منقول من موسوعة القائم ( من فكر أبي عبد الله الحسين القحطاني
الأدلة على الرجعة الروحية
قلنا إن ما عليه الشيعة الإمامية القائلين بالرجعة المادية ، إن الرجعة تكون بالأجساد، وإنها تكون قبل قيام الساعة، وهذا ما أجمعت عليه الفرقة وليس في ذلك اختلاف.
ولكن من خلال هذا البحث سوف نقوم بتقديم الأدلة التي تثبت وجود رجعة روحية تسبق قيام الإمام المهدي (عليه السلام)، أو تكون مقارنة لقيامه المقدس صلوات الله وسلامه عليه .
1- جاء في الرواية الشريفة عن أبي الجارود عمن سمع علياً (عليه السلام) يقول: (العجب كل العجب بين جمادي ورجب ، فقام رجل فقال : يا أمير المؤمنين ما هذا العجب الذي لا تزال تعجب منه ؟
فقال ثكلتك أمك وأي عجب أعجب من أموات يضربون كل عدو لله ولرسوله ولأهل بيته وذلك تأويل هذه الآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ }( ) فإذا اشتد القتل قلتم مات أو هلك في أي وادٍ سلك وذلك تأويل هذه الآية {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أكثر نَفِيراً })( بحار الأنوار ج53 ص60).
وقد جاء في الرواية الشريفة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: ( يا عجباً كل العجب بين جمادي ورجب فقام صعصعة بن صوحان العبدي فقال له يا أمير المؤمنين ما هذا العجب التي لا تزال تكرره في خطبتك كأنك تحب أن تسال عنه ؟
قال: ويحك يا صعصعة مالي لا أعجب من أموات يضربون هامات الأحياء من أعداء الله وأعدائنا فكأني انظر إليهم وقد شهروا سيوفهم على عواتقهم يقتلون المشككين والظانين بالله ظن السوء والمرتابين في فضل أهل البيت (عليه السلام) قال صعصعة: يا أمير المؤمنين ؟ أموات الدين أم أموات القبور ؟
قال: لا والله يا صعصعة بل أموات القبور، يكرون إلى الدنيا معنا لكأني انظر إليهم في سكك الكوفة كالسباع الضارية شعارهم يالثارات الحسين)( مختصر بصائر الدرجات ص198).
فمن خلال هذه الرواية يظهر لنا إن الذين يرجعون هم أموات القبور وهذا الحدث والعجب عد من العلامات للإمام المهدي، أي انه يقع قبل قيام الإمام (عليه السلام)، فإن المقصود بالرجعة قبل قيامه (عليه السلام) هي الرجعة الروحية وليست المادية، حيث إن أنصار الإمام سيخوضون حرباً في الكوفة ضد أعداء الله ورسوله وسترجع أرواح بعض المؤمنين بتسديدهم وتأييدهم.
2- جاء في الكافي عن بكير بن أعين عن أبي عبد الله (عليه السلام) :
(.... ثم يسير بتلك الرايات كلها حتى يرد الكوفة وقد جمع بها أكثر أهل الأرض يجعلها له معقلا ثم يتصل به وبأصحابه خبر المهدي فيقولون له يا بن رسول الله من هذا الذي نزل بساحتنا فيقول الحسين (عليه السلام) اخرجوا بنا إليه حتى ننظر من هو وما يريد، وهو يعلم والله انه المهدي (عليه السلام) وانه ليعرفه وانه لم يرد بذلك الأمر إلا الله .
فيخرج الحسين (عليه السلام) وبين يديه أربعة آلاف رجل في أعناقهم المصاحف وعليهم المسوح مقلدين سيوفهم فيقبل الحسين (عليه السلام) حتى ينزل بقرب المهدي (عليه السلام)، فيقول سائلوا عن هذا الرجل من هو وماذا يريد، فيخرج بعض أصحاب الحسين (عليه السلام) إلى عسكر المهدي فيقولون أيها العسكر الجائل من انتم حياكم الله ومن صاحبكم هذا وماذا يريد.
