إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عالم الذرالحلقه2

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عالم الذرالحلقه2

    الدليل العقلي:
    إن عالم الروح من أوسع العوالم وأعمقها فقد توصل حكماء اليونان والعرب إلى الوقوف على مشارف ذلك العالم دون الخوض فيه وذلك لأنه عالم لا يرى بالعين ولا يستدل عليه بدليل بل بآثاره، أي أنه لولا آثاره المنبعثة من صميم الإنسان ومسألة الموت والحياة لما صدقوا به ولا عرفوه منذ تلك الفترة حتى جاء الإسلام.
    واستدل أيضا بآثاره ونسب العجز لأصحاب العقول بأنهم لا يدركون من الروح إلا القليل ولا يعرفون كنهها وماهيتها لان هناك مقتضيات متصلة بمعرفة الروح ولها علاقة بمعرفة الرب، إذن فحينما نبحث في مثل هذا العالم سوف يكون كل منها شبيها بالواقعي لأنه يميل إلى المثالية أكثر من ميلانه إلى الواقعية وبطبيعة الحال سوف نواجه مشاكل كثيرة.
    فمثلا إذا أردنا التكلم عن أصل الخلق وكيف خلق الله الخلق وهل كان خلقهم على (كن فيكون) أو على نحو الواسطة، والعلة ناقصة فهذا الكلام يراد له تحقيق لكن الثابت من هذه المسألة هو أن الله أراد أن يجعل الحياة للإنسان (الجنين) وهو في بطن أمه يرسل له الروح عن طريق الملائكة، بيد أننا سنواجه هنا أسئلة لابد منها:
    هل هذه الروح كانت مخلوقة أم خلقت عند احتياج الجنين إليها باعتبار أنه وصل إلى الحد المقرر المتفق عليه في السن الطبيعية وهو أربعة أشهر فما فوق؟
    والكلام حول هذا وهو أن العلم الحديث بعيد كل البعد عن إدراك مثل هذه المسائل لما فيها من حكمة ربانية وأسرار إلهية والعقل قاصر عن إدراك ( الميتافيزيقي) إدراكا كليا أو شبه كلي، إذن نقر الرجوع إلى إسناد السنة الشريفة باعتبارها مصدر الحكمة الربانية ومستودع الأسرار الإلهية وكثير من الروايات تؤكد بأن خلق الأرواح قبل الأجساد وأنها في عالم ثان لا نعلمه وقد استدللنا بالقرآن على وجود حياة قبل هذه الحياة، وحديث الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) المنقولة من قبل العامة والخاصة هو ( أن الله خلق الأرواح قبل الأجساد بالفي عام....)( ).
    مما يشير إلى أن الروح مخلوقة قبل الجسد ومقتضى الحكمة أن السنن المأخوذة عن النبيين والقرآن تامة وقائمة من البداية حتى نهاية العالم { سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا } أو الحديث المروي عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما): ( أبى الله أن يجري الأشياء إلا بأسبابها)( ).
    فأن خلق الأرواح قبل الأجساد قريب جدا من السنن المقررة حيث نحتاج إلى إعطاء فطرة لهذا الإنسان وأن هذه الفطرة تكون متدخلة في عالم الروح أكثر من تدخلها في عالم الجسد حيث أن الفطرة معنوية والجسد مادي، وكذلك ترك نفحة روحية أو مثالية داخل الإنسان باعتبار أنه كان يعيش عالم ثان روحاني لطيف مما يندر في هذا العالم.

