إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

نظرية تجدد القرأن ( الموسوعة القرآنية للسيد القحطاني) الجزء الأول

تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نظرية تجدد القرأن ( الموسوعة القرآنية للسيد القحطاني) الجزء الأول

    [SIZE="5"][COLOR="DarkGreen"]نظـرية تجدد القـرآن
    نقلا عن (الموسوعة القرآنية للسيد أبي عبد الله الحسين القحطاني)
    المدخل : الْقُرْآنُ {تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ}
    إن أبلغ ما يقال إن الله تجلى لخلقه في كلامه ولكن لايبصرون عوالي اللآلئ ج4 ص116.
    وقد صرح القرآن بأنه {تبيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ} وإنه {آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} وعليه فإن هذا الكتاب يكون حاوياً ومبيناً لكل شيء .
    وهذا الكلام صحيح ولا يحتاج إلى استدلال ومزيد بيان في زمن نزول النص حيث كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) بين أظهر المسلمين ولكن بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى هل توقف عمل ووظيفة القرآن بانقطاع الوحي وظهور مستجدات أو كما يسميها الفقهاء ( المستحدثات ) ، قد يبدو أن لا ذكر لها في القرآن ؟
    وإذا كان الأمر كذلك فماذا نقول للقرآن ولأنفسنا ولمن لم يدخل الإسلام بعد ولا يؤمن برسالة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ؟ وهو يرد علينا ان قرآنكم {تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ} فأين تبيان كل ما حولنا من أشياء قديمها وحديثها أين تبيانها في القرآن ؟

    القرآن {فِيهِ ذِكْرُكُمْ} :
    إننا حينما نقرأ القرآن يتجلى أمامنا قوله تعالى {لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} الأنبياء10.
    فأين هو ذكرنا ؟ وكيف نعرف ان هذه الآية تخصنا وتعنينا ؟ وهل إن ذلك موكول إلينا ونحن الذين نحدد شمولنا بالآية الكذائية وعدم شمولنا بالآية الأخرى ؟
    وإذا كنا لا نملك القدرة على تحديد ذلك بالدقة فمن هو الذي يحدد لنا ذلك ؟ وإذا اختلفنا في فهم القرآن ويقيناً أننا سنختلف فمن ذا يفصل بيننا فيما نحن فيه مختلفون ؟

    {أُوْلِي الأَمْرِ} في القرآن :
    لقد دلنا الله تعالى إلى الوسيلة الناجحة والطريق الواضح في رفع الالتباس وحسم الخلاف تتمثل في الرد إلى الرسول والى أولي الأمر بعده .
    قال تعالى {وَلَوْ رَدُّوهُ إلى الرَّسُولِ وَالى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} النساء 83.
    وقال تعالى {أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} .
    وعن الباقر (عليه السلام) : ( هم الأئمة المعصومون (عليهم السلام) ، وفي العياشي عن الرضا (عليه السلام) يعني آل محمد (صلوات الله وسلامه عليهم ) وهم الذين يستنبطون من القرآن ويعرفون الحلال والحرام وهم حجة الله على خلقه) تفسير الصافي ج1 ص474.
    ولما كان الأئمة (عليهم السلام) موجودون في كل زمان وان لا بد لله من حجة على خلقه في كل زمان فهم يبينون حقائق القرآن للأمة ، ولكن كيف يكون ذلك وهل له وقت محدد ؟
    الجواب في قوله تعالى {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} القدر 1- 5.
    قد يظن الكثيرون إن أهمية ليلة القدر تنحصر في نزول القرآن على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وهي خاصة به وإن الأمر قد انقضى بعد نزول القرآن كاملاً ووفاته (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) .
    لذلك فإن الكثير من الناس يقومون بإحياء هذه الليلة تبركاً بها دون معرفة المعنى الحقيقي لها .
    لكن الواقع إن معرفة ليلة القدر {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ} هو أكثر شمولية من ذلك وقد أكد الأئمة المعصومون (عليهم السلام) على معرفة هذه الليلة وتفسيرها وجعلوا ذلك معياراً للإيمان ، فقد ورد عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال : ( ... فضل إيمان المؤمن بجملة إنا أنزلناه وبتفسيرها على من ليس له مثله في الإيمان بها كفضل الإنسان على البهائم ..) الكافي ج1 ص250
    وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال مهم ، وهو : ما هو الإيمان بليلة القدر الذي به يمتاز المؤمن من غيره كالإنسان على البهائم ؟ وما هو تفسيرها وحقيقتها ، غير ما هو معروف بين المسلمين في كل بقاع الأرض ، إنها الليلة التي انزل فيها القرآن {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} .
    وقال تعالى {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ مُّبَارَكَةٍ} .
    فهذا لا يختلف عليه اثنان من المسلمين ، فيقيناً ليس هذا هو المراد وإلا لما اعتبر معياراً مائزاً للمؤمن عن غيره كالإنسان على البهائم ؟ وما علاقتها بالقرآن ؟ وهل ارتباطها المباشر مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) محصور أم ان هذا الارتباط متواصل مع الأئمة (عليهم السلام) من بعده ؟
    إن الإجابة على كل هذه الأسئلة هو ما سوف يشرح لنا ما أسميناه ( نظرية تجدد القرآن ).
    إن ليلة القدر متواصلة في كل سنة وسميت بالقدر من التقدير ، قال في كتاب العين : ( قدر الله الرزق قدراً يقدره أي يجعله بقدر ) كتاب العين مجلد 5 ص113.
    وقال تعالى {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} فيقدر الله تعالى في هذه الليلة كل شيء لتلك السنة ويكون ذلك الأمر المقضي في ليلة القدر من الأمر المحتوم الذي لا تتصرف به إلا مشيئة الله تعالى ، فقد ورد عن محمد بن مسلم عن حمران إنه سأل أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عزل وجل {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} قال :
    ( نعم هي ليلة القدر هي في كل سنة في شهر رمضان في العشر الأواخر فلم ينزل القرآن إلا في ليلة القدر ، قال الله عز وجل {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} قال يقدر في ليلة القدر كل شيء يكون في تلك السنة إلى مثلها من قابل من خيراً أو شراً وطاعة أو معصية أو مولودة أو أجل أو رزق فما قدر في تلك السنة وقضي فهو من المحتوم ولله فيه المشيئة ) ثواب الأعمال ص 124.
    إن محل نزول القرآن هو القلب ، فالقرآن ينزل على قلب الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) قال تعالى {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ} الشعراء 192- 194.
    وقال {فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ} البقرة 97
    وورد أيضاً عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) قوله : ( تنام عيني ولا ينام قلبي ) جامع المقاصد ج12 ص66
    وذلك كونه هذا القلب طاهر لا يغفل عن ذكر الله مطلقاً ولذا ورد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قوله : ( إن القلب الذي يعاين ما ينزل في ليلة القدر لعظيم شأنه ) بصائر الدرجات ص223.
    وأما بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) فإن القرآن ينزل على قلوب أوصياءه من بعده ، ولا نعني بذلك إن القرآن لم يكتمل نزوله ، حيث تم نزوله على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ولكن نعني به نزول حقائقه الملكوتية اللامتناهية والمتجددة في كل عام .
    حيث دلت الروايات والأحاديث الشريفة المتكاثرة على ذلك ، ومنها ما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) قوله لأصحابه : ( آمنوا بليلة القدر أنها تكون لعلي بن أبي طالب ولوده الأحد عشر من بعدي ) الكافي ج1 ص533.
    وعن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) إن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال لابن عباس : ( ليلة القدر في كل سنة وأنه ينزل في تلك الليلة أمر السنة وان لذلك الأمر ولاة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) فقال أبن عباس : من هم ؟ فقال : أنا وأحد عشر من صلبي أئمة محدثون) الكافي ج1 ص532.
    يتبع
    التعديل الأخير تم بواسطة فرقد; الساعة 07-08-09, 08:16 PM.