فيقول أصحاب المهدي (عليه السلام) هذا مهدي آل محمد (عليه السلام) ونحن أنصاره من الجن والإنس والملائكة .
ثم يقول الحسين (عليه السلام) خلوا بيني وبين هذا فيخرج إليه المهدي (عليه السلام) فيقفان بين العسكرين، فيقول الحسين (عليه السلام): إن كنت مهدي آل محمد فأين هراوة جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وخاتمه وبردته ودرعه الفاضل وعمامته السحاب وفرسه وناقته العضباء وبغلته دلدل وحماره يعفور ونجيبه البراق وتاجه والمصحف الذي جمعه أمير المؤمنين (عليه السلام) ...
ثم يقول الحسين (عليه السلام) يا بن رسول الله أسالك أن تغرس هراوة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) في هذا الحجر الصلد وتسأل الله أن ينبتها فيه ولا يريد بذلك إلا أن يري أصحابه فضل المهدي (عليه السلام) حتى يطيعوه ويبايعوه: ويأخذ المهدي (عليه السلام) الهراوة فيغرسها فتنبت فتعلوا وتفرع وتورق حتى تظل عسكر الحسين (عليه السلام).
فيقول الحسين (عليه السلام) الله أكبر يا بن رسول الله مد يدك حتى أبايعك فيبايعه الحسين (عليه السلام) وسائر عسكره إلا أربعة آلاف ...)( كتاب الأم للشافعي ج6 ص86).
يتبين لنا من هذه الرواية للوهلة الأولى إن الحسين (عليه السلام) يكون مطيعاً للإمام المهدي(عليه السلام) ويكون تابعاً وهذا ما لا يقبله الإمام المهدي(عليه السلام) لأبيه الحسين(عليه السلام) فإن من الثابت عندنا إن الحسين (عليه السلام) أشرف وأفضل من ابنه المهدي (عليه السلام) .
ثم إن أتباعه إذا كانوا يؤمنون بان قائدهم هو الحسين (عليه السلام) والذي قوله وفعله وتقريره حجة عليهم وهو الإمام المفترض الطاعة فما معنى إن الحسين (عليه السلام) يطلب من المهدي اليقين والمعجزة أو أن يظهر مواريث الأنبياء فقد كان من الممكن إن الحسين (عليه السلام) يخبر أصحابه إن صاحب العسكر المقابل هو المهدي (عليه السلام) وان عليهم بيعته وأتباعه وطاعته ويجب عليهم حينئذ الامتثال لكلام المعصوم ولا حاجة إلى البينات التي طلبها الحسين (عليه السلام) .
ثم إنهم لو كانوا يعتقدون إن قائدهم هو الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) فكيف يعصي أربعة آلاف شخص أمره بعد أداء البيعة للمهدي (عليه السلام) وهم من كانوا قبل ذلك يأتمرون بأمره (عليه السلام) .
وبملاحظة هذه النقاط يتضح لنا إن صاحب الجيش والذي بايع المهدي ليس الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) بل هو احد ممهدي الإمام المهدي (عليه السلام) وهو سيد علوي من ذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وانه مسدداً بروح الحسين (عليه السلام) لذلك عبر عنه بالرواية بالحسين ولم يقل الإمام الحسين (عليه السلام).
واليك ما يؤكد ذلك ، فقد جاء في الرواية الشريفة:
( ثم يخرج الحسني الفتى الصبيح الذي نحو الديلم يصيح بصوت له فصيح يا آل احمد أجيبوا الملهوف والمنادي من حول الضريح فتجيبه كنوز الله بالطالقان كنوز وأي كنوز ليست من فضة ولا ذهب بل هي رجال كزبر الحديد على البراذين الشهب بأيديهم الحراب ولم يزل يقتل الظلمة حتى يرد الكوفة وقد صفا أكثر الأرض فيجعلها له معقلا فيتصل به وبأصحابه خبر المهدي (عليه السلام).
