السيد القحطاني يناقش الشيخ اليعقوبي في قضية الإمام المهدي(ع)
سبق وان ذكرنا ان الاعلم هو اعرف الناس بالامام عليه السلام كما ان افضل العلم واحسن المعرفة هي معرفة الامام (ع) وذلك لان هذه المعرفة مترتبة على معرفة المولى تبارك وتعالى ومعرفته بنبيه (ص) لان من لم يعرف الله عزوجل لم يعرف النبي(ص) ومن لم يعرف النبي(ص) لم يعرف الامام والحجة على الناس ومن لم يعرف حجة الله وبقيته في ارضه يضل عن الدين والعياذ بالله فيموت ميتة جاهلية وهذا المعنى يتبين من الدعاء الوارد في زمن الغيبة ((اللهم عرفني نفسك فأنك ان لم تعرفني نفسك لم اعرف نبيك اللهم عرفني نبيك فانك ان لم تعرفني نبيك لم اعرف حجتك اللهم عرفني حجتك فانك ان لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني)) وهذا الامر مما صرح به وذكره الكثير من العلماء حيث اكدوا واثبتوا ان معرفة الامام مرتبطة بمعرفة الله وهي اساس كل شيء فقد ذكر الشيخ اليعقوبي في كتابه شكوى الامام الذي اعده احد طلبته و هو عبارة عن مجموعة من محاضرات القاها الشيخ اليعقوبي حيث قال في الصفحة (14) من الكتاب المذكور وتحت عنوان : ((اول تكليف هو : معرفة إمام الزمان)) وأول تكليف للامة تجاه امامها هو التعرف عليه لان الجهل به يعني اسوا النتائج واخطره الضياع والتشتت والتخبط والتنازع وتفرق الاهواء وكثرة المدعين زورا وبهتانا لهذا الموقع المقدس الذي تطمح اليه النفوس لانه اشرف عنوان واسماه وتنقاد اليه الناس لذا كان من ادعية زمان الغيبة التي علمها الائمة (ع) لشيعتهم (اللهم عرفني نفسك فإنك ان لم تعرفني نفسك لم اعرف نبيك اللهم عرفني نبيك فانك ان لم تعرفني نبيك لم اعرف حجتك اللهم عرفني حجتك فانك ان لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني))فمعرفتهم (ع) امتداد لمعرفة الله تبارك وتعالى التي هي اساس الدين قال امير المؤمنين (ع) اول الدين معرفته) ونخاطبهم في الزيارة الجامعة الكبيرةمن عرفكم فقد عرف الله) (من اراد الله بدأ بكم ومن وحده قبل عنكم) ويبين الدعاء نتيجة عدم المعرفة الحقيقية بحجة الله على خلقه وهو الضلال عن الدين وما اتعسها من عاقبة وهي التي عبر عنها في حديث آخر (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية) بكل ما تعنيه الجاهلية من إنحراف وتعاسة وضياع وخواء روحي وعقلي وقلبي وسوء المنقلب والمصير الذي لخصه الله تبارك وتعالى بضنك وضيق العيش في قوله تعالى :{ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة اعمى)} طه24. فقد ورد في الروايات إن الذكر أهل البيت(ع) ويؤيد ذلك السياق القرآني الذي وردت فيه وليس هذا محل تفصيله فالغفلة عنهم (ع) تعني الوقوع في هذه النتائج السيئة.
