من هم أصحاب اليمين
وجدنا أثناء البحث أن كثيرا من مفسري الجمهور يقولون بأن أصحاب اليمين هم المسلمون وأصحاب الشمال هم الكافرون وقد حصل هذا التمييز في عالم الذر وقد برهنوا عليه عن طريق النقل، لكن هذا لم يؤيد بدليل عقلي لان أصحاب اليمين قد تحدث عنهم القرآن فنعتهم وبين ما لهم من الجزاء، قال تعالى: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ في سِدْرٍ مَخْضُودٍَ وطَلْحٍ مَنْضُودٍ وَظِلٍّ مَمْدُود ٍوَمَاءٍ مَسْكُوبٍ وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ}( ).
ألا ترى أن هذا الجزء لا ينطبق على كل من شهد الشهادتين لأنه ينافي العدل الإلهي لان في المسلمين من ظلم أولياء الله والله وعده بالعقاب العظيم ومنهم من يرتكب المحرمات وينقض عهد الله وينكر ولاية أمير المؤمنين لذلك تعين أن يكون اخص من ذلك وهم القلة القليلة من الشيعة.
وما رواه الحسن بن محبوب عن جابر بن عبد الله عن أبي عبد الله (عليه السلام) يؤكد ذلك عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) قال لعلي (عليه السلام): (يا علي أنت الذي أحتج الله بك على الخلائق حين أقامهم أشباحا في ابتداعهم فقال لهم ألست بربكم ؟ قالوا بلى فقال ومحمد نبيكم ؟ قالوا: بلى قال وعلي إمامكم ؟ قال: فأبى الخلائق جميعا عن ولايتك والإقرار بفضلك وعتوا عنها استكبارا إلا قليلا منهم وهم أصحاب اليمين وهم أقل القليل)( ).
وهذا يؤكد لنا بأنهم حتى أخص من موالي أمير المؤمنين بل شيعة أمير المؤمنين هم أصحاب اليمين لذلك لا تشمل من نطق بلسانه وانعقد عليها قلبه لكنه لم يطبق بفعله ( رب ظالم منتسب إلى أمير المؤمنين وهو بريء منه).
الحجر الأسود يشهد علينا
كثيرا من الناس من يعتقد بأن هذا الحجر (الحجر الأسود) الموجود في الكعبة هو حجر موضوع من أجل زينة الكعبة أو من أجل فخامة الكعبة أو غيرها من الأمور التي تمر على العقل الساذج، لكنه أعمق من هذا بكثير حيث يوجد في الحجر الأسود سر رباني قد استودعه الله فيه وأن كثيرا من الروايات نطقت وصرحت بهذا السر حيث أن الحجر الأسود كان ملكا من ملائكة السماء أو كان من ضمن الشهود وعند الإشهاد ( أخذ العهد منا في عالم الذر).
قال الأمام أبو جعفر الباقر (عليه السلام): ( إن الله استودع إبراهيم الحجر الأبيض وكان بياضا من القراطيس فأسود من خطايا بني آدم)( ).
أي أنه كان ملكا وأنزله الله درة بيضاء إلى الأرض ولا يصح القول بأنه حجر لا ينفع ولا يضر، لان عقيدتنا متصلة اتصالا كليا بالقوانين الربانية وجميع القوانين موضوعة لمصالح معنوية أو مادية، قال تعالى: {ومَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ}( ).
وعن عبد الله بن الحلبي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) قال: (حج عمر أول السنة من الحج وهو خليفة فحج في تلك السنة المهاجرين والأنصار وكان علي قد حج تلك السنة بالحسن والحسين (عليهما السلام) وبعبد الله بن جعفر قال: فلما أحرم عبد الله لبس الإزار والرداء مصبوغتين بطين المشق ثم أتى إليه عمر وهو يلبي وعليه الإزار والرداء وهو يسير إلى جنب علي (عليه السلام) فقال عمر من خلفهم ما هذه البدعة التي في الحرم؟ فالتفت إليه علي (عليه السلام) فقال له يا عمر لا ينبغي لأحد أن يعلمنا السنة، فقال عمر: صدقت يا أبا الحسن لا والله ما علمت أنكم هم، قال: فكانت تلك واحدة في سفر لهم فلما دخلوا مكة طافوا بالبيت فأستلم عمر الحجر وقال: أما والله أن لأعلم أنك حجر لا تنفع ولا تضر ولو لا أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) استلمك فقال له علي (عليه السلام) (مه) يا أبا حفص لا تعمل فأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) لم يستلم إلا لأمر علمه ولو قرأت القرآن فعلمت من تأويله ما علم غيرك لعلمت أنه يضر وينفع له عينان وشفتان ولسان ذلق يشهد لمن وافاه بالموافاة فقال له عمر: فأوجدني ذلك في كتاب الله يا أبا الحسن؟ فقال علي (عليه السلام) قوله تعالى:
{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} فلما أقروه بالطاعة بأنه الرب وانعم على العباد وأخذ عليهم الميثاق بالحج إلى بيته الحرام ثم خلق الله رق أرق من الماء وقال للقلم أكتب فوافاه الرق ثم قال للحجر: أهبط واشهد لعبادي بالموافاة فهبط الحجر مطيعا لله، يا عمر أوليس إذا استلمت الحجر قلت أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة، فقال عمر: اللهم نعم)( ).