ويقول يا بن رسول الله من هذا الذي قد نزل بساحتنا ؟ فيقول : أخرجوا بنا إليه حتى ننظر من هو ؟ وما يريد ؟ وهو والله يعلم انه المهدي وانه ليعرفه ولم يرد بذلك الأمر إلا ليعرف أصحابه من هو ؟
فيخرج الحسني فيقول: إن كنت مهدي آل محمد أين هراوة جدك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وخاتمه وبردته ودرعه الفاضل وعمامته السحاب وفرسه اليربوع وناقته العضباء وبغلته الدلدل وحماره اليعفور ونجيبه البراق ومصحف أمير المؤمنين (عليه السلام) ؟
فيخرج له ذلك ثم يأخذ الهراوة فيغرسها في الحجر الصلد وتورق ولم يرد بذلك إلا أن يري أصحابه فضل المهدي (عليه السلام) حتى يبايعوه فيقول الحسني الله أكبر مد يدك يا ابن رسول الله حتى نبايعك فيمد يده فيبايعه ويبايعه سائر العسكر الذي مع الحسني إلا أربعين ألف ... )( بحار الأنوار ج53 ص15) .
فلو لاحظنا هذه الرواية لوجدناها تحمل نفس مضمون الرواية السابقة التي جاءت باسم الحسين وهذا ما يؤكد إن الروايتين تتحدثان عن شخص واحد لا شخصين وهو السيد الحسني اليماني والمشار إليه في الرواية السابقة الحسني الفتى الصبيح المسدد والمؤيد بروح الإمام الحسين (عليه السلام) ولذلك سمي بالحسين في الرواية الأولى وبهذا تتضح لنا إن هناك رجعة روحية تسبق قيام الإمام المهدي (عليه السلام) أو مقترنة زماناً بقيامه الشريف.
3- روى المفضل بن عمر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
( يخرج مع القائم (عليه السلام) من ظهر الكوفة سبع وعشرين رجلاً، خمسة عشر من قوم موسى (عليه السلام) الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون وسبعة من أهل الكوفة ويوشع بن نون وسلمان وأبو دجانة الأنصاري والمقداد ومالك الأشتر فيكونون بين يديه أنصاراً وحكاماً)( روضة الواعظين ص266).
والملاحظ من الرواية الشريفة إن هؤلاء السبعة والعشرين رجلاً يخرجون من ظهر الكوفة كما انهم يكونون حكاماً للإمام المهدي (عليه السلام) في البلاد، ونحن نعلم إن الحكام الذين يبعثهم الإمام المهدي (عليه السلام) في الأقاليم هم أصحابه الثلاثمائة والثلاثة عشر.
فعن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ( كأني انظر إلى القائم على منبر الكوفة وحوله أصحابه الثلاثمائة والثلاثة عشر رجلا عدة أهل بدر وهم أصحاب الألوية وهم حكام الله في أرضه على خلقه )( الكافي ج8 ص318).
فيلزم من هذا أن يكون السبعة وعشرين رجلاً الذين يخرجون مع القائم من ظهر الكوفة والذين وصفتهم الرواية بان الإمام يبعثهم حكاماً، هم من الثلاثمائة والثلاثة عشر لأن هؤلاء هم حكام الأرض كما ذكرت الرواية الثانية وهناك عدة ملاحظات :
أ- لو كانت الرجعة المقصودة في رواية المفضل التي تتحدث عن السبعة وعشرين رجلاً، رجعة مادية للزم أن لا يترك واحداً من هؤلاء الرجال السبعة وعشرين الإمام المهدي (عليه السلام) في أي حال من الأحوال، ولا يقع الشك منهم بشخصه مطلقاً، وذلك لمكانتهم ومقامهم الرفيع ومنهم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) وأمير المؤمنين (عليه السلام)، وأوصياء موسى (عليه السلام)، كما إنهم قد عرفوا حقائق الأمور فكيف يمكن أن نتصور أنهم يتركوا الإمام المهدي (عليه السلام) ويشكوا فيه (عليه السلام).