  • #2
    نظرية تجدد القرآن

    تكملة الحلقة الأولى
    ومن ذلك نفهم شيئاً مهماً من معاني الإيمان بليلة القدر وهو أنها مختصة بإمام الزمان وإنها مفتاح من مفاتيح الوصول إلى اليقين بأحقية الأئمة الإثنا عشر (عليهم السلام) بخلافة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) دون غيرهم لعدم قدرة غيرهم على ادعاء هذا المقام العظيم .
    روي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : يا معشر الشيعة خاصموا بسورة إنا أنزلناه تفلحوا ، فو الله إنها لحجة الله تبارك وتعالى على الخلق بعد رسول وإنها لسيدة دينكم وإنها لغاية علمنا ، يا معشر الشيعة خاصموا بحم والْكِتَابِ الْمُبِينِ ، إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ مُّبَارَكَةٍ ، إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ ، فإنها لولاة الأمر خاصة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) . يا معشر الشيعة يقول الله تبارك وتعالى : {وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ}) الكافي ج1 ص249
    وكذلك نفهم قوله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) : ( إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ) .
    فما لم يكن هنالك ارتباط متواصل بين الحقائق القرآنية المتجددة وبين قلب طاهر كقلب رسول الله (صلى الله عليه آله وسلم تسليما) لا معنى لكونهما لا يفترقا أبداً حتى يردا على رسول الله الحوض .
    إذن فالقرآن ينزل في كل ليلة قدر على قلب الإمام المعصوم (عليه السلام) لأن القرآن حادث متجدد وله تأويلات ووجوه عديدة لا يعلمها إلا الوصي .
    فقد قال أبو عبد الله (عليه السلام) عن القرآن : ( منه ما مضى ومنه ما لم يكن يجري كما يجري الشمس والقمر ) بحار الأنوار ج89 ص97.
    وورد عن أبي جعفر (عليه السلام) : ( ... إن القرآن حي لا يموت والآية حية لا تموت ، فلو كانت الآية في الأقوام ماتوا ماتت الآية ولمات القرآن ، ولكن هي جارية في الباقين كما جرت في الماضين) مستدرك سفينة البحار ص448.
    وقال عبد الرحيم : قال أبو عبد الله (عليه السلام) : (إن القرآن حي لم يمت ,انه يجري كما يجري الليل والنهار ، وكما يجري الشمس والقمر ويجري على أخرنا كما يجري على أولنا ) بحار الأنوار ج35 ص403 ، تفسير العياشي.
    إذن فالقرآن يتجدد تأويله في كل سنة وينزل على قلب المعصوم الذي هو إمام الزمان (عليه السلام) في ليلة القدر من كل عام وهو أمر الله الذي تأتي به الملائكة إلى الأئمة المعصومون (عليهم السلام) الذين هم أولي الأمر كما وصفهم القرآن والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) لا كما ذهب إليه البعض من إن ولي الأمر هو من استولى على الحكم ولو بالقوة وإراقة الدماء أو بالحيلة والمكر والتزوير وكأنهم فهموا الآية ـ آية أولي الأمر ـ إنها تعني كل من يصدّر الأمر والحقيقة إن أولي الأمر هم من يتلقون الأمر من السماء .
    ومن عسى أن يكون هؤلاء إلا أئمة الهدى ومصابيح الدجى وحجج الله في أرضه على عباده ، إذن فلكل زمان تأويل للقرآن يتغير بتغير الزمان كما ورد ان للقرآن سبعين بطناً .
    روى إسحاق بن عمار قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : (إن للقرآن تأويلاً فمنه ما جاء ، ومنه ما لم يجيء فإذا وقع التأويل في زمان إمام من الأئمة عرفه إمام ذلك الزمان) وسائل الشيعة ج27 ص196.
    إن الإيمان بتجدد القرآن ونزول حقائقه على قلب إمام الزمان هو الذي يقي من الشطط في القول ويعصم من الانزلاق في الفتن الخاصة التي أعقبت وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) والتي أكد عليها الإمام السجاد عند ذكره ليلة القدر .
    فقد ورد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ( كان علي بن الحسين (صلوات الله عليه) يقول : إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، صدق الله عز وجل أنزل القرآن في ليلة القدر ـ الى أن قال ـ ثم قال في بعض كتابه {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ}) تفسير نور الثقلين ج5 ص620.
    يقول في الآية الأولى إن محمداً حين يموت يقول أهل الخلاف لأمر الله عز وجل مضت ليلة القدر مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) فهذه فتنة أصابتهم خاصة وبها ارتدوا على أعقابهم لأنهم إن قالوا لم تذهب فلا بد أن يكون لله عز وجل فيها أمر وإذا أقروا بالأمر لم يكن له من صاحب بد ) الكافي ج1 ص248 -249.
    يتبين من هذه الرواية الشريفة إن المخالفين لأمر الله تعالى يقولون بعد موت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) مضت ليلة القدر مع محمد ، فهذه فتنة أصابتهم خاصة ، وبها ارتدوا على أعقابهم لأنهم إن قالوا إن ليلة القدر باقية ولم تذهب ، فيجب أن يكون فيها لله عز وجل أمر ، فإن أقروا بالأمر فلا بد أن يكون لهذا الأمر صاحب .
    وقد ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) صاحب هذا الأمر الذي يأتي بعده كثيراً وأشار إليه أمام الناس عدة مرات ليكون ذلك حجة عليهم .
    وقد قال أبو عبد الله (عليه السلام) : كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) كثيراً ما يقول :
    ( التقينا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) والتيمي وصاحبه وهو يقول : إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، ويتخشع ويبكي فيقولان ما أشد رقتك بهذه السورة .
    فيقول لهما : إنما رققت لما رأت عينان ووعاه قلبي ولما رأى قلب هذا من بعدي يعني علياً (عليه السلام) .
    فيقولان : أرأيت وما الذي يرى ؟ فيتلو هذا الحرف {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} .
    قال ثم يقول : هل بقي شيء بعد قوله تبارك وتعالى {مِّن كُلِّ أَمْرٍ} فيقولان :لا ، فيقول : هل تعلمانه من المنزل إليه بذلك؟
    فيقولان : لا والله يا رسول الله ، فيقول : نعم فهل تكون ليلة القدر من بعدي ؟
    فيقولان : نعم ، قال فهل تنزل الأمر فيها ؟ فيقولان : نعم ، فيقول : إلى من ؟ فيقولان : لا ندري ، فيأخذ براسي ، فيقول : إن لم تدريا هو هذا من بعدي ، قال : فإن كانا يفرقان تلك الليلة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ممن شدة ما يدخلهما من الرعب ) بحار الأنوار ج94 ص21 ، بصائر الدرجات ص224.
    ولقد كان أصحاب الأئمة يسألونهم عن صاحب الأمر الذي تنزل إليه الملائكة في ليلة القدر فينكرون عليهم هذا التساؤل ، من حيث لا يليق بأصحابهم أن يصدر منهم هذا التساؤل .
    ورد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن ليلة القدر يكتب ما يكون فيها في السنة إلى مثلها من خير أو شر أو موت أو حياة أو مطر ويكتب فيها وفد الحاج ثم يقضي ذلك إلى أهل الأرض ، فقلت : إلى مَن مِن أهل الأرض ؟
    فقال إلى من ترى ، وفي رواية ـ إلى صاحبكم ، وفي رواية ـ إلى من تر يا عاجز ، وفي رواية ـ إلى من ترى يا أحمق- بصائر الدرجات ص230.
    [/color][/size]
    التعديل الأخير تم بواسطة فرقد; الساعة 07-08-09, 01:49 PM.

