منقول من الموسوعة القرآنية |من فكر السيد أبي عبد الله الحسين القحطاني
الإشكالات
لقد درج المشتغلون بعلوم القرآن من مفسرين وفقهاء ولغويين على الربط بين العديد من المفردات والألفاظ القرآنية على إنها مترادفات بعضها يدل على بعض ، ونحن بغية كشف النقاب عن غاية الأمر نورد بعض هذه الإشكالات .
الإشكال الأول :
تسالم القوم على إن كل لفظ (القرآن) هو نفس المعنى المراد من لفظ (الكتاب) فمثلاً قوله تعالى {ألم ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ}
وهنا نجد أنفسنا أمام إشكال نحتاج إلى حله ، إذ لو نظرنا إلى قوله تعالى {الَرَ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ}( ) ، لبان لدينا إشكالاً واضحاً في فهم الآية لو تمشينا بحسب أقوال المفسرين فمن مقتضى العطف بالواو وجود التغاير والأثنينية ، حيث عطف الآية { آيات الكتاب } على القرآن المبين، فكيف يعطف الشيء على نفسه ؟! .
هذا إشكال لا يمكن حله انطلاقاً من الفهم القائل إن الكتاب هو القرآن والقرآن هو الكتاب .
ويزداد الأمر صعوبة إذا أضفنا إلى الآية السابقة قوله تعالى {طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ }( ) .
الإشكال الثاني :
أتفق القوم على إن (الفرقان) هو القرآن فلو بحثت في التفاسير عن معنى قوله تعالى {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً }( ) ،لوجدت إنهم يقولون إن الفرقان هو القرآن لا غير.
وقوله تعالى في سورة آل عمران { نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ * مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ} فاعتبروا الفرقان هو القرآن وهو الكتاب .
فيا ترى هل هذا الفرقان الذي هو القرآن هو الذي قد نزل أيضاً على موسى (عليه السلام) إذ قال تعالى {وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }( ) . وقال {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْراً لِّلْمُتَّقِينَ }( ) .
وكيف يمكن أن نفهم قوله تعالى {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ القرآن هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ }( ) ، إذا كان القرآن هو الفرقان .
الإشكال الثالث:
لو فرضنا إن قولهم بأن الكتاب هو القرآن ككل فكيف يمكن الجمع بين الآيتين (23) من سورة الزمر والآية (1) من سورة هود . ففي سورة الزمر يقول تعالى {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ } .
وهي واضحة في إن الكتاب كله متشابه على حسب قولهم ، وفي سورة هود يقول تعالى {الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}.
وهنا نخرج بنتيجة مفادها إن الكتاب كله محكم ، فهو بحسب آراءهم في (الكتاب) محكم كله ومتشابه كله فماذا نفعل والحالة هذه في قوله تعالى {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ }( ).
الإشكال الرابع :
لو سألته ما معنى الذكر لجاءك الجواب بأنه القرآن .
ولو بحثت عن معنى قوله تعالى {وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ }( ) ، لوجدت إنهم يقولون إن المعني به القرآن .
ولو تصفحت التفاسير عن معنى قوله تعالى {أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ }( ).
لوجدتهم يذهبون إلى إنه القرآن
فإذا كان القرآن هو الذكر والذكر هو القرآن فكيف نستطيع أن نفهم وندرك قوله تعالى {ص وَالقرآن ذِي الذِّكْرِ }( ).
ويقول أهل اللغة إن (ذي) بمعنى (صاحب) فكيف يكون القرآن صاحب القرآن .
الإشكال الخامس :
لو سألتهم عن معنى قوله تعالى {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالقرآن الْعَظِيمَ }( ).
أو قوله تعالى { يس وَالقرآن الْحَكِيمِ }( ).
أو {ق وَالقرآن الْمَجِيدِ }( ).
أو {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ }( ).
لما خرجوا عن القول بأنه بمعنى القرآن لا أكثر ولا أقل .
وهنا ينبغي التساؤل ، لماذا قيد القرآن في كونه حكيم في سورة يس؟ ، ووصفه بأنه عظيم في مكان آخر ، ومجيد في موضع ثالث ، فهل هذا ضرب من اللغو والاعتباط ؟ أم إن له دلالة على خصوصية كل موطن من مواطن القرآن ، لزم منه هذا الوصف بعينه لا غيره من الأوصاف؟! .