فقد جاء في الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال:
( كأني بالقائم على منبر الكوفة عليه قباء فيخرج من وريان قبائه كتاباً مختوماً بخاتم من ذهب فيفكه فيقرأ على الناس فيجفلون إجفال الغنم فلم يبق إلا النقباء فيتكلم بكلام فلا يلحقون ملجأً حتى يرجعوا إليه وإني لأعلم علم الكلام الذي يتكلم به )( إلزام الناصب ج2 ص260.
فمن هذه الرواية يتضح إن جميع أصحاب المهدي (عليه السلام) يتركونه نتيجة كلام لا يحتملونه من الإمام (عليه السلام) إلا اثنا عشر رجلا منهم هم الوزير واحد عشر رجلا وهم النقباء، فلو تنزلنا وقلنا إن هؤلاء الإثنا عشر النقباء هم من السبعة وعشرين رجلاً الذين يرجعون ويخرجون من ظهر الكوفة فما بال الباقين منهم وهم على هذا يكونون خمسة عشر رجلا، فهل شكوا هم أيضا بالإمام (عليه السلام) ؟ فلو كان كذلك فما الحكمة من إرجاعهم ؟ وهل يقبل بذلك عاقل يا ترى؟!.
فإن الله حينما أرجعهم، أرجعهم لغاية، وهي نصرة الإمام (عليه السلام) وطاعته في كل حال فكيف نتصور خلاف ذلك.
ب- ثم يرد أيضا لو كانت الرجعة المقصودة هنا رجعة مادية فما معنى إنهم يخرجون من ظهر الكوفة ؟ فإن أماكن دفنهم متفرقة ويلزم أن يخرج كل منهم من موضع قبره.
ولكن الصحيح والذي هو الحق إن الرجعة المقصودة هنا رجعة روحية، فإن هؤلاء السبعة وعشرين رجلاً الذين يخرجون من ظهر الكوفة، هم ممن يوفقون إلى نصرة الإمام (عليه السلام) من المنتظرين له في آخر الزمان، ويكونون مسددين بأرواح سبعة وعشرين رجلا، خمسة عشر من قوم موسى (عليه السلام) وسبعة من أهل الكوفة القدماء ويوشع بن نون وسلمان وأبو دجانة والمقداد ومالك الأشتر .
4يتبع يتبع
الأدلة على الرجعة الروحية
قلنا إن ما عليه الشيعة الإمامية القائلين بالرجعة المادية ، إن الرجعة تكون بالأجساد، وإنها تكون قبل قيام الساعة، وهذا ما أجمعت عليه الفرقة وليس في ذلك اختلاف.
ولكن من خلال هذا البحث سوف نقوم بتقديم الأدلة التي تثبت وجود رجعة روحية تسبق قيام الإمام المهدي (عليه السلام)، أو تكون مقارنة لقيامه المقدس صلوات الله وسلامه عليه .
1- جاء في الرواية الشريفة عن أبي الجارود عمن سمع علياً (عليه السلام) يقول: (العجب كل العجب بين جمادي ورجب ، فقام رجل فقال : يا أمير المؤمنين ما هذا العجب الذي لا تزال تعجب منه ؟
فقال ثكلتك أمك وأي عجب أعجب من أموات يضربون كل عدو لله ولرسوله ولأهل بيته وذلك تأويل هذه الآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ }( ) فإذا اشتد القتل قلتم مات أو هلك في أي وادٍ سلك وذلك تأويل هذه الآية {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أكثر نَفِيراً })( بحار الأنوار ج53 ص60).
وقد جاء في الرواية الشريفة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: ( يا عجباً كل العجب بين جمادي ورجب فقام صعصعة بن صوحان العبدي فقال له يا أمير المؤمنين ما هذا العجب التي لا تزال تكرره في خطبتك كأنك تحب أن تسال عنه ؟
قال: ويحك يا صعصعة مالي لا أعجب من أموات يضربون هامات الأحياء من أعداء الله وأعدائنا فكأني انظر إليهم وقد شهروا سيوفهم على عواتقهم يقتلون المشككين والظانين بالله ظن السوء والمرتابين في فضل أهل البيت (عليه السلام) قال صعصعة: يا أمير المؤمنين ؟ أموات الدين أم أموات القبور ؟
قال: لا والله يا صعصعة بل أموات القبور، يكرون إلى الدنيا معنا لكأني انظر إليهم في سكك الكوفة كالسباع الضارية شعارهم يالثارات الحسين)( مختصر بصائر الدرجات ص198).