    تعليق


    • #3
      نظرية تجدد القرآن

      منقول من (الموسوعة القرآنية للسيد القحطاني )
      الحلقة الثانية
      تنبيه

      قد يقول قائل مستشكلاً : هل إن هذا الأمر الذي تأتي به الملائكة إلى الإمام المعصوم هو أمر لم يكن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) قد علمه ؟ أم إن هذا الأمر قد علمه رسول الله ؟
      وفي جواب ذلك نقول : إن القول بعدم علم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) بذلك لا يصح مطلقاً لما ورد من الروايات الدالة على إنه قد عَلِم عِلم ما كان وما سوف يكون.
      ومنها ما روي عن أبي جعفر (عليه السلام) في جوابه لرجل سأله عن ليلة القدر :
      ( إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) لما اسري به لم يهبط حتى اعلمه الله جل ذكره علم ما قد كان وما سيكون ، وكان كثير من علمه ذلك جملاً يأتي تفسيرها في ليلة القدر ، وكذلك كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) قد علم جمل العلم ويأتي تفسيره في ليالي القدر ، كما كان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) .
      قال السائل : أو ما كان في الجمل تفسير ، قال : بلى ولكنه إنما يأتي بالأمر من الله تعالى في ليالي القدر إلى النبي وإلى الأوصياء افعل كذا وكذا لأمر قد كانوا علموه أمروا كيف يعملون فيه الكافي ج1 ص251 ، بحار الأنوار ج17 ص12.
      إذن فلو سأل السائل : ألم يعلم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) علياً (عليه السلام) كل ما لديه من العلم حتى جعله باباً لمدينة علمه الزاخر ؟؟ وعلم علي (عليه السلام) قد توارثه أبناءه المعصومون من بعده ؟
      فيجاب عليه : إن الله تبارك وتعالى أعلم رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) علم الأولين والآخرين وما كان وما سيكون ، وكان كثير من ذلك العلم جملاً يأتي تفسيره في ليلة القدر كما عرفناه من الرواية التي ذكرناها آنفاً ، وكذلك الأمر مع علي (عليه السلام) والأئمة من بعده .
      بل إن السائل في الرواية استزاد الإمام أبي جعفر (عليه السلام) قائلاً : ( قلت فسر لي هذا ؟ قال : لم يمت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) إلا حافظاً لجملة العلم وتفسيره ، قلت : فالذي كان يأتيه في ليالي القدر علم ما هو ؟ قال : الأمر واليسر فيما كان قد علم ...) - نفس المصدر السابق .
      فلا يمكن إذن أن يكون شيء عند احد من الأئمة (عليهم السلام) ولا يكون موجوداً عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وعلي (عليه السلام) .
      عن بريد بن معاوية قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : {قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} قال : إيانا عنى وعلي أولنا وأفضلنا وخيرنا بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) الكافي ج1 ص229.
      وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ( ليس يخرج شيء من عند الله عز وجل حتى يبدأ برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ثم بأمير المؤمنين (عليه السلام) ثم بواحد بعد واحد لكيلا يكون أخرنا أعلم من أولنا ) الكافي ج1 ص255.
      وعنهم (عليهم السلام) قالوا : ( أولنا وأخرنا في العلم سواء ولرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وأمير المؤمنين (عليه السلام) فضلهما ) الكافي ج7 ص85.
      أما ما يختص بكل إمام عن غيره فهو ما يتضمنه الحكم في البداء في علمهم أو عدمه حيث ورد في تفسيره قوله تعالى {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ} عنهم (عليه السلام) :
      ( وهي ليلة القدر أنزل الله القرآن فيها إلى البيت المعمور جملة واحدة ثم نزل من البيت المعمور على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) في طول ثلاث وعشرين سنة : هامش ((- إن بين الثلاثة وعشرين سنة التي نزل فيها القرآن مفصلاً على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وبين الثلاث والعشرين من رمضان ليلة القدر التي ينزل فيها تفصيل كل شيء من كل عام على الإمام المعصوم علاقة واضحة لمن ألقى السمع وهو شهيد)) (فيها يفرق) في ليلة القدر (كل أمر حكيم) أي يقدر الله كل أمر من الحق والباطل ، وما يكون في تلك السنة وله فيه البداء والمشيئة ، يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء من الآجال والأرزاق والبلايا والاعراض والأمراض ويزيد فيها ما يشاء وينقص ما يشاء ويلقيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ويلقيه أمير المؤمنين إلى الأئمة (عليهم السلام) حتى ينتهي ذلك إلى صاحب الزمان (عليه السلام) ويشترط له ما فيه البداء والمشيئة والتقديم والتأخير ...) تفسير القمي ج2 ص290.
      إذن فليلة القدر هي المنهل الرئيسي الذي ينتهل منه المعصوم وهي الليلة التي يتجدد فيها القرآن الذي وصفه الإمام الصادق (عليه السلام) بالحديث الذي ذكرناه بأنه : ( يجري كما يجري الشمس والقمر ) والقرآن هو تبيان لكل شيء وبذلك تتوضح العلاقة بين كتاب الله والعترة الطاهرة .
      تلك العلاقة الوطيدة التي أكدها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) في جملة من أحاديثه الشريفة ومن بعده الأئمة المعصومون (عليهم السلام) ولذلك كله قال أبو جعفر (عليه السلام) :
      ( يا معشر الشيعة خاصموا بسورة إنا أنزلناه تفلحوا فوالله إنها لحجة الله تبارك وتعالى على الخلق بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وإنها لسيدة دينكم وإنها لغاية علمنا ...) الكافي ج1 ص249.
      وبذلك كله يتضح الإيمان الحقيقي بهذه الليلة المباركة ، ذلك الإيمان يبين أسرار عديدة تحيط بنا ومتغيرات كثيرة لا تحكمها إلا ثوابت خاصة ، وبمعرفة كل ذلك يتوضح لنا جزء يسير من المنزلة الرفيعة والرتبة العالية التي توصل إليها محمد وأهل بيته المعصومون (صلوات الله وسلامه عليهم) الذين جعلهم الله تبارك وتعالى ترجماناً لوحيه وخزاناً لعلمه .
      إن العلم الذي ينزله الله عز وجل على قلب المعصوم في ليلة القدر هو اصل العلم وجميع العلم فيكون قلبه كالكتاب الذي يتضمنه من خلال بعده ، فإنه عندما يريد علم شيء ينظر ببصره وقلبه فهو كأنما ينظر في كتاب فيكون لسانه مترجماً لذلك ، هذا إضافة إلى القذف المتواصل من الله تعالى إلى قلب المعصوم ليزيده علماً بعد علمه ، وذلك واضح في كلام الإمام الصادق (عليه السلام) فقد روي عنه انه قال : ( إن القلب الذي يعاين ما ينزل في ليلة القدر لعظيم الشأن ، قلت : وكيف ذلك يا أبا عبد الله ، قال : لينشق والله بطن ذلك الرجل ثم يؤخذ إلى قلبه ويكتب عليه بمداد النور ، فذاك جميع العلم ، ثم يكون القلب مصحفاً لبصر ويكون اللسان مترجماً للأذن إذا أراد ذلك الرجل علم شيء نظر ببصره وقلبه ، فكأنه ينظر في كتاب ، قلت : بعد ذلك وكيف العلم في غيرها أيشق القلب فيه أم لا . قال : لا يشق لكن الله يلهم ذلك الرجل بالقذف في القلب حتى يخيل إلى الأذن انه تكلم بما شاء الله علمه والله واسع عليم ) بصائر الدرجات ص223 ، بحار الأنوار ج94 ص21.