وإلا لو كان القرآن العظيم هو كل القرآن فهل إن فاتحة الكتاب التي هي { سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي } ليست من القرآن؟! . أليس هذا هو معنى العطف بالواو ؟! . { ولقد اتيناك سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي والقران العظيم }
أليس مقتضى العطف التغاير والاثنينية كما أثبتوه في مكنون كتبهم النحوية ؟! .
الإشكال السادس :
عرفنا إنهم يقولون إن الكتاب هو القرآن والقرآن هو الكتاب فعلى هذا يعني قوله تعالى {رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُّطَهَّرَةً فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ}( ).
فما هذه الصحف وما هذه الكتب ؟.
قالوا إن الصحف هي أجزاء القرآن النازلة والكتب جمع كتاب ومعناه المكتوب فأفردوا ما جمع ولا ندري بأي مسوغ جاز لهم ذلك .
إلى غير ذلك من الإشكالات التي تتعدد، وكلما أخذنا جانباً من الدراسات القرآنية فيما يخص المترادفات والمجازات بل وحتى الجانب النحوي والبلاغة من زيادة وحذف وتقدير لرأينا العُجاب.
إن السير وراءهم بتقليد أعمى يوصلنا إلى حال يجعلنا نقدس ما سطروه في تفاسيرهم من آراء أنزلوها منزلة الوحي فصارت لها قدسية أكثر مما لآيات القرآن عند البعض ، كيف لا وهم يضعون آيات التنزيل على منصة التشريح ويجرون عليها العمليات الجراحية من بتر وترقيع وتجميل بزعمهم لأن بلاغتهم أعلى وأتم من بلاغة القرآن وحالهم حال الذين {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ }( ).
بل إن البعض يكلف نفسه تأويل وصرف ظاهر القرآن كي يوافق ما ذهب إليه شيخه أو أستاذه أو إمام مذهبه ، مع إنهم قد اثبتوا في أصولهم حجية الظاهر مع عدم القرينة الصارفة ، والله أمرنا أن نرد كل ما أشكل علينا إلى الله والى الرسول قال تعالى { وَلَوْ رَدُّوهُ إلى الرَّسُولِ وَالى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ}( ).
الإشكالات
لقد درج المشتغلون بعلوم القرآن من مفسرين وفقهاء ولغويين على الربط بين العديد من المفردات والألفاظ القرآنية على إنها مترادفات بعضها يدل على بعض ، ونحن بغية كشف النقاب عن غاية الأمر نورد بعض هذه الإشكالات .
الإشكال الأول :
تسالم القوم على إن كل لفظ (القرآن) هو نفس المعنى المراد من لفظ (الكتاب) فمثلاً قوله تعالى {ألم ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ}
وهنا نجد أنفسنا أمام إشكال نحتاج إلى حله ، إذ لو نظرنا إلى قوله تعالى {الَرَ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ}( ) ، لبان لدينا إشكالاً واضحاً في فهم الآية لو تمشينا بحسب أقوال المفسرين فمن مقتضى العطف بالواو وجود التغاير والأثنينية ، حيث عطف الآية { آيات الكتاب } على القرآن المبين، فكيف يعطف الشيء على نفسه ؟! .
هذا إشكال لا يمكن حله انطلاقاً من الفهم القائل إن الكتاب هو القرآن والقرآن هو الكتاب .
ويزداد الأمر صعوبة إذا أضفنا إلى الآية السابقة قوله تعالى {طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ }( ) .
الإشكال الثاني :
أتفق القوم على إن (الفرقان) هو القرآن فلو بحثت في التفاسير عن معنى قوله تعالى {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً }( ) ،لوجدت إنهم يقولون إن الفرقان هو القرآن لا غير.
وقوله تعالى في سورة آل عمران { نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ * مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ} فاعتبروا الفرقان هو القرآن وهو الكتاب .
فيا ترى هل هذا الفرقان الذي هو القرآن هو الذي قد نزل أيضاً على موسى (عليه السلام) إذ قال تعالى {وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }( ) . وقال {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْراً لِّلْمُتَّقِينَ }( ) .
وكيف يمكن أن نفهم قوله تعالى {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ القرآن هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ }( ) ، إذا كان القرآن هو الفرقان .