ثم صرح الشيخ في موضع اخر من الكتاب حول الاعراض عن امر الامام المهدي(ع) والجهل بقضيته حيث قال في الصفحة 17 تحت عنوان ((ما المراد من معرفة الامام (ع) ))[ فأول شكوى يرفعها الامام المهدي(ع) هي الاعراض عن امره والجهل بقضيته والغفلة عنه، إذ ليس المقصود بالمعرفة المطلوبة هو العلم باسمه فهذا يشترك فيه حتى غير الموالين له بل ان كتب اولئك ذكرت تفاصيل حياته (ع) واخباره المستقبلية اكثر مما كتب عنه موالوه] وهذا الكلام صحيح جداً فان الجهل بقضية الامام (ع) وامره من اسوء ما تمر به الامة خاصة اذا كان الجهل مركباً فان صاحب الجهل البسيط من الممكن ان يتعلم الا ان من لديه جهل مركب لايمكن ان يتعلم لانه يجهل كونه جاهل بقضية الامام (ع) بل يعتقد انه ذا علم ومعرفة بالامام وقضيته وامره . الا اننا ورغم ما قاله الشيخ اليعقوبي والذي ذكرناه انفاً وما اكد عليه من ضرورة معرفة الامام وانه (ع) يشتكي ممن يجهل قضيته وامره نجده وللاسف الشديد يفتقر الى الكثير من العلم والمعرفة في امر الامام (ع) وقضيته نجده يقول في نفس الكتاب المذكور في الصفحة (47) تحت عنوان ((اعمال تقرب من الامام (ع) وتزيد محبته)) جاء في الفقرة رقم(3) ما هذا نصه (( الاعتقاد بان الامام(ع) يظهر رحمة للناس وشفقة عليهم كجده المصطفى (ص) الذي ارسل رحمة للعالمين لذا فهو سينشر دعوته بالاقناع والحوار لا بالسيف خصوصاً وان شعوب العالم ستكون واعية ومثقفة ومدركة لظلم المستكبرين ومرتاحة لدعوة الامام(ع) ومن يعتقد انه (لايبقي ولايذر) فهو واهم بل سيتورط في تنفير الناس من الامام(ع) ونشر بغضه في القلوب - والعياذ بالله - وانما يستعمل السيف في الضرورات القصوى وقد علمنا الطافه ورعايته للبشر وهو غائب لايعرف فكيف ستكون رعايته وهو حاضر وظاهر ثم انه واجداده مظهر الرحمة الالهية وسائر الصفات الحسنى الا ما اختص الله تبارك وتعالى به وهو الغني وقد جربنا وجرب معنا الكثيرون ان ندبه(ع) (يا ابا صالح المهدي ادركني) ييسر الكثير من الامور وتقضي الحوائج اليسيرة والعسيرة .
والحقيقة ان هذا الكلام يَرد عليه الكثير من الاشكالات فقوله (( الاعتقاد بان الامام (ع) يظهر رحمة للناس وشفقة عليهم كجده المصطفى (ص) الذي ارسل رحمة للعالمين)) يرد عليه ان هذا القول مما لا دليل عليه فان ادوار الائمة صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين تختلف من امام الى اخر فكيف بالنسبة لنبي وامام فهذا دور الحسين(ع) يختلف عن الدور الذي قام به ولده الامام زين العابدين (ع) فليس بالضرورة ان تكون الادوار متشابهة فان الظروف تختلف والزمان يتغير من امام الى امام كما ان الدليل على خلاف ما ذهب اليه الشيخ اليعقوبي في كلامه حيث ورد في الرواية الشريفة عن عبد الرحيم القصير ، قال : قال لي ابو جعفر (ع) : اما لو قد قام قائمنا - الى ان قال - فكيف اخره الله للقائم (ع)؟ فقال له : ان الله تبارك وتعالى بعث محمداً (ص) رحمة وبعث القائم (ع) نقمة ) بحار الانوار ج52 - علل الشرائع ج2 . وجاء ايضاً في الرواية الشريفة الواردة عن معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (ع) قالاذا تمنى احدكم القائم فليتمنه في عافية فان الله بعث محمد (ص) رحمة ويبعث القائم نقمة) روضة الكافي .