فمن خلال هذه الرواية يظهر لنا إن الذين يرجعون هم أموات القبور وهذا الحدث والعجب عد من العلامات للإمام المهدي، أي انه يقع قبل قيام الإمام (عليه السلام)، فإن المقصود بالرجعة قبل قيامه (عليه السلام) هي الرجعة الروحية وليست المادية، حيث إن أنصار الإمام سيخوضون حرباً في الكوفة ضد أعداء الله ورسوله وسترجع أرواح بعض المؤمنين بتسديدهم وتأييدهم.
2- جاء في الكافي عن بكير بن أعين عن أبي عبد الله (عليه السلام) :
(.... ثم يسير بتلك الرايات كلها حتى يرد الكوفة وقد جمع بها أكثر أهل الأرض يجعلها له معقلا ثم يتصل به وبأصحابه خبر المهدي فيقولون له يا بن رسول الله من هذا الذي نزل بساحتنا فيقول الحسين (عليه السلام) اخرجوا بنا إليه حتى ننظر من هو وما يريد، وهو يعلم والله انه المهدي (عليه السلام) وانه ليعرفه وانه لم يرد بذلك الأمر إلا الله .
فيخرج الحسين (عليه السلام) وبين يديه أربعة آلاف رجل في أعناقهم المصاحف وعليهم المسوح مقلدين سيوفهم فيقبل الحسين (عليه السلام) حتى ينزل بقرب المهدي (عليه السلام)، فيقول سائلوا عن هذا الرجل من هو وماذا يريد، فيخرج بعض أصحاب الحسين (عليه السلام) إلى عسكر المهدي فيقولون أيها العسكر الجائل من انتم حياكم الله ومن صاحبكم هذا وماذا يريد.
فيقول أصحاب المهدي (عليه السلام) هذا مهدي آل محمد (عليه السلام) ونحن أنصاره من الجن والإنس والملائكة .
ثم يقول الحسين (عليه السلام) خلوا بيني وبين هذا فيخرج إليه المهدي (عليه السلام) فيقفان بين العسكرين، فيقول الحسين (عليه السلام): إن كنت مهدي آل محمد فأين هراوة جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وخاتمه وبردته ودرعه الفاضل وعمامته السحاب وفرسه وناقته العضباء وبغلته دلدل وحماره يعفور ونجيبه البراق وتاجه والمصحف الذي جمعه أمير المؤمنين (عليه السلام) ...
ثم يقول الحسين (عليه السلام) يا بن رسول الله أسالك أن تغرس هراوة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) في هذا الحجر الصلد وتسأل الله أن ينبتها فيه ولا يريد بذلك إلا أن يري أصحابه فضل المهدي (عليه السلام) حتى يطيعوه ويبايعوه: ويأخذ المهدي (عليه السلام) الهراوة فيغرسها فتنبت فتعلوا وتفرع وتورق حتى تظل عسكر الحسين (عليه السلام).
فيقول الحسين (عليه السلام) الله أكبر يا بن رسول الله مد يدك حتى أبايعك فيبايعه الحسين (عليه السلام) وسائر عسكره إلا أربعة آلاف ...)( كتاب الأم للشافعي ج6 ص86).
يتبين لنا من هذه الرواية للوهلة الأولى إن الحسين (عليه السلام) يكون مطيعاً للإمام المهدي(عليه السلام) ويكون تابعاً وهذا ما لا يقبله الإمام المهدي(عليه السلام) لأبيه الحسين(عليه السلام) فإن من الثابت عندنا إن الحسين (عليه السلام) أشرف وأفضل من ابنه المهدي (عليه السلام) .
