهناك حقائق للآيات فكل آية لها حقيقة ثابتة تختلف عن غيرها ولا يمكن تكراراها ، فقوله تعالى في سورة الرحمن (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) الاولى تختلف عن الثانية والثانية تختلف عن الثالثة وهكذا ، وليس كما يذكر المفسرون بأن قوله (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) هي متكررة وتعطي نفس المعنى والتفسير ، ولو أخذنا بكلامهم فذلك التكرار بعينه ، وهو يناقض الحكمة الالهية ، لأن الله سبحانه وتعالى في هذه الحالة كانه يُعيد ويكرر الامر ، وهو يتعارض أيضاً مع قول الامام الصادق (ع) : ( ان الله اذا تكلم أوجد ).
نحن نقول في هذه المسالة هنالك بُعد رابع كما أثبته انشتاين وهو ( الزمكاني ) ، فالزمان والمكان يتحكم فيها وفي حقائقها المستخلصة في الخارج ، فالزمن يِؤثر في الكلام لتغيره وتفاوته على الكلام ،
بالتالي فأن الزمان هو الذي يؤثر تاثيراً مباشراً في حقائق تلك الايات ، ولا يمكن الاستغناء عن الزمن ، لكونه موجود في الآيات وموجود في الكلام ، وهذا الامر يؤكد لنا صحة ما توصل اليه العالم من ان الكون كله محاط بالكهرومغناطيسية ، اذن فالحقائق التي فيه لا يمكن ان تتكرر ، والقرآن غير ممكن ان يتكرر ، فآياته غير متكررة وان كانت متشابهه في الظاهر وهي نفس اللفظ والمعنى ، لكن حقائقها في الخارج تختلف من آية الى اخرى .
لو عدنا الى تاريخ علم النحو لوجدنا ان اول من اكتشف هذا العلم هو الإمام علي (ع) وهو صاحب علم الكتاب ، والنحو يعني القصد ، فأن أمير المؤمنين (ع) عندما أعطى كتابه لأبي الأسود الدؤلي فقال له : ( خذ هذا الكتاب وانحو ) أي اقصد ، وقد ورد عن محمد بن سلام الجمحي : ( إن أبا الأسود الدؤلي دخل على أمير المؤمنين (ع) فرمى إليه رقعة فيها بسم الله الرحمن الرحيم الكلام ثلاثة أشياء اسم وفعل وحرف جاء لمعنى ، فالاسم ما أنبا عن المسمى ، والفعل ما انبأ عن حركة المسمى والحرف ما أوجد معنى في غيره ... ) الفصول المختارة ص91.
أي ان ما في الكون اما اسم او فعل او حرف ، وذلك حتى تركيبته الكيميائية والفيزيائية ، ولو أردنا تفصيل افعال البشر وأسماء الموجودات وادوات الربط ( الحروف ) فلا يوجد غيرهن ابداً في كل الكون ، فهذه المعادلة الكونية تمثل جميع الموجودات في هذا الكون الفسيح . وأما الحركات ( حركات الحروف ) فان فيها نغمة وجودية . قال تعالى (اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا) الرعد 2 . والامام الصادق (ع) يقول لربما عمد ولكن لا ترونها ، وقوله تعالى (وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ) الحج 65 . لماذا ان الله تعالى امسك السماء ان تقع على الارض ؟ لأن كل شيء يُرفع يقع حسب قانون الجاذبية ، فيحتاج يرفعه اي يضمه فجعل علامة الضم للرفع ، وهذه نظرية فيزيائية نعيشها في الوجود ، وكل شيء ينصب يفتح عادة ، فعندما نقول : فلان ينصب الخريطة اي يفتحها وفلان ينصب الخيمة اي يفتحها ايضاً ، وبذلك فكل النصب يعني الفتح ، وبذلك تتبين العلاقة بين النصب والفتح ، وكل شيء يُجر يُكسر ، وبالامكان ملاحظة ذلك في تكسر ذرات المواد او تكسر الكريات وغير ذلك عند جرها ، وكل شيء يقف فهو ساكن ، وكل شيء يجزم فهو واقف فالجزم علامة الوقوف . ان هذا الارتباط العجيب بين هذه الحركات وتلك النغمات الوجودية في الخارج لم يأتي من فراغ بل هو دليل على الوجود الخارجي لتلك الحركات ، وهذا يؤكد قولنا بأن لكلام الله تعالى حقائق ومدلولات خارجية ثابتة تختلف الواحدة عن الاخرى ، وبالتالي فعندما يقول (حبل ممدود من السماء الى الارض ) هي ليست هذه السماء بل المقصود منها كل السماء ، وهذا الحبل هو من الله الى المعصوم ، وهذا المدد سوف ينزل من السماء الى الارض فيغيرهم ثم يصعد لينزل في ليلة القدر من العام التالي وهكذا ، ويتبين من ذلك ان الذي ينزل في ليلة القدر من افعال البشر واقوالهم هو من القرآن لأنه تقدست آلائه يقول (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ) الانعام 38 ، وقوله (وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ) الانعام 154 ، وقوله (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ) النحل 89 ، فان هذه الافعال والاقوال هي من صنع الله وايجاده وبالتالي فهي مذكورة في كتابه جل وعلا ، وذلك ليس بمعنى الجبر ولكن بمعنى التقدير الذي قدره الله عز وجل . قال تعالى (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً)الطلاق3. وقد ورد عن الامام الرضا (ع) قوله : ( ... ان افعال العباد مخلوقة لله خلق تقدير لا خلق تكوين ( والله خالق كل شيء ) ولا نقول بالجبر والتفويض الخبر ) بحار الانوار ج5 ص30.
يتبع00000000
تعليق