      تعليق


      • #4
        نظرية تجدد القرآن

        الحلقة الثالثة
        منقول من (الموسوعة القرآنية للسيد القحطاني)
        نظـرية الحقـائق الآياتيــة

        من ملازمات القول بتجدد القرآن هو القول بنظرية الحقائق الآياتية ، فما هي نظرية الحقائق الآياتية ؟
        إن معرفة الشيء تكمن في معرفة حقيقته ، ولا يمكن معرفة هذه الحقيقة من خلال المعنى الظاهري أو الوصف الخارجي لذلك الشيء دون عملية الربط بين مكونات هذا الشيء وبين الموجودات .
        ولا تتحقق هذه المعرفة قبل الوصول إلى أعماق هذا الشيء ، ومدى الارتباط الحاصل بين حقيقته وبين حقائق الأشياء الأخرى ، وليس باستطاعة الجميع اكتشاف هذه الحقيقة أو القدرة على سلوك طريق سر معرفتها ، بل إن الأمر يدخل في باب الخصوص وليس العموم .
        ثم بعد ذلك نقول : إن كتاب الله عز وجل هو الحقيقة الكاملة التي تحتوي على حقائق الأشياء ، وذلك واضح في قوله تعالى {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ}
        وقوله {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ}
        وقوله تعالى {وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ}
        ومن خلال هذه الشمولية تكون معرفة الأشياء على حقيقتها ، وبما إن القرآن متكون من آيات مجتمعة على شكل سور ، فتنقسم هذه الحقائق على تلك الآيات ، وهذه النظرية - أي نظرية الحقائق الآياتية - قائمة على ان كلام الله عز وجل المكون لهذه الآيات القرآنية وله حقائق في الخارج ، وهذه الحقائق تختلف من آية إلى أخرى .
        ولكن ما معنى كلام الله ؟ هل هو مثل كلامنا ؟ - كما يذهب إليه البعض - أم إن كلام الله نفسي ؟ - كما قالت الأشاعرة - وأنه ذو معنى واحد بسيط ؟
        الجواب :كلا لا هذا وذاك لأن كلام الله له موجودات ومدلولات في الخارج ، ولا بد من هذا الأمر لأن الموجود في الكتب لا يعطي المعنى الشامل للوجود ، وهنالك آيات عديدة في كتاب الله تؤكد هذه الحقيقة - إن كلام الله وجودي- منها : قوله تعالى{أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ} آل عمران 39. وقوله تعالى {يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} . وقوله تعالى {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا الى مَرْيَمَ}
        أما من جهة أحاديث الأئمة : ( إن كلامه نور ) .
        إذن فالوجود نوراني ، وقد جاء عن الإمام الرضا (عليه السلام) في كلام طويل :
        ( .. ثم ركب الحروف وأوجد بها الأشياء وجعلها فعلاً منه كما قال {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}) بحار الأنوار ج10 ص324.
        وقد ورد عن السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ( إن على كل حقيقة وعلى كل صواب نوراً فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه ) الكافي ج1 ص69.
        وهذه القاعدة التي يثبت دعائمها الإمام (عليه السلام) عامة لكل الموجودات سواء كانت لفظية أم معنوية أو وجودية عادية .
        (إن الله إذا تكلم أوجد ، والله يتكلم في كل سنة في ليلة القدر ، فكل ليلة قدر ينزل كلام من الله عز وجل ، والقرآن يتجدد كل ليلة قدر ، وكما أوضحنا ذلك في نظرية تجدد القرآن ، وقد أثبتنا حينها بأن القرآن ينزل في كل ليلة قدر على قلب المعصوم لكونه حادث متجدد وله تأويلات ووجوه عديدة لا يعلمها إلا الوصي).
        وإذا رفعت ليلة القدر رفع القرآن ، أي إن هناك حقائق ملكوتية للقرآن تبقى تجري متواصلة بين السماء والأرض ، وهي جارية ومتواصلة ببقاء المعصوم ، وبموت المعصوم وخلو الأرض منه يرفع القرآن ، حيث ورد الحديث الشريف عن رسول الله (ص) قال : ( لا تقوم الساعة حتى يرفع القرآن ) أورده صاحب كتاب الدر المنثور .
        وهذا مصداق من مصاديق حديث الثقلين الذين لن يفترقا حتى يردا الحوض على رسول الله (ص) .
        ولقد توصل العلم الحديث إلى وجود كهرومغناطيسية بين السماء والأرض ، وتحت طبقة الأوزون تحفظ كميات كبيرة منها ، والكون كله محاط بالكهرومغناطيسية ، وقد أثبتت أحدث الدراسات إن أقوال الإنسان وأفعاله لها كم ، وإن وحدة القياس للأمواج المنبعثة منها هي الكم وان الكلام إذا خرج من الفم يبقى محفوظاً تحت طبقة الأوزون حتى ولو مرت عليه آلاف السنين .