وورد في الكافي بهذا المعنى عن محمد بن يحيى وغيره عن أحمد عن موسى بن عمير عن ابن سنان قال: (لأي علة وضع الله الحجر بالركن الذي هو فيه ولم يوضع في غيره ؟ ولأي علة يقبّل ؟ ولأي علة أخرج من الجنة؟ ولأي علة وضع ميثاق العباد فيه والعهد فيه ولم يوضع في غيره ؟ وكيف السبب في ذلك ؟ تخبرني جعلني الله فداك فأن تفكيري فيه لعجب؟ قال: فقال سألت وأعضلت في المسألة واستمعت فأفهم الجواب وفرغ قلبك وأصغ سمعك إن شاء الله، أن الله تبارك وتعالى وضع الحجر الأسود وهي جوهرة أخرجت من الجنة إلى آدم فوضعت في ذلك الركن لعلة الميثاق وذلك أنه لما أخذ من بني آدم من ظهورهم ذريتهم حين أخذ الله عليهم الميثاق في ذلك المكان وفي ذلك المكان تراءى لهم وفي ذلك المكان يهبط الطير على القائم (عليه السلام) فأول من يبدأ معه ذلك الطاير هو جبرائيل وعلى ذلك المقام يسند القائم ظهره وهو الحجة والدليل على القائم وهو الشاهد لمن وافى في ذلك المكان والشاهد على منادي إليه الميثاق والعهد الذي أخذه الله عز وجل على العباد، فأما القبّلة والاستلام فلعله تجديدا لذلك العهد والميثاق فيأتوه في كل سنة ويؤدوا إليه ذلك العهد والأمانة اللذين أخذ عليهم، ألا ترى انك تقول ( أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة) والله ما يؤدي ذلك غير شيعتنا ولا حفظ ذلك العهد والميثاق فينكرهم ويكذبهم وذلك انه لم يحفظ ذلك غيركم فلكم والله يشهد وعليهم والله يشهد بالكفر والجحود وهو الحجة البالغة من الله عليهم يوم القيامة يجيء وله لسان ناطق وعينان في صورته الأولى تعرفه الخلق ولا تنكره يشهد لمن وافاه وجدد الميثاق والعهد عنده يحفظ العهد والميثاق بالكفر والإنكار.
وأما علة ما أخرجه الله من الجنة، فهل تدري ما كان الحجر ؟ قلت لا ، قال: كان ملكا من عظماء الملائكة عند الله فلما أخذ الله من الملائكة الميثاق كان أول من آمن به وأقر ذلك فأتخذه الله أمينا على جميع خلقه فألقمه الميثاق وأودعه عنده واستعبد الخلق أن يجددوا عنده في كل سنة الإقرار بالميثاق والعهد الذي أخذه الله عز وجل عليهم ثم جعله الله مع آدم في الجنة يذكره الميثاق ويجدد عنده الإقرار في كل سنة، فلما عصى آدم ربه وأخرج من الجنة أنساه الله العهد والميثاق الذي أخذه الله عليه وعلى ولده محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ولوصيه علي (عليه السلام) وجعله تائها حيرانا فلما تاب الله على آدم حول ذلك الملك في صورة بيضاء فرماه من الجنة إلى آدم وهو بأرض الهند فلما نظر إليه أنس إليه وهو لا يعرف بأكثر من انه جوهرة وأنطقه الله عز وجل فقال له: يا آدم أتعرفني ؟ قال: لا، قال أجل استحوذ عليك الشيطان فأنساك ذكر ربك، ثم تحول إلى صورته التي مع آدم (عليه السلام) وذكر الميثاق وحضنه وبكى وقبله وجدد الإقرار بالعهد والميثاق ثم حوله الله عز وجل إلى جوهرة الحجر درة بيضاء صافية تضيء فحمله آدم على عاتقه إجلالا له وتعظيما فكان إذا عيا حمله عنه جبرائيل (عليه السلام) حتى وافى به بمكة فما زال يأنس به بمكة ويجدد الإقرار له كل يوم وليلة ثم أن الله عز وجل لما بنى الكعبة وضع الحجر في ذلك المكان لأنه تبارك وتعالى حين أخذ الميثاق من ولد آدم (عليه السلام) أخذه الله في ذلك المكان القم الله الملك الميثاق ولذلك وضع في ذلك الركن وتنحى أدم من مكان البيت إلى الصفا وهوى إلى المروة ووضع الحجر في ذلك المكان فلما نظر أدم من الصفا وقد وضع الحجر في الركن كبر الله وهلله ومجده فلذلك جرت السنة بالتكبير واستقبال الركن الذي فيه الحجر من الصفا، وان الله أودعه العهد والميثاق دون غيره من الملائكة لان الله عز وجل لما أخذ له الميثاق بالربوبية ولمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) بالنبوة ولعلي (عليه السلام) بالوصية أصطكت فرائص الملائكة فأول من أسرع الإقرار ذلك الملك ولم يكن فيهم أشد حبا لمحمد وآل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) منه فلذلك أختاره الله من بينهم وألقمه الميثاق وهو يجيء يوم القيامة وله لسان ناطق وعين ناظرة يشهد لكل من وافاه إلى ذلك المكان وحفظ الميثاق)( ).