الإشكال الثالث:
لو فرضنا إن قولهم بأن الكتاب هو القرآن ككل فكيف يمكن الجمع بين الآيتين (23) من سورة الزمر والآية (1) من سورة هود . ففي سورة الزمر يقول تعالى {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ } .
وهي واضحة في إن الكتاب كله متشابه على حسب قولهم ، وفي سورة هود يقول تعالى {الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}.
وهنا نخرج بنتيجة مفادها إن الكتاب كله محكم ، فهو بحسب آراءهم في (الكتاب) محكم كله ومتشابه كله فماذا نفعل والحالة هذه في قوله تعالى {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ }( ).
الإشكال الرابع :
لو سألته ما معنى الذكر لجاءك الجواب بأنه القرآن .
ولو بحثت عن معنى قوله تعالى {وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ }( ) ، لوجدت إنهم يقولون إن المعني به القرآن .
ولو تصفحت التفاسير عن معنى قوله تعالى {أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ }( ).
لوجدتهم يذهبون إلى إنه القرآن
فإذا كان القرآن هو الذكر والذكر هو القرآن فكيف نستطيع أن نفهم وندرك قوله تعالى {ص وَالقرآن ذِي الذِّكْرِ }( ).
ويقول أهل اللغة إن (ذي) بمعنى (صاحب) فكيف يكون القرآن صاحب القرآن .
الإشكال الخامس :
لو سألتهم عن معنى قوله تعالى {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالقرآن الْعَظِيمَ }( ).
أو قوله تعالى { يس وَالقرآن الْحَكِيمِ }( ).
أو {ق وَالقرآن الْمَجِيدِ }( ).
أو {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ }( ).
لما خرجوا عن القول بأنه بمعنى القرآن لا أكثر ولا أقل .
وهنا ينبغي التساؤل ، لماذا قيد القرآن في كونه حكيم في سورة يس؟ ، ووصفه بأنه عظيم في مكان آخر ، ومجيد في موضع ثالث ، فهل هذا ضرب من اللغو والاعتباط ؟ أم إن له دلالة على خصوصية كل موطن من مواطن القرآن ، لزم منه هذا الوصف بعينه لا غيره من الأوصاف؟! .
وإلا لو كان القرآن العظيم هو كل القرآن فهل إن فاتحة الكتاب التي هي { سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي } ليست من القرآن؟! . أليس هذا هو معنى العطف بالواو ؟! . { ولقد اتيناك سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي والقران العظيم }
أليس مقتضى العطف التغاير والاثنينية كما أثبتوه في مكنون كتبهم النحوية ؟! .
الإشكال السادس :
عرفنا إنهم يقولون إن الكتاب هو القرآن والقرآن هو الكتاب فعلى هذا يعني قوله تعالى {رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُّطَهَّرَةً فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ}( ).
فما هذه الصحف وما هذه الكتب ؟.
قالوا إن الصحف هي أجزاء القرآن النازلة والكتب جمع كتاب ومعناه المكتوب فأفردوا ما جمع ولا ندري بأي مسوغ جاز لهم ذلك .
إلى غير ذلك من الإشكالات التي تتعدد، وكلما أخذنا جانباً من الدراسات القرآنية فيما يخص المترادفات والمجازات بل وحتى الجانب النحوي والبلاغة من زيادة وحذف وتقدير لرأينا العُجاب.
إن السير وراءهم بتقليد أعمى يوصلنا إلى حال يجعلنا نقدس ما سطروه في تفاسيرهم من آراء أنزلوها منزلة الوحي فصارت لها قدسية أكثر مما لآيات القرآن عند البعض ، كيف لا وهم يضعون آيات التنزيل على منصة التشريح ويجرون عليها العمليات الجراحية من بتر وترقيع وتجميل بزعمهم لأن بلاغتهم أعلى وأتم من بلاغة القرآن وحالهم حال الذين {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ }( ).
بل إن البعض يكلف نفسه تأويل وصرف ظاهر القرآن كي يوافق ما ذهب إليه شيخه أو أستاذه أو إمام مذهبه ، مع إنهم قد اثبتوا في أصولهم حجية الظاهر مع عدم القرينة الصارفة ، والله أمرنا أن نرد كل ما أشكل علينا إلى الله والى الرسول قال تعالى { وَلَوْ رَدُّوهُ إلى الرَّسُولِ وَالى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ}( ).
تعليق