        وإذا ما استطاع الإنسان في يوم من الأيام إيجاد أجهزة متطورة تستطيع تحليل الشحنات الصوتية الموجودة في الجو إلى كلام بصورته الأصلية حينما صدر من قائله ، فإنه بذلك يستطيع اكتشاف الكثير من الحقائق ومعرفة الأمور الخافية علينا ، كما إن الأصوات لا تنتقل إلا عبر واسطة .
        وإذا عرجنا على النظرية الوجودية متسائلين : هل الوجود يتكرر ؟ إن الفلاسفة أجمعوا على ان الوجود لا يتكرر ، وذلك لأن الوجود فيه زمان ومكان ، والأمر الأهم هو الزمان فارتباط الزمان معه باعتبار إن الزمان لا يعاد ، فلا يمكن إعادة الزمان .
        وبما ان الوجود هو آنات فيأتي الآن ومعه زمن ، فعندما تريد إعادة الآن فيجب عليك إعادة الزمن ، والزمن لا يعاد ، وبالتالي فالوجود لا يتكرر.
        وبعد أن ثبت بان كلام الله وجودي ، وان الوجود لا يتكرر إذن فآيات الله لا تتكرر ، فهناك حقائق للآيات ، فكل آية لها حقيقة ثابتة تختلف عن غيرها ولا يمكن تكرارها ، فقوله تعالى في سورة الرحمن {فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} الأولى تختلف عن الثانية وهي بدورها تختلف عن الثالثة وهكذا .
        وليس كما يذكر المفسرون بأن قوله تعالى {فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} هي متكررة وتعطي نفس المعنى والتفسير ، ولو أخذنا بكلامهم فذلك التكرار بعينه ، وهو يناقض الحكمة الإلهية ، لأن الله سبحانه وتعالى في هذه الحالة كأنه يعيد ويكرر الأمر ، ونحن نقول في هذه المسألة إن هنالك بُعد رابع كما أثبته أنشتاين وهو ( الزمكاني ) .
        فالزمان والمكان يتحكم فيها وفي حقائقها المستخلصة في الخارج ، فالزمن يؤثر في الكلام لتغيره وتفاوته على الكلام ، وبالتالي فإن الزمان هو الذي يؤثر تأثيراً مباشراً في حقائق تلك الآيات ، ولا يمكن الاستغناء عن الزمن لكونه موجود في الآيات وموجود في الكلام ، إذن فالحقائق التي في الكون لا يمكن أن تتكرر وكذلك القرآن لا يمكن أن يتكرر فالآيات غير متكررة ، وإن كانت متشابهة في الظاهر وهي نفس اللفظ والمعنى ، لكن حقائقها في الخارج تختلف من آية إلى أخرى .
        ولو عدنا إلى تاريخ علم النحو لوجدنا إن أول من أكتشف هذا العلم هو الإمام علي (ع) وهو صاحب علم الكتاب ، والنحو يعني القصد فإن أمير المؤمنين (عليه السلام) عندما أعطى كتابه لأبي الأسود الدؤلي قال له : ( خذ هذا الكتاب وأنحو ) أي اقصد .
        وقد ورد عن محمد بن سلام الجمحي : ( إن أبا الأسود الدؤلي دخل على أمير المؤمنين (ع) فرمى إليه رقعة فيها بسم الله الرحمن الرحيم الكلام ثلاثة أشياء اسم وفعل وحرف جاء لمعنى فالاسم ما أنبأ عن المسمى ، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى ، والحرف ما أوجد معنى في غيره ...) الفصول المختارة ص91 ..
        أي إن ما في الكون إما اسم أو فعل أو حرف ، وذلك حتى تركيبته الكيميائية والفيزيائية ، ولو أردنا تفصيل أفعال البشر وأسماء الموجودات وأدوات الربط ( الحروف ) فلا يوجد غيرهن أبداً في الكون كله ، فهذه المعادلة الكونية تمثل جميع الموجودات في هذا الكون الفسيح .
        وأما الحركات (حركات الحروف) فإن فيها نغمة وجودية ، قال تعالى {اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا}
        . والإمام الصادق (عليه السلام) يقول : ( فثم عمد ولكن لا ترونها ) بحار الأنوار ج57 ص58.
        وقوله تعالى {وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ}
        إن هذا الارتباط العجيب بين هذه الحركات وتلك النغمات الوجودية في الخارج لم يأت من فراغ بل هو دليل على الوجود الخارجي لتلك الحركات ، وهذا يؤكد قولنا بأن لكلام الله تعالى حقائق ومدلولات خارجية ثابتة تختلف الواحدة عن الأخرى ، وبالتالي فعندما يقول في الحديث :
        ( حبل ممدود من الله إلى المعصوم)، وهذا المدد سوف ينزل من السماء إلى الأرض فيغيرها ثم يصعد لينزل في ليلة القدر من العام التالي وهكذا .