عالم الذر والقوة الواهمة
أن من ضمن الأدلة التي يمكن أن يستدل بها على عالم الذر هي القوة الواهمة، حيث نجد كثيرا من الأشياء التي نعرفها وندركها عن طريق القوة الواهمة من أشياء خالصة من الماديات تعتبر من عالم المجردات، فنصفها بأدق تعابيرها ونعطي الحد الكامل لها ولا نستطيع أن نتصور بالواهمة شيئا مستحيلا معينا غير ممكن الوجود حتى ولو بالمستقبل، فشريك الباري مثلا لا يمكننا أن نتصوره أو نتعقله أو حتى أن نعطي نبذة مختصرة بالواهمة عنه وذلك لان قوتنا الواهمة مقصورة على ما رأت في عالم الذر ولا يمكن أن نعطي شيئا أكثر منه، ولعل أحد يقول فما بال الوثنيين وعبدة الأصنام اتخذوا إلها، أليس هذا من صميم القوة الواهمة ؟
فنقول: أن هؤلاء أنفسهم يدركون بأنها من صنع أيديهم ولا تملك لهم نفعا أو ضرا ولا حياة ولا نشورا وقد تكون من صنع الشيطان كما ورد في الروايات بأنه يوحي لأوليائه بأن افعل كذا أو قل كذا، وأجمل وأروع ما يوضح ذلك الارتباط بين عالم الذر والقوة الواهمة هو قول الأمام زين العابدين (عليه السلام) في مناجاة العارفين حيث يقول: (وما أحلى المسير إليك بالأوهام في مسالك الغيوب).
فإذا كانت الواهمة غير صحيحة وأنها غير محدودة فلا يمكن المسير إلى الله بالأوهام، علما بأن العرفاء يعتمدون اعتمادا كليا على تلك القوة حيث يعتقدون بادراك جزء من الغيب عن طريق هذه القوة المودعة لدى الإنسان ولا يمكن معرفة الله، ولو لا القوة الواهمة لما أدركنا كثيرا من الأشياء البعيدة عن عالم الماديات، لذلك قال الأمام الباقر (عليه السلام): (كلما ميزتموه بأوهامكم في أدق معانيه مخلوق مصنوع مثلكم مردود إليكم)( ).
عالم الذر وعالم الأحلام
كثيرا من الذين بحثوا في فلسفة الأحلام لم يتوصلوا لحد الآن إلى حقيقتها أو معرفة أبعادها وأهدافها وقد حيرت كثيرا من علماء النفس الغربيين والشرقيين وقد فرضوا لها فرضيات ظنية لا تغني من الحق شيئا.
أن أفضل نظرية وصفها فرويد في تفسير الأحلام مع احتوائها على السلبيات لأنه (فرض أن كل الأحلام تأتي عن طريق ما اختزن في العقل الباطن- اللاشعور-).
حيث أن هذه النظرية يعتمد عليها العلم اعتمادا لا نظير له ولكنهم لم يلتفتوا إلى شيء مهم وهو أن الأحلام قد تكون مستقبلية أي غير مختزنة من عالم الدنيا قبل ذلك ومن ثم رأى هذه الصورة، لذا فأن هذه الصورة التي رآها هي غير مختزنة من عالم الدنيا قبل ذلك، بل يجب علينا فرض (الأصل القديم)( ) ويعني ما اختزن في العقل الباطن في عالم الذر حيث رأى كثير منا الصور التي قد تكون صورة غير واضحة أي أنها تكون وهمية من صميم عالم المجردات وتتحول إلى صور مرئية في عالم الأحلام أو على شكل رموز تشير إلى عالم الواقع وما يحدث في عالم الدنيا من أشياء قد تكون ترهيبية أو ترغيبية.
يقول الدكتور الأمريكي ديفيد بأن هناك فرضية يجب فرضها وهي نظرية الأصل العتيق المخزون في العقل الباطن نحن صورنا ذلك إلى الأصل القديم باعتباره قصده غير المعنى المعهود.
حقيقة الظل وعالم الذر
كثيرا ما نرى الموجودات ونرى ظلالها أثناء النهار حتى وصلت إلى حال أصبحت قضية واقعية لا تنفك عن النهار، فكلما خرجت الشمس وجدنا الظلال تختلف فيما بينها وأصبحت منذ زمن بعيد توقيتا للعرب والرومان والإغريق، ثم أتى القرآن وجعلها توقيتا للصلاة، ولكن يا ترى هل خطر ببال أحد منا أن هذه الظلال تشير إلى حقيقة مخفية وراء ذلك الشيء الذي نراه بالنهار أو عند تسليط الضوء على الموجودات أثناء الليل، وكان الناس الأوائل خصوصا في بعض الأمم الآسيوية يعتقد بأن الظل هو (الروح) وأن إيذاء الظل هو إيذاء للروح.