    تفسير آية الميثاق
    {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِين أَو ْتَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ}
    إن في هذه الآيات الدلالة الصريحة على عالم الذر حيث أوضحت الآيات كيفية أخذ العهد (الميثاق) من بني آدم وسميت الآية الأولى بآية الميثاق وذلك لدلالتها على الميثاق، والميثاق هو ذلك العهد الذي أخذ منا بأن نعبد الله ولا نشرك به شيئا، فلو رجعنا إلى عالم التفسير ونظرنا نظرة عميقة عما يدور في تفسير هذه الآية لوجدنا التفاسير والآراء مختلفة فيها على وجهين كما سنوضح ذلك فيما بعد والغرض المهم الآن هو تفسير الآية على ضوء ما اكتمل من آراء في تفسيرها ولعل أكثر المفسرين يشير إلى ذلك الرأي.
    وإذ أخذ ربك من بني آدم: أخذ الشيء يوجب انفصال المأخوذ منه واستقلاله دونه بنحو من الأنحاء وهو يختلف بأختلاف الاعتبارات المأخوذة منها كأخذ اللقمة من الطعام وغيرها ففي صميم هذا البحث تؤكد لنا الآية الكريمة عن طريق (وإذ اخذ) بأن هناك شيئا قد اخذ فمن الآخذ؟ وما هو المأخوذ؟ ومن هو المأخوذ منه ؟
    أن الآخذ هو الله تعالى جل جلاله بدليل الآية { وإذ أخذ ربك } والمأخوذ منه {بني آدم}، يقول السيد محمد حسين الطباطبائي ( فمجرد الأخذ من الشيء لا يوضح نوعه إلا ببيان زائد لذلك أضاف الله سبحانه إلى قوله: {وإذ أخذ ربك من بني آدم} الدال على تفريقهم وتفصيل بعضهم من بعض قوله ( ظهورهم) ليدل على نوع الفصل والأخذ وهو أخذ بعض المادة منها بحيث لا تنقص المادة المأخوذ منها بحسب صورتها ولا تنقلب عن تمامها واستقلالها))( ).

    ألا ترى لو قال اله تعالى من ( ظهره) يعني من ظهر آدم للزم المحذور وهو ( أن الأخذ لا يتناسب مع المأخوذ منه لأنه محدود) لذلك قال تعالى: { من ظهورهم} فيؤخذ الولد من ظهر من يلده ويولده يعني تصوير المعنى بأن ظهر آدم مصدر أولي والمأخوذ منه سوف يكون مستقلا عنه فيؤخذ أيضا من ظهره فيكون مصدرا ثانيا وهكذا يستمر حتى يتم الأخذ من جميع ظهور بني آدم.
    أما قوله (ذريتهم) فذلك إشارة إلى المعنى المذكور حيث قال: ( ذريتهم) وفي هذا اللفظ دلالة على أنهم كانوا مصورين وأحدهم رأى الآخر ألا ترى لو قال (ذراتهم) فهذا لا يدل على أنهم مصورين لان الذرة بما هي معنى لا يدل على الصورة، أما الذرية فمن شأنها أن تدل على الصورة ولفظ (الذرية) لا يستخدم إلا على المصورين.
    أما قوله جل جلالة {وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم} يعني أعطاهم استعدادهم وقابلياتهم لو سألهم عن شيء لأجابوا وبعدها سألهم ألست بربكم ؟ فأجابوه {بلى شهدنا} وفي هذا الكلام إشارة إلى الشهادة المعهودة بأنها كانت شهادة لربوبيته سبحانه جل جلالة واعتراف بأنه واحد لا شريك له وفي ضمن هذا الإشهاد وكلام تفصيلي نوضحه فيما بعد أن شاء الله في فقرة (ماهية الميثاق).
    وقد حصل خلاف بين المفسرين: هل هذا الإشهاد كان بلسان الحال أم بلسان المقال فمنهم من قال بأن الأخذ موجود وكنا في عالم الذر أرواحا يعني يثبت (عالم الذر) قال الإشهاد وبلسان المقال ومن قال بأن الإشهاد كان على نحو المجاز وهو بلسان الحال والذي سوف نوضحه إن شاء الله.
    أما قوله تعالى: { أن تقولوا يوم القيامة أنا كنا عن هذا غافلين } ففي هذا المقام إبطال الحجة الأولى التي يحتج بها العبد على ربه حيث يقول له إني كنت غافلا عن آلائك ومعجزاتك فالدنيا مليئة بالمفاسد ومغريات الحياة التي تؤدي إلى غفلة الإنسان ؟ وقد ثبت بأن حساب الغافل باطل لذلك فإن هذه حكمة من حكم عالم الذر.
    أما الحجة الثانية التي يحتج بها العبد على خالقه هي التقليد فإن الله أبطل التقليد الذي يعد في هذا المقام نسخا للشخصية لقوله تعالى: {أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ }( ).
    يقول السيد الطباطبائي: ( لو لم يقع هناك بالنسبة إلى الذرية أشهاد وأخذ وميثاق كان لازم في هذه النشأة أن لا يكون لهم سبيل إلى معرفة الربوبية فيها أصلا وحينئذ لم يقع منهم معصية شرك بل كان ذلك فعل آبائهم وليس لهم إلا التبعية العملية لآبائهم والنشوء على شركهم من غير علم)( ).
    لكن رحمة الله وسعت كل شيء وهذا جزء من رحمته للعباد .