        ويتبين من ذلك إن الذي ينزل في ليلة القدر من أفعال البشر وأقوالهم هو من القرآن لأنه تقدست آلائه يقول {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ} ، ويقول {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ} ، ويقول {وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ}.
        إذن فهذه الأفعال والأقوال هي من صنع الله وإيجاده وبالتالي فهي مذكورة في كتابه جل وعلا ، وذلك ليس بمعنى الجبر ولكن بمعنى التقدير الذي قدره الله وله فيه البداء ، بدليل إن العبد يفعلها بمحض إرادته ولكن بتقدير الله عز وجل قال تعالى {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً } .
        وقد ورد عن الإمام الرضا (عليه السلام) قوله : ( ... إن أفعال العباد مخلوقة لله خلق تقدير لا خلق تكوين ( والله خالق كل شيء ) ولا نقول بالجبر والتفويض ... الخبر ) بحار الأنوار ج5 ص30.
        إذن فالقرآن هو نفسه الأفعال المكتوبة والحقائق الملكوتية التي تسبح بين السماء والأرض والتي تخضع للتقدير الإلهي وبالتالي تتم عملية النزول في كل ليلة قدر ، فنزول القرآن هو نزول التقدير ، أي بمعنى آخر :
        إن كل ما مقدر عند الله تعالى هو نفسه الكتاب ، فنزوله واحد لكن الموجودات مختلفة ، فنزوله يكون على شكل حروف ، وهذه الحروف فيها عمق كبير .
        فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله : ( إن لكل حرف حد ومطلع ) كنز العمال ج2 ص53 أي إن هذا الحرف يختلف عن الحرف الذي يليه ، فلكل منها أثره ومعناه ، ويختلف هذا الحرف من كلمة إلى أخرى ، وهو ليس بالمعنى اللفظي المنطوق أو المسموع بل المعنى الذي يكمن في الحرف نفسه والذي تتحكم فيه عدة عوامل تجعل الحرف يعطي معناً واضحاً يسهل ويفصل التفسير ويبين المعنى الواضح للكلمة الواحدة من الآية وبالتالي معرفة تفسير الآية واكتشاف حقيقتها الماثلة في الكون وفق نظام دقيق ومتوازن لا يقبل الخطأ مطلقاً حيث يجعل من معرفة معنى مفردة واحدة في القرآن إلى شرح مفصل ومسهب .
        بل الحرف الواحد يطول بيانه وبيان حقيقته الكونية إلى ساعة كاملة ، حيث ورد عن محمد بن عبد الواحد في كتابه بإسناده عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال :
        ( يا أبا عباس إذا صليت عشاء الآخرة فألحقني إلى الجبان ، قال فصليت ولحقته وكانت ليلة مقمرة ، قال : فقال لي : ما تفسير الألف من الحمد ، قال : فما علمت حرفاً أجيبه ، قال : لا أعلم ، فتكلم في تفسيرها ساعة تامة ، قال : ثم قال لي : فما تفسير اللام من الحمد ؟ قال : قلت : لا اعلم ، فتكلم في تفسيرها ساعة تامة .
        قال : ثم قال : فما تفسير الميم من الحمد ؟ فقلت : لا أعلم ، قال : فتكلم في تفسيرها ساعة تامة ، قال ثم قال : ما تفسير الدال من الحمد ؟ قال فقلت : لا أدري ، قال : فتكلم فيها إلى أن برق عمود الفجر ، قال : فقال لي : قم يا أبا عباس إلى منزلك وتأهب لفرضك ، قال أبو العباس عبد الله بن العباس : فقمت ووعيت كل ما قاله ثم تفكرت فإذا علمي بالقرآن في علم علي كالقرارة في المتفجر ) بحار الأنوار ج89 ص104.
        فبالمعرفة الحقة لكتاب الله عز وجل يتمكن المرء من معرفة حقائق آياته وبذلك يتم معرفة مجمل حقائق الكون العلمية المحسوسة وغير المحسوسة والتي لم تكتشف بعد ، وهذا لا يكون إلا من خلال المعصوم الذي يستطيع استقبال هذا الفيض النوراني الهائل ، ولن تتبين مجمل هذه الحقائق المرتبطة بآيات القرآن على المستوى الواضح للناس إلا في دولة العدل الإلهي ، فإن الإمام المهدي (عليه السلام) يبث هذه العلوم والحقائق للناس .
        فقد ورد عن أبان عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه قال :
        ( العلم سبعة وعشرون حرفاً فجميع ما جاءت به الرسل حرفان فلم يعرف الناس حتى اليوم غير الحرفين ، فإذا قام قائمنا أخرج الخمسة والعشرين حرفاً فبثها في الناس وضم إليها الحرفين حتى يبثها سبعة وعشرين حرفاً ) بحار الأنوار ج89 ص104.
        ولا يستطيع أحد أن يتصدى للفتيا بكتاب الله عز وجل إلا من كان من أهله وعارفاً بحقائق آياته أو من يتصل بأهله (صلوات الله عليهم ) .