حيث كانوا يحسبون أن ظلهم جزء منهم حتى وصل الحال إلى جعل قانون يتشاءمون منه وهو كسر المرآة.
فترجع هذه الخرافة إلى أن الإنسان قبل اختراع المرآة كان ينظر بظله على سطح مياه الأنهار والبحيرات والظل عندهم جزء من حقيقة الإنسان، لقد أعطينا هذه المقدمة لكي لا نكون وحدنا الذين اعتقدنا بأن الظل يحمل شيئا لا نعرفه لأننا سوف نثبت بأن التفسير العلمي للظل هو غير حقيقي بل غير واقعي.
أن العلم الحديث (وخصوصا الفيزياء) يقول بأن الظل عبارة عن مساحة مظلمة تتكون خلف كل جسم معتم يسقط عليه ضوء صادر من مصدر واحد وقد تكون هذه المنطقة مظلمة تماما وقد تتكون حولها منطقة مضاءة قليلا تسمى شبه الظل، فالحق معهم لأنه تفسير فيزيائي.
لكن التفسير الفلسفي يختلف عن هذا فيجب أن يسأل الإنسان نفسه عن هذا الظل من أين أتى؟ وكيف يكون على شكل الموجود الساقط عليه الضوء ؟ والأكثر من ذلك فأن القدامى كانوا يلحقون الظلال ونظروا لها نظرة أخرى ورسموا بمساعدة الظلال ما يسمى بالخيال وهي الصورة الظلية لجسم الإنسان بمنزلة الصورة الفوتوغرافية وبعضهم أعتقد بأنه حقيقة ثابتة للإنسان، ولكن القرآن يأتي ويعطي نظريته التي هي المصداق الحي للآية الكريمة في قوله تعالى: {ألَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا}( ).
فأن الله جل جلاله يؤكد في هذه الآية بأن الظل ليس كما يفسره العلم بل هو أبعد من ذلك لأن بإمكانه أن يجعله ساكنا وإنما هو فضل من الله بأن جعله لنا لأمور كثيرة ذات مصلحة، وكذلك قد نقلت الروايات المؤكدة بأن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) لم يكن له ظل علما بأنه جسم ولكن هذه معجزة ربانية ودليل على أن الظل سر عظيم.
أما الظل في ذكر أهل البيت (عليه السلام) فيفصّلونه تفصيلا باعتبارهم القرآن الناطق فقد ورد عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن عبد الله بن محمد الجعفري، عن أبي جعفر (عليه السلام)، وعن عقبة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (إن الله خلق الخلق، فخلق ما أحب مما أحب وكان ما أحب أن خلقه من طينة الجنة، وخلق ما أبغض مما أبغض وكان ما أبغض أن خلقه من طينة النار، ثم بعثهم في الظلال: فقلت: وأي شئ الظلال ؟ قال: ألم تر إلى ظلك في الشمس شيء وليس بشيء، ثم بعث الله فيهم النبيين يدعونهم إلى الإقرار بالله وهو قوله: {ولئن سألتهم من خلقهم ليقولون الله} ثم دعاهم إلا الإقرار بالنبيين، فأقر بعضهم وأنكر بعضهم، ثم دعاهم إلى الإقرار بالله وهو قوله تعالى {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} ثم دعاهم إلى الإقرار فأنكر بعض وأقر بعض ثم دعاهم إلى ولايتنا)( ).
وعن ابن محبوب عن ابن مرئاب عن بكير قال: كان أبو جعفر (عليه السلام) يقول: (أن الله تبارك وتعالى أخذ ميثاق شيعتنا بالولاية لنا وهم يوم أخذ الميثاق على الذر بالإقرار بالربوبية ولمحمد بالنبوة وفرض على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) أمته في الظل وهم أظلة وخلقهم من الطينة التي خلق منها آدم وخلق أرواح شيعتنا قبل أبدانهم بألفي عام وعرضهم عليه وعرفهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) ونحن نعرفهم في لحن القول)( ).
لذا فأن نظرية أهل البيت (عليه السلام) بأن الظل له علاقة بعالم الذر حينما كنا أرواح بلا أجساد هو أمر ليس ببعيد، بل أن تفسيرات من سواهم (تفسيرات العلم الحديث) هي واهية حيث قد بينا بأن القرآن يقول بأن الظل من الله وبإمكانه أن يجعله ساكنا.
وكذلك قوله تعالى: {مثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ}( ).
ويعني ظلها دائم علما أنه لم توجد هناك شمس ولا حر وقال تعالى: {هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ}( ).
وقال الله تعالى: {وظل ممدود} فهو بذلك يثبت بأن الظل دائم وممدود. وبالنتيجة فقد ثبت قول أهل البيت (عليه السلام) وهو الصحيح، وقد ألف محمد بن سنان كتابا سماه ( كتاب الأشباح والأظلة).