    زمان ومكان الإشهاد
    وقع خلاف كثير بين الذين أثبتوا وأقروا عالم الذر حين كان ذلك الأشهاد وفي أي زمن علما بأنها لاتحد بِصِلة قوية سواء كان الأخذ هنا أو هناك ماذا تغير في الموضوع؟ لكننا برغم ذلك سننقل الآراء التي وردت عن طريق الأحاديث ففي زمان الأشهاد والشهادة هو يوم عرفة.
    عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) قال: (ان الله تعالى أخذ الميثاق من ذرية دم (عليه السلام) بنعمان يوم عرفة فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنشرها بين يديه...)( ).
    وأما مكان الأشهاد فهو مختلف فيه.
    {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}( ).

    كيفية الاستخراج
    لقد تناول الكثيرين موضوع الكيفية (يعني كيفية استخراج الذرية من ظهر آدم) فوقعوا في المحذور وهو التجسيم لله جل جلاله، وبعضهم ذكر آراء بعيدة جدا مثل من قال بأن الله مسح ظهر آدم وأخرج ذريته منه كلهم كهيئة الذر ثم اختلفوا في الإخراج، هل شق ظهره وأستخرجهم من بعض الثقوب رأسا، وكلا الوجهان بعيدان لأننا ذكرنا بأن هذا الذر لم يكن جوهرا محسوسا بل هو جوهر مجرد ولذلك لا تجري على هذا الكلام إشكالات المعتزلة وغيرهم كما سيأتي بيانه.
    وأما ما ذكره البعض الآخر فهو أبعد من الأول حيث يقول بأنه استخرج من مسام شعر ظهره إذ تحت كل شعرة ثقبة دقيقة يقال لها سم مثل سم الخياط في النفوذ لا في السعة فتخرج الذرة منها كما يخرج العَرَق السائل.
    أقول: لا أدري ما الداعي إلى هذا الكلام وكان أولى لأن يذكر في السنة الشريفة فنتطرق للكيفية ولكنها سكتت عنه، فقد جاء عن علي أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: ( إن الله سكت عن أشياء لم يسكت عنها نسيانا فلا تتكلفوها)( ).
    وأفضل الأقوال ما قاله سيد قطب في تفسيره ( أن كيفيات فعل الله سبحانه وتعالى غيبية كذاته ولا يملك الإدراك البشري أن يدرك كيفيات فعل من أفعال الله مادام لا يملك أن يدرك ذات الله اذ أن تصور الكيفية فرع عن تصور الماهية وكل فعل ينسب إليه تعالى سبحانه مثل الذي يحكيه قوله تعالى: {ثمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}( ) وفي قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}( ) ).