ثم إن أتباعه إذا كانوا يؤمنون بان قائدهم هو الحسين (عليه السلام) والذي قوله وفعله وتقريره حجة عليهم وهو الإمام المفترض الطاعة فما معنى إن الحسين (عليه السلام) يطلب من المهدي اليقين والمعجزة أو أن يظهر مواريث الأنبياء فقد كان من الممكن إن الحسين (عليه السلام) يخبر أصحابه إن صاحب العسكر المقابل هو المهدي (عليه السلام) وان عليهم بيعته وأتباعه وطاعته ويجب عليهم حينئذ الامتثال لكلام المعصوم ولا حاجة إلى البينات التي طلبها الحسين (عليه السلام) .
ثم إنهم لو كانوا يعتقدون إن قائدهم هو الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) فكيف يعصي أربعة آلاف شخص أمره بعد أداء البيعة للمهدي (عليه السلام) وهم من كانوا قبل ذلك يأتمرون بأمره (عليه السلام) .
وبملاحظة هذه النقاط يتضح لنا إن صاحب الجيش والذي بايع المهدي ليس الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) بل هو احد ممهدي الإمام المهدي (عليه السلام) وهو سيد علوي من ذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وانه مسدداً بروح الحسين (عليه السلام) لذلك عبر عنه بالرواية بالحسين ولم يقل الإمام الحسين (عليه السلام).
واليك ما يؤكد ذلك ، فقد جاء في الرواية الشريفة:
( ثم يخرج الحسني الفتى الصبيح الذي نحو الديلم يصيح بصوت له فصيح يا آل احمد أجيبوا الملهوف والمنادي من حول الضريح فتجيبه كنوز الله بالطالقان كنوز وأي كنوز ليست من فضة ولا ذهب بل هي رجال كزبر الحديد على البراذين الشهب بأيديهم الحراب ولم يزل يقتل الظلمة حتى يرد الكوفة وقد صفا أكثر الأرض فيجعلها له معقلا فيتصل به وبأصحابه خبر المهدي (عليه السلام).
ويقول يا بن رسول الله من هذا الذي قد نزل بساحتنا ؟ فيقول : أخرجوا بنا إليه حتى ننظر من هو ؟ وما يريد ؟ وهو والله يعلم انه المهدي وانه ليعرفه ولم يرد بذلك الأمر إلا ليعرف أصحابه من هو ؟
فيخرج الحسني فيقول: إن كنت مهدي آل محمد أين هراوة جدك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وخاتمه وبردته ودرعه الفاضل وعمامته السحاب وفرسه اليربوع وناقته العضباء وبغلته الدلدل وحماره اليعفور ونجيبه البراق ومصحف أمير المؤمنين (عليه السلام) ؟
فيخرج له ذلك ثم يأخذ الهراوة فيغرسها في الحجر الصلد وتورق ولم يرد بذلك إلا أن يري أصحابه فضل المهدي (عليه السلام) حتى يبايعوه فيقول الحسني الله أكبر مد يدك يا ابن رسول الله حتى نبايعك فيمد يده فيبايعه ويبايعه سائر العسكر الذي مع الحسني إلا أربعين ألف ... )( بحار الأنوار ج53 ص15) .
فلو لاحظنا هذه الرواية لوجدناها تحمل نفس مضمون الرواية السابقة التي جاءت باسم الحسين وهذا ما يؤكد إن الروايتين تتحدثان عن شخص واحد لا شخصين وهو السيد الحسني اليماني والمشار إليه في الرواية السابقة الحسني الفتى الصبيح المسدد والمؤيد بروح الإمام الحسين (عليه السلام) ولذلك سمي بالحسين في الرواية الأولى وبهذا تتضح لنا إن هناك رجعة روحية تسبق قيام الإمام المهدي (عليه السلام) أو مقترنة زماناً بقيامه الشريف.
3- روى المفضل بن عمر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
( يخرج مع القائم (عليه السلام) من ظهر الكوفة سبع وعشرين رجلاً، خمسة عشر من قوم موسى (عليه السلام) الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون وسبعة من أهل الكوفة ويوشع بن نون وسلمان وأبو دجانة الأنصاري والمقداد ومالك الأشتر فيكونون بين يديه أنصاراً وحكاماً)( روضة الواعظين ص266).