        تعليق


        • #5
          نظرية تجدد القرآن

          الحلقة الرابعة
          منقول من الموسوعة القرآنية للسيد القحطاني



          الحبـل الممدود

          أخرج أحمد بن حنبل في مسنده يرفعه إلى أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) : ( تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي الثقلين وأحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ) تفسير البرهان ج1 ص26. وأخرجه الثعالبي في تفسيره لقوله تعالى {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً} .
          وقد أكدت الكثير من الأحاديث المروية عن كون القرآن هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض فما هو السبب في ذلك يا ترى ؟ .
          نستطيع أن نقول وفقاً لما تم بيانه سابقاً إن هذا الوصف دقيق جداً ما دام نزول التأويل مستمراً وما دامت حجة الله قائمة على الناس وإن للقرآن حقائق ملكوتية وجودية تجري بين السماء والأرض وبتطبيق مبدأ الحبل يكون المقصود من حبل الله هو عبارة عن سيل أو حزمة الحقائق الملكوتية الوجودية التي تكون ممدودة بين السماء والأرض ، وأن هذه الحزمة تنزل من السماء إلى الأرض .
          إن هذا الأمر العظيم هو أشبه بفيض مغناطيسي هابط من السماء إلى الأرض ليستقبله قلب المعصوم الذي يعمل كعمل قطب مغناطيسي (طرف ثاني للحبل ) يستقطب خطوط الفيض (حزمة الفيض) المنبعثة من القطب المقابل ( الطرف الأول للحبل الممدود ) .
          وكما هو معلوم إن الفيض ينطلق من القطب الموجب إلى القطب السالب ، لذا يمكن تمثيل طرف الحبل عند الله تعالى باعتباره هو الباعث لهذا الفيض الملكوتي فيكون هذا الطرف هو القطب الموجب... هامش : ((الشرح التام لهذا الموضوع في الكتاب اللاحق (رفع القرآن) فتابع)) .

          الإمداد القرآني

          المدد يعني اللاإنقطاع .. فهو استمرار الإفاضة عبر الزمن دون توقف ودون إنقطاع ، وهذا من لوازم كون القرآن حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، فهذا الحبل الإلهي يمثل عملية المدد المستمر للموجودات ..
          كما أوضحنا إن للقرآن ظاهر وباطن ، وأحاديث أهل البيت (عليه السلام) تنص على إن البطن عبارة عن سبعة بطون من التأويل ، فقد ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) إنه قال : ( إن للقرآن ظهراً وبطناً ولبطنه بطناً إلى سبعة بطون ) .
          هذه البطون السبعة والتي عبر عنها القرآن بالأبحر السبعة المحيطة أو التي تملأ الكون ، وهي عبارة عن أبحر من الحقائق الوجودية القرآنية وكل بحر يمثل بطن من بطون التأويل ، قال تعالى :
          {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}- لقمان27.
          وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قال الله عز وجل في ليلة القدر {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} ينزل فيها كل أمر حكيم والمحكم ليس بشيئين إنما هو شيء واحد .. إلى أن قال .. انه لينزل في ليلة القدر إلى ولي الأمر تفسير الأمور سنة يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا وفي أمر الناس بكذا وكذا .
          وأنه ليحدث لولي الأمر سوى ذلك كل يوم علم الله عز وجل الخاص والمكنون العجيب المخزون مثل ما ينزل في تلك الليلة من الأمر ثم قرأ :
          {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} الكافي ج1 ص248.
          فمهما كانت هذه البحار واسعة فمددها منقطع ولكن مدد كلمات الله غير منقطع .

          تعليق


          • #6
            تسلم الايادى على المجهود الرائع
            ولا اجد اجمل من هذة النظريات القرانية
            - قال رسول الله (ص) : " أبشروا بالمهدي فإنه يأتي في آخر الزمان على شدة وزلازل ، يسع الله له الأرض عدلا وقسطا " . (معجم أحاديث المهدي ج1 ص98

            تعليق


            • #7
              اثابك الله الجنة اخي فرقد على هذا الموضوع الرائع المنقول من الموسوعة القرانية للسيد القحطاني الذي انارنا بهذا العلم المبارك
              عن أمير المؤمنين(عليه السلام): " إن الاسلام بدا غريبا وسيعود كما بدا فطوبى للغرباء

              تعليق


              • #8
                مبارك اخي على نقل هذا الفيض من هذة الموسوعة المباركة التي لامثيل لها
                عن الإمام الصادق (عليه السلام): إن قائمنا إذا قام مد الله عزوجل لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم، حتى [لا] يكون بينهم وبين القائم بريد، يكلمهم فيسمعون، وينظرون إليه وهو في مكانه. (ميزان الحكمة ج1 ص186)

                تعليق

                يعمل...
                X