واما قولك يا شيخ (( لذا فهو سينشر دعوته بالاقناع والحوار لا بالسيف خصوصاً وان شعوب العالم ستكون واعية ومثقفة ومدركة لظلم المستكبرين ومرتاحة لدعوة الامام(ع))) ويرد على هذا الكلام اولاً ليس عيباً في السيف وصاحبه حينما يعمل في رقاب الظالمين ودعاة الجور واهله والمنافقين الذين يريدون فساداً في الارض ، واعوان ابليس واهل الكفر والضلالة والالحاد والانحراف ودعاة الانحلال والديمقراطية الامريكية والاوربية ومن سار بسيرتهم وسلك مسلكهم انما العيب فيهم أنفسهم فليس عيباً في محمد(ص) عندما استعمل السيف في اثبات دعوته واظهارها ونشرها والدفاع عنها ثم ان هذا الكلام مخالف لما جاء في الاحاديث والروايات الشريفة الواردة عن النبي (ص) وأهل بيته (ع) والتي دلت وأكدت على امتلاء الارض ظلماً وجوراً وانتشار الفساد وعلو الظالمين واستكبار المتجبرين فكيف يستقيم كلامك مع هذه الاحاديث والروايات التي تواترت واشتهرت عن طريق الفريقين سنة وشيعة والتي تدل وبوضوح على الظلم والجور وانتشار الفساد مع ما تدعيه من كون الناس وشعوب العالم تكون واعية ومثقفة ومدركة لظلم المستكبرين ومرتاحة لدعوة الامام (ع) . فلا أدري من اين تأتي بهذه الاراء المناقضة لما جاء في الاحاديث والروايات واذا كان الامر كما تدعي فلماذا يكونون انصار الامام (ع) قليلون وان أكثر الناس يكونون اعداءً ومحاربين له ولدعوته المباركة واليك بعض الروايات التي تؤكد ان الناس سوف يرفضون دعوة الامام (ع) وقد نقلها السيد الشهيد الصدر اعلى الله مقامه في كتابه موسوعة الامام المهدي (ع) تاريخ ما بعد الظهور، حيث قال (قدس) القسم الثاني من المواقف السلبية التي يواجهها الامام المهدي (ع) . حيث دلت الروايات على ذلك ، كما يلي :-
أخرج النعماني بسنده عن ابي بصير عن ابي عبد الله (ع) - في حديث ذكر فيه راية القائم (ع) وقال : فإذا هو قام نشرها ، فلم يبق في المشرق والمغرب احد الا لعنها .
وأخرج أيضاً بسنده عن ابان بن تغلب ، قال : سمعت ابا عبد الله (ع) يقول : اذا ظهرت راية الحق لعنها اهل المشرق والمغرب . أتدري لم ذلك ؟ قلت : لا قال : للذي يلقى الناس من أهل بيته قبل خروجه .
وأخرج أيضاً عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) انه قال : اذا رفعت راية الحق لعنها اهل الشرق والغرب ( المشرق والمغرب) قلت له : لم ذلك . قال : مما يلقون من بني هاشم . وقد ذكر هذه الروايات تعليقاً عليها جاء فيه : ( والمقصود من راية الحق ) : دعوة المهدي (ع) العامة المتمثلة بالاطروحة العادلة الكاملة ، ونشرها أو دفعها : اعلانها في العالم ، كما ان المقصود من لعنها : الغضب عليها والاشمئزاز من قبل اهل الشرق والغرب ،وهم اكثر سكان العالم .... الخ ) .
فلا أدري هل يأخذون الناس بكلامك ويتركون كلام السيد الشهيد الذي هو استاذك ورأيه موافق لما جاء في روايات اهل البيت (ع) . بينما رأيك على خلاف كلامهم صلوات الله وسلامه عليهم فأنت تدعي كما قلت : ( وان شعوب العالم ستكون واعية ومثقفة ومدركة لظلم المستكبرين ومرتاحة لدعوة الامام (ع) ) بينما يقول سيدنا الاستاذ محمد الصدر (قدس) الذي هو استاذ لك وما زلت الى الان تُدرس كتابه (( الموسوعة )) لطلبة العلم: ( كما ان المقصود من لعنها : الغضب عليها والاشمئزاز من قبل اهل الشرق والغرب ،وهم اكثر سكان العالم ) . أما قولك : ( ومن يعتقد انه ( لا يبقي ولا يذر ) أي الامام (ع) كما هو واضح فهو واهم بل سيتورط في تنفير الناس من الامام (ع) ونشر بغضه في القلوب - والعياذ بالله - وانما يستعمل السيف في الضرورات القصوى) .
فيرد عليه
يتبع يتبع .
تعليق