]وللاطلاع على عالم الذر اكثراقرأ كتاب عالم الذرمن فكر السيدالقحطاني موجودبصيغه الكترونيه على منتديات مهدي ال محمد
وجدنا أثناء البحث أن كثيرا من مفسري الجمهور يقولون بأن أصحاب اليمين هم المسلمون وأصحاب الشمال هم الكافرون وقد حصل هذا التمييز في عالم الذر وقد برهنوا عليه عن طريق النقل، لكن هذا لم يؤيد بدليل عقلي لان أصحاب اليمين قد تحدث عنهم القرآن فنعتهم وبين ما لهم من الجزاء، قال تعالى: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ في سِدْرٍ مَخْضُودٍَ وطَلْحٍ مَنْضُودٍ وَظِلٍّ مَمْدُود ٍوَمَاءٍ مَسْكُوبٍ وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ}( ).
ألا ترى أن هذا الجزء لا ينطبق على كل من شهد الشهادتين لأنه ينافي العدل الإلهي لان في المسلمين من ظلم أولياء الله والله وعده بالعقاب العظيم ومنهم من يرتكب المحرمات وينقض عهد الله وينكر ولاية أمير المؤمنين لذلك تعين أن يكون اخص من ذلك وهم القلة القليلة من الشيعة.
وما رواه الحسن بن محبوب عن جابر بن عبد الله عن أبي عبد الله (عليه السلام) يؤكد ذلك عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) قال لعلي (عليه السلام): (يا علي أنت الذي أحتج الله بك على الخلائق حين أقامهم أشباحا في ابتداعهم فقال لهم ألست بربكم ؟ قالوا بلى فقال ومحمد نبيكم ؟ قالوا: بلى قال وعلي إمامكم ؟ قال: فأبى الخلائق جميعا عن ولايتك والإقرار بفضلك وعتوا عنها استكبارا إلا قليلا منهم وهم أصحاب اليمين وهم أقل القليل)( ).
وهذا يؤكد لنا بأنهم حتى أخص من موالي أمير المؤمنين بل شيعة أمير المؤمنين هم أصحاب اليمين لذلك لا تشمل من نطق بلسانه وانعقد عليها قلبه لكنه لم يطبق بفعله ( رب ظالم منتسب إلى أمير المؤمنين وهو بريء منه).
الحجر الأسود يشهد علينا
كثيرا من الناس من يعتقد بأن هذا الحجر (الحجر الأسود) الموجود في الكعبة هو حجر موضوع من أجل زينة الكعبة أو من أجل فخامة الكعبة أو غيرها من الأمور التي تمر على العقل الساذج، لكنه أعمق من هذا بكثير حيث يوجد في الحجر الأسود سر رباني قد استودعه الله فيه وأن كثيرا من الروايات نطقت وصرحت بهذا السر حيث أن الحجر الأسود كان ملكا من ملائكة السماء أو كان من ضمن الشهود وعند الإشهاد ( أخذ العهد منا في عالم الذر).
قال الأمام أبو جعفر الباقر (عليه السلام): ( إن الله استودع إبراهيم الحجر الأبيض وكان بياضا من القراطيس فأسود من خطايا بني آدم)( ).
أي أنه كان ملكا وأنزله الله درة بيضاء إلى الأرض ولا يصح القول بأنه حجر لا ينفع ولا يضر، لان عقيدتنا متصلة اتصالا كليا بالقوانين الربانية وجميع القوانين موضوعة لمصالح معنوية أو مادية، قال تعالى: {ومَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ}( ).
وعن عبد الله بن الحلبي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) قال: (حج عمر أول السنة من الحج وهو خليفة فحج في تلك السنة المهاجرين والأنصار وكان علي قد حج تلك السنة بالحسن والحسين (عليهما السلام) وبعبد الله بن جعفر قال: فلما أحرم عبد الله لبس الإزار والرداء مصبوغتين بطين المشق ثم أتى إليه عمر وهو يلبي وعليه الإزار والرداء وهو يسير إلى جنب علي (عليه السلام) فقال عمر من خلفهم ما هذه البدعة التي في الحرم؟ فالتفت إليه علي (عليه السلام) فقال له يا عمر لا ينبغي لأحد أن يعلمنا السنة، فقال عمر: صدقت يا أبا الحسن لا والله ما علمت أنكم هم، قال: فكانت تلك واحدة في سفر لهم فلما دخلوا مكة طافوا بالبيت فأستلم عمر الحجر وقال: أما والله أن لأعلم أنك حجر لا تنفع ولا تضر ولو لا أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) استلمك فقال له علي (عليه السلام) (مه) يا أبا حفص لا تعمل فأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) لم يستلم إلا لأمر علمه ولو قرأت القرآن فعلمت من تأويله ما علم غيرك لعلمت أنه يضر وينفع له عينان وشفتان ولسان ذلق يشهد لمن وافاه بالموافاة فقال له عمر: فأوجدني ذلك في كتاب الله يا أبا الحسن؟ فقال علي (عليه السلام) قوله تعالى:
{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} فلما أقروه بالطاعة بأنه الرب وانعم على العباد وأخذ عليهم الميثاق بالحج إلى بيته الحرام ثم خلق الله رق أرق من الماء وقال للقلم أكتب فوافاه الرق ثم قال للحجر: أهبط واشهد لعبادي بالموافاة فهبط الحجر مطيعا لله، يا عمر أوليس إذا استلمت الحجر قلت أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة، فقال عمر: اللهم نعم)( ).