والملاحظ من الرواية الشريفة إن هؤلاء السبعة والعشرين رجلاً يخرجون من ظهر الكوفة كما انهم يكونون حكاماً للإمام المهدي (عليه السلام) في البلاد، ونحن نعلم إن الحكام الذين يبعثهم الإمام المهدي (عليه السلام) في الأقاليم هم أصحابه الثلاثمائة والثلاثة عشر.
فعن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ( كأني انظر إلى القائم على منبر الكوفة وحوله أصحابه الثلاثمائة والثلاثة عشر رجلا عدة أهل بدر وهم أصحاب الألوية وهم حكام الله في أرضه على خلقه )( الكافي ج8 ص318).
فيلزم من هذا أن يكون السبعة وعشرين رجلاً الذين يخرجون مع القائم من ظهر الكوفة والذين وصفتهم الرواية بان الإمام يبعثهم حكاماً، هم من الثلاثمائة والثلاثة عشر لأن هؤلاء هم حكام الأرض كما ذكرت الرواية الثانية وهناك عدة ملاحظات :
أ- لو كانت الرجعة المقصودة في رواية المفضل التي تتحدث عن السبعة وعشرين رجلاً، رجعة مادية للزم أن لا يترك واحداً من هؤلاء الرجال السبعة وعشرين الإمام المهدي (عليه السلام) في أي حال من الأحوال، ولا يقع الشك منهم بشخصه مطلقاً، وذلك لمكانتهم ومقامهم الرفيع ومنهم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم تسليما) وأمير المؤمنين (عليه السلام)، وأوصياء موسى (عليه السلام)، كما إنهم قد عرفوا حقائق الأمور فكيف يمكن أن نتصور أنهم يتركوا الإمام المهدي (عليه السلام) ويشكوا فيه (عليه السلام).
فقد جاء في الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال:
( كأني بالقائم على منبر الكوفة عليه قباء فيخرج من وريان قبائه كتاباً مختوماً بخاتم من ذهب فيفكه فيقرأ على الناس فيجفلون إجفال الغنم فلم يبق إلا النقباء فيتكلم بكلام فلا يلحقون ملجأً حتى يرجعوا إليه وإني لأعلم علم الكلام الذي يتكلم به )( إلزام الناصب ج2 ص260.
فمن هذه الرواية يتضح إن جميع أصحاب المهدي (عليه السلام) يتركونه نتيجة كلام لا يحتملونه من الإمام (عليه السلام) إلا اثنا عشر رجلا منهم هم الوزير واحد عشر رجلا وهم النقباء، فلو تنزلنا وقلنا إن هؤلاء الإثنا عشر النقباء هم من السبعة وعشرين رجلاً الذين يرجعون ويخرجون من ظهر الكوفة فما بال الباقين منهم وهم على هذا يكونون خمسة عشر رجلا، فهل شكوا هم أيضا بالإمام (عليه السلام) ؟ فلو كان كذلك فما الحكمة من إرجاعهم ؟ وهل يقبل بذلك عاقل يا ترى؟!.
فإن الله حينما أرجعهم، أرجعهم لغاية، وهي نصرة الإمام (عليه السلام) وطاعته في كل حال فكيف نتصور خلاف ذلك.
ب- ثم يرد أيضا لو كانت الرجعة المقصودة هنا رجعة مادية فما معنى إنهم يخرجون من ظهر الكوفة ؟ فإن أماكن دفنهم متفرقة ويلزم أن يخرج كل منهم من موضع قبره.
ولكن الصحيح والذي هو الحق إن الرجعة المقصودة هنا رجعة روحية، فإن هؤلاء السبعة وعشرين رجلاً الذين يخرجون من ظهر الكوفة، هم ممن يوفقون إلى نصرة الإمام (عليه السلام) من المنتظرين له في آخر الزمان، ويكونون مسددين بأرواح سبعة وعشرين رجلا، خمسة عشر من قوم موسى (عليه السلام) وسبعة من أهل الكوفة القدماء ويوشع بن نون وسلمان وأبو دجانة والمقداد ومالك الأشتر .
4يتبع يتبع
تعليق