    لسان الحال ولسان المقال
    إذا كنا قد ركزنا أذهاننا في البحث عن حقيقة عالم الذر فأن من الأجدر بنا البحث عن الأمور المبعدة عن الحقيقة في عالم التفسير والآراء، فهناك مشاكل تمر بالإنسان الباحث لعله يقع بها من حيث لا يشعر، ومن ضمن المشاكل المبتلى بها في عالم التفسير هو التعمق والتمركز في نقطة أو في عامل مساعد من العوامل المساعدة على التفسير وهي البلاغة والمنطق والفلسفة وغيرها من العلوم المساعدة للتفسير، لذلك نرى أن الأكثر ظل ينظر على عكس ما كان معهودا سابقا، كانت النظرة الصحيحة هي نظرة بعين المجاز ومن ثم إلى عالم الحقيقة باعتبار أن عالم الحقيقة القلة القليلة التي تدركه، أو أن الباحث نفسه يركز جهده على علم واحد دون العلوم الأخرى لذلك تجد تفسيره ذا اتجاه وإطار واحد، فمثلا الزمخشري نراه ينظر بعين البلاغة ومن ثم ينظر بعين العلوم الأخرى، لذلك نراه يبتعد عن الحقيقة.
    ومن ضمن الأمور التي دخلت في دوامة المفسرين هي (الإشهاد) في آية الميثاق، هل كان على نحو الحقيقة يعني ( بلسان المقال) أو على نحو المجاز يعني ( بلسان الحال) ومعنى القولين هو أن لسان الحال ( هو انكشاف المعنى عن الشيء لدلالة صفة من صفاته وحال من أحواله سواء شعر به أم لا).
    كما تفصح الديار الخربة عن حال ساكنيها وكيف لعب الدهر بهم وهذا الشعر مشهور عند خطباء المنبر الحسيني حيث أصبح كل واحد يعرفه حتى الذي ليس له نصيب من الثقافة مثل ( لسان حال العقيلة زينب يقول كذا) ، ولهذا شواهد كثيرة من القرآن قال تعالى: {ما كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ}( ).
    حالهم شاهد عليهم بذلك لأنهم قائلين ذلك، وكذلك قوله تعالى: {وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيد}( ).
    وأما لسان المقال (هو انكشاف المعنى عن المقال) كقوله تعالى: {يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ}( ).
    أن الذين التزموا بأن الإشهاد كان بلسان الحال أنكروا (عالم الذر) وحملوا الآية على المجاز وقالوا أن هذا الإشهاد كان بلسان الحال في عالم الدنيا ويقول الشيخ المراغي( ) (( أن الشهادة في هذا العالم حيث أشهد الله كل واحد من هؤلاء الذرية الحادثة جيلا بعد جيل على نفسه بما أودعه الله من غريزة واستعداد قائلا لهم قال إرادة وتكون لا قول هي وتبليغ {ألست بربكم} فقالوا بلسان الحال لا بلسان المقال بلى أنت ربنا المستحق وحدك العبادة فالكلام من قبيل التمثيل وله نظائر في القرآن الكريم وأساليب العرب كقوله تعالى: {ثمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}( ) وقوله تعالى: {انَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون}( ) وقول بعض العرب :

    قال الجدار للوتد لم تشقني
    قال سلني من يدقني

    وكذلك قال الشاعر: أمتلئ الحوض وقال قطني
    فهذا النوع من المجاز والاستعارة مشهور في الكلام فوجب حمل الكلام عليها)).

    وهذا ما يذهب إليه ابن الاثير والزمخشري وابن القيم ومحمد عبدة وغيرهم من أنكر وجود عالم الذر .
    أن الصحيح بعد التحقيق أن هذا الإشهاد كان على نحو الحقيقة لا المجاز يعني على نحو (لسان المقال) لأنه مدعوم بدليلين عقلي ونقلي، فأما الدليل النقلي فهو ما ذهب إليه كثير من المفسرين وشهودهم كسعيد ابن جبير وسعيد بن المسيب الضحاك وعكرمة وعن ابن عباس (رض) أن الإشهاد كان بلسان المقال( ).
    أما الدليل العقلي: فإن كل شيء نختلف به نرجع به إلى الأصل فالحقيقية أصل والمجاز فرع خصوصا إذا كان هذا الشيء غير ممتنع عقلا وغير معارض للشريعة ومؤيد بأسانيد عديدة صحيحة فهذا ما يؤخذ به على نحو الحقيقة وهو (لسان المقال) وكما يقول بعضهم ( إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل) ومحتمل أن يكون الكلام بلسان ملكوتي كما ذهب إليه الفيض الكاشاني حيث يقول: ((ولا يبعد أيضاً أن يكون ذلك النطق باللسان الملكوتي في عالم المثالي الذي دون عالم العقل فإن لكل شيء ملكوتا في ذلك العالم كما أشار إليه في قوله تعالى: {فسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُون}( ) والملكوت باطن الملك، وهو كله حياة، ولكل ذرة لسان ملكوتي ناطق بالتسبيح والتمجيد والتوحيد والتحميد وبذلك اللسان نطق الحصى في كف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وبه تنطق الأرض يوم القيامة {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} وبه تنطق الجوارح {انطقنا الله الذي أنطق كل شيء}))( ).
    (... القائم المهدي من ولد علي اشبه الناس بعيسى بن مريم خلقاً وخُلقاً وسمتاً وهيبةً ...)
يعمل...
X