وورد في الكافي بهذا المعنى عن محمد بن يحيى وغيره عن أحمد عن موسى بن عمير عن ابن سنان قال: (لأي علة وضع الله الحجر بالركن الذي هو فيه ولم يوضع في غيره ؟ ولأي علة يقبّل ؟ ولأي علة أخرج من الجنة؟ ولأي علة وضع ميثاق العباد فيه والعهد فيه ولم يوضع في غيره ؟ وكيف السبب في ذلك ؟ تخبرني جعلني الله فداك فأن تفكيري فيه لعجب؟ قال: فقال سألت وأعضلت في المسألة واستمعت فأفهم الجواب وفرغ قلبك وأصغ سمعك إن شاء الله، أن الله تبارك وتعالى وضع الحجر الأسود وهي جوهرة أخرجت من الجنة إلى آدم فوضعت في ذلك الركن لعلة الميثاق وذلك أنه لما أخذ من بني آدم من ظهورهم ذريتهم حين أخذ الله عليهم الميثاق في ذلك المكان وفي ذلك المكان تراءى لهم وفي ذلك المكان يهبط الطير على القائم (عليه السلام) فأول من يبدأ معه ذلك الطاير هو جبرائيل وعلى ذلك المقام يسند القائم ظهره وهو الحجة والدليل على القائم وهو الشاهد لمن وافى في ذلك المكان والشاهد على منادي إليه الميثاق والعهد الذي أخذه الله عز وجل على العباد، فأما القبّلة والاستلام فلعله تجديدا لذلك العهد والميثاق فيأتوه في كل سنة ويؤدوا إليه ذلك العهد والأمانة اللذين أخذ عليهم، ألا ترى انك تقول ( أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة) والله ما يؤدي ذلك غير شيعتنا ولا حفظ ذلك العهد والميثاق فينكرهم ويكذبهم وذلك انه لم يحفظ ذلك غيركم فلكم والله يشهد وعليهم والله يشهد بالكفر والجحود وهو الحجة البالغة من الله عليهم يوم القيامة يجيء وله لسان ناطق وعينان في صورته الأولى تعرفه الخلق ولا تنكره يشهد لمن وافاه وجدد الميثاق والعهد عنده يحفظ العهد والميثاق بالكفر والإنكار.
وأما علة ما أخرجه الله من الجنة، فهل تدري ما كان الحجر ؟ قلت لا ، قال: كان ملكا من عظماء الملائكة عند الله فلما أخذ الله من الملائكة الميثاق كان أول من آمن به وأقر ذلك فأتخذه الله أمينا على جميع خلقه فألقمه الميثاق وأودعه عنده واستعبد الخلق أن يجددوا عنده في كل سنة الإقرار بالميثاق والعهد الذي أخذه الله عز وجل عليهم ثم جعله الله مع آدم في الجنة يذكره الميثاق ويجدد عنده الإقرار في كل سنة، فلما عصى آدم ربه وأخرج من الجنة أنساه الله العهد والميثاق الذي أخذه الله عليه وعلى ولده محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ولوصيه علي (عليه السلام) وجعله تائها حيرانا فلما تاب الله على آدم حول ذلك الملك في صورة بيضاء فرماه من الجنة إلى آدم وهو بأرض الهند فلما نظر إليه أنس إليه وهو لا يعرف بأكثر من انه جوهرة وأنطقه الله عز وجل فقال له: يا آدم أتعرفني ؟ قال: لا، قال أجل استحوذ عليك الشيطان فأنساك ذكر ربك، ثم تحول إلى صورته التي مع آدم (عليه السلام) وذكر الميثاق وحضنه وبكى وقبله وجدد الإقرار بالعهد والميثاق ثم حوله الله عز وجل إلى جوهرة الحجر درة بيضاء صافية تضيء فحمله آدم على عاتقه إجلالا له وتعظيما فكان إذا عيا حمله عنه جبرائيل (عليه السلام) حتى وافى به بمكة فما زال يأنس به بمكة ويجدد الإقرار له كل يوم وليلة ثم أن الله عز وجل لما بنى الكعبة وضع الحجر في ذلك المكان لأنه تبارك وتعالى حين أخذ الميثاق من ولد آدم (عليه السلام) أخذه الله في ذلك المكان القم الله الملك الميثاق ولذلك وضع في ذلك الركن وتنحى أدم من مكان البيت إلى الصفا وهوى إلى المروة ووضع الحجر في ذلك المكان فلما نظر أدم من الصفا وقد وضع الحجر في الركن كبر الله وهلله ومجده فلذلك جرت السنة بالتكبير واستقبال الركن الذي فيه الحجر من الصفا، وان الله أودعه العهد والميثاق دون غيره من الملائكة لان الله عز وجل لما أخذ له الميثاق بالربوبية ولمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) بالنبوة ولعلي (عليه السلام) بالوصية أصطكت فرائص الملائكة فأول من أسرع الإقرار ذلك الملك ولم يكن فيهم أشد حبا لمحمد وآل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) منه فلذلك أختاره الله من بينهم وألقمه الميثاق وهو يجيء يوم القيامة وله لسان ناطق وعين ناظرة يشهد لكل من وافاه إلى ذلك المكان وحفظ الميثاق)( ).
عالم الذر والقوة الواهمة
أن من ضمن الأدلة التي يمكن أن يستدل بها على عالم الذر هي القوة الواهمة، حيث نجد كثيرا من الأشياء التي نعرفها وندركها عن طريق القوة الواهمة من أشياء خالصة من الماديات تعتبر من عالم المجردات، فنصفها بأدق تعابيرها ونعطي الحد الكامل لها ولا نستطيع أن نتصور بالواهمة شيئا مستحيلا معينا غير ممكن الوجود حتى ولو بالمستقبل، فشريك الباري مثلا لا يمكننا أن نتصوره أو نتعقله أو حتى أن نعطي نبذة مختصرة بالواهمة عنه وذلك لان قوتنا الواهمة مقصورة على ما رأت في عالم الذر ولا يمكن أن نعطي شيئا أكثر منه، ولعل أحد يقول فما بال الوثنيين وعبدة الأصنام اتخذوا إلها، أليس هذا من صميم القوة الواهمة ؟
فنقول: أن هؤلاء أنفسهم يدركون بأنها من صنع أيديهم ولا تملك لهم نفعا أو ضرا ولا حياة ولا نشورا وقد تكون من صنع الشيطان كما ورد في الروايات بأنه يوحي لأوليائه بأن افعل كذا أو قل كذا، وأجمل وأروع ما يوضح ذلك الارتباط بين عالم الذر والقوة الواهمة هو قول الأمام زين العابدين (عليه السلام) في مناجاة العارفين حيث يقول: (وما أحلى المسير إليك بالأوهام في مسالك الغيوب).
فإذا كانت الواهمة غير صحيحة وأنها غير محدودة فلا يمكن المسير إلى الله بالأوهام، علما بأن العرفاء يعتمدون اعتمادا كليا على تلك القوة حيث يعتقدون بادراك جزء من الغيب عن طريق هذه القوة المودعة لدى الإنسان ولا يمكن معرفة الله، ولو لا القوة الواهمة لما أدركنا كثيرا من الأشياء البعيدة عن عالم الماديات، لذلك قال الأمام الباقر (عليه السلام): (كلما ميزتموه بأوهامكم في أدق معانيه مخلوق مصنوع مثلكم مردود إليكم)( ).
عالم الذر وعالم الأحلام
كثيرا من الذين بحثوا في فلسفة الأحلام لم يتوصلوا لحد الآن إلى حقيقتها أو معرفة أبعادها وأهدافها وقد حيرت كثيرا من علماء النفس الغربيين والشرقيين وقد فرضوا لها فرضيات ظنية لا تغني من الحق شيئا.
أن أفضل نظرية وصفها فرويد في تفسير الأحلام مع احتوائها على السلبيات لأنه (فرض أن كل الأحلام تأتي عن طريق ما اختزن في العقل الباطن- اللاشعور-).
حيث أن هذه النظرية يعتمد عليها العلم اعتمادا لا نظير له ولكنهم لم يلتفتوا إلى شيء مهم وهو أن الأحلام قد تكون مستقبلية أي غير مختزنة من عالم الدنيا قبل ذلك ومن ثم رأى هذه الصورة، لذا فأن هذه الصورة التي رآها هي غير مختزنة من عالم الدنيا قبل ذلك، بل يجب علينا فرض (الأصل القديم)( ) ويعني ما اختزن في العقل الباطن في عالم الذر حيث رأى كثير منا الصور التي قد تكون صورة غير واضحة أي أنها تكون وهمية من صميم عالم المجردات وتتحول إلى صور مرئية في عالم الأحلام أو على شكل رموز تشير إلى عالم الواقع وما يحدث في عالم الدنيا من أشياء قد تكون ترهيبية أو ترغيبية.
يقول الدكتور الأمريكي ديفيد بأن هناك فرضية يجب فرضها وهي نظرية الأصل العتيق المخزون في العقل الباطن نحن صورنا ذلك إلى الأصل القديم باعتباره قصده غير المعنى المعهود.
حقيقة الظل وعالم الذر
كثيرا ما نرى الموجودات ونرى ظلالها أثناء النهار حتى وصلت إلى حال أصبحت قضية واقعية لا تنفك عن النهار، فكلما خرجت الشمس وجدنا الظلال تختلف فيما بينها وأصبحت منذ زمن بعيد توقيتا للعرب والرومان والإغريق، ثم أتى القرآن وجعلها توقيتا للصلاة، ولكن يا ترى هل خطر ببال أحد منا أن هذه الظلال تشير إلى حقيقة مخفية وراء ذلك الشيء الذي نراه بالنهار أو عند تسليط الضوء على الموجودات أثناء الليل، وكان الناس الأوائل خصوصا في بعض الأمم الآسيوية يعتقد بأن الظل هو (الروح) وأن إيذاء الظل هو إيذاء للروح.
حيث كانوا يحسبون أن ظلهم جزء منهم حتى وصل الحال إلى جعل قانون يتشاءمون منه وهو كسر المرآة.
فترجع هذه الخرافة إلى أن الإنسان قبل اختراع المرآة كان ينظر بظله على سطح مياه الأنهار والبحيرات والظل عندهم جزء من حقيقة الإنسان، لقد أعطينا هذه المقدمة لكي لا نكون وحدنا الذين اعتقدنا بأن الظل يحمل شيئا لا نعرفه لأننا سوف نثبت بأن التفسير العلمي للظل هو غير حقيقي بل غير واقعي.
أن العلم الحديث (وخصوصا الفيزياء) يقول بأن الظل عبارة عن مساحة مظلمة تتكون خلف كل جسم معتم يسقط عليه ضوء صادر من مصدر واحد وقد تكون هذه المنطقة مظلمة تماما وقد تتكون حولها منطقة مضاءة قليلا تسمى شبه الظل، فالحق معهم لأنه تفسير فيزيائي.
لكن التفسير الفلسفي يختلف عن هذا فيجب أن يسأل الإنسان نفسه عن هذا الظل من أين أتى؟ وكيف يكون على شكل الموجود الساقط عليه الضوء ؟ والأكثر من ذلك فأن القدامى كانوا يلحقون الظلال ونظروا لها نظرة أخرى ورسموا بمساعدة الظلال ما يسمى بالخيال وهي الصورة الظلية لجسم الإنسان بمنزلة الصورة الفوتوغرافية وبعضهم أعتقد بأنه حقيقة ثابتة للإنسان، ولكن القرآن يأتي ويعطي نظريته التي هي المصداق الحي للآية الكريمة في قوله تعالى: {ألَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا}( ).
فأن الله جل جلاله يؤكد في هذه الآية بأن الظل ليس كما يفسره العلم بل هو أبعد من ذلك لأن بإمكانه أن يجعله ساكنا وإنما هو فضل من الله بأن جعله لنا لأمور كثيرة ذات مصلحة، وكذلك قد نقلت الروايات المؤكدة بأن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) لم يكن له ظل علما بأنه جسم ولكن هذه معجزة ربانية ودليل على أن الظل سر عظيم.
أما الظل في ذكر أهل البيت (عليه السلام) فيفصّلونه تفصيلا باعتبارهم القرآن الناطق فقد ورد عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن عبد الله بن محمد الجعفري، عن أبي جعفر (عليه السلام)، وعن عقبة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (إن الله خلق الخلق، فخلق ما أحب مما أحب وكان ما أحب أن خلقه من طينة الجنة، وخلق ما أبغض مما أبغض وكان ما أبغض أن خلقه من طينة النار، ثم بعثهم في الظلال: فقلت: وأي شئ الظلال ؟ قال: ألم تر إلى ظلك في الشمس شيء وليس بشيء، ثم بعث الله فيهم النبيين يدعونهم إلى الإقرار بالله وهو قوله: {ولئن سألتهم من خلقهم ليقولون الله} ثم دعاهم إلا الإقرار بالنبيين، فأقر بعضهم وأنكر بعضهم، ثم دعاهم إلى الإقرار بالله وهو قوله تعالى {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} ثم دعاهم إلى الإقرار فأنكر بعض وأقر بعض ثم دعاهم إلى ولايتنا)( ).
وعن ابن محبوب عن ابن مرئاب عن بكير قال: كان أبو جعفر (عليه السلام) يقول: (أن الله تبارك وتعالى أخذ ميثاق شيعتنا بالولاية لنا وهم يوم أخذ الميثاق على الذر بالإقرار بالربوبية ولمحمد بالنبوة وفرض على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) أمته في الظل وهم أظلة وخلقهم من الطينة التي خلق منها آدم وخلق أرواح شيعتنا قبل أبدانهم بألفي عام وعرضهم عليه وعرفهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) ونحن نعرفهم في لحن القول)( ).
لذا فأن نظرية أهل البيت (عليه السلام) بأن الظل له علاقة بعالم الذر حينما كنا أرواح بلا أجساد هو أمر ليس ببعيد، بل أن تفسيرات من سواهم (تفسيرات العلم الحديث) هي واهية حيث قد بينا بأن القرآن يقول بأن الظل من الله وبإمكانه أن يجعله ساكنا.
وكذلك قوله تعالى: {مثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ}( ).
ويعني ظلها دائم علما أنه لم توجد هناك شمس ولا حر وقال تعالى: {هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ}( ).
وقال الله تعالى: {وظل ممدود} فهو بذلك يثبت بأن الظل دائم وممدود. وبالنتيجة فقد ثبت قول أهل البيت (عليه السلام) وهو الصحيح، وقد ألف محمد بن سنان كتابا سماه ( كتاب الأشباح والأظلة).
]وللاطلاع على عالم الذر اكثراقرأ كتاب عالم الذرمن فكر السيدالقحطاني موجودبصيغه الكترونيه على منتديات مهدي ال محمد